شباب ستار
تفسير سورة الانبياء 749093772
شباب ستار
تفسير سورة الانبياء 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة الانبياء

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:07 pm




سورة الأنبياء


سورة الأنبـياء مكيّة


وآياتها اثنتا عشرة
ومائة



بِسمِ
اللّهِ الرحمَن الرّحِيـمِ






الآية : 1


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مّعْرِضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: دنا حساب الناس علـى
أعمالهم التـي عملوها فـي دنـياهم ونعمهم التـي أنعمها علـيهم فـيها فـي أبدانهم,
أجسامهم, ومطاعمهم, ومشاربهم, وملابسهم وغير ذلك من نعمه عندهم, ومسئلته إياهم
ماذا عملوا فـيها وهل أطاعوه فـيها, فـانتهوا إلـى أمره ونهيه فـي جميعها, أم عصوه
فخالفوا أمره فـيها؟ وَهُمْ فـي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ يقول: وهم فـي الدنـيا عما
الله فـاعل بهم من ذلك يوم القـيامة, وعن دنوّ مـحاسبته إياهم منهم, واقترابه لهم
فـي سهو وغفلة, وقد أعرضوا عن ذلك, فتركوا الفكر فـيه والاستعداد له والتأهب,
جهلاً منهم بـما هم لاقوه عند ذلك من عظيـم البلاء وشديد الأهوال.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله وَهُمْ فِـي
غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال أهل التأويـل, وجاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم. ذكر من قال ذلك:



18467ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا أبو
الولـيد, قال: ثنـي أبو معاوية, قال: أخبرنا الأعمش, عن أبـي صالـح, عن أبـي
هريرة, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ فِـي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال: «فـي
الدنـيا»



الآية : 2


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رّبّهِمْ مّحْدَثٍ إِلاّ
اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ما يحدث الله من تنزيـل شيء
من هذا القرآن للناس ويذكرهم به ويعظهم, إلا استـمعوه وهم يـلعبون لاهية قلوبهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18468ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة قوله: ما يَأْتِـيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبّهِمْ مُـحْدَثٍ...
الاَية, يقول: ما ينزل علـيهم من شيء من القرآن إلا استـمعوه وهم يـلعبون.






الآية : 3


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرّواْ النّجْوَى الّذِينَ ظَلَمُواْ
هَلْ هَـَذَآ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السّحْرَ وَأَنتُمْ
تُبْصِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لاهيَةً قُلُوبُهُمْ غافلة,
يقول: ما يستـمع هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم هذا القرآن إلا وهم يـلعبون غافلة
عنه قلوبهم, لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فـيـما أودعه الله من الـحجج علـيهم.
كما:



18469ـ حدثنا بِشر قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ يقول: غافلة قلوبهم.



وقوله: وأَسَرّوا النّـجْوَى الّذِينَ
ظَلَـمُوا يقول: وأسرّ هؤلاء الناس الذين اقتربت الساعة منهم وهم فـي غفلة معرضون,
لاهية قلوبهم, النـجوى بـينهم, يقول: وأظهروا الـمناجاة بـينهم فقالوا: هل هذا
الذي يزعم أنه رسول من الله أرسله إلـيكم إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؟ يقولون: هل هو
إلا إنسان مثلكم فـي صوركم وخـلقكم؟ يعنون بذلك مـحمدا صلى الله عليه وسلم. وقال
الذين ظلـموا فوصفهم بـالظلـم بفعلهم وقـيـلهم الذي أخبر به عنهم فـي هذه الاَيات
إنهم يفعلون ويقولون من الإعراض عن ذكر الله والتكذيب برسوله. ول «الّذين» من
قوله: وأسَرّوا النّـجْوَى الّذِينَ ظَلَـمُوا فـي الإعراب وجهان: الـخفض علـى أنه
تابع للناس فـي قوله: اقْتَرَبَ للنّاسِ حِسابُهُمْ والرفع علـى الردّ علـى الأسماء
الذين فـي قوله: وأسَرّوا النّـجْوَى من ذكر الناس, كما قـيـل: ثمّ عَمُوا
وَصَمّوا كثِـيرٌ مِنْهُمْ. وقد يحتـمل أن يكون رفعا علـى الابتداء, ويكون معناه:
وأسرّوا النـجوى, ثم قال: هم الذين ظلـموا.



وقوله: أفَتَأتُونَ السّحْرَ وأنْتُـمْ
تُبْصِرُونَ يقول: وأظهروا هذا القول بـينهم, وهي النـجوى التـي أسرّوها بـينهم,
فقال بعضهم لبعض: أتقبلون السحر وتصدّقون به وأنتـم تعلـمون أنه سحر؟ يعنون بذلك
القرآن كما:



18470ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: أفَتَأُتُونَ السّحْرَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ قال: قاله
أهل الكفر لنبـيهم لـما جاء به من عند الله, زعموا أنه ساحر, وأن ما جاء به سحر,
قالوا: أتأتون السحر وأنتـم تبصرون؟






الآية : 4


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ رَبّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السّمَآءِ وَالأرْضِ وَهُوَ
السّمِيعُ الْعَلِيمُ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: «قُلْ رَبّـي»
فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين: «قُلْ رَبْـي» علـى
وجه الأمر. وقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة: قالَ رَبّـي علـى وجه الـخبر.



وكأن الذين قرؤوه علـى وجه الأمر أرادوا من
تأويـله: قل يا مـحمد للقائلـين أتأْتُونَ السّحْرَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ: ربـي
يعلـم قول كلّ قائل فـي السماء والأرض, لا يخفـى علـيه منه شيء وهو السميع لذلك
كله ولِـما يقولون من الكذب, العلـيـم بصدقـي وحقـيقة ما أدعوكم إلـيه وبـاطل ما
تقولون وغير ذلك من الأشياء كلها. وكأن الذين قرءوا ذلك قال علـى وجه الـخبر
أرادوا: قال مـحمد: ربـي يعلـم القول خبرا من الله عن جواب نبـيه إياهم.



والقول فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان فـي
قَرَأة الأمصار, قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء, وجاءت بهما مصاحف
الـمسلـمين متفقتا الـمعنى وذلك أن الله إذا أمر مـحمدا بقـيـل ذلك قاله, وإذا
قاله فعن أمر الله قاله, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب فـي قراءته.



الآية : 5


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى:{بَلْ قَالُوَاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ
شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ الأوّلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ما صدّقوا بحكمة هذا القرآن
ولا أنه من عند الله, ولا أقرّوا بأنه وحي أوْحَى الله إلـى مـحمد صلى الله عليه
وسلم بل قال بعضهم: هو أهاويـل رؤيا رآها فـي النوم, وقال بعضهم: هو فرْية واختلاق
افتراه واختلقه من قِبَل نفسه, وقال بعضهم: بل مـحمد شاعر, وهذا الذي جاءكم به
شعر. فَلْـيَأْتِنا يقول: قالوا فلـيجئنا مـحمد إن كان صادقا فـي قوله إن الله
بعثه رسولاً إلـينا وإن هذا الذي يتلوه علـينا وحي من الله أوحاه إلـينا, بآية
يقول: بحجة ودلالة علـى حقـيقة ما يقول ويدّعي, كمَا أُرْسِلَ الأوّلُونَ يقول:
كما جاءت به الرسل الأوّلون من قبْله من إحياء الـموَتـى وإبراء الأكمه والأبرص
وكناقة صالـح, وما أشبه ذلك من الـمعجزات التـي لا يقدر علـيها إلا الله ولا يأتـي
بهاإلا الأنبـياء والرسل.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



18471ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أضْغاثُ أحْلامٍ أي فعل حالـم, إنـما هي رؤيا رآها.
بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ كل هذا قد كان منهم. وقوله» فَلْـيَأْتِنا بآيَةٍ كمَا أُرْسِل
الأوّلُونَ يقول: كما جاء عيسى بـالبـيّنات وموسى بـالبـينات, والرسل.



18472ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: أضْغاثُ أحْلامٍ قال: مشتبهة.



18473ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: أضْغاثُ أحْلامٍ قال أهاويـلها.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



وقال تعالـى ذكره: بَلْ قَالُوا ولا جحد فـي
الكلام ظاهر فـيحقق ب «بَلْ», لأن الـخبر عن أهل الـجحود والتكذيب, فـاجتُزِي
بـمعرفة السامعين بـما دلّ علـيه قوله «بل» من ذكر الـخبر عنهم علـى ما قد بـينا.






الآية : 6


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ
يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ما آمن من قبل هؤلاء
الـمكذّبـين مـحمدا من مشركي قومه الذين قالوا فلـيأتنا مـحمد بآية كما جاءت به
الرسل قبله من أهل قرية عذّبناهم بـالهلاك فـي الدنـيا, إذ جاءهم رسولنا إلـيهم
بآية معجزة. أفَهُمْ يُؤْمِنُونَ يقول: أفهؤلاء الـمكذّبون مـحمدا السائلوه الاَية
يؤمنون به إن جاءتهم آية ولـم تؤمن قبلهمْ أسلافهم من الأمـم الـخالـية التـي
أهلكناها برسلها مع مـجيئها؟



وبنـحو الذي قلنا فـي
ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18474ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: أهْلَكْناها أفَهُمْ يُؤْمِنُونَ يصدّقون
بذلك.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18475ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أهْلَكْناها
أفَهُمْ يُؤْمِنُونَ أي الرسل كانوا إذا جاءوا قومهم بـالبـينات فلـم يؤمنوا لـم
يُنْظَرو.



الآية : 7


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ
فَاسْئَلُوَاْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه: وما أرسلنا يا مـحمد
قبلك رسولاً إلـى أمة من الأمـم التـي خـلت قبل أمتك إلا رجالاً مثلهم نوحي إلـيهم
ما نريد أن نوحيه إلـيهم من أمرنا ونهينا, لا ملائكة فماذا أنكروا من إرسالنا لك
إلـيهم, وأنت رجل كسائر الرسل الذين قبلك إلـى أمـمهم؟ وقوله: فـاسأَلُوا أهْلَ
الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ يقول للقائلـين لـمـحمد صلى الله عليه
وسلم فـي تناجيهم بـينهم «هل هذا إلا بشر مثلكم»: فإن أنكرتـم وجهلتـم أمر الرسل
الذين كانوا من قبل مـحمد, فلـم تعلـموا أيها القوم أمرهم إنسا كانوا أم ملائكة,
فـاسألوا أهل الكتب من التوراة والإنـجيـل ما كانوا يخبروكم عنهم كما»:



18476ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: فـاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ
يقول: فـاسألوا أهل التوراة والإنـجيـل قال أبو جعفر: أراه أنا قال: يخبروكم أن
الرسل كانوا رجالاً يأكلون الطعام, ويـمشون فـي الأسواق.



وقـيـل: أهلُ الذكر: أهلُ القرآن. ذكر من قال
ذلك:



18477ـ حدثنـي أحمد بن مـحمد الطوسيّ, قال:
ثنـي عبد الرحمن بن صالـح, قال: ثنـي موسى بن عثمان, عن جابر الـجعفـيّ, قال: لـما
نزلت: فـاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ قال علـيّ: نـحن
أهل الذّكر.



18478ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فـاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ
قال: أهل القرآن, والذكر: القرآن. وقرأ: إنّا نَـحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وَإنّا
لَهُ لـحَافِظُونَ



الآية : 8


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاّ يَأْكُلُونَ الطّعَامَ وَمَا
كَانُواْ خَالِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وما جعلنا الرسل الذين
أرسلناهم من قبلك يا مـحمد إلـى الأمـم الـماضية قبل أمتك, جَسَدا لا يَأْكُلُونَ
الطّعامَ يقول: لـم نـجعلهم ملائكة لا يأكلون الطعام, ولكن جعلناهم أجسادا مثلك
يأكلون الطعام. كما:



18479ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَما جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا يَأْكُلُونَ الطّعام
يقول: ما جعلناهم جسدا إلا لـيأكلوا الطعام.



18480ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: ومَا جَعَلْناهُمْ جَسَدا لا
يَأْكُلُونَ الطّعامَ يقول: لـم أجعلهم جسدا لـيس فـيهم أرواح لا يأكلون الطعام,
ولكن جعلناهم جسدا فـيها أرواح يأكلون الطعام.



قال أبو جعفر: وقال وما جَعَلْنَاهُمْ جَسَدا
فوحّد «الـجسد» وجعله موحدا, وهو من صفة الـجماعة, وإنـما جاز ذلك لأن الـجسد
بـمعنى الـمصدر, كما يقال فـي الكلام: وما جعلناهم خَـلْقا لا يأكلون.



وقوله: ومَا كانُوا خالِدِينَ يقول: ولا كانوا
أربـابـا لا يـموتون ولا يفنون, ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا وذلك أنهم قالوا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم, كما قد أخبر الله عنهم: لَنْ نُؤْمنَ لَكَ حتـى
تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعا... إلـى قوله: أوْ تَأَتِـيَ بـاللّهِ
وَالـمَلائِكَةِ قَبِـيلاً قال الله تبـارك وتعالـى لهم: ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم
فنفعل بكم, وإنـما كنا نرسل إلـيهم رجالاً نوحي إلـيهم كما أرسلنا إلـيكم رسولاً
نوحي إلـيه أمرنا ونهينا.



وبنـحو الذي قلنا فـي
ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18481ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ومَا كانُوا خالِدِينَ: أي لا بد لهم من الـموت أن
يـموتوا.



الآية : 9


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نّشَآءُ
وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرفِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم صدقنا رسلنا الذين
كذبتهم أمـمهم وسألتهم الاَيات, فأتـيناهم ما سألوه من ذلك ثم أقاموا علـى تكذيبهم
إياها, وأصرّوا علـى جحودهم نبوّتها بعد الذي أتتهم به من آيات ربها, وعدَنا الذي
وعدناهم من الهلاك علـى إقامتهم علـى الكفر بربهم بعد مـجيء الاَية التـي سألوا.
وذلك كقوله جلّ ثناؤه: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فإنّـي أُعَذّبُهُ
عَذَابـا لا أُعَذّبُهُ أحَدا مِنَ العالَـمِينَ وكقوله: وَلا تَـمَسّوها بِسُوءٍ
فَـيَأْخْذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ونـحو ذلك من الـمواعيد التـي وعد الأمـم مع
مـجيء الاَيات. وقوله: فَأَنْـجَيْناهُمْ يقول تعالـى ذكره: فأنـجينا الرسل عند
إصرار أمـمها علـى تكذيبها بعد الاَيات, وَمَنْ نَشاءُ وهم أتبـاعها الذين صدّقوها
وآمنوا بها. وقوله»: وأهْلَكنا
الـمسْرِفِـينَ يقول تعالـى ذكره»: وأهلكنا الذين أسرفوا علـى أنفسهم بكفرهم
بربهم, كما:



18482ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة: وأهلَكْنا الـمُسْرِفِـين والـمسرفون: هم الـمشركون.






الآية : 10


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ
تَعْقِلُونَ }.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:08 pm

اختلف أهل التأويـل فـي
معنى ذلك, فقال بعضهم: معناه, لقد أنزلنا إلـيكم كتابـا فـيه ذكركم, فـيه حديثكم.
ذكر من قال ذلك:



18483ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد, قوله: فِـيهِ ذِكْرُكُمْ قال: حديثكم.



18484ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: لَقَدْ أنْزَلْنا إلَـيْكُمْ كَتابـا فـيه
ذِكْرُكُمْ قال: حديثكم: أفَلا تَعْقِلونَ قال: «قد أفلـح» بَلْ أتَـيْناهُمْ
بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ.



18485ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا سفـيان: نزل القرآن بـمكارم الأخلاق, ألـم تسمعه يقول: لَقَدْ أنْزَلْنا
إلَـيْكُمْ كِتابـا فِـيهِ ذِكْرُكُمْ أفَلا تَعْقِلُونَ؟



وقال آخرون: بل عُنـي بـالذكر فـي هذا الـموضع:
الشرفُ, وقالوا: معنى الكلام: لقد أنزلنا إلـيكم كتابـا فـيه شرفكم.



قال أبو جعفر: وهذا القول الثانـي أشبه بـمعنى
الكلـمة, وهو نـحو مـما قال سفـيان الذي حكينا عنه, وذلك أنه شرفٌ لـمن اتبعه وعمل
بـما فـيه.






الآية : 11
-12



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا
بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمّآ
أَحَسّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مّنْهَا يَرْكُضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وكثـيرا قصمنا من قرية. والقصم:
أصله الكسر, يقال منه: قصمت ظهر فلان إذا كسرته, وانْقَصَمَتْ سِنّه: إذا انكسرت.
وهو ههنا معنـيّ به «أهلكنا», وكذلك تأوّله أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18486ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وكَمْ قَصَمْنا قال: أهلكنا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, قوله: وكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ قال: أهلكناها.



قال ابن جُرَيج: قصمنا من قرية, قال:
بـالـيـمن, قصمنا, بـالسيف أُهلكوا.



18487ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قول الله: قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ قال: قصمها أهلكها.



وقوله: مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِـمَةً أجرى
الكلام علـى القرية, والـمراد بها أهلها لـمعرفة السامعين بـمعناه. وكأن ظُلْـمَها
كُفْرُها بـالله وتكذيبُها رسله. وقوله: وأنْشأْنا بَعْدَهَا قَوْما آخَرِينَ يقول
تعالـى ذكره: وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلـمة من أهل هذه القرية التـي
قصمناها بظلـمها قوما آخرين سواهم.



وقوله: فَلَـمّا أحَسّوا بأْسَنا يقول: فلـما
عاينوا عذابنا قد حلّ بهم ورأوه قد وجدوا مَسّه, يقال منه: قد أحْسَسْتُ من فلان
ضعفـا, وأَحَسْتُه منه. إذَا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يقول: إذا هم مـما أحَسّوا
بأسنا النازل بهم يهربون سراعا عَجْلـىَ يَعْدُون منهزمين, يقال منه: ركض فلان
فَرَسَهُ: إذا كَدّه بسياقته.



الآية : 13


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لاَ تَرْكُضُواْ وَارْجِعُوَاْ إِلَىَ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْأَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا تهربوا وارجعوا إلـى ما
أُترفتـم فـيه: يقول: إلـى ما أُنعمتـم فـيه من عيشتكم ومساكنكم كما:



18488ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: لا تَرْكُضُوا
وَارْجِعُوا إلـى ما أُتْرِفْتُـمْ فِـيهِ ومَسَاكِنِكُمْ تُسْئَلُونَ يعنـي من
نزل به العذاب فـي الدنـيا مـمن كان يعصي الله من الأمـم.



18489ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: لا تَرْكُضُوا: لا تفرّوا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18490ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة: وَارْجِعُوا إلـى ما أُتْرِفْتُـمْ فِـيهِ يقول: ارجعوا
إلـى دنـياكم التـي أُترفتـم فـيها.



18491ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور عن معمر, عن قتادة: وَارْجِعُوا إلـى ما أُتْرِفْتُـمْ فِـيهِ قال:
إلـى ما أُترفتـم فـيه من دنـياكم.



واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله: لَعَلّكُمْ
تُسْئَلُونَ فقال بعضهم: معناه: لعلكم تفقهون وتفهمون بـالـمسألة. ذكر من قال ذلك:



18492ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد فـي قوله: لَعَلّكُمْ تُسْئَلُونَ قال: تفقهون.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: لَعَلّكُمْ تُسْئَلُونَ قال: تفقهون.



وقال آخرون: بل معناه لعلكم تُسئلون من دنـياكم
شيئا علـى وجه السخرية والاستهزاء. ذكر من قال ذلك:



18493ـ حدثنـي بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة: لَعَلّكُمْ تُسْئَلُونَ استهزاء بهم.



حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: لَعَلّكُمْ تُسْئَلُونَ من دنـياكم شيئا,
استهزاء بهم.



الآية : 14
- 15



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالُواْ يَوَيْلَنَآ إِنّا كُنّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتّىَ
جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال هؤلاء الذين أحلّ الله
بهم بأسه بظلـمهم لـما نزل بهم بأس الله: يا ويـلنا إنا كنا ظالـمين بكفرنا بربنا
فما زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ يقول: فلـم تزل دعواهم, حين أتاهم بأس الله,
بظلـمهم أنفسهم: يا وَيْـلَنا إنّا كُنّا ظالِـمِينَ حتـى قتلهم الله, فحصدهم
بـالسيف كما يُحْصَد الزرع ويستأصل قَطْعا بـالـمناجل. وقوله: خامِدِينَ يقول:
هالكين قد انطفأت شرارتهم, وسكنت حركتهم, فصاروا همودا كما تـخمد النار فتطفأ.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18494ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ... الاَية. فلـما
رأوا العذاب وعاينوه لـم يكن لَهُمْ هِجّيرَي إلا قولهم: يا وَيْـلَنا إنّا كُنّا
ظالِـمِينَ حتـى دمّر الله علـيهم وأهلكهم.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد
بن ثور, عن معمر, عن قتادة: قالُوا يا وَيْـلَنا إنّا كُنّا ظالِـمِينَ فمَا
زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حتـى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا خامِدِينَ يقول: حتـى
هلكوا.



18495ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال ابن عبـاس: حَصِيدا الـحصاد. خامدين خمود النار إذا
طفئت.



18496ـ حدثنا سعيد بن الربـيع, قال: حدثنا
سفـيان, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: إنهم كانوا أهل حصون, وإن الله بعث
علـيهم بختنصر, فبعث إلـيهم جيشا فقتلهم بـالسيف, وقتلوا نبـيّا لهم فحُصِدوا
بـالسيف وذلك قوله: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حتـى جَعَلْناهُمْ حَصِيدا
خامِدِينَ بـالسيف.






الآية : 16


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السّمَآءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ
}.



يقول تعالـى ذكره: ومَا خَـلَقْنَا السّماءَ
والأرْض ومَا بَـيْنَهُما إلا حجة علـيكم أيها الناس, ولتعتبروا بذلك كله,
فتعلـموا أن الذي دبره وخـلقه لا يشبهه شيء, وأنه لا تكون الألوهة إلا له, ولا
تصلـح العبـادة لشيء غيره, ولـم يَخْـلق ذلك عبثا ولعبـا. كما:



18497ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَما خَـلَقْنا السّماءَ والأرْضَ ومَا بَـيْنَهُما
لاعِبِـينِ يقول: ما خـلقناهما عَبَثا ولا بـاطلاً.



الآية : 17


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَوْ أَرَدْنَآ أَن نّتّخِذَ لَهْواً لاّتّخَذْنَاهُ مِن لّدُنّآ
إِن كُنّا فَاعِلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: لو أردنا أن نتـخذ زوجة
وولدا لاتـخذنا ذلك من عندنا, ولكنا لا نفعل ذلك, ولا يصلـح لنا فعله ولا ينبغي
لأنه لا ينبغي أن يكون لله ولد ولا صاحبة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18498ـ حدثنـي مـحمد بن سلـيـمان بن عبـيد الله
الغيدانـي, قال: حدثنا أبو قُتـيبة, قال: حدثنا سلام بن مسكين, قال: حدثنا عقبة بن
أبـي حمزة, قال: شهدت الـحسن بـمكة, قال: وجاءه طاوس وعطاء ومـجاهد, فسألوه عن قول
الله تبـارك وتعالـى: لَوْ أرَدْنا أنْ نَتّـخِذَ لَهْوا لاتّـخَدْناهُ قال
الـحسن: اللهو: الـمرأة.



18499ـ حدثنـي سعيد بن عمرو السكونـي, قال:
حدثنا بقـية بن الولـيد, عن علـيّ بن هارون, عن مـحمد, عن لـيث, عن مـجاهد فـي
قوله: لَوْ أرَدْنا أنْ نَتّـخِذَ لَهْوا قال: زوجة.



18500ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: لَوْ أرَدْنا أنْ نَتّـخِذَ لَهْوا... الاَية, أي أن
ذلك لا يكون ولا ينبغي. واللهو بلغة أهل الـيـمن: الـمرأة.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد
بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: لَوْ أرَدْنا أنْ نَتّـخِذَ لَهْوا قال: اللهو فـي
بعض لغة أهل الـيـمن: الـمرأة. لاتّـخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنّا. وقوله: إنْ كنّا
فـاعِلِـينَ.



18501ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة, قوله: إنْ كُنّا فـاعِلِـينَ يقول: ما كنا فـاعلـين.



18502ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قالوا مريـم صاحبته, وعيسى ولده, فقال تبـارك
وتعالـى: لَوْ أرَدْنا أن نَتّـخِذَ لَهْوا نساء وولدا, لاتـخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا
إنْ كُنّا فـاعِلِـينَ قال: من عندنا, ولا خـلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا
ولا حسابـا.



18503ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: لاتّـخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا من
عندنا, وما خـلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا.



الآية : 18


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا
هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولكن ننزل الـحقّ من عندنا,
وهو كتاب الله وتنزيـله علـى الكفر به وأهله, فـيَدْمَغُهُ يقول: فـيهلكه كما يدمغ
الرجل الرجل بأن يشجّه علـى رأسه شجة تبلغ الدماغ, وإذا بلغت الشجة ذلك من
الـمشجوج لـم يكن له بعدها حياة.



وقوله فإذَا هُوَ زَاهِقٌ يقول: فإذا هو هالك
مضمـحلّ كما:



18504ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: فإذَا هَوَ زَاهِقٌ قال: هالك.



حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة: فإذَا هُوَ زَاهِقٌ قال: ذاهب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18505ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: بَلْ نَقْذِفُ بـالـحَقّ عَلـى البـاطِلِ
فَـيَدْمَغُهُ فإذَا هُوَ زَاهِقٌ والـحقّ كتاب الله القرآن, والبـاطل: إبلـيس,
فَـيدْمَغُهُ فإذَا هُوَ زَاهِقٌ أي ذاهب.



وقوله: وَلَكُمُ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفُونَ
يقول: ولكم الويـل من وصفكم ربكم بغير صفته, وقِـيـلكم إنه اتـخذ زوجة وولدا,
وفِريتكم علـيه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل,
إلا أن بعضهم قال: معنى تصفون تكذبون. وقال آخرون: معنى ذلك: تشركون. وذلك وإن
اختلفت به الألفـاظ فمتفقة معانـيه لأن من وصف الله بأن له صاحبة فقد كذب فـي وصفه
إياه بذلك, وأشرك به, ووصفه بغير صفته. غير أن أولـى العبـارات أن يُعَبر بها عن
معانـي القرآن أقربها إلـى فهم سامعيه. ذكر من قال ما قلنا فـي ذلك:



18506ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَكُمْ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفُونَ أي تكذبون.



18507ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وَلَكُمُ الوَيْـلُ مِـمّا تَصِفونَ قال: تشركون وقوله
عَمّا يَصِفُونَ قال: يشركون قال: وقال مـجاهد: سيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ قال:
قولَهم الكذب فـي ذلك.



الآية : 19


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ
يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وكيف يجوز أن يتـخذ الله
لهوا, وله مُلك جميع من فـي السموات والأرض, والذين عنده من خـلقه لا يستنكفون عن
عبـادتهم إياه ولا يَعْيَون من طول خدمتهم له, وقد علـمتـم أنه لا يستعبد والد
ولده ولا صاحبته, وكل من فـي السموات والأرض عبـيده, فأنى يكون له صاحبة وولد
يقول: أولا تتفكرون فـيـما تفترون من الكذب علـى ربكم؟



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18508ـ حدثنا علـيّ, قال: حدثنا عبد الله, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا يَسْتَـحْسِرُونَ لا يرجعون.



18509ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَلا يَسْتَـحْسِرُونَ لا يحسَرون.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18510ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَلا يَسْتَـحْسِرُونَ قال: لا يُعيون.



حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, قوله: وَلا يَسْتَـحْسِرُونَ قال: لا يعيون.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن
ثور, عن معمر, عن قتادة مثله.



18511ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: لا يَسْتَكْبِرونَ عَنْ عِبـادَتِهِ وَلا يَسْتَـحْسِرُون
قال: لا يستـحسرون, لا يـملّون ذلك الاستـحسار, قال: ولا يفترون, ولا يسأَمون.



هذا كله معناه واحد والكلام مختلف, وهو من
قولهم: بعير حَسِير: إذا أعيا وقام ومنه قول علقمة بن عبدة:



بِها جِيَفُ الـحَسْرَى فأمّا عِظامُها فَبِـيضٌ, وأمّا جِلْدُها فَصَلِـيبُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:09 pm

الآية : 20
و21



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يُسَبّحُونَ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ * أَمِ اتّخَذُوَاْ آلِهَةً مّنَ الأرْضِ هُمْ
يُنشِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: يسبح هؤلاء الذين عنده من
ملائكة ربهم اللـيـل والنهار لا يفترون من تسبـيحهم إياه. كما:



18512ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن عُلَـية,
قال: أخبرنا حميد, عن إسحاق بن عبد الله بن الـحارث, عن أبـيه أن ابن عبـاس سأل
كعبـا عن قوله: يُسَبّحُون اللّـيْـلَ وَالنّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ و «يسبحون
اللـيـل والنهار لا يسأمون» فقال: هل يَئُودك طرفك؟ هل يَئُودك نَفَسُك؟ قال: لا
قال: فإنهم أُلهموا التسبـيح كما أُلهمتـم الطّرْف والنّفَس.



18513ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي أبو معاوية, عن أبـي إسحاق الشيبـانـي, عن حسان بن مخارق, عن عبد الله بن
الـحرث, قال: قلت: لكعب الأحبـار: يُسَبّحُونَ اللّـيْـلَ والنّهارَ لا يَفْتُرونَ
أما يشغلهم رسالة أو عمل؟ قال: يا ابن أخي إنهم جُعل لهم التسبـيح كما جُعل لكم
النفس, ألست تأكل وتشرب وتقوم وتقعد وتـجيء وتذهب وأنت تنفّس؟ قلت: بلـى قال:
فكذلك جُعل لهم التسبـيح.



18514ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن
وأبو داود, قالا: حدثنا عمران القطان, عن قتادة, عن سالـم بن أبـي الـجعد, عن
معدان بن أبـي طلـحة, عن عمرو البكالـي, عن عبد الله بن عمر, قال: إن الله خـلق
عشرة أجزاء, فجعل تسعة أجزاء الـملائكة وجزءا سائر الـخـلق. وجَزّأ الـملائكة عشرة
أجزاء, فجعل تسعة أجزاء يسبحون اللـيـل والنهار لا يفترون وجزءا لرسالته. وجَزّأ
الـخـلق عشرة أجزاء, فجعل تسعة أجزاء الـجنّ وجزءا سائر بنـي آدم. وجَزّأ بنـي آدم
عشرة أجزاء, فجعل يأجوج ومأجوج تسعة أجزاء وجزءا سائر بنـي آدم.



18515ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: يُسَبّحُونَ اللّـيْـلَ والنّهارَ لا يَفْتُرُون
يقول: الـملائكة الذين هم عند الرحمن لا يستكبرون عن عبـادته ولا يسأمون فـيها.
وذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم بـينـما هو جالس مع أصحابه, إذ قال:
«تَسْمَعُونَ ما أسْمَعُ؟» قالوا: ما نسمع من شيء يا نبـيّ الله قال: «إنّـي
لأسْمَعُ أطِيطَ السّماءِ, ومَا تُلامُ أنْ تَئِطّ وَلَـيْسَ فِـيها مَوْضِعُ
رَاحَةٍ إلاّ وَفِـيهِ مَلَكٌ ساجِدٌ أو قَائمٌ».



وقوله: أم اتـخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ
هُمْ يُنْشِرُونَ يقول تعالـى ذكره: أتـخذ هؤلاء الـمشركون آلهة من الأرض هم
ينشرون يعنـي بقوله «هم»: الاَلهة. يقول: هذه الاَلهة التـي اتـخذوها تنشر الأموات
يقول: يحيون الأموات, وينشرون الـخـلق, فإن الله هو الذي يحيـي ويـميت. كما:



18516ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: ثنـي عيسى «ح» وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: يُنْشِرُونَ يقول: يُحيون.



18517ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: أمِ اتّـخَذُوا آلهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ
يقول: أفـي آلهتـم أحد يحيـي ذلك يُنْشِرُون؟ وقرأ قول الله: قُلْ مَنْ يَرْزقُكمْ
مِنَ السّماءِ والأرْضِ... إلـى قوله: ما لَكُمْ كَيْفَ تَـحْكُمُونَ.






الآية : 22


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاّ اللّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ
اللّهِ رَبّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لو كان فـي السموات والأرض
آلهة تصلـح لهم العبـادة سوى الله الذي هو خالق الأشياء, وله العبـادة والألوهة
التـي لا تصلـح إلا له لَفَسَدَتا يقول: لفسد أهل السموات والأرض. فَسُبْحانَ
اللّهِ رَبّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ يقول جلّ ثناؤه: فتنزيه لله وتبرئة له مـما
يفتري به علـيه هؤلاء الـمشركون به من الكذب. كما:



18518ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: لَوْ كانَ فِـيهِما آلِهَةٌ إلاّ اللّهُ لَفَسَدَتا
فَسُبْحانَ اللّهِ رَبّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ يسبح نفسه إذْ قـيـل علـيه
البهتان.



الآية : 23


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لاَ يُسْأَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا سائل يسأل ربّ العرش عن
الذي يفعل بخـلقه من تصريفهم فـيـما شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال وغير ذلك من
حكمه فـيهم لأنهم خـلقه وعبـيده, وجميعهم فـي ملكه وسلطانه, والـحكم حكمه, والقضاء
قضاؤه, لا شيء فوقه يسأله عما يفعل فـيقول له لـم فعلت؟ ولـمَ لـم تفعل؟ وَهُمْ
يُسْئَلُونَ يقول جلّ ثناؤه: وجميع من فـي السموات والأرض من عبـاده مسؤولون عن
أفعالهم, ومـحاسبون علـى أعمالهم, وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم علـيه لأنه
فوقهم ومالكهم, وهم فـي سلطانه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18519ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ يقول:
لا يسئل عما يفعل بعبـاده, وهم يُسئلون عن أعمالهم.



18520ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قوله: لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ
يُسْئَلُونَ قال: لا يسئل الـخالق عن قضائه فـي خـلقه, وهو يسأل الـخـلق عن عملهم.



18521ـ حدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَل
وَهُمْ يُسْئَلُونَقال: لا يسئل الـخالق عما يقضي فـي خـلقه, والـخـلق مسؤولون عن
أعمالهم.



الآية : 24


القول فـي تأويـل قوله
تعالـى: {أَمِ اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ
هَـَذَا ذِكْرُ مَن مّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ
يَعْلَمُونَ الْحَقّ فَهُمْ مّعْرِضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أتـخذ هؤلاء الـمشركون من
دون الله آلهة تنفع وتضرّ وتـخـلق وتـحيـي وتـميت؟ قل يا مـحمد لهم: هاتوا برهانكم
يعنـي حجتكم يقول: هاتوا إن كنتـم تزعمون أنكم مـحقون فـي قـيـلكم ذلك حجة
ودلـيلاً علـى صدقكم. كما:



18522ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ يقول: هاتوا بـينتكم علـى
ما تقولون.



وقوله: هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ يقول: هذا
الذي جئتكم به من عند الله من القرآن والتنزيـل, ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ يقول: خبر من
معي مـما لهم من ثواب الله علـى إيـمانهم به وطاعتهم إياه وما علـيهم من عقاب الله
علـى معصيتهم إياه وكفرهم به. وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِـي يقول: وخبر من قبلـي من
الأمـم التـي سلفت قبلـي, وما فعل الله بهم فـي الدنـيا وهو فـاعل بهم فـي
الاَخرة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18523ـ حدثنـي بِشْر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ يقول: هذا القرآن فـيه ذكر
الـجلال والـحرام. وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِـي يقول: ذكر أعمال الأمـم السالفة وما صنع
الله بهم وإلـى ما صاروا.



18524ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج» هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ قال: حديث من معي, وحديث من
قبلـي.



وقوله: بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَـمُونَ
الـحَقّ يقول: بل أكثر هؤلاء الـمشركين لا يعلـمون الصواب فـيـما يقولون ولا
فـيـما يأتون ويذرون, فهم معرضون عن الـحقّ جهلاً منهم به وقلّة فهم.



وكان قَتادة يقول فـي ذلك ما:


18525ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة: بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَـمُونَ الـحَقّ فَهُمْ
مُعْرِضُونَ عن كتاب الله.






الآية : 25


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ
أَنّهُ لآ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ }.



يقول تعالـى ذكره: وما أرسلنا يا مـحمد من
قبلك من رسول إلـى أمة من الأمـم إلا نوحي إلـيه أنه لا معبود فـي السموات والأرض
تصلـح العبـادة له سواي فـاعْبُدُونِ يقول: فأخـلصوا لـي العبـادة, وأفردوا لـي
الألوهة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18526ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَمَا أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسولٍ إلاّ
نُوحِي إِلَـيْهِ أنّه لا إلَهَ إلاّ أنا فـاعْبُدُونِ قال: أرسلت الرسل بـالإخلاص
والتوحيد, لا يقبل منهم قال أبو جعفر: أظنه أنا قال عمل حتـى يقولوه ويقرّوا به
والشرائع مختلفةٌ, فـي التوراة شريعة وفـي الإنـجيـل شريعة وفـي القرآن شريعة حلال
وحرام. وهذا كله فـي الإخلاص لله والتوحيد له.



الآية : 26
و 27



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ
مّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ
بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بربهم:
اتـخذ الرحمن ولدا من ملائكته فقال جلّ ثناؤه استعظاما مـما قالوا وتبرّيا مـما
وصفوه به سبحانه, يقول تنزيها له عن ذلك: ما ذلك من صفته بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمُونَ
يقول: ما الـملائكة كما وصفهم به هؤلاء الكافرون من بنـي آدم, ولكنهم عبـاد مكرمون
يقول: أكرمهم الله. كما:



18527ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَقالُوا اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا سُبْحانَهُ بَلْ
عِبـادٌ مُكْرَمُونَ قال: قالت الـيهود: إن الله تبـارك وتعالـى صاهر الـجنّ,
فكانت منهم الـملائكة. قال الله تبـارك وتعالـى تكذيبـا لهم وردّا علـيهم: بَلْ
عِبَـادٌ مُكْرَمُونَ وإن الـملائكة لـيس كما قالوا, إنـما هم عبـاد أكرمهم
بعبـادته.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد
بن ثور, عن معمر, عن قتادة. وحدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا
معمر, عن قَتادة: وقَالُوا اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا قالت الـيهود وطوائف من
الناس: إن الله تبـارك وتعالـى خاتن إلـى الـجنّ والـملائكة من الـجنّ قال الله
تبـارك وتعالـى: سُبْحانَهُ بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمُونَ.



وقوله: لا يَسْبِقُونَهُ بـالقَوْلِ يقول جلّ
ثناؤه: لا يتكلـمون إلا بـما يأمرهم به ربهم, ولا يعملون عملاً إلا به.



18528ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قال: قال الله: لا يَسْبِقُونَهُ بِـالْقَوْلِ يُثْنـي علـيهم»
وَهُمْ بأمْرِهِ يَعْمَلُونَ.






الآية : 28


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ
يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَىَ وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: يعلـم ما بـين أيدي ملائكته
ما لـم يبلغوه ما هو وما هم فـيه قائلون وعاملون, وَمَا خَـلْفَهُمْ يقول: وما مضى
من قبل الـيوم مـما خـلفوه وراءهم من الأزمان والدهور ما عملوا فـيه, قالوا: ذلك
كله مُـحْصًى لهم وعلـيهم, لا يخفـى علـيه من ذلك شيء.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18529ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يَعْلَـمُ ما بـينَ
أيْدِيهمْ ومَا خَـلْفَهُمْ يقول: يعلـم ما قدّموا وما أضاعوا من أعمالهم.



وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى يقول:
ولا تشفع الـملائكة إلا لـمن رضي الله عنه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18530ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ
ارْتَضَى يقول: الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:11 pm

18531ـ حدثنـي مـحمد بن
عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن,
قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: إلاّ لِـمَنِ
ارْتَضَى قال: لـمن رضي عنه.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18532ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَلا يَشْفَعُونَ إلاّ لِـمَنِ ارْتَضَى يوم القـيامة,
وَهُمْ منْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال
أخبرنا معمر, عن قتادة يقول: ولا يشفعون يوم القـيامة.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن قتادة, مثله.



وقوله: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
يقول: وهم من خوف الله وحذار عقابه أن يحلّ بهم مشفقون, يقول: حذرون أن يعصوه
ويخالفوا أمره ونهيه.



الآية : 29


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّيَ إِلَـَهٌ مّن دُونِهِ فَذَلِكَ
نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن يقل من الـملائكة إنـي
إله من دون الله, فَذَلِكَ الذي يقول ذلك منهم نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ يقول: نثـيبه
علـى قـيـله ذلك جهنـم. كَذلِكَ نَـجْزِي الظّالِـمينَ يقول: كما نـجزي من قال من
الـملائكة إنـي إله من دون الله جهنـم, كذلك نـجزي ذلك كل من ظلـم نفسه فكفر
بـالله وعبد غيره. وقـيـل: عنـي بهذه الاَية إبلـيس. وقال قائلو ذلك: إنـما قلنا
ذلك, لأنه لا أحد من الـملائكة قال إنـي إله من دون الله سواه ذكر من قال ذلك:



18533ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ قال: قال ابن جُرَيج: من يقل من
الـملائكة إنـي إله من دونه فلـم يقله إلا إبلـيس دعا إلـى عبـادة نفسه, فنزلت هذه
فـي إبلـيس.



18534ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّـي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذَلكَ
نـجْزِيهِ جَهَنّـمَ كَذلكَ نَـجْزِي الظّالِـمينَ وإنـما كانت هذه الاَية خاصة
لعدوّ الله إبلـيس لـما قال ما قال لعنه الله وجعله رجيـما, فقال: فَذلكَ
نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ كَذلكَ نَـجزِي الظّالِـمينَ.



18535ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّـي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذلكَ
نَـجْزِيهِ جَهَنّـمَ قال: هي خاصة لإبلـيس.



الآية : 30


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ
كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ
أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أو لـم ينظر هؤلاء الذي
كفروا بـالله بأبصار قلوبهم, فـيروا بها, ويعلـموا أن السموات والأرض كانتا
رَتْقا: يقول: لـيس فـيهما ثقب, بل كانتا ملتصقتـين يقال منه: رتق فلان الفتق: إذا
شدّه, فهو يرتقه رَتْقا ورتوقا ومن ذلك قـيـل للـمرأة التـي فرجها ملتـحم: رتقاء.
ووحد الرّتقْ, وهو من صفة السماء والأرض, وقد جاء بعد قوله: كانَتا لأنه مصدر, مثل
قول الزّور والصوم والفطر.



وقوله: فَفَتَقْناهُما يقول: فصدعناهما
وفرجناهما.



ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى وصف الله
السموات والأرض بـالرتق, وكيف كان الرتق, وبأيّ معنى فتق؟ فقال بعضهم: عَنَى بذلك
أن السموات والأرض كانتا ملتصقتـين ففصل الله بـينهما بـالهواء. ذكر من قال ذلك:



18536ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ
كَفَرُوا أنّ السَمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا يقول: ملتصقتـين.



18537ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: أوَ لَـمْ يَرَ
الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رتْقا فَفَتَقْناهما...
الاَية, يقول: كانتا ملتصقتـين, فرفع السماء ووضع الأرض.



18538ـ حدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: أنّ السّمَوَاتِ
والأرْضَ كانتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما كان ابن عبـاس يقول: كانتا ملتزقتـين,
ففتقهما الله.



18539ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة: أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كان
الـحسن وقَتادة يقولان: كانتا جميعا, ففصل الله بـينهما بهذا الهواء.



وقال آخرون: بل معنى ذلك أن السموات كانت
مرتتقة طبقة, ففتقها الله فجعلها سبع سموات. وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقة, ففتقها
فجعلها سبع أرضين ذكر من قال ذلك:



18540ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله تبـارك وتعالـى: رَتْقا
فَفَتَقْناهُما من الأرض ستّ أرضين معها فتلك سبع أرضين معها, ومن السماء ستّ
سموات معها فتلك سبع سموات معها. قال: ولـم تكن الأرض والسماء متـماسّتـين.



18541ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال:
فتقهنّ سبع سموات بعضهنّ فوق بعض, وسبع أرضين بعضهنّ تـحت بعض.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد نـحو حديث مـحمد بن عمرو, عن أبـي عاصم.



18542ـ حدثنا عبد الـحميد بن بـيان, قال:
أخبرنا مـحمد بن يزيد, عن إسماعيـل, قال: سألت أبـا صالـح عن قوله: كانَتا رَتْقا
فَفَتَقْناهُما قال: كانت الأرض رتقا والسموات رتقا, ففتق من السماء سبع سموات,
ومن الأرض سبع أرضين.



18543ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: كانت سماء واحدة ثم فتقها, فجعلها سبع سموات فـي
يومين, فـي الـخميس والـجمعة, وإنـما سُمي يوم الـجمعة لأنه جمع فـيه خـلق السموات
والأرض, فذلك حين يقول: خَـلَقَ السّمَوَاتِ وَالأرْضِ فـي سِتّةِ أيّامٍ يقول:
كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما.



وقال آخرون: بل عُنـي بذلك أن السموات كانت
رتقا لا تـمطر والأرض كذلك رتقا لا تنبت, ففتق السماء بـالـمطر والأرض بـالنبـات.
ذكر من قال ذلك:



18544ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن
سماك, عن عكرمة: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ
كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانتا رتقا لا يخرج منهما شيء, ففتق السماء
بـالـمطر وفتق الأرض بـالنبـات. قال: وهو قوله: والسّماءِ ذَاتِ الرّجْعِ والأرْضِ
ذَاتِ الصّدْعِ.



18545ـ حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصدائي, قال:
حدثنا أبـي, عن الفضيـل بن مرزوق, عن عطية, فـي قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ
كَفَرُوا أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانت السماء
رتقا لا تـمطر والأرض رتقا لا تنبت, ففتق السماء بـالـمطر وفتق الأرض بـالنبـات وجعل
من الـماء كلّ شيء حيّ, أفلا يؤمنون؟



18546ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله: أوَ لَـمْ يَرَ الّذِينَ كَفَرُوا أن السّمَوَاتِ والأرْضَ
كانَتا رَتْقا فَفَتَقْناهُما قال: كانت السموات رتقا لا ينزل منها مطر, وكانت
الأرض رتقا لا يخرج منها نبـات, ففتقهما الله, فأنزل مطر السماء, وشقّ الأرض فأخرج
نبـاتها. وقرأ: فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الـماء كلّ شَيْءٍ حَيّ أفَلا
يُؤْمِنُونَ.



وقال آخرون: إنـما قـيـل فَفَتَقْناهُما لأن
اللـيـل كان قبل النهار, ففتق النهار. ذكر من قال ذلك:



18547ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق,
قال: أخبرنا الثوري, عن أبـيه, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, قال: خـلق اللـيـل قبل
النهار. ثم قال: كانَتا رَتْقا فَفَتَقْنَاهُما.



قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب
قول من قال: معنى ذلك: أو لـم ير الذي كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا من
الـمطر والنبـات, ففتقنا السماء بـالغيث والأرض بـالنبـات.



وإنـما قلنا ذلك أولـى بـالصواب فـي ذلك لدلالة
قوله: وجَعَلْنا مِنَ الـماءِ كُلّ شَيْءٍ حَيّ علـى ذلك, وأنه جلّ ثناؤه لـم يعقب
ذلك بوصف الـماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبـابه.



فإن قال قائل: فإن كان ذلك كذلك, فكيف قـيـل:
أو لـم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا, والغيث إنـما ينزل من السماء
الدنـيا؟ قـيـل: إن ذلك مختلف فـيه, قد قال قوم: إنـما ينزل من السماء السابعة,
وقال آخرون: من السماء الرابعة, ولو كان ذلك أيضا كما ذكرت من أنه ينزل من السماء
الدنـيا, لـم يكن فـي قوله: أنّ السّمَوَاتِ والأرْضَ دلـيـل علـى خلاف ما قلنا,
لأنه لا يـمتنع أن يقال «السموات» والـمراد منها واحدة فتـجمع, لأن كل قطعة منها
سماء, كما يقال: ثوب أخلاق, وقميص أسمال.



فإن قال قائل: وكيف قـيـل إن السموات والأرض
كانتا, فـالسموات جمع, وحكم جمع الإناث أن يقال فـي قلـيـلة كنّ, وفـي كثـيره
كانت؟ قـيـل: إنـما قـيـل ذلك كذلك لأنهما صنفـان, فـالسموات نوع, والأرض آخر وذلك
نظير قول الأسود بن يعفر:



إنّ الـمَنِـيّةَ والـحتُوُفَ كِلاهُماتُوفِـي
الـمَخارِمَ يَرْقُبـانِ سَوَادِي



فقال: «كلاهما», وقد ذكر الـمنـية والـحتوف
لِـما وصفت من أنه عنى النوعين. وقد أُخبرت عن أبـي عبـيدة معمر بن الـمثنـي, قال:
أنشدنـي غالب النفـيـلـي للقطامي:



ألَـمْ يحْزُنْكَ أنّ حِبـالَ قَـيْسٍوَتَغْلِبَ
قَدْ تَبـايَنَتا انْقِطاعَا



فجعل حبـال قـيس وهي جمع وحبـال تغلب وهي جمع
اثنـين.



وقوله: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاءِ كُلّ شَيْءٍ
حَيّ يقول تعالـى ذكره: وأحيـينا بـالـماء الذي ننزله من السماء كلّ شيء. كما:



18548ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاء كُلّ شَيْءٍ حَيّ قال:
كلّ شيء حيّ خُـلق من الـماء.



فإن قال قائل: وكيف خصّ كل شيء حيّ بأنه جعل من
الـماء دون سائر الأشياء غيره, فقد علـمت أنه يحيا بـالـماء الزروع والنبـات
والأشجار وغير ذلك مـما لا حياة له, ولا يقال له حيّ ولا ميت؟ قـيـل: لأنه لا شيء
من ذلك إلا وله حياة وموت, وإن خالف معناه فـي ذلك معنى ذوات الأرواح فـي أنه لا
أرواح فـيهنّ وأن فـي ذوات الأرواح أرواحا فلذلك قـيـل: وَجَعَلْنا مِنَ الـمَاءِ
كُلّ شَيْءٍ حَيّ.



وقوله: أفَلا يُؤْمِنُون يقول: أفلا يصدّقون
بذلك, ويقرّون بألوهة من فعل ذلك ويفردونه بـالعبـادة؟






الآية : 31


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا
فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لّعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أو لـم ير هؤلاء الكفـار
أيضا من حججنا علـيهم وعلـى جميع خـلقنا, أنا جعلنا فـي الأرض جبـالاً راسية؟
والرواسي: جمع راسية, وهي الثابتة كما:



18549ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَجَعَلْنا فِـي الأرْضِ رَوَاسِيَ أي جبـالاً.



وقوله: أنْ تَـمِيدَ بِهِمْ يقول: أن لا تتكفأ
بهم. يقول جلّ ثناؤه: فجعلنا فـي هذه الأرض هذه الرواسي من الـجبـال, فثبتناها
لئلا تتكفأ بـالناس, ولـيقدروا بـالثبـات علـى ظهرها. كما:



18550ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كانوا علـى الأرضِ تـمور بهم لا تستقرّ, فأصبحوا وقد
جعل الله الـجبـال وهي الرواسي أوتادا للأرض وجَعَلْنَا فـيها فِجَاجا سُبُلاً
يعنـي مسالك, واحدها فجّ. كما:



18551ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَجَعَلْنا فِـيها فِجاجا: أي أعلاما. وقوله: سُبُلاً
أي طرقا, وهي جمع السبـيـل.



وكان ابن عبـاس فـيـما ذَكر عنه يقول: إنـما
عنى بقوله: وَجَعَلْنا فِـيها فِجاجا وجعلنا فـي الرواسي, فـالهاء والألف فـي
قوله: وَجَعَلْنا فِـيها من ذكر الرواسي.



18552ـ حدثنا بذلك القاسم, قال: حدثنا الـحسين,
قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس, قوله: وَجَعَلْنا فِـيها
فِجاجا سبلاً, قال: بـين الـجبـال.



وإنـما اخترنا القول الاَخر فـي ذلك وجعلنا
الهاء والألف من ذكر الأرض, لأنها إذا كانت من ذكرها دخـل فـي ذلك السهل والـجبل
وذلك أن ذلك كله من الأرض, وقد جعل الله لـخـلقه فـي ذلك كله فجاجا سبلاً. ولا
دلالة تدلّ علـى أنه عنى بذلك فجاج بعض الأرض التـي جعلها لهم سبلاً دون بعض,
فـالعموم بها أولـى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:11 pm

وقوله: لَعَلّهُمْ
يَهْتَدُونَ يقول تعالـى ذكره: جعلنا هذه الفجاج فـي الأرض لـيهتدوا إلـى السير
فـيها.






الآية : 32
و 33



القول فـي تأويـل قوله
تعالـى: {وَجَعَلْنَا السّمَآءَ سَقْفاً مّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا
مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الّذِي خَلَقَ
الْلّيْلَ وَالنّهَارَ وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَجَعَلْنا السّمَاءَ
سَقْـفـا للأرض مسموكا. وقوله: مَـحْفُوظا يقول: حفظناها من كلّ شيطان رجيـم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18553ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: سَقْـفـا مَـحْفُوظا قال: مرفوعا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



18554ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَجَعَلْنا السّماءَ سَقْـفـا مَـحْفُوظا... الاَية:
سقـفـا مرفوعا, وموجا مكفوفـا.



وقوله: وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ يقول:
هؤلاء الـمشركون عن آيات السماء, ويعنـي بآياتها: شمسها وقمرها ونـجومها.
مُعْرِضُونَ يقول: وهؤلاء الـمشركون عن آيات السماء, ويعنـي بآياتها: شمسها وقمرها
ونـجومها. مُعْرِضُونَ: يقول: يعرضون عن التفكر فـيها وتدبر ما فـيها من حجج الله
علـيهم ودلالتها علـى وحدانـية خالقهَا, وأنه لا ينبغي أن تكون العبـادة إلا لـمن
دبرها وسوّاها, ولا تصلـح إلا له.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18555ـ حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَهُمْ عن آياتِها مُعْرِضُونَ قال: الشمس
والقمر والنـجوم آيات السماء.



حدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله. وقوله: وَهُوَ الّذِي خَـلَقَ اللّـيْـلَ
والنّهارَ والشّمْسَ والقَمَرَ كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يقول تعالـى ذكره:
والله الذي خـلق لكم أيها الناس اللـيـل والنهار, نعمة منه علـيكم وحجة ودلالة
علـى عظيـم سلطانه وأن الألوهة له دون كلّ ما سواه فهما يختلفـان علـيكم لصلاح
معايشكم وأمور دنـياكم وآخرتكم, وخـلق الشمس والقمر أيضا كلّ فـي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ يقول: كلّ ذلك فـي فلك يسبحون.



واختلف أهل التأويـل فـي معنى الفلك الذي ذكره
الله فـي هذه الاَية, فقال بعضهم: هو كهيئة حديدة الرّحَى. ذكر من قال ذلك:



18556ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال:
فلك كهيئة حديدة الرحى.



18557ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج: كُلّ فِـي فَلَكٍ قال: فلك كهيئة حديدة الرحى.



18558ـ حدثنا ابن حميد, قال: ثنـي جرير, عن
قابوس بن أبـي ظَبـيان, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
قال: فلك السماء.



وقال آخرون: بل الفلك الذي ذكره الله فـي هذا
الـموضع سرعة جري الشمس والقمر والنـجوم وغيرها. ذكر من قال ذلك:



18559ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ,
قال: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول قـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
الفلك: الـجري والسرعة.



وقال آخرون: الفلك موج مكفوف تـجري الشمس
والقمر والنـجوم فـيه.



وقال آخرون: بل هو القطب الذي تدور به النـجوم.
واستشهد قائل هذا القول له هذا بقول الراجز:



بـاتَتْ تُناجِي الفَلَكَ الدّوّارَاحتـى
الصّبـاحِ تعمَل الأَقْتارَا



وقال آخرون فـي ذلك, ما:


18560ـ حدثنا به بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ: أي فـي فلك السماء.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن
ثور, عن معمر, عن قتادة: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال: يجري فـي فلك السماء
كما رأيت.



18561ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يسْبَحُونَ قال: الفلك الذي بـين السماء
والأرض من مـجاري النـجوم والشمس والقمر. وقرأ: تَبـارَكَ الّذِي جَعَلَ فِـي
السّماءِ بُرُوجا وَجَعَلَ فِـيها سِرَاجا وَقَمَرا مُنِـيرا وقال: تلك البروج
بـين السماء والأرض ولـيست فـي الأرض. كلّ فـي فَلكٍ يَسْبَحُونَ قال: فـيـما بـين
السماء والأرض: النـجوم والشمس والقمر.



وذُكر عن الـحسن أنه كان يقول: الفلك طاحونة
كهيئة فَلْكَة الـمغزل.



والصواب من القول فـي ذلك أن يقال كما قال الله
عزّ وجلّ: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مـجاهد
كحديدة الرّحَى, وكما ذُكر عن الـحسن كطاحونة الرّحَى, وجائز أن يكون موجا
مكفوفـا, وأن يكون قطب السماء. وذلك أن الفلك فـي كلام العرب هو كل شيء دائر,
فجمعه أفلاك, وقد ذكرت قول الراجز:



بـاتَتْ تُناجِي
الفُلْكَ الدّوّارَا



وإذ كان كل ما دار فـي كلامها, ولـم يكن فـي
كتاب الله ولا فـي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عمن يُقطع بقوله
العذُر, دلـيـلٌ يدل علـى أيّ ذلك هو من أيَ كان الواجب أن نقول فـيه ما قال ونسكت
عما لا علـم لنا به.



فإذا كان الصواب فـي ذلك من القول عندنا ما
ذكرنا, فتأويـل الكلام: والشمس والقمر, كلّ ذلك فـي دائر يسبحون.



وأما قوله: يَسْبَحُونَ فإن معناه: يَجْرُون.
ذكر من قال ذلك:



18562ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: كُلّ فِـي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
قال: يجرون.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18563ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: يَسْبَحُونَ قال: يجرون. وقـيـل: كُلّ فِـي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ فأخرج الـخبر عن الشمس والقمر مخرج الـخبر عن بنـي آدم بـالواو
والنون, ولـم يقل: «يسبحن» أو «تسبح», كما قـيـل: والشّمْسَ والقَمَرَ رَأيْتُهُمْ
لـي ساجِدِينَ لأن السجود من أفعال بنـي آدم, فلـما وصفت الشمس والقمر بـمثل
أفعالهم أجرى الـخبر عنهما مـجرى الـخبر عنهم.






الآية : 34
و35



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مّتّ
فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلّ نَفْسٍ
ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا
تُرْجَعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: وما خَـلّدنا أحدا من بنـي آدم يا مـحمد قبلك فـي الدنـيا فنـخـلدك فـيها,
ولا بد لك من أن تـموت كما مات من قبلك رُسُلُنا. أفإنْ مِتّ فَهُمُ الـخالِدُونَ
يقول: فهؤلاء الـمشركون بربهم هم الـخالدون فـي الدنـيا بعدك؟ لا, ما ذلك كذلك, بل
هم ميتون بكلّ حال عشت أو متّ فأدخـلت الفـاء فـي «إن» وهي جزاء, وفـي جوابه لأن
الـجزاء متصل بكلام قبله, ودخـلت أيضا فـي قوله «فهم» لأنه جواب للـجزاء, ولو لـم
يكن فـي قوله «فهم» الفـاء جاز علـى وجهين: أحدهما: أن تكون مـحذوفة وهي مرادة,
والاَخر أن يكون مرادا تقديـمها إلـى الـجزاء, فكأنه قال: أفهم الـخالدون إن متّ.



وقوله: كُلّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الـمَوْتِ يقول
تعالـى ذكره: كل نفس منفوسة من خـلقه, معالـجة غصص الـموت ومتـجرّعة كأسها.



وقوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ
فِتْنَةً يقول تعالـى ذكره: ونـختبركم أيها الناس بـالشرّ وهو الشدّة نبتلـيكم
بها, وبـالـخير وهو الرخاء والسعة العافـية فنفتنكم به.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18564ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين: قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس, قوله: ونَبْلُوكُمْ بـالشّرّ
والـخَيْرِ فِتْنَةً قال: بـالرخاء والشدة, وكلاهما بلاء.



18565ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً يقول: نبلوكم
بـالشرّ بلاء, والـخير فتنة وَإلَـيْنَا تُرْجَعُونَ.



18566ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَنَبْلُوكُمْ بـالشّرّ والـخَيْرِ فِتْنَةً وَإلَـيْنا
تُرْجَعُونَ قال: نبلوهم بـما يحبون وبـما يكرهون نـختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم
فـيـما يحبون, وكيف صبرهم فـيـما يكرهون.



18567ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَنَبْلُوكمْ بـالشّرّ
والـخَيْرِ يقول: نبتلـيكم بـالشدة والرخاء, والصحة والسقم, والغنى والفقر,
والـحلال والـحرام, والطاعة والـمعصية, والهدى والضلالة.



وقوله: وَإلَـيْنا تُرْجَعُونَ يقول: وإلـينا
يردّون فـيجازون بأعمالهم, حسنها وسيّئها.






الآية : 36


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِذَا رَآكَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِن يَتّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُواً
أَهَـَذَا الّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرّحْمَـَنِ هُمْ
كَافِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: وَإذَا رآكَ يا مـحمد الّذِينَ كَفَرُوا بـالله, إنْ يَتّـخِذُونَكَ إلاّ
هُزُوا يقول: ما يتـخذونك إلا سخرّيا يقول بعضهم لبعض: أهَذَا الّذِي يَذْكُرُ
آلِهَتَكُمْ يعنـي بقوله: يذكر آلهتكم بسوء ويعيبها, تعجبـا منهم من ذلك. يقول
الله تعالـى ذكره: فـيعجبون من ذكرك يا مـحمد آلهتهم التـي لا تضرّ ولا تنفع بسوء.
وَهُمْ بِذِكْرِ الرّحْمَنِ الذي خـلقهم وأنعم علـيهم, ومنه نَفْعُهم, وبـيده
ضرّهم, وإلـيه مرجعهم بـما هو أهله منهم أن يذكروه به كَافِرُونَ والعرب تضع الذكر
موضع الـمدح والذمّ, فـيقولون: سمعنا فلانا يذكر فلانا, وهم يريدون سمعناه يذكره
بقبـيح ويعيبه ومن ذلك قول عنترة:



لا تَذْكُرِي مُهْرِي وَما أطْعَمْتُهُفـيَكُونَ
جِلْدُكِ مثِلَ جِلْدِ الأجْرَبِ



يعنـي بذلك: لا تعيبـي مُهْري. وسمعناه يُذكر
بخير.



الآية : 37
و 38



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ
تَسْتَعْجِلُونِ * وَيَقُولُونَ مَتَىَ
هَـَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: خُـلِقَ الإنْسانُ يعنـي
آدم مِنْ عَجَلٍ.



واختلف أهل التأويـل فـي تأويـله, فقال بعضهم:
معناه: من عَجَل فـي بنـيته وخـلقته كان من العجلة, وعلـى العجلة. ذكر من قال ذلك:



18568ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان,
عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد فـي قوله: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال: لـما نفخ
فـيه الروح فـي ركبتـيه ذهب لـينهض, فقال الله: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.



18569ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: لـما نُفخ فـيه يعنـي فـي آدم الروح, فدخـل فـي
رأسه عطس, فقالت الـملائكة: قل الـحمد لله فقال: الـحمد لله. فقال الله له: رحمك
ربك فلـما دخـل الروح فـي عينـيه نظر إلـى ثمار الـجنة, فلـما دخـل فـي جوفه اشتهى
الطعام, فوثب قبل أن تبلغ الروح رجلـيه عجلان إلـى ثمار الـجنة فذلك حين يقول:
خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ يقول: خـلق الإنسان عجولاً.



18570ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قتادة: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال: خـلق عجولاً.



وقال آخرون: معناه: خـلق الإنسان من عجل, أي من
تعجيـل فـي خـلق الله إياه ومن سرعة فـيه وعلـى عجل. وقالوا: خـلقه الله فـي آخر
النهار يوم الـجمعة قبل غروب الشمس علـى عجل فـي خـلقه إياه قبل مغيبها. ذكر من
قال ذلك:



18571ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ
عَجَلٍ قال: قول آدم حين خُـلق بعد كلّ شيء آخر النهار من يوم خـلق الـخـلق, فلـما
أحيا الروح عينـيه ولسانه ورأسه ولـم تبلغ أسفله, قال: يا ربّ استعجل بخـلقـي قبل
غروب بـالشمس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:13 pm

حدثنـي الـحارث, قال
حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال مـجاهد: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال آدم حين
خُـلق بعد كلّ شيء ثم ذكر نـحوه, غير أنه قال فـي حديثه: استعجلْ بخـلقـي فقد غربت
الشمس.



18572ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال: علـى عجل آدم آخر ذلك
الـيوم من ذينك الـيومين, يريد يوم الـجمعة, وخـلقه علـى عجل, وجعله عجولاً.



وقال بعض أهل العربـية من أهل البصرة مـمن قال
نـحو هذه الـمقالة: إنـما قال: خُـلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ وهو يعنـي أنه
خـلقه من تعجيـل من الأمر, لأنه قال: إنّـمَا قَوْلُنا لِشَيْء إذَا أرَدْناهُ أنْ
نَقُولَ لَهُ كُنْ فَـيَكُونُ قال: فهذا العجل. وقوله: فَلا تَسْتَعْجِلُونِ إنّـي
سأُرِيكُمْ آياتـي.



وعلـى قول صاحب هذه الـمقالة, يجب أن يكون كلّ
خـلق الله خُـلق علـى عجل, لأن كل ذلك خـلق بأن قـيـل له كن فكان.



فإذا كان ذلك كذلك, فما وجه خصوص الإنسان إذا
بذكر أنه خُـلق من عجل دون الأشياء كلها وكلها مخـلوق من عجل؟ وفـي خصوص الله
تعالـى ذكره الإنسان بذلك الدلـيـل الواضح, علـى أن القول فـي ذلك غير الذي قاله
صاحب هذه الـمقالة.



وقال آخرون منهم: هذا من الـمقلوب, وإنـما
خُـلق العَجَل من الإنسان, وخُـلقت العجلة من الإنسان. وقالوا: ذلك مثل قوله: ما
إنّ مَفـاتِـحَهُ لَتَنُوءُ بـالعُصْبَةِ أُولـي القُوّةِ إنـما هو: لَتنوء العصبة
بها متثاقلة. وقالوا: هذا وما أشبهه فـي كلام العرب كثـير مشهور. قالوا: وإنـما
كلـم القوم بـما يعقلون. قالوا: وذلك مثل قولهم: عرَضتُ الناقة, وكقولهم: إذا طلعت
الشعرى واستوت العود علـى الـحِرْبـاء أي استوت الـحربـاء علـى العود, كقول الشاعر:



وتَرْكَبُ خَيْلاً لا هَوَادَة
بَـيْنَهاوَتَشْقَـى الرماحُ بـالضياطِرَةِ الـحُمْرِ



وكقول ابن مقبل:


حَسَرْتُ كَفّـي عَنِ السّرْبـالِ آخُذُهُفَرْدا
يُجَرّ عَلـى أيْدِي الـمُفَدّينا



يريد: حسرت السربـال عن كفّـي, ونـحو ذلك من
الـمقلوب. وفـي إجماع أهل التأويـل علـى خلاف هذا القول, الكفـاية الـمغنـية عن
الاستشهاد علـى فساده بغيره.



قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي تأويـل ذلك
عندنا الذي ذكرناه عمن قال معناه: خُـلق الإنسان من عجل فـي خـلقه أيْ علـى عجل
وسرعة فـي ذلك. وإنـما قـيـل ذلك كذلك, لأنه بُودر بخـلقه مغيب الشمس فـي آخر ساعة
من نهار يوم الـجمعة, وفـي ذلك الوقت نفخ فـيه الروح.



وإنـما قلنا أولـى الأقوال التـي ذكرناها فـي
ذلك بـالصواب, لدلالة قوله تعالـى: سأُرِيكُمْ آياتِـي فَلا تَسْتَعْجِلُونَ علـيّ
ذلك, وأن أبـا كريب:



18573ـ حدثنا قال: حدثنا ابن إدريس, قال:
أخبرنا مـحمد بن عمرو, عن أبـي سلـمة, عن أبـي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «إنّ فِـي الـجُمُعَةِ لَساعَةً» يُقَلّلُها, قال: «لا يَوَافِقُها
عَبْدٌ مُسْلِـمٌ يَسأَلُ اللّهَ فِـيها خَيْرا إلاّ آتاهُ اللّهُ إيّاهُ» فقال
عبد الله بن سلام: قد علـمت أيّ ساعة هي, هي آخر ساعات النهار من يوم الـجمعة. قال
الله: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سأُرِيكُمْ آياتِـي فَلا تَسْتَعْجِلُونَ.



حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا الـمـحاربـي وعبدة
بن سلـيـمان وأسير بن عمرو, عن مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو سلـمة, عن أبـي
هريرة, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم بنـحوه, وذكر كلام عبد الله بن سلام بنـحوه.



فتأويـل الكلام إذا كان الصواب فـي تأويـل ذلك
ما قلنا بـما به استشهدنا خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ, ولذلك يستعجل ربه
بـالعذاب. سأُرِيكُمْ آياتِـي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ أيها الـمستعجلون ربهم
بـالاَيات القائلون لنبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم: بل هو شاعر, فلـيأتنا بآية
كما أرسل الأوّلون آياتـي, كما أريتها من قبلكم من الأمـم التـي أهلكناها بتكذيبها
الرسل, إذا أتتها الاَيات: فلا تَسْتَعْجِلُونِ يقول: فلا تستعجلوا ربكم, فإنا
سنأتـيكم بها ونريكموها.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: خُـلِقَ
الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ فقرأته عامة قرّاء الأمصار: خُـلِقَ الإنْسانُ مِنْ عَجَلٍ
بضمّ الـخاء علـى مذهب ما لـم يسِمّ فـاعله. وقرأه حُميد الأعرج: «خَـلَقَ»
بفتـحها, بـمعنى: خـلق الله الإنسان. والقراءة التـي علـيها قرّاء الأمصار, هي
القراءة التـي لا أستـجيز خلافها.



وقوله: وَيَقُولُونَ مَتـى هَذَا الوَعْدُ إنْ
كُنْتُـمْ صَادِقِـينَ يقول تعالـى ذكره: ويقول هؤلاء الـمستعجلون ربهم بـالاَيات
والعذاب لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: متـى هذا الوعد؟ يقول: متـى يجيئنا هذا الذي
تعدنا من العذاب إن كنتـم صادقـين فـيـما تعدوننا به من ذلك؟ وقـيـل: هَذَا
الوَعْدُ والـمعنى الـموعود لـمعرفة السامعين معناه. وقـيـل: إنْ كُنْتُـمْ
صَادِقِـينَ كأنهم قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللـمؤمنـين به. و«متـى»
فـي موضع نصب, لأن معناه: أي وقت هذا الوعد وأيّ يوم هو فهو نصب علـى الظرف لأنه
وقت.



الآية : 39


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَوْ يَعْلَمُ الّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفّونَ عَن
وُجُوهِهِمُ النّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لو يعلـم هؤلاء الكفـار
الـمستعجلون عذاب ربهم ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار, وهم فـيها
كالـحون, فلا يكفّون عن وجوههم النار التـي تلفحها, ولا عن ظهورهم فـيدفعونها عنها
بأنفسهم وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ يقول: ولا لهم ناصر ينصرهم, فـيستنقذهم حينئذ من
عذاب الله لـما أقاموا علـى ما هم علـيه مقـيـمون من الكفر بـالله, ولسارعوا إلـى
التوبة منه والإيـمان بـالله, ولـما استعجلوا لأنفسهم البلاء.



الآية : 40


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
رَدّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا تأتـي هذه النار التـي
تلفح وجوه هؤلاء الكفـار الذين وصف أمرهم فـي هذه السورة حين تأتـيهم عن علـم منهم
بوقتها, ولكنها تأتـيهم مفـاجأة لا يشعرون بـمـجيئها فتَبْهَتُهُمْ يقول: فتغشاهم
فجأة, وتلفح وجوههم معاينة كالرجل يبهت الرجل فـي وجهه بـالشيء, حتـى يبقـى
الـمبهوت كالـحيران منه. فلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدّها يقول: فلا يطيقون حين تبغتهم
فتبهتهم دفعها عن أنفسهم. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يقول: ولا هم وإن لـم يطيقوا
دفعها عن أنفسهم يؤخرون بـالعذاب بها لتوبة يحدثونها وإنابة ينـيبون, لأنها لـيست
حين عمل وساعة توبة وإنابة, بل هي ساعة مـجازاة وإثابة.



القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدِ
اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مّا
كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: إن يتـخذك يا مـحمد هؤلاء القائلون لك: هل هذا إلا بشر مثلكم, أفتأتون السحر
وأنتـم تبصرون, إذ رأوك هُزُوا ويقولون: هذا الذي يذكر آلهتكم كفرا منهم بـالله,
واجتراء علـيه. فلقد استهزىء برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلـى أمـمهم,
يقول: فوجب ونزل بـالذين استهزءوا بهم, وسخروا منهم من أمـمهم ما كَانُوا به
يَسْتْهِزءُونَ يقول جلّ ثناؤه: حلّ بهم الذي كانوا به يستهزءون من البلاء والعذاب
الذي كانت رسلهم تـخوّفهم نزوله بهم, يستهزءون: يقول جلّ ثناؤه, فلن يعدو هؤلاء
الـمستهزءون بك من هؤلاء الكفرة أن يكونوا كأسلافهم من الأمـم الـمكذّبة رسلها,
فـينزل بهم من عذاب الله وسخطه بـاستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم.



الآية : 41


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
رَدّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا تأتـي هذه النار التـي
تلفح وجوه هؤلاء الكفـار الذين وصف أمرهم فـي هذه السورة حين تأتـيهم عن علـم منهم
بوقتها, ولكنها تأتـيهم مفـاجأة لا يشعرون بـمـجيئها فتَبْهَتُهُمْ يقول: فتغشاهم
فجأة, وتلفح وجوههم معاينة كالرجل يبهت الرجل فـي وجهه بـالشيء, حتـى يبقـى
الـمبهوت كالـحيران منه. فلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدّها يقول: فلا يطيقون حين تبغتهم
فتبهتهم دفعها عن أنفسهم. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يقول: ولا هم وإن لـم يطيقوا
دفعها عن أنفسهم يؤخرون بـالعذاب بها لتوبة يحدثونها وإنابة ينـيبون, لأنها لـيست
حين عمل وساعة توبة وإنابة, بل هي ساعة مـجازاة وإثابة.



القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدِ
اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مّا
كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: إن يتـخذك يا مـحمد هؤلاء القائلون لك: هل هذا إلا بشر مثلكم, أفتأتون السحر
وأنتـم تبصرون, إذ رأوك هُزُوا ويقولون: هذا الذي يذكر آلهتكم كفرا منهم بـالله,
واجتراء علـيه. فلقد استهزىء برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلـى أمـمهم,
يقول: فوجب ونزل بـالذين استهزءوا بهم, وسخروا منهم من أمـمهم ما كَانُوا به
يَسْتْهِزءُونَ يقول جلّ ثناؤه: حلّ بهم الذي كانوا به يستهزءون من البلاء والعذاب
الذي كانت رسلهم تـخوّفهم نزوله بهم, يستهزءون: يقول جلّ ثناؤه, فلن يعدو هؤلاء
الـمستهزءون بك من هؤلاء الكفرة أن يكونوا كأسلافهم من الأمـم الـمكذّبة رسلها,
فـينزل بهم من عذاب الله وسخطه بـاستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم.



الآية : 42


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالْلّيْلِ وَالنّهَارِ مِنَ الرّحْمَـَنِ
بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مّعْرِضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمستعجلـيك بـالعذاب, القائلـين: متـى هذا الوعد إن
كنتـم صادقـين: مَنْ يَكْلَؤُكُمْ أيّها القَوْمُ, يقول: من يحفظكم ويحرسكم
بـاللـيـل إذا نـمتـم, وبـالنهار إذا تصرّفتـم من الرحمن؟ يقول: من أمر الرحمن إن
نزل بكم, ومن عذابه إن حلّ بكم. وترك ذكر «الأمر» وقـيـل «من الرحمن» اجتزاء
بـمعرفة السامعين لـمعناه من ذكره.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18574ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس, فـي قوله: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ
بـاللّـيْـلِ والنّهارِ مِنَ الرّحْمَنِ قال: يحرسكم.



18575ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة: قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بـاللّـيْـلِ والنّهارِ مِنَ الرّحْمَنِ
قل من يحفظكم بـاللـيـل والنهار من الرحمن.



يقال منه: كلأت القوم: إذا حرستهم, أكلؤهم كما
قال ابن هَرْمة:



إنّ سُلَـيْـمَى وَاللّهُ يَكْلَؤُهاضَنّتْ
بِشَيْءٍ ما كانَ يَرْزَؤُها



قوله: بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبّهِمْ
مُعْرِضُونَ وقوله بل: تـحقـيق لـجحد قد عرفه الـمخاطبون بهذا الكلام, وإن لـم يكن
مذكورا فـي هذا الـموضع ظاهرا. ومعنى الكلام: وما لهم أن لا يعلـموا أنه لا كالـىء
لهم من أمر الله إذا هو حلّ بهم لـيلاً أو نهارا, بل هم عن ذكر مواعظ ربهم وحججه
التـي احتـجّ بها علـيهم معرضون لا يتدبرون ذلك فلا يعتبرون به, جهلاً منهم وسفها.



الآية : 43


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مّن دُونِنَا لاَ يَسْتَطِيعُونَ
نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مّنّا يُصْحَبُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ألهؤلاء الـمستعجلـي ربهم
بـالعذاب آلهة تـمنعهم, إن نـحن أحللنا بهم عذابنا, وأنزلنا بهم بأسنا من دوننا؟
ومعناه: أم لهم آلهة من دوننا تـمنعهم منا؟ ثم وصف جلّ ثناؤه الاَلهة بـالضعف
والـمهانة, وما هي به من صفتها, فقال: وكيف تستطيع آلهتهم التـي يدعونها من دوننا
أن تـمنعهم منا وهي لا تستطيع نصر أنفسها. وقوله: وَلا هُمْ مِنّا يُصْحَبُونَ اختلف
أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بذلك, وفـي معنى «يُصْحَبُون», فقال بعضهم: عنـي بذلك
الاَلهة, وأنها لا تصحب من الله بخير. ذكر من قال ذلك:



18576ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: أمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَـمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ
نَصْرَ أنْفُسِهِمْ يعنـي الاَلهة. وَلا هُمْ مِنّا يُصْحَبُونَ يقول: لا يُصحبون
من الله بخير.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا هم منا ينصرون.
ذكر من قال ذلك:



18577ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا أبو
ثور, عن معمر, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَلا هُمْ مِنّا يُصْحَبُونَ قال: لا
ينصرون.



18578ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس, قوله: أمْ لَهُمْ آلِهَةٌ
تَـمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا إلـى قوله: يُصْحَبُونَ قال: ينصرون. قال: قال مـجاهد:
ولا هم يُحْفظون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:16 pm

18579ـ حدثنا علـيّ, قال:
حدثنا أبو صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا هُمْ
مِنّا يُصْحَبُونَ يُجَارُون...



ذكر من قال ذلك:


18580ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا هُمْ مِنّا
يُصْحَبُونَ يقول: ولا هم منا يجارون, وهو قوله: وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ
عَلَـيْهِ يعنـي الصاحب, وهو الإنسان يكون له خفـير مـما يخاف, فهو قوله يصحبون.



قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب
قول من قال هذا القول الذي حكيناه عن ابن عبـاس, وأن هُمْ من قوله: وَلا هُمْ من
ذكر الكفـار, وأن قوله: يُصْحَبُونَ بـمعنى: يُجارون يُصْحبون بـالـجوار لأن العرب
مـحكيّ عنها: أنا لك جار من فلان وصاحب, بـمعنى: أجيرك وأمنعك, وهم إذا لـم يصحبوا
بـالـجوار, ولـم يكن لهم مانع من عذاب الله مع سخط الله علـيهم, فلـم يصحبوا بخير
ولـم ينصروا.



الآية : 44


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ مَتّعْنَا هَـَؤُلآءِ وَآبَآءَهُمْ حَتّىَ طَالَ عَلَيْهِمُ
الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ
أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ما لهؤلاء الـمشركين من
آلهة تـمنعهم من دوننا, ولا جار يجيرهم من عذابنا, إذا نـحن أردنا عذابهم,
فـاتكلوا علـى ذلك, وعصوا رسلنا اتكالاً منهم علـى ذلك ولكنا متّعناهم بهذه
الـحياة الدنـيا وآبـاءهم من قبلهم حتـى طال علـيهم العمر, وهم علـى كفرهم
مقـيـمون, لا تأتـيهم منا واعظة من عذاب ولا زاجرة من عقاب علـى كفرهم وخلافهم
أمرنا وعبـادتهم الأوثان والأصنام, فنسوا عهدنا وجهلوا موقع نعمتنا علـيهم, ولـم
يعرفوا موضع الشكر. وقوله: أفَلا يَرَوْنَ أنّا نَأْتِـي الأرْضَ نَنْقُصُها مِنْ
أطْرَافِها يقول تعالـى ذكره: أفلا يرى هؤلاء الـمشركون بـالله السائلو مـحمد صلى
الله عليه وسلم الاَيات الـمستعجلو بـالعذاب, أنا نأتـي الأرض نـخرّبها من نواحيها
بقهرنا أهلها, وغَلَبَتِنَاهم, وإجلائهم عنها, وقتلهم بـالسيوف, فـيعتبروا بذلك
ويتعظوا به, ويحذروا منا أن ننزل من بأسنا بهم نـحو الذي قد أنزلنا بـمن فعلنا ذلك
به من أهل الأطراف؟ وقد تقدم ذكر القائلـين بقولنا هذا ومخالفـيه بـالروايات عنهم
فـي سورة الرعد بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وقوله: أفَهُمُ الغالِبُونَ يقول تبـارك
وتعالـى: أفهؤلاء الـمشركون الـمستعجلو مـحمد بـالعذاب الغالبونا, وقد رأوا قهرنا
من أحللنا بساحته بأسنا فـي أطراف الأرضين؟ لـيس ذلك كذلك, بل نـحن الغالبون.
وإنـما هذا تقريع من الله تعالـى لهؤلاء الـمشركين به بجهلهم, يقول: أفـيظنون أنهم
يغلبون مـحمدا ويقهرونه, وقد قهر من ناوأه من أهل أطراف الأرض غيرهم؟ كما:



18581ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: أفَهُمُ الغالِبُونَ يقول: لـيسوا بغالبـين, ولكن رسول الله
صلى الله عليه وسلم هو الغالب.






الآية : 45


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ إِنّمَآ أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ الصّمّ
الدّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد لهؤلاء القائلـين فلـيأتنا بآية كما أرسل الأولون: إنـما أنذركم
أيها القوم بتنزيـل الله الذي يوحيه إلـى من عنده, وأخوّفكم به بأسه. كما:



18582ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: قُلْ إنّـمَا أُنْذِرُكُمْ بـالوَحْيِ أي بهذا القرآن.



وقوله: وَلا يَسْمَعُ الصّمّ الدّعاءَ اختلفت
القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار: ولا يَسْمَعُ بفتـح الـياء من
«يَسْمَعُ» بـمعنى أنه فعل للصمّ, و«الصمّ» حينئذ مرفوعون. ورُوي عن أبـي عبد
الرحمن السلـمي أنه كان يقرأ: «وَلا تُسْمعُ» بـالتاء وضمها, فـالصمّ علـى هذه
القراءة مرفوعة, لأن قوله: «وَلا تُسْمِعُ» لـم يسمّ فـاعله, ومعناه علـى هذه
القراءة: ولا يسمع الله الصمّ الدعاء.



قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا فـي
ذلك ما علـيه قرّاء الأمصار لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه. ومعنى ذلك: ولا يصغي
الكافر بـالله بسمع قلبه إلـى تذكر ما فـي وحي الله من الـمواعظ والذكر, فـيتذكر
به ويعتبر, فـينزجر عما هو علـيه مقـيـم من ضلاله إذا تُلـى علـيه وأُريد به ولكنه
يعرض عن الاعتبـار به والتفكر فـيه, فعل الأصمّ الذي لا يسمع ما يقال له فـيعمل
به.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18583ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة: وَلا يَسْمَعُ الصّمّ الدّعاءَ إذَا ما يُنْذَرُونَ يقول: إن
الكافر قد صمّ عن كتاب الله لا يسمعه, ولا ينتفع به ولا يعقله, كما يسمعه الـمؤمن
وأهل الإيـمان.






الآية : 46


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَئِن مّسّتْهُمْ
نَفْحَةٌ مّنْ عَذَابِ رَبّكَ لَيَقُولُنّ يَويْلَنَآ إِنّا كُنّا ظَالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولئن مست هؤلاء
الـمستعجلـين بـالعذاب يا مـحمد نفحة من عذاب ربك, يعنـي بـالنفحة النصيب والـحظّ,
من قولهم: نفح فلان لفلان من عطائه: إذا أعطاه قسما أو نصيبـا من الـمال. كما:



18584ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَئِنْ مَسّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبّكَ...
الاَية, يقول: لئن أصابتهم عقوبة.



وقوله: لَـيَقُولُنّ يا وَيْـلَنا إنّا كُنّا
ظالِـمِينَ يقول: لئن أصابتهم هذه النفحة من عقوبة ربك يا مـحمد بتكذيبهم بك
وكفرهم, لـيعلـمنّ حينئذ غبّ تكذيبهم بك, ولـيعترفن علـى أنفسهم بنعمة الله
وإحسانه إلـيهم وكفرانهم أياديه عندهم, ولـيقولنّ يا ويـلنا إنا كان ظالـمين فـي
عبـادتنا الاَلهة والأنداد, وتركنا عبـادة الله الذي خـلقنا وأنعم علـينا, ووضعنا
العبـادة غير موضعها.



الآية : 47


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا
بِهَا وَكَفَىَ بِنَا حَاسِبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَنَضَعُ الـمَوَازِينَ
العدل وهو القِسْطَ. وجعل القسط وهو موحد من نعت الـموازين, وهو جمع لأنه فـي مذهب
عدل ورضا ونظر. وقوله: لِـيَوْمِ القِـيامَةِ يقول: لأهل يوم القـيامة, ومن ورد
علـى الله فـي ذلك الـيوم من خـلقه. وقد كان بعض أهل العربـية يوجه معنى ذلك إلـى
«فـي» كأن معناه عنده: ونضع الـموازين القسط فـي يوم القـيامة. وقوله: فَلا
تُظْلَـمُ نَفْسٌ شَيْئا يقول: فلا يظلـم الله نفسا مـمن ورد علـيه منهم شيئا بأن
يعاقبه بذنب لـم يعمله أو يبخسه ثواب عمل عمله وطاعة أطاعه بها ولكن يجازي
الـمـحسن بإحسانه, ولا يعاقب مسيئا إلا بإساءته.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18585ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَنَضَعُ
الـمَوَازِينَ القِسْطَ لِـيَوْمِ القِـيامَةِ... إلـى آخر الاَية, وهو كقوله:
وَالوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الـحَقّ يعنـي بـالوزن: القِسط بـينهم بـالـحقّ فـي الأعمال
الـحسنات والسيئات فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه, يقول: أذهبت حسناته
سيئاته, ومن أحاطت سيئاته بحسناته فقد خفّت موازينه وأمه هاوية, يقول: أذهبت
سيئاته حسناته.



18586ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد فـي قول الله: وَنَضَعُ
الـمَوَازِينَ القِسْطَ لِـيَوْمِ القِـيامَةِ قال: إنـما هو مثل, كما يجوز الوزن
كذلك يجوز الـحقّ. قال الثوري: قال لـيث عن مـجاهد: وَنَضَعُ الـمَوَازِينَ
القِسْطَ قال: العدل.



وقوله: وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبّةٍ مِنْ
خَرْدَلِ أتَـيْنا بِها يقول: وإن كان الذي له من عمل الـحسنات أو علـيه من
السيئات وزن حبة من خردل أتَـيْنَا بِهَا يقول: جئنا بها فأحضرناها إياه. كما:



18587ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها
قال: كتبناها وأحصيناها له وعلـيه.



18588ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله: وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها
قال: يؤتـي بها لك وعلـيك, ثم يعفو إن شاء أو يأخذ, ويجزي بـما عمل له من طاعة.



وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما:


18589ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
حدثنا سفـيان, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: وَإنْ كانَ مِثْقالَ
حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها قال: جازينا بها.



حدثنا عمرو بن عبد الـحميد, قال: حدثنا
سفـيان, عن لـيث, عن مـجاهد أنه كان يقول: وَإنْ كانَ مِثْقالَ حَبّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ أتَـيْنا بِها قال: جازينا بها.



وقال: أتَـيْنَا بِهَا فأخرج قوله بها مخرج
كناية الـمؤنث, وإن كان الذي تقدم ذلك قوله مثقال حبة, لأنه عنـي بقوله بها الـحبة
دون الـمثقال, ولو عنـي به الـمثقال لقـيـل «به». وقد ذكر أن مـجاهدا إنـما تأوّل
قوله: أتَـيْنا بِها علـى ما ذكرنا عنه, لأنه كان يقرأ ذلك: «آتَـيْنا بِها» بـمدّ
الألف. وقوله: وكَفَـى بِنا حاسِبِـينَ يقول: وحسب من شهد ذلك الـموقـف بنا
حاسبـين, لأنه لا أحد أعلـم بأعمالهم وما سلف فـي الدّنا من صالـح أو سيىء منا.






الآية : 48


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىَ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَآءً
وَذِكْراً لّلْمُتّقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد آتـينا موسى بن عمران
وأخاه هارون الفرقان, يعنـي به الكتاب الذي يفرق بـين الـحقّ والبـاطل. وذلك هو
التوراة فـي قول بعضهم ذكر من قال ذلك:



18590ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: الفُرْقان قال: الكتاب.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



18591ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى وَهارُونَ الفُرْقانَ الفرقان:
التوراة حلالها وحرامها, وما فرق الله به بـين الـحق والبـاطل.



وكان ابن زيد يقول فـي ذلك ما:


18592ـ حدثنـي به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب,
قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى وَهارُونَ الفُرْقانَ قال:
الفرقان: الـحق آتاه الله موسى وهارون, فرق بـينهما وبـين فرعون, فقضى بـينهم
بـالـحقّ. وقرأ: وَما أنْزَلْنا عَلـى عَبْدِنا يَوْمَ الفُرْقانِ قال: يوم بدر.



قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد
فـي ذلك أشبه بظاهر التنزيـل, وذلك لدخول الواو فـي الضياء, ولو كان الفرقان هو
التوراة كما قال من قال ذلك, لكان التنزيـل: ولقد آتـينا موسى وهارون الفرقان ضياء
لأن الضياء الذي آتـى الله موسى وهارون هو التوراة التـي أضاءت لهما ولـمن اتبعهما
أمر دينهم فبصرّهم الـحلال والـحرام, ولـم يقصد بذلك فـي هذا الـموضع ضياء
الإبصار. وفـي دخول الواو فـي ذلك دلـيـل علـى أن الفرقان غير التوراة التـي هي ضياء.



فإن قال قائل: وما ينكر أن يكون الضياء من نعت
الفرقان, وإن كانت فـيه واو فـيكون معناه: وضياء آتـيناه ذلك, كما قال بِزِينَةٍ
الكَوَاكِبِ وَحِفْظا؟ قـيـل له: إن ذلك وإن كان الكلام يحتـمله, فإن الأغلب من
معانـيه ما قلنا. والواجب أن يوجه معانـي كلام الله إلـى الأغلب الأشهر من وجوهها
الـمعروفة عند العرب ما لـم يكن بخلاف ذلك ما يجب التسلـيـم له من حجة خبر أو عقل.



وقوله: وَذِكْرا للْـمُتّقِـينَ يقول: وتذكيرا
لـمن اتقـى الله بطاعته وأداء فرائضه واجتناب معاصيه, ذكّرهم بـما آتـى موسى
وهارون من التوراة .



الآية : 49


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {الّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مّنَ السّاعَةِ مُشْفِقُونَ }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:17 pm

يقول تعالـى ذكره:
آتـينا موسى وهارون الفرقان الذّكْر الذي آتـيناهما للـمتقـين الذين يخافون ربهم
بـالغيب, يعنـي فـي الدنـيا أن يعاقبهم فـي الاَخرة إذا قدموا علـيه بتضيـيعهم ما
ألزمهم من فرائضه فهم من خشيته يحافظون علـى حدوده وفرائضه, وهم من الساعة التـي
تقوم فـيها القـيامة مشفقون, حذرون أن تقوم علـيهم, فـيردوا علـى ربهم قد فرّطوا
فـي الواجب علـيهم لله, فـيعاقبهم من العقوبة بـما لا قِبَل لهم به.



الآية : 50


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَهَـَذَا ذِكْرٌ مّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ
مُنكِرُونَ }.



يقول جلّ ثناؤه: وهذا القرآن الذي أنزلناه
إلـى مـحمد صلى الله عليه وسلم ذِكْرٌ لـمن تذكر به, وموعظة لـمن اتعظ به. مبـاركٌ
أنزلناهُ كما أنزلنا التوراة إلـى موسى وهارون ذكرا للـمتقـين. أفأَنْتُـمْ لَهُ
مُنْكِرُونَ يقول تعالـى ذكره: أفأنتـم أيها القوم لهذا الكتاب الذي أنزلناه إلـى
مـحمد منكرون وتقولون هُوَ أضْغاثُ أحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ
فَلْـيَأْتِنا بآيَةٍ كمَا أُرْسِلَ الأوّلُونَ وإنـما الذي آتـيناه من ذلك ذكر
للـمتقـين, كالذي آتـينا موسى وهارون ذكرا للـمتقـين.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18593ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: وَهَذَا ذِكْرٌ مُبـارَكٌ
إلـى قوله: أفأنْتُـمْ لَهُ مُنْكِرُونَ: أي هذا القرآن.


الآية : 51
و 52



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنّا بِهِ
عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ
وَقَوْمِهِ مَا هَـَذِهِ التّمَاثِيلُ الّتِيَ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلَقَدْ آتَـيْنا
إبْرَاهِيـمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ موسى وهارون, ووفّقناه للـحقّ, وأنقذناه من
بـين قومه وأهل بـيته من عبـادة الأوثان, كما فعلنا ذلك بـمـحمد صلى الله عليه
وسلم وعلـى إبراهيـم, فأنقذنا من قومه وعشيرته من عبـادة الأوثان, وهديناه إلـى
سبـيـل الرشاد توفـيقا مّنا له.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18594ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى «ح» وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا إبْرَاهِيـمَ
رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ قال: هديناه صغيرا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: وَلَقَدْ آتَـيْنا إبْرَاهِيـمَ رُشْدَهُ مِنْ
قَبْلُ قال: هداه صغيرا.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال:
حدثنا سفـيان, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: آتَـيْنا إبْرَاهِيـمَ رُشْدَهُ مِنْ
قَبْلُ قال: هداه صغيرا.



18595ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَلَقَدْ آتَـيْنا إبْرَاهِيـمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ
يقول: آتـيناه هداه.



وقوله: وكُنّا بِهِ عالِـمِينَ يقول: وكنا
عالـمين به أنه ذو يقـين وإيـمان بـالله وتوحيد له, لا يشرك به شيئا. إذْ قَالَ
لأَبِـيِهِ وَقْومِهِ يعنـي فـي وقت قـيـله وحين قـيـله لهم: ما هذهِ
التـماثِـيـلُ الّتِـي أنتـمْ لَهَا عَاكِفُونَ يقول: قال لهم: أيّ شيء هذه الصور
التـي أنتـم علـيها مقـيـمون؟ وكانت تلك التـماثـيـل أصنامهم التـي كانوا يعبدونها
كما:



18596ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: ما هَذِهِ التّـماثِـيـلُ الّتِـي
أنْتُـمْ لَهَا عاكِفُونَ قال: الأصنام.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



وقد بـيّنا فـيـما مضى من كتابنا هذا أن العاكف
علـى الشيء الـمقـيـم علـيه بشواهد ذلك, وذكرنا الرواية عن أهل التأويـل.



الآية : 53
-55



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي
ضَلاَلٍ مّبِينٍ * قَالُوَاْ أَجِئْتَنَا
بِالْحَقّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاّعِبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال أبو إبراهيـم وقومه
لإبراهيـم: وجدنا آبـاءنا لهذه الأوثان عابدين, فنـحن علـى ملة آبـائنا نعبدها كما
كانوا يعبدون. قالَ إبراهيـم: لَقَدْ كُنْتُـمْ أيها القوم أنْتُـمْ وَآبـاؤُكُمْ
بعبـادتكم إياها فِـي ضَلالٍ مُبِـينٍ يقول: فـي ذهاب عن سبـيـل الـحقّ, وجور عن
قصد السبـيـل مبـين يقول: بَـيّنٌ لـمن تأمله بعقل أنكم كذلك فـي جور عن الـحقّ.
قالُوا أجِئْتَنا بـالـحَقّ؟ يقول: قال أبوه وقومه له: أجئتنا بـالـحقّ فـيـما
تقول أمْ أنْتَ هازل لاعب مِنَ اللاّعِبِـينَ.



الآية : 56


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ بَل رّبّكُمْ رَبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الّذِي فطَرَهُنّ
وَأَنَاْ عَلَىَ ذَلِكُمْ مّنَ الشّاهِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال إبراهيـم لهم: بل جئتكم
بـالـحقّ لا اللعب, ربكم ربّ السموات والأرض الذي خـلقهنّ, وأنا علـى ذلكم من أن
ربكم هو ربّ السموات والأرض الذي فطرهنّ دون التـماثـيـل التـي أنتـم لها عاكفون
ودون كلّ أحد سواه شاهد من الشاهدين, يقول: فإياه فـاعبدوا لا هذه التـماثـيـل
التـي هي خـلقه التـي لا تضرّ ولا تنفع.



الآية : 57
- 58



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَتَاللّهِ لأكِيدَنّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلّواْ
مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً
إِلاّ كَبِيراً لّهُمْ لَعَلّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }.



ذكر أن إبراهيـم صلوات الله علـيه حلف بهذه
الـيـمين فـي سرّ من قومه وخفـاء, وأنه لـم يسمع ذلك منه إلا الذي أفشاه علـيه حين
قالوا: من فعل هذا بآلهتنا إنه لـمن الظالـمين, فقالوا: سمعنا فتـى يذكرهم يقال له
إبراهيـم. ذكر من قال ذلك:



18597ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: وَتاللّهِ لأَكِيدَنّ
أصْنامَكُمْ قال: قول إبراهيـم حين استتبعه قومه إلـى عيد لهم فأبى وقال: إنـي
سقـيـم, فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر, وهو الذي يقول: سَمِعْنا فَتـى
يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لهُ إبْرَاهِيـمُ.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



18598ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَتاللّهِ لأَكِيدَنّ أصْنامَكُمْ قال: نرى أنه قال ذلك
حيث لـم يسمعوه بعد أن تولّوا مدبرين.



وقوله: فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا إلاّ كَبِـيرا
لَهُمْ اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى يحيى بن وثاب
والأعمش والكسائي: «فَجَعَلَهُمْ جِذَاذا» بـمعنى جمع جذيذ, كأنهم أرادوا به جمع
جذيذ وجِذاذ, كما يجمع الـخفـيف خِفـاف, والكريـم كِرام.



وأولـى القراءتـين فـي ذلك عندنا بـالصواب
قراءة من قرأه: جُذَاذا بضمّ الـجيـم, لإجماع قرّاء الأمصار علـيه, وأن ما أجمعت
علـيه فهو الصواب وهو إذا قرىء كذلك مصدرٌ مثل الرّفـات, والفُتات, والدّقاق لا
واحد له, وأما من كسر الـجيـم فإنه جمع للـجذيذ, والـجذيذ: هو فعيـل صُرِف من مـجذوذ
إلـيه, مثل كسير وهشيـم, والـمـجذوذة: الـمكسورة قِطَعا.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18599ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فجَعَلَهُمْ جُذَاذا يقول:
حُطاما.



18600ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: جُذَاذا كالصّريـم.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



18601ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا: أي قطعا.



وكان سبب فعل إبراهيـم صلوات الله علـيه بآلهة
قومه ذلك, كما:



18602ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط عن السديّ: أن إبراهيـم قال له أبوه: يا إبراهيـم إن لنا عيدا لو قد
خرجت معنا إلـيه قد أعجبك ديننا فلـما كان يوم العيد, فخرجوا إلـيه, خرج معهم
إبراهيـم, فلـما كان ببعض الطريق ألقـى نفسه وقال: إنـي سقـيـم, يقول: أشتكى
رجلـي. فتواطئوا رجلـيه وهو صريع فلـما مضوا نادى فـي آخرهم, وقد بقـي ضَعْفَـي
الناس: وَتاللّهِ لأَكِيدَنّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلّوْا مُدْبِرِينَ
فسمعوها منه. ثم رجع إبراهيـم إلـى بـيت الاَلهة, فإذا هنّ فـي بهو عظيـم, مستقبل
بـاب البهو صنـم عظيـم إلـى جنبه أصغر منه بعضها إلـى بعض, كل صنـم يـلـيه أصغر
منه, حتـى بلغوا بـاب البهو, وإذا هم قد جعلوا طعاما, فوضعوه بـين أيدي الاَلهة,
قالوا: إذا كان حين نرجع رجعنا وقد بـاركت الاَلهة فـي طعامنا فأكَلْنا. فلـما نظر
إلـيهم إبراهيـم وإلـى ما بـين أيديهم من الطعام قالَ ألا تَأْكُلُونَ؟ فلـما لـم
تـجبه, قال: ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَـيْهِمْ ضَرْبـا بـالْـيَـمِينِ
فأخذ فأس حديد, فنقر كلّ صنـم فـي حافتـيه, ثم علقّ الفأس فـي عنق الصنـم الأكبر,
ثم خرج. فلـما جاء القوم إلـى طعامهم نظروا إلـى آلهتهم قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا
بِآلِهَتِنا إنّهُ لِـمِنَ الظّالِـمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًـى يَذْكُرُهُمْ
يُقالُ لَهُ إبْرَاهِيـمُ.



وقوله: إلاّ كَبِـيرا لَهُمْ يقول: إلا عظيـما
للاَلهة, فإن إبراهيـم لـم يكسره, ولكنه فـيـما ذكر علق الفأس فـي عنقه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18603ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: إلاّ كَبِـيرا لَهُمْ قال: قال ابن عبـاس: إلا عظيـما
لهم عظيـم آلهتهم. قال ابن جُرَيْج, وقال مـجاهد: وجعل إبراهيـم الفأس التـي أهلك
بها أصنامهم مُسْندة إلـى صدر كبـيرهم الذي تَرَك.



18604ـ حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: جعل إبراهيـم الفأس التـي أهلك بها أصنامهم مسندة
إلـى صدر كبـيرهم الذي ترك.



18605ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: أقبل علـيهنّ كما قال الله تبـارك وتعالـى ضَرْبـا بـالـيَـمِينِ
ثم جعل يكسرهنّ بفأس فـي يده, حتـى إذا بقـي أعظم صنـم منها ربط الفأس بـيده, ثم
تركهنّ. فلـما رجع قومه, رأوا ما صنع بأصنامهم, فراعهم ذلك وأعظموه وقالوا: من فعل
هذا بآلهتنا إنه لـمن الظالـمين.



وقوله لَعَلّهُمْ إلَـيْهِ يَرْجِعُونَ يقول:
فعل ذلك إبراهيـم بآلهتهم لعيتبروا ويعلـموا أنها إذا لـم تدفع عن نفسها ما فعل
بها إبراهيـم, فهي من أن تدفع عن غيرها من أراده بسوء أبعد, فـيرجعوا عما هم علـيه
مقـيـمون من عبـادتها إلـى ما هو علـيه من دينه وتوحيد الله والبراءة من الأوثان.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18606ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة: لَعَلّهُمْ إلَـيْهِ يَرْجِعُونَ قال: كادهم بذلك لعلهم يتذكرون
أو يبصرون.






الآية : 59
-61



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـَذَا بِآلِهَتِنَآ إِنّهُ لَمِنَ
الظّالِمِينَ * قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى
يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ *
قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىَ أَعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ يَشْهَدُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره: قال قوم إبراهيـم لـما رأوا
آلهتهم قد جُذّت, إلا الذي رَبَط به الفأسَ إبراهيـم: من فعل هذا بآلهتنا؟ إن الذي
فعل هذا بآلهتنا لـمن الظالـمين أي لـمن الفـاعلـين بها ما لـم يكن له فعله.
قالُوا سَمِعْنا فَتًـى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبْرَاهِيـمُ يقول: قال الذين
سمعوه يقول وَتاللّهِ لأَكِيدَنّ أصْنامَكُمْ بَعْدَ أنْ تُوَلّوا مُدْبِرِينَ
سمعنا فتـى يذكرهم بعيب يقال له إبراهيـم. كما:



18607ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: قالُوا سَمِعْنا فَتًـى يَذْكُرُهُمْ قال ابن جُرَيج:
يذكرهم يعيبهم.



18608ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قوله: سَمَعْنا فَتَـىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبْرَاهِيـمُ سمعناه
يسبّها ويعيبها ويستهزىء بها, لـم نسمع أحدا يقول ذلك غيره, وهو الذي نظن صنع هذا
بها.


وقوله:
فَأْتُوا بِهِ عَلـى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ يَشْهَدُونَ يقول تعالـى ذكره:
قال قوم إبراهيـم بعضهم لبعض: فأتوا بـالذي فعل هذا بآلهتنا الذي سمعتـموه يذكرها
بعيب ويسبّها ويذمها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:17 pm

علـى أعين الناس
فقـيـل: معنى ذلك: علـى رؤس الناس, وقال بعضهم: معناه: بأعين الناس ومرأى منهم,
وقالوا: إنـما أريد بذلك أظهروا الذي فعل ذلك للناس كما تقول العرب إذا ظهر الأمر
وشهر: كان ذلك علـى أعين الناس, يراد به كان بأيدي الناس.



واختلف أهل التأويـل قوله: لَعَلّهُمْ
يَشْهَدُونَ فقال بعضهم: لعلّ الناس يشهدون علـيه أنه الذي فعل ذلك, فتكون شهادتهم
علـيه حجة لنا علـيه. وقالوا: إنـما فعلوا ذلك لأنهم كرهوا أن يأخذوه بغير بـينة.
ذكر من قال ذلك:



18609ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ: فَأْتُوا بِهِ عَلـى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ
يَشْهَدونَ علـيه أنه فعل ذلك.



18610ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: فَأْتُوا بِهِ عَلـى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ يَشْهَدونَ
قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بـيّنة.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: لعلهم يشهدون ما
يعاقبونه به, فـيعاينونه ويرونه. ذكر من قال ذلك:



18611ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: بلغ ما فعل إبراهيـم بآلهة قومه نـمرود, وأشراف قومه, فقالوا:
فَأْتُوا بِهِ عَلـى أعْيُنِ النّاسِ لَعَلّهُمْ يَشْهَدونَ: أي ما يُصْنع به.



وأظهرُ معنى ذلك أنهم قالوا: فأتوا به علـى
أعين الناس لعلهم يشهدون عقوبتنا إياه, لأنه لو أريد بذلك لـيشهدوا علـيه بفعله
كان يقال: انظروا من شهده يفعل ذلك, ولـم يقل: أحضروه بـمـجمع من الناس.






الآية : 62
- 63



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالُوَاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـَذَا بِآلِهَتِنَا يَإِبْرَاهِيمُ
* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ
هَـَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فأتوا بإبراهيـم, فلـما
أتوا به قالوا له: أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيـم؟ فأجابهم
إبراهيـم: بل فعله كبـيرهم هذا وعظيـمهم, فـاسألوا الاَلهة من فعل بها ذلك وكسرها
إن كانت تنطق أو تعبر عن نفسها



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18612ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: لـما أُتِـي به واجتـمع له قومه عند ملكهم نـمرود قالُوا أأنْتَ
فَعَلْتَ هَذَا بآلِهَتِنا يا إبْراهِيـمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِـيرُهُمْ هَذَا
فـاسْئَلُوهُمْ إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر
منها, فكسرهن.



18613ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِـيرُهِمْ هَذَا... الاَية, وهي
هذه الـخصلة التـي كادهم بها.



وقد زعم بعض من لا يصدّق بـالاَثار ولا يقبل من
الأخبـار إلا ما استفـاض به النقل من العوامّ, أن معنى قوله: بَلْ فَعَلَهُ
كَبِـيرُهِمْ هَذَا إنـما هو: بل فعله كبـيرهم هذا إن كانوا ينطقون فـاسألوهم, أي
إن كانت الاَلهة الـمكسورة تنطق فإن كبـيرهم هو الذي كسرهم. وهذا قول خلاف ما
تظاهرت به الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيـم لـم يكذب إلا
ثلاث كَذَبـات كلها فـي الله, قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِـيرُهِمْ هَذَا, وقوله:
إنّـي سَقِـيـمٌ, وقوله لسارة: هي أختـي. وغير مستـحيـل أن يكون الله ذكْره أذِن
لـخـلـيـله فـي ذلك, لـيقرّع قومه به, ويحتـجّ به علـيهم, ويعرّفهم موضع خطئهم,
وسوء نظرهم لأنفسهم, كما قال مؤذّن يوسف لإخوته: أيّتُها العيرُ إنّكُمْ
لَسارِقُونَ ولـم يكونوا سرقوا شيئا.



الآية : 64
-65



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَرَجَعُوَاْ إِلَىَ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوَاْ إِنّكُمْ أَنتُمُ
الظّالِمُونَ * ثُمّ نُكِسُواْ عَلَىَ
رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـَؤُلآءِ يَنطِقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فذكروا حين قال لهم
إبراهيـم صلوات الله علـيه: بَلْ فَعَلَهُ كَبِـيرُهِمْ هَذَا فـاسْئَلُوهُمْ إنْ
كانُوا يَنْطِقُونَ فـي أنفسهم, ورجعوا إلـى عقولهم, ونظر بعضهم إلـى بعض, فقالوا:
إنكم معشر القوم الظالـمون هذا الرجل فـي مسألتكم إياه وقـيـلكم له من فعل هذا
بآلهتنا يا إبراهيـم؟ وهذه آلهتكم التـي فعل بها ما فعل حاضرتكم فـاسألوها



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18614ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق: فَرَجَعُوا إلـى أنْفُسِهِمْ فَقالُوا إنّكُمْ أنْتُـمْ الظّالِـمُونَ
قال: ارعوَوْا ورجعوا عنه يعنـي عن إبراهيـم, فـيـما ادّعوا علـيه من كسرهنّ إلـى
أنفسهم فـيـما بـينهم, فقالوا: لقد ظلـمناه, وما نراه إلا كما قال.



18615ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: فَرَجَعُوا إلـى أنْفُسِهِمْ قال: نظر بعضهم إلـى بعض
فَقالُوا إنّكُمْ أنْتُـمْ الظّالِـمُونَ.



وقوله: ثُمّ نُكِسُوا علـى رُءُوسِهِمْ يقول
جلّ ثناؤه: ثم غُلِبوا فـي الـحجة, فـاحتـجوا علـى إبراهيـم بـما هو حجة لإبراهيـم
علـيهم, فقالوا: لقد علـمت ما هؤلاء الأصنام ينطقون. كما:



18616ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: ثم قالوا: يعنـي قوم إبراهيـم, وعرفوا أنها, يعنـي آلهُتهم لا
تضرّ ولا تنفع ولا تبطِش: لَقَدْ عَلِـمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ: أي لا تتكلـم
فتـخبرنا من صنع هذا بها, وما تبطش بـالأيدي فنصدّقك, يقول الله: ثُمّ نُكِسُوا
عَلـى رُءُوسِهِمْ فـي الـحجة علـيهم لإبراهيـم حين جادلهم, فقال عند ذلك إبراهيـم
حين ظهرت الـحجة علـيهم بقولهم: لَقَدْ عَلِـمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ.



18617ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة قال الله: ثُمّ نُكِسُوا عَلـى رُءُوسِهِمْ أدركت الناسَ
حَيرة سَوْء.



وقال آخرون: معنى ذلك: ثم نُكسوا فـي الفتنة.
ذكر من قال ذلك:



18618ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ: ثُمّ نُكِسُوا عَلـى رُءُوسِهِمْ قال: نكسوا فـي الفتنة
علـى رءوسهم, فقالوا: لقد علـمت ما هؤلاء ينطقون.



وقال بعض أهل العربـية: معنى ذلك: ثم رجعوا عما
عرفوا من حجة إبراهيـم, فقالوا: لقد علـمت ما هؤلاء ينطقون.



وإنـما اخترنا القول الذي قلنا فـي معنى ذلك,
لأن نَكْسَ الشيء علـى رأسه: قَلْبُه علـى رأسه وتَصْيِـيرُ أعلاه أسفله ومعلوم أن
القوم لـم يُقْلبوا علـى رءوس أنفسهم, وأنهم إنـما نُكست حجتهم, فأقـيـم الـخبر
عنهم مقام الـخبر عن حجتهم. وإذ كان ذلك كذلك, فنَكْس الـحجة لا شك إنـما هو
احتـجاج الـمـحتـجّ علـى خصمه بـما هو حجة لـخصمه. وأما قول السديّ: ثم نكسوا فـي
الفتنة, فإنهم لـم يكونوا خرجوا من الفتنة قبل ذلك فنكسوا فـيها. وأما قول من قال
من أهل العربـية ما ذكرنا عنه, فقول بعيد من الفهوم لأنهم لو كانوا رجعوا عما
عرفوا من حجة إبراهيـم, ما احتـجوا علـيه بـما هو حجة له, بل كانوا يقولون له: لا
تسألهم, ولكن نسألك فأخبرنا مَنْ فعل ذلك بها, وقد سمعنا أنك فعلت ذلك ولكن صدقوا
القول فَقالُوا لَقَدْ عَلِـمْتَ ما هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ولـيس ذلك رجوعا عما
كانوا عرفوا, بل هو إقرار به.






الآية : 66
-67



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ
شَيْئاً وَلاَ يَضُرّكُمْ * أُفّ لّكُمْ
وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال إبراهيـم لقومه:
أفتعبدون أيها القوم ما لا ينفعكم شيئا ولا يضرّكم, وأنتـم قد علـمتـم أنها لـم
تـمنع نفسها مـمن أرادها بسوء, ولا هي تقدر أن تنطق إن سئلت عمن يأتـيها بسوء
فتـخبر به, أفلا تستَـحْيون من عبـادة ما كان هكذا؟ كما:



18619ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق: قالَ أفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا ينْفَعُكمْ شَيْئا وَلا
يَضُرّكُمْ... الاَية, يقول يرحمه الله: ألا ترون أنهم لـم يدفعوا عن أنفسهم الضرّ
الذي أصابهم, وأنهم لا ينطقون فـيخبرونكم من صَنع ذلك بهم, فكيف ينفعونكم أو
يضرّون



وقوله: أُفّ لَكُمْ يقول: قُبحا لكم وللاَلهة
التـي تعبدون من دون الله, أفلا تعقلون قبح ما تفعلون من عبـادتكم ما لا يضرّ ولا
ينفع, فتتركوا عبـادته, وتعبدوا الله الذي فطر السموات والأرض, والذي بـيده النفع
والضرّ؟






الآية : 68
-70



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالُواْ حَرّقُوهُ وَانصُرُوَاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ
فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَنَارُ كُونِي
بَرْداً وَسَلاَمَا عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ *
وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأخْسَرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال بعض قوم إبراهيـم لبعض:
حرّقوا إبراهيـم بـالنار وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ يقول:
إن كنتـم ناصريها ولـم تريدوا ترك عبـادتها.



وقـيـل: إن الذي قال ذلك رجل من أكراد فـارس.
ذكر من قال ذلك:



18620ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن
لـيث, عن مـجاهد, فـي قوله: حَرّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ قال: قالها رجل من
أعراب فـارس, يعنـي الأكراد.



18621ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرنـي وهب بن سلـيـمان, عن شعيب الـجبئي, قال:
إن الذي قال حرّقوه «هيزن» فخسف الله به الأرض, فهو يتـجلـجل فـيها إلـى يوم
القـيامة.



18622ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: أجمع نـمرود وقومه فـي إبراهيـم فقالوا: حَرّقُوهُ وَانْصُرُوا
آلِهَتَكُمْ إنْ كُنْتُـمْ فـاعِلِـينَ أي لا تنصروها منه إلا بـالتـحريق بـالنار
إن كنتـم ناصريها.



18623ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال:
ثنـي مـحمد بن إسحاق, عن الـحسن بن دينار, عن لـيث بن أبـي سلـيـم, عن مـجاهد,
قال: تلوت هذه الاَية علـى عبد الله بن عمر, فقال: أتدري يا مـجاهد من الذي أشار
بتـحريق إبراهيـم بـالنار؟ قال: قلت لا. قال: رجل من أعراب فـارس. قلت: يا أبـا
عبد الرحمن, أوَ هل للفرس أعراب؟ قال: نعم الكرد هم أعراب فـارس, فرجل منهم هو
الذي أشار بتـحريق إبراهيـم بـالنار.



وقوله: قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا
وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ فـي الكلام متروك اجتزىء بدلالة ما ذكر علـيه منه,
وهو: فأوقدوا له نارا لـيحرّقوه ثم ألقوه فـيها, فقلنا للنار: يا نار كونـي بردا
وسلاما علـى إبراهيـم وذُكر أنهم لـما أرادوا إحراقه بنوا له بنـيانا كما:



18624ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْـيانا فألْقُوهُ فـي
الـجَحِيـمِ قال: فحبسوه فـي بـيت, وجمعوا له حطبـا, حتـى إن كانتِ الـمرأة
لتـمرضُ فتقول: لئن عافـانـي الله لأجمعنّ حطبـا لإبراهيـم فلـما جمعوا له,
وأكثروا من الـحطب حتـى إن الطير لتـمرّ بها فتـحترق من شدّة وهجها, فعمدوا إلـيه
فرفعوه علـى رأس البنـيان, فرفع إبراهيـم صلى الله عليه وسلم رأسه إلـى السماء,
فقالت السماء والأرض والـجبـال والـملائكة: ربنا, إبراهيـم يحرق فـيك فقال: أنا
أعلـم به, وإن دعاكم فأغيثوه وقال إبراهيـم حين رفع رأسه إلـى السماء: اللهمّ أنت
الواحد فـي السماء وأنا الواحد فـي الأرض لـيس فـي الأرض أحد يعبدك غيري, حسبـي
الله ونعم الوكيـل فقذفوه فـي النار, فناداها فقال: يا نارُ كُونِـي بَرْدا
وَسَلاما علـى إبْرَاهِيـمَ فكان جبريـل علـيه السلام هو الذي ناداها. وقال ابن
عبـاس: لو لـم يُتبع بردها سلاما لـما مات إبراهيـم من شدّة بردها, فلـم يبق يومئذ
نار فـي الأرض إلا طفئت, ظنت أنها هي تُعْنَى. فلـما طُفئت النار نظروا إلـى
إبراهيـم, فإذا هو رجل آخر معه, وإذا رأس إبراهيـم فـي حجره يـمسح عن وجهه العرق
وذكر أن ذلك الرجل هو ملك الظلّ. وأنزل الله نارا فأنتفع بها بنو آدم, وأخرجوا
إبراهيـم, فأدخـلوه علـى الـملك, ولـم يكن قبل ذلك دخـل علـيه.



18625ـ
حدثنـي إبراهيـم بن الـمقدام أبو الأشعث, قال: حدثنا الـمعتـمر, قال: سمعت أبـي,
قال: حدثنا قَتادة, عن أبـي سلـيـمان, عن كعب, قال: ما أحرقت النار من إبراهيـم
إلا وثاقه.



18626ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى
إبْرَاهِيـمَ قال: ذُكر لنا أن كعبـا كان يقول: ما انتفع بها يومئذ أحد من الناس.
وكان كعب يقول: ما أحرقت النار يومئذ إلا وثاقه.



18627ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مؤمل,
قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن شيخ, عن علـيّ بن أبـي طالب رضي الله عنه فـي
قوله: يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ قال: بردت علـيه حتـى
كادت تقتله, حتـى قـيـل: «وسلاما», قال: لا تضرّيه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:18 pm

18628ـ حدثنا أبو كريب,
قال: حدثنا جابر بن نوح, قال: أخبرنا إسماعيـل, عن الـمنهال بن عمرو, قال: قال
إبراهيـم خـلـيـل الله: ما كنت أياما قطّ أنعم منـي من الأيام التـي كنت فـيها فـي
النار.



18629ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن
جعفر, عن سعيد, قال: لـمّا ألقـي إبراهيـم خـلـيـل الله صلى الله عليه وسلم فـي
النار, قال الـمَلَكُ خازن الـمطر: ربّ خـلـيـلك إبراهيـم رجا أن يؤذن له فـيرسل
الـمطر. قال: فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال: يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما
عَلـى إبْرَاهِيـمَ فلـم يبق فـي الأرض نار إلا طُفئت.



18630ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
مغيرة, عن الـحرث, عن أبـي زرعة, عن أبـي هريرة, قال: إن أحسن شيء قاله أبو
إبراهيـم لـما رفع عنه الطبق وهو فـي النار, وجده يرشح جبـينه, فقال عند ذلك:
نِعْمَ الربّ ربّك يا إبراهيـم.



18631ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي وهب بن سلـيـمان عن شعيب الـجَبَـيِء, قال:
أُلقـي إبراهيـم فـي النار وهو ابن ستّ عشرة سنة, وذُبح إسحاق وهو ابن سبع سنـين,
وولدته سارّة وهي ابنة تسعين سنة, وكان مذبحه من بـيت إيـلـياء علـى ميـلـين,
ولـما علـمت سارّة بـما أراد بإسحاق بُطِنت يومين, وماتت الـيوم الثالث. قال ابن
جُرَيج: قال كعب الأحبـار: ما أحرقت النار من إبراهيـم شيئا غير وثاقه الذي أوثقوه
به.



18632ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا معتـمر بن سلـيـمان التـيـمي, عن بعض أصحابه قال: جاء جبريـل إلـى إبراهيـم
علـيهما السلام وهو يوثق أو يقمّط لـيـلقـى فـي النار, قال: يا إبراهيـم ألك حاجة؟
قال: أمّا إلـيك فلا.



18633ـ قال: حدثنا معتـمر, قال: حدثنا ابن كعب,
عن أرقم: أن إبراهيـم قال حين جعلوا يوثقونه لـيـلقوه فـي النار: لا إله إلا أنت
سبحانك ربّ العالـمين, لك الـحمد, ولك الـملك لا شريك لك.



18634ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر الرازي, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية, فـي قوله:
قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى إبْرَاهِيـمَ قال: السلام لا يؤذيه
بردها, ولولا أنه قال: «وسلاما» لكان البرد أشدّ علـيه من الـحرّ.



18635ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: بَرْدا قال: بردت علـيه وَسَلاما لا تؤذيه.



18636ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: قُلْنا يا نارُ كُونِـي بَرْدا وَسَلاما عَلـى
إبْرَاهِيـمَ قال: قال كعب: ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار, ولا أحرقت
النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيـم.



وقال قتادة: لـم تأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه
النار, إلا الوزغ.



وقال الزهري: أمر النبـيّ صلى الله عليه وسلم
بقتله, وسماه فُوَيسقا.



وقوله: وأرَادُوا بِهِ كَيْدا يقول تعالـى
ذكره: وأرادوا بإبراهيـم كيدا, فَجَعَلْناهُمُ الأخْسَرِينَ يعنـي الهالكين. وقد:



18637ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وأرَادُوا بِهِ كَيْدا فجَعَلْناهُمُ الأَخْسَرِينَ
قال: ألقوا شيخا منهم فـي النار لأن يصيبوا نـجاته, كما نُـجي إبراهيـم صلى الله
عليه وسلم, فـاحترق.






الآية : 71


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَنَجّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الأرْضِ الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
لِلْعَالَمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ونـجينا إبراهيـم ولوطا من
أعدائهما نـمرودٍ وقومِهِ من أرض العراق, إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا فِـيها
للْعالَـمِينَ وهي أرض الشأم, فـارق صلوات الله علـيه قومه ودينهم وهاجر إلـى
الشأم.



وهذه القصة التـي قصّ الله من نبأ إبراهيـم
وقومه تذكير منه بها قوم مـحمد صلى الله عليه وسلم من قريش أنهم قد سلكوا فـي
عبـادتهم الأوثان, وأذاهم مـحمدا علـى نهيه عن عبـادتها, ودعائهم إلـى عبـادة الله
مخـلصين له الدين, مسلك أعداء أبـيهم إبراهيـم ومخالفتهم دينه, وأن مـحمدا فـي
براءته من عبـادتها وإخلاصه العبـادة لله, وفـي دعائهم إلـى البراءة من الأصنام,
وفـي الصبر علـى ما يـلقـى منهم فـي ذلك سالك منهاج أبـيه إبراهيـم, وأنه مخرجه من
بـين أظهرهم كما أخرج إبراهيـم من بـين أظهر قومه حين تـمادوا فـي غيهم إلـى
مهاجره من أرض الشأم, ومسلَ بذلك نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم عما يَـلْقَـى
من قومه من الـمكروه والأذى, ومعلـمه أنه منـجيه منهم كما نـجّى أبـاه إبراهيـم من
كفرة قومه.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي الأرض التـي ذكر
الله أنه نـجّى إبراهيـم ولوطا إلـيها ووصفه أنه بـارك فـيها للعالـمين. فقال
بعضهم بنـحو الذي قلنا فـي ذلك. ذكر من قال ذلك:



18638ـ حدثنا الـحسين بن حريث الـمروزي أبو
عمار, قال: حدثنا الفضل بن موسى, عن الـحسين بن واقد, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي
العالـية, عن أبـيّ بن كعب: ونَـجّيْناهُ وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا
فِـيها للْعالَـمِينَ قال: الشأم, وما من ماء عذب إلا خرج من تلك الصخرة التـي
ببـيت الـمقدس.



18639ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد,
قال: حدثنا سفـيان, عن فرات القزاز, عن الـحسن, فـي قوله: إلـى الأرْضِ التـي
بـارَكْنا فِـيها قال: الشام.



18640ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ونَـجّيْناهُ وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا
فِـيها للْعالَـمِينَ كانا بأرض العراق, فأنـجيا إلـى أرض الشام. وكان يُقال للشأم
عماد دار الهجرة, وما نقص من الأرض زيد فـي الشأم, وما نقص من الشأم زيد فـي
فلسطين. وكان يقال: هي أرض الـمـحشر والـمنشر, وبها مـجمع الناس, وبها ينزل عيسى
ابن مريـم, وبها يهلك الله شيخ الضلالة الكذّاب الدجال. وحدثنا أبو قلابة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأيْتُ فِـيـما يَرَى النّائمُ كأنّ الـمَلائِكَةَ
حَمَلَتْ عَمُودَ الكِتابِ فَوَضَعَتْه بـالشّأْمِ, فأوّلْتُه أن الفِتَنَ إذَا
وَقَعَتْ فإنّ الإيـمَانَ بـالشّأْمِ».



وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ذات يوم فـي خطبه: «إنّهُ كائِنٌ بـالشّأْمِ جُنْدٌ, وبـالعِرَاقِ جُنْدٌ,
وبـالـيَـمَنِ جُنْدٌ». فقال رجل: يا رسول الله خِرْ لـي فقال: «عَلَـيْكَ
بـالشّأْمِ فإنّ اللّهَ قَدْ تَكَفّلَ لـي بـالشّامِ وأهْلِهِ, فَمَنْ أَبى
فَلْـيَـلْـحَقْ بأَمْنِهِ وَلْـيَسْقِ بِقَدَرِهِ». وذُكر لنا أن عمر بن الـخطاب
رضي الله عنه قال: يا كعب ألا تـحوّل إلـى الـمدينة فأنها مُهاجَر رسول الله صلى
الله عليه وسلم وموضع قبره؟ فقال له كعب: يا أمير الـمؤمنـين, إنـي أجد فـي كتاب
الله الـمنزل أن الشام كنز الله من أرضه وبها كنزه من عبـاده.



18641ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق,
قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة: وَنـجّيْناهُ وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا
فِـيها للْعالَـمِينَ قال: هاجرا جميعا من كُوْثَىَ إلـى الشام.



18642ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ, قال: انطلق إبراهيـم ولوط قِبَل الشأم, فلقـي إبراهيـم سارَة,
وهي بنت ملك حَرّان, وقد طعنت علـى قومها فـي دينهم, فتزوّجها علـى أن لا يغيرها.



18643ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: خرج إبراهيـم مهاجرا إلـى ربه, وخرج معه لوط مهاجرا, وتزوّج سارَة
ابنة عمه, فخرج بها معه يـلتـمس الفرار بدينه والأمان علـى عبـادة ربه, حتـى نزل
حرّان, فمكث فـيها ما شاء الله أن يـمكث. ثم خرج منها مهاجرا حتـى قدم مصر. ثم خرج
من مصر إلـى الشام, فنزل السبع من أرض فلسطين, وهي برّية الشام, ونزل لوط
بـالـمؤتَفِكَة, وهي من السبع علـى مسيرة يوم ولـيـلة, أو أقرب من ذلك, فبعثه الله
نبـيّا صلى الله عليه وسلم.



18644ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: وَنـجّيْناهُ وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي
بـارَكْنا فِـيها للْعالَـمِينَ قال: نـجاه من أرض العِراق إلـى أرض الشام.



18645ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر الرازيّ, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, أنه قال فـي هذه
الاَية: بـارَكْنا فِـيها للْعالَـمِينَ قال: لـيس ماء عذب إلا يهبط إلـى الصخرة
التـي ببـيت الـمقدس, قال: ثم يتفرّق فـي الأرض.



18646ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَنـجّيْناهُ وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا فِـيها
للْعالَـمِينَ قال: إلـى الشأم.



وقال آخرون: بل يعنـي مكة وهي الأرض التـي قال
الله تعالـى: التـي بـارَكْنا فِـيها للْعالَـمِينَ. ذكر من قال ذلك:



18647ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَنـجّيْناهُ
وَلُوطا إلـى الأرْضِ التـي بـارَكْنا فِـيها للْعالَـمِينَ يعنـي مكة ونزول إسماعيـل
البـيت ألا ترى أنه يقول: إنّ أوّلَ بَـيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ للّذِي بِبَكّةَ
مُبـارَكا وَهُدًى للْعالَـمِينَ؟



قال أبو جعفر: وإنـما اخترنا ما اخترنا من
القول فـي ذلك لأنه لا خلاف بـين جميع أهل العلـم أن هجرة إبراهيـم من العراق كانت
إلـى الشام وبها كان مُقامه أيام حياته, وإن كان قد كان قدم مكة وبنى بها البـيت
وأسكنها إسماعيـل ابنه مع أمه هاجر غير أنه لـم يُقِم بها ولـم يتـخذها وطنا
لنفسه, ولا لوط, والله إنـما أخبر عن إبراهيـم ولوط أنهما أنـجاهما إلـى الأرض
التـي بـارك فـيها للعالـمين.



الآية : 72
و 73



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاّ
جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ
وَإِقَامَ الصّلاَة وَإِيتَآءَ الزّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ووهبنا لإبراهيـم إسحاق
ولدا ويعقوب ولد ولده, نافلةً لك.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله:
نافِلَةً فقال بعضهم: عُنـي به يعقوب خاصة. ذكر من قال ذلك:



18648ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَوَهَبْنا لَهُ
إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً يقول: ووهبنا له إسحاق ولدا, ويعقوب ابْنَ ابنٍ
نافلة.



18649ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً
والنافلة: ابن ابنه يعقوب.



18650ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً قال: سأل
واحدا فقال: ربّ هب لـي من الصالـحين فأعطاه واحدا, وزاده يعقوب ويعقوب ولد ولده.



وقال آخرون: بل عُنـي بذلك إسحاقُ ويعقوب.
قالوا: وإنـما معنى النافلة: العطية, وهما جميعا من عطاء الله أعطاهما إياه. ذكر
من قال ذلك:



18651ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن ابن جُرَيج, عن عطاء, فـي قوله: وَوَهَبْنا لَهُ إسْحاقَ
وَيَعْقُوبَ نافِلَةً قال: عطية.



18652ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: إسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً
قال: عطاء.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



قال أبو جعفر: وقد بـيّنا فـيـما مضى قبل أن
النافلة الفضل من الشيء يصير إلـى الرجل من أيّ شيء كان ذلك, وكلا ولديه إسحاق
ويعقوب كان فضلاً من الله تفضل به علـى إبراهيـم وهبة منه له. وجائز أن يكون عنـي
به أنه آتاهما إياه جميعا نافلة منه له, وأن يكون عنـي أنه آتاه نافلة يعقوب ولا
برهان يدلّ علـى أيّ ذلك الـمراد من الكلام, فلا شيء أولـى أن يقال فـي ذلك مـما
قال الله ووهب الله لإبراهيـم إسحاق ويعقوب نافلة.



وقوله: وكُلاّ جَعَلْنا صَالِـحِينَ يعنـي
عاملـين بطاعة الله, مـجتنبـين مـحارمه. وعنـي بقوله: كُلاّ: إبراهيـم, وإسحاق,
ويعقوب. وقوله: وَجَعَلْناهُمْ أئمّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا يقول تعالـى ذكره:
وجعلنا إبراهيـم وإسحاق ويعقوب أئمة يؤتـمّ بهم فـي الـخير فـي طاعة الله فـي
اتبـاع أمره ونهيه, ويُقْتَدَى بهم, ويُتّبَعون علـيه. كما:



18653ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَجَعَلْناهُمْ أئمّةً يَهْدُونَ بأمْرِنا جعلهم الله
أئمة يُقتدى بهم فـي أمر الله. وقوله: يَهْدُونَ بأمْرِنا يقول: يهدون الناس بأمر
الله إياهم بذلك, ويدعونهم إلـى الله وإلـى عبـادته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:18 pm

وقوله: وأوْحَيْنا
إلَـيْهِمْ فِعْلَ الـخَيْرَاتِ يقول تعالـى ذكره: وأوحينا فـيـما أوحينا أن
افعلوا الـخيرات, وأقـيـموا الصلاة بأمرنا بذلك. وكانُوا لَنا عابِدِينَ يقول:
كانوا لنا خاشعين, لا يستكبرون عن طاعتنا وعبـادتنا.



الآية : 74


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجّيْنَاهُ مِنَ
الْقَرْيَةِ الّتِي كَانَت تّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ
فَاسِقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وآتـينا لوطا حُكْما وهو
فصل القضاء بـين الـخصوم, وعِلْـما يقول: وآتـيناه أيضا علـما بأمر دينه, وما يجب
علـيه لله من فرائضه.



وفـي نصب «لوط» وجهان: (أحدهما) أن ينصب لتعلق
الواو بـالفعل كما قلنا: وآتـينا لوطا والاَخر بـمضمر بـمعنى: واذكر لوطا.



وقوله: ونَـجّيْناهُ مِنَ القَرْيَةِ التـي
كانَتْ تَعْمَلُ الـخَبـائِثَ يقول: ونـجيناه من عذابنا الذي أحللناه بأهل القرية
التـي كانت تعمل الـخبـائث, وهي قرية سَدُوم التـي كان لوط بعث إلـى أهلها. وكانت
الـخبـائث التـي يعملونها: إتـيانَ الذكران فـي أدبـارهم, وخَذْفهم الناس,
وتضارطهم فـي أنديتهم, مع أشياء أُخَر كانوا يعملونها من الـمُنكر, فأخرجه الله
حين أراد إهلاكهم إلـى الشام. كما:



18654ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال: أخرجهم الله, يعنـي لوطا وابنتـيه زيثا وزعرثا إلـى
الشام حين أراد إهلاك قومه.



وقوله: إنّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ
فـاسِقِـينَ مخالفـين أمر الله, خارجين عن طاعته وما يَرْضَى من العمل.



الآية : 75


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنّهُ مِنَ الصّالِحِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وأدخـلنا لوطا فـي رحمتنا
بـانـجائنا إياه مـما أحللنا بقومه من العذاب والبلاء وإنقاذناه منه. إنّهُ مِنَ
الصّالِـحِينَ يقول: إن لوطا من الذين كانوا يعملون بطاعتنا وينتهون إلـى أمرنا
ونهينا ولا يعصوننا.



وكان ابن زيد يقول فـي معنى قوله:
وأدْخَـلْناهُ فِـي رَحْمَتِنا ما:



18655ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وأدْخَـلْناهُ فِـي رَحْمَتِنا قال: فـي الإسلام.






الآية : 76
و 77



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَنُوحاً إِذْ نَادَىَ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
فَنَجّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ
بِآيَاتِنَا إِنّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: واذكر يا مـحمد نوحا إذ
نادى ربه من قبلك, ومن قبل إبراهيـم ولوط, وسألنا أن نهلك قومه الذين كذّبوا الله
فـيـما توعدهم به من وعيده, وكذّبوا نوحا فـيـما أتاهم به من الـحقّ من عند ربه
وَقالَ رَبّ لا تَذَرْ عَلـى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا فـاستـجبنا له
دعاءه, ونـجّيناه وأهله, يعنـي بأهله: أهل الإيـمان من ولده وحلائلهم مِنَ
الكَرْبِ العَظِيـمِ يعنـي بـالكرب العظيـم: العذاب الذي أُحلّ بـالـمكذّبـين من
الطوفـان والغرق. والكرب: شدّة الغمّ, يقال منه: قد كربنـي هذا الأمر فهو يكرُبنـي
كُرْبـا. وقوله: وَنَصَرْناهُ مِنَ القَوْمِ الّذِينَ كَذّبُوا بآياتِنا يقول:
ونصرنا نوحا علـى القوم الذي كذّبوا بحججنا وأدلتنا, فأنـجيناه منهم, فأغرقناهم
أجمعين. إنّهم كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ يقول تعالـى ذكره: إن قوم نوح الذين كذّبوا
بآياتنا كانوا قوم سوء, يسيئون الأعمال, فـيعصون الله ويخالفون أمره.



الآية : 78
و 79



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ
نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاّ آتَيْنَا
حُكْماً وَعِلْماً وَسَخّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبّحْنَ وَالطّيْرَ
وَكُنّا فَاعِلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: واذكر داود وسلـيـمان يا مـحمد إذ يحكمان فـي الـحرث.



واختلف أهل التأويـل فـي ذلك الـحرث ما كان؟
فقال بعضهم: كان نبتا. ذكر من قال ذلك:



18656ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن ابن إسحاق, عن مرّة فـي قوله: إذْ يَحْكُمانِ فِـي
الـحَرْثِ قال: كان الـحرث نبتا.



18657ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد عن قَتادة, قال: ذكر لنا أن غنـم القوم وقعت فـي زرع لـيلاً.



وقال آخرون: بل كان ذلك الـحرث كَرْما. ذكر من
قال ذلك:



18658ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا
الـمـحاربـيّ, عن أشعث, عن أبـي إسحاق, عن مرّة, عن ابن مسعود, فـي قوله:
وَدَاوُدَ وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ قال: كَرْم قد أنبت
عناقـيده.



18659ـ حدثنا تـميـم بن الـمنتصر, قال: أخبرنا
إسحاق, عن شريك, عن أبـي إسحاق, عن مسروق, عن شريح, قال: كان الـحرث كَرْما.



قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب
ما قال الله تبـارك وتعالـى: إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ والـحرث: إنـما هو حرث
الأرض. وجائز أن يكون ذلك كان زرعا, وجائز أن يكون غَرْسا, وغير ضائر الـجهل بأيّ
ذلك كان.



وقوله: إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ
يقول: حين دخـلت فـي هذا الـحرث غنـم القوم الاَخرين من غير أهل الـحرث لـيلاً,
فرعته أو أفسدته. وكُنّا لـحِكْمِهِمْ شاهِدِينَ يقول: وكنا لـحكم داود وسلـيـمان
والقوم الذين حَكَما بـينهم فـيـما أفسدت غنـم أهل الغنـم من حرث أهل الـحرث,
شاهدين لا يخفـى علـينا منه شيء, ولا يغيب عنا علـمه. وقوله: فَفَهّمْناها يقول:
ففهّمنا القضية فـي ذلك سُلَـيْـمانَ دون داود. وكُلاّ آتَـيْنا حُكْما وَعِلْـما
يقول: وكلهم من داود وسلـيـمان والرسل الذين ذكرهم فـي أوّل هذه السورة آتـينا
حكما وهو النبوة, وعلـما: يعنـي وعلـما بأحكام الله. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال
أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18660ـ حدثنا أبو كريب وهارون بن إدريس الأصمّ
قالا: حدثنا الـمـحاربـيّ, عن أشعث, عن أبـي إسحاق, عن مرّة, عن ابن مسعود, فـي
قوله: وَدَاوُدَ وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ
فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ قال: كرم قد أنبت عناقـيده فأفسدته. قال: فقضى داود
بـالغنـم لصاحب الكرم, فقال سلـيـمان: غير هذا يا نبـيّ الله قال: وما ذاك؟ قال:
يدفع الكرم إلـى صاحب الغنـم فـيقوم علـيه حتـى يعود كما كان, وتُدفع الغنـم إلـى
صاحب الكرم فـيصيب منها, حتـى إذا كان الكرم كما كان دَفعت إلـى الكرم صاحبه
ودَفعت الغنـم إلـى صاحبها. فذلك قوله: فَفَهّمْناها سُلَـيْـمانَ.



18661ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَدَاوُدَ
وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ... إلـى قوله: وكُنّا لِـحُكْمِهِمْ
شاهِدِينَ يقول: كنا لـمِا حكما شاهدين. وذلك أن رجلـين دخلا علـى داود, أحدهما
صاحب حرث والاَخر صاحب غنـم, فقال صاحب الـحرث: إن هذا أرسل غنـمه فـي حرثـي, فلـم
يُبق من حرثـي شيئا. فقال له داود: اذهب فإن الغنـم كلها لك فقضى بذلك داود. ومرّ
صاحب الغنـم بسلـيـمان, فأخبره بـالذي قضى به داود, فدخـل سلـيـمان علـى داود
فقال: يا نبـيّ الله إن القضاء سوى الذي قضيت. فقال: كيف؟ قال سلـيـمان: إن الـحرث
لا يخفـي علـى صاحبه ما يخرج منه فـي كل عام, فله من صاحب الغنـم أن يبـيع من
أولادها وأصوافها وأشعارها حتـى يستوفـي ثمن الـحرث, فإن الغنـم لها نسل فـي كلّ
عام. فقال داود: قد أصبت, القضاءُ كما قضيتَ. ففهّمها الله سلـيـمان.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن علـيّ بن زيد, قال: ثنـي خـلـيفة, عن ابن عبـاس قال: قضى
داود بـالغنـم لأصحاب الـحرث, فخرج الرّعاة معهم الكلاب, فقال سلـيـمان: كيف قضى
بـينكم؟ فأخبروه, فقال: لو وافـيت أمركم لقضيت بغير هذا. فأُخبر بذلك داود, فدعاه
فقال: كيف تقضي بـينهم؟ قال: أدفع الغنـم إلـى أصحاب الـحرث, فـيكون لهم أولادها
وألبـانها وسِلاؤها ومنافعها, ويبذر أصحاب الغنـم لأهل الـحرث مثل حرثهم, فإذا بلغ
الـحرث الذي كان علـيه, أخذ أصحاب الـحرث الـحرث وردّوا الغنـم إلـى أصحابها.



18662ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, قال: حدثنا ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: إذْ
نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـم القَوْمِ قال: أعطاهم داود رقاب الغنـم بـالـحرث, وحكم
سلـيـمان بجِزّة الغنـم وألبـانها لأهل الـحرث, وعلـيهم رعايتها علـى أهل الـحرث,
ويحرث لهم أهل الغنـم حتـى يكون الـحرث كهيئته يوم أُكل, ثم يدفعونه إلـى أهله
ويأخذون غنـمهم.



حدثنـي
الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: ثنـي ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد,
مثله.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج بنـحوه, إلا أنه قال: وعلـيهم رعيها.



18663ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن ابن إسحاق, عن مرّة فـي قوله: إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ
القَوْمِ قال: كان الـحرث نبتا, فنفشت فـيه لـيلاً, فـاختصموا فـيه إلـى داود,
فقضى بـالغنـم لأصحاب الـحرث. فمرّوا علـى سلـيـمان, فذكروا ذلك له, فقال: لا,
تُدفع الغنـم فـيصيبون منها يعنـي أصحاب الـحرث ويقوم هؤلاء علـى حرثهم, فإذا كان
كما كان ردّوا علـيهم. فنزلت: ففَهّمْناها سُلَـيْـمانَ.



18664ـ حدثنا تـميـم بن الـمنتصر, قال: أخبرنا
إسحاق, عن شريك, عن أبـي إسحاق, عن مسروق, عن شريح, فـي قوله: إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ
غَنـمُ القَوْمِ قال: كان النفْش لـيلاً, وكان الـحرث كرما, قال: فجعل داود الغنـم
لصاحب الكرم, قال: فقال سلـيـمان: إن صاحب الكرم قد بقـي له أصل أرضه وأصل كرمه,
فـاجعل له أصوافها وألبـانها قال: فهو قول الله: ففَهّمْناها سُلَـيْـمانَ.



18665ـ حدثنا ابن أبـي زياد, قال: حدثنا يزيد
بن هارون, قال: أخبرنا إسماعيـل, عن عامر, قال: جاء رجلان إلـى شُرَيح, فقال
أحدهما: إن شياه هذا قطعت غَزْلاً لـي, فقال شريح: نهارا أم لـيلاً؟ قال: إن كان
نهارا فقد برىء صاحب الشياه, وإن كان لـيلاً فقد ضمن. ثم قرأ: وَدَاوُدَ
وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ
القَوْمِ قال: كان النفش لـيلاً.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, قال: حدثنا
إسماعيـل بن أبـي خالد, عن عامر, عن شريح بنـحوه.



حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا
إسماعيـل بن أبـي خالد عن الشعبـيّ, عن شريح, مثله.



18666ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَدَاوُدَ وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي
الـحَرْثِ.... الاَية, النفْش بـاللـيـل, والهَمَل بـالنهار. وذُكر لنا أن غنـم
القوم وقعت فـي زرع لـيلاً, فرُفع ذلك إلـى داود, فقضى بـالغنـم لأصحاب الزرع,
فقال سلـيـمان: لـيس كذلك, ولكن له نسلها وَرسْلها وعوارضها وجُزازها, حتـى إذا
كان من العام الـمقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنـم إلـى ربها وقبض صاحب الزرع زرعه.
فقال الله: ففَهّمْناها سُلَـيْـمانَ.



18667ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة والزهري: إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ قال: نفشت
غنـم فـي حرث قوم. قال الزهري: والنفش لا يكون إلا لـيلاً, فقضى داود أن يأخذ
الغنـم, ففهمها الله سلـيـمان, قال: فلـما أخبر بقضاء داود, قال: لا, ولكن خذوا
الغنـم, ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلـى الـحول.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن
معمر, عن قتادة, فـي قوله: إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ قال: فـي حرث قوم.
قال معمر: قال الزهري: النفش لا يكون إلا بـاللـيـل, والهمل بـالنهار. قال قَتادة:
فقضي أن يأخذوا الغنـم, ففهمها الله سلـيـمان, ثم ذكر بـاقـي الـحديث نـحو حديث
عبد الأعلـى.


18668ـ
حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَدَاوُدَ
وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ
القَوْمِ... الاَيتـين, قال: انفلت غنـم رجل علـى حرث رجل فأكلته, فجاء إلـى داود,
فقضى فـيها بـالغنـم لصاحب الـحرث بـما أكلت وكأنه رأى أنه وجه ذلك. فمرّوا
بسلـيـمان, فقال: ما قضى بـينكم نبـيّ الله؟ فأخبروه, فقال: ألا أقضي بـينكما عسى
أن ترضيا به؟ فقالا: نعم. فقال: أما أنت يا صاحب الـحرث, فخذ غنـم هذا الرجل فكن فـيها
كما كان صاحبها, أصب من لبنها وعارضتها وكذا وكذا ما كان يصيب, واحرث أنت يا صاحب
الغنـم حرث هذا الرجل, حتـى إذا كان حرثه مثله لـيـلة نفشت فـيه غنـمك فأعطه حرثه
وخذ غنـمك فذلك قول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:19 pm

الله تبـارك وتعالـى:
وَدَاوُدَ وَسُلَـيْـمانَ إذْ يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِـيهِ
غَنـمُ القَوْمِ. وقرأ حتـى بلغ قوله: وكُلاّ آتَـيْنا حُكْما وَعِلْـما.



18669ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن عطاء الـخراسانـي, عن ابن عبـاس, فـي قوله: إذْ
نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ قال: رعت.



18670ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: النفش: الرعية تـحت اللـيـل.



18671ـ قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن
الزهري, عن حرام بن مـحيصة بن مسعود, قال: دخـلت ناقة للبراء بن عازب حائطا لبعض
الأنصار فأفسدته, فرفُع ذلك إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: إذْ
نَفَشَتْ فِـيهِ غَنـمُ القَوْمِ فقضى علـى البراء بـما أفسدته الناقة, وقال:
«عَلـى أصحَابِ الـمَاشِيَةِ حِفْظُ الـمَاشِيَةِ بـاللّـيْـلِ, وَعَلـى أصحَابِ
الـحَوَائِطِ حِفْظُ حِيطانِهِمْ بـالنّهارِ».



قال الزهري: وكان قضاء داود وسلـيـمان فـي ذلك
أن رجلاً دخـلت ما شيته زرعا لرجل فأفسدته, ولا يكون النفوش إلا بـاللـيـل,
فـارتفعا إلـى داود, فقضى بغنـم صاحب الغنـم لصاحب الزرع, فـانصرفـا, فمرّا
بسلـيـمان, فقال: بـماذا قضى بـينكما نبـيّ الله؟ فقالا: قضى بـالغنـم لصاحب
الزرع. فقال: إن الـحكم لعلـى غير هذا, انصرفـا معي فأتـى أبـاه داود, فقال: يا
نبـيّ الله, قضيت علـى هذا بغنـمه لصاحب الزرع؟ قال نعم. قال: يا نبـيّ الله, إن
الـحكم لعلـى غير هذا. قال: وكيف يا نُبـيّ الله؟ قال: تدفع الغنـم إلـى صاحب
الزرع فـيصيب من ألبـانها وسمُونها وأصوافها, وتدفع الزرع إلـى صاحب الغنـم يقوم
علـيه, فإذا عاد الزرع إلـى حالة التـي أصابته الغنـم علـيها رُدّت الغنـم علـى
صاحب الغنـم ورُدّ الزرع إلـى صاحب الزرع. فقال داود: لا يقطع الله فَمَك فقضى
بـما قضى سلـيـمان. قال الزهريّ: فذلك قوله: وَدَاوُدَ وَسُلَـيْـمانَ إذْ
يَحْكُمانِ فِـي الـحَرْثِ... إلـى قوله: حُكْما وَعِلْـما.



18672ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة,
وعلـيّ بن مـجاهد, عن مـحمد بن إسحاق, قال: فحدثنـي من سمع الـحسن يقول: كان
الـحكم بـما قضى به سلـيـمان, ولـم يعنّف الله داود فـي حكمه.



وقوله: وَسَخّرْنا مَعَ دَاوُدَ الـجِبـالَ
يُسَبّحْنَ والطّيْرَ يقول تعالـى ذكره: وسخرنا مع داود الـجبـال والطير يسبحن معه
إذا سبح.



وكان قَتادة يقول فـي معنى قوله: يُسَبّحْنَ
فـي هذا الـموضع ما:



18673ـ حدثنا به بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: وَسَخّرْنا مَعَ دَاوُدَ الـجبـالَ يُسَبّحْنَ
والطّيْرَ: أي يصلـين مع داود إذا صلـى.



وقوله: وكُنّا فـاعِلِـينَ يقول: وكنا قد قضينا
أنا فـاعلو ذلك, ومسخروا الـجبـال والطير فـي أمّ الكتاب مع داود علـيه الصلاة
والسلام.






الآية : 80


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَعَلّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مّن
بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وعلـمنا داود صنعة لَبوس
لكم, واللّبوس عند العرب: السلاح كله, درعا كان أو جَوْشنا أو سيفـا أو رمـحا,
يدلّ علـى ذلك قول الهُذلـيّ:



وَمَعِي لَبُوسٌ لِلّبِـيسِ كأنّهُرَوْقٌ
بِجَبْهَةِ ذِي نِعاجٍ مُـجْفِلِ



وإنـما يصف بذلك رمـحا. وأما فـي هذا الـموضع
فإن أهل التأويـل قالوا: عنـي الدروع. ذكر من قال ذلك:



18674ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: وَعَلّـمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ.... الاَية, قال:
كانت قبل داود صفـائح, قال: وكان أوّل من صنع هذا الـحلق وسرد داود.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن قتادة: وَعَلّـمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ قال: كانت صفـائح,
فأوّل من سَرَدَها وحَلّقها داود علـيه السلام.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله:
لِتُـحْصِنَكُمْ فقرأ ذلك أكثر قرّاء الأمصار: «لِـيُحْصِنَكُمْ» بـالـياء,
بـمعنى: لـيحصنكم اللّبوس من بأسكم, ذَكّروه لتذكير اللّبوس. وقرأ ذلك أبو جعفر
يزيد بن القعقاع: لِتُـحْصِنَكُمْ بـالتاء, بـمعنى: لتـحصنكم الصنعة, فأنث لتأنـيث
الصنعة. وقرأ شيبة بن نصاح وعاصم بن أبـي النّـجود: «لِنُـحْصِنَكُمْ» بـالنون,
بـمعنى: لنـحصنكم نـحن من بأسكم.



قال أبو جعفر: وأولـى القراءات فـي ذلك
بـالصواب عندي قراءة من قرأه بـالـياء, لأنها القراءة التـي علـيها الـحجة من
قرّاء الأمصار, وإن كانت القراءات الثلاث التـي ذكرناها متقاربـات الـمعانـي وذلك
أن الصنعة هي اللبوس, واللّبوس هي الصنعة, والله هو الـمـحصن به من البأس, وهو
الـمـحصن بتصيـير الله إياه كذلك. ومعنى قوله: «لِـيُحْصِنَكُمْ» لـيحرزَكم, وهو
من قوله: قد أحصن فلان جاريته. وقد بـيّنا معنى ذلك بشواهده فـيـما مضى قبل.
والبأس: القتال, وعلّـمنا داود صنعة سلاح لكم لـيحرزكم إذا لبستـموه ولقـيتـم فـيه
أعداءكم من القتل.



وقوله: فَهَلْ أنْتُـمْ شاكُرونَ يقول: فهل
أنتـم أيها الناس شاكروا الله علـى نعمته علـيكم بـما علّـمكم من صنعة اللبوس
الـمـحصِن فـي الـحرب وغير ذلك من نعمه علـيكم, يقول: فـاشكرونـي علـى ذلك.



الآية : 81


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى
الأرْضِ الّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنّا بِكُلّ شَيْءٍ عَالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَ سخرنا لِسُلَـيْـمانَ بن
داود الرّيحَ عاصِفَةً وعصوفُها: شدة هبوبها تَـجْرِي بأمْرِهِ إلـى الأرْضِ التـي
بـارَكْنا فِـيها يقول: تـجري الريح بأمر سلـيـمان إلـى الأَرْضِ الّتـي
بَـارَكْنا فـيها يعنـي: إلـى الشام وذلك أنها كانت تـجري بسلـيـمان وأصحابه إلـى
حيث شاء سلـيـمان, ثم تعود به إلـى منزله بـالشام, فلذلك قـيـل: إلـى الأرْضِ
التـي بـارَكْنا فِـيها. كما:



18675ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
مـحمد بن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه قال: كان سلـيـمان إذا خرج
إلـى مـجلسه عكفت علـيه الطير, وقام له الـجنّ والإنس حتـى يجلس إلـى سريره. وكان
امرءا غزّاءً, قلـما يقعد عن الغزو, ولا يسمع فـي ناحية من الأرض بـملك إلا أتاه
حتـى يذله. وكان فـيـما يزعمون إذا أراد الغزو, أمر بعسكره فضَرب له بخشب, ثم نصب
له علـى الـخشب, ثم حمل علـيه الناس والدوابّ وآلة الـحرب كلها, حتـى إذا حمل معه
ما يريد أمر العاصف من الريح, فدخـلت تـحت ذلك الـخشب فـاحتـملته, حتـى إذا استقلت
أمر الرّخاء, فمدّته شهرا فـي روحته وشهرا فـي غدوته إلـى حيث أراد, يقول الله عزّ
وجلّ: فَسَخّرْنا لَهُ الرّيحَ تَـجْرِي بأمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أصَابَ قال:
وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ غُدُوّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ. قال: فذكر لـي أن
منزلاً بناحية دجلة مكتوب فـيه كتاب كتبه بعض صحابة سلـيـمان, إما من الـجنّ وإما
من الإنس. نـحن نزلناه وما بنـيناه, ومبنـيّا وجدناه, غدونا من إصطخر فِقلناه,
ونـحن راحلون منه إن شاء الله قائلون الشام.



18676ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: ولِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ عاصِفَةً... إلـى قوله: وكُنّا
لَهُمْ حافِظِينَ قال: ورث الله سلـيـمان داود, فورثه نبوّته وملكه وزاده علـى ذلك
أن سخر له الريح والشياطين.



18677ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله: وَلِسُلَـيْـمانَ الرّيحَ عَاصِفَةً تَـجْرِي بأمْرِهِ قال:
عاصفة شديدة تَـجْرِي بأمْرِهِ إلـى الأرْضِ التـي بَـارَكْنا فـيها قال: الشام.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَلِسُلَـيْـمانَ
الرّيحَ فقرأته عامة قرّاء الأمصار بـالنصب علـى الـمعنى الذي ذكرناه. وقرأ ذلك
عبد الرحمن الأعرج: «الرّيحُ» رفعا بـالكلام فـي سلـيـمان علـى ابتداء الـخبر عن
أن لسلـيـمان الريح.



قال أبو جعفر: والقراءة التـي لا أستـجيز
القراءة بغيرها فـي ذلك ما علـيه قرّاء الأمصار لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه.



وقوله: وكُنّا بِكُلّ شَيْءٍ عالِـمِينَ يقول:
وكنا عالـمين بأن فعلنا ما فعلنا لسلـيـمان من تسخيرنا له وإعطائنا ما أعطيناه من
الـملك وصلاح الـخـلق, فعلـى علـم منا بـموضع ما فعلنا به من ذلك فعلنا, ونـحن عالـمون
بكلّ شيء لا يخفـي علـينا منه شيء.



الآية : 82


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمِنَ الشّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً
دُونَ ذَلِكَ وَكُنّا لَهُمْ حَافِظِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وسخرنا أيضا لسلـيـمان من
الشياطين من يغوصون له فـي البحر, ويعملون عملاً دون ذلك من البنـيان والتـماثـيـل
والـمـحاريب. وكُنّا لَهُمْ حافِظِينَ يقول: وكنا لأعمالهم ولأعدادهم حافظين, لا
يئودنا حفظ ذلك كله.



الآية : 83
و 84



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَأَيّوبَ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ أَنّي مَسّنِيَ الضّرّ وَأَنتَ
أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مّعَهُمْ
رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىَ لِلْعَابِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: واذكر أيوب يا مـحمد, إذ نادى ربه وقد مسه الضرّ والبلاء. رَبّ إنّـي
مَسّنِـيَ الضّرّ وأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِين فَـاسْتَـجَبْنا لَهُ يقول تعالـى
ذكره: فـاستـجبنا لأيوب دعاءه إذ نادانا, فكشفنا ما كان به من ضرّ وبلاء وجهد.
وكان الضرّ الذي أصابه والبلاء الذي نزل به, امتـحانا من الله له واختبـارا. وكان
سبب ذلك كما:


18678ـ
حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر البخاريّ, قال: حدثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم بن
هشام, قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل, قال: سمعت وهب بن منبه يقول: كان بدء أمر أيوب
الصديق صلوات الله علـيه, أنه كان صابرا نعم العبد. قال وهب: إن لـجبريـل بـين يدي
الله مقاما لـيس لأحد من الـملائكة فـي القُربة من الله والفضيـلة عنده, وإن
جبريـل هو الذي يتلقـى الكلام, فإذا ذكر الله عبدا بخير تلقاه جبرائيـل منه ثم
تلقاه ميكائيـل, وحَوْله الـملائكة الـمقرّبون حافـين من حول العرش. وشاع ذلك فـي
الـملائكة الـمقرّبـين, صارت الصلاة علـى ذلك العبد من أهل السموات, فإذا صلت
علـيه ملائكة السموات, هبطت علـيه بـالصلاة إلـى ملائكة الأرض. وكان إبلـيس لا
يُحْجَب بشيء من السموات, وكان يقـف فـيهنّ حيث شاء ما أرادوا, ومن هنالك وصل إلـى
آدم حين أخرجه من الـجنة. فلـم يزل علـى ذلك يصعد فـي السموات, حتـى رفع الله عيسى
ابن مريـم, فحُجِب من أربع, وكان يصعد فـي ثلاث. فلـما بعث الله مـحمدا صلى الله
عليه وسلم, حُجِب من الثلاث البـاقـية, فهو مـحجوب هو وجميع جنوده من جميع السموات
إلـى يوم القـيامة إلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ فأتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ, ولذلك
أنكرت الـجنّ ما كانت تعرف حين قالت: وَأنّا لَـمَسْنا السّماءَ فَوَجَدْناها
مُلِئَتْ حَرَسا شَدِيدا... إلـى قوله: شِهابـا رَصَدا. قال وهب: فلـم يَرُعْ
إبلـيس إلا تـجاوبُ ملائكتها بـالصلاة علـى أيوب, وذلك حين ذكره الله وأثنى علـيه.
فلـما سمع إبلـيس صلاة الـملائكة, أدركه البغي والـحسد, وصعد سريعا حتـى وقـف من
الله مكانا كان يقـفه, فقال: يا إلهي, نظرت فـي أمر عبدك أيوب, فوجدته عبدا أنعمت
علـيه فشكرك, وعافَـيْتَهُ فحمدك, ثم لـم تـجرّبه بشدة ولـم تـجرّبه ببلاء, وأنا
لك زعيـم لئن ضربته بـالبلاء لـيكفرنّ بك ولـينسينك ولـيعبدنّ غيرك قال الله
تبـارك وتعالـى له: انطلق, فقد سلّطتك علـى ماله, فإنه الأمر الذي تزعم أنه من
أجله يشكرنـي, لـيس لك سلطان علـى جسده ولا علـى عقله فـانقضّ عدوّ الله, حتـى وقع
علـى الأرض, ثم جمع عفـاريت الشياطين وعظماءهم, وكان لأيوب البَثَنِـية من الشام
كلها, بـما فـيها من شرقها وغربها, وكان له بها ألف شاة برعاتها, وخمس مئة فدان
يتبعها خمس مئة عبد, لكل عبد امرأة وولد ومال, وحمل آلة كل فدان أتانٌ, لكل أتان
ولد من اثنـين وثلاثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك. فلـما جمع إبلـيس الشياطين, قال لهم:
ماذا عندكم من القوّة والـمعرفة؟ فإنـي قد سُلطت علـى مال أيوب, فهي الـمصيبة
الفـادحة, والفتنة التـي لا يصبر علـيها الرجال. قال عفريت من الشياطين: أعطيتُ من
القوّة ما إذا شئت تـحوّلت إعصارا من نار فأحرقت كل شيء آتـي علـيه. فقال له
إبلـيس: فأت الإبل ورُعاتَها. فـانطلق يؤمّ الإبل, وذلك حين وضعت رؤسها وثبتت فـي
مراعيها, فلـم تشعر الناس حتـى ثار من تـحت الأرض إعصار من نار تنفخ منها أرواح
السّموم, لا يدنو منها أحد إلا احترق, فلـم يزل يُحْرقها ورعاتَها حتـى أتـى علـى
آخرها فلـما فرغ منها تـمثل إبلـيس علـى قَعُود منها براعيها, ثم انطلق يؤم أيوب,
حتـى وجده قائما يصلـي, فقال: يا أيوب قال: لبـيك قال: هل تدري ما الذي صنع ربك
الذي اخترت وعبدت ووحدت بإبلك ورعاتها؟ قال أيوب: إنها ماله أعارنـيه, وهو أولـى
به إذا شاء نزعه, وقديـما ما وطّنْت نفسي ومالـي علـى الفناء. قال إبلـيس: وإن ربك
أرسل علـيها نارا من السماء فـاحترقت ورعاتَها, حتـى أتـى علـى آخر شيء منها ومن
رعاتها,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:20 pm

فتركت الناس
مبهوتـين, وهم وقوف علـيها يتعجبون, منهم من يقول: ما كان أيوب يعبد شيئا وما كان
إلا فـي غرور ومنهم من يقول: لو كان إله أيوب يقدر علـى أن يـمنع من ذلك شيئا
لـمنه ولـيه, ومنهم من يقول: بل هو فَعَل الذي فعل لـيشمت به عدوّه ولـيفجع به
صديقه. قال أيوب: الـحمد لله حين أعطانـي وحين نزع منـي, عُرْيانا خرجت من بطن
أمي, وعريانا أعود فـي التراب, وعريانا أحشر إلـى الله, لـيس ينبغي لك أن تفرح حين
أعارَك الله وتـجزع حين قبض عاريّته, الله أولـى بك وبـما أعطاك, ولو علـم الله
فـيك أيها العبد خيرا لنقل روحك مع ملك الأرواح, فآجرنـي فـيك وصرت شهيدا, ولكنه
علـم منك شرّا فأخرك من أجله فعرّاك الله من الـمصيبة وخـلصك من من البلاء كما
يخـلص الزّوان من القمـح الـخلاص.



ثم رجع إبلـيس إلـى أصحابه خاسئا ذلـيلاً, فقال
لهم: ماذا عندكم من القوّة, فإنـي لـم أَكُلِـم قلبه؟ قال عفريت من عظمائهم: عندي
من القوّة ما إذا شئت صِحت صوتا لا يسمعه ذو روح إلا خرجت مهجة نفسه. قال له
إبلـيس: فأت الغنـم ورعاتَها فـانطلق يؤمّ الغنـم ورعاتها, حتـى إذا وَسَطها صاح
صوتا جَثَمَتْ أمواتا من عند آخرها ورعاءَها. ثم خرج إبلـيس متـمثلاً بقَهْرمان
الرّعاء, حتـى إذا جاء أيوب وجده وهو قائم يصلـي, فقال له القول الأوّل, وردّ
علـيه أيوب الردّ الأوّل. ثم إن إبلـيس رجع إلـى أصحابه, فقال لهم: ماذا عندكم من القوّة,
فإنـي لـم أَكْلِـم قلب أيوب؟ فقال عفريت من عظمائهم: عندي من القوّة إذا شئت
تـحوّلت ريحا عاصفـا تنسف كل شيء تأتـي علـيه حتـى لا أبقـي شيئا. قال له إبلـيس:
فأت الفدادين والـحرث فـانطلق يؤمهم, وذلك حين قَرّبوا الفَدَادين وأنشئوا فـي
الـحرث, والأتن وأولادها رُتوع, فلـم يشعروا حتـى هبت ريح عاصف تنسف كل شيء من ذلك
حتـى كأنه لـم يكن. ثم خرج إبلـيس متـمثلاً بقهْرمان الـحَرْث, حتـى جاء أيوب وهو
قائم يصلـي, فقال له مثل قوله الأوّل, وردّ علـيه أيوب مثل ردّه الأوّل.



فلـما رأى إبلـيس أنه قد أفنى ماله ولـم ينـجح منه,
صعد سريعا, حتـى وقـف من الله الـموقـف الذي كان يقـفه فقال: يا إلهي, إن أيوب يرى
أنك ما متعته بنفسه وولده, فأنت معطيه الـمال, فهل أنت مسلطي علـى ولده؟ فإنها
الفتنة الـمضلّة, والـمصيبة التـي لا تقوم لها قلوب الرجال, ولا يقوى علـيها
صبرهم. فقال الله تعالـى له: انطلق, فقد سلّطتك علـى ولده, ولا سلطان لك علـى قلبه
ولا جسده ولا علـى عقله فـانقضّ عدوّ الله جوادا, حتـى جاء بنـي أيوب وهم فـي
قصرهم, فلـم يزل يزلزل بهم حتـى تداعى من قواعده, ثم جعل يناطح الـجُدُر بعضها
ببعض, ويرميهم بـالـخشب والـجندل, حتـى إذا مَثّل بهم كل مُثْلة, رفع بهم القصر,
حتـى إذا أقّلة بهم فصاروا فـيه منكّسين, انطلق إلـى أيوب متـمثلاً بـالـمعلّـم
الذي كان يعلـمهم الـحكمة, وهو جريج, مشدوخ الوجه يسيـل دمه ودماغه متغير لا يكاد
يعرف من شدّة التغير والـمُثْلة التـي جاء متـمثلاً فـيها. فلـما نظر إلـيه أيوب
هاله وحزن ودمعت عيناه, وقال له: يا أيوب, لو رأيت كيف أفلتّ من حيث أفلت والذي
رمانا به من فوقنا ومن تـحتنا, ولو رأيت بنـيك كيف عُذّبوا وكيف مُثّل بهم وكيف
قُلِبوا فكانوا منكّسين علـى رؤوسهم تسيـل دماؤهم ودماغهم من أنوفهم وأجوافهم
وتقطر من أشفـارهم, ولو رأيت كيف شُقّتْ بطونهم فتناثرت أمعاؤهم, ولو رأيت كيف
قُذِفوا بـالـخشب والـجندل يشدخ دماغهم, وكيف دقّ الـخشب عظامهم وخرق جلودهم وقطع
عصبهم, ولو رأيت العصب عُريانا, ولو رأيت العظام متهشمة فـي الأجواف, ولو رأيت
الوجوه مشدوخة, ولو رأيت الـجدُرُ تَناطَحُ علـيهم, ولو رأيت ما رأيت, قطع قلبك
فلـم يزل يقول هذا ونـحوه, ولـم يزل يرقّقه حتـى رقّ أيوب فبكي, وقبض قبضة من تراب
فوضعها علـى رأسه, فـاغتنـم إبلـيس (الفُرصة منه) عند ذلك, فصعد سريعا بـالذي كان
من جزع أيوب مسرورا به. ثم لـم يـلبث أيوب أن فـاء وأبصر, فـاستغفر, وصَعَد قرناؤه
من الـملائكة بتوبة منه, فبدروا إبلـيس إلـى الله, فوجدوه قد علـم بـالذي رُفع
إلـيه من توبة أيوب, فوقـف إبلـيس خازيا ذلـيلاً, فقال: يا إلهي, إنـما هوّن علـى
أيوب خَطَر الـمال والولد أنه يرى أنك ما متعته بنفسه فأنت تعيد له الـمال والولد,
فهل أنت مسلّطي علـى جسده؟ فأنا لك زعيـم لئن ابتلـيته فـي جسده لـينسينك,
ولـيكفرنّ بك, ولـيَجْحَدنّكّ نعمتك قال الله: انطلق فقد سلطتك علـى جسده, ولكن
لـيس لك سلطان علـى لسانه ولا علـى قلبه ولا علـى عقله.



فـانقضّ عدوّ الله جوادا, فوجد أيوب ساجدا,
فعجّل قبل أن يرفع رأسه, فأتاه من قِبَل الأرض فـي موضع وجهه, فنفخ فـي منـخره
نفخة اشتعل منها جسده, فترهّل, ونبتت (به) ثآلـيـل مثل ألـيات الغنـم, ووقعت فـيه
حِكّة لا يـملكها, فحكّ بأظفـاره حتـى سقطت كلها, ثم حكّ بـالعظام, وحكّ
بـالـحجارة الـخشنة وبقطع الـمُسوح الـخشنة, فلـم يزل يحكّه حتـى نَفِد لـحمه
وتقطع. ولـما نَغِل جلد أيوب وتغير وانتن, أخرحه أهل القرية, فجعلوه علـى تلّ
وجعلوا له عريشا. ورفضه خـلق الله غيرَ امرأته, فكانت تـختلف إلـيه بـما يُصلـحه
ويـلزمه. وكان ثلاثة من أصحابه اتبعوه علـى دينه فلـما رأوا ما ابتلاه الله به
رفضوه من غير أن يتركوا دينه واتهموه, يُقال لأحدهم بلدد, وألـيفز, وصافر. قال:
فـانطلق إلـيه الثلاثة وهو فـي بلائه, فبكّتوه فلـما سمع منهم أقبل علـى ربه, فقال
أيوب صلى الله عليه وسلم: ربّ لأيّ شيء خـلقتنـي؟ لو كنتَ إذْ كرهتنـي فـي الـخير
تركتنـي فلـم تـخـلقنـي يا لـيتنـي كنت حَيْضة ألقتنـي أمي ويا لـيتنـي مِتّ فـي
بطنها فلـم أعرف شيئا ولـم تعرفنـي ما الذنب الذي أذنبت لـم يذنبه أحد غيري؟ وما
العمل الذي عملت فصرفت وجهك الكريـم عنـي؟ لو كنت أمتنـي فألـحقتنـي بآبـائي
فـالـموت كان أجمل بـي, فأسوة لـي بـالسلاطين الذي صُفّت من دونهم الـجيوش, يضربون
عنهم بـالسيوف, بخلاً بهم عن الـموت وحرصا علـى بقائهم, أصبحوا فـي القبور جاثمين,
حتـى ظنوا أنهم سيخـلّدون. وأُسوة لـي بـالـملوك الذين كنزوا الكنوز, وطَمروا
الـمطامير, وجمعوا الـجموع, وظنوا أنهم سيخـلدون. وأُسوة لـي بـالـجبـارين الذين
بنوا الـمدائن والـحصون, وعاشوا فـيها الـمئين من السنـين, ثم أصبحت خرابـا, مأوى
للوحوش ومثنى للشياطين.



قال ألـيفز التـيـمانـي: قد أعيانا أمرك يا
أيوب, إن كلّـمناك فما نرجو للـحديث منك موضعا, وإن نسكت عنك مع الذي نرى فـيك من
البلاء, فذلك علـينا. قد كنا نرى من أعمالك أعمالاً كنا نرجو لك علـيها من الثواب
غير ما رأينا, فإنـما يحصد امرؤ ما زرع ويُجْزَى بـما عمل. أشهد علـى الله الذي لا
يُقْدر قدر عظمته ولا يُحْصَى عدد نعمه, الذي ينزل الـماء من السماء فـيحيـي به
الـميت ويرفع به الـخافض ويقوّي به الضعيف, الذي تضلّ حكمة الـحكماء عند حكمته
وعلـم العلـماء عند علـمه حتـى تراهم من العيّ فـي ظلـمة يـموجون, أن من رجا معونة
الله هو القويّ, وإن من توكل علـيه هو الـمكفـيّ, هو الذي يكسر ويجبر ويجرح ويداوي



قال أيوب: لذلك سكتّ فعَضِضْت علـى لسانـي
ووضعت لسوء الـخدمة رأسي لأنـي علـمت أن عقوبته غيرت نور وجهي, وأن قوّته نزعت
قوّة جسدي, فأنا عبده, ما قضي علـيّ أصابنـي, ولا قوّة لـي إلا ما حمل علـيّ لو
كانت عظامي من حديد وجسدي من نُـحاس وقلبـي من حجارة, لـم أطق هذا الأمر, ولكن هو
ابتلانـي وهو يحمله عنـي أتـيتـمونـي غِضابـا, رهبتـم قبل أن تسترهبوا, وبكيتـم من
قبل أن تُضربوا, كيف بـي لو قلت لكم: تصدّقوا عنـي بأموالكم لعلّ الله أن
يخـلصنـي, أو قرّبوا عنـي قربـانا لعلّ الله أن يتقبله منـي ويرضى عنـي؟ إذا
استـيقظت تـمنّـيت النوم رجاء أن أستريح, فإذا نـمت كادت تـجود نفسي. تقطّعت
أصابعي, فإن لأرفع اللقمة من الطعام بـيديّ جميعا فما تبلغان فمي إلا علـى الـجهد
منـي, تساقطت لَهَواتـي ونـخر رأسي, فما بـين أذنـيّ من سداد, حتـى إن إحداهما
لُترى من الأخرى, وإن دماغي لـيسيـل من فمي. تساقط شعري عنـي, فكأنـما حُرّق
بـالنار وجهي, وحدقتاي هما متدلـيتان علـى خدي, ورمّ لسانـي حتـى ملأ فمي, فما
أُدخـل فـيه طعاما إلا غصنـي, وورمت شفتاي حتـى غطّت العلـيا أنفـي والسفلـى
ذقنـي. تقطّعت أمعائي فـي بطنـي, فإنـي لأدخـل الطعام فـيخرج كما دخـل, ما أحسه
ولا ينفعنـي. ذهبت قوّة رجلـيّ, فكأنهما قِرْبتا ماء مُلئتا, لا أطيق حملهما. أحمل
لـحافـي بـيديّ, وأسنانـي فما أطيق حمله حتـى يحمله معي غيري. ذهب الـمال فصرت
أسأل بكفـي, فـيطعمنـي من كنت أعوله اللقمةَ الواحدة, فـيـمّنها علـيّ ويعيّرنـي.
هلك بَنـيّ وبناتـي, ولو بقـي منهم أحد أعاننـي علـى بلائي ونفعنـي. ولـيس العذاب
بعذاب الدنـيا, إنه يزول عن أهلها, ويـموتون عنه, ولكن طوبَى لـمن كانت له راحة
فـي الدار التـي لا يـموت أهلها, ولا يتـحوّلون عن منازلهم, السعيد من سعد هنالك
والشقـيّ من شقـي فـيها



قال بِلدد: كيف يقوم لسانك بهذا القول وكيف
تفصِح به؟ أتقول إن العدْل يجور, أم تقول إن القويّ يضعف؟ ابْكِ علـى خطيئتك,
وتضرّع إلـى ربك عسى أن يرحمك ويتـجاوز عن ذنبك, وعسى إن كنت بريئا أن يجعل هذا لك
ذخرا فـي آخرتك وإن كان قلبك قد قسا فإن قولنا لن ينفعك, ولن يأخذ فـيك هيهات أن
تنبت الاَجام فـي الـمفـاوز, وهيهات أن ينبت البَرْديّ فـي الفلاة من توكل علـى
الضعيف كيف يرجو أن يـمنعه, ومن جحد الـحقّ كيف يرجو أن يوفّـىَ حقه؟



قال أيوب: إنـي لأعلـم أن هذا هو الـحقّ, لن
يَفْلُـج العبد علـى ربه ولا يطيق أن يخاصمه, فأيّ كلام لـي معه وإن كان إلـيّ
القوّة؟ هو الذي سَمَك السماء فأقامها وَحْده, وهو الذي يكشطها إذا شاء فتنطوي له,
وهو الذي سطح الأرض فدحاها وحده, ونصب فـيها الـجبـال الراسيات, ثم هو الذي
يزلزلها من أصولها حتـى تعود أسافلها أعالـيها وإن كان فـيّ الكلام, فأيّ كلام لـي
معه؟ من خـلق العرش العظيـم بكلـمة واحدة, فحشاه السموات والأرض وما فـيهما من
الـخـلق, فوسعه وهو فـي سعة واسعة, وهو الذي كلّـم البحار ففهمت قوله وأمرها فلـم
تعْد أمره, وهو الذي يفقه الـحِيتان والطير وكل دابّة, وهو الذي يكلـم الـموتـى
فـيحيـيهم قوله, ويكلـم الـحجارة فتفهم قوله ويأمرها فتطيعه.



قال ألـيفز: عظيـم ما تقول يا أيوب, إن الـجلود
لتقشعرّ من ذكر ما تقول, إن ما أصابك ما أصابك بغير ذنب أذنبته, مثل هذه الـحدّة
وهذا القول أنزلك هذه الـمنزلة عظُمت خطيئتك, وكثر طلابك, وغَصَبْت أهل الأموال
علـى أموالهم, فلبست وهم عراة, وأكلتَ وهم جياع, وحبست عن الضعيف بـابك, وعن الـجائع
طعامك, وعن الـمـحتاج معروفك, وأسررت ذلك وأخفـيته فـي بـيتك, وأظهرت أعمالاً كنا
نراك تعملها, فظننت أن الله لا يَجزيك إلا علـى ما ظهر منك, وظنت أن الله لا يطلع
علـى ما غيبت فـي بـيتك, وكيف لا يطّلع علـى ذلك وهو يعلـم ما غيّبت الأرضون وما
تـحت الظلـمات والهواء؟



قال أيوب صلى الله عليه وسلم: إن تكلـمتُ لـم
ينفعنـي الكلام, وإن سكتّ لـم تعذرونـي قد وقع علـيّ كَيْدي, وأسخطت ربـي
بخطيئتـي, وأشمتّ أعدائي, وأمكنتهم من عنقـي, وجعلتنـي للبلاء غَرَضا, وجعلتنـي
للفتنة نُصْبـا لـم تنفسنـي مع ذلك, ولكن أتبعنـي ببلاء علـى إثر بلاء. ألـم أكن
للغريب دارا, وللـمسكين قرارا, وللـيتـيـم ولـيّا, وللأرملة قَـيّـما؟ ما رأيت
غريبـا إلا كنت له دارا مكان داره وقرارا مكان قراره, ولا رأيت مسكينا إلا كنت له
مالاً مكان ماله وأهلاً مكان أهله, وما رأيت يتـيـما إلا كنت له أبـا مكان أبـيه,
وما رأيت أَيّـما إلا كنت لها قـيّـما ترضَى قـيامه. وأنا عبد ذلـيـل, إن أحسنت
لـم يكن لـي كلام بإحسان, لأن الـمنّ لربـي ولـيس لـي, وإن أسأت فبـيده عقوبتنـي
وقد وقع علـيّ بلاء لو سلّطته علـى جبل ضعف عن حمله, فكيف يحمله ضعفـي؟



قال ألـيفز: أتـحاجّ الله يا أيوب فـي أمره, أم
تريد أن تناصفه وأنت خاطىء, أو تبرئها وأنت غير بريء؟ خـلق السموات والأرض
بـالـحقّ, وأحصى ما فـيهما من الـخـلق, فكيف لا يعلـم ما أسررت, وكيف لا يعلـم ما
عملت فـيجزيَك به؟ وضع الله ملائكة صفوفـا حول عرشه وعلـى أرجاء سمواته, ثم احتـجب
بـالنور, فأبصارهم عنه كلـيـلة, وقوّتهم عنه ضعيفة, وعزيزهم عنه ذلـيـل, وأنت تزعم
أن لو خاصمك وأدلـي إلـى الـحكم معك, وهل تراه فتناصفه؟ أم هل تسمعه فتـحاوره؟ قد
عرفنا فـيك قضاءه, إنه من أراد أن يرتفع وضعه, ومن اتّضع له رفعه.


قال أيوب
صلى الله عليه وسلم: إن أهلكنـي فمن ذا الذي يعرض له فـي عبده ويسأله عن أمره؟ لا
يردّ غضبه شيء إلا رحمته, ولا ينفع عبده إلا التضرّع له قال: ربّ أقبل علـيّ
برحمتك, وأعلـمنـي ما ذنبـي الذي أذنبت أو لأيّ شيء صرفت وجهك الكريـم عنـي,
وجعلتنـي لك مثل العدوّ وقد كنت تكرمنـي؟ لـيس يغيب عنك شيء تُـحصى قَطْر الأمطار
وورق الأشجار وذرّ التراب, أصبح جلدي كالثوب العفن, بأيه أمسكت سقط فـي يدي, فهب
لـي قُربـانا من عندك, وفرجا من بلائي, بـالقدرة التـي تبعث موتـى العبـاد وتنشر
بها ميت البلاد, ولا تهلكنـي بغير أن تعلـمنـي ما ذنبـي, ولا تُفسد عمل يديك وإن
كنت غنـيّا غنـي لـيس ينبغي فـي حكمك ظلـم, ولا فـي نقمتك عَجَل, وإنـما يحتاج
إلـى الظلـم الضعيف, وإنـما يعجل من يخاف الفوت ولا تذكرنـي خطئي وذنوبـي, اذكر
كيف خـلقتنـي من طين فجعلتنـي مضغة, ثم خـلقت الـمضغة عظاما, وكسوت العظام لـحما
وجلدا, وجعلت العصب والعروق لذلك قَواما وشدّة, وربّـيتنـي صغيرا, ورزقتنـي
كبـيرا, ثم حفظت عهدك وفعلت أمرك فإن أخطأت فبـين لـي ولا تهلكنـي غمّا, وأعلـمنـي
ذنبـي فإن لـم أرضك فأنا أهل أن تعذّبنـي, وإن كنت من بـين خـلقك تـحصي علـيّ
عملـي, وأستغفرك فلا تغفر لـي. إن أحسنت لـم أرفع رأسي, وإن أسأت لـم تبلعنـي
ريقـي ولـم تُقِلنـي عثرتـي, وقد ترى ضعفـي تـحتك وتضرّعي لك, فلـم خـلقتنـي؟ أو
لـم أخرجتنـي من بطن أمي؟ لو كنت كمن لـم يكن لكان خيرا لـي, فلـيست الدنـيا عندي
بخطر لغضبك, ولـيس جسدي يقوم بعذابك, فـارحمنـي وأذقنـي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:20 pm

طعم العافـية من قبل
أن أصير إلـى ضيق القبر وظلـمة الأرض وغمّ الـموت



قال صافر: قد تكلـمت يا أيوب وما يطيق أحد أن
يحبس فمك تزعم أنك بريء, فهل ينفعك إن كنت بريئا وعلـيك من يحصي عملك؟ وتزعم أنك
تعلـم أن الله يغفر لك ذنوبك, هل تعلـم سَمْك السماء كم بعده؟ أم هل تعلـم عمق
الهواء كم بعده؟ أم هل تعلـم أيّ الأرض أعرضُها؟ أم عندك لها من مقدار تقدرها به؟
أم هل تعلـم أيّ البحر أعمقه؟ أم هل تعلـم بأيّ شيء تـحبسه؟ فإن كنت تعلـم هذا
العلـم وإن كنت لا تعلـمه, فإن الله خـلقه وهو يحصيه, لو تركت كثرة الـحديث وطلبت
إلـى ربك رجوتَ أن يرحمك, فبذلك تستـخرج رحمته, وإن كنت تقـيـم علـى خطيئتك وترفع
إلـى الله يديك عند الـحاجة وأنت مُصِرّ علـى ذنبك إصرار الـماء الـجاري فـي صَبَب
لا يستطاع إحبـاسه, فعند طلب الـحاجات إلـى الرحمن تسودّ وجوه الأشرار وتظلـم
عيونهم, وعند ذلك يُسرّ بنـجاح حوائجهم الذين تركوا الشهوات تزينا بذلك عند ربهم,
وتقدّموا فـي التضرّع, لـيستـحقوا بذلك الرحمة حين يحتاجون إلـيها, وهم الذين
كابدوا اللـيـل واعتزلوا الفرش وانتظروا الأسحار.



قال أيوب: أنتـم قوم قد أعجبتكم أنفسكم, وقد
كنت فـيـما خلا والرجال يُوَقّروننـي, وأنا معروف حقـي, مُنْتَصِفٌ من خصمي, قاهر
لـمن هو الـيوم يقهرنـي, يسألنـي عن علـم غيب الله لا أعلـمه, ويسألنـي, فلعمري ما
نصح الأخ لأخيه حين نزل به البلاء كذلك, ولكنه يبكي معه. وإن كنت جادّا فإن عقلـي
يقصر عن الذي تسألنـي عنه, فسل طير السماء هل تـخبرك؟ وسل وحوش الأرض هل تَرْجِع
إلـيك؟ وسل سبـاع البرية هل تـجيبك؟ وسل حيتان البحر هل تصف لك كل ما عددت؟ تعلـم
أنّ صنع هذا بحكمته وهيأه بلطفه. أما يعلـم ابن آدم من الكلام ما سمع بأذنـيه وما
طعم بفـيه وما شمّ بأنفه؟ وأن العلـم الذي سألت عنه لا يعلـمه إلا الله الذي
خـلقه, له الـحكمة والـجبروت وله العظمة واللطف وله الـجلال والقدرة؟ إن أفسد فمن
ذا الذي يصلـح؟ وإن أعجم فمن ذا الذي يُفْصِح؟ إن نظر إلـى البحار يبست من خوفه,
وإن أذن لها ابتلعت الأرض, فإنـما يحملها بقدرته هو الذي تبهت الـملوك عند ملكه,
وتطيش العلـماء عند علـمه, وتعيا الـحكماء عند حكمته, ويخسأ الـمبطلون عند سلطانه.
هو الذي يذكر الـمنسيّ, وينسى الـمذكور, ويجري الظلـمات والنور. هذا علـمي, وخـلقه
أعظم من أن يحصيه عقلـي, وعظمته أعظم من أن يقدرها مثلـي.



قال بِلدد: إن الـمنافق يُجْزَى بـما أسرّ من
نفـاقه, وتضلّ عنه العلانـية التـي خادع بها, وتوكل علـى الـجزاء بها الذي عملها,
ويهلك ذكره من الدنـيا ويظلـم نوره فـي الاَخرة, ويوحش سبـيـله, وتوقعه فـي
الأحبولة سريرته, وينقطع اسمه من الأرض, فلا ذكر فـيها ولا عمران, لا يرثه ولد
مصلـحون من بعده, ولا يبقـى له أصل يعرف به, ويبهت من يراه, وتقـف الأشعار عند
ذكره



قال أيوب: إن أكن غويّا فعلـيّ غواي, وإن أكن
بريّا فأيّ منعة عندي؟ إن صرخت فمن ذا الذي يُصْرخنـي؟ وإن سكت فمن ذا الذي
يَعْذِرنـي؟ ذهب رجائي, وانقضت أحلامي, وتنكرت لـي معارفـي دعوت غلامي فلـم
يجبنـي, وتضرّعت لأمتـي فلـم ترحمنـي, وقع علـيّ البلاء فرفضونـي, أنتـم كنتـم
أشدّ علـيّ من مصيبتـي. انظروا وابْهَتوا من العجائب التـي فـي جسدي أما سمعتـم
بـما أصابنـي وما شغلكم عنـي ما رأيتـم بـي؟ لو كان عبد يخاصم ربه, رجوت أن أتغلب
عند الـحكم, ولكن لـي ربّـا جبـارا تعالـى فوق سمواته, وألقانـي ها هنا, وهُنْت
علـيه, لا هو عذرنـي بعذري, ولا هو أدنانـي فأخاصم عن نفسي. يسمعنـي ولا أسمعه
ويرانـي ولا أراه, وهو مـحيط بـي, ولو تـجلـى لـي لذابت كلـيتاي, وصَعِق روحي, ولو
نفسنـي فأتكلـم بـملء فمي ونزع الهيبة منـي, علـمت بأيّ ذنب عذّبنـي



نودي فقـيـل: يا أيوب قال: لبـيك قال: أنا هذا
قد دنوت منك, فقم فأشدد إزارك, وقم مقام جبـار, فإنه لا ينبغي لـي أن يخاصمنـي إلا
جبـار مثلـي, ولا ينبغي أن يخاصمنـي إلا من يجعل الزمام فـي فم الأسد, والسّخال
فـي فم العنقاء, واللـحم فـي فم التّنـين, ويكيـل مكيالاً من النور, ويزن مثقالاً
من الريح, ويصُر صُرّة من الشمس, ويردّ أمس لغد لقد منّتك نفسك أمرا ما يبلغ بـمثل
قوّتك, ولو كنت إذ منّتك نفسك ذلك ودعتك إلـيه, تذكرت أيّ مرام رامت بك أردت أن
تـخاصمنـي بغيك, أم أردت أن تـحاجّنـي بخطئك, أم أردت أن تكاثرنـي بضعفك؟ أين كنت
منـي يوم خـلقت الأرض فوضعتها علـى أساسها؟ هل علـمت بأيّ مقدار قَدَرْتها؟ أم كنت
معي تـمرّ بأطرافها؟ أم تعلـم ما بُعْد زواياها؟ أم علـى أيّ شيء وضعت أكنافها؟
أبطاعتك حمل الـماء الأرض, أم بحكمتك كانت الأرض للـماء غطاء؟ أين كنت منـي يوم
رفعت السماء سقـفـا فـي الهواء لا بعلائق ثبتت من فوقها, ولا يحملها دعائم من
تـحتها؟ هل يبلغ من حكمتك أن تـجري نورها, أو تسير نـجومها, ألأ يختلف بأمرك
لـيـلها ونهارها؟ أين كنت منـي يوم سجرت البحار وأنبعت الأنهار؟ أقدرتك حبست أمواج
البحار علـى حدودها, أم قدرتك فتـحت الأرحام حين بلغت مدتها؟ أين أنت منـي يوم صببت
الـماء علـى التراب, ونصبت شوامخ الـجبـال؟ هل لك من ذراع تطيق حملها؟ أم هل تدري
كم من مثقال فـيها؟ أم أين الـماء الذي أنزل من السماء؟ هل تدري أمّ تلده أو أب
يولده؟ أحكمتك أحصت القطر وقسمت الأرزاق, أم قدرتك تثـير السحاب وتغشيه الـماء؟ هل
تدري ما أصوات الرعود؟ أم من أيّ شيء لهب البروق؟ هل رأيت عمق البحور؟ أم هل تدري
ما بُعد الهواء؟ أم هل خزنت أرواح الأموات؟ أم هل تدري أين خزانة الثلـج, أو أين
خزائن البر, أم أين جبـال البرد؟ أم هل تدري أين خزانة اللـيـل بـالنهار, وأين
خزانة النهار بـاللـيـل, وأين طريق النور, وبأيّ لغة تتكلـم الأشجار, وأين خزانة
الريح, وكيف تـحبسه الأغلاق, ومن جعل العقول فـي أجواف الرجال, ومن شقّ الأسماع
والأبصار, ومن ذلّت الـملائكة لـملكه وقهر الـجبـارين بجبروته وقسم أرزاق الدوابّ
بحكمته؟ ومن قسم للأسد أرزاقها وعرّف الطير معايشها وعطفها علـى أفراخها؟ من أعتق
الوحش من الـخدمة, وجعل مساكنها البرية لا تستأنس بـالأصوات ولا تهاب الـمسلطين؟
أمن حكمتك تفرّعت أفراخ الطير وأولاد الدّوابّ لأمهاتها؟ أم من حكمتك عطفت أمهاتها
علـيها, حتـى أخرجت لها الطعام من بطونها, وآثرتها بـالعيش علـى نفوسها؟ أم من
حكمتك يبصر العُقاب, فأصبح فـي أماكن القتلـى؟ أين أنت منـي يوم خـلقت بهموت,
مكانه فـي منقطع التراب, والوتـينان يحملان الـجبـال والقرى والعمران, آذانهما
كأنها شجر الصنوبر الطوال, رؤسهما كأنها آكام الـجبـال, وعروق أفخاذهما كأنها
أوتاد الـحديد, وكأن جلودهما فِلَق الصخور, وعظامهما كأنها عَمَد النـحاس, هما
رأسا خـلقـي الذين خـلقت للقتال, أأنت ملأن جلودهما لـحما؟ أم أنت ملأت رؤسهما
دماغا؟ أم هل لك فـي خـلقهما من شرك؟ أم لك بـالقوّة التـي عملتهما يدان؟ أو هل
يبلغ من قوّتك أن تـخطم علـى أنوفهما, أو تضع يدك علـى رؤسهما, أو تقعد لهما علـى
طريق فتـحبسهما, أو تصدّهما عن قوّتهما؟ أين أنت يوم خـلقت التّنـين ورزقه فـي
البحر ومسكنه فـي السحاب؟ عيناه تَوَقّدان نارا, ومنـخراه يثوران دخانا, أذناه مثل
قوس السحاب, يثور منهما لهب كأن إعصار العجاج, جوفه يحترق ونَفَسه يـلتهب, وزبده
كأمثال الصخور, وكأن صريف أسنانه صوت الصواعق, وكأن نظر عينـيه لهب البرق, أسراره
لا تدخـله الهموم, تـمرّ به الـجيوش وهو متكىء, لا يفزعه شيء لـيس فـيه مفصل
(زُبَر) الـحديد عنده مثل التبن, والنـحاس عنده مثل الـخيوط, لا يفزع من
النّشّابٍ, ولا يحسّ وقع الصخور علـى جسده, ويضحك من النـيازك, ويسير فـي الهواء
كأنه عصفور, ويهلك كلّ شيء يـمرّ به ملك الوحوش, وإياه آثرت بـالقوّة علـى خـلقـي
هل أنت آخذه بأحبولتك فرابطه بلسانه أو واضع اللـجام فـي شدقه؟ أتظنه يوفـي بعهدك
أو يسبح من خوفك؟ هل تـحصي عمره أم هل تدري أجله أو تفوّت رزقه؟ أم هل تدري ماذا
خرّب من الأرض, أم ماذا يخرّب فـيـما بقـي من عمره؟ أتطيق غضبه حين يغضب أم تأمره
فـيطيعك؟ تبـارك الله وتعالـى



قال أيوب صلى الله عليه وسلم: قَصُرْت عن هذا
الأمر الذي تعرض لـي لـيت الأرض انشقت بـي فذهبت فـي بلائي ولـم أتكلـم بشيء يسخط
ربـي اجتـمع علـيّ البلاء إلهي جعلتنـي لك مثل العدوّ وقد كنت تكرمنـي وتعرف نصحي,
وقد علـمت أن الذي ذكرت صنع يديك وتدبـير حكمتك, وأعظم من هذا ما شئت عملت لا
يعجزك شيء ولا يخفـي علـيك خافـية ولا تغيب عنك غائبة, مَنْ هذا الذي يظنّ أن
يُسِرّ عنك سرّا, وأنت تعلـم ما يخطر علـى القلوب؟ وقد علـمت منك فـي بلائي هذا ما
لـم أكن أعلـم, وخفت حين بلوت أمرك أكثر مـما كنت أخاف. إنـما كنت أسمع بسطوتك
سمعا, فأمّا الاَن فهو بصر العين. إنـما تكلـمت حين تكلـمت لتعذرنـي وسكتّ حين
سكتّ لترحمنـي, كلـمة زلت فلن أعود. قد وضعت يديّ علـى فمي, وعضِضت علـى لسانـي,
وألصقت بـالتراب خدّي, ودست وجهي لصغاري, وسكتّ كما أسكتتنـي خطيئتـي, فـاغفر لـي
ما قلت فلن أعود لشيء تكرهه منـي



قال الله تبـارك وتعالـى: يا أيوب نفذ فـيك
علـمي, وبحلـمي صرفت عنك غضبـي, إذ خطئت فقد غفرت لك, ورددت علـيك أهلك ومالك ومثلهم
معهم, فـاغتسل بهذا الـماء, فإن فـيه شفـاءك, وقرّب عن صحابتك قُربـانا, واستغفر
لهم, فإنهم قد عصونـي فـيك


حدثنا
ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال: ثنـي مـحمد بن إسحاق, عمن لا يتهم, عن وهب بن
منبه الـيـمانـيّ, وغيره من أهل الكتب الأول: أنه كان من حديث أيوب أنه كان رجلاً
من الروم, وكان الله قد اصطفـاه ونبأه, وابتلاه فـي الغنى بكثرة الولد والـمال,
وبسط علـيه من الدنـيا فوسّع علـيه فـي الرزق. وكانت له البَثَنـية من أرض الشأم,
أعلاها وأسفلها وسهلها وجبلها. وكان له فـيها من أصناف الـمال كله, من الإبل
والبقر والغنـم والـخيـل والـحمير ما لا يكون للرجل أفضل منه فـي العِدّة والكثرة.
وكان الله قد أعطاه أهلاً وولدا من رجال ونساء. وكان برّا تقـيّا رحيـما
بـالـمساكين, يطعم الـمساكين ويحمل الأرامل ويكفُل الأيتام ويكرم الضيف ويبلّغ ابن
السبـيـل. وكان شاكرا لأنعم الله علـيه مؤديّا لـحقّ الله فـي الغنى قد امتنع من
عدوّ الله إبلـيس أن يصيب منه ما أصاب من أهل الغنى من العزّة والغفلة والسهو
والتشاغل عن أمر الله بـما هو فـيه من الدنـيا. وكان معه ثلاثة قد آمنوا به
وصدّقوه وعرفوا فضل ما أعطاه الله علـى من سواه, منهم رجل من أهل الـيـمن يقال له:
ألـيفز, ورجلان من أهل بلاده يقال لأحدهما: صوفر, وللاَخر: بلدد, وكانوا من بلاده
كهولاً. وكان لإبلـيس عدوّ الله منزل من السماء السابعة يقع به كلّ سنة موقعا يسأل
فـيه فصعد إلـى السماء فـي ذلك الـيوم الذي كان يصعد فـيه, فقال الله له أو قـيـل
له عن الله: هل قدرت من أيوب عبدي علـى شيء؟ قال: أي ربّ وكيف أقدر منه علـى شيء؟
أو إنـما ابتلـيتَه بـالرخاء والنعمة والسعة والعافـية, وأعطيته الأهل والـمال
والولد والغنى والعافـية فـي جسده وأهله وماله, فما له لا يشكرك ويعبدك ويطيعك وقد
صنعت ذلك به؟ لو ابتلـيته بنزع ما أعطيته لـحال عما كان علـيه من شكرك ولترك
عبـادتك, ولـخرج من طاعتك إلـى غيرها أو كما قال عدوّ الله. فقال: قد سلطتك علـى
أهله وماله وكان الله هو أعلـم به, ولـم يسلطه علـيه إلا رحمة لـيعظم له الثواب
بـالذي يصيبه من البلاء, ولـيجعله عبرة للصابرين وذكرى للعابدين فـي كل بلاء نزل
بهم, لـيتأسّوا به, ولـيرجوا من عاقبة الصبر فـي عَرَض الدنـيا ثواب الاَخرة وما
صنع الله بأيوب. فـانـحطّ عدوّ الله سريعا, فجمع عفـاريت الـجنّ ومَرَدة الشياطين
من جنوده, فقال: إنـي قد سُلّطت علـى أهل أيوب وماله, فماذا علـيكم؟ فقال قائل
منهم: أكون إعصارا فـيه نار, فلا أمرّ بشيء من ماله إلا أهلكته قال: أنت وذاك.
فخرج حتـى أتـى إبله, فأحرقها ورعاتَها جميعا. ثم جاء عدوّ الله إلـى أيوب فـي
صورة قـيّـمه علـيها وهو فـي مصلّـى فقال: يا أيوب أقبلت نار حتـى غشيت إبلك
فأحرقتها ومن فـيها غيري, فجئتك أخبرك بذلك. فعرفه أيوب, فقال: الـحمد لله الذي هو
أعطاها وهو أخذها الذي أخرجك منها كما يخرج الزّوان من الـحبّ النقـيّ. ثم انصرف
عنه, فجعل يصيب ماله مالاً مالاً حتـى مرّ علـى آخره, كلـما انتهى إلـيه هلاك مال
من ماله حمد الله وأحسن علـيه الثناء ورضي بـالقضاء, ووطّن نفسه بـالصبر علـى
البلاء. حتـى إذا لـم يبق له مال أتـى أهله وولده, وهم فـي قصر لهم معهم حَظْيانهم
وخدّامهم, فتـمثّل ريحا عاصفـا, فـاحتـمل القصر من نواحيه فألقاه علـى أهله وولده,
فشدخهم تـحته. ثم أتاه فـي صورة قَهْرمانه علـيهم, قد شدخ وجهه, فقال: يا أيوب قد
أتت ريح عاصف, فـاحتـملت القصر من نواحيه ثم ألقته علـى أهلك وولدك فشدختهم غيري,
فجئتك أخبرك ذلك. فلـم يجزع علـى شيء أصابه جزعه علـى أهله وولده, وأخذ ترابـا
فوضعه علـى رأسه, ثم قال: لـيت أمي لـم تلدنـي ولـم أك شيئا وسرّ بها عدوّ الله
منه فأصعد إلـى السماء جَذِلاً. وراجع أيوب التوبة مـما قال, فحمد الله, فسبقت
توبته عدوّ الله إلـى الله فلـما جاء وذكر ما صنع, قـيـل له قد سبقتك توبته إلـى
الله ومراجعته. قال: أي ربّ فسلطنـي علـى جسده قال: قد سلّطتك علـى جسده إلا علـى
لسانه وقلبه ونفسه وسمعه وبصره. فأقبل إلـيه عدوّ الله وهو ساجد, فنفخ فـي جسده
نفخة أشعل ما بـين قرنه إلـى قدمه كحريق النار, ثم خرج فـي جسده ثآلـيـل كألـيات
الغنـم, فحكّ بأظفـاره حتـى ذهبت, ثم بـالفَخّار والـحجارة حتـى تساقط لـحمه, فلـم
يبق منه إلا العروق والعصب والعظام عيناه تـجولان فـي رأسه للنظر وقبله للعقل,
ولـم يخـلص إلـى شيء من حشو البطن, لأنه لا بقاء للنفس إلا بها, فهو يأكل ويشرب
علـى التواء من حشوته, فمكث كذلك ما شاء الله أن يـمكث فحدثنا ابن حميد, قال:
حدثنا سلـمة عن ابن إسحاق, عن ابن دينار, عن الـحسن أنه كان يقول: مكث أيوب فـي
ذلك البلاء سبع سنـين وستة أشهر ملقـى علـى رماد مكنسة فـي جانب القرية قال وهب بن
منبه: ولـم يبق من أهله إلا امرأة واحدة تقوم علـيه وتكسب له, ولا يقدر عدوّ الله
منه علـى قلـيـل ولا كثـير مـما يريد. فلـما طال البلاء علـيه وعلـيها وسئمها
الناس, وكانت تكسب علـيه ما تطعمه وتسقـيه قال وهب بن منبه: فحُدثت أنها التـمست
له يوما من الأيام تطعمه, فما وجدت شيئا حتـى جزّت قَرْنا من رأسها فبـاعته برغيف,
فأتته به
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:21 pm

فعشته إياه, فلبث فـي
ذلك البلاء تلك السنـين, حتـى إن كان الـمارّ لـيـمرّ فـيقول: لو كان لهذا عند
الله خير لأراحه مـما هو فـيه حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال: فحدثنـي
مـحمد بن إسحاق, قال: وكان وهب بن منبه يقول: لبث فـي ذلك البلاء ثلاث سنـين لـم
يزد يوما واحدا فلـما غلبه أيوب فلـم يستطع منه شيئا, اعترض لامرأته فـي هيئة
لـيست كهيئة بنـي آدم فـي العظم والـجسم والطول علـى مركب لـيس من مراكب الناس, له
عظم وبهاء وجمال لـيس لها, فقال لها: أنت صاحبة أيوب هذا الرجل الـمبتلـي؟ قالت
نعم. قال: هل تعرفـيننـي؟ قالت لا. قال: فأنا إله الأرض وأنا الذي صنعت بصاحبك ما
صنعت, وذلك أنه عبد إله السماء وتركنـي فأغضبنـي, ولو سجد لـي سجدة واحدة رددت
علـيه وعلـيك كلّ ما كان لكما من مال وولد, فإنه عندي ثم أراها إياهم فـيـما ترى
ببطن الوادي الذي لقـيها فـيه. قال: وقد سمعت أنه إنـما قال: لو أن صاحبك أكل
طعاما ولـم يسمّ علـيه لعوفـي مـما به من البلاء, والله أعلـم. وأراد عدوّ الله أن
يأتـيه من قِبَلها. فرجعت إلـى أيوب, فأخبرته بـما قال لها وما أراها قال: أو قد
أتاك عدوّ الله لـيفتنك عن دينك؟ ثم أقسم إن الله عافـاه لـيضربها مئة ضربة فلـما
طال علـيه البلاء, جاءه أولئك النفر الذين كانوا معه قد آمنوا به وصدّقوه, معهم
فتـى حديث السنّ قد كان آمن به وصدّقه, فجلسوا إلـى أيوب ونظروا إلـى ما به من
البلاء, فأعظموا ذلك وفَظِعوا به, وبلغ من أيوب صلوات الله علـيه مـجهوده, وذلك
حين أراد الله أن يفرّج عنه ما به فلـما رأى أيوب ما أعظموا مـما أصابه, قال: أي
ربّ لأيّ شيء خـلقتنـي ولو كنت إذ قضيت علـيّ البلاء تركتنـي فلـم تـخـلقنـي؟
لـيتنـي كنت دما ألقتنـي أمي. ثم ذكر نـحو حديث ابن عسكر, عن إسماعيـل بن عبد
الكريـم, إلـى: وكابدوا اللـيـل, واعتزلوا الفراش, وانتظروا الأسحار ثم زاد فـيه:
أولئك الاَمنون الذي لا يخافون, ولا يهتـمون ولا يحزنون, فأين عاقبة أمرك يا أيوب
من عواقبهم؟



قال فتـى حضرهم وسمع قولهم ولـم يفطنوا له ولـم
يأبهوا لـمـجلسه, وإنـما قـيّضه الله لهم لـما كان من جورهم فـي الـمنطق وشططهم,
فأراد الله أن يصغر به إلـيهم أنفسهم وأن يسفّه بصغره لهم أحلامهم فلـما تكلـم
تـمادى فـي الكلام, فلـم يزدد إلا حكما. وكان القوم من شأنهم الاستـماع والـخشوع
إذا وُعظوا أو ذُكّروا فقال: إنكم تكلـمتـم قبلـي أيها الكهول, وكنتـم أحقّ
بـالكلام وأولـى به منـي لـحقّ أسنانكم, ولأنكم جرّبتـم قبلـي ورأيتـم وعلـمتـم ما
لـم أعلـم وعرفتـم ما لـم أعرف, ومع ذلك قد تركتـم من القول أحسن من الذي قلتـم ومن
الرأي أصوب من الذي رأيتـم ومن الأمر أجمل من الذي أتـيتـم ومن الـموعظة أحكم من
الذي وصفتـم, وقد كان لأيوب علـيكم من الـحقّ والذّمام أفضلُ من الذي وصفتـم, هل
تدرون أيها الكهول حقّ من انتقصتـم وحرمة من انتهكتـم ومن الرجل الذي عبتـم
واتهمتـم؟ ولـم تعلـموا أيها الكهول أن أيوب نبـيّ الله وخيرته وصفوته من أهل
الأرض يومكم هذا, اختاره الله لوحيه واصطفـاه لنفسه وأتـمنه علـى نبوّته, ثم لـم
تعلـموا ولـم يطلعكم الله علـى أنه سخط شيئا من أمره مذ آتاه ما آتاه إلـى يومكم
هذا ولا علـى أنه نزع منه شيئا من الكرامة التـي أكرمه بها مذ آتاه ما آتاه إلـى
يومكم هذا, ولا أن أيوب غَيّر الـحقّ فـي طول ما صحبتـموه إلـى يومكم هذا فإن كان
البلاء هو الذي أزرى به عندكم ووضعه فـي أنفسكم, فقد علـمتـم أن الله يبتلـي
النبـيـين والصدّيقـين والشهداء والصالـحين ثم لـيس بلاؤه لأولئك بدلـيـل سخطه
علـيهم ولا لهوانه لهم, ولكنها كرامة وخِيْرة لهم ولو كان أيوب لـيس من الله بهذه
الـمنزلة ولا فـي النبوّة ولا فـي الأثرة ولا فـي الفضيـلة ولا فـي الكرامة, إلا
أنه أخ أحببتـموه علـى وجه الصحابة, لكان لا يجمل بـالـحكيـم أن يعذُل أخاه عند
البلاء ولا يعيّره بـالـمصيبة بـما لا يعلـم وهو مكروب حزين, ولكن يرحمه ويبكي معه
ويستغفر له ويحزن لـحزنه ويدلّه علـى مراشد أمره ولـيس بحكيـم ولا رشيد من جهل
هذا, فـاللّهَ اللّهَ أيها الكهول فـي أنفسكم



قال: ثم أقبل علـى أيوب صلى الله عليه وسلم
فقال, وقد كان فـي عظمة الله وجلاله وذكر الـموت: ما يقطع لسانك, ويكسر قلبك,
وينسيك حججك؟ ألـم تعلـم يا أيوب أن لله عبـادا أسكتتهم خشيته من غير عيّ ولا
بَكَم وإنهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء الألبـاء العالـمون بـالله وبآياته؟
ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت أسلنتهم واقشعرّت جلودهم وانكسرت قلوبهم وطاشت
عقولهم إعظاما لله وإعزازا وإجلالاً, فإذا استفـاقوا من ذلك استَبَقوا إلـى الله
بـالأعمال الزاكية, يَعُدّون أنفسهم مع الظالـمين والـخاطئين, وإنهم لأنزاه برآء,
ومع الـمقصّرين والـمفرّطين, وإنهم لأكياس أقوياء, ولكنهم لا يستكثرون لله
الكثـير, ولا يرضون لله بـالقلـيـل, ولا يُدِلّون علـيه بـالأعمال فهم مروّعون
مفزعون مغتـمون خاشعون وجلون مستكينون معترفون متـى ما رأيتهم يا أيوب.



قال أيوب: إن الله يزرع الـحكمة بـالرحمة فـي
قلب الصغير والكبـير, فمتـى نبتت فـي القلب يظهرها الله علـى اللسان, ولـيست تكون
الـحكمة من قبل السنّ ولا الشبـيبة ولا طول التـجربة, وإذا جعل الله العبد حكيـما
فـي الصيام لـم يسقط منزله عند الـحكماء وهم يرون علـيه من الله نور الكرامة,
ولكنكم قد أعجبتكم أنفسكم وظننتـم أنكم عوفـيتـم بـاحسانكم, فهنالك بغيتـم
وتعزّزتـم, ولو نظرتـم فـيـما بـينكم وبـين ربكم ثم صدقتـم أنفسكم لوجدتـم لكم
عيوبـا سترها الله بـالعافـية التـي ألبسكم ولكنـي قد أصبحت الـيوم ولـيس لـي رأي
ولا كلام معكم, قد كنت فـيـما خلا مسموعا كلامي معروفـا حقـي منتصِفـا من خصمي
قاهرا لـمن هو الـيوم يقهرنـي مهيبـا مكانـي والرجال مع ذلك ينصتون لـي ويوقرونـي,
فأصبحت الـيوم قد انقطع رجائي ورفع حذري وملّنـي أهلـي وعقنـي أرحامي وتنكرت لـي
معارفـي ورغب عنـي صديقـي وقطعنـي أصحابـي وكفرنـي أهل بـيتـي وجُحِدَتْ حقوقـي
ونُسِيت صنائعي, أصرخ فلا يُصْرِخوننـي وأعتذر فلا يعذروننـي, وإن قضاءه هو الذي
أذلنـي وأقمأنـي وأخسأنـي, وإن سُلطانه هو الذي أسقمنـي وأنـحل جسمي. ولو أن ربـي
نزع الهيبة التـي فـي صدري وأطلق لسانـي حتـى أتكلـم بـملء فمي, ثم كان ينبغي
للعبد يحاجّ عن نفسه, لرجوت أن يعافـينـي عند ذلك مـما بـي ولكنه ألقانـي وتعالـى
عنـي, فهو يرانـي ولا أراه, ويسمعنـي ولا أسمعه لا نظر إلـيّ فرحمنـي, ولا دنا
منـي ولا أدنانـي فأدلـي بعذري وأتكلـم ببراءتـي وأخاصم عن نفسي



لـما قال ذلك أيوب وأصحابه عنده, أظله غمام
حتـى ظنّ أصحابه أنه عذاب, ثم نودي منه, ثم قـيـل له: يا أيوب, إن الله يقول: ها
أنا ذا قد دنوت منك, ولـم أزل منك قريبـا, فقم فأدل بعذرك الذي زعمت, وتكلـم
ببراءتك وخاصم عن نفسك, واشدد إزارك ثم ذكر نـحو حديث ابن عسكر, عن إسماعيـل, إلـى
آخره, وزاد فـيه: ورحمتـي سبقت غضبـي, فـاركُض برجلك هذا مغتسل بـارد وشراب فـيه
شفـاؤك, وقد وهبت لك أهلك ومثلهم معهم ومالك ومثله معه وزعموا: ومثله معه لتكون
لـمن خـلفك آية, ولتكون عبرة لأهل البلاء وعزاء للصابرين فركض برجله, فـانفجرت له
عين, فدخـل فـيها فـاغتسل, فأذهب الله عنه كلّ ما كان به من البلاء. ثم خرج فجلس,
وأقبلت امرأته تلتـمسه فـي مضجعه, فلـم تـجده, فقامت كالوالهة متلدّدة, ثم قالت:
يا عبد الله, هل لك علـم بـالرجل الـمبتلـي الذي كان ههنا؟ قال: لا ثم تبسّم,
فعرفته بـمضحكه, فـاعتنقته.



18679ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
مـحمد بن إسحاق, عن بعض أهل العلـم, عن وهب بن منبه, قال: فحدثت عبد الله بن عبـاس
حديثه واعتناقها إياه, فقال عبد الله: فوالذي نفس عبد الله بـيده ما فـارقته من
عناقه حتـى مرّ بها كلّ مال لهما وولد.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن
إسحاق, قال: وقد سمعت بعض من يذكر الـحديث عنه أنه دعاها حين سألت عنه, فقال لها:
وهل تعرفـينه إذا رأيته؟ قالت: نعم, ومالـي لا أعرفه؟ فتبسّم, ثم قال: ها أنا هو,
وقد فرّج الله عنـي ما كنت فـيه. فعند ذلك اعتنقته. قال وهب: فأوحى الله فـي قسمه
لـيضربها فـي الذي كلـمته, أن وخُذْ بِـيَدِكَ ضِغْثا فـاضْرِبْ بِهِ وَلا
تَـحْنَثْ أي قد برّت يـمينك. يقول الله تعالـى: إنّا وَجَدْناه صَابِرا نِعْمَ
العَبْدُ إنّهُ أوّابٌ يقول الله: وَوَهْبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
رَحْمَةً مِنّا وَذِكْرَى لأولـي الألْبـابِ.



18680ـ حدثنا يحيى بن طلـحة الـيربوعي, قال:
حدثنا فضيـل بن عياض, عن هشام, عن الـحسن, قال: لقد مكث أيوب مطروحا علـى كناسة
سبع سنـين وأشهرا ما يسأل الله أن يكشف ما به. قال: وما علـى وجه الأرض خـلق أكرم
علـى الله من أيوب. فـيزعمون أن بعض الناس قال: لو كان لربّ هذا فـيه حاجة ما صنع
به هذا فعند ذلك دعا.



18681ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
ابن علـية, عن يونس, عن الـحسن, قال: بقـي أيوب علـى كناسة لبنـي إسرائيـل سبع
سنـين وأشهرا تـختلف علـيه الدوابّ.



18682ـ حدثنـي مـحمد بن إسحاق, قال: حدثنا يحيى
بن معين, قال: حدثنا ابن عيـينة, عن عمرو, عن وهب بن منبه, قال: لـم يكن بأيوب
أكلة, إنـما كان يخرج به مثل ثدي النساء ثم ينقـفه.



18683ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا مخـلد بن حسين, عن هشام, عن الـحسن, وحجاج عن مبـارك, عن الـحسن: زاد أحدهما
علـى الاَخر قال: إن أيوب آتاه الله مالاً وأوسع علـيه, وله من النساء والبقر
والغنـم ولإبل. وإن عدوّ الله إبلـيس قـيـل له: هل تقدر أن تفتن أيوب؟ قال: ربّ إن
أيوب أصبح فـي دنـيا من مال وولد, ولا يستطيع أن لا يشكرك, ولكن سلطنـي علـى ماله
وولده فسترى كيف يطيعنـي ويعصيك قال: فسلطه علـى ماله وولده. قال: فكان يأتـي
بـالـماشية من ماله من الغنـم فـيحرقها بـالنـيران, ثم يأتـي أيوب وهو يصلـي
متشبها براعي الغنـم, فـيقول: يا أيوب تصلـي لربك ما ترك الله لك من ماشيتك شيئا
من الغنـم إلا أحرقها بـالنـيران, وكنت ناحية فجئت لأخبرك. قال: فـيقول أيوب:
اللهمّ أنت أعطيت وأنت أخذت, مهما تبقـي نفسي أحمدك علـى حُسن بلائك فلا يقدر منه
علـى شيء مـما يريد ثم يأتـي ماشيته من البقر فـيحرقها بـالنـيران, ثم يأتـي أيوب
فـيقول له ذلك, ويردّ علـيه أيوب مثل ذلك. قال: وكذلك فعل بـالإبل حتـى ما ترك له
من ماشية حتـى هدم البـيت علـى ولده, فقال: يا أيوب أرسل الله علـى ولدك من هدم
علـيهم البـيوت حتـى هلكوا فـيقول أيوب مثل ذلك. قال: ربّ هذا حين أحسنت إلـيّ
الإحسان كله, قد كنت قبل الـيوم يشغلنـي حبّ الـمال بـالنهار ويشغلنـي حبّ الولد
بـاللـيـل شفقة علـيهم, فـالاَن أفرغ سمعي وبصري ولـيـلـي ونهاري بـالذكر والـحمد
والتقديس والتهلـيـل فـينصرف عدوّ الله من عنده لـم يصب منه شيئا مـما يريد.


قال: ثم
إن الله تبـارك وتعالـى قال: كيف رأيت أيوب؟ قال إبلـيس: أيوب قد علـم أنك ستردّ
علـيه ماله وولده ولكن سلطنـي علـى جسده, فإن أصابه الضرّ فـيه أطاعنـي وعصاك قال:
فسلط علـى جسده, فأتاه فنفخ فـيه نفخة قَرِح من لدن قرنه إلـى قدمه. قال: فأصابه
البلاء بعد البلاء, حتـى حمل فوضع علـى مزبلة كُناسة لبنـي إسرائيـل. فلـم يبق له
مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقربه غير زوجته, صبرت معه بصدق, وكانت تأتـيه
بطعام, وتـحمد الله معه إذا حمد, وأيوب علـى ذلك لا يفتر من ذكر الله, والتـحميد
والثناء علـى الله والصبر علـى ما ابتلاه الله. قال الـحسن: فصرخ إبلـيس عدوّ الله
صرخة جمع فـيها جنوده من أقطار الأرض جزعا من صبر أيوب فـاجتـمعوا إلـيه وقالوا
له: جمعتنا, ما خبرك؟ ما أعياك؟ قال: أعيانـي هذا العبد الذي سألت ربـي أن يسلطنـي
علـى ماله وولده فلـم أدع له مالاً ولا ولدا, فلـم يزدد بذلك إلا صبرا وثناء علـى
الله وتـحميدا له, ثم سُلّطت علـى جسده فتركته قُرْحة ملقاة علـى كُناسة بنـي
إسرائيـل, لا يقربه إلا امرأته, فقد افتضحت بربـي, فـاستعنت بكم, فأعينونـي علـيه
قال: فقالوا له: أين مكرك؟ أين علـمك الذي أهلكت به من مضى؟ قال: بطل ذلك كله فـي
أيوب, فأشيروا علـيّ قالوا: نشير علـيك, أرأيت آدم حين أخرجته من الـجنة, من أين
أتـيته؟ قال: من قبَل امرأته, قالوا: فشأنك بأيوب مِن قبَل امرأته, فإنه لا يستطيع
أن يعصيها ولـيس أحد يقربه غيرها. قال: أصبتـم. فـانطلق حتـى أتـى امرأته وهي تَصَدّق,
فتـمثل لها فـي صورة رجل, فقال: أين بعلك يا أمة الله؟ قالت: هو ذاك يحكّ قروحه
ويتردّد الدوابّ فـي جسده. فلـما سمعها طمع أن تكون كلـمة جزع, فوقع فـي صدرها
فوسوس إلـيها فذكّرها ما كانت فـيه من النّعم والـمال والدوابّ, وذكّرها جمال أيوب
وشبـابه, وما هو فـيه من الضرّ, وأن ذلك لا ينقطع عنهم أبدا. قال الـحسن: فصرخت
فلـما صرخت علـم أن قد صرخت وجزعت, أتاها بسَخْـلة, فقال: لـيذبح هذا إلـيّ أيوب
ويبرأ, قال: فجاءت تصرخ يا أيوب, يا أيوب, حتـى متـى يعذّبك ربك, ألا يرحمك؟ أين
الـماشية؟ أين الـمال؟ أين الولد؟ أين الصديق؟ أين لونك الـحسن؟ قد تغير, وصار مثل
الرماد؟ أين جسمك الـحسن الذي قد بلـي وتردد فـيه الدوابّ؟ اذبح هذه السّخْـلة
واسترح قال أيوب: أتّاكِ عدوّ الله فنفخ فـيك فوجد فـيك رفقا وأجبته, ويـلك أرأيت
ما تبكين علـيه مـما تذكرين مـما كنا فـيه من الـمال والولد والصحة والشبـاب؟ من
أعطانـيه؟ قالت: الله. قال: فكم متّعنا به؟ قالت: ثمانـين سنة. قال: فمذكم ابتلانا
الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به؟ قالت: منذ سبع سنـين وأشهر. قال: ويـلك والله
ما عدلت ولا أنصفت ربك ألا صبرت حتـى نكون فـي هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا به
ثمانـين سنة كما كنا فـي الرخاء ثمانـين سنة؟ والله لئن شفـانـي الله لأَجلدنّك
مئة جلدة هيه أمرتـينـي أن أذبح لغير الله, طعامك وشرابك الذي تأتـينـي به علـيّ
حرام وأن أذوق ما تأتـينـي به بعد, إذ قلت لـي هذا فـاغرُبـي عنـي فلا أراك
فطردها, فذهبت, فقال الشيطان: هذا قد وطّن نفسه ثمانـين سنة علـى هذا البلاء الذي
هو فـيه فبـاء بـالغلبة ورفضه. ونظر أيوب إلـى امرأته وقد طردها, ولـيس عنده طعام
ولا شراب ولا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:22 pm

صديق قال الـحسن:
ومرّ به رجلان وهو علـى تلك الـحال, ولا والله ما علـى ظهر الأرض يومئذٍ أكرم علـى
الله من أيوب, فقال أحد الرجلـين لصاحبه: لو كان لله فـي هذا حاجة, ما بلغ به هذا
فلـم يسمع أيوب شيئا كان أشدّ علـيه من هذه الكلـمة.



18684ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن جرير بن حازم, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير, قال: كان لأيوب أخوان,
فأتـياه, فقاما من بعيد لا يقدران أن يدنوا منه من ريحه, فقال أحدهما لصاحبه: لو
كان الله علـم فـي أيوب خيرا ما ابتلاه بـما أرى, قال: فما جزع أيوب من شيء أصابه
جزعه من كلـمة الرجل. فقال أيوب: اللهمّ إن كنت تعلـم أنـي لـم أبت لـيـلة شبعان
قطّ وأنا أعلـم مكان جائع فصدّقْنـي فصُدّق وهما يسمعان. ثم قال: اللهمّ إن كنت
تعلـم أنـي لـم أتـخذ قميصين قطّ وأنا أعلـم مكان عار فصدّقنـي فصُدّق وهما
يسمعان. قال: ثم خرّ ساجدا.



18685ـ فحدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين,
قال: فحدثنـي مخـلد بن الـحسين, عن هشام, عن الـحسن, قال: فقال: رَب إنّـي مَسّنِـيَ
الضّرّ ثم ردّ ذلك إلـى ربه فقال: وأنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ.



18686ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن جرير, عن عبد الله بن عبـيد بن عمير, قال: فقـيـل له: ارفع رأسكْ
فقد استـجيب لك.



18687ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن مبـارك, عن الـحسن ومخـلد, عن هشام, عن الـحسن, دخـل حديث أحدهما
فـي الاَخر, قالا: فقـيـل له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بـارِدٌ
وَشَرَابٌ فركض برجله فنبعت عين, فـاغتسل منها, فلـم يبق علـيه من دائه شيء ظاهر
إلا سقط, فأذهب الله كل ألـم وكل سقم, وعاد إلـيه شبـابه وجماله أحسن ما كان وأفضل
ما كان. ثم ضرب برجله, فنبعت عين أخرى فشرب منها, فلـم يبق فـي جوفه داء إلا خرج,
فقام صحيحا, وكُسِي حُلة. قال: فجعل يتلفت ولا يرى شيئا مـما كان له من أهل ومال
إلا وقد أضعفه الله له, حتـى والله ذُكر لنا أن الـماء الذي اغتسل به تطاير علـى
صدره جرادا من ذهب. قال: فجعل يضمه بـيده, فأوحى الله إلـيه: يا أيوب ألـم أغنك؟
قال: بلـى, ولكنها بركتك, فمن يشبع منها؟ قال: فخرج حتـى جلس علـى مكان مشرف. ثم
إن امرأته قالت: أرأيت إن كان طردنـي إلـى من أَكِلُه؟ أدعه يـموت جوعا أو يضيع
فتأكله السبـاع؟ لأرجعنّ إلـيه فرجعت, فلا كُناسة ترى, ولا من تلك الـحال التـي
كانت, وإذا الأمور قد تغيرت, فجعلت تطوف حيت كانت الكناسة وتبكي, وذلك بعين أيوب
قال: وهابت صاحب الـحُلة أن تأتـيه فتسأل عنه, فأرسل إلـيها أيوب فدعاها, فقال: ما
تريدين يا أمة الله؟ فبكت وقالت: أردت ذلك الـمبتَلـي الذي كان منبوذا علـى
الكُناسة, لا أدري أضاع أم ما فعل. قال لها أيوب: ما كان منك؟ فبكت وقالت: بعلـي,
فهل رأيته وهي تبكي إنه قد كان ها هنا؟ قال: وهل تعرفـينه إذا رأيتـيه؟ قالت: وهل
يخفـي علـى أحد رآه؟ ثم جعلت تنظر إلـيه وهي تهابه, ثم قالت: أما إنه كان أشبه
خـلق الله بك إذ كان صحيحا. قال: فإنـي أنا أيوب الذي أمرتـينـي أن أذبح للشيطان,
وإنـي أطعت الله وعصيت الشيطان, فدعوت الله فردّ علـى ما ترين. قال الـحسن: ثم إن
الله رحمها بصبرها معه علـى البلاء أن أمره تـخفـيفـا عنها أن يأخذ جماعة من الشجر
فـيضربها ضربة واحدة تـخفـيفـا عنها بصبرها معه.



18688ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وأيّوبَ إذْ نادَى
رَبّهُ أنّـي مَسّنِـيَ الضّرّ... إلـى آخر الاَيتـين, فإنه لـما مسه الشيطان
بنُصُب وعذاب, أنساه الله الدعاء أن يدعوه فـيكشف ما به من ضرّ, غير أنه كان يذكر
الله كثـيرا, ولا يزيده البلاء فـي الله إلا رغبة وحسن إيـمان. فلـما انتهى الأجل
وقضى الله أنه كاشف ما به من ضرّ أذن له فـي الدعاء ويسّره له, وكان قبل ذلك يقول
تبـارك وتعالـى: لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعونـي ثم لا أستـجيب له فلـما دعا
استـجاب له, وأبدله بكل شيء ذَهَبَ له ضعفـين, ردّ إلـيه أهله ومثلهم معهم, وأثنى
علـيه فقال: إنّا وَجَدْناه صابِرا نِعْمَ العَبْدُ إنّهُ أوّابُ.



واختلف أهل التأويـل فـي الأهل الذي ذكر الله
فـي قوله: وآتَـيْناهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ أهم أهله الذين أوتـيهم فـي
الدنـيا, أم ذلك وعد وعده الله أيوب أن يفعل به فـي الاَخرة؟ فقال بعضهم: إنـما
آتـى الله أيوب فـي الدنـيا مثل أهله الـين هلكوا, فإنهم لـم يُرَدّوا علـيه فـي
الدنـيا, وإنـما وعد الله أيوب أن يؤتـيه إياهم فـي الاَخرة.



18689ـ حدثنـي أبو السائب سلـم بن جنادة, قال:
حدثنا ابن إدريس, عن لـيث, قال: أرسل مـجاهد رجلاً يقال له قاسم إلـى عكرمة يسأله
عن قول الله لأيوب: وآتَـيْنَاهُ أهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ فقال: قـيـل له: إن
أهلك لك فـي الاَخرة, فإن شئت عجلناهم لك فـي الدنـيا, وإن شئت كانوا لك فـي
الاَخرة وآتـيناك مثلهم فـي الدنـيا. فقال: يكونون لـي فـي الاَخرة, وأُوتَـى
مثلهم فـي الدنـيا. قال: فرجع إلـى مـجاهد فقال: أصاب.



وقال آخرون: بل ردّهم إلـيه بأعيانهم وأعطاه
مثلهم معهم. ذكر من قال ذلك:



18690ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام بن
سلـم, عن أبـي سنان, عن ثابت, عن الضحاك, عن ابن مسعود: وآتَـيْنَاهُ أهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قال: أهله بأعيانهم.



18691ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: لـما دعا أيوب استـجاب
الله له, وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفـين ردّ إلـيه أهله ومثلهم معهم.



18692ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: وَوَهَبْنا لَهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ
مَعَهُمْ قال: أحياهم بأعيانهم, وردّ إلـيه مثلهم.



18693ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
لـيث, عن مـجاهد, فـي قوله: وآتَـيْنَاهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قال:
قـيـل له: إن شئت أحيـيناهم لك, وإن شئت كانوا لك فـي الاَخرة وتعطي مثلهم فـي
الدنـيا. فـاختار أن يكونوا فـي الاَخرة ومثلهم فـي الدنـيا.



18694ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة: وآتَـيْناهُ أهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ قال الـحسن وقَتادة:
أحيا الله أهله بأعيانهم, وزاده إلـيهم مثلهم.



وقال آخرون: بل آتاه الـمثل من نسل ماله الذي
ردّه علـيه وأهله, فأما الأهل والـمال فإنه ردّهما علـيه. ذكر من قال ذلك:



18695ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن رجل, عن الـحسن: وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قال: من نسلهم.



وقوله: رَحْمَةً نصبت بـمعنى: فعلنا بهم ذلك
رحمة منا له. وقوله: وَذِكْرَى للْعابِدِينَ يقول: وتذكره للعابدين ربهم فعلنا ذلك
به لـيعتبروا به ويعلـموا أن الله قد يبتلـي أولـياءه ومن أحبّ من عبـاده فـي
الدنـيا بضروب من البلاء فـي نفسه وأهله وماله, من غير هوان به علـيه, ولكن
اختبـارا منه له لـيبلغ بصبره علـيه واحتسابه إياه وحسن يقـينه منزلته التـي أعدها
له تبـارك وتعالـى من الكرامة عنده. وقد:



18696ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي معشر, عن مـحمد بن كعب القرظي, فـي قوله: رَحْمَةً مِنْ
عِنْدِنا وَذِكْرَى للعابِدِينَ وقوله: (رَحْمَة مِنّا وذِكْرَى لأُولـي
الأَلْبَـابِ) قال: أيـما مؤمن أصابه بلاء فذكر ما أصاب أيوب فلـيقل: قد أصاب من
هو خير منا نبـيّا من الأنبـياء.






الآية : 85
و 86



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلّ مّنَ الصّابِرِينَ
* وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا
إِنّهُمْ مّنَ الصّالِحِينَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بإسماعيـل بن إبراهيـم صادق
الوعد, وبإدريس: أخنوخ, وبذي الكفل: رجلاً تكفل من بعض الناس, إما من نبـيّ وإما
من ملك من صالـحي الـملوك بعمل من الأعمال, فقام به من بعده, فأثنـي الله علـيه
حسن وفـائه بـما تكفل به وجعله من الـمعدودين فـي عبـاده, مع من حمد صبره علـى
طاعة الله. وبـالذي قلنا فـي أمره جاءت الأخبـار عن سلف العلـماء. ذكر الرواية
بذلك عنهم:



18697ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مؤمل,
قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن الـمنهال بن عمرو, عن عبد الله بن الـحارث: أن
نبـيّا من الأنبـياء, قال: من تكفل لـي أن يصوم النهار ويقوم اللـيـل ولا يغضب؟
فقام شاب فقال: أنا. فقال: اجلس: ثم عاد فقال: من تكفل لـي أن يقوم اللـيـل ويصوم
النهار ولا يغضب؟ فقام ذلك الشاب فقال: أنا. فقال: اجلس ثم عاد فقال: من تكفل لـي
أن يقوم اللـيـل ويصوم النهار ولا يغضب؟ فقام ذلك الشاب فقال: أنا فقال: تقوم
اللـيـل وتصوم النهار ولا تغضب. فمات ذلك النبـيّ, فجلس ذلك الشاب مكانه يقضي بـين
الناس, فكان لا يغضب. فجاءه الشيطان فـي صورة إنسان لـيُغضبه وهو صائم يريد أن
يَقِـيـل, فضرب البـاب ضربـا شديدا, فقال: من هذا؟ فقال: رجل له حاجة. فأرسل معه
رجلاً, فقال: لا أرضى بهذا الرجل. فأرسل معه آخر, فقال: لا أرضى بهذا. فخرج إلـيه
فأخذ بـيده فـانطلق معه, حتـى إذا كان فـي السوق خلاّه وذهب, فسُمّي ذا الكفل.



18698ـ حدثنا ابن الـمثنـي, قال: حدثنا عفـان
بن مسلـم, قال: حدثنا وهيب, قال: حدثنا داود, عن مـجاهد, قال: لـما كبر الـيسع
قال: لو أنـي استـخـلفت علـى الناس رجلاً يعمل علـيهم فـي حياتـي حتـى أنظر كيف
يعمل. قال: فجمع الناس, فقال: من يَتَقَبّلْ لـي بثلاث أستـخـلفه: يصوم النهار,
ويقوم اللـيـل, ولا يغضب؟ قال: فقام رجل تزدريه العين, فقال: أنا. فقال: أنت تصوم
النهار وتقوم اللـيـل ولا تغضب؟ قال: نعم. قال: فردّهم ذلك الـيوم, وقال مثلها
الـيوم الاَخر, فسكت الناس وقام ذلك الرجل, فقال: أنا. فـاسْتَـخْـلَفَه. قال:
فجعل إبلـيس يقول للشياطين: علـيكم بفلان فأعياهم, فقال: دعونـي وإياه فأتاه فـي
صورة شيخ كبـير فقـير, فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة, وكان لا ينام اللـيـل والنهار
إلا تلك النومة, فدقّ البـاب, فقال: من هذا؟ قال: شيخ كبـير مظلوم. قال: فقام
ففتـح البـاب, فجعل يقصّ علـيه, فقال: إن بـينـي وبـين قومي خصومة, وإنهم ظلـمونـي
وفعلوا بـي وفعلوا. فجعل يطوّل علـيه, حتـى حضر الرّواح وذهبت القائلة, وقال: إذا
رحت فأتنى آخذ لك بحقك فـانطلق وراح, فكان فـي مـجلسه, فجعل ينظر هل يرى الشيخ,
فلـم يره, فجعل يبتغيه. فلـما كان الغد جعل يقضي بـين الناس وينتظره فلا يراه.
فلـما رجع إلـى القائلة, فأخذ مضجعه, أتاه فدقّ البـاب, فقال: من هذا؟ قال: الشيخ
الكبـير الـمظلوم. ففتـح له, فقال: ألـم أقل لك إذا قعدت فأْتنـي؟ فقال: إنهم أخبث
قوم, إذا عرفوا أنك قاعد قالوا نـحن نعطيك حقك, وإذا قمت جحدونـي. قال: فـانطلِقْ
فإذا رحت فأتنـي قال: ففـاتته القائلة, فراح فجعل ينظر فلا يراه, فشقّ علـيه
النعاس, فقال لبعض أهله: لا تدعُنّ أحدا يقرب هذا البـاب حتـى أنام, فإنـي قد شقّ
علـيّ النوم فلـما كان تلك الساعة جاء, فقال له الرجل وراءَك, فقال: إنـي قد
أتـيته أمس فذكرت له أمري, قال: والله لقد أمرنا أن لا ندع أحدا يقربه. فلـما
أعياه نظر فرأى كوّة فـي البـيت, فتسوّر منها, فإذا هو فـي البـيت, وإذا هو يدقّ
البـاب, قال: واستـيقظ الرجل فقال: يا فلان, ألـم آمرك؟ قال: أما من قِبلـى والله
فلـم تُؤْتَ, فـانظر من أين أُتِـيتَ قال: فقام إلـى البـاب, فإذا هو مغلق كما
أغلقه, وإذا هو معه فـي البـيت, فعرفه فقال: أعدوّ الله؟ قال: نعم أعيـيتنـي فـي
كل شيء, ففعلت ما ترى لأغضبك. فسماه ذا الكفل, لأنه تكفل بأمر فوفـى به.



18699ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, فـي قوله: وَذَا الكِفْلِ قال رجل صالـح غير
نبـيّ, تكفل لنبـيّ قومه أن يكفـيه أمر قومه ويقـيـمه لهم ويقضي بـينهم بـالعدل,
ففعل ذلك, فسُمّي ذا الكِفل.



حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد بنـحوه, إلا أنه قال: ويقضي بـينهم بـالـحقّ.



18700ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن أبـي معشر, عن مـحمد بن قـيس قال: كان فـي بنـي
إسرائيـل مِلك صالـح, فكبر, فجمع قومه فقال: أيكم يكفل لـي بـمُلكي هذا علـى أن
يصوم النهار ويقوم اللـيـل ويحكم بـين بنـي إسرائيـل بـما أنزل الله ولا يغضب؟
قال: فلـم يقم أحد إلا فتـى شاب, فـازدراه لـحداثة سنه, فقال: أيكم يكفل لـي
بـملكي هذا علـى أن يصوم النهار ويقوم اللـيـل ولا يغضب ويحكم بـين بنـي إسرائيـل
بـما أنزل الله؟ فلـم يقم إلا ذلك الفتـى قال: فـازدراه. فلـما كانت الثالثة قال
مثل ذلك, فلـم يقم إلا ذلك الفتـى, فقال: تعال فخـلـى بـينه وبـين ملكه. فقالـم
الفتـى لـيـلة فلـما أصبح جعل يحكم بـين بنـي إسرائيـل فلـما انتصف النهار دخـل
لـيقـيـل, فأتاه الشيطان فـي صورة رجل من بنـي آدم, فجذب ثوبه, فقال: أتنام
والـخصوم ببـابك؟ قال: إذا كان العشية فأتنـي قال فـانتظره بـالعشيّ فلـم يأته
فلـما انتصف النهار دخـل لـيَقِـيـل, جذب ثوبه وقال: أتنام والـخصوم علـى بـابك؟
قال: قلت لك: ائتنـي العشيّ فلـم تأتنـي, ائتنـي, بـالعشيّ فلـما كان بـالعشيّ
انتظره فلـم يأت فلـما دخـل لـيقـيـل جذب ثوبه, فقال: أتنام والـخصوم ببـابك؟ قال:
أخبرنـي من أنت, لو كنت من الإنس سمعت ما قلت قال: هو الشيطان, جئت لأفتنك فعصمك
الله منـي. فقضي بـين بنـي إسرائيـل بـما أنزل الله زمانا طويلاً, وهو ذو الكفل,
سُمي ذا الكفل لأنه تكفل بـالـملك.


18701ـ
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة, عن أبـي موسى الأشعريّ,
قال وهو يخطب الناس: إن ذا الكفل لـم يكن نبـيّا ولكن كان عبدا صالـحا, تكفل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:22 pm

بعمل رجل صالـح عند
موته, كان يصلـي لله كل يوم مئة صلاة, فأحسن الله علـيه الثناء فـي كفـالته إياه.



18702ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم,
قال: حدثنا عمرو, قال: أمّا ذو الكفل فإنه كان علـى بنـي إسرائيـل مَلِك فلـما
حضره الـموت, قال: من يكفل لـي أن يكفـينـي بنـي إسرائيـل ولا يغضب ويصلـي كل يوم
مئة صلاة؟ فقال ذو الكفل: أنا. فجعل ذو الكفل يقضي بـين الناس, فإذا فرغ صلـى مئة
صلاة. فكاده الشيطان, فأمهله حتـى إذا قضي بـين الناس وفرغ من صلاته وأخذ مضجعه
فنام, أتـى الشيطان بـابه فجعل يدقه, فخرج إلـيه, فقال: ظُلـمت وصُنع بـي فأعطاه
خاتـمه وقال: اذهب فأتنـي بصاحبك وانتظره, فأبطأ علـيه الاَخر, حتـى إذا عرف أنه
قد نام وأخذ مضجعه, أتـى البـاب أيضا كي يغضبه, فجعل يدقه, وخدش وجه نفسه فسالت
الدماء, فخرج إلـيه فقال: ما لك؟ فقال: لـم يتبعنـي, وضُربت وفُعل فأخذه ذو الكفل,
وأنكر أمره, فقال: أخبرنـي من أنت؟ وأخذه أخذا شديدا, قال: فأخبره من هو.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قتادة, فـي قوله: وَذَا الكِفْل قال: قال أبو موسى الأشعريّ: لـم
يكن ذو الكفل نبـيّا, ولكنه كَفَل بصلاة رجل كان يصلـي كل يوم مئة صلاة, فوفـى,
فكفل بصلاته, فلذلك سُمي ذا الكفل.



ونُصِبَ «إسماعيـل» و «إدريس» و «ذا الكفل»,
عطفـا علـى «أيوب», ثم استؤنف بقوله: كُلّ فقال: كُلّ مِنَ الصّابِرِينَ ومعنى
الكلام: كلهم من أهل الصبر فـيـما نابهم فـي الله.



وقوله: وأدْخَـلْناهُمْ فِـي رَحْمَتِنا
إنّهُمْ مِنَ الصّالِـحِينَ يقول تعالـى ذكره: وأدخـلنا إسماعيـل وإدريس وذا الكفل
والهاء والـميـم عائدتان علـيهم فِـي رَحْمَتِنا إنّهُمْ مِنَ الصّالِـحِين يقول:
إنهم مـمن صلـح, فأطاع الله وعمل بـما أمره.



الآية : 87


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَذَا النّونِ إِذ ذّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنّ أَن لّن نّقْدِرَ
عَلَيْهِ فَنَادَىَ فِي الظّلُمَاتِ أَن لاّ إِلَـَهَ إِلاّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّي
كُنتُ مِنَ الظّالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: واذكر يا مـحمد ذا النون,
يعنـي صاحب النون. والنون: الـحوت. وإنـما عَنَى بذي النون: يونس بن متـى, وقد
ذكرنا قصته فـي سورة يونس بـما أغنـي عن ذكره فـي هذا الـموضع, وقوله: إذْ ذَهَبَ
مُغاضِبـا يقول: حين ذهب مغاضبـا.



واختلف أهل التأويـل فـي معنى ذهابه مغاضبـا,
وعمن كان ذهابه, وعلـى من كان غضبه, فقال بعضهم: كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب.
ذكر من قال ذلك:



18703ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَذَا النّونِ إذْ
ذَهَبَ مُغاضِبـا يقول: غضب علـى قومه.



18704ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: إذْ ذَهَبَ مُغاضِبـا أما
غضبه فكان علـى قومه.



وقال آخرون: ذهب عن قومه مغاضبـا لربه, إذ كشف
عنهم العذاب بعدما وعدهموه. ذكر من قال ذلك: وذكر سبب مغاضبته ربه فـي قولهم:



18705ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, عن يزيد بن زياد, عن عبد الله بن أبـي سلـمة, عن سعيد بن جبـير, عن ابن
عبـاس, قال: بعثه الله يعنـي يونس إلـى أهل قريته, فردّوا علـيه ما جاءهم به
وامتنعوا منه. فلـما فعلوا ذلك أوحى الله إلـيه: إنـي مرسل علـيهم العذاب فـي يوم
كذا وكذا, فـاخرج من بـين أظهرهم فأعلـم قومه الذي وعده الله من عذابه إياهم,
فقالوا: ارمقوه, فإن خرج من بـين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم. فلـما كانت
اللـيـلة التـي وعدوا بـالعذاب فـي صبحها أدلـج ورآه القوم, فخرجوا من القرية إلـى
براز من أرضهم, وفرّقوا بـين كل دابة وولدها, ثم عجوا إلـى الله, فـاستقالوه,
فأقالهم, وتنظّر يونس الـخبر عن القرية وأهلها, حتـى مرّ به مارّ, فقال: ما فعل
أهل القرية؟ فقال: فعلوا أن نبـيهم خرج من بـين أظهرهم, عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم
من العذاب, فخرجوا من قريتهم إلـى براز من الأرض, ثم فرقوا بـين كل ذات ولد
وولدها. وعجّوا إلـى الله وتابوا إلـيه. فقبل منهم, وأخّر عنهم العذاب. قال: فقال
يونس عند ذلك وغضب: والله لا أرجع إلـيهم كذّابـا أبدا, وعدتهم العذاب فـي يوم ثم
رُدّ عنهم ومضى علـى وجهه مغاضبـا.



18706ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر, قال: حدثنا عوف, عن سعيد بن أبـي الـحسن, قال: بلغنـي أن يونس لـما أصاب
الذنب, انطلق مغاضبـا لربه, واستزلّه الشيطان.



18707ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا يحيى بن زكريا بن أبـي زائدة, عن مـجالد بن سعيد, عن الشعبـيّ, فـي قوله:
إذْ ذَهَبَ مُغاضِبـا قال: مغاضبـا لربه.



18708ـ حدثنا الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز,
قال: حدثنا سفـيان, عن إسماعيـل بن عبد الـملك, عن سعيد بن جبـير فذكر نـحو حديث
ابن حميد, عن سلـمة, وزاد فـيه: قال: فخرج يونس ينظر العذاب, فلـم ير شيئا, قال:
جرّبوا علـيّ كذبـا فذهب مغاضبـا لربه حتـى أتـى البحر.



18709ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال:
حدثنا مـحمد بن إسحاق, عن ربـيعة بن أبـي عبد الرحمن, عن وهب بن منبه الـيـمانـي,
قال: سمعته يقول: إن يونس بن متـى كان عبدا صالـحا, وكان فـي خـلقه ضيق. فلـما
حملت علـيه أثقال النبوّة, ولها أثقال لا يحملها إلا قلـيـل, تفسخ تـحتها تفسخ
الربع تـحت الـحمل, فقذفها بـين يديه, وخرج هاربـا منها. يقول الله لنبـيه صلى
الله عليه وسلم: فـاصْبرْ كمَا صَبَرَ أُولُو العَزْم مِنَ الرسُلِ وَاصْبِرْ
لِـحُكْمِ رَبّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الـحُوتِ: أي لا تُلْقِ أمري كما ألقاه.



وهذا القول, أعنـي قول من قال: ذهب عن قومه
مغاضبـا لربه, أشبه بتأويـل الاَية, وذلك لدلالة قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ
عَلَـيْهِ علـى ذلك. علـى أن الذين وجهوا تأويـل ذلك إلـى أنه ذهب مغاضبـا لقومه,
إنـما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبـيّ من الأنبـياء ربه
واستعظاما له. وهم بقـيـلهم أنه ذهب مغاضبـا لقومه قد دخـلوا فـي أمر أعظم مـما
أنكروا, وذلك أن الذين قالوا: ذهب مغاضبـا لربه اختلفوا فـي سبب ذهابه كذلك, فقال
بعضهم: إنـما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بـين قوم قد جربوا علـيه الـخـلف
فـيـما وعدهم, واسْتَـحْيَا منهم, ولـم يعلـم السبب الذي دفع به عنهم البلاء. وقال
بعض من قال هذا القول: كان من أخلاق قومه الذي فـارقهم قتل من جرّبوا علـيه الكذب,
عسى أن يقتلوه من أجل أنه وعدهم العذاب, فلـم ينزل بهم ما وعدهم من ذلك. وقد ذكرنا
الرواية بذلك فـي سورة يونس, فكرهنا إعادته فـي هذا الـموضع.



وقال آخرون: بل إنـما غاضب ربه من أجل أنه أمر
بـالـمصير إلـى قوم لـينذرهم بأسه ويدعوهم إلـيه, فسأل ربه أن يُنْظره لـيتأهب
للشخوص إلـيهم, فقـيـل له: الأمر أسرع من ذلك ولـم يُنْظر حتـى شاء أن ينظر إلـى
أن يأخذ نعلاً لـيـلبسها, فقـيـل له نـحو القول الأوّل. وكان رجلاً فـي خـلقه ضيق,
فقال: أعجلنـي ربـي أن آخذ نعلاً فذهب مغاضبـا.



ومـمن ذُكر هذا القول عنه: الـحسن البصريّ.


18710ـ حدثنـي بذلك الـحارث, قال: حدثنا الـحسن
بن موسى, عن أبـي هلال, عن شهر بن حوشب, عنه.



قال أبو جعفر: ولـيس فـي واحد من هذين القولـين
من وصف نبـيّ الله يونس صلوات الله علـيه شيء إلا وهو دون ما وصفه بـما وصفه الذين
قالوا: ذهب مغاضبـا لقومه لأن ذهابه عن قومه مغاضبـا لهم, وقد أمره الله تعالـى
بـالـمُقام بـين أظهرهم, لـيبلغهم رسالته ويحذّرهم بأسه وعقوبته علـى تركهم
الإيـمان به والعمل بطاعته لا شك أن فـيه ما فـيه. ولولا أنه قد كان صلى الله عليه
وسلم أتـى ما قاله الذين وصفوه بإتـيان الـخطيئة, لـم يكن الله تعالـى ذكره
لـيعاقبه العقوبة التـي ذكرها فـي كتابه ويصفه بـالصفة التـي وصفه بها, فـيقول
لنبـيه صلى الله عليه وسلم: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الـحُوتِ إذْ نادَى وَهُوَ
مَكْظُومٌ ويقول: فـالْتَقَمَهُ الـحُوتُ وَهُوَ مُلِـيـمٌ فَلَوْلا أنهُ كانَ مِنَ
الـمُسَبّحِينَ لَلَبِثَ فِـي بَطْنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.



وقوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـله, فقال بعضهم: معناه: فظنّ أن لن نعاقبه بـالتضيـيق
علـيه. من قولهم قدرت علـى فلان: إذا ضيقت علـيه, كما قال الله جلّ ثناؤه: وَمَنْ
قُدِرَ عَلَـيْهِ رِزْقُهُ فَلْـيُنْفِقْ مِـمّا آتاهُ اللّهُ. ذكر من قال ذلك:



18711ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله بن
صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ
عَلَـيْهِ يقول: ظنّ أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه.



18712ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ
عَلَـيْهِ يقول: ظنّ أن لن نقضيَ علـيه عقوبة ولا بلاء فـيـما صنع بقومه فـي غضبه
إذ غضب علـيهم وفراره. وعقوبته أخذ النون إياه.



18713ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا
مـحمد بن جعفر, عن شعبة, عن الـحكم, عن مـجاهد, أنه قال فـي هذه الاَية: فَظَنّ
أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ قال: فظنّ أن لن نعاقبه بذنبه.



حدثنـي موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي, قال:
حدثنا زيد بن حبـاب, قال: ثنـي شعبة, عن مـجاهد, ولـم يذكر فـيه الـحكم.



18714ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ قال: يقول: ظنّ
أن لن نعاقبه.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد
بن ثور, عن معمر, عن قتادة والكلبـيّ: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ قالا:
ظنّ أن لن نقضيَ علـيه العقوبة.



18715ـ حُدثت عن الـحسين. قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ
يقول: ظنّ أن الله لن يقضي علـيه عقوبة ولا بلاء فـي غضبه الذي غضب علـى قومه
وفراقه إيّاهم.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور,
عن ابن عبـاس, فـي قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ قال: البلاء الذي
أصابه.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظنّ أنه يُعجز ربه
فلا يقدر علـيه. ذكر من قال ذلك:



18716ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر, قال: حدثنا عوف, عن سعيد بن أبـي الـحسن, قال: بلغنـي أن يونس لـما أصاب
الذنب, انطلق مغاضبـا لربه, واستزلّه الشيطان, حتـى ظن أن لن نقدر علـيه. قال:
وكان له سلف وعبـادة وتسبـيح. فأبى الله أن يدعه للشيطان, فأخذه فقذفه فـي بطن
الـحوت, فمكث فـي بطن الـحوت أربعين من بـين لـيـلة ويوم, فأمسك الله نفسه, فلـم
يقتله هناك. فتاب إلـى ربه فـي بطن الـحوت, وراجع نفسه. قال: فقال: سُبْحانَكَ
إنّـي كُنْتُ مِنَ الظّالِـمِينَ قال: فـاستـخرجه الله من بطن الـحوت برحمته بـما
كان سلف من العبـادة والتسبـيح, فجعله من الصالـحين. قال عوف: وبلغنـي أنه قال فـي
دعائه: وبنـيت لك مسجدا فـي مكان لـم يبنه أحد قبلـي.



18717ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال:
حدثنا عوف, عن الـحسن: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ وكان له سلف من عبـادة
وتسبـيح, فتداركه الله بها فلـم يَدَعْه للشيطان.



18718ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, عن عبد الرحمن بن الـحارث, عن إياس بن معاوية الـمدنـي, أنه كان إذا
ذكر عنده يونس, وقوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ يقول إياس: فلِـم فرّ؟



وقال آخرون: بل ذلك بـمعنى الاستفهام, وإنـما
تأويـله: أفظنّ أن لن نقدر علـيه؟ ذكر من قال ذلك:



18719ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَـيْهِ قال: هذا استفهام.
وفـي قوله: فَمَا تُغْنِـي النّذُر قال: استفهام أيضا.



قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال فـي تأويـل
ذلك عندي بـالصواب, قول من قال: عَنَى به: فظنّ يونس أن لن نـحبسه ونضيق علـيه,
عقوبة له علـى مغاضبته ربه.



وإنـما قلنا ذلك أولـى بتأويـل الكلـمة, لأنه
لا يجوز أن يُنْسب إلـى الكفر وقد اختاره لنبوّته, ووَصْفُه بأن ظنّ أن ربه يعجز
عما أراد به ولا يقدر علـيه, وَصْفٌ له بأنه جهل قدرة الله, وذلك وصف له بـالكفر,
وغير جائز لأحد وصفه بذلك. وأما ما قاله ابن زيد, فإنه قول لو كان فـي الكلام
دلـيـل علـى أنه استفهام حسن, ولكنه لادلالة فـيه علـى أن ذلك كذلك. والعرب لا
تـحذف من الكلام شيئا لهم إلـيه حاجة إلا وقد أبقت دلـيلاً علـى أنه مراد فـي
الكلام, فإذا لـم يكن فـي قوله: فَظَنّ أنْ لَنْ نَقْدرَ عَلَـيْهِ دلالة علـى أن
الـمراد به الاستفهام كما قال ابن زيد, كان معلوما أنه لـيس به وإذ فسد هذان
الوجهان, صحّ الثالث وهو ما قلنا.



وقوله: فَنَادَى فـي الظّلُـماتِ اختلف أهل
التأويـل فـي الـمعنـيّ بهذه الظلـمات, فقال بعضهم: عُنـي بها ظلـمة اللـيـل,
وظلـمة البحر, وظلـمة بطن الـحوت. ذكر من قال ذلك:



18720ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عمرو بن ميـمون: فَنادَى فـي
الظّلُـمات قال: ظلـمة بطن الـحوت, وظلـمة البحر, وظلـمة اللـيـل. وكذلك قال أيضا
ابن جُرَيْج.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:23 pm

18721ـ حدثنا ابن حميد,
قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن يزيد بن زياد, عن عبد الله بن أبـي سلـمة, عن
سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: نادى فـي الظلـمات: ظلـمة اللـيـل, وظلـمة
البحر, وظلـمة بطن الـحوت لا إله إلاّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ
الظّالِـمينَ.



18722ـ حدثنـي مـحمد بن إبراهيـم السلـمي, قال:
حدثنا أبو عاصم, قال: أخبرنا مـحمد بن رفـاعة, قال: سمعت مـحمد ابن كعب يقول فـي
هذه الاَية: فَنادَى فـي الظّلُـماتِ قال: ظلـمة اللـيـل, وظلـمة البحر, وظلـمة
بطن الـحوت.



18723ـ حدثنا بِشر, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: فَنادَى فـي الظّلُـماتِ قال: ظلـمة اللـيـل, وظلـمة
البحر, وظلـمة بطن الـحوت.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد
بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: فَنادَى فـي الظّلُـماتِ قال: ظلـمة بطن الـحوت,
وظلـمة البحر, وظلـمة اللـيـل.



وقال آخرون: إنـما عَنَى بذلك أنه نادى فـي
ظلـمة جوف حوت فـي جوف حوت آخر فـي البحر. قالوا: فذلك هو الظلـمات. ذكر من قال
ذلك:



18724ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن سالـم بن أبـي الـجعد: فَنادَى فـي الظّلُـماتِ
قال: أوحى الله إلـى الـحوت أن لا تضرّ له لـحما ولا عظما. ثم ابتلع الـحوت حوت
آخر, قال: فَنادَى فـي الظّلُـماتِ قال: ظلـمة الـحوت, ثم حوت, ثم ظلـمة البحر.



قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن
يقال: إن الله أخبر عن يونس أنه ناداه فـي الظلـمات: إنْ لا إلهَ إلا أنْتَ
سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ الظّالِـمِينَ وَلا شك أنه قد عنى بإحدى الظلـمات:
بطن الـحوت, وبـالأخرى: ظلـمة البحر, وفـي الثالثة اختلاف, وجائز أن تكون تلك
الثالثة ظلـمة اللـيـل, وجائز أن تكون كون الـحوت فـي جوف حوت آخر. ولا دلـيـل
يدلّ علـى أيّ ذلك من أيّ, فلا قول فـي ذلك أولـى بـالـحق من التسلـيـم لظاهر
التنزيـل.



وقوله: لا إلَهَ إلاّ أنْتَ سُبْحانَكَ يقول:
نادى يونس بهذا القول معترفـا بذنبه تائبـا من خطيئته إنّـي كُنْتُ مِنَ
الظّالِـمِينَ فـي معصيتـي إياك. كما:



18725ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, عن يزيد بن زياد, عن عبد الله بن أبـي سلـمة, عن سعيد بن جبـير, عن ابن
عبـاس, قال: نادَى فـي الظّلُـماتِ أنْ لا إلَهَ إلاّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي
كُنْتُ مِنَ الظّالِـمِينَ معترفـا بذنبه, تائبـا من خطيئته.



18726ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, قال: أبو معشر: قال مـحمد بن قـيس: قوله: لا إلَهَ إلاّ أنْتَ
سُبْحانَكَ ما صنعتُ من شيء فلـم أعبد غيرك, إنّـي كُنْتُ مِنَ الظّالِـمِينَ حين
عصيتك.



18727ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا جعفر بن سلـيـمان, عن عوف الأعرابـي, قال: لـما صار يونس فـي بطن الـحوت ظن
أنه قد مات. ثم حرّك رجله, فلـما تـحركت سجد مكانه, ثم نادى: يا ربّ اتـخذتُ لك مسجدا
فـي موضع ما اتـخذه أحد



18728ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, قال:
ثنـي ابن إسحاق عمن حدثه, عن عبد الله بن رافع, مولـى أمّ سلـمة زوج النبـيّ صلى
الله عليه وسلم, قال: سمعت أبـا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لَـمّا أرَادَ اللّهُ حَبْسَ يُونُسَ فِـي بَطْنِ الـحُوتِ, أوْحَى اللّهُ إلـى
الـحُوتِ: أنْ خُذْهُ وَلا تَـخْدِشْ لَهُ لَـحْما وَلا تَكْسِرْ عَظْما فأخَذَهُ,
ثُمّ هَوَى بِهِ إلـى مَسْكَنِهِ مِنَ البَحْرِ فَلَـمّا انْتَهَى بِهِ إلـى
أسْفَلِ البَحْرِ, سَمِعَ يُونُسُ حِسّا, فَقالَ فِـي نَفْسِهِ: ما هَذَا؟ قالَ:
فَأَوْحَى اللّهُ إلَـيْهِ وَهُوَ فِـي بَطْنِ الـحُوتِ: إنّ هَذَا تَسْبِـيحُ
دَوَابّ البَحْرِ, قالَ: فَسَبّحَ وَهُوَ فِـي بَطْنِ الـحُوتِ, فَسَمِعَتِ
الـمَلائِكَةُ تَسْبِـيحَهُ, فَقالُوا: يا رَبّنا إنّا نَسْمَعُ صَوْتا ضَعِيفـا
بأرْضٍ غَرِيبَة؟ قالَ: ذَاكَ عَبْدِي يُونُسُ, عَصَانِـي فَحَبَسْتُهُ فِـي
بَطْنِ الـحُوتِ فِـي البَحْرِ. قالُوا: العَبْدُ الصّالِـحُ الّذِي كانَ يَصْعَدُ
إلَـيْكَ مِنْهُ فِـي كُلّ يَوْمٍ وَلَـيْـلَةٍ عَمَلٌ صَالِـحٌ؟ قالَ: نَعَمْ.
قالَ: فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذلكَ, فَأمَرَ الـحُوتَ فَقَذَفَهُ فِـي السّاحِلِ
كما قالَ اللّهُ تَبـارَكَ وَتَعالـى: وَهُوَ سَقِـيـمٌ».









الآية : 88


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجّيْنَاهُ مِنَ الْغَمّ وَكَذَلِكَ نُنجِـي
الْمُؤْمِنِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فـاسَتْـجَبْنَا لـيونس
دعاءه إيانا, إذ دعانا فـي بطن الـحوت, ونـجيناه من الغمّ الذي كان فـيه بحبْسناه
فـي بطن الـحوت وغمه بخطيئته وذنبه وكذَلكَ نُنْـجِي الـمُؤْمِنِـينَ يقول جلّ
ثناؤه: وكما أنـجينا يونس من كرب الـحبس فـي بطن الـحوت فـي البحر إذ دعانا, كذلك
ننـجي الـمؤمنـين من كربهم إذا استغاثوا بنا ودعونا.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك جاء الأثر. ذكر من
قال ذلك:



18729ـ حدثنا عمران بن بكار الكُلاعيّ, قال:
حدثنا يحيى بن عبد الرحمن, قال: حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن, قال: ثنـي بشر بن
منصور, عن علـيّ بن زيد, عن سعيد بن الـمسيب, قال: سمعت سعد بن مالك يقول: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اسْمُ اللّهِ الّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أجابَ
وَإذَا سُئلَ بِهِ أعْطَى, دَعْوَةُ يُونُسَ بْنِ مَتّـى». قال: فقلت: يا رسول
الله, هي لـيونس بن متـى خاصة أم لـجماعة الـمسلـمين؟ قالَ: «هيَ لِـيُونُسَ بْنِ
مَتّـى خاصّةً, وللْـمُؤْمِنِـينَ عامّةً إذَا دَعَوْا بِها ألَـمْ تَسْمَعْ
قَوْلَ اللّهِ تَبـارَكَ وَتَعالـى فَنادَى فِـي الظّلُـماتِ أنْ لا إلَهَ إلاّ
أنْتَ سُبْحانَكَ إنّـي كُنْتُ مِنَ الظّالِـمِينَ فـاسْتَـجَبْنا لَهُ وَنّـجيّنْاهُ
مِنَ الغَمّ وكَذلكَ نُنْـجِي الـمُؤْمنـينَ؟ فهو شرط الله لـمن دعاه بها».



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: نُنْـجِي
الـمُؤْمِنِـينَ فقرأت ذلك قرّاء الأمصار, سوى عاصم, بنونـين الثانـية منهما
ساكنة, من أنـجيناه, فنـحن ننـجيه. وإنـما قرءوا ذلك كذلك وكتابته فـي الـمصاحف
بنون واحدة, لأنه لو قرىء بنون واحدة وتشديد الـجيـم, بـمعنى ما لـم يسمّ فـاعله,
كان «الـمؤمنون» رفعا, وهم فـي الـمصاحف منصوبون, ولو قرىء بنون واحدة وتـخفـيف
الـجيـم, كان الفعل للـمؤمنـين وكانوا رفعا, ووجب مع ذلك أن يكون قوله «نـجى» مكتوبـا
بـالألف, لأنه من ذوات الواو, وهو فـي الـمصاحف بـالـياء.



فإن قال قائل: فكيف كتب ذلك بنون واحد, وقد
علـمت أن حكم ذلك إذا قرىء: نُنْـجِي أن يُكتب بنونـين؟ قـيـل: لأن النون الثانـية
لـما سكنت وكان الساكن غير ظاهر علـى اللسان حذفت كما فعلو ذلك ب «إلاّ» لا,
فحذفوا النون من «إنْ» لـخفـائها, إذ كانت مندغمة فـي اللام من «لا». وقرأ ذلك
عاصم: «نُـجّي الـمُؤمِنِـينَ» بنون واحدة, وتثقـيـل الـجيـم, وتسكين الـياء. فإن
يكن عاصم وجه قراءته ذلك إلـى قول العرب: ضرب الضرب زيدا, فكنى عن الـمصدر الذي هو
النـجاء, وجعل الـخبر أعنـي خبر ما لـم يسمّ فـاعله الـمؤمنـين, كأنه أراد: وكذلك
نُـجّي النّـجاءُ الـمؤمنـين, فكنى عن النـجاء فهو وجه, وإن كان غيره أصوب, وإلا
فإن الذي قرأ من ذلك علـى ما قرأه لـحنّ, لأن الـمؤمنـين اسم علـى القراءة التـي
قرأها ما لـم يسمّ فـاعله, والعرب ترفع ما كان من الأسماء كذلك. وإنـما حمل عاصما
علـى هذه القراءة أنه وجد الـمصاحف بنون واحدة وكان فـي قراءته إياه علـى ما علـيه
قراءة القرّاء إلـحاق نون أخرى لـيست فـي الـمصحف, فظنّ أن ذلك زيادة ما لـيس فـي
الـمصحف, ولـم يعرف لـحذفها وجها يصرفه إلـيه.



قال أبو جعفر: والصواب من القراءة التـي لا
أستـجيز غيرها فـي ذلك عندنا ما علـيه قرّاء الأمصار, من قراءته بنونـين وتـخفـيف
الـجيـم, لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها وتـخطئتها خلافه.






الآية : 89
و 90



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَزَكَرِيّآ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً
وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ *
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ
زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً
وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: واذكر يا مـحمد زكريا حين نادى ربه رَبّ لا تَذَرْنِـي وحيدا فَرْدا لا ولد
لـي ولا عَقِب وأنْتَ خَيْرُ الوَارِثِـينَ يقول: فـارزقنـي وارثا من آل يعقوب
يرثنـي. ثم ردّ الأمر إلـى الله فقال: وأنْتَ خَيْرُ الوَارِثِـينَ يقول الله جلّ
ثناؤه: فـاستـجبنا لزكريا دعاءه, ووهبنا له يحيى ولدا ووارثا يرثه, وأصلـحنا له
زوجه.



واختلف أهل التأويـل فـي معنى الصلاح الذي عناه
الله جلّ ثناؤه بقوله: وأصْلَـحْنا لَهُ زَوْجَه فقال بعضهم: كانت عقـيـما
فأصلـحها بأن جعلها وَلُودا. ذكر من قال ذلك:



18730ـ حدثنا مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـيّ,
قال: حدثنا حاتـم بن إسماعيـل, عن حميد بن صخر, عن عمار, عن سعيد, فـي قوله:
وأصْلَـحْنا لَهُ زَوْجَهُ قال: كانت لا تلد.



18731ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس, فـي قوله: وأصْلَـحْنا لَهُ زَوْجَهُ
قال: وهبنا له ولدها.



18732ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة قوله: وأصلْـحْنَا لَهُ زَوْجَهُ كانت عاقرا, فجعلها الله وَلودا,
ووهب له منها يحيى.



وقال آخرون: كانت سيئة الـخُـلق, فأصلـحها الله
له بأن رزقها حُسن الـخُـلُق.



قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن
يقال: إن الله أصلـح لزكريا زوجه, كما أخبر تعالـى ذكره بأن جعلها ولودا حسنة
الـخُـلُق لأن كل ذلك من معانـي إصلاحه إياها. ولـم يخصُصِ الله جلّ ثناؤه بذلك
بعضا دون بعض فـي كتابه ولا علـى لسان رسوله, ولا وضع علـى خصوص ذلك دلالة, فهو
علـى العموم ما لـم يأت ما يجب التسلـيـم له بأن ذلك مراد به بعض دون بعض.



وقوله: إنّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِـي
الـخَيْرَاتِ يقول الله: إن الذين سميناهم يعنـي زكريا وزوجه ويحيى كانوا يسارعون
فـي الـخيرات فـي طاعتنا, والعمل بـما يقرّبهم إلـينا.) وقوله: وَيَدْعُونَنا رَغَبـا وَرَهَبـا يقول
تعالـى ذكره: وكانوا يعبدوننا رغبـا ورهَبـا. وعَنَى بـالدعاء فـي هذا الـموضع:
العبـادة, كما قال: وأعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ وأدْعُو
رَبّـي عَسى أن لا أكُونَ بدُعاءِ رَبّـي شَقِـيّا ويعنـي بقوله: رَغَبـا أنهم
كانوا يعبدونه رغبة منهم فـيـما يرجون منه من رحمته وفضله. وَرَهَبـايعنـي رهبة
منهم من عذابه وعقابه, بتركهم عبـادته وركوبهم معصيته.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18733ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: إنّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِـي الـخَيْرَاتِ
وَيَدْعُونَنا رَغَبـا وَرَهبَـا قال: رغبـا فـي رحمة الله, ورهبـا من عذاب الله.



18734ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَيَدْعُونَنا رَغَبـا وَرَهَبـا قال: خوفـا وطمعا. قال:
ولـيس ينبغي لأحدهما أن يفـارق الاَخر.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الأمصار: رَغَبـا وَرَهبـا بفتـح الغين والهاء من الرغَب والرهَب. واختلف عن
الأعمش فـي ذلك, فرُويت عنه الـموافقة فـي ذلك للقرّاء, ورُوي عنه أنه قرأها:
«رُغْبـا» «ورُهْبـا» بضم الراء فـي الـحرفـين وتسكين الغين والهاء.



والصواب من القراءة فـي ذلك ما علـيه قرّاء
الأمصار, وذلك الفتـح فـي الـحرفـين كلـيهما.



وقوله: وكانُوا لَنا خاشِعِينَ يقول: وكانوا
لنا متواضعين متذللـين, ولا يستكبرون عن عبـادتنا ودعائنا.



الآية : 91


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رّوحِنَا
وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ آيَةً لّلْعَالَمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: واذكر التـي أحصنت فرجها, يعنـي مريـم بنت عمران. ويعنـي بقوله: أحْصَنَتْ:
حفظت, ومنعت فرجها مـما حرّم الله علـيها إبـاحته فـيه.



واختُلف فـي الفرّج الذي عنى الله جلّ ثناؤه
أنها أحصنته, فقال بعضهم: عَنَى بذلك فَرْجَ نفسها أنها حفظته من الفـاحشة.



وقال آخرون: عَنَى بذلك جيب درعها أنها منعت
جبرئيـل منه قبل أن تعلـم أنه رسول ربها وقبل أن تثبته معرفة. قالوا: والذي يدلّ
علـى ذلك قوله: فَنَفَخْنا فِـيها ويعقب ذلك قوله: والّتِـي أحْصَنَتْ فَرْجَها
قالوا: وكان معلوما بذلك أن معنى الكلام: والتـي أحصنت جيبها فَنَفَخْنا فِـيها
مِنْ رُوحِنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:23 pm

قال أبو جعفر: والذي هو
أولـى القولـين عندنا بتأويـل ذلك قول من قال: أحصنت فرجها من الفـاحشة لأن ذلك هو
الأغلب من معنـيـيه علـيه والأظهر فـي ظاهر الكلام. فَنَفَخْنا فِـيها مِنْ
رُوحِنا يقول: فنفخنا فـي جيب درعها من روحنا. وقد ذكرنا اختلاف الـمختلفـين فـي
معنى قوله: فَنَفَخْنا فِـيها فـي غير هذا الـموضع والأولـى بـالصواب من القول فـي
ذلك فـيـما مضى بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وقوله: وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً
للْعَالـمِينَ يقول: وجعلنا مريـم وابنها عبرة لعالـمي زمانهما يعتبرون بهما
ويتفكرون فـي أمرهما, فـيعلـمون عظيـم سلطاننا وقُدرتنا علـى ما نشاء وقـيـل «آية»
ولـم يقل «آيتـين» وقد ذكر آيتـين لأن معنى الكلام: جعلناهما عَلَـما لنا وحجة,
فكل واحدة منهما فـي معنى الدلالة علـى الله وعلـى عظيـم قُدرته يقوم مقام الاَخر,
إذْ كان أمرهما فـي الدلالة علـى الله واحدا.






الآية : 92


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّ هَـَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ
فَاعْبُدُونِ }.



يقول تعالـى ذكره: إن هذه مِلتكم ملة واحدة,
وأنا ربكم أيها الناس فـاعبدون دون الاَلهة والأوثان وسائر ما تعبدون من دونـي.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18735ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً
يقول: دينكم دين واحد.



18736ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال مـجاهد, فـي قوله: إنّ هَذِهِ أُمّتُكُمْ
أُمّةً وَاحِدَةً قال: دينكم دين واحد.



ونصبت الأمة الثانـية علـى القطع, وبـالنصب
قرأه جماعة قرّاء الأمصار, وهو الصواب عندنا لأن الأمة الثانـية نكرة والأولـى
معرفة وإذ كان ذلك كذلك, وكان الـخبر قبل مـجيء النكرة مستغنـيا عنها كان وجه
الكلام النصب, هذا مع إجماع الـحجة من القرّاء علـيه, وقد ذُكر عن عبد الله بن
أبـي إسحاق رفع ذلك أنه قرأه: «أُمّةٌ وَاحِدَةٌ» بنـية تكرير الكلام, كأنه أراد:
إن هذه أمتكم هذه أمة واحدة.



الآية : 93


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَتَقَطّعُوَاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وتفرّق الناس فـي دينهم
الذي أمرهم الله به ودعاهم إلـيه, فصاروا فـيه أحزابـا فهوّدت الـيهود, وتنصّرت
النصارى وعُبدت الأوثان. ثم أخبر جلّ ثناؤه عما هم إلـيه صائرون, وأن مرجع جميع
أهل الأديان إلـيه متوعدا بذلك أهل الزيغ منهم والضلال, ومعلـمهم أنه لهم
بـالـمرصاد, وأنه مـجاز جميعهم جزاء الـمـحسن بإحسانه والـمسيء بإساءته.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله: وتَقَطّعُوا
أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



18737ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَتَقَطّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ قال: تقطّعوا: اختلفوا
فـي الدين.



الآية : 94


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ
لِسَعْيِهِ وَإِنّا لَهُ كَاتِبُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فمن عمل من هؤلاء الذين
تفرّقوا فـي دينهم بـما أمره الله به من العمل الصالـح, وأطاعه فـي أمره ونهيه,
وهو مقرّ بواحدانـية الله مصدّق بوعده ووعيده متبرّىء من الأنداد والاَلهة فَلا
كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ يقول: فإن الله يشكر عمله الذي عمل له مطيعا له, وهو به
مؤمن, فـيثـيبه فـي الاَخرة ثوابه الذي وعد أهل طاعته أن يثـيبهموه, ولا يكفر ذلك
له فـيجحذه ويحرمه ثوابه علـى عمله الصالـح. وَإنّا لَهُ كاتِبُونَ يقول: ونـحن
نكتب أعماله الصالـحة كلها فلا نترك منها شيئا, لنـجزيه علـى صغير ذلك وكبـيره
وقلـيـله وكثـيره.



قال أبو جعفر: والكفران مصدر من قول القائل:
كفرت فلانا نعمته فأنا أكفُره كُفْرا وكُفْرانا ومنه قوله الشاعر:



مِنَ النّاسِ ناسٌ ما تَنامُ خُدُودهُم وخَدّي
وَلا كُفْرَانَ للّهِ نائِمُ






الآية : 95


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَحَرَامٌ عَلَىَ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ
}.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَحَرَامٌ
فقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة: «وَحِرْمٌ» بكسر الـحاء. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل
الـمدينة والبصرة: وَحَرَامٌ بفتـح الـحاء والألف.



والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان
مشهورتان متفقتا الـمعنى غير مختلفتـيه وذلك أن الـحِرْم هو الـحرام والـحرام هو
الـحِرْم, كما الـحلّ هو الـحلال والـحلال هو الـحلّ, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
وكان ابن عبـاس يقرؤه: «وَحِرْم» بتأويـل: وعزم.



18738ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
بن علـية, عن أبـي الـمعلـى, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, كان يقرؤها:
«وحِرْمَ علـى قرية» قال: فقلت لسعيد: أيّ شيء حرم؟ قال: عزم.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي الـمعلـي, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, كان
يقرؤها: «وحِرْمٌ عَلـى قَرْيَةٍ» قلت لأبـي الـمعلـى: ما الـحرم؟ قال: عزم
علـيها.



18739ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد
الأعلـى, قال: حدثنا داود, عن عكرمة, عن ابن عبـاس: أنه كان يقرأ هذه الاَية:
«وَحِرْمٌ عَلـى قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ» فلا يرجع منهم
راجع, ولا يتوب منهم تائب.



18740ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد
الوهاب, قال: حدثنا داود عن عكرمة, قال: وَحَرَامٌ عَلـى قَرْيَةٍ أهْلَكْناها
أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ» قال: لـم يكن لـيرجع منهم راجع, حرام علـيهم ذلك.



18741ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا عيسى بن
فرقد, قال: حدثنا جابر الـجعفـي, قال: سألت أبـا جعفر عن الرجعة, فقرأ هذه الاَية:
وَحَرَامٌ عَلـى قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ.



فكأن أبـا جعفر وجه تأويـل ذلك إلـى أنه: وحرام
علـى أهل قرية أمتناهم أن يرجعوا إلـى الدنـيا. والقول الذي قاله عكرِمة فـي ذلك
أولـى عندي بـالصواب وذلك أن الله تعالـى ذكره أخبر عن تفريق الناس دينهم الذي
بُعث به إلـيه الرسل, ثم أخبر عن صنـيعه بـمن عمل بـما دعته إلـيه رسله من
الإيـمان به والعمل بطاعته, ثم أتبع ذلك قوله: وَحَرامٌ عَلـى قَرْيَةٍ
أهْلَكْناها أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ فلأن يكون ذلك خبرا عن صنـيعه بـمن أبى أجابة
رسله وعمل بـمعصيته وكفر به, أحرى, لـيكون بـيانا عن حال القرية الأخرى التـي لـم
تعمل الصالـحات وكفرت به.



فإذا كان ذلك كذلك, فتأويـل الكلام: حرام علـى
أهل قرية أهلكناهم بطبعنا علـى قلوبهم وختـمنا علـى أسماعهم وأبصارهم, إذ صدّوا عن
سبـيـلنا وكفروا بآياتنا, أن يتوبوا ويراجعوا الإيـمان بنا واتبـاع أمرنا والعمل
بطاعتنا. وإذ كان ذلك تأويـل قوله الله: «وَحِرْمٌ» وعَزْم, علـى ما قال سعيد, لـم
تكن «لا» فـي قوله: أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ صلة, بل تكون بـمعنى النفـي, ويكن معنى
الكلام: وعزم منا علـى قرية أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم. وكذلك إذا كان معنى
قوله: «وَحَرَمٌ» نوجبه. وقد زعم بعضهم أنها فـي هذا الـموضع صلة, فإن معنى
الكلام: وحرام علـى قرية أهلكناها أن يرجعوا, وأهل التأويـل الذين ذكرناهم كان
أعلـم بـمعنى ذلك منه






الآية : 96


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {حَتّىَ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مّن كُلّ
حَدَبٍ يَنسِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: حتـى إذا فُتـح عن يأجوج
ومأجوج, وهما أمّتان من الأمـم ردمهما كما:



18742ـ حدثنـي عصام بن داود بن الـجراح, قال:
ثنـي أبـي, قال: حدثنا سفـيان بن سعيد الثوريّ, قال: حدثنا منصور بن الـمعتـمر, عن
رِبْعِيّ بن حِرَاش, قال: سمعت حُذيفة بن الـيـمان يقول: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «أوّلُ الاَياتِ: الدّجّالُ, وَنُزُلُ عِيسَى, وَنارٌ تَـخْرُجُ مِنْ
قَعْرِ عَدَنِ أبْـيَنَ, تَسُوق النّاسَ إلـى الـمَـحْشَرِ, تَقِـيـلُ مَعَهُمْ
إذَا قالُوا. والدّخانُ, والدّابّةُ, ثُمّ يَأْجُوجُ ومَأْجَوجُ» قال حُذيفة: قلت:
يا رسول الله, وما يأجوج ومأجوج؟ قال: «يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ أُمَـمٌ, كُلّ أُمّةٍ
أرْبَعُ مِئَةِ ألْفٍ, لا يَـمُوتُ الرّجُلُ مِنْهُمْ حتـى يَرَى ألْفَ عَيْنٍ
تَطْرِفُ بـينَ يَدَيْهِ مِنْ صُلْبِهِ, وَهُمْ وَلَدُ آدَمَ, فَـيَسِيرُونَ إلـى
خَرَابِ الدّنـيْا, يَكُونُ مُقَدّمَتُهُمْ بـالشّامِ وَساقَتُهُمْ بـالعِرَاقِ,
فَـيَـمُرّونَ بأنهَارِ الدّنـيا, فَـيَشْرَبُونَ الفُرَاتَ والدّجْلَةَ
وبُحَيْرَةَ الطّبَرِيّةِ حتـى يَأْتُوا بَـيْتَ الـمَقْدِسِ, فَـيَقُولُونَ قَدْ
قَتَلْنا أهْلَ الدّنـيْا فَقاتِلُوا مَنْ فِـي السّماءِ, فَـيْرمَونَ بـالنّشّابِ
إلـى السّماءِ, فَترْجِعُ نُشابُهُمْ مُخَضّبَةً بـالدّمِ, فَـيَقُولُونَ قَدْ
قَتَلْنا مَنْ فِـي السّماءِ, وَعِيسَى والـمُسْلِـمُونَ بِجَبَلِ طُورِ
سِينِـينَ, فَـيُوحِي اللّهُ جَلّ جَلالُهُ إلـى عِيسَى: أنْ أحْرِزْ عِبـادِي
بـالطّورِ وَما يَـلـي أيْـلَةَ ثُمّ إنّ عِيسَ يَرْفَعُ رأسَهُ إلـى السّماءِ,
وَيُؤَمّنُ الـمُسْلِـمونَ فَـيَبْعَثُ اللّهُ عَلَـيْهِمْ دَابّةً يُقالُ لَهَا
النّغَفُ, تَدْخُـلُ مِنْ مَناخِرِهِمْ فَـيُصْبِحَونَ مَوْتَـى مِنْ حاقِ الشّامِ
إلـى حاقِ العِرَاقِ, حتـى تَنْتَنَ الأرْضُ مِنْ جِيفِهِمْ ويَأْمُرُ اللّهُ
السّماءَ فتُـمْطِرُ كأفْوَاهِ القِرَبِ, فَتَغْسِلُ الأرْض مِنْ جِيَفِهِمْ
وَنَتْنِهِمْ, فَعِنْدَ ذلكَ طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها».



18743ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن
أبـي جعفر, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, قال: إن يأجوج ومأجوج يزيدون علـى سائر
الإنس الضّعف, وإن الـجنّ يزيدون علـى الإنس الضعف, وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما
يأجوج ومأجوج.



18744ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي إسحاق, قال: سمعت وهب بن جابر يحدث, عن عبد الله
بن عمرو أنه قال: إن يأجوج ومأجوج يـمرّ أولهم بنهر مثل دجلة, ويـمرّ آخرهم
فـيقول: قد كان فـي هذا مرّة ماء. لا يـموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفـا
فصاعدا. وقال: مِن بعدهم ثلاثُ أمـم لا يعلـم عددهم إلا الله: تاويـل, وتاريس,
وناسك أو منسك شكّ شعبة.



18745ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال:
حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن وهب بن جابر الـخيوانـي, قال: سألت عبد الله بن
عمرو, عن يأجوج ومأجوج, أمن بنـي آدم هم؟ قال: نعم, ومن بعدهم ثلاث أمـم لا يعلـم
عددهم إلا الله: تاريس, وتاويـل, ومنسك.



18746ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا سهل بن
حماد أبو عتاب, قال: حدثنا شعبة, عن النعمان بن سالـم, قال: سمعت نافع بن جبـير بن
مطعم يقول: قال عبد الله بن عمرو: يأجوج ومأجوج لهم أنهار يَـلْقَمون ما شاءوا,
ونساء يجامعون ما شاءوا, وشجر يـلقمون ما شاءوا, ولا يـموت رجل إلا ترك من ذرّيته
ألفـا فصاعدا.



18747ـ حدثنا مـحمد بن عمارة, قال: حدثنا عبد
الله بن موسى, قال: أخبرنا زكريا, عن عامر, عن عمرو بن ميـمون, عن عبد الله بن
سلام, قال: ما مات أحد من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرء فصاعدا.



18748ـ حدثنـي يحيى بن إبراهيـم الـمسعودي,
قال: حدثنا أبـي, عن أبـيه, عن جدّه, عن الأعمش, عن عطية, قال: قال أبو سعيد: يخرج
يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحد إلا قتلوه, إلا أهل الـحصون, فـيـمرّون علـى البحيرة
فـيشربونها, فـيـمرّ الـمارّ فـيقول: كأنه كان ههنا ماء, قال: فـيبعث الله علـيهم
النغف حتـى يكسر أعناقهم فـيصيروا خبـالاً, فتقول أهل الـحصون: لقد هلك أعداء
الله, فـيدلّون رجلاً لـينظر, ويشترط علـيهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه, فـيجدهم قد
هلكوا, قال: فـينزل الله ماء من السماء فـيقذفهم فـي البحر, فتطهر الأرض منهم,
ويغرس الناس بعدهم الشجر والنـخـل, وتـخرج الأرض ثمرتها كما كانت تـخرج فـي زمن يأجوج
ومأجوج.



18749ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا
مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن عبـيد الله بن أبـي يزيد, قال: رأى ابن عبـاس
صبـيانا ينزو بعضهم علـى بعض يـلعبون, فقال ابن عبـاس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.



18750ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم, قال:
حدثنا عمرو بن قـيس, قال: بلغنا أن ملكا دون الردم يبعث خيلاً كل يوم يحرسون الردم
لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تـخرج علـيهم, قال: فـيسمعون جلبة وأمرا شديدا.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن أبـي إسحاق, أن عبد الله بن عمرو, قال: ما يـموت الرجل من يأجوج
ومأجوج حتـى يولد له من صلبه ألف, وإن من ورائهم لثلاث أمـم ما يعلـم عددهم إلا
الله: منسك, وتاويـل, وتاريس.


18751ـ
حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة, عن عمرو
البِكالـي, قال: إن الله جزأ الـملائكة والإنس والـجنّ عشرة أجزاء فتسعة منهم
الكروبـيون وهم الـملائكة الذي يحملون العرش, ثم هم أيضا الذين يسبحون اللـيـل
والنهار لا يفترون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:24 pm

قال: ومن بقـي من
الـملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته. ثم جزّأ الإنس والـجنّ عشرة أجزاء, فتسعة منهم
الـجن, لا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الـجن تسعة. ثم جزأ الإنس علـى عشرة
أجزاء, فتسعة منهم يأجوج ومأجوج, وسائر الإنس جزء.



18752ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: حتـى إذَا فُتـحتْ يَأْجُوج وَمأْجُوجُ قال:
أُمّتانِ من وراء ردم ذي القرنـين.



18753ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن غير واحد, عن حميد بن هلال, عن أبـي الصيف, قال: كعب: إذا كان
عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتـى يسمع الذين يـلونهم قرع فئوسهم, فإذا كان
اللـيـل قالوا: نـجيء غدا فنـخرج, فـيعيدها الله كما كانت, فـيجيئون من الغد فـيجدونه
قد أعاده الله كما كان, فـيحفرونه حتـى يسمع الذين يـلونهم قرع فئوسهم, فإذا كان
اللـيـل ألقـى الله علـى لسان رجل منهم يقول: نـجيء غدا فنـخرج إن شاء الله.
فـيجيئون من الغد فـيجدونه كما تركوه, فـيحفرون ثم يخرجون. فتـمرّ الزمرة الأولـى
بـالبحيرة فـيشربون ماءها, ثم تـمرّ الزمرة الثانـية فـيـلـحسون طينها, ثم تـمرّ
الزمرة الثالثة فـيقولون: قد كان ههنا مرّة ماء. وتفرّ الناس منهم, فلا يقوم لهم
شيء, يرمون بسهامهم إلـى السماء, فترجع مخضبة بـالدماء, فـيقولون: غلبْنا أهل
الأرض وأهل السماء. فـيدعو علـيهم عيسى ابن مريـم, فـيقول: اللهمّ لا طاقة ولا
يدين لنا بهم, فـاكفناهم بـما شئت فـيسلط الله علـيهم دودا يقال له النغف فتفرس
رقابهم, ويبعث الله علـيهم طيرا فتأخذهم بـمناقرها فتلقـيهم فـي البحر, ويبعث الله
عينا يقال لها الـحياة تطهر الأرض منهم وتنبتها, حتـى إن الرمانة لـيشبع منها
السكن. قـيـل: وما السكن يا كعب؟ قال: أهل البـيت. قال: فبـينا الناس كذلك, إذ
أتاهم الصريخ أن ذا السويقتـين يريده, فـيبعث عيسى طلـيعة سبع مئة, أو بـين السبع
مئة والثمان مئة, حتـى إذا كانوا بعض الطريق بعث الله ريحا يـمانـية طيبة, فـيقبض
الله فـيها روح كلّ مؤمن, ثم يبقـى عَجَاجٌ من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم
فمثَل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظرها متـى تضع. فمن تكلف بعد قولـي هذا
شيئا أو علـى هذا شيئا فهو الـمتلكف.



18754ـ حدثنا العبـاس بن الولـيد البـيروتـي,
قال: أخبرنـي أبـي, قال: سمعت ابن جابر, قال: ثنـي مـحمد بن جابر الطائي ثم
الـحمصي, ثنـي عبد الرحمن بن جبـير بن نفـير الـحضرمي, قال: ثنـي أبـي أنه سمع
النوّاس بن سمعان الكلابـي يقول: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال, وذكر
أمره, وأن عيسى ابن مريـم يقتله, ثم قال: «فَبـيْنَا هُوَ كَذَلِكَ, أَوْحَى الله
إلـيه: يا عِيسَى, إنـي قد أخْرَجْتُ عِبَـادا لـي لا يَد لأحَدٍ بِقتَالِهِمْ,
فَحَرّزْ عِبَـادِي إلـى الطّورِ فـيَبعثَ الله يأجُوجَ ومَأْجُوجَ, وهم مِنْ كُلّ
حَدْبٍ يَنْسِلُونَ, فَـيـمُرّ أحَدُهُمْ علـى بحيرة طَبَريّةَ, فـيَشْرَبُونَ ما فـيها,
ثم ينزل آخرهم, ثم يقول: لقد كان بهذه ماء مَرّة. فـيحاصر بنـيّ الله عِيسَى
وأصحابه, حتـى يكون رَأْسُ الثور يومئذ خَيْرا لأحدهم مِنْ مِئَةِ دينارٍ لأحدكم,
فـيرغب نبـيّ الله عيسى وأصحابُه إلـى الله, فـيُرْسِل الله علـيهم النّغَفَ فـي
رِقَابِهِمْ, فـيُصْبِحُونَ فَرْسى مَوْت نَفْسٍ واحِدَةٍ, فَـيهْبِطُ نبـيّ الله
عيسى وأصْحَابُه, فلا يَجِدُونَ مَوْضَعا إلا قد ملأه زُهْمُهُمْ ونتنهم ودماؤهم,
فـيرغب نبـيّ الله عيسى وأصحابه إلـى الله, فـيُرْسِل علـيهم طيرا كأعْنَاقِ
البُخْتِ, فتَـحْمِلُهُم فَتطْرَحُهُمْ حَيْثُ شاء الله, ثم يُرْسِلُ الله مطرا لا
يَكُنّ منه بَـيْتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ, فـيغسل الأرض حتـى يتركها كالزّلَفة.



وأما قوله: وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ
يَنْسِلُونَ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي الـمعنـيّ به, فقال بعضهم: عُنـي بذلك
بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فـيه من الأرض, وإنـما عُنـي بذلك
الـحشرُ إلـى موقـف الناس يوم القـيامة. ذكر من قال ذلك:



18755ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, عن ابن أبـي نـجيح,
عن مـجاهد, فـي قوله: مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: جمع الناس من كلّ مكان
جاءوا منه يوم القـيامة, فهو حَدَبٌ.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيح: وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ, قال ابن جُرَيج: قال
مـجاهد: جمع الناس من كلّ حدب من مكان جاءوا منه يوم القـيامة فهو حدب.



وقال آخرون: بل عنـي بذلك يأجوج, ومأجوج وقوله:
«وهم» وكناية أسمائهم ذكر من قال ذلك:



18756ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا عبد
الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن سلـمة بن كهيـل, قال: حدثنا أبو الزعراء, عن عبد
الله أنه قال: يخرج يأجوج ومأجوج فـيـمرحون فـي الأرض, فـيُفسدون فـيها. ثم قرأ
عبد الله: وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: ثم يبعث الله علـيهم دابّة
مثل النغف, فتَلِـجُ فـي أسماعهم ومناخرهم فـيـموتون منها فتنتن الأرض منهم,
فـيرسل الله عزّ وجلّ ماء فـيطهر الأرض منهم.



والصواب من القول فـي ذلك ما قاله الذين قالوا:
عنـي بذلك يأجوج ومأجوج, وأن قوله: وَهُمْ كناية عن أسمائهم, للـخبر الذي:



18757ـ حدثنا به ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة,
عن مـحمد بن إسحاق, عن عاصم بن عمر, عن قتادة الأنصاري, ثم الظفري, عن مـحمود بن
لبـيد أخي بنـي عبد الأشهل, عن أبـي سعيد الـخدريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: «يُفْتَـحُ يأْجُوجُ ومَأْجُوجَ يَخْرُجُونَ عَلـى النّاسِ كمَا
قالَ اللّهُ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَـيُغَشّونَ الأرضَ».



18758ـ حدثنـي أحمد بن إبراهيـم, قال: حدثنا
هشيـم بن بشير, قال: أخبرنا العوّام بن حوشب, عن جبلة بن سحيـم, عن مؤثر, وهو ابن
عفـازة العبدي, عن عبد الله بن مسعود, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فـيـما يُذكر عن عيسى ابن مريـم, قال: «عيسى: عَهِدَ إلـيّ رَبّـي أنّ الدّجّالَ
خارِجٌ, وأنّهُ مُهْبِطِي إلَـيْهِ, فذكر أنّ مَعَهُ قَضِيبَـيْنِ, فإذَا رآنـي
أهْلَكَهُ اللّهُ. قالَ: فَـيَذُوبُ كمَا يَذُوبُ الرّصَاصُ, حتـى إنّ الشّجَرَ
والـحَجَرَ لـيَقُولُ: يا مُسْلِـمُ هَذَا كافِرٌ فـاقْتُلْهُ فَـيُهْلِكُهُمْ
اللّهُ تَبـارَكَ وَتَعالـى, وَيَرْجِعُ النّاسُ إلـى بِلادِهِمْ وأوْطانِهِمْ.
فَـيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمأْجُوجُ مِنْ كُلّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ, لاَ
يأْتُونَ عَلـى شَيْءٍ إلاّ أهْلَكُوهُ, وَلاَ يـمُرّونَ علـى ماءٍ إلاّ
شَرِبوهُ».



حدثنـي عبـيد بن إسماعيـل الهبـاري, قال:
حدثنا الـمـحاربـي, عن أصبغ بن زيد, عن العوّام بن حوشب, عن جبلة بن سحيـم, عن
موثر بن عفـازة, عن عبد الله بن مسعود, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنـحوه.



وأما قوله: مِنْ كُلّ حَدَبٍ فإنه يعنـي من كل
شرف ونشَز وأكمة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18759ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله, قال
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ يقول:
من كلّ شرف يُقْبِلون.



18760ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر عن قتادة: مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: من كلّ أكمة.



18761ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: الـحَدَبُ:
الشيء الـمشرف. وقال الشاعر:



.................. عَلـى الـحِدَابِ تَـمُورُ


1حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال
ابن زيد, فـي قوله: حتـى إذا فُتْـحَتْ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلّ
حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال: هذا مبتدأ يوم القـيامة.



وأما قوله: يَنْسِلُونَ فإنه يعنـي: أنهم
يخرجون مشاة مسرعين فـي مشيهم كنسلان الذئب, كما قال الشاعر:



عَسَلانَ الذّئْبِ أمْسَى قارب ابرد اللّـيْـلُ
عَلَـيْهِ فَنَسَلْ






الآية : 97


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ
الّذِينَ كَفَرُواْ يَوَيْلَنَا قَدْ كُنّا فِي غَفْلَةٍ مّنْ هَـَذَا بَلْ كُنّا
ظَالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: حتـى إذا فُتـحت يأجوج ومأجوج,
اقترب الوعد الـحقّ, وذلك وعد الله الذي وعد عبـاده أنه يبعثهم من قبورهم للـجزاء
والثواب والعقاب, وهو لا شكّ حق كما قال جلّ ثناؤه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18762ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم بن
بشير, قال: حدثنا عمرو, يعنـي ابن قـيس, قال: حدثنا حذيفة: لو أن رجلاً افْتَلَـى
فُلُوّا بعد خروج يأجوج ومأجوج لـم يركبه حتـى تقوم القـيامة.



18763ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَاقْتَرَبَ الوَعْد الـحَقّ قال: اقترب يوم القـيامة
منهم.



والواو
فـي قوله: وَاقْتَرَب الْوَعْدُ الـحَقّ مقحمة, ومعنى الكلام: حتـى إذا فُتـحت
يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الـحقّ, وذلك نظير قوله: فَلَـمّا أسْلَـما وَتَلّهُ
للـجَبِـينِ وَنادَيناهُ معناه: ناديناه, بغير واو, كما قال امرؤ القـيس:



فَلَـمّا أجَزْنا ساحَة الـحَيّ وانْتَـحَىبِنا
بَطْنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ



يريد: فلـما أجزنا ساحة الـحيّ انتـحى بنا.


وقوله: فإذَا هِيَ شاخِصَةٌ أبْصَارُ الّذِينَ
كَفَرُوا ففـي هي التـي فـي قوله فإذا هي وجهان: أحدهما أن تكون كناية عن الأبصار
وتكون الأبصار الظاهرة بـيانا عنها, كما قال الشاعر:



لَعَمْرُو أبِـيها لا تَقُولُ ظَعِينَتـيألا
فَرّ عَنّـي مالكُ بن أبـي كَعْبِ



فكنى عن الظعينة فـي: «لعمرو أبـيها», ثم
أظهرها, فـيكون تأويـل الكلام حينئذٍ: فإذا الأبصار شاخصة أبصار الذين كفروا.



والثانـي: أن تكون عمادا كما قال جلّ ثناؤه:
فإنّها لا تَعْمَى الأبْصَارُ وكقول الشاعر:



فَهَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ بِـما هَهُنا رأْسْ


وقوله: يا وَيْـلَنا قَدْ كُنّا فِـي غَفْلَةٍ
مِنْ هَذَا يقول تعالـى ذكره: فإذا أبصار الذين كفروا قد شخصت عند مـجيء الوعد
الـحقّ بأهواله وقـيام الساعة بحقائقها, وهم يقولون: يا ويـلنا قد كنا قبل هذا
الوقت فـي الوقت فـي الدنـيا فـي غفلة من هذا الذي نرى ونعاين ونزل بنا من عظيـم
البلاء. وفـي الكلام متروك تُرِك ذكره استغناء بدلالة ما ذُكر علـيه عنه, وذلك
«يقولون» من قوله: فإذَا هِيَ شاخصَةٌ أبْصَارُ الّذِينَ كَفَرُوا يقولون: يا
ويـلنا. وقوله: بَلْ كُنّا ظالِـمِينَ يقول مخبرا عن قـيـل الذين كفروا بـالله
يومئذٍ: ما كنا نعمل لهذا الـيوم ما ينـجينا من شدائده, بل كنا ظالـمين بـمعصيتنا
ربنا وطاعتنا إبلـيس وجنده فـي عبـادة غير الله عزّ وجلّ.



الآية : 98


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّمَ
أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: إنكم أيها الـمشركون
بـالله, العابدون من دونه الأوثان والأصنام, وما تعبدون من دون الله من الاَلهة.
كما:



18764ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللّهِ يعنـي الاَلهة ومن يعبدها, حَصَبُ جَهَنّـمَ.



وأما حصب جهنـم, فقال بعضهم: معناه: وقود جهنـم
وشجرها. ذكر من قال ذلك:



18765ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: حَصَبُ جَهَنّـمَ: شجر جهنـم.



18766ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: إنّكُمْ وَما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّـمَ يقول: وقودها.



وقال آخرون: بل معناه: حطب جهنـم. ذكر من قال
ذلك:



18767ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: حَصَبُ
جَهَنّـمَ قال: حطبها.



18768ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, (مثله) وزاد فـيه: وفـي بعض القراءة: «حَطَبُ
جَهَنّـمَ» يعنـي فـي قراءة عائشة.



18769ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: حَصَبُ جَهَنّـمَ قال: حصب جهنـم يقذفون فـيها.



18770ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن ابن الـحر, عن عكرِمة, قوله: حَصَبُ جَهَنّـمَ قال: حطب
جهنـم.



وقال آخرون: بل معنى ذلك أنهم يُرْمَى بهم فـي
جهنـم. ذكر من قال ذلك:



18771ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: حَصَبُ جَهَنّـمَ يقول: إن
جهنـم إنـما تـحصب بهم, وهو الرمي يقول: يرمي بهم فـيها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:25 pm

واختلف فـي قراءة ذلك,
فقرأته قرّاء الأمصار: حَصَبُ جَهَنّـمَ بـالصاد, وكذلك القراءة عندنا لإجماع
الـحجة علـيه.



ورُوي عن علـيّ وعائشة أنهما كانا يقرآن ذلك:
«حَطَبُ جَهَنّـمَ» بـالطاء. ورُوي عن ابن عبـاس أنه قرأه: «حَضَبُ» بـالضاد.



18772ـ حدثنا بذلك أحمد بن يوسف, قال: حدثنا
القاسم, قال: حدثنا إبراهيـم بن مـحمد, عن عثمان بن عبد الله, عن عكرمة, عن ابن
عبـاس, أنه قرأها كذلك.



وكأن ابن عبـاس إن كان قرأ ذلك كذلك, أراد أنهم
الذين تُسجر بهم جهنـم ويوقد بهم فـيها النار وذلك أن كل ما هيجت به النار وأوقدت
به, فهو عند العرب حضب لها. فإذا كان الصواب من القراءة فـي ذلك ما ذكرنا, وكان
الـمعروف من معنى الـحصب عند العرب: الرمي, من قولهم: حصبت الرجل: إذا رميته, كما قال
جلّ ثناؤه: إنّا أرْسَلْنا عَلَـيْهِمْ حاصِبـا كان الأولـى بتأويـل ذلك قول من
قال: معناه أنهم تقذف جهنـم بهم ويرمى بهم فـيها. وقد ذكر أن الـحصب فـي لغة أهل
الـيـمين: الـحطب, فإن يكن ذلك كذلك فهو أيضا وجه صحيح. وأما ما قلنا من أن معناه
الرمي فإنه فـي لغة أهل نـجد. وأما قوله: أنْتُـمْ لَهَا وَرِدُونَ فإن معناه:
أنتـم علـيها أيها الناس أو إلـيها واردون, يقول: داخـلون. وقد بـيّنت معنى الورود
فـيـما مضى قبل بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع.



الآية : 99


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَوْ كَانَ هَـَؤُلآءِ آلِهَةً مّا وَرَدُوهَا وَكُلّ فِيهَا
خَالِدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين الذين وصف
صفتهم أنهم ما يأتـيهم من ذكر من ربهم مـحدث إلا استـمعوه وهم يـلعبون, وهم مشركو
قريش: أنتـم أيها الـمشركون, وما تعبدون من دون الله واردو جهنـم, ولو كان ما
تعبدون من دون الله آلهة ما وردوها, بل كانت تـمنع من أراد أن يوردكموها إذ كنتـم
لها فـي الدنـيا عابدين, ولكنها إذ كانت لا نفع عندها لأنفسها ولا عندها دفع ضرّ
عنها, فهي من أن يكون ذلك عندها لغيرها أبعد, ومن كان كذلك كان بـينا بعده من
الألوهة, وأن الإله هو الذي يقدر علـى ما يشاء ولا يقدر علـيه شيء, فأما من كان
مقدورا علـيه فغير جائز أن يكون إلها. وقوله: وكلّ فِـيها خالِدُونَ يعنـي الاَلهة
ومن عبدها أنهم ماكثون فـي النار أبدا بغير نهاية وإنـما معنى الكلام: كلكم فـيها
خالدون.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



18773ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: لَوْ كانَ هُؤُلاءِ آلهَةً ما وَرَدُوها وَكُلّ فِـيها
خالِدُونَ قال: الاَلهة التـي عبد القوم, قال: العابد والـمعبود.






الآية :
100 - 101



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ * إِنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنّا
الْحُسْنَىَ أُوْلَـَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقولهم: لَهُمْ الـمشركين
وآلهتهم, والهاء, والـميـم فـي قوله: لَهُمْ من ذكر «كلّ» التـي فـي قوله: وُكلّ
فِـيا خالِدُونَ. يقول تعالـى ذكره: لكلهم فـي جهنـم زفـير, وَهُمْ فِـيها لا
يَسْمَعُونَ يقول: وهم فـي النار لا يسمعون.



وكان ابن مسعود يتأوّل فـي قوله: وَهُمْ فِـيها
لا يَسْمَعُونَ ما:



18774ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن الـمسعودي, عن يونس بن خبـاب, قال: قرأ ابن مسعود هذه الاَية:
لَهُمْ فِـيها زَفِـير وَهُمْ فِـيها لا يَسْمَعُونَ قال: إذا ألقـي فـي النار من
يخـلد فـيها جعلوا فـي توابـيت من نار, ثم جعلت تلك التوابـيت فـي توابـيت أخرى,
ثم جعلت التوابـيت أخرى فـيها مسامير من نار, فلا يرى أحد منهم أن فـي النار أحدا
يعذّب غيره. ثم قرأ: لَهُمْ فِـيها زَفِـيرٌ وَهُمْ فِـيها لا يَسْمَعُونَ.



وأما قوله: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ
مِنّا الـحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي
الـمعنـيّ به, فقال بعضهم: عُنـي به كل من سبقت له من الله السعادة من خـلقه أنه
عن النار مُبعد. ذكر من قال ذلك:



18775ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا مـحمد
بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي بشر, عن يوسف بن سعد ولـيس بـابن ماهَك عن
مـحمد بن حاطب, قال: سمعت علـيّا يخطب فقرأ هذه الاَية: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ
لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. قال: عثمان رضي الله عنه
منهم.



وقال آخرون: بل عُنـي: من عُبد مِن دون الله,
وهو لله طائع ولعبـادة من يَعبد كاره. ذكر من قال ذلك:



18776ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى. وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ قال: عيسى,
وعُزَير, والـملائكة.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



قال ابن جُرَيج: قوله: إنّكُمْ وَما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ثم استثنى فقال: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ
مِنّا الـحُسْنَى.



18777ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, عن الـحسين, عن يزيد, عن عكرمة, والـحسن البصري قالا: قال فـي سورة
الأنبـياء: إنّكُمْ وَما تَعْبُدونَ مِنْ دونِ اللّهِ حَصَب جَهَنـمَ أنْتُـمْ
لَهَا وَارِدونَ لَوْ كانَ هَؤلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلّ فِـيها خالِدُونَ
لَهُمْ فِـيها زَفِـيرٌ وَهُمْ فِـيها لا يَسْمَعُونَ ثم استثنى فقال: إنّ
الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ فقد
عُبدت الـملائكة من دون الله, وعُزَيرٌ وعيسى من دون الله.



18778ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن
يـمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد: أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ قال: عيسى.



18779ـ حدثنـي إسماعيـل بن سيف, قال: حدثنا
علـيّ بن مسهر, قال: حدثنا إسماعيـل بن أبـي خالد, عن أبـي صالـح فـي قوله: إنّ
الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى قال: عيسى, وأمه, وعُزَير, والـملائكة.



18780ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن
ابن إسحاق, قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فـيـما بلغنـي يوما مع الولـيد
بن الـمغيرة, فجاء النضر بن الـحارث حتـى جلس معهم وفـي الـمـجلس غير واحد من رجال
قريش, فتكلـم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعرض له النضر بن الـحارث, وكلّـمه
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أفحمه, ثم تلا علـيه وعلـيهم: إنّكُمْ وَما
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّـمَ أنْتُـمْ لَهاَ وَارِدُونَ لَوْ
كان هَؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وكُلّ فِـيها خالِدُونَ.... إلـى قوله: وَهُمْ
فِـيها لا يَسْمَعُونَ. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأقبل عبد الله بن
الزّبَعْرَي بن قـيس بن عدي السهميّ حتـى جلس, فقال الولـيد بن الـمغيرة لعبد الله
بن الزّبَعْري: والله ما قام النضر بن الـحارث لابن عبد الـمطلب آنفـا وما قعد,
وقد زعم أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حَصَب جهنـم فقال عبد الله بن الزّبَعْري:
أما والله لو وجدته لـخصَمته فسلوا مـحمدا: أكلّ من عبد من دون الله فـي جهنـم مع
من عَبده؟ فنـحن نعبد الـملائكة, والـيهود تعبد عُزَيرا, والنصارى تعبد الـمسيح
عيسى ابن مريـم. فعجب الولـيد بن الـمغيرة ومن كان فـي الـمـجلس من قول عبد الله
بن الزّبَعْري, (ورأوا أنّه قد احتـجّ وخاصم. فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه
وسلم من قول ابن الزبعري, فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ كُلّ مَنْ
أحَبّ أنْ يُعْبَدَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَهُوَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ, إنّـمَا
يَعْبَدُونَ الشّياطِينَ وَمَنْ أمَرَهُمْ بعِبـادَتهِ». فأنزل الله علـيه: إنّ الّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ... إلـى:
خالِدُونَ أي عيسى ابن مريـم, وعُزير, ومن عَبدوا من الأحبـار والرهبـان الذي
مضَوا علـى طاعة الله, فـاتـخذهم مَنْ بعدهم من أهل الضلالة أربـابـا من دون الله.
فأنزل الله فـيـما ذكروا أنهم يعبدون الـملائكة وأنها بنات الله: وَقالُوا
اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا سُبْحانَهَ بَلْ عِبـادٌ مُكْرَمونَ... إلـى قوله:
نَـجْزِي الظّالِـمينَ.



18781ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك, قال: يقول ناس من الناس إنّ الّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ يعنـي من الناس
أجمعين. فلـيس كذلك, إنـما يعنـي من يعبد الاَلهة وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه
وعُزَير والـملائكة, واستثنى الله هؤلاء الاَلهة الـمعبودة التـي هي ومَنْ يعبدها
فـي النار.



18782ـ حدثنا ابن سِنان القزاز, قال: حدثنا
الـحسن بن الـحسين الأشقر, قال: حدثنا أبو كدينة, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن
جبـير, عن ابن عبـاس, قال: لـما نزلت: إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ
حَصَبُ جَهَنّـمَ أنْتُـمْ لَهَا وَارِدُون قال الـمشركون: فإن عيسى يُعبد وعُزَير
والشمس والقمر يُعبدون فأنزل الله: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى
أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لعيسى وغيره.



وأولـى الأقوال فـي تأويـل ذلك بـالصواب قول من
قال: عنـي بقوله: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الْـحُسْنَى أُولَئِكَ
عَنْها مُبْعَدُونَ ما كان من معبود كان الـمشركون يعبدونه والـمعبود لله مطيع
وعابدوه بعبـادتهم إياه بـالله كفّـار لأن قوله تعالـى ذكره: إنّ الّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الْـحُسْنَى ابتداء كلام مـحقق لأمر كان ينكره قوم, علـى
نـحو الذي ذكرنا فـي الـخبر عن ابن عبـاس, فكأن الـمشركين قالوا لنبـيّ الله صلى
الله عليه وسلم إذ قال لهم: إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ
جَهَنّـمَ: ما الأمر كما تقول, لأنا نعبد الـملائكة, ويعبد آخرون الـمسيح
وعُزَيرا. فقال عزّ وجلّ ردّا علـيهم قولهم: بل ذلك كذلك, ولـيس الذي سبقت لهم منا
الـحسنى هم عنها مبعدون, لأنهم غير معنـيـين بقولنا: إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّـمَ. فأما قول الذين قالوا ذلك استثناء من قوله:
إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنّـمَ فقول لا معنى له لأن
الاستثناء إنـما هو إخراج الـمستثنى من الـمستثنى منه, ولا شكّ أن الذين سبقت لهم
منا الـحسنى إنـما هم إما ملائكة وإما إنس أو جانّ, وكلّ هؤلاء إذا ذكرتها العرب
فإن أكثر ما تذكرها ب «من» لا ب «ما», والله تعالـى ذكره إنـما ذكر الـمعبودين
الذين أخبر أنهم حَصَب جهنـم ب «ما», قال: إنّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللّهِ حَصَبُ جَهَنّـمَ إنـما أريد به ما كانوا يعبدونه من الأصنام والاَلهة من
الـحجارة والـخشب, لا من كان من الـملائكة والإنس. فإذا كان ذلك كذلك لـما وصفنا,
فقوله: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى جواب من الله للقائلـين ما
ذكرنا من الـمشركين مبتدأ. وأما الـحُسنى فإنها الفُعلـى من الـحسن, وإنـما عنـي
بها السعادة السابقة من الله لهم. كما:



18783ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: إنّ الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الـحُسْنَى قال:
الـحسنى: السعادة. وقال: سبقت السعادة لأهلها من الله, وسبق الشقاء لأهله من الله.



الآية :
102



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ
خَالِدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا يسمع هؤلاء الذين سبقت
لهم منا الـحسنى حَسِيس النار, ويعنـي بـالـحسيس: الصوت والـحسّ.



فإن قال قائل: فكيف لا يسمعون حسيسها, وقد
علـمت ما رُوي من أن جهنـم يُؤْتَـي بها يوم القـيامة فتزفر زفرة لا يبقـى ملك
مقرّب ولا نبـيّ مرسل إلا جثا علـى ركبتـيه خوفـا منها؟ قـيـل: إن الـحال التـي لا
يسمعون فـيها حسيسها هي غير تلك الـحال, بل هي الـحال التـي:



18784ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: لا يَسْمَعُونَ
حَسِيسَها وَهُمْ فِـيـما اشْتَهَتْ أنْفُسُهُمْ خالِدُونَ يقول: لا يسمع أهل
الـجنة حسيس النار إذا نزلوا منزلهم من الـجنة.



وقوله: وَهُمْ فِـيـما اشْتَهَتْ أنْفُسُهُمْ
خالِدُونَ يقول: وهم فـيـما تشتهيه نفوسهم من نعيـمها ولذّاتها ماكثون فـيها, لا
يخافون زوالاً عنها ولا انتقالاً عنها.



الآية :
103



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقّاهُمُ
الْمَلاَئِكَةُ هَـَذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }.



اختلف أهل التأويـل فـي الفزع الأكبر أيّ الفزع
هو؟ فقال بعضهم: ذلك النار إذا أطبقت علـى أهلها. ذكر من قال ذلك:



18785ـ حدثنا أبو هشام, قال: حدثنا يحيى بن
يـمان, قال: حدثنا سفـيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبـير: لا يَحْزُنهُمْ
الفَزَعُ الأكْبَرُ قال: النار إذا أطبقت علـى أهلها.



18786ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج, قوله: لا يَحْزُنهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ قال: حين
يطبق جهنـم, وقال: حين ذُبح الـموت.



وقال آخرون: بل ذلك النفخة الاَخرة. ذكر من قال
ذلك:



18787ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: لا يَحْزُنهُمُ
الفَزَعُ الأكْبَرُ يعنـي النفخة الاَخرة.



وقال آخرون: بل ذلك حين يؤمر بـالعبد إلـى
النار. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:25 pm

18788ـ حدثنا ابن حميد,
قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن رجل, عن الـحسن: لا يَحْزُنهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ
قال: انصراف العبد حين يُؤْمر به إلـى النار.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب, قول من قال:
ذلك عند النفخة الاَخرة وذلك أن من لـم يحزنه ذلك الفزع الأكبر وأمن منه, فهو مـما
بعدَه أحْرَى أن لا يفزَع, وأن من أفزعه ذلك فغير مأمون علـيه الفزع مـما بعده.



وقوله: وَتَتَلَقّاهُمُ الـمَلائِكَةُ يقول:
وتستقبلهم الـملائكة يهنئونهم يقولون: هَذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنْتُـمْ
تُوعَدُونَ فـيه الكرامة من الله والـحِبـاء والـجزيـل من الثواب علـى ما كنتـم
تنصَبون فـي الدنـيا لله فـي طاعته.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال ابن زيد.


18789ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: هَذَا يَوْمُكُمُ الّذِي كُنْتُـمْ تُوعَدُونَ قال: هذا
قبل أن يدخـلوا الـجنة.






الآية :
104



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَوْمَ نَطْوِي السّمَآءَ كَطَيّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ كَمَا
بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: لا يحزنهم الفزع الأكبر,
يوم نطوي السماء. ف «يوم» صلة من «يحزنهم».



واختلف أهل التأويـل فـي معنى السجلّ الذي ذكره
الله فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: هو اسم ملَك من الـملائكة. ذكر من قال ذلك:



18790ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان,
قال: حدثنا أبو الوفـاء الأشجعيّ, عن أبـيه, عن ابن عمر, فـي قوله: يَوْمَ نَطْوِي
السّماءَ كَطَيّ السّجلّ للْكِتَابِ قال: السجِلّ: مَلَك, فإذا صعد بـالاستغفـار
قال: اكتبها نورا.



18791ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال:
حدثنا سفـيان, قال: سمع السديّ يقول, فـي قوله: يَوْمَ نَطْوِي السّماءَ كَطَيّ
السّجِلّ قال: السجلّ: ملَك.



وقال آخرون: السجل: رجل كان يكتب لرسول الله
صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



18792ـ حدثنا نصر بن علـيّ, قال: حدثنا نوح بن
قـيس, قال: حدثنا عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوزاء, عن ابن عبـاس فـي هذه الاَية:
يَوْمَ نَطْوِي السّماءَ كَطَيّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ قال: كان ابن عبـاس يقول: هو
الرجل.



قال: حدثنا نوح بن قـيس, قال: حدثنا يزيد بن
كعب, عن عمرو بن مالك, عن أبـي الـجوزاء, عن ابن عبـاس, قال: السجلّ: كاتب كان يكتب
لرسول الله صلى الله عليه وسلم.



وقال آخرون: بل هو الصحيفة التـي يُكتب فـيها.
ذكر من قال ذلك:



18793ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: كَطَيّ السّجِلّ للْكِتابِ يقول:
كطيّ الصحيفة علـى الِكتاب.



حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال:
ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يَوْمَ نَطْوِي السّماءَ
كَطَيّ السّجِلّ للْكِتابِ يقول: كطيّ الصحف.



18794ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قال: السّجلّ: الصحيفة.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: يَوْمَ نَطْوِي السّماءَ كَطَيّ السّجِلّ
لِلْكِتابِ قال: السجل: الصحيفة.



وأولـى الأقوال فـي ذلك عندنا بـالصواب قول من
قال: السجلّ فـي هذا الـموضع الصحيفة لأن ذلك هو الـمعروف فـي كلام العرب, ولا
يعرف لنبـينا صلى الله عليه وسلم كاتب كان اسمه السجلّ, ولا فـي الـملائكة مَلك
ذلك اسمه.



فإن قال قائل: وكيف تَطْوي الصحيفة بـالكتاب إن
كان السجلّ صحيفة؟ قـيـل: لـيس الـمعنى كذلك, وإنـما معناه: يوم نطوي السماء كطيّ
السجلّ علـى ما فـيه من الكتاب ثم جعل «نطوِي» مصدرا, فقـيـل: كَطَيّ السّجِلّ
لِلْكِتابِ واللام فـي قوله «للكتاب» بـمعنى «علـى».



واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الأمصار, سوى أبـي جعفر القارىء: يَوْمَ نَطْوِي السّماءَ بـالنون. وقرأ ذلك
أبو جعفر: «يَوْم تُطْوَي السّماءُ» بـالتاء وضمها, علـى وجه ما لـم يُسمّ فـاعله.



والصواب من القراءة فـي ذلك ما علـيه قرّاء
الأمصار, بـالنون, لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه وشذوذ ما خالفه. وأما السّجلّ
فإنه فـي قراءة جميعهم بتشديد اللام. وأما الكتاب, فإن قرّاء أهل الـمدينة وبعض
أهل الكوفة والبصرة قرءوه بـالتوحيد: «كطيّ السجلّ للكتاب», وقرأ ذلك عامة قرّاء
الكوفة: للْكُتُبِ علـى الـجماع.



وأولـى القراءتـين عندنا فـي ذلك بـالصواب:
قراءة من قرأه علـى التوحيد للكتاب لـما ذكرنا من معناه, فإِن الـمراد منه: كطيّ
السجلّ علـى ما فـيه مكتوب. فلا وجه إذ كان ذلك معناه لـجميع الكتب إلا وجه نتبعه
من معروف كلام العرب, وعند قوله: كَطَيّ السّجِلّ انقضاء الـخبر عن صلة قوله: لا
يَحْزُنهُمُ الْفَزَعُ الأْكْبَرُ, ثم ابتدأ الـخبر عما الله فـاعل بخـلقه يومئذ
فقال تعالـى ذكره: كمَا بَدَأْنا أوّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ فـالكاف التـي فـي قوله:
«كمَا» من صلة «نعيد», تقدّمت قبلها ومعنى الكلام: نعيد الـخـلق عُراة حُفـاة
غُرْلاً يوم القـيامة, كما بدأناهم أوّل مرّة فـي حال خـلقناهم فـي بطون أمهَاتهم,
علـى اختلاف من أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك.



وبـالذي قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل
التأويـل, وبه الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك اخترت القول به علـى
غيره. ذكر من قال ذلك والأثر الذي جاء فـيه:



18795ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: أوّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ قال: حُفـاة عُراة
غُرْلاً.



18796ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد قوله: أوّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ قال: حُفـاة
غُلْفـا. قال ابن جُرَيج أخبرنـي إبراهيـم بن ميسرة, أنه سمع مـجاهدا يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نسائه: «يَأْتُونَهُ حُفـاةً عُرَاةً غُلْفـا»
فـاسْتَترَتْ بِكُمّ دِرْعِها, وَقالَتْ وَاسَوأتاهُ قال ابن جُرَيج: أخبرت أنها
عائشة قالت: يا نبـيّ الله, لا يحتشمُ الناس بعضهم بعضا؟ قال: «لكُلّ امُرِىءٍ
يَوْمِئِذٍ شأْنٌ يُغْنِـيهِ».



18797ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى بن
سعيد, قال: حدثنا سفـيان, قال: ثنـي الـمغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جبـير, عن ابن
عبـاس, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يُحْشَرُ النّاسُ حُفـاةً عُرَاةً
غُرْلاً, فَأوّلَ مَنْ يُكْسَى إبراهِيـمُ» ثم قرأ: كمَا بَدأْنا أوّلَ خَـلْقٍ
نُعِيدُه وَعْدا عَلَـيْنا إنّا كُنّا فـاعِلِـينَ.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا إسحاق بن يوسف,
قال: حدثنا سفـيان, عن الـمغيرة بن النعمان, عن سعيد بن جُبـير, عن ابن عبـاس,
قال: «قام فـينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بـموعظة» فذكره نـحوه.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن الـمغيرة بن النعمان النَـخَعِيّ, عن سعيد بن جُبـير,
عن ابن عبـاس, قال: «قام فـينا رسول الله صلى الله عليه وسلم» فذكره نـحوه.



حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن شعبة,
قال: حدثنا الـمغيرة بن النعمان النـخَعيّ, عن سعيد بن جُبـير, عن ابن عبـاس,
نـحوه.



18798ـ حدثنا عيسى بن يوسف بن الطبـاع أبو
يحيى, قال: حدثنا سفـيان, عن عمرو بن دينار, عن سعيد بن جُبـير, عن ابن عبـاس,
قال: سمعت النبـيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: «إنّكُمْ مُلاقُو اللّهِ مُشاةً
غُرْلاً».



18799ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس,
عن لـيث, عن مـجاهد, عن عائشة, قالت: دخـل علـيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعندي عجوز من بنـي عامر, فقال: «مَنْ هَذه العَجُوزُ يا عائِشَةُ؟» فقلت: إحدى
خالاتـي. فقالت: ادع الله أن يدخـلنـي الـجنة فقال: «إنّ الـجَنّةَ لا يَدْخُـلُها
العَجَزةُ». قالت: فأخذ العجوزَ ما أخذها, فقال: «إنّ اللّهَ يُنْشِئُهُنّ خَـلْقا
غيرَ خَـلْقِهِنّ», ثم قال: «يُحْشَرُونَ حُفـاةً عُرَاةً غُلْقا». فقالت: حاش لله
من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَلـى إنّ اللّهَ قالَ: كمَا بَدأْنا
أوّلَ خَـلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدا عَلَـيْنا... إلـى آخر الاَية, فأوّلُ مَنْ
يُكْسَى إبْرَاهِيـمُ خَـلِـيـلُ الله».



18800ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسدي, قال:
حدثنا عبـيد الله, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن عطاء, عن عقبة بن عامر
الـجهنـي, قال: يجمع الناس فـي صعيد واحد ينفذهم البصر, ويسمعهم الداعي, حفـاة
عراة, كما خُـلقوا أوّل يوم.



18801ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي عبـاد بن العوّام, عن هلال بن حبـان, عن سعيد بن جُبـير, عن ابن عبـاس, (عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: «يحشر الناس يوم القـيامة حُفـاة عراة مشاة
غرلاً». قلت: يا أبـا عبد الله ما الغُرْل؟ قال: الغُلْف. فقال بعض أزواجه: يا
رسول الله, أينظر بعضنا إلـى بعض إلـى عورته؟ فقال «لِكُلّ امْرىءٍ منهم
يَوْمَئِذٍ ما يَشْغَلُهُ عَن النّظَر إلـى عَوْرَة أخِيهِ». قال هلال: قال سعيد
بن جُبـير: وَلَقَدْ جِئْتُـمُونا فُرَادَى كمَا خَـلَقْناكُمْ أوّلَ مَرّةٍ قال:
كيوم ولدته أمه, يردّ علـيه كل شيءٍ انتقص منه مثل يوم وُلد.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: كما كنا ولا شيء
غيرنا قبل أن نـخـلق شيئا, كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فـانـية, حتـى لا يكون شيء
سوانا. ذكر من قال ذلك:



18802ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: كمَا بَدأْنا أوّلَ
خَـلْقٍ نُعِيدُهُ... الاَية, قال: نهلك كل شيء كما كان أوّل مرّة.



وقوله: وَعْدا عَلَـيْنا يقول: وعدناكم ذلك
وعدا حقّا علـينا أن نوفـي بـما وعدنا, إنا كنا فـاعلـي ما وعدناكم من ذلك أيها
الناس, لأنه قد سبق فـي حكمنا وقضائنا أن نفعله, علـى يقـين بأن ذلك كائن,
واستعدوا وتأهبوا.



الآية :
105



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزّبُورِ مِن بَعْدِ الذّكْرِ أَنّ الأرْضَ
يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصّالِحُونَ }.



اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ بـالزّبور
والذكر فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: عُنـي بـالزّبور: كتب الأنبـياء كلها التـي
أنزلها الله علـيهم, وعُنـي بـالذكر: أمّ الكتاب التـي عنده فـي السماء. ذكر من
قال ذلك:



18803ـ حدثنـي عيسى بن عثمان بن عيسى الرملـيّ,
قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, قال: سألت سعيدا, عن قول الله: وَلَقَدْ
كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ قال: الذكر: الذي فـي السماء.



18804ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا عيسى بن يونس, عن الأعمش, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا
فِـي الزّبُورِ قال: قرأها الأعمش: «الزّبُر» قال: الزبور, والتوراة, والإنـجيـل,
والقرآن مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ قال: الذكر الذي فـي السماء.



18805ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: الزّبُورِ قال: الكتاب. مِنْ بَعْدِ
الذّكْرِ قال: أمّ الكتاب عند الله.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: الزّبُورِ قال: الكتاب. بَعْدِ الذّكْرِ
قال: أم الكتاب عند الله.



18806ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ قال: الزبور: الكتب
التـي أُنزلت علـى الأنبـياء. والذكر: أمّ الكتاب الذي تُكتب فـيه الأشياء قبل
ذلك.



18807ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
منصور, عن سعيد, فـي قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ
قال: كتبنا فـي القرآن من بعد التوراة.



وقال آخرون: بل عُنـي بـالزّبور: الكتب التـي
أنزلها الله علـى مَنْ بعد موسى من الأنبـياء, وبـالذكر: التوراة. ذكر من قال ذلك:



18808ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا
فِـي الزّبُورِ مِنْ بَعْدَ الذّكْرِ... الاَية, قال: الذكر: التوراة, والزبور:
الكتب.



18809ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي
الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ... الاَية, قال: الذكر: التوراة, ويعنـي بـالزبور
من بعد التوراة: الكتب.



وقال آخرون: بل عُنـي بـالزّبور زَبور داود,
وبـالذكر تَوراة موسى صلـى الله علـيهما. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty19/7/2011, 9:26 pm

18810ـ حدثنا مـحمد بن
الـمثنى, قال: حدثنا عبد الوهاب, قال: حدثنا داود, عن عامر أنه قال فـي هذه
الاَية: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ قال: زبور داود.
من بعد الذكر: ذكر موسى التوراة.


حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا ابن أبـي عديّ,
عن داود, عن الشعبـيّ, أنه قال فـي هذه الاَية: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ
مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ قال: فـي زبور داود, من بعد ذكر موسى.


وأولـى هذه الأقوال عندي بـالصواب فـي ذلك ما
قاله سعيد بن جُبـير ومـجاهد ومن قال بقولهما فـي ذلك, من أن معناه: ولقد كتبنا
فـي الكتب من بعد أمّ الكتاب الذي كتب الله كل ما هو كائن فـيه قبل خـلق السموات
والأرض. وذلك أن الزبور هو الكتاب, يقال منه: زبرت الكتاب وذَبرته: إذا كتبته, وأن
كلّ كتاب أنزله الله إلـى نبـيّ من أنبـيائه, فهو ذِكْر. فإذ كان ذلك كذلك, فإن
فـي إدخاله الألف واللام فـي الذكر, الدلالة البـينة أنه معنـيّ به ذكر بعينه
معلوم عند الـمخاطبـين بـالاَية, ولو كان ذلك غير أمّ الكتاب التـي ذكرنا لـم تكن
التوراة بأولـى من أن تكون الـمعنـية بذلك من صحف إبراهيـم, فقد كان قبل زَبور
داود.


فتأويـل الكلام إذن, إذ كان ذلك كما وصفنا:
ولقد قضينا, فأثبتنا قضاءنا فـي الكتب من بعد أمّ الكتاب, أن الأرض يرثها عبـادي
الصالـحون يعنـي بذلك: أن أرض الـجنة يرثها عبـادي العاملون بطاعته الـمنتهون إلـى
أمره ونهيه من عبـاده, دون العاملـين بـمعصيته منهم الـمؤثرين طاعة الشيطان علـى
طاعته. ذكر من قال ذلك:


18811ـ حدثنا مـحمد بن عبد الله الهلالـي, قال:
حدثنا عبـيد الله بن موسى, قال: حدثنا إسرائيـل, عن أبـي يحيى القَتّات, عن
مـجاهد, عن ابن عبـاس, قوله: أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال:
أرض الـجنة.


18812ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ
مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال: أخبر
سبحانه فـي التوراة والزبور وسابق علـمه قبل أن تكون السموات والأرض, أن يورث أمة
مـحمد صلى الله عليه وسلم الأرض ويُدخـلهم الـجنة, وهم الصالـحون.


18813ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
منصور, عن سعيد بن جُبـير فـي قوله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ
الذّكْرِ أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال: كتبنا فـي القرآن بعد
التوراة, والأرض أرض الـجنة.


18814ـ حدثنـي علـيّ بن سهل, قال: حدثنا حجاج,
عن أبـي جعفر, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية: أنّ الأرْضَ يَرِثُها
عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال: الأرض: الـجنة.


حدثنـي عيسى بن عثمان بن عيسى الرملـيّ, قال:
حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, قال: سألت سعيدا عن قول الله: أنّ الأرْضَ
يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال: أرض الـجنة.


18815ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: أنّ الأرْضَ قال: الـجنة,
يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالـحُونَ.


حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.


18816ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ قال:
الـجنة. وقرأ قول الله جلّ ثناؤه: وَقالُوا الـحَمْدِ للّهِ الّذِي صَدَقَنا
وَعْدَهُ وَأوْرَثنَا الأَرْضَ نَتَبَوّأُ مِنَ الـجَنةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ
أجْرُ العامِلِـينَ قال: فـالـجنة مبتدؤها فـي الأرض ثم تذهب درجات عُلوّا, والنار
مبتدؤها فـي الأرض وبـينهما حجاب سُور ما يدري أحد ما ذاك السور, وقرأ: بـابٌ
بـاطِنُهُ فِـيهِ الرّحَمةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ العَذَابُ قال: ودرجها تذهب
سَفـالاً فـي الأرض, ودرج الـجنة تذهب عُلوّا فـي السموات.


18817ـ حدثنا مـحمد بن عوف, قال: حدثنا أبو
الـمغيرة, قال: حدثنا صفوان, سألت عامر بن عبد الله أبـا الـيـمان: هل لأنفس
الـمؤمنـين مـجتـمع؟ قال: فقال: إن الأرض التـي يقول الله: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِـي
الزّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ
قال: هي الأرض التـي تـجتـمع إلـيها أرواح الـمؤمنـين حتـى يكون البعث.


وقال آخرون: هي الأرض يورثها الله الـمؤمنـين
فـي الدنـيا.


وقال آخرون: عُنـي بذلك بنو إسرائيـل وذلك أن
الله وعدهم ذلك فوفـيّ لهم به. واستشهد لقوله ذلك بقول الله: وأَورَثْنا القَوْمَ
الّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ وَمَغارِبَها الّتِـي بـارَكْنا
فِـيها. وقد ذكرنا قول من قال: أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبـادِيَ الصّالِـحُونَ أنها
أرض الأمـم الكافرة, ترثها أمة مـحمد صلى الله عليه وسلم. وهو قول ابن عبـاس الذي
رَوَى عنه علـيّ بن أبـي طلـحة.


الآية :
106 و 107


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّ فِي هَـَذَا لَبَلاَغاً لّقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً
لّلْعَالَمِينَ }.


يقول تعالـى ذكره: إن فـي هذا القرآن الذي
أنزلناه علـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم, لبلاغا لـمن عبد الله بـما فـيه من
الفرائض التـي فرضها الله, إلـى رضوانه وإدراك الطّلِبة عنده.


وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:


18818ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
ابن عُلَـية, عن الـجَريريّ, عن أبـي الوَرْد بن ثُمامة, عن أبـي مـحمد الـحضرميّ,
قال: حدثنا كعب فـي هذا الـمسجد, قال: والذي نفس كعب بـيده إنّ فـي هَذَا لبَلاغا
لقَوْمٍ عَابِدِينَ إنهم لأهل أو أصحاب الصلوات الـخمس, سماهم الله عابدين.


18819ـ حدثنا الـحسين بن يزيد الطحان, قال:
حدثنا ابن عُلَـية, عن سعيد بن إياس الـجريريّ, عن أبـي الوَرْد عن كعب, فـي قوله:
إنّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال: صوم شهر رمضان, وصلاة الـخمس,
قال: هي ملء الـيدين والبحر عبـادة.


18820ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا مـحمد بن الـحسين, عن الـجريريّ, قال: قال كعب الأحبـار: إنّ فِـي هَذَا
لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ لأمة مـحمد.


18821ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: إنّ فِـي هَذَا لَبَلاغا
لِقَوْمٍ عابِدِينَ يقول: عاملـين.


18822ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: إنّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال:
يقولون فـي هذه السورة لبلاغا.


ويقول آخرون: فـي القرآن تنزيـل لفرائض الصلوات
الـخمس, من أداها كان بلاغا لقوم عابدين, قال: عاملـين.


18823ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: إنّ فِـي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال: إن فـي
هذا لـمنفعة وعلـما لقوم عابدين ذاك البلاغ.


وقوله: وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً
للْعَالَـمِينَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك يا
مـحمد إلـى خـلقنا إلا رحمة لـمن أرسلناك إلـيه من خـلقـي.


ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى هذه الاَية,
أجميع العالـم الذي أرسل إلـيهم مـحمد أُريد بها مؤمنهم وكافرهم؟ أم أريد بها أهل
الإيـمان خاصة دون أهل الكفر؟ فقال بعضهم: عُنـي بها جميع العالـم الـمؤمن
والكافر. ذكر من قال ذلك:


18824ـ حدثنـي إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا
إسحاق بن يوسف الأزرق, عن الـمسعوديّ, عن رجل يقال له سعيد, عن سعيد بن جُبـير, عن
ابن عبـاس, فـي قول الله فـي كتابه: وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً
للْعَالَـمِينَ قال: من آمن بـالله والـيوم الاَخر كُتب له الرحمة فـي الدنـيا
والاَخرة, ومن لـم يؤمن بـالله ورسوله عُوفِـيَ مـما أصاب الأمـم من الـخَسْف
والقذف.


حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا
عيسى بن يونس, عن الـمسعوديّ, عن أبـي سعيد, عن سعيد جُبـير, عن ابن عبـاس, فـي
قوله: وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ قال: تـمت الرحمة لـمن آمن
به فـي الدنـيا والاَخرة, ومن لـم يؤمن به عُوفـيَ مـما أصاب الأمـم قبل.


وقال آخرون: بل أريد بها أهل الإيـمان دون أهل
الكفر. ذكر من قال ذلك:


18825ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً للْعَالَـمِينَ قال:
العالـمون: من آمن به وصدّقه. قال: وَإنْ أدْرِي لَعَلّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ
وَمَتاعٌ إلـى حِينِ قال: فهو لهؤلاء فتنة ولهؤلاء رحمة, وقد جاء الأمر مـجملاً
رحمة للعالـمين. والعالَـمون ههنا: من آمن به وصدّقه وأطاعه.


وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب القول الذي
رُوي عن ابن عبـاس, وهو أن الله أرسل نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم رحمة لـجميع
العالـم, مؤمنهم وكافرهم. فأما مؤمنهم فإن الله هداه به, وأدخـله بـالإيـمان به
وبـالعمل بـما جاء من عند الله الـجنة. وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء
الذي كان ينزل بـالأمـم الـمكذّبة رسلها من قبله.





الآية :
108


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ إِنّمَآ يُوحَىَ إِلَيّ أَنّمَآ إِلَـَهُكُمْ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ
فَهَلْ أَنتُمْ مّسْلِمُونَ }.


يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد: ما يوحي إلـيّ ربـي إلا أنّه لا إله لكم يجوز أن يُعبد إلا إله
واحد لا تصلـح العبـادة إلا له ولا ينبغي ذلك لغيره. فَهَلْ أنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ
يقول: فهل أنتـم مذعنون له أيها الـمشركون العابدون الأوثان والأصنام بـالـخضوع
لذلك, ومتبرّئون من عبـادة ما دونه من آلهتكم؟


الآية :
109


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىَ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيَ
أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مّا تُوعَدُونَ }.


يقول تعالـى ذكره: فإن أدبر هؤلاء الـمشركون
يا مـحمد عن الإقرار بـالإيـمان, بأن لا إله لهم إلا إله واحد, فأعرضوا عنه وأبوا
الإجابة إلـيه, فقل لهم: قَدْ آذَنْتُكُمْ عَلـى سَوَاءٍ يقول: أعلـمهم أنك وهم
علـى علـم من أن بعضكم لبعض حرب, لاصلـح بـينكم ولا سلـم.


وإنـما عُنـي بذلك قوم رسول الله صلى الله عليه
وسلم من قُرَيش, كما:


18826ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: فإنْ تَوَلّوْا فَقُل آذَنْتُكُمْ عَلـى سَوَاءٍ
فإن تولوا, يعنـي قريشا.


وقوله: وَإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما
تُوعَدُونَ يقول تعالـى ذكره لنبـيه: قل وما أدري متـى الوقت الذي يحلّ بكم عقاب
الله الذي وعدكم, فـينتقم به منكم, أقريب نزوله بكم أم بعيد؟


وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:


18827ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وَإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ قال:
الأجل.


الآية :
110 و 111


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا
تَكْتُمُونَ * وَإِنْ أَدْرِي لَعَلّهُ
فِتْنَةٌ لّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىَ حِينٍ }.


يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل لهؤلاء الـمشركين, إن الله يعلـم الـجهر الذي يجهرون به من القول, ويعلـم
ما تـخفونه فلا تـجهرون به, سواء عنده خفـيه وظاهره وسرّه وعلانـيته, إنه لا يخفـى
علـيه منه شيء فإن أخّر عنكم عقابه علـى ما تـخفون من الشرك به أو تـجهرون به, فما
أدري ما السبب الذي من أجله يؤخّر ذلك عنكم؟ لعلّ تأخيره ذلك عنكم مع وعده إياكم
لفتنة يريدها بكم, ولتتـمتعوا بحياتكم إلـى أجل قد جعله لكم تبلغونه, ثم ينزل بكم
حينئذٍ نقمته.


وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:


18828ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـيّ, عن ابن عبـاس: وَإنْ أدْرِي
لَعَلّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلـى حينٍ يقول: لعلّ ما أُقرّب لكم من العذاب
والساعة, أن يؤخّر عنكم لـمدتكم, ومتاع إلـى حين, فـيصير قولـي ذلك لكم فتنة.


الآية :
112


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ رَبّ احْكُم بِالْحَقّ وَرَبّنَا الرّحْمَـَنُ الْمُسْتَعَانُ
عَلَىَ مَا تَصِفُونَ }.


يقول تعالـى ذكره: قل يا مـحمد: يا ربّ افصل
بـينـي وبـين من كذّبنـي من مشركي قومي وكفر بك وعبد غيرك, بإحلال عذابك ونقمتك
بهم وذلك هو الـحقّ الذي أمر الله تعالـى نبـيه أن يسأل ربه الـحكم به, وهو نظير
قوله جلّ ثناؤه: رَبّنا افْتَـحْ بَـيْنَنَا وبَـينَ قَوْمِنا بـالـحَقّ وأنْتَ
خَيْرُ الفـاتِـحين.


وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:


18829ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: قالَ رَبّ احْكُمْ بـالـحَقّ قال:
لا يحكم بـالـحقّ إلا الله, ولكن إنـما استعجل بذلك فـي الدنـيا, يسأل ربه علـى
قومه.


18830ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا شهد قتالاً
قال: «رَبّ احْكُمْ بـالـحَقّ».


واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الأمصار: قُلْ رَبّ احْكُمْ بكسر البـاء, ووصل الألف ألف «احكم», علـى وجه
الدعاء والـمسألة, سوى أبـي جعفر, فإنه ضمّ البـاء من «الربّ», علـى وجه نداء
الـمفرد, وغير الضحاك بن مزاحم, فإنه رُوي عنه أنه كان يقرأ ذلك: «رَبّـي أحْكَمُ»
علـى وجه الـخبر بأن الله أحكَمُ بـالـحقّ من كلّ حاكم, فـيثبت الـياء فـي
«الربّ», ويهمز الألف من «أحْكَمُ», ويرفع «أَحْكُم», علـى أنه للربّ تبـارك
وتعالـى.


والصواب من القراءة عندنا فـي ذلك: وصل البـاء
من الربّ وكسرها ب «احْكُمْ», وترك قطع الألف من «احْكُمْ», علـى ما علـيه قرّاء
الأمصار لإجماع الـحُجة من القرّاء علـيه وشذوذ ما خالفه. وأما الضحاك فإن فـي
القراءة التـي ذُكرت عنه زيادة عنه زيادة حرف علـى خطّ الـمصاحف, ولا ينبغي أن
يزاد ذلك فـيها, مع صحة معنى القراءة بترك زيادته. وقد زعم بعضهم أن معنى قوله:
رَبّ احْكُمْ بـالـحَقّ قل: ربّ احكم بحكمك الـحقّ, ثم حذف الـحكم الذي الـحقّ نعت
له وأقـيـم الـحقّ مقامه. ولذلك وجه, غير أن الذي قلناه أوضح وأشبه بـما قاله أهل
التأويـل, فلذلك اخترناه.


وقوله: وَرَبّنا الرّحْمَنُ الـمُسْتَعانُ
عَلـى ما تَصِفُونَ يقول جلّ ثناؤه: وقل يا مـحمد: وربنا الذي يرحم عبـاده ويعُمهم
بنعمته, الذي أستعينه علـيكم فـيـما تقولون وتصفون من قولكم لـي فـيـما أتـيتكم به
من عند الله إنْ هَذَا إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أفَتَأْتُونَ السّحْرَ وأنْتُـمْ
تُبْصِرُونَ, وقولكم: بَلِ افْتَرَاه بَلْ هُوَ شاعِرٌ, وفـي كذبكم علـى الله جلّ
ثناؤه وقـيـلكم: اتّـخَذَ الرّحْمَنُ وَلَدا فإنه هين علـيه تغيـير ذلك وفصل ما
بـينـي وبـينكم بتعجيـل العقوبة لكم علـى ما تصفون من ذلك.


آخر تفسير سورة
الأنبـياء علـيهم السلام
نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة الأنبياء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
Sheikh_Alarab

تفسير سورة الانبياء Default4
Sheikh_Alarab


. : تفسير سورة الانبياء E861fe10
عدد المشاركات : 121
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 34

تفسير سورة الانبياء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الانبياء   تفسير سورة الانبياء Empty13/8/2011, 3:31 pm

شكراا يا باشا على التفسير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الانبياء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة طه
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة يس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: