شباب ستار
تفسير سورة القمر 749093772
شباب ستار
تفسير سورة القمر 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة القمر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty30/4/2011, 4:28 pm

سورة القمر
سورة القمر مكيّة
وآياتها خمس وخمسون
بسم الله الرحمَن الرحيـم

الآية : 1-2
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مّسْتَمِرّ }.
يعني تعالى ذكره بقوله: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ: دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة, وقوله اقْتَرَبَتْ افتعلت من القُرب, وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة, وقرب فناء الدنيا, وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم, وهم عنها في غفلة ساهون.
وقوله: وَانْشَقّ القَمَرُ يقول جلّ ثناؤه: وانفلق القمر, وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة, قبل هجرته إلى المدينة, وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية, فآراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر, آية حجة على صدق قوله, وحقيقة نبوته فلما أراهم أعرضوا وكذّبوا, وقالوا: هذا سحر مستمرّ, سحرنا محمد, فقال الله جلّ ثناؤه وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الاَثار, وقال به أهل التأويل. ذكر الاَثار المروية بذلك, والأخبار عمن قاله من أهل التأويل:
25284ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم انشقاق القمر مرّتين.
25285ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت قتادة يحدّث, عن أنس, قال: انشقّ القمر فرقتين.
25286ـ حدثنا ابن المثنى والحسن بن أبي يحيى المقدسي, قالا: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني يعقوب الدورقيّ, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: فذكر مثله.
حدثنا عليّ بن سهل, قال: حدثنا حجاج بن محمد, عن شعبة, عن قتادة, عن أنس, قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين.
25287ـ حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: حدثنا بشر بن المفضل, قال: حدثنا سعيد بن أبي عَروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حِراء بينهما.
25288ـ حدثني أبو السائب, قال: حدثنا معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن أبي معمر, عن عبد الله, قال: انشقّ القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى حتى ذهبت منه فرقة خلف الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشْهَدُوا».
25289ـ حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: حدثنا النضر بن شميل المازنيّ, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, قال: سمعت إبراهيم, عن أبي معمر, عن عبد الله, قال تفلّق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين, فكانت فرقة على الجبل, وفرقة من ورائه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللّهُمّ اشْهَدْ».
25290ـ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: حدثنا النضر, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, عن مجاهد, عن ابن عمر, مثل حديث إبراهيم في القمر.
حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي, قال: ثني عمي يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن رجل, عن عبد الله, قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى, فانشقّ القمر, فأخذت فرقة خلف الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشْهَدُوا».
25291ـ حدثني محمد بن عمارة, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: حدثنا أسباط, عن سماك, عن إبراهيم, عن الأسود, عن عبد الله, قال: رأيت الجبل من فرج القمر حين انشقّ.
25292ـ حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي, قال: حدثنا يحيى بن حماد, قال: حدثنا أبو عوانة, عن المُغيرة, عن أبي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله, قال: انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقالت قريش: هذا سحر بن أبي كَبْشَة سحركم فسلوا السّفّار, فسألوهم, فقالوا: نعم قد رأيناه, فأنزل الله تبارك وتعالى: اقْتَرَبَتِ السّاعةُ وَانْشَقّ القَمَرُ.
25293ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله قال: قد مضى انشقاق القمر.
25294ـ حدثني أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: عبد الله خمس قد مضين: الدخان, واللزام, والبطشة, والقمر, والروم.
25295ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا أيوب, عن محمد, قال: نُبّئت أن ابن مسعود كان يقول: قد انشقّ القمر.
25296ـ قال: أخبرنا ابن علية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن السُلميّ, قال: نزلنا المدائن, فكنا منها على فرسخ, فجاءت الجمعة, فحضر أبي, وحضرت معه, فخطبنا حُذيفة, فقال: ألا إن الله يقول اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ ألا وإن الساعة قد اقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المِضْمار, وغدا السباق, فقلت لأبي: أتستبق الناس غدا؟ فقال: يا بنيّ إنك لجاهل, إنما هو السباق بالأعمال, ثم جاءت الجمعة الأخرى, فحضرنا, فخطب حُذيفة, فقال: ألا إن الله تبارك وتعالى يقول: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ ألا وإن الساعة قد اقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق, ألا وإن الغاية النار, والسابق من سَبق إلى الجنة.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن قال: كنت مع أبي بالمدائن, قال: فخطب أميرهم, وكان عطاء يروي أنه حُذيفة, فقال في هذه الاَية: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر, قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر, اليوم المِضْمار, وغدا السباق, والسابق من سبق إلى الجنة, والغاية النار قال: فقلت لأبي: غدا السباق, قال: فأخبره.
25297ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن فضيل, عن حصين, عن محمد بن جُبَير بن مطعم, عن أبيه, قال: انشقّ القمر, ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن خارجة, عن الحصين بن عبد الرحمن, عن ابن جُبَير, عن أبيه وَانْشَقّ القَمَرُ قال: انشقّ ونحن بمكة.
25298ـ حدثنا محمد بن عسكر, قال: حدثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن عبد الحكم, قالا: حدثنا بكر بن مضر, عن جعفر بن ربيعة, عن عِرَاك, عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة, عن ابن عباس, قال: انشقّ القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
25299ـ حدثنا نصر بن عليّ, قال: حدثنا عبد الأعلى, قال: حدثنا داود بن أبي هند, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: انشقّ القمر قبل الهجرة, أو قال: قد مضى ذاك.
حدثنا إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن علي, عن ابن عباس بنحوه.
25300ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا عبد الأعلى, قال: حدثنا داود, عن علي, عن ابن عباس أنه قال في هذه الاَية: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال: ذاك قد مضى كان قبل الهجرة, انشقّ حتى رأوا شِقّيه.
25301ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ... إلى قوله: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌ قال: قد مضى, كان قد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض المشركون وقالوا: سحر مستمرّ.
25302ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال: رأوه منشقا.
25303ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور وليث, عن مجاهد اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ قال: انفلق القمر فلقتين, فثبتت فلقة, وذهبت فلقة من وراء الجبل, فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اشْهَدُوا».
25304ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن أبي سنان, عن ليث, عن مجاهد انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فصار فرقتين, فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «اشْهَدْ يا أبا بَكْرٍ» فقال المشركون: سحر القمر حتى انشقّ.
25305ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن أبي سنان, قال: قدم رجل المدائن فقام فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ وإن القمر قد انشقّ, وقد آذنت الدنيا بفراق, اليوم المِضْمار, وغدا السباق, والسابق. من سبق إلى الجنة, والغاية النار.
25306ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ يحدث الله في خلقه ما يشاء.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس, قال: سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية, فانشقّ القمر بمكة مرّتين, فقال: اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ القَمَرُ.
25307ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَانْشَقّ القَمَرُ قد مضى, كان الشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض عنه المشركون, وقالوا: سحْر مستمرّ.
25308ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا سلمة, عن عمرو, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: مضى انشقاق القمر بمكة.
وقوله: وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا يقول تعالى ذكره. وإن ير المشركون علامة تدلهم على حقيقة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم, ودلالة تدلهم على صدقة فيما جاءهم به عن ربهم, يعرضوا عنها, فيولوا مكذّبين بها مُنكرين أن يكون حقا يقينا, ويقولوا تكذيبا منهم بها, وإنكارا لها أن تكون حقا: هذا سحر سَحَرنا به محمد حين خَيّلَ إلينا أنا نرى القمر منفلقا باثنين بسحره, وهو سحر مستمرّ, يعني يقول: سِحر مستمرّ ذاهب, من قولهم: قد مرّ هذا السحر إذا ذهب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25309ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال: ذاهب.
25310ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال: إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا: إنما هذا عمل السحر, يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة وَيَقُولوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ يقول: ذاهب.
25311ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ كما يقول أهل الشرك إذا كُسِف القمر يقولون: هذا عمل السحرة.
25312ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, قوله: سِحْرٌ مُسْتَمِرّ قال: حين انشقّ القمر بفِلقتين: فِلْقة من وراء الجبل, وذهبت فلقة أخرى, فقال المشركون حين رأوا ذلك: سحر مستمرّ.
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله: مُسْتَمِرّ إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم: قد مرّ الجبل: إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا: إذا فتلته فتلاً شديدا, ويقول: معنى قوله: وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ: سحر شديد.
الآية : 3-5
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَكَذّبُواْ وَاتّبَعُوَاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلّ أَمْرٍ مّسْتَقِرّ * وَلَقَدْ جَآءَهُم مّنَ الأنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِـي النّذُرُ }.
يقول تعالى ذكره: وكذّب هؤلاء المشركون من قريش بآيات الله بعد ما أتتهم حقيقتها, وعاينوا الدلالة على صحتها برؤيتهم القمر منفلقا فلقتين وَاتّبَعُوا أهْوَاءَهُم يقول: وآثروا اتباع ما دعتهم إليه أهواء أنفسهم من تكذيب ذلك على التصديق بما قد أيقنوا صحته من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم, وحقيقة ما جاءهم به من ربهم.
وقوله: وكُلّ أمْرٍ مُسْتَقِرّ يقول تعالى ذكره: وكلّ أمر من خير أو شرّ مستقرّ قراره, ومتناه نهايته, فالخير مستقرّ بأهله في الجنة, والشرّ مستقرّ بأهله في النار. كما:
25313ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وكُلّ أمْرٍ مُسْتَقِرّ: أي بأهل الخير الخير, وبأهل الشرّ الشرّ.
وقوله: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ يقول تعالى ذكره: ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا بآيات الله, واتبعوا أهواءهم من الأخبار عن الأمم السالفة, الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه, وأحلّ الله بهم من عقوباته ما قصّ في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر, يعني: ما يردعهم, ويزجرهم عما هم عليه مقيمون, من التكذيب بآيات الله, وهو مُفْتَعَلٌ من الزّجْر. وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25314ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: مُزْدَجَرٌ قال: مُنْتَهى.
25315ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ: أي هذا القرآن.
25316ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ قال: المزدَجَر: المنتهى.
وقوله: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ يعني بالحكمة البالغة: هذا القرآن, ورُفعت الحكمةُ ردّا على «ما» التي في قوله: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الأنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ.
وتأويل الكلام: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدَجَر, حكمة بالغة. ولو رُفعت الحكمة على الإستئناف كان جائزا, فيكون معنى الكلام حينئذٍ: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدجر, ذلك حكمة بالغة, أو هو حكمة بالغة فتكون الحكمة كالتفسير لها.
وقوله: فَمَا تُغْنِي النّذُرُ وفي «ما» التي في قوله: فَمَا تُغنِي النّذُرُ وجهان: أحدهما أن تكون بمعنى الجحد, فيكون إذا وجهت إلى ذلك معنى الكلام, فليست تغني عنهم النذر ولا ينتفعون بها, لإعراضهم عنها وتكذيبهم بها. والاَخر: أن تكون بمعنى: أني, فيكون معنى الكلام إذا وجهت إلى ذلك: فأيّ شيء تُغني عنهم النّذر. والنّذر: جمع نذير, كالجُدُد: جمع جديد, والحُصُر: جمع حَصير.

