سورة العصر
سورة العصر مكيّة
وآياتها ثلاث
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية : 1-3
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ }.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: وَالْعَصْرِ فقال بعضهم: هو قَسَم أقسم ربنا تعالى ذكره بالدهر, فقال: العصر: هو الدهر. ذكر من قال ذلك:
29279ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: وَالْعَصْرِ قال: العصر: ساعة من ساعات النهار.
29280ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن وَالْعَصْرِ قال: هو العشيّ.
والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن ربنا أقسم بالعصر وَالْعَصْرِ اسم للدهر, وهو العشيّ والليل والنهار, ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون معنى, فكلّ ما لزِمه هذا الاسم, فداخل فيما أقسم به جلّ ثناؤه.
وقوله: إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ يقول: إن ابن آدم لفي هلَكة ونقصان. وكان عليّ رضي الله عنه يقرأ ذلك: «إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ, وإنه فيه إلى آخر الدهر».
29281ـ حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل, قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عمر ذي مرّ, قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقرأ هذا الحرف: «وَالْعَصْرِ وَنَوَائِبِ الدّهْرِ, إن الإنْسانَ لفي خُسْرٍ, وإنه فيه إلى آخر الدهر».
29282ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ففي بعض القراءات: «وإنه فيه إلى آخر الدهر».
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن عمرو ذي مرّ, أن عليا رضي الله عنه قرأها: «وَالْعَصْرِ وَنَوَائِبِ الدّهْرِ, إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ».
29283ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحرث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد إنّ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إلاّ من آمن.
إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ يقول: إلاّ الذين صدّقوا الله ووحّدوه, وأقرّوا له بالوحدانية والطاعة, وعملوا الصالحات, وأدّوا ما لزمهم من فرائضه, واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه, واستثنى الذين آمنوا عن الإنسان, لأن الإنسان بمعنى الجمع, لا بمعنى الواحد.
وقوله: وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ يقول: وأوصى بعضهم بعضا بلزوم العمل بما أنزل الله في كتابه, من أمره, واجتناب ما نهى عنه فيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29284ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ والحقّ: كتاب الله.
29285ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ قال: الحقّ كتاب الله.
حدثني عمران بن بكّار الكُلاعِيّ, قال: حدثنا خطاب بن عثمان, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سنان أبو رَوْح السّكونيّ, حِمْصيّ لقيته بإرمينية, قال: سمعت الحسن يقول في وَتَوَاصَوْا بالْحَقّ قال: الحقّ: كتاب الله.
وقوله: وَتَوَاصَوْا بالصّبْرِ يقول: وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29286ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَتَوَاصَوْا بالصّبْرِ قال: الصبر: طاعة الله.
29287ـ حدثني عمران بن بكار الكُلاعي, قال: حدثنا خطاب بن عثمان, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح, قال: سمعت الحسن يقول في قوله وَتَوَاصَوْا بالصّبْرِ قال: الصبر: طاعة الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن وَتَوَاصَوْا بالصّبْرِ قال: الصبر: طاعة الله.
نهاية تفسير الإمام الطبرى لسورة العصر