الآية : 9-10
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبّهُ أَنّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ }.
وهذا وعيد من الله تعالى ذكره, وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرْسَلَ إليه رسولَه محمدا صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم إياه, وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty30/4/2011, 4:29 pm

تكذيبهم إياه, أنه محلّ بهم ما أحل بالأمم الذين قصّ قصصهم في هذه السورة من الهلاك والعذاب, ومنجّ نبيه محمدا والمؤمنين به, كما نجّى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلّها بأممهم, فقال جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كذّبت يا محمد قبل هؤلاء الذين كذّبوك من قومك, الذين إذا رأوْا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمرّ, قوم نوح, فكذبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم, كما كذّبتك قريش إذ أتيتهم بالحقّ من عندنا وقالوا: هو مجنون وازدجر, وهو افْتُعِل من زجرت, وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوّله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالاً من ذلك قولهم: ازدجر من زجرت, وازدلف من زلفت, وازديد من زدت.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ الذي زَجَروه, فقال بعضهم: كان زجرهم إياه أن قالوا: استُطِير جنونا. ذكر من قال ذلك:
25323ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ قال: استطير جنونا.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَازْدَجِرْ قال: استُطير جنونا.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد في هذه الاَية وَقالُوا مَجْنُونٍ وَازْدُجِرَ قال: استعر جنونا.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي, قال: حدثنا زيد بن الحباب, قال: وأخبرني شعبة بن الحجاج, عن الحكم, عن مجاهد, مثله.
وقال آخرون: بل كان زجرهم إياه, وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح. ذكر من قال ذلك:
25324ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين, وقرأ لَئِنْ لَم تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنّ مِنَ المَرْجُومِينَ.
وقوله: فَدَعا رَبّهُ أني مَغْلُوبٌ فانْتَصِرْ يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني, تمرّدا وَعتوّا, ولا طاقة لي بهم, فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك.
الآية : 11-12
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السّمَآءِ بِمَاءٍ مّنْهَمِرٍ * وَفَجّرْنَا الأرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى المَآءُ عَلَىَ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ }.
يقول تعالى ذكره: فَفَتَحْنا لما دعانا نوح مستغيثا بنا على قومه أبْوَابَ السّماءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وهو المندفق, كما قال امرؤ القيس في صفة غيث:
رَاحَ تَمْرِيه الصّبا ثُمّ انْتَحَىفِيهِ شُؤْبُوبُ جنوبٍ مُنْهَمِرْ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25325ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ قال: ينصبّ انصبابا.
وقوله: وَفَجّرْنا الأرْضَ عُيُونا يقول جلّ ثناؤه: وأسلنا الأرض عيون الماء. كما:
25326ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, في قوله: وَفَجّرْنا الأرْضَ عُيُونا قال: فجّرنا الأرض الماءَ وجاء من السماء.
فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدرْ يقول تعالى ذكره: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه, كما:
25327ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرْ قال: ماء السماء وماء الأرض. وإنما قيل: فالتقى الماء على أمر قد قدر, والالتقاء لا يكون من واحد, وإنما يكون من اثنين فصاعدا, لأن الماء قد يكون جمعا وواحدا, وأريد به في هذا الموضع: مياه السماء ومياه الأرض, فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع. وقيل: التقى الماء على أمر قد قُدر, لأن ذلك كان أمرا قد قضاه الله في اللوح المحفوظ. كما:
25328ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفيان, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب قال: كانت الأقوات قبل الأجساد, وكان القدر قبل البلاء, وتلا فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرَ.
الآية : 13-14
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَىَ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لّمَن كَانَ كُفِرَ }.
يقول تعالى ذكره: وحملنا نوحا إذ التقى الماء على أمر قد قُدر, على سفينة ذات ألواح ودُسُر. والدسر: جمع دسار وقد يقال في واحدها: دسير, كما يقال: حَبِيك وحِباك والدّسار: المسمار الذي تشدّ به السفينة يقال منه: دسرت السفينة إذا شددتها بمسامير أو غيرها.
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم في ذلك بنحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
25329ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, أخبرني ابن لَهِيعة, عن أبي صخر, عن القُرَظي, وسُئل عن هذه الاَية وَحَمَلْناهُ على ذَاتِ ألْوَاح ودُسُر قال: الدّسُر: المسامير.
25330ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَحَمَلْناهُ على ذَاتِ ألْوَاحٍ ودُسُرٍ حدثنا أن دُسُرَها: مساميرها التي شُدّت بها.
25331ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ذَاتِ ألْوَاحٍ قال: معاريض السفينة قال: ودُسُر: قال دُسِرت بمسامير.
25332ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَدُسُر قال: الدسر: المسامير التي دُسرت بها السفينة, ضُربت فيها, شُدّت بها.
25333ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وَدُسُرٍ يقول: المسامير.
وقال آخرون: بل الدّسُر: صَدْر السفينة, قالوا: وإنما وصف بذلك لأنه يدفع الماء ويَدْسُرُه. ذكر من قال ذلك:
25334ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن عُلَية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله: وحَمَلْناهُ على ذَاتِ ألْوَاحٍ ودُسُرٍ قال: تدسُر الماء بصدرها, أو قال: بِجُؤْجُؤِها.
حدثنا بشر. قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول في قوله: وَدُسُرٍ جؤجؤها تَدْسُرُ به الماء.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن أنه قال: تدسر الماء بصدرها.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَدُسُرٍ قال: الدّسُر: كَلْكَل السفينة.
وقال آخرون: الدسر: عوارض السفينة. ذكر من قال ذلك:
25335ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن مجاهد ذَاتِ ألْوَاحٍ وَدُسُرٍ قال: ألواح السفينة ودسر عوارضها.
وقال آخرون: الألواح: جانباها, والدّسُر: طرفاها. ذكر من قال ذلك:
25336ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ذَاتِ ألْوَاحٍ وَدُسُرٍ أما الألواح: فجانبا السفينة. وأما الدّسُر: فطرفاها وأصلاها.
وقال آخرون: بل الدّسُر: أضلاع السفينة. ذكر من قال ذلك:
25337ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, قوله: وَدُسُرٍ قال: أضلاع السفينة.
وقوله: تَجْرِي بأعْيُنِنا يقول جلّ ثناؤه: تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر. وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما:
25338ـ حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, في قوله: تَجْرِي بأعْيُنِنا يقول: بأمرنا جَزاءً لِمنْ كَان كُفِر.
اختلف أهل التأويل في تأويله: فقال بعضهم: تأويله فعلنا ذلك ثوابا لمن كان كُفر فيه, بمعنى: كفر بالله فيه. ذكر من قال ذلك:
25339ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: ثا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال: كَفَر بالله.
وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد جَزَاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال: لمن كان كفر فيه.
ووجه آخرون معنى «مَنْ» إلى معنى «ما» في هذا الموضع, وقالوا: معنى الكلام: جزاء لما كان كَفَر من أيادي الله ونَعمه عند الذين أهلكهم وغرّقهم من قوم نوح. ذكر من قال ذلك:
25340ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: جَزَاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ قال: لمن كان كفر نعم الله, وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه, فإن ذلك جزاء له.
والصواب من القول من ذلك عندي ما قاله مجاهد, وهو أن معناه: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر, وفجّرنا الأرض عيونا, فغرّقنا قوم نوح, ونجينا نوحا عقابا من الله وثوابا للذي جُحِد وكُفِر, لأن معنى الكفر: الجحود, والذي جحد ألوهته ووحدانتيه قوم نوح, فقال بعضهم لبعض: لا تَذرُنّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُونّ وَدّا ولا سُواعا ولاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ ونَسْرا, ومن ذهب به إلى هذا التأويل, كانت من الله, كأنه قيل: عوقبوا لله ولكفرهم به. ولو وَجّه مَوَجّه إلى أنها مراد بها نوح والمؤمنون به كان مذهبا, فيكون معنى الكلام حينئذٍ, فعلنا ذلك جزاء لنوح ولمن كان معه في الفلك, كأنه قيل: غرقناهم لنوح ولصنيعهم بنوح ما صنعوا من كفرهم به.
الآية : 15-17
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ تّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد تركنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن كان معه آية, يعني عِبْرة وعظة لمن بعد قوم نوح من الأمم ليعتبروا ويتعظوا, فينتهوا عن أن يسلكوا مسلكهم في الكفر بالله, وتكذيب رسله, فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty30/4/2011, 4:30 pm

25341ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال: أبقاها الله بباقَرْدي من أرض الجزيرة, عبرة وآية, حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظرا, وكم من سفينة كانت بعدها قد صارت رمادا.
25342ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً قال: ألقى الله سفينة نوح على الجوديّ حتى أدركها أوائل هذه الأمة.
25343ـ قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن مجاهد, أن الله حين غرّق الأرض, جعلت الجبال تشمخ, فتواضع الجوديّ, فرفعه الله على الجبال, وجعل قرار السفينة عليه.
وقوله: فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ يقول: فهل من ذي تذكر يتذكر ما قد فعلنا بهذه الأمة التي كفرت بربها, وعصت رسوله نوحا, وكذّبته فيما أتاهم به عن ربهم من النصيحة, فيعتبر بهم, ويحذر أن يَحِلّ به من عذاب الله بكفره بربه, وتكذيبه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, مثل الذي حلّ بهم, فيتيب إلى التوبة, ويراجع الطاعة. وأصل مدّكر: مفتعل من ذكر, اجتمعت فاء الفعل, وهي ذال, وتاء وهي بعد الذال, فصيرتا دالاً مشدّدة, وكذلك تفعل العرب فيما كان أوّله ذالا يتبعها تاء الافتعال يجعلونهما جميعا دالاً مشدّدة, فيقولون: ادّكرت ادّكارا, وإنما هو اذتكرت اذتكارا, وفهل من مذتكر, ولكن قيل: ادّكرت ومدّكر لما قد وصفت, قد ذُكر عن بعض بني أسد أنهم يقولون في ذلك مذّكر, فيقلبون الدال ويعتبرون الدال والتاء ذالاً مشددة, وذُكر عن الأسود بن يزيد أنه قال: قلت لعبد الله بن مسعود: فهل من مدّكر, أو مذّكر, فقال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُذّكر» يعني بذال مشددة. وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25344ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ قال: المدّكر: الذي يتذكر, وفي كلام العرب: المدّكر: المتذكر.
25345ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال: فهل من مذّكر.
وقوله: فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي ونُذُرْ يقول تعالى ذكره: فكيف كان عذابي لهؤلاء الذين كفروا بربهم من قوم نوح, وكذّبوا رسوله نوحا, إذ تمادوا في غيهم وضلالهم, وكيف كان إنذاري بما فعلت بهم من العقوبة التي أحللت بهم بكفرهم بربهم, وتكذيبهم رسوله نوحا, صلوات الله عليه, وهو إنذار لمن كفر من قومه من قريش, وتحذير منه لهم, أن يحلّ بهم على تماديهم في غيهم, مثل الذي حلّ بقوم نوح من العذاب.
وقوله: وَنُذُرِ يعني: وإنذاري, وهو مصدر.
وقوله: وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ يقول تعالى ذكره: ولقد سهّلنا القرآن, بيّناه وفصّلناه للذكر, لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ, وهوّناه. كما:
25346ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال: هوّناه.
25347ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال: يسّرنا: بيّنا.
وقوله: فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ يقول: فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر.
وقد قال بعضهم في تأويل ذلك: هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه, وذلك قريب المعنى مما قلناه, ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله, لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على ظاهره. ذكر من قال ذلك:
25348ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِر يقول: فهل من طالب خير يُعان عليه.
حدثنا الحسين بن عليّ الصّدَائيّ, قال: حدثنا يعقوب, قال: ثني الحارث بن عبيد الإياديّ, قال: سمعت قتادة يقول في قول الله: فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال: هل من طالب خير يُعان عليه.
25349ـ حدثنا عليّ بن سهل, قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة أو أيوب بن سويد أو كلاهما, عن ابن شَوْذَب, عن مطر, في قوله: وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال: هل من طالب علم فيعان عليه.
الآية : 18-21
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {كَذّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مّسْتَمِرّ * تَنزِعُ النّاسَ كَأَنّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مّنقَعِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }.
يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضا عاد نبيهم هودا صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به عن الله, كالذي كذّبت قوم نوح, وكالذي كذّبتم مَعْشر قريش نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى جميع رسله, فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ يقول: فانظروا معشر كفرة قريش بالله كيف كان عذابي إياهم, وعقابي لهم على كفرهم بالله, وتكذيبهم رسوله هودا, وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم, وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التمادي في الغيّ والضلالة.
وقوله: إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا يقول تعالى ذكره: إنا بعثنا على عاد إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم بالله ريحا صرصرا, وهي الشديدة العصوف في برد, التي لصوتها صرير, وهي مأخوذة من شدة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل: صرّ, فقيل منه: صرصر, كما قيل: فكبكبوا فيها, من فكبوا, ونَهْنَهْت من نَهَهْتُ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25350ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: رِيحا صَرْصَرا قال: ريحا باردة.
25351ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرْصَرا والصّرصر: الباردة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: الصّرصر: الباردة.
25352ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: رِيحا صَرْصَرا باردة.
25353ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان رِيحا صَرْصَرا قال: شديدة, والصرصر: الباردة.
25354ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: رِيحا صَرْصَرا قال: الصرصر: الشديدة.
وقوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرَ يقول: في يوم شرّ وشؤم لهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25355ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: النّحْس: الشؤم.
25356ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ قال النحس: الشرّ فِي يَوْمِ نَحْسٍ فِي يوم شرّ.
وقد تأوّل ذلك آخرون بمعنى شديد, ومن تأوّل ذلك كذلك فإنه يجعله من صفة اليوم, ومن جعله من صفة اليوم, فإنه ينبغي أن يكون قراءته بتنوين اليوم, وكسر الحاء من النّحْس, فيكون «فِي يَوْمٍ نَحِسٍ» كما قال جلّ ثناؤه فِي أيّامٍ نَحِساتٍ ولا أعلم أحدا قرأ ذلك كذلك في هذا الموضع, غير أن الرواية التي ذكرت في تأويل ذلك عمن ذكرت عنه على ما وصفنا تدلّ على أن ذلك كان قراءة. ذكر من قال ذلك:
25357ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ قال: أيام شداد.
25358ـ وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فِي يَوْمِ نَحْسٍ يوم شديد.
وقوله: مُسْتَمِرَ يقول: في يوم شرّ وشؤم, استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافى بهم جهنم. كما:
25359ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرَ يستمرّ بهم إلى نار جهنم.
وقوله: تَنْزِعُ النّاسَ كأنّهُمْ أعجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ يقول: تقتلع الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم, فتندقّ رقابهم, وتبين من أجسامهم. كما:
25360ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لما هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة شمَاليّا, منهم ستة من أشدّ عاد وأجسمها, منهم عمرو بن الحُلَيّ والحارث بن شداد والهلقام وابنا تيقن وخَلَجان بن أسعد, فأدلجوا العيال في شعب بين جبلين, ثم اصطفوا على باب الشعب ليردّوا الريح عمن بالشّعب من العِيال, فجعلت الريح تخفِقُهم رجلاً رجلاً, فقالت امرأة من عاد:
ذَهَبَ الدّهْرُ بَعَمْرِو بْنِ حُلَيَ والهَنِيّاتِ
ثُمّ بالحارِثِ والهِلْقامِ طَلاّعِ الثّنِيّاتِ
وَالّذِي سَدّ عَلَيْنا الرّيحَ أيّامَ البَلِيّاتِ
25361ـ حدثنا العباس بن الوليد البيروتيّ, قال: أخبرني أبي, قال: ثني إسماعيل بن عياش, عن محمد بن إسحاق قال: لما هبّت الريح قام سبعة من عاد, فقالوا: نردّ الريح, فأتوا فم الشعب الذي يأتي منه الريح, فوقفوا عليه, فجعلت الريح تهبّ, فتدخل تحت واحد واحد, فتقتلعه من الأرض فترمي به على رأسه, فتندقّ رقبته, ففعلت ذلك بستة منهم, وتركتهم كما قال الله: أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ وبقي الخَلَجان فأتى هودا فقال: يا هود ما هذا الذي أرى في السحاب كهيئة البخاتيّ؟ قال: تلك ملائكة ربي, قال: مالي إن أسلمت؟ قال: تَسْلَم, قال: أيُقيدني ربك إن أسلمت من هؤلاء؟ فقال: ويلك أرأيت مَلكا يقيد جنوده؟ فقال: وعزّته لو فعل ما رضيت. قال: ثم مال إلى جانب الجبل, فأخذ بركن منه فهزّه, فاهتزّ في يده, ثم جعل يقول:
لَمْ يَبْقَ إلاّ الخَلَجانُ نَفْسُهُيا لَكَ مِنْ يَوْمٍ دَهانِي أمْسُهُ
بِثابِتِ الوَطْءِ شَدِيدٍ وَطْسُهُلَوْ لَمْ يَجِئْنِي جِئْتُهُ أحُسّهُ
قال: ثم هبت الريح فألحقته بأصحابه.
25362ـ حدثني محمد بن إبراهيم, قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم, قال: حدثنا نوح بن قيس, قال: حدثنا محمد بن سيف, عن الحسن, قال: لما أقبلت الريح قام إليها قوم عاد, فأخذ بعضهم بأيدي بعض كما تفعل الأعاجم, وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا: يا هود من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كنت صادقا, فأرسل الله عليهم الريح فصيرتهم كأنهم أعجاز نخل مُنْقَعِر.
25363ـ حدثني محمد بن إبراهيم, قال: حدثنا مسلم, قال: حدثنا نوح بن قيس, قال: حدثنا أشعث بن جابر, عن شهر بن حوشب, عن أبي هريرة, قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراعين من حجارة, لو اجتمع عليها خمس مئة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty30/4/2011, 4:30 pm

يحملوها, وإن كان الرجل منهم ليغمز قدمه في الأرض, فتدخل في الأرض, وقال: كأنهم أعجاز نخل ومعنى الكلام: فيتركهم كأنهم أعجاز نخل منقعر, فترك ذكر فيتركهم استغناء بدلالة الكلام عليه. وقيل: إنما شبههم بأعجاز نخل منقعر, لأن رؤوسهم كانت تبين من أجسامهم, فتذهب لذلك رِقابهم, وتبقى أجسادهم. ذكر من قال ذلك:
25364ـ حدثنا الحسن بن عرفة, قال: حدثنا خلف بن خليفة, عن هلال بن خباب, عن مجاهد, في قوله: كأنّهُمْ أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ قال: سقطت رؤوسهم كأمثال الأخبية, وتفرّدت, أو وتَفَرّقت أعناقهم «قال أبو جعفر: أنا أشك», فشبهها بأعجاز نخلٍ منقعر.
25365ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: تَنْزِعُ النّاسَ كأنّهُم أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ قال: هم قوم عاد حين صرعتهم الريح, فكأنهم فِلَق نخل منقعر فَكَيْفَ كانَ عَذَابي وَنُذُرِ يقول تعالى ذكره: فانظروا يا معشر كفار قريش, كيف كان عذابي قوم عاد, إذ كفروا بربهم, وكذّبوا رسوله, فإن ذلك سنة الله في أمثالهم, وكيف كان إنذاري بهم مَنْ أنذرت.

الآية : 22-24
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ * كَذّبَتْ ثَمُودُ بِالنّذُرِ * فَقَالُوَاْ أَبَشَراً مّنّا وَاحِداً نّتّبِعُهُ إِنّآ إِذاً لّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد سهّلنا القرآن وهوّناه لمن أراد التذكر به والاتعاظ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ يقول: فهل من متعظ ومنزجر بآياته.
وقوله: كَذّبَتْ ثَمُودُ بالنّذُرِ يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح بنذر الله التي أتتهم من عنده, فقالوا تكذيبا منهم لصالح رسول ربهم: أبشرا منا نتبعه نحن الجماعة الكبيرة, وهو واحد؟.
وقوله: إنّا إذا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يقول: قالوا: إنا إذا باتباعنا صالحا إن اتبعناه وهو بشر منا واحد لفي ضلال: يعنون: لفي ذهاب عن الصواب وأخذ على غير استقامة وسُعُر: يعنون بالسّعُر: جمع سَعير.
وكان قتادة يقول: عنى بالسّعُر: العناء.
25366ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّا إذا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ: في عناء وعذاب.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: إنّا إذا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ قال: ضلال وعناء.

الآية : 25-26
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَأُلْقِيَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَداً مّنِ الْكَذّابُ الأشِرُ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل مكذّبي رسوله صالح صلى الله عليه وسلم من قومه ثمود: أألقي عليه الذكر من بيننا, يعنون بذلك: أنزل الوحي وخُصّ بالنبوّة من بيننا وهو واحد منا, إنكارا منهم أن يكون الله يُرسل رسولاً من بني آدم.
وقوله: بَلْ هُوَ كَذّابٌ أشِرٌ يقول: قالوا: ما ذلك كذلك, بل هو كذّاب أشر, يعنون بالأشر: المَرِح ذا التجبّر والكبرياء, والمَرِح من النشاط. وقد:
25367ـ حدثني الحسن بن محمد بن سعيد القرشيّ, قال: قلت لعبد الرحمن بن أبي حماد: ما الكذّاب الأشر؟ قال: الذي لا يبالي ما قال, وبكسر الشين من الأشِر وتخفيف الراء قرأت قرّاء الأمصار. وذُكر عن مجاهد أنه كان يقرأه: «كَذّابٌ أشُرٌ» بضم الشين وتخفيف الراء, وذلك في الكلام نظير الحِذر والحذُر والعَجِل والعَجُل.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا, ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.
وقوله: سَيَعْلَمُونَ غَدا مَنِ الكَذّابُ الأَشِرُ يقول تعالى ذكره: قال الله لهم: ستعلمون غدا في القيامة من الكذّاب الأشر منكم معشر ثمود, ومن رسولنا صالح حين تردون على ربكم, وهذا التأويل تأويل من قرأه «سَتَعْلَمُونَ» بالتاء, وهي قراءة عامة أهل الكوفة سوى عاصم والكسائي. وأما تأويل ذلك على قراءة من قرأه بالياء, وهي قراءة عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة وعاصم والكسائي, فإنه قال الله: سَيَعْلَمُونَ غَدا مَنِ الكَذّابُ الأشِرُ وترك من الكلام ذكر قال الله, استغناء بدلالة الكلام عليه.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب, لتقارب معنييهما, وصحتهما في الإعراب والتأويل.
الآية : 27-28
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّا مُرْسِلُو النّاقَةِ فِتْنَةً لّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبّئْهُمْ أَنّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلّ شِرْبٍ مّحْتَضَرٌ }.
يقول تعالى ذكره: إنا باعثوا الناقة التي سألتها ثمودُ صالحا من الهضبة التي سألوه بَعثتها منها آية لهم, وحجة لصالح على حقيقة نبوّته وصدق قوله.
وقوله: فِتْنَةً لَهُمْ يقول: ابتلاءً لهم واختبارا, هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدّقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة, أم يكذّبونه ويكفرون بالله؟
وقوله: فارْتَقِبْهُم يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مُرسلو الناقة فتنة لهم, فانتظرهم, وتبصّر ما هم صانعوه بها وَاصْطَبِرْ وأصل الطاء تاء, فجعلت طاء, وإنما هو افتعل من الصبر.
وقوله: ونَبّئْهُمْ أنّ الماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ يقول تعالى ذكره: نبئهم: أخبرهم أن الماء قسمة بينهم, يوم غبّ الناقة, وذلك أنها كانت ترد الماء يوما, وتغبّ يوما, فقال جلّ ثناؤه لصالح: أخبر قومك من ثمود أن الماء يوم غبّ الناقة قسمة بينهم, فكانوا يقتسمون ذلك يوم غبها, فيشربون منه ذلك اليوم, ويتزوّدون فيه منه ليوم ورودها.
وقد وجه تأويل ذلك قوم إلى أن الماء قسمة بينهم وبين الناقة يوما لهم ويوما لها, وأنه إنما قيل بينهم, والمعنى: ما ذكرت عندهم, لأن العرب إذا أرادت الخبر عن فعل جماعة بني آدم مختلطا بهم البهائم, جعلوا الفعل خارجا مخرج فعل جماعة بني آدم, لتغليبهم فعل بني آدم على فعل البهائم.
وقوله: كُل شِرْب مُحْتَضَرٌ يقول تعالى ذكره: كلّ شرب من ماء يوم غبّ الناقة, ومن لبن يوم ورودها محتضر يحتضرونه. كما:
25368ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: كُلّ شِرْب مُحْتَضَر قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت, وإذا جاءت حضروا اللبن.
حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: كُل شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ قال: يحضرون بهم الماء إذا غابت, وإذا جاءت حضروا اللبن.

الآية : 29-31
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىَ فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ }.
يقول تعالى ذكره: فنادت ثمود صاحبهم عاقر الناقة قدار بن سالف ليعقر الناقة حضّا منهم له على ذلك.
وقوله: فَتَعاطَى فَعَقَرَ يقول: فتناول الناقة بيده فعقرها.
وقوله: فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ يقول جلّ ثناؤه لقريش: فكيف كان عذابي إياهم معشر قريش حين عذّبتهم ألم أهلكهم بالرجفة. ونُذُرِ: يقول: فكيف كان إنذاري من أنذرت من الأمم بعدهم بما فعلت بهم وأحللت بهم من العقوبة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25369ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فَتَعاطَى فَعَقَرَ قال: تناولها بيده فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ قال: يقال: إنه ولد زنية فهو من التسعة الذين كانوا يُفسدون في الأرض, ولا يصلحون, وهم الذين قالوا لصالح لَنُبَيّتَنّهُ وأهْلَهُ ولنقتلنهم.
وقوله: إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً وقد بيّنا فيما مضى أمر الصيحة, وكيف أتتهم, وذكرنا ما روي في ذلك من الاَثار, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: فكانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِر يقول تعالى ذكره فكانوا بهلاكهم بالصيحة بعد نضارتهم أحياء, وحسنهم قبل بوارهم كيَبِس الشجر الذي حظرته بحظير حظرته بعد حُسن نباته, وخُضرة ورقه قبل يُبسه.
وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ فقال بعضهم: عنى بذلك: العظام المحترقة, وكأنهم وجّهوا معناه إلى أنه مَثّلَ هؤلاء القوم بعد هلاكهم وبلائهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرته. ذكر من قال ذلك:
25370ـ حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: حدثنا محمد بن الصلت, قال: حدثنا أبو كُدينة, قال: حدثنا قابوس, عن أبيه, عن ابن عباس كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ قال: كالعظام المحترقة.
25371ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فَكانُوا كَهَشِيم المُحْتَظِرِ قال: المحترق. ولا بيان عندنا في هذا الخبر عن ابن عباس, كيف كانت قراءته ذلك, إلا أنا وجّهنا معنى قوله هذا على النحو الذي جاءنا من تأويله قوله: كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ إلى أنه كان يقرأ ذلك كنحو قراءة الأمصار, وقد يحتمل تأويله ذلك كذلك أن يكون قراءته كانت بفتح الظاء من المحتظر, على أن المحتظر نعت للهشيم, أضيف إلى نعته, كما قيل: إنّ هَذَا لَهُوَ حَقّ اليَقِينِ وقد ذُكر عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرآن ذلك كذلك, ويتأوّلانه هذا التأويل الذي ذكرناه عن ابن عباس.
25372ـ حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث, قال: ثني أبي, عن الحسن, قال: كان قتادة يقرأ كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ يقول: المحترق.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فَكأنّهُ كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ يقول: كهشيم محترق.
وقال آخرون: بل عنى بذلك التراب. الذي يتناثر من الحائط. ذكر من قال ذلك:
25373ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جُبَير كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ قال: التراب الذي يتناثر من الحائط.
وقال آخرون: بل هو حظيرة الراعي للغنم. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty30/4/2011, 4:30 pm

25374ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق وأسنده, قال المُحْتَظِرِ حظيرة الراعي للغنم.
25375ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: كَهَشِيم المُحْتَظِرِ المحتظر: الحظرة تتخذ للغنم فتيبس, فتصير كهشيم المحتظر, قال: هو الشوك الذي تحظر به العرب حول مواشيها من السباع والهشيم: يابس الشجر الذي فيه شوك ذلك الهشيم.
وقال آخرون: بل عني به هشيم الخيمة, وهو ما تكسّر من خشبها. ذكر من قال ذلك:
25376ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن مجاهد, في قوله: كَهَشِيم المُحْتَظِرِ قال: الرجل يهشمِ الخيمة.
وحدثني الحارث, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ الهشيم: الخيمة.
وقال آخرون: بل هو الورق الذي يتناثر من خشب الحطب. ذكر من قال ذلك:
25377ـ حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان كَهَشِيمِ قال: الهشيم: إذا ضربت الحظيرة بالعصا تهشم ذاك الورق فيسقط. والعرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما.
الآية : 32-35
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَد يَسّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ * كَذّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنّذُرِ * إِنّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاّ آلَ لُوطٍ نّجّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نّعْمَةً مّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد هوّنا القرآن بيّناه للذكر: يقول: لمن أراد أن يتذكر به فيتعظ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرِ يقول: فهل من متّعظ به ومعتبر فيعتبر به, فيرتدع عما يكرهه الله منه.
وقوله: كَذّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بالنّذُرِ يقول تعالى ذكره: كذّبت قوم لوط بآيات الله التي أنذرهم وذكرهم بها.
وقوله: إنّا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِبا يقول تعالى ذكره: إنا أرسلنا عليهم حجارة.
وقوله: إلاّ آلَ لُوطٍ نَجّيْناهُمْ بسَحَرٍ يقول: غير آل لوط الذين صدّقوه واتبعوه على دينه فإنا نجّيناهم من العذاب الذي عذّبنا به قومه الذين كذّبوه, والحاصب الذي حصبناهم به بسحر: بنعمة من عندنا: يقول: نعمة أنعمناها على لوط وآله, وكرامة أكرمناهم بها من عندنا.
وقوله: كَذلَكَ نَجْزي مَنْ شَكَر يقول: وكما أثبنا لوطا وآله, وأنعمنا عليه, فأنجيناهم من عذابنا بطاعتهم إيانا كذلك نثيب من شكرنا على نعمتنا عليه, فأطاعنا وانتهى إلى أمرنا ونهينا من جميع خلقنا. وأجرى قوله بسحر, لأنه نكرة, وإذا قالوا: فعلت هذا سحر بغير باء لم يجروه.

الآية : 36-37
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِالنّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد أنذر لوط قومه بطشتنا التي بطشناها قبل ذلك فَتمارَوْا بالنّذُر يقول: فكذّبوا بإنذاره ما أنذرهم من ذلك شكا منهم فيه.
وقوله: فَتمارَوْا تفاعلوا من المرية. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل: ذكر من قال ذلك:
25378ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فَتَمارَوْا بالنّذُرِ لم يصدّقوه, وقوله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ يقول جلّ ثناؤه: ولقد راود لوطا قومه عن ضيفه الذين نزلوا به حين أراد الله إهلاكهم فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ يقول: فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شقّ, فلم يبصروا ضيفه. والعرب تقول: قد طمست الريح الأعلام: إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب, كما قال كعب بن زُهَير:
مِنْ كُلّ نَضّاخَةِ الذّفْرَى إذَا اعْتَرَقَتْعُرْضَتُها طامِسُ الأعْلام مَجْهُولُ
يعني بقوله: طامِسُ الأعْلامِ: مندفن الأعلام. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25379ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ قال: عمى الله عليهم الملائكة حين دخلوا على لوط.
25380ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ وذُكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطا, وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه, فصفقهم بجناحه, وتركهم عميا يتردّدون.
25381ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ قال: هؤلاء قوم لوط حين راودوه عن ضيفه, طمس الله أعينهم, فكان ينهاهم عن عملهم الخبيث الذي كانوا يعملون, فقالوا: إنا لا نترك عملنا فإياك أن تُنْزِل أحدا أو تُضيفه, أو تدعه ينزل عليك, فإنا لا نتركه ولا نترك عملنا. قال: فلما جاءه المرسلون, خرجت امرأته الشقية من الشقّ, فأتتهم فدعتهم, وقالت لهم: تعالوا فإنه قد جاء قوم لم أر قطّ أحسن وجوها منهم, ولا أحسن ثيابا, ولا أطيب أرواحا منهم, قال: فجاؤوه يهرعون إليه, فقال: إن هؤلاء ضيفي, فاتقوا الله ولا تحزوني في ضيفي, قالوا: أو لم ننهك عن العالمين؟ أليس قد تقدمنا إليك وأعذرنا فيما بيننا وبينك؟ قال: هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فقال له جبريل عليه السلام: ما يهولك من هؤلاء؟ قال: أما ترى ما يريدون؟ فقال: إنا رسل ربك لن يصلوا إليك, لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك, لتصنعنّ هذا الأمر سرّا, وليكوننّ فيه بلاء قال: فنشر جبريل عليه السلام جناحا من أجنحته, فاختلس به أبصارهم, فطمس أعينهم, فجعلوا يجول بعضهم في بعض, فذلك قول الله: فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ.
25382ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ جاءت الملائكة في صور الرجال, وكذلك كانت تجيء, فرآهم قوم لوط حين دخلوا القرية. وقيل: إنهم نزلوا بلوط, فأقبلوا إليهم يريدونهم, فتلقّاهم لوط يناشدهم الله أن لا يخزوه في ضيفه, فأبوا عليه وجاؤوا ليدخلوا عليه, فقالت الرسل للوط خلّ بينهم وبين الدخول, فإنا رسل ربك, لن يصلوا إليك, فدخلوا البيت, وطمس الله على أبصارهم, فلم يروهم وقالوا: قد رأيناهم حين دخلوا البيت, فأين ذهبوا؟ فلم يروهم ورجعوا.
وقوله: فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ يقول تعالى ذكره: فذوقوا معشر قوم لوط من سذوم, عذابي الذي حلّ بكم, وإنذاري الذي أنذرت به غيركم من الأمم من النكال والمثلات.
الآية : 38-40
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَبّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مّسْتَقِرّ * فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُدّكِرٍ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد صُبّحَ قَوْمُ لوط بُكْرةً ذكر أن ذلك كان عند طلوع الفجر.
25383ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان بُكْرَةً قال: عند طلوع الفجر.
وقوله: عَذَاب وذلك قلب الأرض بهم, وتصيير أعلاها أسفلها بهم, ثم إتباعهم بحجارة من سجيل منضود. كما:
25384ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وَلَقَدْ صَبّحَهمْ بكْرَةً عَذَابٌ قال: حجارة رموا بها.
وقوله: مُسْتَقِرّ يقول: استقرّ ذلك العذاب فيهم إلى يوم القيامة حتى يوافوا عذاب الله الأكبر في جهنم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25385ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَلَقَدْ صَبّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرّ يقول: صبحهم عذاب مستقرّ, استقرّ بهم إلى نار جهنم.
25386ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَلَقَدْ صَبّحَهُمْ بُكْرَةً... الاَية, قال: ثم صبحهم بعد هذا, يعني بعد أن طمس الله أعينهم, فهم من ذلك العذاب إلى يوم القيامة, قال: وكلّ قومه كانوا كذلك, ألا تسمع قوله حين يقول: أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشيدٌ.
25387ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان مُسْتَقِرّ استقرّ.
وقوله: فَذُوقُوا عَذَابِي ونُذُرِ يقول تعالى ذكره لهم: فذوقوا معشر قوم لوط عذابي الذي أحللته بكم, بكفركم بالله وتكذيبكم رسوله, وإنذاري بكم الأمم سواكم بما أنزلته بكم من العقاب.
وقوله: وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ يقول تعالى ذكره: ولقد سهّلنا القرآن للذكر لمن أراد التذكر به فهل من متعظ ومعتبر به فينزجر به عما نهاه الله عنه إلى ما أمره به وأذن له فيه.
الآية : 41-42
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ النّذُرُ * كَذّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مّقْتَدِرٍ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد جاء أتباع فرعون وقومه إنذارنا بالعقوبة بكفرهم بنا وبرسولنا موسى صلى الله عليه وسلم كَذّبُوا بآياتِنا كُلّها يقول جلّ ثناؤه كذّب آل فرعون بأدلتنا التي جاءتهم من عندنا, وحججنا التي أتتهم بأنه لا إله إلا الله وحده كلها فأخَذْناهُمْ أخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ يقول تعالى ذكره: فعاقبناهم بكفرهم بالله عقوبة شديدٍ لا يُغْلب, مقتدر على ما يشاء, غير عاجز ولا ضعيف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25388ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: فأخَذْناهُمْ أخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم.

الآية : 43-45
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي الزّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ }.
يقول تعالى ذكره لكفار قريش الذين أخبر الله عنهم أنهم إنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ أكفاركم معشر قريش خير من أولئكم الذين أحللت بهم نقمتي من قوم نوح وعاد وثمود, وقوم لوط وآل فرعون, فهم يأملون أن ينجوا من عذابي, ونقمي على كفرهم بي, وتكذيبكم رسولي. يقول: إنما أنتم في كفركم بالله وتكذيبهم رسوله, كبعض هذه الأمم التي وصفت لكم أمرهم, وعقوبة الله بكم نازلة على كفركم به, كالذي نزل بهم إن لم تتوبوا وتنيبوا. كما:
25389ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أولَئِكُمْ: أي ممن مضى.
25390ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسن, عن يزيد النحويّ, عن عكرِمة أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ يقول: أكفاركم يا معشر قريش خير من أولئكم الذين مضوا.
25391ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئكُمْ قال: أكفاركم خير من الكفار الذين عذبناهم على معاصي الله, وهؤلاء الكفار خير من أولئك. وقال أكُفّارُكُمْ خيرٌ مِنْ أولئكم استنفاها.
25392ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزّبُرِ يقول: ليس كفاركم خيرا من قوم نوح وقوم لوط.
25393ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ قال: كفار هذه الأمة.
وقوله: أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزّبُرِ يقول جلّ ثناؤه: أم لكم براءة من عقاب الله معشر قريش, أن يصيبكم بكفركم بما جاءكم به الوحي من الله في الزبر, وهي الكتب. كما:
25394ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا أبو عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الزّبُرِ يقول: الكتب.
25395ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: أمْ لَكُمْ بَرَاءَةً فِي الزّبُرِ في كتاب الله براءة مما تخافون.
25396ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين, عن يزيد, عن عكرمة أمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزّبُرِ يعني في الكتب.
وقوله: أمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَميعٌ مُنْتَصِرٌ يقول تعالى ذكره: أيقول هؤلاء الكفار من قريش: نحن جميع منتصر ممن قصدنا بسوء ومكروه, وأراد حربنا وتفريق جمعنا, فقال الله جلّ ثناؤه: سيهزم الجمع يعني جمع كفار قريش وَيُوَلّونَ الدّبُرَ يقول: ويولون أدبارهم المؤمنين بالله عن انهزامهم عنه. وقيل: الدبر فوحّد والمراد به الجمع كما يقال ضربنا منهم الرأس: أي ضربنا منهم الرؤوس: إذ كان الواحد يؤدي عن معنى جمعه, ثم إن الله تعالى ذكره صدّق وعده المؤمنين به فهزم المشركين به من قريش يوم بدر وولوهم الدّبر. كما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة القمر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة القمر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة القمر   تفسير سورة القمر Empty1/5/2011, 3:42 pm

25397ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن أيوب قال: لا أعلمه إلا عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت سَيُهْزَمُ الجَمْعُ جعلت أقول: أيّ جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول: «سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ».
25398ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال: يوم بدر.
25399ـ قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا الحسين, عن يزيد, عن عكرِمة, قوله: سَيُهْزَمُ الجَمْعُ يعني جمع بدر وَيُوَلّونَ الدّبُرَ.
25400ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: سَيُهْزَمُ الجَمْعُ... الاَية ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر «هُزِمُوا وَوَلّوُا الدّبُرَ».
25401ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال: هذا يوم بدر.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا ابن علية, قال: حدثنا أيوب, عن عكرِمة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان يثب في الدرع ويقول: «هُزِمَ الجَمْعُ وَوَلّوُا الدّبُرَ».
25402ـ حدثني إسحاق بن شاهين, قال: حدثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ قال: كان ذلك يوم بدر. قال: قالوا نحن جميع منتصر, قال: فنزلت هذه الاَية.
الآية : 46-49
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهَىَ وَأَمَرّ * إِنّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسّ سَقَرَ * إِنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }.
يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون من أنهم لا يبعثون بعد مماتهم بَل السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ للبعث والعقاب وَالسّاعَةُ أدْهَى وأمَرّ عليهم من الهزيمة التي يهزمونها عند التقائهم مع المؤمنين ببدر.
25403ـ حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا جرير, عن مغيرة, عن عمرو بن مرّة, عن شهر بن حوشب, قال: إن هذه الاَية نزلت بهلاك إنما موعدهم الساعة, ثم قرأ أكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ... إلى قوله: والسّاعَةُ أدْهَى وأمَرّ.
وقوله: إنّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يقول تعالى ذكره: إن المجرمين في ذهاب عن الحقّ, وأخذ على غير هدى وَسُعُرٍ يقول: في احتراق من شدّة العناء والنصب في الباطل. كما:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: في ضَلالٍ وَسُعُرٍ قال: في عناء.
وقوله: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ على وُجُوهِهِمْ يقول تعالى ذكره: يوم يُسحب هؤلاء المجرمون في النار على وجوههم. وقد تأوّل بعضهم قوله: فِي النارِ على وُجُوهِهِمْ إلى النار. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «يَوْمَ يُسْحَبُونَ إلى النّارِ على وُجُوهِهِمْ».
وقوله: ذُوقُوا مَسّ سَقَرَ يقول تعالى ذكره: يوم يُسحبون في النار على وجوههم, يقال لهم: ذوقوا مَسّ سقَر, وترك ذكر «يقال لهم» استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره.
فإن قال قائل: كيف يُذاق مسّ سقر, أوَله طعم فيُذاق؟ فإن ذلك مختلف فيه فقال بعضهم: قيل ذلك كذلك على مجاز الكلام, كما يقال: كيف وجدت طعم الضرب وهو مجاز؟ وقال آخر: ذلك كما يقال: وجدتُ مسّ الحمى يُراد به أوّل ما نالني منها, وكذلك وجدت طعم عفوك. وأما سَقَرُ فإنها اسم باب من أبواب جهنم وترك إجراؤها لأنها اسم لمؤنث معرفة.
وقوله: إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا كل شيء بمقدار قدّرناه وقضيناه, وفي هذا بيان, أن الله جلّ ثناؤه, توعّد هؤلاء المجرمين على تكذيبهم في القدر مع كفرهم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25404ـ حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: حدثنا هشام بن سعد, عن أبي ثابت, عن إبراهيم بن محمد, عن أبيه, عن ابن عباس أنه كان يقول: إني أجد في كتاب الله قوما يُسحبون في النار على وجوههم, يقال لهم: ذُوقُوا مَسّ سَقَرَ لأنهم كانوا يكذّبون بالقَدَر, وإني لا أراهم, فلا أدري أشيء كان قبلنا, أم شيء فيما بقي.
25405ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: حدثنا سفيان, عن زياد بن إسماعيل السّهْمِيّ, عن محمد بن عباد بن جعفر, عن أبي هريرة أن مشركي قريش خاصمت النبيّ صلى الله عليه وسلم في القَدَر, فأنزل الله إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.
25406ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى وأبو كُرَيب, قالوا: حدثنا وكيع بن الجرّاح, قال: حدثنا سفيان, عن زياد بن إسماعيل السّهميّ, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القَدَر, فنزلت إنّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا أبو عاصم, عن سفيان, عن زياد بن إسماعيل السهمي, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, بنحوه.
25407ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن سعد بن عُبيدة, عن أبي عبد الرحمن السّلَميّ, قال: «لما نزلت هذه الاَية إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ أفي شيء نستأنفه, أو في شيء قد فرغ منه؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعْمَلُوا فَكُلّ مُيَسّرٌ لِما خُلِقَ لَهُ, سَنَيَسّرُهُ للْيُسْرَى, وَسَنَيْسّرُهُ للعُسْرَى».
25408ـ حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد, قال: حدثنا خصيف, قال: سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول: لما تكلم الناس في القَدَر نظرت, فإذا هذه الاَية أنزلت فيهم إنّ المُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ... إلى قوله خَلَقْناهُ بقَدَرٍ.
25409ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم ويزيد بن هارون, قالا: حدثنا سفيان, عن سالم, عن محمد بن كعب, قال: ما نزلت هذه الاَية إلاّ تعييرا لأهل القدر ذُوقُوا مَسّ سَقَرَ إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن سالم بن أبي حفصة, عن محمد بن كعب القُرَظي ذُوقُوا مَسّ سَقَرَ قال: نزلت تعييرا لأهل القَدَر.
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن زياد بن إسماعيل السّهمي, عن محمد بن عباد بن جعفر المخزوميّ, عن أبي هريرة, قال: جاء مشركو قريش إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر, فنزلت: إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ.
25410ـ قال: ثنا مهران, عن حازم, عن أُسامة, عن محمد بن كعب القُرَظيّ مثله.
25411ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ قال: خلق الله الخلق كلهم بقدر, وخلق لهم الخير والشرّ بقدر, فخير الخير السعادة, وشرّ الشرّ الشقاء, بئس الشرّ الشقاء.
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله: كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فقال بعض نحويّي البصرة: نصب كلّ شيء في لغة من قال: عبد الله ضربته قال: وهي في كلام العرب كثير. قال: وقد رفعت كلّ في لغة من رفع, ورفعت على وجه آخر. قال إنّا كُلّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بقَدَرٍ فجعل خلقناه من صفة الشيء وقال غيره: إنما نصب كلّ لأن قوله خلقناه فعل, لقوله «إنا», وهو أولى بالتقديم إليه من المفعول, فلذلك اختير النصب, وليس قيل عبد الله في قوله: عبد الله ضربته شيء هو أولى بالفعل, وكذلك إنا طعامك, أكلناه الاختيارُ النصب لأنك تريد: إنا أكلنا طعامك الأكل, أولى بأنا من الطعام. قال: وأما قول من قال: خلقناه وصف للشيء فبعيد, لأن المعنى: إنا خلقناه كلّ شيء بقدر, وهذا القول الثاني أولى بالصواب عندي من الأوّل للعلل التي ذكرت لصاحبها.
الآية : 50-52
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مّدّكِرٍ * وَكُلّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزّبُرِ }.
يقول تعالى ذكره: وما أمرنا للشيء إذا أمرناه وأردنا أن نكوّنه إلاّ قولة واحدة: كن فيكون, لا مراجعة فيها ولا مرادّة كَلَمْحِ بالبَصَرِ يقول جلّ ثناؤه: فيوجد ما أمرناه وقلنا له: كن كسرعة اللمح بالبصر لا يُبطىء ولا يتأخر, يقول تعالى ذكره لمشركي قريش الذين كذّبوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم: ولقد أهلكنا أشياعكم معشر قريش من الأمم السالفة والقرون الخالية, على مثل الذي أنتم عليه من الكفر بالله, وتكذيب رسله فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ يقول: فهل من مُتّعظ بذلك منزجر ينزجر به. كما:
25412ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَلَقَدْ أهْلَكْنا أشْياعُكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدّكرٍ قال: أشياعكم من أهل الكفر من الأمم الماضية, يقول: فهل من أحد يتذكر.
وقوله: وكُلّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزّبُرِ يقول تعالى ذكره: وكل شيء فعله أشياعكم الذين مضوا قبلكم معشر كفّار قريش في الزّبر, يعني في الكتب التي كتبتها الحفظة عليهم. وقد يحتمل أن يكون مرادا به في أمّ الكتاب. كما:
حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فِي الزّبُرِ قال: الكُتب.
25413ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وكُلّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزّبُرِ قال: في الكتاب.

الآية : 53-55
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَكُلّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مّسْتَطَرٌ * إِنّ الْمُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مّقْتَدِرِ }.
يقول تعالى ذكره: وكُلّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ من الأشياء مُسْتَطِرٌ يقول: مُثبَت في الكتاب مكتوب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25414ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وكُلّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ يقول: مكتوب, فإذا أراد الله أن ينزل كتابا نَسَخَتْه السّفَرة. قوله: وكُلّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ قال: مكتوب.
25415ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ, عن أبيه, عن عمران بن حُدَير, عن عكرِمة, قال: مكتوب في كلّ سطر.
25416ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة مُسْتَطَرٌ قال: محفوظ مكتوب.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَكُلّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ أي محفوظ.
25417ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: مُسْتَطَرٌ قال: مكتوب.
25418ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وكُلّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ قال: مكتوب, وقرأ وَما مِن دَابّةٍ فِي الأرْضِ إلاّ على اللّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرّها ومُسْتَوْدَعَها كُلّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ, وقرأ وَما مِنْ دَابّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إلاّ أُمَمٌ أمْثالُكُمْ ما فَرّطْنا فِي الكِتابِ مِنْ شَيْءٍ إنما هو مفتعل من سطرت: إذا كتبت سطرا.
وقوله: إنّ المُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ ونَهَرٍ يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه, واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة, وأنهار, ووحد النهر في اللفظ, ومعناه الجمع, كما وحد الدّبر, ومعناه الإدبار في قوله: يُوَلّونَ الدّبُرَ وقد قيل: إن معنى ذلك: إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء, فوجّهوا معنى قوله: ونَهَر إلى معنى النهار. وزعم الفرّاء أنه سمع بعض العرب ينشد:
إنْ تَكُ لَيْلِيّا فإنّي نَهِرْمَتى أتى الصّبْحُ فَلا أنْتَظِر
وقوله: «نهر» على هذا التأويل مصدر من قولهم: نهرت أنهر نهرا. وعنى بقوله: «فإني نهر»: أي إني لصاحب نهار: أي لست بصاحب ليلة.
وقوله: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ يقول: في مجلس حقّ لا لغو فيه ولا تأثيم عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ يقول: عند ذي مُلك مقتدر على ما يشاء, وهو الله ذو القوّة المتين, تبارك وتعالى.
آخر تفسير سورة اقتربت الساعة
نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة القمر

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
 
تفسير سورة القمر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة ق
» تفسير سورة سبأ
» تفسير سورة عبس
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: