شباب ستار
تفسير سورة غافر 749093772
شباب ستار
تفسير سورة غافر 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في 1/1/1970
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة غافر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:01 am

سورة غافر
سورة غافر مكية
وآياتها خمس وثمانون
بسم الله الرحمَن الرحيـم

الآية : 1-3
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {حـمَ * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذّنبِ وَقَابِلِ التّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطّوْلِ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ }.
اختلف أهل التأويل في معنى قوله حم فقال بعضهم: هو حروف مقطعة من اسم الله الذي هو الرحمن الرحيم, وهو الحاء والميم منه. ذكر من قال ذلك:
23318ـ حدثني عبد الله بن أحمد بن شبّويه المروَزي, قال: حدثنا عليّ بن الحسن, قال: ثني أبي, عن يزيد, عن عكرمة, عن ابن عباس: الر, وحم, ون, حروف الرحمن مقطعة.
وقال آخرون: هو قسم أقسمه الله, وهو اسم من أسماء الله. ذكر من قال ذلك:
23319ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قال: حم: قسم أقسمه الله, وهو اسم من أسماء الله.
23320ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قوله حم: من حروف أسماء الله.
وقال آخرون: بل هو اسم من أسماء القرآن. ذكر من قال ذلك:
23321ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة حم قال: اسم من أسماء القرآن.
وقال آخرون: هو حروف هجاء.
وقال آخرون: بل هو اسم, واحتجوا لقولهم ذلك بقول شريح بن أوفَى العبسي:
يُذَكّرُنِي حامِيمَ والرّمْحُ شاجِرٌفَهَلاّ تَلا حم قَبْلَ التّقَدّمِ
وبقول الكُمَيت:
وَجَدْنا لَكُمْ فِي آلِ حامِيم آيَةًتَأَوّلَها مِنّا تَقِيّ وَمُعْرِبُ
23322ـ وحُدثت عن معمر بن المثنى أنه قال: قال يونس, يعني الجرمي: ومن قال هذا القول فهو منكَر عليه, لأن السورة حم ساكنة الحروف, فخرجت مخرج التهجي, وهذه أسماء سور خرجت متحركات, وإذا سميت سورة بشيء من هذه الأحرف المجزومة دخلهُ الإعراب.
والقول في ذلك عندي نظير القول في أخواتها, وقد بيّنا ذلك, في قوله: الم, ففي ذلك كفاية عن إعادته في هذا الموضع, إذ كان القول في حم, وجميع ما جاء في القرآن على هذا الوجه, أعني حروف التهجي قولاً واحدا.
وقوله: تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللّهِ العَزِيزِ العَلِيمِ يقول الله تعالى ذكره: من الله العزيز في انتقامه من أعدائه, العليم يما يعملون من الأعمال وغيرها تنزيل هذا الكتاب فالتنزيل مرفوع بقوله: مِنَ اللّهِ.
وفي قوله: غافِرِ الذّنْبِ وجهان أحدهما: أن يكون بمعنى يغفر ذنوب العباد, وإذا أريد هذا المعنى, كان خفض غافر وقابل من وجهين, أحدهما من نية تكرير «من», فيكون معنى الكلام حينئذ: تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم, من غافر الذنب, وقابل التوب, لأن غافر الذنب نكرة, وليس بالأفصح أن يكون نعتا للمعرفة, وهو نكرة, والاَخر أن يكون أجرى في إعرابه, وهو نكرة على إعراب الأوّل كالنعت له, لوقوعه بينه وبين قوله: ذِي الطّوْلِ وهو معرفة.. وقد يجوز أن يكون أتبع إعرابه وهو نكرة إعراب الأوّل, إذا كان مدحا, وكان المدح يتبع إعرابه ما قبله أحيانا, ويعدل به عن إعراب الأوّل أحيانا بالنصب والرفع كما قال الشاعر:
لا يَبْعَدَنْ قَوْمي الّذِينَ هُمُسَمّ العُدَاةِ وآفَةُ الجُزُرِ
النّازِلِينَ بِكُلّ مَعُتَركٍوالطّيِبينَ معَاقِدَ الأُزُزُ
وكما قال جلّ ثناؤه وَهُوَ الغَفُورُ الَودُودُ ذُو العَرْشِ المَجِيدُ فَعّالٌ لِمَا يُرِيدُ فرفع فعّالٌ وهو نكرة محضة, وأتبع إعراب الغفور الودود والاَخر: أن يكون معناه: أن ذلك من صفته تعالى, إذ كان لم يزل لذنوب العباد غفورا من قبل نزول هذه الاَية وفي حال نزولها, ومن بعد ذلك, فيكون عند ذلك معرفة صحيحة ونعتا على الصحة. وقال: غافِرِ الذّنْبِ ولم يقل الذنوب, لأنه أريد به الفعل, وأما قوله: وَقابِلِ التّوْبِ فإن التوب قد يكون جمع توبة, كما يجمع الدّومة دَوما والعَومة عَوما من عومة السفينة, كما قال الشاعر:
(عَوْمَ السّفِينَ فَلَمّا حالَ دُونَهُمُ )
وقد يكون مصدر تاب يتوب توبا.
وقد:
23323ـ حدثني محمد بن عبيد المحاربي, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن أبي إسحاق, قال: جاء رجل إلى عمر, فقال: إني قتلت, فهل لي من توبة؟ قال: نعم, اعمل ولا تيأس, ثم قرأ: حم تَنْزِيلُ الكِتابِ مِنَ اللّهِ العَزِيرِ العَلِيمِ غافِرِ الذّنْبِ وَقابِلِ التّوْبِ.
وقوله: شَدِيد العقابِ يقول تعالى ذكره: شديد عقابه لمن عاقبه من أهل العصيان له, فلا تتكلوا على سعة رحمته, ولكن كونوا منه على حذر, باجتناب معاصيه, وأداء فرائضه, فإنه كما أن لا يؤيس أهل الإجرام والاَثام من عفوه, وقبول توبة من تاب منهم من جرمه, كذلك لا يؤمنهم من عقابه وانتقامه منهم بما استحلوا من محارمه, وركبوا من معاصيه.
وقوله: ذِي الطّوْلِ يقول: ذي الفضل والنعم المبسوطة على من شاء من خلقه يقال منه: إن فلانا لذو طَوْل على أصحابه, إذا كان ذا فضل عليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23324ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو الصالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ذِي الطّوْلِ يقول: ذي السعة والغنى.
23325ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ذِي الطّوْلِ الغنى.
23326ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ذِي الطّوْلِ: أي ذي النعم.
وقال بعضهم: الطّول: القدرة. ذكر من قال ذلك:
23327ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ذِي الطّوْلِ قال: الطول القدرة, ذاك الطول.
وقوله: لا إلَهَ إلاّ هوَ إلَيْهِ المَصِيرُ يقول: لا معبود تصلح له العبادة إلا الله العزيز العليم, الذي صفته ما وصف جلّ ثناؤه, فلا تعبدوا شيئا سواه إلَيْهِ المَصِيرُ يقول تعالى ذكره: إلى الله مصيركم ومرجعكم أيها الناس, فإياه فاعبدوا, فإنه لا ينفعكم شيء عبدتموه عند ذلك سواه.
الآية : 4-5
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِيَ آيَاتِ اللّهِ إِلاّ الّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ * كَـذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمّتْ كُـلّ أُمّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }.
يقول تعالى ذكره: ما يخاصم في حجج الله وأدلته على وحدانيته بالإنكار لها, إلا الذين جحدوا توحيده.
وقوله: فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ في البِلادِ يقول جلّ ثناؤه: فلا يخدعك يا محمد تصرّفهم في البلاد وبقاؤهم ومكثهم فيها, مع كفرهم بربهم, فتحسب أنهم إنما أمهلوا وتقلبوا, فتصرّفوا في البلاد مع كفرهم بالله, ولم يعاجلوا بالنقمة والعذاب على كفرهم لأنهم على شيء من الحق فإنا لم نمهلهم لذلك, ولكن ليبلغ الكتاب أجله, ولتحقّ عليهم كلمة العذاب, عذاب ربك, كما:
23328ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي البِلاد أسفارهم فيها, ومجيئهم وذهابهم.
ثم قصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قصص الأمم المكذّبة رسلها, وأخبره أنهم كانوا من جدالهم لرسله على مثل الذي عليه قومه الذين أرسل إليهم, وإنه أحلّ بهم من نقمته عند بلوغهم أمدهم بعد إعذار رسله إليهم, وإنذارهم بأسه ما قد ذكر في كتابه إعلاما منه بذلك نبيه, أن سنته في قومه الذين سلكوا سبيل أولئك في تكذيبه وجداله سنته من إحلال نقمته بهم, وسطوته بهم, فقال تعالى ذكره: كذبت قبل قومك المكذّبين لرسالتك إليهم رسولاً, المجادليك بالباطل قوم نوح والأحزاب من بعدهم, وهم الأمم الذين تحزّبُوا وتجمّعوا على رسلهم بالتكذيب لها, كعاد وثمود, وقوم لوط, وأصحاب مَدْيَن وأشباههم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23329ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ قال: الكفار.
وقوله: وَهمّتْ كُلّ أُمّةٍ برَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ يقول تعالى ذكره: وهمت كلّ أمة من هذه الأمم المكذبة رسلها, المتحزّبة على أنبيائها, برسولهم الذي أُرسل إليهم ليأخذوه فيقتلوه, كما:
23330ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَهَمّتْ كُلّ أُمّةٍ بِرَسُولِهِمْ لَيأْخُذُوهُ: أي ليقتلوه, وقيل برسولهم وقد قيل: كلّ أمة, فوجّهت الهاء والميم إلى الرجل دون لفظ الأمة, وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «برسولها», يعني برسول الأمة.
وقوله: وجَادَلُوا بالباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَ يقول: وخاصموا رسولهم بالباطل من الخصومة ليبطلوا بجدالهم إياه وخصومتهم له الحقّ الذي جاءهم به من عند الله, من الدخول في طاعته, والإقرار بتوحيده, والبراءة من عبادة ما سواه, كما يخاصمك كفار قومك يا محمد بالباطل.
وقوله: فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقَابِ يقول تعالى ذكره: فأخذت الذين هموا برسولهم ليأخذوه بالعذاب من عندي, فكيف كان عقابي إياهم, ألم أهلكهم فأجعلهم للخلق عبرة, ولمن بعدهم عظة؟ وأجعل ديارهم ومساكنهم منهم خلاء, وللوحوش ثواء. وقد:
23331ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فَأَخَذَتْهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقَابِ قال: شديد والله.
الآية : 6
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ عَلَى الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ النّارِ }.
يقول تعالى ذكره: وكما حقّ على الأمم التي كذّبت رسلها التي قصصت عليك يا محمد قصصها عذابي, وحلّ بها عقابي بتكذيبهم رسلهم, وجدالهم إياهم بالباطل, ليدحضوا به الحقّ, كذلك وجبت كلمة ربك على الذين كفروا بالله من قومك, الذين يجادلون في آيات الله.
وقوله: أنّهُمْ أصحَابُ النّارِ اختلف أهل العربية في موضع قوله أنّهُمْ, فقال بعض نحوييّ البصرة: معنى ذلك: حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار: أي لأنهم, أو بأنهم, وليس أنهم في موضع مفعول ليس مثل قولك: أحققت أنهم لو كان كذلك كان أيضا أحققت, لأنهم. وكان غيره يقول: «أنهم» بدل من الكلمة, كأنه أحقت الكلمة حقا أنهم أصحاب النار.
والصواب من القول في ذلك, أن قوله «أنهم» ترجمة عن الكلمة, بمعنى: وكذلك حقّ عليهم عذاب النار, الذي وعد الله أهل الكفر به.

الآية : 7
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {الّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلّذِينَ آمَنُواْ رَبّنَا وَسِعْتَ كُـلّ شَيْءٍ رّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلّذِينَ تَابُواْ وَاتّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }
يقول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته, ومن حول عرشه, ممن يحفّ به من الملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره وَيُؤْمِنُونَ بِهِ يقول: ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه, ويشهدون بذلك, لا يستكبرون عن عبادنه وَيَسْتَغْفِرُونَ للّذِينَ آمَنُوا يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله, والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم, فيعفوها عنهم, كما:
23332ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَيَسْتَغْفِرُونَ للّذِينَ آمَنُوا لأهل لا إله إلا الله.
وقوله: رَبّنا وَسِعْتَ كُلّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما, وفي هذا الكلام محذوف, وهو يقولون ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما. ويعني بقوله: وَسِعْتَ كُلّ شَيْءٍ رَحمَةً وَعِلْما: وسعت رحمتك وعلمك كلّ شيء من خلقك, فعلمت كلّ شيء, فلم يخف عليك شيء, ورحمت خلقك, ووسعتهم برحمتك.
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب الرحمة والعلم, فقال بعض نحويي البصرة: انتصاب ذلك كانتصاب لك مثله عبدا, لأنك قد جعلت وسعت كلّ شيء, وهو مفعول له, والفاعل التاء, وجاء بالرحمة والعلم تفسيرا, وقد شغلت عنهما الفعل كما شغلت المثل بالهاء, فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل وقال غيره: هو من المنقول, وهو مفسر, وسعت رحمته وعلمه, ووسع هو كلّ شيء رحمة, كما تقول: طابت به نفسي, وطبت به نفسا, وقال: أمالك مثله عبدا, فإن المقادير لا تكون إلا معلومة مثل عندي رطل زيتا, والمثل غير معلوم, ولكن لفظه لفظ المعرفة والعبد نكرة, فلذلك نصب العبد, وله أن يرفع, واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:
ما في مَعَدّ والقَبائِلِ كُلّهاقَحْطانَ مِثْلُكَ وَاحِدٌ مَعْدودُ
وقال: رد «الواحد» على «مثل» لأنه نكرة, قال: ولو قلت: ما مثلك رجل, ومثلك رجل, ومثلك رجلاً, جاز, لأن مثل يكون نكرة, وإن كان لفظها معرفة.
وقوله: فاغْفِرِ للّذِينَ تابُوا وَاتّبَعُوا سَبِيلَكَ يقول: فاصفح عن جرم من تاب من الشرك بك من عبادك, فرجع إلى توحيدك, واتبع أمرك ونهيك, كما:
23333ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فاغْفِرْ للّذِينَ تابُوا من الشرك.
وقوله: واتّبَعُوا سَبِيلَكَ يقول: وسلكوا الطريق الذي أمرتهم أن يسلكوه, ولزموا المنهاج الذي أمرتهم بلزومه, وذلك الدخول في الإسلام. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23334ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة واتّبَعُوا سَبِيلَكَ: أي طاعتك.
وقوله: وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ يقول: واصرف عن الذين تابوا من الشرك, واتبعوا سبيلك عذاب النار يوم القيامة.

الآية : 8
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {رَبّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الّتِي وَعَدْتّهُمْ وَمَن صَـلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرّيّاتِهِمْ إِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن دعاء ملائكته لأهل الإيمان به من عبادة, تقول: يا رَبّنا وأدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ يعني: بساتين إقامة التي وَعَدْتَهُمْ يعني التي وعدت أهل الإنابة إلى طاعتك أن تدخلهموها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وأزْوَاجِهِمْ وَذُرّياتِهِمْ يقول: وأدخل مع هؤلاء الذين تابوا واتّبَعُوا سَبِيلَكَ جنات عدن من صلح من آبائهم وأزواجهم وذريّاتهم, فعمل بما يرضيك عنه من الأعمال الصالحة في الدنيا, وذكر أنه يدخل مع الرجل أبواه وولده وزوجته الجنة, وإن لم يكونوا عملوا عمله بفضل رحمة الله إياه, كما:
23335ـ حدثنا أبو هشام, قال: حدثنا يحيى بن يمان العجلي, قال: حدثنا شريك, عن سعيد, قال: يدخل الرجل الجنة, فيقول: أين أبي, أين أمي, أين ولدي, أين زوجتي, فيقال: لم يعملوا مثل عملك, فيقول: كنت أعمل لي ولهم, فيقال: أدخلوهم الجنة ثم قرأ جَنّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وأزْوَاجِهِمْ وَذُرّيّاتِهِمْ.
فمن إذن, إذ كان ذلك معناه, في موضع نصب عطفا على الهاء والميم في قوله وأدْخِلْهِمْ وجائز أن يكون نصبا على العطف على الهاء والميم في وعدتهم إنّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ يقول: إنك أنت يا ربنا العزيز في انتقامه من أعدائه, الحكيم في تدبيره خلقه.

الآية : 9
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقِهِمُ السّيّئَاتِ وَمَن تَقِ السّيّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.
يقول تعالى ذكره بقوله مخبرا عن قيل ملائكته: وقِهم: اصرف عنهم سوء عاقبة سيئاتهم التي كانوا أتوها قبل توبتهم وإنابتهم, يقولون: لا تؤاخذهم بذلك, فتعذّبهم به وَمَنْ تَقِ السّيّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ يقول: ومن تصرف عنه سوء عاقبة سيئاته بذلك يوم القيامة, فقد رحمته, فنجيه من عذابك وذَلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ لأنه من نجا من النار وأدخل الجنة فقد فاز, وذلك لا شك هو الفوز العظيم. وبنحو الذي قلنا في معنى السيئات قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23336ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَقِهِمُ السّيّئاتِ: أي العذاب.
23337ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا معمر بن بشير, قال: حدثنا ابن المبارك, عن معمر, عن قتادة, عن مطرف, قال: وجدنا أنصح العباد للعباد الملائكة, وأغشّ العباد للعباد الشياطين, وتلا: الّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ... الاَية.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: قال مطرف: وجدنا أغشّ عباد الله لعباد الله الشياطين, ووجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة.

الآية : 10-11
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللّهِ أَكْبَرُ مِن مّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُواْ رَبّنَآ أَمَتّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىَ خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ }.
يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ينادون في النار يوم القيامة إذا دخلوها, فمقتوا بدخولهموها أنفسهم حين عاينوا ما أعدّ الله لهم فيها من أنواع العذاب, فيقال لهم: لَمَقْتُ الله إياكم أيها القوم في الدنيا, إذ تدعون فيها للإيمان بالله فتكفرون, أكبر من مقتكم اليوم أنفسكم لما حلّ بكم من سخط الله عليكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23338ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: لَمَقْتُ الله أكْبَرُ قال: مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم, ومقت الله إياهم في الدنيا, إذ يدعون إلى الإيمان, فيكفرون أكبر.
23339ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ إذْ تُدْعونَ إلى الإيمانِ فَتَكْفُرُونَ يقول: لمقت الله أهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا, فتركوه, وأبوا أن يقبلوا, أكبرُ مما مقتوا أنفسهم, حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة.
23340ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السدّي قوله: إنّ الّذِينَ كَفَرُوا يُنَادُوْنَ لَمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ في النار إذْ تَدْعُونَ إلى الإيمانِ في الدنيا فَتَكْفُرُونَ.
23341ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله يُنَادُونَ لَمَقْتُ اللّهِ... الاَية, قال: لما دخلوا النار مقتوا أنفسهم في معاصي الله التي ركبوها, فنُودوا: إن مقت الله إياكم حين دعاكم إلى الإسلام أشدّ من مقتكم أنفسكم اليوم حين دخلتم النار.
واختلف أهل العربية في وجه دخول هذه اللام في قوله: لَمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ فقال بعض أهل العربية من أهل البصرة: هي لام الابتداء, كأن ينادون يقال لهم, لأن في النداء قول قال: ومثله في الإعراب يقال: لزيد أفضل من عمرو. وقال بعض نحوييّ الكوفة: المعنى فيه: ينادون إن مقت الله إياكم, ولكن اللام تكفي من أن تقول في الكلام: ناديت أنّ زيدا قائم, قال: ومثله قوله: ثُمّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الاَياتِ لَيَسْجُنُنّهُ حتى حِينِ اللام بمنزلة «إن» في كلّ كلام ضارع القول مثل ينادون ويخبرون, وأشباه ذلك.
وقال آخر غيره منهم: هذه لام اليمين, تدخل مع الحكاية, وما ضارع الحكاية لتدلّ على أن ما بعدها ائتناف. قال: ولا يجوز في جوابات الأيمان أن تقوم مقام اليمين, لأن اللام كانت معها النون أو لم تكن, فاكتفى بها من اليمين, لأنها لا تقع إلا معها.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: دخلت لتؤذن أن ما بعدها ائتناف وأنها لام اليمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:04 am

وقوله: رَبّنا أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قد أتينا عليه في سورة البقرة, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع, ولكنا نذكر بعض ما قال بعضم فيه.
23342ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: أمَتَنّا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم, فأحياهم الله في الدنيا, ثم أماتهم الموتة التي لا بدّ منها, ثم أحياهم للبعث يوم القيامة, فهما حياتان وموتتان.
23343ـ وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ هو قول الله كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللّهِ وكُنْتُمْ أمْوَاتا فأحْياكُمْ ثُمّ يُمِيتُكُمْ ثُمّ يُحْيِيكُمْ ثُمّ إلَيْهِ تُرْجِعُونَ.
23344ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: رَبّنا أمَتَنّا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: هو كقوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللّهِ وكُنتُمْ أمْوَاتا... الاَية.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله, في قوله: أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: هي كالتي في البقرة وكُنْتُمْ أمْوَاتا فأحْياكُمْ ثُمّ يُمِيتُكُمْ ثُمّ يُحْيِيكُمْ.
23345ـ حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: حدثنا عبثر, قال: حدثنا حصين, عن أبي مالك في هذه الاَية أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: خلقتنا ولم نكن شيئا ثم أمتنا, ثم أحييتنا.
حدثني يعقوب, قال: حدثنا هشيم, عن حصين, عن أبي مالك, في قوله: أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قالوا: كانوا أمواتا فأحياهم الله, ثم أماتهم, ثم أحياهم.
وقال آخرون فيه ما:
23346ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قوله: أمتَنّا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: أميتوا في الدنيا, ثم أحيوا في قبورهم, فسئلوا أو خوطبوا, ثم أميتوا في قبورهم, ثم أحيوا في الاَخرة.
وقال آخرون في ذلك ما:
23347ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله رَبّنا أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال: خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق, وقرأ: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ, فقرأ حتى بلغ المُبْطِلُونَ قال: فنسّاهم الفعل, وأخذ عليهم الميثاق, قال: وانتزع ضلعا من أضلاع آدم القصري, فخلق منه حوّاء, ذكره عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, قال: وذلك قول الله: يا أيّها النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمْ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَق مِنْها زَوْجَها وَبَثّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيرا وَنِساءً. قال: بثّ منهما بعد ذلك في الأرحام خلقا كثيرا, وقرأ: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُمْ خَلُقا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ قال: خلقا بعد ذلك, قال: فلما أخذ عليهم الميثاق, أماتهم ثم خلقهم في الأرحام, ثم أماتهم, ثم أحياهم يوم القيامة, فذلك قول الله: رَبّنا أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا, وقرأ قول الله: وأخَذْنا مِنْهُم مِيثاقا غَلِيظا قال: يومئذ, وقرأ قول الله: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وأطَعْنا.
وقوله: فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا يقول: فأقررنا بما عملنا من الذنوب في الدنيا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ يقول: فهل إلى خروج من النار لنا سبيل, لنرجع إلى الدنيا, فنعمل غير الذي كنا نعمل فيها, كما:
23348ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ: فهل إلى كرّة إلى الدنيا.
الآية : 12
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ذَلِكُم بِأَنّهُ إِذَا دُعِيَ اللّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَالْحُكْمُ للّهِ الْعَلِـيّ الْكَبِيرِ }.
وفي هذا الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر من ذكره عليه وهو: فأجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك هذا الذي لكم من العذاب أيها الكافرون بأنّهُ إذا دُعِيَ اللّهُ وَحْدَه كَفَرْتُمْ, فأنكرتم أن تكون الألوهة له خالصة, وقلتم أجَعَلَ الاَلِهَةَ إلَها وَاحدا.
وإنْ يُشْرَكْ بِهِ تُوءْمِنُوا يقول: وإن يجعل لله شريك تصدّقوا من جعل ذلك له فالحُكْمُ لِلّهِ العَلِيّ الكَبِيرِ يقول: فالقضاء لله العليّ على كل شيء, الكبير الذي كلّ شيء دونه متصاغرا له اليوم.
الآية : 13-14
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {هُوَ الّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزّلُ لَكُم مّنَ السّمَآءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكّرُ إِلاّ مَن يُنِيبُ * فَادْعُواْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }.
يقول تعالى ذكره: الذي يريكم أيها الناس حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته وَيُنَزّلُ لَكُمْ مِنَ السّمَاءِ رِزْقا يقول ينزّل لكم من أرزاقكم من السماء بإدرار الغيث الذي يخرج به أقواتكم من الأرض, وغذاء أنعامكم عليكم وَما يَتَذَكّرُ إلاّ مَنْ يُنِيبُ يقول: وما يتذكر حجج الله التي جعلها أدلة على وحدانيته, فيعتبر بها ويتعظ, ويعلم حقيقة ما تدلّ عليه, إلا من ينيب, يقول: إلا من يرجع إلى توحيده, ويقبل على طاعته, كما:
23349ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ إلاّ مَنْ يُنِيبُ قال: من يقبل إلى طاعة الله.
وقوله: فادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به, فاعبدوا الله أيها المؤمنون له, مخلصين له الطاعة غير مشركين به شيئا مما دونه وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُون يقول: ولو كره عبادتكم إياه مخلصين له الطاعة الكافرون المشركون في عبادتهم إياه الأوثان والأنداد.
الآية : 15-16
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {رَفِيعُ الدّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التّلاَقِ * يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَىَ عَلَى اللّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّهِ الْوَاحِدِ الْقَهّارِ }.
يقول تعالى ذكره: هو رفيع الدرجات ورفع قوله: رَفِيعُ الدّرَجاتِ على الابتداء ولو جاء نصبا على الردّ على قوله: فادعوا الله, كان صوابا. ذُو العَرْشِ يقول: ذو السرير المحيط بما دونه.
وقوله: يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يقول: ينزل الوحي من أمره على من يشاء من عباده.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى الروح في هذا الموضع, فقال بعضهم: عُني به الوحي. ذكر من قال ذلك:
23350ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أمْرِهِ قال: الوحي من أمره.
وقال آخرون: عُني به القرآن والكتاب. ذكر من قال ذلك:
23351ـ حدثني هارون بن إدريس الأصمّ, قال: حدثنا عبد الرحمن بن المحاربيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك في قوله: يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قال: يعني بالروح: الكتاب ينزله على من يشاء.
23352ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ, وقرأ: وكذَلكَ أوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحا مِنْ أمْرِنا قال: هذا القرآن هو الروح, أوحاه الله إلى جبريل, وجبريل روح نزل به على النبيّ صلى الله عليه وسلم, وقرأ: نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأمِينُ قال: فالكتب التي أنزلها الله على أنبيائه هي الروح, ليُنذر بها ما قال الله يوم التلاق, يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالمَلاَئِكَةُ صَفّا, قال: الروح: القرآن, كان أبي يقوله, قال ابن زيد: يقومون له صفا بين السماء والأرض حين ينزل جلّ جلاله.
وقال آخرون: عُني به النبوّة. ذكر من قال ذلك:
23353ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, وفي قول الله: يُلْقِي الرّوحَ مِنْ أمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قال: النبوّة على من يشاء.
وهذه الأقوال متقاربات المعاني, وإن اختلفت ألفاظ أصحابها بها.
وقوله: لِيُنْذِرَ يَوْمَ التّلاقِ يقول: لينذر من يلقي الروح عليه من عباده من أمر الله بإنذاره من خلقه عذاب يوم تلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض, وهو يوم التلاق, وذلك يوم القيامة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23354ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس, قوله: يَوْمَ التّلاقِ من أسماء يوم القيامة, عظمه الله, وحذّره عباده.
23355ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يَوْمَ التّلاقِ: يوم تلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض, والخالق والخلق.
23356ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السدي يَوْمَ التّلاق تلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
23357ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد يَومْ التّلاقِ قال: يوم القيامة. قال: يوم تتلاقى العباد.
وقوله: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفَى على اللّهِ منْهُمْ شَيْءٌ يعني بقوله يَوْمَ هُمْ بارزُونَ يعني المنذرين الذين أرسل الله إليهم رسله لينذروهم وهم ظاهرون يعني للناظرين لا يحول بينهم وبينهم جبل ولا شجر, ولا يستر بعضهم عن بعض ساتر, ولكنهم بقاعٍ صفصف لا أَمْتَ فيه ولا عوج. و «هم» من قوله: يَوْمَ هُمْ في موضع رفع بما بعده, كقول القائل: فعلت ذلك يوم الحجاج أمير.
واختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم تخفض هم بيوم وقد أضيف إليه؟ فقال بعض نحويي البصرة: أضاف يوم إلى هم في المعنى, فلذلك لا ينوّن اليوم, كما قال: يَوْمَ هُمْ عَلى النّار يُفْتَنُونَ وقال: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ومعناه: هذا يوم فتنتهم, ولكن لما ابتدأ بالاسم, وبنى عليه لم يقدر على جرّه, وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة, وهذا إنما يكون إذا كان اليوم في معنى إذ, وإلا فهو قبيح إلا ترى أنك تقول: ليتك زمن زيدٌ أمير: أي إذ زيد أمير, ولو قلت: ألقاك زمن زيد أمير, لم يحسن. وقال غيره: معنى ذلك: أن الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا, فلذلك بقيت عل نصبها في الرفع والخفض والنصب, فقال: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ فنصبوا, والموضع خفض, وذلك دليل على أنه جعل موضع الأداة, ويجوز أن يعرب بوجوه الإعراب, لأنه ظهر ظهور الأسماء ألا ترى أنه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء, فإن عاد العائد نوّن وأعرب ولم يضف, فقيل: أعجبني يوم فيه تقول, لما أن خرج من معنى الأداة, وعاد عليه الذكر صار اسما صحيحا. وقال: وجائز في إذ أن تقول: أتيتك إذ تقوم, كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي, فيكون زمنا معلوما, فأما أتيتك يوم تقوم فلا مؤنة فيه وهو جائز عند جميعهم, وقال: وهذه التي تسمى إضافة غير محضة.
والصواب من القول عندي في ذلك, أن نصب يوم وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات لوقوعها مواقعها, وإذا أعربت بوجوه الإعراب, فلأنها ظهرت ظهور الأسماء, فعوملت معاملتها.
وقوله: لا يَخْفَى على اللّهِ مِنْهُمْ أي ولا من أعمالهم التي عملوها في الدنيا شَيْءٌ. وكان قتادة يقول في ذلك ما:
23358ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لاَ يَخْفَى على الله مِنْهُمْ شَيْءٌ ولكنهم برزوا له يوم القيامة, فلا يستترون بجبل ولا مَدَر.
وقوله: لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ يعني بذلك: يقول الربّ: لمن الملك اليوم وترك ذكر «يقول» استغناء بدلالة الكلام عليه. وقوله: لِلّهِ الوَاحِدِ القَهّارِ وقد ذكرنا الرواية الواردة بذلك فيما مضى قبل ومعنى الكلام: يقول الربّ: لمن السلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة, فيجيب نفسه فيقول: لِلّهِ الوَاحِدِ الذي لا مثل له ولا شبيه القَهّارِ لكلّ شيء سواه بقدرته, الغالب بعزّته.
الآية : 17
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَىَ كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله يوم القيامة حين يبعث خلقه من قبورهم لموقف الحساب: اليَوْمَ تُجْزَى كُلّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ يقول: اليوم يثاب كلّ عامل بعمله, فيوفى أجر عمله, فعامل الخير يجزى الخير, وعامل الشر يجزى جزاءه.
وقوله: لا ظُلْمَ اليَوْمَ يقول: لا بخس على أحد فيما استوجبه من أجر عمله في الدنيا, فينقص منه إن كان محسنا, ولا حُمِل على مسيء إثم ذنب لم يعمله فيعاقب عليه إنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحسابِ يقول: إن اللّهَ ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا ذُكر أن ذلك اليوم لا يَنْتَصِف حتى يقيل أهل الجنة في الجنة, وأهل النار في النار, وقد فرغ من حسابهم, والقضاء بينهم.
الآية : 18-20
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصّدُورُ * وَاللّهُ يَقْضِي بِالْحَقّ وَالّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنّ اللّهَ هُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه: وأنذر يا محمد مشركي قومك يوم الاَزفة, يعني يوم القيامة, أن يُوافُوا الله فيه بأعمالهم الخبيثة, فيستحقوا من الله عقابه الأليم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:05 am

23359ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: يَوْمَ الاَزِفَةِ قال: يوم القيامة.
23360ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الاَزِفَةِ يوم القيامة.
23361ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السدي وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الاَزِفَةِ قال: يوم القيامة.
23362ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله وأنْذِرْهُمْ يَوْمَ الاَزِفَةِ قال: يوم القيامة, وقرأ: آزِفَتِ الاَزِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ.
وقوله: إذِ القُلُوبُ لَدَى الحَناجِرِ كاظِمينَ يقول تعالى ذكره: إذ قلوب العباد من مخافة عقاب الله لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم, فتعلقت بحلوقهم كاظميها, يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع, ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23363ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إذِ القُلُوبُ لَدَى الحَناجِرِ قال: قد وقعت القلوب في الحناجر من المخافة, فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها.
23364ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ إذِ القُلُوبُ لَدَى الحَناجِرِ كاظِمِينَ قال: شخصت أفئدتهم عن أمكنتها, فنشبت في حلوقهم, فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا, ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقرّ.
واختلف أهل العربية في وجه النصب كاظِمِينَ فقال بعض نحويي البصرة: انتصابه على الحال, كأنه أراد: إذا القلوب لدى الحناجر في هذه الحال. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: الألف واللام بدل من الإضافة, كأنه قال: إذا قلوبهم لدى حناجرهم في حال كظمهم. وقال آخر منهم: هو نصب على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر, المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. قال: فإن شئت جعلت قطعة من الهاء التي في قوله وأنْذِرهُمْ قال: والأوّل أجود في العربية, وقد تقدم بيان وجه ذلك.
وقوله: ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يقول: جلّ ثناؤه: ما للكافرين بالله يومئذ من حميم يحم لهم, فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب الله, ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم فيطاع فيما شفع, ويُجاب فيما سأل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23365ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ قال: من يعنيه أمرهم, ولا شفيع لهم.
وقوله: يُطاعُ صلة للشفيع. ومعنى الكلام: ما للظالمين من حميم ولا شفيع إذا شفع أطيع فيما شفع, فأجيب وقبلت شفاعته له.
وقوله: يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ يقول جلّ ذكره مخبرا عن صفة نفسه: يعلم ربكم ما خانت أعين عباده, وما أخفته صدورهم, يعني: وما أضمرته قلوبهم يقول: لا يخفى عليه شيء من أمورهم حتى ما يحدّث به نفسه, ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره, وما ينوي ذلك بقلبه وَاللّهُ يَقْضِي بالحَقّ يقول: والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها, وأخفته الصدور عند نظر العيون بالحق, فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم, وصرفوها عن محارمه حذارَ الموقف بين يديه, ومسألته عنه بالحُسنى, والذين ردّدوا النظر, وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدَرت, جزاءها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23366ـ حدثني عبد الله بن أحمد المَرْوَزِيّ, قال: حدثنا عليّ بن حسين بن واقد, قال: ثني أبي, قال: حدثنا الأعمش, قال: حدثنا سعيد بن جبير, عن ابن عباس يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا وما تُخْفِي الصّدُورُ إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثم سكت, ثم قال: ألا أخبركم بالتي تليها؟ قلت نعم, قال: وَاللّهُ يَقْضِي بالْحَقّ قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة, وبالسيئة السيئة إنّ اللّهَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ قال الحسن: فقلت للأعمش: حدثني الكلبيّ, إلا أنه قال: إن الله قادر على أن يجزي بالسيئة السيئة, وبالحسنة عشرا. وقال الأعمش: إن الذي عند الكلبيّ عندي, ما خرج مني إلا بحقير.
23367ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ قال: نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.
23368ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: خائِنَةَ الأَعْيُنِ: أي يعلم همزه بعينه, وإغماضه فيما لا يحبّ الله ولا يرضاه.
وقوله: وَالّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ يقول: والأوثان والاَلهة التي يعبدها هؤلاء المشركون بالله من قومك من دونه لا يقضون بشيء, لأنها لا تعلم شيئا, ولا تقدر على شيء, يقول جلّ ثناؤه لهم: فاعبدوا الذي يقدر على كلّ شيء, ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم, فيجزي محسنكم بالإحسان, والمسيء بالإساءة, لا ما لا يقدر على شيء ولا يعلم شيئا, فيعرف المحسن من المسيء, فيثيب المحسن, ويعاقب المسيء.
وقوله: إنّ اللّهَ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ يقول: إن الله هو السميع لما تنطق به ألسنتكم أيها الناس, البصير بما تفعلون من الأفعال, محيط بكل ذلك محصيه عليكم, ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: وَالّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة: «وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ» بالتاء على وجه الخطاب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
الآية : 21
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَآثَاراً فِي الأرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ }.
يقول تعالى ذكره: أو لم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم بالله, المكذّبون رسوله من قريش, في البلاد, فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ يقول: فيروا ما الذي كان خاتمة أمم الذين كانوا من قبلهم من الأمم الذين سلكوا سبيلهم, في الكفر بالله, وتكذيب رسله كانُوا هُمْ أشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً يقول: كانت تلك الأمم الذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشا, وأبقى في الأرض آثارا, فلم تنفعهم شدّة قواهم, وعظم أجسامهم, إذ جاءهم أمر الله, وأخذهم بما أجرموا من معاصيه, واكتسبوا من الاَثام, ولكنه أباد جمعهم, وصارت مساكنهم خاوية منهم بما ظلموا وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ وَاق يقول: وما كان لهم من عذاب الله إذ جاءهم, من واق يقيهم, فيدفعه عنهم, كالذي:
23369ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَما كَانَ لَهُمْ مِنَ اللّهُ مِنْ وَاق يقيهم, ولا ينفعهم.
الآية : 22
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَانَت تّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ إِنّهُ قَوِيّ شَدِيدُ الْعِقَابِ }.
يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلت بهؤلاء الأمم الذين من قبل مشركي قريش من إهلاكناهم بذنوبهم فعلنا بهم بأنهم كانت تأتيهم رسل الله إليهم بالبينات, يعني بالاَيات الدالات على حقيقة ما تدعوهم إليه من توحيد الله, والانتهاء إلى طاعته فَكَفَرُوا يقول: فأنكروا رسالتها, وجحدوا توحيد الله, وأبوا أن يطيعوا الله فأخَذَهُمُ اللّهُ يقول: فأخذهم الله بعذابه فأهلكهم إنّهُ قَوِيّ شَديدُ العِقابِ يقول: إن الله ذو قوّة لا يقهره شيء, ولا يغلبه, ولا يعجزه شيء أراده, شديد عقابه من عاقب من خلقه وهذا وعيد من الله مشركي قريش, المكذّبين رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم يقول لهم جلّ ثناؤه: فاحذروا أيها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وجحود توحيد الله, ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلَكَهم.
الآية : 23-24
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مّبِينٍ * إِلَىَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذّابٌ }.
يقول تعالى ذكره مُسَلّيا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, عما كان يلقى من مشركي قومه من قريش, بإعلامه ما لقي موسى ممن أرسل إليه من تكذيب, ومخبره أنه معليه عليهم, وجاعل دائرة السّوْء على من حادّه وشاقّة, كسنته في موسى صلوات الله عليه, إذا أعلاه, وأهلك عدوّه فرعون وَلَقَدْ أرْسَلْنَا مُوسَى بآياتِنَا: يعني بأدلته. وَسُلْطانٍ مُبِينٍ, كما:
23370ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, وَسُلْطانٍ مُبِينٍ: أي عذرمبين.
يقول: وحججه المبينة لمن يراها أنها حجة محققة ما يدعوا إليه موسى إلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذّابٌ يقول: فقال هؤلاء الذين أرسل إليهم موسى لموسى: هو ساحر يسحر العصا, فيرى الناظر إليها أنها حية تسعى, كذّاب يقول: يكذب على الله, ويزعم أنه أرسله إلى الناس رسولاً.
الآية : 25
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلَمّا جَآءَهُمْ بِالْحَقّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ اقْتُلُوَاْ أَبْنَآءَ الّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَاسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ وَمَا كَـيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلاَلٍ }.
يقول تعالى ذكره: فلما جاء موسى هؤلاء الذين أرسله الله إليهم بالحقّ من عندنا, وذلك مجيئه إياهم بتوحيد الله, والعمل بطاعته, مع إقامة الحجة عليهم, بأن الله ابتعثه إليهم بالدعاء إلى ذلك قالُوا اقْتُلُوا أبْناءَ الّذِينَ آمَنُوا بالله مَعَهُ من بني إسرائيل وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ يقول: واستبقوا نساءهم للخدمة.
فإن قال قائل: وكيف قيل فَلَمّا جاءَهُمْ مُوسَى بالحَقّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أبْناءَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ واسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ, وإنما كان قتل فرعون الولدان من بني إسرائيل حذار المولود الذي كان أخبر أنه على رأسه ذهاب ملكه, وهلاك قومه, وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث الله موسى نبيّا؟ قيل: إن هذا الأمر بقتل أبناء الذين آمنوا مع موسى, واستحياء نسائهم, كان أمرا من فرعون وملئه من بعد الأمر الأوّل الذي كان من فرعون قبل مولد موسى, كما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:05 am

23371ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: فَلَمّا جاءَهُمْ بالحَقّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أبْناءَ الّذِينَ آمَنُوا مَعَهْ واسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ قال: هذا قتل غير القتل الأوّل الذي كان.
وقوله: وَما كَيْدُ الكافِرِينَ إلاّ فِي ضَلالٍ يقول: وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان بالله إلا في جور عن سبيل الحقّ, وصدّ عن قصد المحجة, وأخذ على غير هدى.
الآية : 26
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيَ أَقْتُلْ مُوسَىَ وَلْيَدْعُ رَبّهُ إِنّيَ أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ }.
يقول تعالى ذكره: وَقالَ فِرْعَوْنُ لملئه: ذَرُونِي أقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبّهُ الذي يزعم أنه أرسله إلينا فيمنعه منا إنّي أخاف أنْ يُبَدّلَ دِينَكُمْ يقول: إني أخاف أن يغير دينكم الذي أنتم عليه بسحره.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: أو أن يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الفَسادَ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والشأم والبصرة: «وأنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الفَسادَ» بغير ألف, وكذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة, وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: أوْ أنْ بالألف, وكذلك ذلك في مصاحفهم «يَظْهَرَ فِي الأرْضِ» بفتح الياء ورفع الفساد.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى, وذلك أن الفساد إذا أظهره مظهر كان ظاهرا, وإذا ظهر فبإظهار مظهره يظهر, ففي القراءة بإحدى القراءتين في ذلك دليل واضح على صحة معنى الأخرى. وأما القراءة في: أوْ أنْ يُظْهِرَ بالألف وبحذفها, فإنهما أيضا متقاربتا المعنى, وذلك أن الشيء إذا بدل إلى خلافه فلا شكّ أن خلافه المبدل إليه الأوّل هو الظاهر دون المبدل, فسواء عطف على خبره عن خوفه من موسى أن يبدّل دينهم بالواو أو بأو, لأن تبديل دينهم كان عنده ظهور الفساد, وظهور الفساد كان عنده هو تبديل الدين.
فتأويل الكلام إذن: إني أخاف من موسى أن يغير دينكم الذي أنتم عليه, أو أن يظهر في أرضكم أرض مصر, عبادة ربه الذي يدعوكم إلى عبادته, وذلك كان عنده هو الفساد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23372ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّي أخافُ أنْ يُبَدّلَ دِينَكُمْ: أي أمركم الذي أنتم عليه أوْ أنْ يُظْهِرَ فَي الأرْضِ الفَسادَ والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله.

الآية : 27-28
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَىَ إِنّي عُذْتُ بِرَبّي وَرَبّكُـمْ مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لاّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ * وَقَالَ رَجُلٌ مّؤْمِنٌ مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّيَ اللّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِالْبَيّنَاتِ مِن رّبّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الّذِي يَعِدُكُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ }.
يقول تعالى ذكره: وقال موسى لفرعون وملئه: إني استجرت أيها القوم بربي وربكم, من كلّ متكبر عليه, تكبر عن توحيده, والإقرار بألوهيته وطاعته, لا يؤمن بيوم يحاسب الله فيه خلقه, فيجازي المحسن بإحسانه, والمسيء بما أساء وإنما خصّ موسى صلوات الله وسلامه عليه, الاستعاذه بالله ممن لا يؤمن بيوم الحساب, لأن من لم يؤمن بيوم الحساب مصدّقا, لم يكن للثواب على الإحسان راجيا, ولا للعقاب على الإساءة, وقبيح ما يأتي من الأفعال خائفا, ولذلك كان استجارته من هذا الصنف من الناس خاصة.
وقوله: وَقَالَ رَجُلٌ مُوءْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَانَهُ اختلف أهل العلم في هذا الرجل المؤمن, فقال بعضهم: كان من قوم فرعون, غير أنه كان قد آمن بموسى, وكان يُسِرّ إيمانه من فرعون وقومه خوفا على نفسه. ذكر من قال ذلك:
23373ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ وَقَالَ رَجُلٌ مُوءْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ قال: هو ابن عمّ فرعون.
ويقال: هو الذي نجا مع موسى, فمن قال هذا القول, وتأوّل هذا التأويل, كان صوابا الوقف إذا أراد القارىء الوقف على قوله: مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ, لأن ذلك خبر متناه قد تمّ.
وقال آخرون: بل كان الرجل إسرائيليا, ولكنه كان يكتم إيمانه من آل فرعون.
والصواب على هذا القول لمن أراد الوقف أن يجعل وقفه على قوله: يَكْتُمُ إيمَانَهُ لأن قوله: مِنَ آلِ فِرْعَوْنَ صلة لقوله: يَكْتمُ إيمَانَهُ فتمامه قوله: يكتم إيمانه, وقد ذكر أن اسم هذا الرجل المؤمن من آل فرعون: جبريل, كذلك.
23374ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي القول الذي قاله السدي من أن الرجل المؤمن كان من آل فرعون, قد أصغى لكلامه, واستمع منه ما قاله, وتوقّف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله, وقيله ما قال, وقال له: ما أريكم إلا ما أرى, وما أهديكم إلا سبيل الرشاد, ولو كان إسرائيليا لكان حريا أن يعاجل هذا القائل له, ولملئه ما قال بالعقوبة على قوله, لأنه لم يكن يستنصح بني إسرائيل, لاعتداده إياهم أعداء له, فكيف بقوله عن قتل موسى لو وجد إليه سبيلاً؟ ولكنه لما كان من ملأ قومه, استمع قوله, وكفّ عما كان همّ به في موسى.
وقوله: أتَقْتُلُونَ رَجُلاً أنْ يَقُولَ رَبّي اللّهُ يقول: أتقتلون أيها القوم موسى لأن يقول ربي الله؟ فأن في موضع نصب لما وصفت. وَقَدْ جاءَكُمْ بالبَيّناتِ يقول: وقد جاءكم بالاَيات الواضحات على حقيقة ما يقول من ذلك, وتلك البينات من الاَيات يده وعصاه, كما:
23375ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق وَقَدْ جاءَكُمْ بالبَيّنات مِنْ رَبّكُمْ بعصاه وبيده.
وقوله: وَإنْ يَكُ كاذِبا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ يقول: وإن يك موسى كاذبا في قيله: إن الله أرسله إليكم يأمركم بعبادته, وترك دينكم الذي أنتم عليه, فإنما إثم كذبه عليه دونكم وَإنْ يَكُ صَادِقا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الّذِي يَعدُكُمْ يقول: وإن يك صادقا في قيله ذلك, أصابكم الذي وعدكم من العقوبة على مقامكم على الدين الذي أنتم عليه مقيمون, فلا حاجة بكم إلى قتله, فتزيدوا ربكم بذلك إلى سخطه عليكم بكفركم سخطا إنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ يقول: إن الله لا يوفّق للحقّ من هو متعدّ إلى فعل ما ليس له فعله, كذّاب عليه يكذب, ويقول عليه الباطل وغير الحقّ.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى الإسراف الذي ذكره المؤمن في هذا الموضع, فقال بعضهم: عُني به الشرك, وأراد: إن الله لا يهدي من هو مشرك به مفتر عليه. ذكر من قال ذلك:
23376ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ: مشرك أسرف على نفسه بالشرك.
وقال آخرون: عنى به من هو قتال سفّاك للدماء بغير حقّ. ذكر من قال ذلك:
23377ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ إنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ قال: المسرف: هو صاحب الدم, ويقال: هم المشركون.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هذا المؤمن أنه عمّ بقوله: إنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ والشرك من الإسراف, وسفك الدم بغير حقّ من الإسراف, وقد كان مجتمعا في فرعون الأمران كلاهما, فالحقّ أن يعمّ ذلك كما أخبر جلّ ثناؤه عن قائله, أنه عمّ القول بذلك.
الآية : 29
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَقَومِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاّ مَآ أَرَىَ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرّشَادِ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: يا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ اليَوْمَ ظاهِرِينَ في الأرْضِ يعني: أرض مصر, يقول: لكم السلطان اليوم والملك ظاهرين أنتم على بني إسرائيل في أرض مصر فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللّهِ يقول: فمن يدفع عنا بأس الله وسطوته إن حلّ بنا, وعقوبته إن جاءتنا, قال فرعون أُرِيكُمْ إلاّ ما أرَى يقول: قال فرعون مجيبا لهذا المؤمن الناهي عن قتل موسى: ما رأيكم أيها الناس من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحا وصوابا, وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. يقول: وما أدعوكم إلا إلى طريق الحقّ والصواب في أمر موسى وقتله, فإنكم إن لم تقتلوه بدّل دينكم, وأظهر في أرضكم الفساد.
الآية : 30-31
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ الّذِيَ آمَنَ يَقَوْمِ إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ الأحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ }.
يقول تعالى ذكره: وقال المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: يا قوم إني أخاف عليكم بقتلكم موسى إن قتلتموه مثل يوم الأحزاب الذين تحزّبوا على رسل الله نوح وهود وصالح, فأهلكهم الله بتجرئهم عليه, فيهلككم كما أهلكهم.
وقوله: مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ يقول: يفعل ذلك بكم فيهلككم مثل سنته في قوم نوح وعاد وثمود وفعله بهم. وقد بيّنا معنى الدأب فيما مضى بشواهده, المغنية عن إعادته, مع ذكر أقوال أهل التأويل فيه. وقد:
23378ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ يقول: مثل حال.
23379ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ قال: مثل ما أصابهم.
وقوله: وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ يعني قوم إبراهيم, وقوم لوط, وهم أيضا من الأحزاب, كما:
23380ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سيعد, عن قتادة وَالّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ قال: هم الأحزاب.
وقوله: وَما اللّهُ يُرِيدُ ظُلْما للْعِبادِ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: وما أهلك الله هذه الأحزاب من هذه الأمم ظلما منه لهم بغير جرم اجترموه بينهم وبينه, لأنه لا يريد ظلم عباده, ولا يشاؤه, ولكنه أهلكهم بإجرامهم وكفرهم به, وخلافهم أمره.
الآية : 32-33
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَيَقَوْمِ إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التّنَادِ * يَوْمَ تُوَلّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا المؤمن لفرعون وقومه: وَيا قَوْمِ إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ بقتلكم موسى إن قتلتموه عقاب الله يَوْمَ التّنادِ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: يَوْمَ التّنَادِ فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: يَوْمَ التّنادِ بتخفيف الدال, وترك إثبات الياء, بمعنى التفاعل, من تنادي القوم تناديا, كما قال جلّ ثناؤه: وَنادَى أصحَابُ الجَنّةِ أصحَابَ النّارِ أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّا قالُوا نَعَمْ وقال: وَنَادَى أصحَابُ النّارِ أصْحَابَ الجَنّةِ أنّ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الماءِ فلذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك:
23381ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاريّ, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة أنه قال في هذه الاَية يَوْمَ التّنادِ قال: يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ويَا قَوْمِ إنّي أخافُ عَلَيْكُم يَوْمَ التّنادِ يوم ينادي أهل الجنة أهل النار أنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبّنا حَقّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّا وينادي أهل النار أهل الجنة أنْ أفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ المَاءِ أوْ مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ.
23382ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: يَوْمَ التّنادِ قال: يوم القيامة ينادي أهل الجنة أهل النار.
وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى ذلك على هذه القراءة تأويل آخر على غير هذا الوجه وهو ما:
23383ـ حدثنا به أبو كُرَيب, قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ, عن إسماعيل بن رافع المدنّي, عن يزيد بن زياد, عن محمد بن كعب القرظيّ, عن رجل من الأنصار, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يَأْمُرُ اللّهُ إسْرَافِيلَ بالنّفْخَةِ الأُولى, فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الفَزَعِ, فَفَزِعَ أهْلُ السّمَوَاتِ وأهْلُ الأرْضِ إلاّ مَنْ شَاءَ اللّهُ, ويَأْمُرُهُ اللّهُ أنْ يُدِيمَها وَيُطَوّلَهَا فَلا يَفْتَرُ, وَهِيَ التي يَقُولُ اللّهُ: وَما يَنْظُرُ هَولاءِ إلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةٍ ما لَهَا مِنْ فَوَاقٍ, فَيُسَيّرُ اللّهُ الجِبالَ فَتَكُونُ سَرَابا, فَتُرَجّ الأرْضُ بأهْلِها رَجّا, وَهِيَ التي يَقُولُ اللّهُ: يَوْمَ تُرْجَفُ الرّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ فَتَكُونُ كالسّفِينَةِ المُرْتَعَةِ فِي البَحْرِ تَضَرِبُها الأمْوَاجُ تَكْفأُ بأهْلِها, أوْ كالقِنْدِيلِ المُعَلّقِ بالعَرْشِ تَرُجّهُ الأرْوَاحُ, فَتَمِيدُ النّاسَ عَلى ظَهْرِها, فَتَذْهَلُ المَرَاضِعُ, وَتَضَعُ الحَوَامِلُ, وَتَشِيبُ الوِلْدانُ, وَتَطِيرُ الشّياطِينُ هارِبَةً حتى تأتي الأقْطارَ, فَتَلَقّاها المَلائِكَةُ, فَتَضْرِبُ وُجُوهَها, فَترْجِعَ وَيُوَلي النّاسُ مُدْبِرينَ, يُنادِي بَعْضُهُمْ بَعْضا, وَهُوَ الّذِي يَقُولُ اللّهُ: يَوْمَ التّنادِ يَوْمَ تُوَلّونَ مُدْبِرينَ ما لَكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ عاصِمِ».
فعلى هذا التأويل معنى الكلام: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم ينادي الناس بعضهم بعضا من فزع نفخة الفزع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:06 am

وقرأ ذلك آخرون: «يَوْمَ التّنادّ» بتشديد الدال, بمعنى: التفاعل من النّدّ, وذلك إذا هربوا فنَدّوا في الأرض, كما تَنِدّ الإبل: إذا شَرَدَت على أربابها. ذكر من قال ذلك كذلك, وذكر المعنى الذي قَصَد بقراءته ذلك كذلك:
23384ـ حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ, قال: حدثنا أبو أسامة, عن الأجلح, قال: سمعت الضحاك بن مزاحم, قال: إذا كان يوم القيامة, أمر الله السماء الدنيا فتشقّقت بأهلها, ونزل من فيها من الملائكة, فأحاطوا بالأرض ومن عليها, ثم الثانية, ثم الثالثة, ثم الرابعة, ثم الخامسة, ثم السادسة, ثم السابعة, فصفوا صفا دون صف, ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم, فإذا رآها أهل الأرض نَدّوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا السبعة صفوف من الملائكة, فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه, فذلك قول الله: إنّي أخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التّنادِ يَوْمَ توَلّونَ مُدْبِرِين وذلك قوله: وَجاءَ رَبّكَ وَالمَلَكُ صَفّا صَفّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنّمَ, وقوله: يا مَعْشَرَ الجِنّ والإنْس إن اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا مِنْ أقْطارِ السّمَوَاتِ والأرْضِ فانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إلاّ بِسُلْطانٍ, وذلك قوله: وَانْشَقّتِ السّماءُ فَهِي يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ وَالمَلَكُ على أرْجائِها.
23385ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قوله يَوْمَ التّنادِ قال: تَنِدّون.
ورُوِي عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك: «يَوْمَ التّنادِي» بإثبات الياء وتخفيف الدال.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار, وهو تخفيف الدال وبغير إثبات الياء, وذلك أن ذلك هو القراءة التي عليها الحجة مجمعة من قرّاء الأمصار, وغير جائز خلافها فيما جاءت به نقلاً. فإذا كان ذلك هو الصواب, فمعنى الكلام: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم ينادي الناس بعضُهم بعضا, إما من هول ما قد عاينوا من عظيم سلطان الله, وفظاعة ما غشيهم من كرب ذلك اليوم, وإما لتذكير بعضهم بعضا إنجاز الله إياهم الوعد الذي وعدهم في الدنيا, واستغاثة من بعضهم ببعض, مما لقي من عظيم البلاء فيه.
وقوله: يَوْمَ تُوَلّونَ مُدْبِرِينَ فتأويله على التأويل الذي ذكرنا من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَوْمَ يُوَلّونَ هارِبِينَ فِي الأرْضِ حِذَارَ عَذَابِ اللّهِ وَعِقَابِهِ عِنْدَ مُعايَنَتِهِمْ جَهَنّمَ.
وتأويله على التأويل الذي قاله قتادة في معنى يَوْمَ التّنادِ: يوم تولّون مُنْصَرِفِينَ عن موقف الحساب إلى جهنم. وبنحو ذلك رُوي الخبر عنه, وعمن قال نحو مقالته في معنى يَوْمَ التّنادِ. ذكر من قال ذلك:
23386ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة يَوْمَ تُوَلّونَ مُدْبِرِينَ: أي منطلقا بكم إلى النار.
وأولى القولين في ذلك بالصواب, القول الذي رُوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان الذي قاله قتادة في ذلك غير بعيد من الحقّ, وبه قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23387ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميع لقول الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان الذي قاله قتادة في ذلك غير بعيد من الحقّ, وبه قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23388ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله يوم تولون مدبرين قال فارّين غير معجزين وقوله مالكم من الله من عاصم يقول مالكم من الله من مانع يمنعكم وناصر ينصركم وينحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك.
23389ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ما لَكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ عاصِمٍ: أي من ناصر.
وقوله: وَمَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هادِ يقول: ومن يخذله الله فلم يوفَقه لرشده, فما له من موفّق يوفقه له.
الآية : 34
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكّ مّمّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتّىَ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلّ اللّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مّرْتَابٌ }.
يقول تعالى ذكره: ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب يا قوم من قبل موسى بالواضحات من حجج الله, كما:
23390ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ قال: قبل موسى.
وقوله: فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ يقول: فلم تزالوا مرتابين فيما أتاكم به يوسف من عند ربكم غير موقني القلوب بحقيقته حتى إذَا هَلَكَ يقول: حتى إذا مات يوسف قلتم أيها القوم: لن يبعث الله من بعد يوسف إليكم رسولاً بالدعاء إلى الحقّ وكَذَلكَ يُضِلّ اللّهُ مَنْ هُوَ مُسْرفٌ مُرْتابٌ يقول: هكذا يصدّ الله عن إصابة الحق وقصد السبيل من هو كافر به مرتاب, شاك في حقيقة أخبار رسله.
الآية : 35
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {الّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيَ آيَاتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللّهِ وَعِندَ الّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون: الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ فقوله «الذين» مردود على «من» في قوله منْ هُوَ مُسْرِفٌ. وتأويل الكلام: كذلك يضلّ الله أهل الإسراف والغلوّ في ضلالهم بكفرهم بالله, واجترائهم على معاصيه, المرتابين في أخبار رسله, الذين يخاصمون في حججه التي أتتهم بها رسله ليدحضوها بالباطل من الحُجَج بغير سلطان أتاهم يقول: بغير حجة أتتهم من عند ربهم يدفعون بها حقيقة الحُجَج التي أتتهم بها الرسل و «الذين» إذا كان معنى الكلام ما ذكرنا في موضع نصب ردّا على «مَن».
وقوله: كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّهِ يقول: كبر ذلك الجدال الذي يجادلونه في آيات الله مقتا عند الله, وَعِنْدَ الّذِينَ آمَنُوا باللّه وإنما نصب قوله: مَقْتا لما في قوله كَبُرَ من ضمير الجدال, وهو نظير قوله: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ فنصب كلمة من نصبها, لأنه جعل في قوله: كَبُرَتْ ضمير قولهم: اتّخَذَ اللّهُ وَلَدا, وأما من لم يضمر ذلك فإنه رفع الكلمة.
وقوله: كَذَلكَ يَطْبَعُ اللّهُ على كُلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ يقول: كما طبع الله على قلوب المسرفين الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم, كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر على الله أن يوحده, ويصدّق رسله. جبار: يعني متعظم عن اتباع الحقّ.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار, خلا أبي عمرو بن العلاء, على: كُلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ بإضافة القلب إلى المتكبر, بمعنى الخبر عن أن الله طبع على قلوب المتكبرين كلها ومن كان ذلك قراءته, كان قوله «جبار». من نعت «متكبر». وقد رُوي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ ذلك «كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ على قَلْبِ كُلّ مُتَكَبّرٍ جَبّارٍ».
23391ـ حدثني بذلك ابن يوسف, قال: حدثنا القاسم, قال: ثني حجاج, عن هارون أنه كذلك في حرف ابن مسعود.
وهذا الذي ذُكر عن ابن مسعود من قراءته يحقق قراءة من قرأ ذلك بإضافة قلب إلى المتكبر, لأن تقديم «كل» قبل القلب وتأخيرها بعده لا يغير المعنى, بل معنى ذلك في الحالتين واحد. وقد حُكي عن بعض العرب سماعا: هو يرجّل شعره يوم كلّ جمعة, يعني: كلّ يوم جمعة. وأما أبو عمرو فقرأ ذلك بتنوين القلب وترك إضافته إلى متكبر, وجعل المتكبر والجبار من صفة القلب.
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بإضافة القلب إلى المتكبر, لأن التكبر فعل الفاعل بقلبه, كما أن القاتل إذا قتل قتيلاً وإن كان قتله بيده, فإن الفعل مضاف إليه, وإنما القلب جارحة من جوارح المتكبر. وإن كان بها التكبر, فإن الفعل إلى فاعله مضاف, نظير الذي قلنا في القتل, وذلك وإن كان كما قلنا, فإن الأخرى غير مدفوعة, لأن العرب لا تمنع أن تقول: بطشت يد فلان, ورأت عيناه كذا, وفهم قلبه, فتضيف الأفعال إلى الجوارح, وإن كانت في الحقيقة لأصحابها.
الآية : 36-37
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ فَرْعَوْنُ يَهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لّعَـلّيَ أَبْلُغُ الأسْبَابَ * أَسْبَابَ السّمَاوَاتِ فَأَطّلِعَ إِلَىَ إِلَـَهِ مُوسَىَ وَإِنّي لأظُنّهُ كَاذِباً وَكَـذَلِكَ زُيّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوَءُ عَمَلِهِ وَصُدّ عَنِ السّبِيلِ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبَابٍ }.
يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لما وعظه المؤمن من آله بما وعظه به وزجره عن قتل موسى نبيّ الله وحذره من بأس الله على قيله أقتله ما حذره لوزيره وزير السوء هامان: يا هامانُ ابْنِ لي صَرْحا لَعَلّي أبْلُغُ الأسْبابَ يعني بناءً. وقد بيّنا معنى الصرح فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
لَعَلّي أبْلُغُ الأسْبابَ اختلف أهل التأويل في معنى الأسباب في هذا الموضع, فقال بعضهم: أسباب السموات: طرقها. ذكر من قال ذلك:
23392ـ حدثنا أحمد بن هشام, قال: حدثنا عبد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن السديّ, عن أبي صالح أسْبابَ السّمَوَاتِ قال: طُرُق السموات.
23393ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السّمَوَاتِ قال: طُرُق السموات.
وقال آخرون: عُني بأسباب السموات: أبواب السموات. ذكر من قال ذلك:
23394ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لي صَرْحا وكان أوّل من بنى بهذا الاَجر وطبخه لَعَلّي أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السّمَوَاتِ: أي أبواب السموات.
وقال آخرون: بل عُني به مَنْزِل السماء. ذكر من قال ذلك:
23395ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: لَعَلّي أبْلُغُ الأسْبابَ أسْبابَ السّمَوَاتِ قال: منزل السماء.
وقد بيّنا فيما مضى قبل, أن السبب: هو كلّ ما تُسَبّبَ به إلى الوصول إلى ما يطلب من حبل وسلم وطريق وغير ذلك.
فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال: معناه لعلي أبلغ من أسباب السموات أسبابا أتسبب بها إلى رؤية إله موسى, طرقا كانت تلك الأسباب منها, أو أبوابا, أو منازل, أو غير ذلك.
وقوله: فأطّلِعَ إلى إلَهِ مُوسَى اختلف القرّاء في قراءة قوله: فأطّلِعَ فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار: «فأطّلِعُ» بضم العين: ردّا على قوله: أبْلُغُ الأسْبابَ وعطفا به عليه. وذُكر عن حميد الأعرج أنه قرأ فأطّلِعَ نصبا جوابا للعَلّي, وقد ذكر الفرّاء أن بعض العرب أنشده:
(عَلّ صُرُوفِ الدّهْرِ أَوْ دُولاتِها )
(يُدِيلْنَنا اللّمّةَ مِنْ لَمّاتِها )
(فَتَسْتَرِيحَ النّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِها )
فنصب فتستريحَ على أنها جواب للعلّ.
والقراءة التي لا أستجيز غيرها الرفع في ذلك, لإجماع الحجة من القراء عليه.
وقوله: وَإني لأَظُنّهُ كاذِبا يقول: وإني لأظنّ موسى كاذبا فيما يقول ويدّعي من أن له في السماء ربا أرسله إلينا.
وقوله: وكَذَلكَ زُيّنَ لِفَرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ يقول الله تعالى ذكره: وهكذا زين الله لفرعون حين عتا عليه وتمردّ, قبيح عمله, حتى سوّلت له نفسه بلوغ أسباب السموات, ليطلع إلى إله موسى.
وقوله: وَصُدّ عَنِ السّبِيلِ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة: وَصُدّ عَنِ السّبِيلِ بضمّ الصاد, على وجه ما لم يُسَمّ فاعله, كما:
23396ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَصُدّ عَنِ السّبِيلِ قال: فُعِل ذلك به, زين له سوء عمله, وصُدّ عن السبيل.
وقرأ ذلك حميد وأبو عمرو وعامة قرّاء البصرة «وَصَدّ» بفتح الصاد, بمعنى: وأعرض فرعون عن سبيل الله التي ابتُعِث بها موسى استكبارا.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
وقوله: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاّ في تَبابٍ يقول تعالى ذكره: وما احتيال فرعون الذي يحتال للاطلاع إلى إله موسى, إلا في خسار وذهاب مال وغبن, لأنه ذهبت نفقته التي أنفقها على الصرح باطلاً, ولم ينل بما أنفق شيئا مما أراده, فذلك هو الخسار والتباب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23397ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاّ فِي تَبابٍ يقول: في خُسران.
23398ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: فِي تَبابٍ قال: خَسار.
23399ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاّ فِي تَبابٍ: أي في ضلال وخسار.
23400ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلاّ فِي تَبابٍ قال: التّباب والضّلال واحد.
الآية : 38-39
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ الّذِيَ آمَنَ يَقَوْمِ اتّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ الرّشَـادِ * يَقَوْمِ إِنّمَا هَـَذِهِ الْحَيَاةُ الدّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنّ الاَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَـرَارِ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن المؤمن بالله من آل فرعون وَقالَ الّذي آمَنَ من قوم فرعون لقومه: يا قَوْمِ اتّبِعُونِ أهْدِكُمْ سَبِيلَ الرّشادِ يقول: إن اتبعتموني فقبلتم مني ما أقول لكم, بيّنت لكم طريق الصواب الذي تَرشدُون إذا أخذتم فيه وسلكتموه وذلك هو دين الله الذي ابتعث به موسى. يقول: إنّمَا هَذِهِ الحيَاةُ الدّنْيا مَتاعٌ يقول لقومه: ما هذه الحياة الدنيا العاجلة التي عجلت لكم في هذه الدار إلا متاع تستمعون بها إلى أجل أنتم بالغوه, ثم تموتون وتزول عنكم وَإنّ الاَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرارِ يقول: وإن الدار الاَخرة, وهي دار القرار التي تستقرّون فيها فلا تموتون ولا تزول عنكم, يقول: فلها فاعملوا, وإياها فاطلبوا. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: وَإنّ الاَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرارِ قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23401ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَإنّ الاَخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرارِ استقرّت الجنة بأهلها, واستقرّت النار بأهلها.
الآية : 40
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {مَنْ عَمِـلَ سَـيّئَةً فَلاَ يُجْزَىَ إِلاّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ }.
يقول: من عمل بمعصية الله في هذه الحياة الدنيا, فلا يجزيه الله في الاَخرة إلا سيئة مثلها, وذلك أن يعاقبه بها وَمَنْ عَمِلَ صَالِحا مِنْ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى يقول: ومن عمل بطاعة الله في الدنيا, وأتمر لأمره, وانتهى فيها عما نهاه عنه من رجل أو امرأة, وهو مؤمن بالله فأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنّةَ يقول: فالذين يعملون ذلك من عباد الله يدخلون في الاَخرة الجنة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23402ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة مَنْ عَمِلَ سَيّئَةً فَلا يُجْزَى إلاّ مِثْلَها أي شركا, «السيئة عند قتادة شرك» وَمَنْ عَمِلَ صَالِحا, أي خيرا مِنْ ذَكَرٍ أوْ أُنْثَى وَهُوَ مُوءْمِنٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:07 am

وقوله: يُرْزَقُونَ فِيها بغَيْرِ حِسابٍ يقول: يرزقهم الله في الجنة من ثمارها, وما فيها من نعيمها ولذّاتها بغير حساب, كما:
23403ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة يُرْزَقُونَ فِيها بغَيْرِ حِسابٍ قال: لا والله ما هناكم مكيال ولا ميزان.

الآية : 41-42
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَيَقَوْمِ مَا لِيَ أَدْعُوكُـمْ إِلَى النّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيَ إِلَى النّارِ * تَدْعُونَنِي لأكْـفُرَ بِاللّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفّارِ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا المؤمن لقومه من الكفرة: مَالِي أدْعُوكُمْ إلَى النّجَاة من عذاب الله وعقوبته بالإيمان به, واتباع رسوله موسى, وتصديقه فيما جاءكم به من عند ربه وَتَدْعُونَنِي إلى النّارِ يقول: وتدعونني إلى عمل أهل النار. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23404ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: مالِي أدْعُوكُمْ إلى النّجاةِ قال: الإيمان بالله.
23405ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: مَالِي أدْعُوكُمْ إلَى النّجَاة وَتَدْعُونَنِي إلى النّارِ قال هذا مؤمن آل فرعون, قال: يدعونه إلى دينهم والإقامة معهم.
وقوله: تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بالله وأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ يقول: وأشرك بالله في عبادته أوثانا, لست أعلم أنه يصلح لي عبادتها وإشراكها في عبادة الله, لأن الله لم يأذن لي في ذلك بخبر ولا عقل.
وقوله: وأنا أدْعُوكُمْ إلى العَزِيزِ الغَفّارِ يقول: وأنا أدعوكم إلى عبادة العزيز في انتقامه ممن كفر به, الذي لا يمنعه إذا انتقم من عدوّ له شيء, الغفار لمن تابه إليه بعد معصيته إياه, لعفوه عنه, فلا يضرّه شيء مع عفوه عنه, يقول: فهذا الذي هذه الصفة صفته فاعبدوا, لا ما لا ضرّ عنده ولا نفع.
الآية : 43
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {لاَ جَرَمَ أَنّمَا تَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدّنْيَا وَلاَ فِي الاَخِرَةِ وَأَنّ مَرَدّنَآ إِلَى اللّهِ وَأَنّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النّارِ }.
يقول: حقا أن الذي تدعونني إليه من الأوثان, ليس له دعاء في الدنيا ولا في الاَخرة, لأنه جماد لا ينطق, ولا يفهم شيئا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23406ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدّنْيا قال: الوثن ليس بشيء.
23407ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدّنْيا وَلا فِي الاَخِرَةِ: أي لا ينفع ولا يضرّ.
23408ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدّنْيا وَلا فِي الاَخِرَةِ.
وقوله: وأنّ مَرَدّنا إلى اللّهِ يقول: وأن مرجعنا ومنقلبنا بعد مماتنا إلى الله وأنّ المُسْرِفِينَ هُمْ أصحَابُ النّارِ يقول: وإن المشركين بالله المتعدّين حدوده, القتلة النفوس التي حرّم الله قتلها, هم أصحاب نار حهنم عند مرجعنا إلى الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في معنى المسرفين في هذا الموضع, فقال بعضهم: هم سفاكو الدماء بغير حقها. ذكر من قال ذلك:
23409ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد, في قوله: وإن الُمْسرفين هُمُ أصحابُ النارِ قال: هم السفاكون الدماء بغير حقها.
حدثناعليّ بن سهل, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد في قول الله وأنّ المُسْرِفينَ هْمُ أصحابُ النارِ قال: هم السفاكون الدماء بغير حقها.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: وأنّ المُسْرِفينَ قال: السفاكون الدماء بغير حقها, هم أصحاب النار.
23410ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وأنّ المُسْرِفِينَ هُمْ أصحابُ النارِ قال: سماهم الله مسرفين, فرعون ومن معه.
وقال آخرون: هم المشركون. ذكر من قال ذلك:
23411ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, وأنّ المُسْرِفينَ هُمْ أصحَابُ النّارِ: أي المشركون.
وقد بيّنا معنى الإسراف فيما مضى قَبْلُ بما فيه الكفاية من إعادته في هذا الموضع.
وإنما اخترنا في تأويل ذلك في هذا الموضع ما اخترنا, لأن قائل هذا القول لفرعون وقومه, إنما قصد فرعون به لكفره, وما كان همّ به من قتل موسى, وكان فرعون عاليا عاتيا في كفره سفاكا للدماء التي كان محرّما عليه سفكها, وكلّ ذلك من الإسراف, فلذلك اخترنا ما اخترنا من التأويل في ذلك.
الآية : 44-45
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ وَأُفَوّضُ أَمْرِيَ إِلَى اللّهِ إِنّ اللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوقَاهُ اللّهُ سَيّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوَءُ الْعَذَابِ }.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وقومه: فستذكرون أيها القوم إذا عاينتم عقاب الله قد حلّ بكم, ولقيتم ما لقيتموه صدق ما أقول, وحقيقة ما أخبركم به من أن المسرفين هم أصحاب النار, كما:
23412ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فَسَتَذْكُرُونَ ما أقُولُ لَكُمْ, فقلت له: أَوَذَلك في الاَخرة؟ قال: نعم.
وقوله: وأُفَوّضُ أمْرِي إلى اللّهِ يقول: وأسلم أمري إلى الله, وأجعله إليه وأتوكل عليه, فإنه الكافي مَنْ تَوَكّل عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23413ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ وأُفَوّضُ أمْرِي إلى اللّهِ قال: أجعل أمري إلى الله.
وقوله: إنّ اللّهَ بَصِيرٌ بالعِبادِ يقول: إن الله عالم بأمور عباده, ومن المطيع منهم, والعاصي له, والمستحق جميل الثواب, والمستوجب سَيّىء العقاب.
وقوله: فَوَقاهُ اللّهُ سَيّئاتِ ما مَكَرُوا يقول تعالى ذكره: فدفع الله عن هذا المؤمن من آل فرعون بإيمانه وتصديق رسوله موسى, مكروه ما كان فرعون ينال به أهل الخلاف عليه من العذاب والبلاء, فنجاه منه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23414ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: سَيّئات ما مَكَرُوا قال: وكان قبطيا من قوم فرعون, فنجا مع موسى, قال: وذكر لنا أنه بين يدي موسى يومئذ يسير ويقول: أين أمرت يا نبيّ الله؟ فيقول: أمامك, فيقول له المؤمن: وهل أمامي إلا البحر؟ فيقول موسى: لا والله ما كَذَبتُ ولا كُذبتُ, ثم يسير ساعة ويقول: أين أمرت يا نبيّ الله؟ فيقول: أمامك, فيقول: وهل أمامي إلا البحر, فيقول: لا والله ما كذبت, ولا كذبت, حتى أتى على البحر فضربه بعصاه, فانفلق اثني عشر طريقا, لكل سبط طريق.
وقوله: وَحاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ يقول: وحل بآل فرعون ووجب عليهم وعُني بآل فرعون في هذا الموضع تبّاعه وأهل طاعته من قومه, كما:
23415ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ في قول الله: وَحاقَ بآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ العَذابِ قال: قوم فرعون.
وعُني بقوله: سُوءُ العَذَابِ: ما ساءهم من عذاب الله, وذلك نار جهنم.
الآية : 46
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوَاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّ الْعَذَابِ }.
يقول تعالى ذكره مبينا عن سوء العذاب الذي حلّ بهؤلاء الأشقياء من قوم فرعون ذلك الذي حاق بهم من سوء عذاب الله النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها إنهم لها هلكوا وغرّقهم الله, جُعلت أرواحهم في أجواف طير سود, فهي تعرض على النار كلّ يوم مرتين غُدُوّا وَعَشِيّا إلى أن تقوم الساعة. ذكر من قال ذلك:
23416ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن أبي قيس, عن الهذيل بن شرحبيل, قال: أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار, وذلك عرضها.
23417ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قال: بلغني أن أرواح قوم فرعون في أجواف طير سود تعرض على النار غدوّا وعشيّا, حتى تقوم الساعة.
23418ـ حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير, قال: حدثنا حماد بن محمد الفزاري البلخي, قال: سمعت الأوزاعيّ وسأله رجل فقال: رحمك الله, رأينا طيورا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضا, فوجا فوجا, لا يعلم عددها إلا الله, فإذا كان العشيّ رجع مثلُها سُوْدا, قال: وفَطَنتم إلى ذلك؟ قالوا: نعم, قال: إن تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيّا, فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها, وصارت سوداء, فتنبت عليها من الليل رياش بيض, وتتناثر السود, ثم تغدو, ويُعرضون على النار غدوّا وعشيّا, ثم ترجع إلى وكورها, فذلك دَأْبُها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة, قال الله: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ العَذَابِ قالوا: وكانوا يقولون: إنهم ستّ مئة ألف مقاتل.
23419ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني حرملة, عن سليمان بن حميد, قال: سمعت محمد بن كعب القرظى يقول: ليس في الاَخرة ليل ولا نصف نهار, وإنما هو بُكْرة وعشيّ, وذلك في القرآن في آل فرعون يُعْرَضُونَ عَلَيْها غَدُوّا وَعَشِيّا وكذلك قال لأهل الجنة لَهمْ رزْقُهُمْ فيها بُكْرَةً وَعَشِيّا.
وقيل: عني بذلك: أنهم يعرضون على منازلهم في النار تعذيبا لهم غدوّا وعشيّا. ذكر من قال ذلك:
23420ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوّا وَعَشَيّا قال: يُعرضون عليها صباحا ومساء, يقال لهم: يا آل فرعون هذه منازلكم, توبيخا ونقمة وصغارا لهم.
23421ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: غُدُوّا وَعَشِيّا قال: ما كانت الدنيا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أن آل فرعون يعرضون على النار غدوّا وعشيا. وجائز أن يكون ذلك العرض على النار على نحو ما ذكرناه عن الهذيل ومن قال مثل قوله, وإن يكون كما قال قتادة, ولا خبر يوجب الحجة بأن ذلك المعنيّ به, فلا في ذلك إلا ما دلّ عليه ظاهر القرآن, وهم أنهم يعرضون على النار غدوّا وعشيا, وأصل الغدوّ والعشيّ مصادر جعلت أوقاتا.
وكان بعض نحويي البصرة يقول في ذلك: إنما هو مصدر, كما تقول: أتيته ظلاما جعله ظرفا وهو مصدر. قال: ولو قلت: موعدك غدوة, أو موعدك ظلام, فرفعته, كما تقول: موعدك يوم الجمعة, لم يحسن, لأن هذه المصادر وما أشبهها من نحو سحر لا تجعل إلا ظرفا قال: والظرف كله ليس بمتمكن وقال نحويو الكوفة: لم يسمع في هذه الأوقات, وإن كانت مصادر, إلا التعريب: موعدك يوم موعدك صباح ورواح, كما قال جلّ ثناؤه: غُدُوّها شَهُرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ فرفع, وذكروا أنهم سمعوا: إنما الطيلسان شهران, قالوا: ولم يسمع في الأوقات النكرات إلا الرفع إلا قولهم: إنما سخاؤك أحيانا, وقالوا: إنما جاز ذلك لأنه بمعنى: إنما سخاؤك الحين بعد الحين, فلما كان تأويله الإضافة نصب.
وقوله: وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ العَذَابِ اختلفت القراء في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء أهل الحجاز والعراق سوى عاصم وأبي عمرو وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ بفتح الألف من أدخلوا في الوصل والقطع بمعنى: الأمر بإدخالهم النار. وإذا قُرىء ذلك كذلك, كان الاَل نصبا بوقوع أدخلوا عليه, وقرأ ذلك عاصم وأبو عمرو: «وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا» يوصل الألف وسقوطها في الوصل من اللفظ, وبضمها إذا ابتدىء بعد الوقف على الساعة, ومن قرأ ذلك كذلك, كان الاَل على قراءته نصبا بالنداء, لأن معنى الكلام على قراءته: ادخلو يا آل فرعون أشدّ العذاب.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال إنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. فمعنى الكلام إذن: ويوم تقوم الساعة يقال لاَل فرعون: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب, فهذا على قراءة من وصل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:07 am

الألف من ادخلوا ولم يقطع, ومعناه على القراءة الأخرى, ويوم تقوم الساعة يقول الله لملائكته أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أشَدّ العَذَابِ.
الآية : 47-48
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَإِذْ يَتَحَآجّونَ فِي النّـارِ فَيَقُولُ الضّعَفَاءُ لِلّذِينَ اسْتَكْـبَرُوَاْ إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مّغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مّنَ النّارِ * قَالَ الّذِينَ اسْتَكْبَرُوَاْ إِنّا كُلّ فِيهَآ إِنّ اللّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَأنْذِرْهُم يَوْمَ الاَزِفَةِ إذِ القُلُوبُ لَدَى الحَناجِرِ كاظِمِينَ, وإذْ يَتَحاجّونَ في النّارِ يقول: وإذ يتخاصمون في النار. وعني بذلك: إذ يتخاصم الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنذارهم من مشركي قومه في النار, فيقول الضعفاء منهم وهم المتبعون على الشرك بالله إنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعا تقول لرؤسائهم الذين اتبعوهم على الضلالة: إنا كنا لكم في الدنيا تبعا على الكفر بالله فَهَلْ أنْتُمْ مغْنُونَ اليوم عَنّا نَصِيبا مِن النّارِ يعنون حظا فتخففوه عنا, فقد كنا نسارع في محبتكم في الدنيا, ومن قبلكم أتينا, لولا أنتم لكنا في الدنيا مؤمنين, فلم يصبنا اليوم هذا البلاء والتبع يكون واحدا وجماعة في قول بعض نحويي البصرة, وفي قول بعض نحويي الكوفة جمع لا واحد له, لأنه كالمصدر. قال: وإن شئت كان واحدة تابع, فيكون مثل خائل وخول, وغائب وغيب.
والصواب من القول في ذلك عندي أنه جمع واحده تابع, وقد يجوز أن يكون واحدا فيكون جمعه أتباع. فأجابهم المتبوعون بما أخبر الله عنهم قال الذين استكبروا, وهم الرؤساء المتبوعون على الضلالة في الدنيا: إنا أيها القوم وأنتم كلنا في هذه النار مخلدون, لا خلاص لنا منها إنّ اللّهَ قَدْ حَكَمَ بَينَ العِبادِ بفصل قضائه, فأسكن أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار, فلا نحن مما نحن فيه من البلاء خارجون, ولا هم مما فيه من النعيم منتقلون ورفع قوله كُلّ بقوله فِيها ولم ينصب على النعت.
وقد اختلف في جواز النصب في ذلك في الكلام. وكان بعض نحويي البصرة يقول: إذا لم يضف «كلّ» لم يجز الاتباع. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: ذلك جائز في الحذف وغير الحذف, لأن أسماءها إذا حُذفت اكتفي بها منها. وقد بيّنا الصواب من القول في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
الآية : 49-50
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالَ الّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنّمَ ادْعُواْ رَبّكُمْ يُخَفّفْ عَنّا يَوْماً مّنَ الْعَذَابِ * قَالُوَاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيّنَاتِ قَالُواْ بَلَىَ قَالُواْ فَادْعُواْ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلاَلٍ }.
يقول تعالى ذكره: وقال أهل جهنم لخزنتها وقوّامها, استغاثة بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء, ورجاء أن يجدوا من عندهم فرجا ادْعُوا رَبّكُمْ لَنا يُخَفّفْ عَنّا يَوْما واحدا, يعني قدر يوم واحد من أيام الدنيا مِنَ العَذَابِ الذي نحن فيه. وإنما قلنا: معنى ذلك: قدر يوم من أيام الدنيا, لأن الاَخرة يوم لا ليل فيه, فيقال: خفف عنهم يوما واحدا.
وقوله: قالُوا أوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بالبَيّناتِ يقول تعالى ذكره: قالت خزنة جهنم لهم: أو لم تك تأتيكم في الدنيا رسلكم بالبينات من الحجج على توحيد الله, فتوحدوه وتؤمنوا به, وتتبرؤوا مما دونه من الاَلهة؟ قالوا: بلى, قد أتتنا رسلنا بذلك.
وقوله: قالُوا فادْعُوا يقول جلّ ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادعوا إذن ربكم الذي أتتكم الرسل بالدعاء إلى الإيمان به.
وقوله: وَما دُعاءُ الكافِرِينَ إلاّ فِي ضَلالٍ يقول: قد دعوا وما دعاؤهم إلا في ضلال, لأنه دعاء لا ينفعهم, ولا يستجاب لهم, بل يقال لهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلّمُونَ.
الآية : 51-52
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ * يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ الْلّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوَءُ الدّارِ }.
يقول القائل: وما معنى: إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنْيا وقد علمنا أن منهم من قتله أعداؤه, ومثّلوا به, كشعياء ويحيى بن زكريا وأشباههما, ومنهم من همّ بقتله قومه, فكان أحسن أحواله أن يخلص منهم حتى فارقهم ناجيا بنفسه, كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام من أرضه مفارقا لقومه, وعيسى الذي رفع إلى السماء إذ أراد قومه قتله, فأين النصرة التي أخبرنا أنه ينصرها رسله, والمؤمنين به في الحياة الدنيا, وهؤلاء أنبياؤه قد نالهم من قومهم ما قد علمت, وما نصروا على من نالهم بما نالهم به؟ قيل: إن لقوله: إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنْيا وجهين كلاهما صحيح معناه. أحدهما أن يكون معناه: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا إما بإعلائناهم على من كذّبنا وإظفارنا بهم, حتى يقهروهم غلبة, ويذلوهم بالظفر ذلة, كالذي فعل من ذلك بداود وسليمان, فأعطاهما من الملُك والسلطان ما قهرا به كل كافر, وكالذي فعل بمحمد صلى الله عليه وسلم بإظهاره على من كذّبه من قومه, وإما بانتقامنا ممن حادّهم وشاقهم بإهلاكهم وإنجاء الرسل ممن كذّبهم وعاداهم, كالذي فعل تعالى ذكره بنوح وقومه, من تغريق قومه وإنجائه منهم, وكالذي فعل بموسى وفرعون وقومه, إذ أهلكهم غرقا, ونجى موسى ومن آمن به من بني إسرائيل وغيرهم ونحو ذلك, أو بانتقامنا في الحياة الدنيا من مكذّبيهم بعد وفاة رسولنا من بعد مهلكهم, مالذي فعلنا من نصرتنا شعياء بعد مهلكه, بتسليطنا على قتله مَن سلّطنا حتى انتصرنا بهم من قتلته, وكفعلنا بقتلة يحيى, من تسليطنا بختنصر عليهم حتى انتصرنا به من قتله له وكانتصارنا لعيسى من مريدي قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم, فهذا أحد وجهيه. وقد كان بعض أهل التأويل يوجه معنى ذلك إلى هذا الوجه. ذكر من قال ذلك:
23422ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن الفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ قول الله: إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدّنْيا قد كانت الأنبياء والمؤمنون يقتلون في الدنيا وهم منصورون, وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قوما فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم.
والوجه الاَخر: أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين, والمراد واحد, فيكون تأويل الكلام حينئذ: إنا لننصر رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا به في الحياة الدنيا, ويوم يقود الأشهاد, كما بيّنا فيما مضى أن العرب تخرج الخبر بلفظ الجميع, والمراد واحد إذا لم تنصب للخبر شخصا بعينه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظّالِمِين مَعْذِرَتُهُمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة وَيَوْمَ يَقُومُ بالياء. وينفع أيضا بالياء, وقرأ ذلك بعض أهل مكة وبعض قرّاء البصرة: «تَقُومُ» بالتاء, و «تَنْفَعُ» بالتاء.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
وقد بيّنا فيما مضى أن العرب تذكر فعل الرجل وتؤنث إذا تقدم بما أغنى عن إعادته. وعُني بقوله: وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ يوم يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين على الأمم المكذبة رسلها بالشهادة بأن الرسل قد بلغتهم رسالات ربهم, وأن الأمم كذّبتهم. والأشهاد: جمع شهيد, كما الأشراف: جمع شريف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23423ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة ويَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ من ملائكة الله وأنبيائه, والمؤمنين به.
23424ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ ويَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ يوم القيامة.
23425ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفيان, عن الأعمش, عن مجاهد, في قول الله: ويَوْمَ يَقُومُ الأشْهادُ قال الملائكة.
وقوله: لا يَنْفَعُ الظّالِمِينَ مَعْذِرتُهُمْ يقول تعالى ذكره: ذلك يوم لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم لأنهم لا يعتذرون إن اعتذروا إلا بباطل, وذلك أن الله قد أعذر إليهم في الدنيا, وتابع عليهم الحجج فيها فلا حجة لهم في الاَخرة إلا الاعتصام بالكذب بأن يقولوا: واللّهِ رَبّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ.
وقوله: وَلَهُمُ اللّعْنَةُ يقول: وللظالمين اللعنة, وهي البُعد من رحمة الله وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ يقول: ولهم مع اللعنة من الله شرّ ما في الدار الاَخرة, وهو العذاب الأليم.
الآية : 53-55
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَىَ وَأَوْرَثْنَا بَنِيَ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَىَ لاُوْلِي الألْبَابِ * فَاصْبِرْ إِنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ وَاسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ بِالْعَشِيّ وَالإِبْكَارِ }.
يقول تعالى ذكره وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى البيان للحقّ الذي بعثناه به كما آتينا ذلك محمدا فكذّب به فرعون وقومه, كما كذّبت قريش محمدا وَأوْرَثْنَا بِني إسْرائِيلَ الكِتابَ يقول: وأورثنا بني إسرائيل التوراة, فعلّمناهموها, وأنزلنا إليهم هُدًى يعني بيانا لأمر دينهم, وما ألزمناهم من فرائضها, وَذِكْرَى لأُولي الألْبابِ يقول: وتذكيرا منا لأهل الحجا والعقول منهم بها.
وقوله: فاصْبرْ إنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاصبر يا محمد لأمر ربك, وانفذ لما أرسلك به من الرسالة, وبلّغ قومك ومن أُمرت بإبلاغه ما أنزل إليك, وأيقن بحقيقة وعد الله الذي وعدك من نصرتك, ونصرة من صدّقك وآمن بك, على من كذّبك, وأنكر ما جئته به من عند ربك, وإن وعد الله حقّ لا خلف له وهو منجز له واسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ يقول: وسله غفران ذنوبك وعفوه لك عنه وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ يقول: وصلّ بالشكر منك لربك بِالْعَشِيّ وذلك من زوال الشمس إلى الليل وَالإبْكَارِ وذلك من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس. وقد وجه قوم الإبكار إلى أنه من طلوع الشمس إلى ارتفاع الضحى, وخروج وقت الضحى, والمعروف عند العرب القول الأوّل.
واختلف أهل العربية في وجه عطف الإبكار والباء غير حسن دخولها فيه على العشيّ, والباء تحسن فيه, فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: وسبح بحمد ربك بالعشيّ وفي الإبكار. وقال: قد يقال: بالدار زيد, يراد: في الدار زيد, وقال غيره: إنما قيل ذلك كذلك, لأن معنى الكلام: صل بالحمد بهذين الوقتين وفي هذين الوقتين, فإدخال الباء في واحد فيهما.
الآية : 56
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ الّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيَ آيَاتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ مّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّـهُ هُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ }.
يقول تعالى ذكره: إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الاَيات بغير سلطان أتاهم يقول: بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها إنْ فِي صُدُورهِمْ إلاّ كِبْرٌ يقول: ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك, وقبول الحقّ الذي أتيتهم به حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله, والكرامة التي أكرمك بها من النبوّة ما هُمْ بِبالِغِيهِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:08 am

يقول: الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمُدركيه ولا نائليه, لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, وليس بالأمر الذي يدرك بالأمانيّ وقد قيل: إن معناه: إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلّهم. ذكر من قال ذلك:
23426ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: ثني أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: إنّ فِي صُدُورِهِمْ إلاّ كِبْرٌ قال: عظمة.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: إنّ الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ قال: أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23427ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّ الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ لم يأتهم بذاك سلطان.
وقوله: فاسْتَعِذْ باللّهِ إنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ يقول تعالى ذكره: فاستجر بالله يا محمد من شرّ هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان, ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء إنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ يقول: إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول البصير بما تعمله جوارحهم, لا يخفى عليه شيء من ذلك.
الآية : 57
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْـثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }.
يقول تعالى ذكره: لابتداعُ السموات والأرض وإنشاؤها من غير شيء أعظم أيها الناس عندكم إن كنتم مستعظمي خلق الناس, وإنشائهم من غير شيء من خلق الناس, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن خلق جميع ذلك هين على الله.
الآية : 58
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأعْـمَىَ وَالْبَصِيرُ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيَءُ قَلِيـلاً مّا تَتَذَكّرُونَ }.
وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا, وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه, فيتدبرها ويعتبر بها, فيعلم وحدانيته وقُدرته على خلق ما شاء من شيء, ويؤمن به ويصدّق. والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره, وذلك مَثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله, فيتفكّر فيها ويتعظ, ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه, وعظيم سلطانه وقُدرته على خلق ما يشاء يقول جلّ ثناؤه: كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن. والّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلوا الصَالحاتِ يقول جلّ ثناؤه: ولا يستوي أيضا كذلك المؤمنون بالله ورسوله, المطيعون لربهم, ولا المسيء, وهو الكافر بربه, العاصي له, المخالف أمره قَلِيلاً ما تَتَذَكّرُونَ يقول جلّ ثناؤه: قليلاً ما تتذكرون أيها الناس حجج الله, فتعتبرون وتتعظون يقول: لو تذكرتم آياته واعتبرتم, لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء, وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم, وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: تَتَذَكّرُونَ فقرأت ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة: «يَتَذَكّرُونَ» بالياء على وجه الخبر, وقرأته عامة قرّاء الكوفة: تَتَذّكُرُونَ بالتاء على وجه الخطاب, والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب.

الآية : 59-60
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ السّاعَةَ لاَتِيَـةٌ لاّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ رَبّكُـمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ دَاخِرِينَ }.
يقول تعالى ذكره: إن الساعة التي يحيي الله فيها الموتى للثواب والعقاب لجائية أيها الناس لا شكّ في مجيئها يقول: فأيقنوا بمجيئها, وأنكم مبعوثون من بعد مماتكم, ومجازون بأعمالكم, فتوبوا إلى ربكم وَلَكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يُوءْمِنُونَ يقول: ولكن أكثر قريش لا يصدّقون بمجيئها.
وقوله: وَقالَ رَبّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِيبْ لَكُمْ يقول تعالى ذكره: ويقول ربكم أيها الناس لكم ادعوني: يقول: اعبدوني وأخلصوا لي العبادة دون من تعبدون من دون الأوثان والأصنام وغير ذلك أسْتَجِبْ لَكُمْ يقول: أُجِبْ دعاءكم فأعفو عنكم وأرحمكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23428ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ يقول: وحّدوني أغفر لكم.
23429ـ حدثنا عمرو بن عليّ, قال: حدثنا عبد الله بن داود, عن الأعمش, عن زرّ, عن يُسَيْع الحضرمي, عن النعمان بن بشير, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدّعاءُ هُوَ العِبادَةُ». وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَقَالَ رَبّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي.
حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفيان, عن منصور, والأعمش عن زرّ, عن يُسَيْع الحضرمي, عن النعمان بن بشير, قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «الدّعاءُ هُوَ العِبادَةُ, وقال رَبّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ... الاَية».
حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن منصور, عن زرّ, عن يُسَيْع قال أبو موسى: هكذا قال غُندَر, عن سعيد, عن منصور, عن زرّ, عن يُسَيْع, عن النعمان بن بشير قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ الدّعاءُ هُوَ العِبادَةُ» وَقال رَبّكُمُ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: حدثنا شعبة, عن منصور, عن زرّ, عن يُسَيْع عن النعمان بن بشير, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.
حدثنا الحسن بن عرفة, قال: حدثنا يوسف بن العرف الباهلي, عن الحسن بن أبي جعفر, عن محمد بن حجادة, عن يسيع الحضرمي, عن النعمان بن بشير, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ عِبادَتِي دُعائي» ثُم تلا هذه الاَية: وَقال رَبّكُمُ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبادَتِي قال: «عَنْ دُعائي».
23430ـ حدثنا عليّ بن سهل, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا عمارة, عن ثابت, قال: قالت لأنس: يا أبا حمزة أبلغك أن الدعاء نصف العبادة؟ قال: لا, بل هو العبادة كلها.
حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قال: أخبرنا منصور, عن زر, عن يسيع الحضرمي, عن النعمان بن بشير, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدّعاءُ هُوَ العبادَةُ, ثم قرأ هذه الاَية وَقال رَبّكُمُ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبادَتِي».
23431ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هاشم بن القاسم, عن الأشجعي, قال: قيل لسفيان: ادع الله, قال: إن ترك الذنوب هو الدعاء.
وقوله: إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبادَتِي يقول: إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة, وإفراد الألوهة لي سَيَدْخُلُونَ جَهَنّمَ داخِرِينَ بمعنى: صاغرين. وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى الدخر بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد قيل: إن معنى قوله إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبادَتِي: إن الذين يستكبرون عن دعائي. ذكر من قال ذلك:
23432ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ إنّ الّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبادَتِي قال: عن دعائي.
23433ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ داخِرِينَ قال: صاغرين.
الآية : 61
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {اللّهُ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنّهَـارَ مُبْصِـراً إِنّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْـثَرَ النّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }.
يقول تعالى ذكره: الله الذي لا تصلح الألوهة إلا له, ولا تنبغي العبادة لغيره, الذي صفته أنه جعل لكم أيها الناس الليل سكنا لتسكنوا فيه, فتهدؤوا من التصرفّ والاضطراب للمعاش, والأسباب التي كنتم تتصرفون فيها في نهاركم والنّهارَ مُبْصِرا يقول: وجعل النهار مبصرا من اضطرب فيه لمعاشه, وطلب حاجاته, نعمة منه بذلك عليكم إنّ اللّهَ لَذُو فَضْلِ على النّاسِ يقول: إن الله لمتفضل عليكم أيها الناس بما لا كفء له من الفضل وَلَكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ يقول: ولكن أكثرهم لا يشكرونه بالطاعة له, وإخلاص الألوهة والعبادة له, ولا يد تقدمت له عنده استوجب بها منه الشكر عليها.

الآية : 62-63
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ذَلِكُـمُ اللّهُ رَبّـكُمْ خَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ لاّ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّىَ تُؤْفَكُونَ * كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }.
يقول تعالى ذكره: الذي فعل هذه الأفعال, وأنعم عليكم هذه النعم أيها الناس, الله مالككم ومصلح أموركم, وهو خالقكم وخالق كلّ شيء لا إلَهَ إلاّ هُوَ يقول: لا معبود تصلح له العبادة غيره, فَأَنّى تُوءْفَكُونَ يقول: فأيّ وجه تأخذون, وإلى أين تذهبون عنه, فتعبدون سواه؟.
وقوله: كَذَلِكَ يُوءْفَكُ الّذِينَ كانُوا بآياتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ يقول: كذهابكم عنه أيها القوم, وانصرافكم عن الحقّ إلى الباطل, والرشد إلى الضلال, ذهب عنه الذين كانوا من قبلكم من الأمم بآيات الله, يعني: بحجج الله وأدلته يكذّبون فلا يؤمنون يقول: فسلكتم أنتم معشر قريش مسلكهم, وركبتم محجتهم في الضلال.
الآية : 64-65
القول في تأويل قوله تعالى: {اللّهُ الّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ الأرْضَ قَـرَاراً وَالسّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مّنَ الطّيّبَاتِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُـمْ فَتَـبَارَكَ اللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الْحَيّ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ فَـادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الْحَـمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ }.
يقول تعالى ذكره: اللّهُ الذي له الألوهة خالصة أيها الناس الّذي جَعَلَ لَكُمْ الأرْضَ التي أنتم على ظهرها سكان قَرَارا تستقرون عليها, وتسكنون فوقها, والسّماءَ بِناءً: بناها فرفعها فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم, وقوام دنياكم إلى بلوغ آجالكم وَصَوّرَكمْ فَأحْسَنَ صُوَرَكُمْ يقول: وخلقكم فأحسن خلقكم وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيّباتِ يقول: ورزقكم من حلال الرزق, ولذيذات المطاعم والمشارب. وقوله: ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمْ يقول تعالى ذكره: فالذي فعل هذه الأفعال, وأنعم عليكم أيها الناس هذه النعم, هو الله الذي لا تنبغي الألوهة إلا له, وربكم الذي لا تصلح الربوبية لغيره, لا الذي لا ينفع ولا يضرّ, ولا يخلق ولا يرزق فَتَبارَكَ اللّهُ رَبّ العَالمِينَ يقول: فتبارك الله مالك جميع الخلق جنهم وإنسهم, وسائر أجناس الخلق غيرهم هُوَ الحَيّ يقول: هو الحيّ الذي لا يموت, الدائم الحياة, وكل شيء سواه فمنقطع الحياة غير دائمها لا إلَهَ إلاّ هُوَ يقول: لا معبود بحقّ تجوز عبادته, وتصلح الألوهة له إلا الله الذي هذه الصفات صفاته, فادعوه أيها الناس مخلصين له الدين, مخلصين له الطاعة, مفردين له الألوهة, لا تشركوا في عبادته شيئا سواه, من وثن وصنم, ولا تجعلوا له ندا ولا عِدلاً الحَمْدُ للّهِ رَبّ العَالمِينَ يقول: الشكر لله الذي هو مالك جميع أجناس الخلق, من مَلك وجنّ وإنس وغيرهم, لا للاَلهة والأوثان التي لا تملك شيئا, ولا تقدر على ضر ولا نفع, بل هو مملوك, إن ناله نائل بسوء لم يقدر له عن نفسه دفعا.
وكان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال: لا إله إلا الله, أن يتبع ذلك: الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالمِينَ تأولاً منهم هذه الاَية, بأنها أمر من الله بقيل ذلك. ذكر من قال ذلك:
23434ـ حدثني محمد بن عليّ بن الحسن بن شقيق, قال: سمعت أبي, قال: أخبرنا الحسين بن واقد, قال: حدثنا الأعمش, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: من قال لا إله إلا الله, فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين, فذلك قوله: فادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ».
23435ـ حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال: حدثنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن سعيد بن جبير, قال: «إذا قال أحدكم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, فليقل: الحمد لله ربّ العالمين, ثم قال: فادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ.
23436ـ حدثني محمد بن عبد الرحمن, قال: حدثنا محمد بن بشر, قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد, عن سعيد بن جُبير أنه كان يستجب إذا قال: لا إله إلا الله, يتبعها الحمد لله, ثم قرأ هذه الاَية: هُوَ الحَيّ لا إلَهَ إلاّ هُوَ فادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ.
حدثني محمد بن عمارة, قال: حدثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد, عن عامر, عن سعيد بن جبير, قال: إذ قال أحدكم لا إله إلا الله وحده, فليقل بأثرها: الحمد لله رب العالمين, ثم قرأ فادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العَالَمِينَ}.
الآية : 66
القول في تأويل قوله تعالى: {قُلْ إِنّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لَمّا جَآءَنِيَ الْبَيّنَاتُ مِن رّبّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty3/5/2011, 2:08 am

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قومك من قريش إنّي نُهِيتُ أيها القوم أنْ أَعْبُدَ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ من الاَلهة والأوثان لَمّا جاءَنِي البَيّناتُ مِنْ رَبّي يقول: لما جاءني الاَيات الواضحات من عند ربي, وذلك آيات كتاب الله الذي أنزله وأمِرْت أنْ أُسْلِمَ لِرَب العَالَمِينَ يقول: وأمرني ربي أن أذلّ لربّ كلّ شيء, ومالك كلّ خلق بالخضوع, وأخضع له بالطاعة دون غيره من الأشياء.
الآية : 67
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمّ لِتَـبْلُغُوَاْ أَشُدّكُـمْ ثُمّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مّن يُتَوَفّىَ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوَاْ أَجَلاً مّسَمّى وَلَعَلّـكُمْ تَعْقِلُونَ }.
يقول تعالى ذكره آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتنبيه مشركي قومه على حججه عليهم في وحدانيته: قل يا محمد لقومك: أُمرت أن أسلم لربّ العالمين الذي صفته هذه الصفات, وهي أنه خلق أباكم آدم منْ تُرَابٍ, ثُمّ خلقكم مِنْ نُطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ بعد أن كنتم نطفا ثُمّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً من بطون أمهاتكم صغارا, ثُمّ لِتَبْلُغُوا أشُدّكُمْ, فتتكامل قواكم, ويتناهى شبابكم, وتمام خلقكم شيوخا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى مِنْ قَبْلُ أن يبلغ الشيخوخة وَلِتَبْلُغُوا أجَلاً مُسَمًى يقول: ولتبلغوا ميقاتا مؤقتا لحياتكم, وأجلاً محدودا لا تجاوزونه, ولا تتقدمون قبله وَلَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ يقول: وكي تعقلوا حجج الله عليكم بذلك, وتتدبروا آياته فتعرفوا بها أنه لا إله غيره فعل ذلك.
الآية : 68-69
القول في تأويل قوله تعالى: {هُوَ الّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ * أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيَ آيَاتِ اللّهِ أَنّىَ يُصْرَفُونَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: هوَ الّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ يقول قل لهم: ومن صفته جل ثناؤه أنه هو الذي يحيي من يشاء بعد مماته, ويميت من يشاء من الأحياء بعد حياته و إذَا قَضَى أمْرا يقول: وإذا قضى كون أمر من الأمور التي يريد تكوينها فإنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ يعني للذي يريد تكوينه كن, فيكون ما أراد تكوينه موجودا بغير معاناة, ولا كلفة مؤنة.
وقوله: ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ أنّى يُصْرَفُونَ يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا محمد هؤلاء المشركين من قومك, الذين يخاصمونك في حجج الله وآياته أنّى يُصْرَفُونَ يقول: أيّ وجه يصرفون عن الحق, ويعدلون عن الرشد, كما:
23437ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة أنّى يُصْرَفُونَ: أنى يكذبون ويعدلون.
23438ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: أنّى يُصْرَفُونَ قال: يُصْرَفُونَ عن الحقّ.
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الاَية, فقال بعضهم: عنى بها أهل القدر. ذكر من قال ذلك:
23439ـ حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى, قالا: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا سفيان, عن داود بن أبي هند, عن محمد بن سيرين, قال: إن لم تكن هذه الاَية نزلت في القدرية, فإني لا أدري فيمن نزلت: ألَمْ تَرَ إلَى الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ أنى يُصْرَفُونَ إلى قوله: لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئا كذَلكَ يُضِلّ اللّهُ الكافِرِينَ.
حدثني عليّ بن سهل, قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء, عن سفيان, عن داود بن أبي هند, عن ابن سيرين, قال: إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به.
23440ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني مالك بن أبي الخير الزيادي, عن أبي قبيل, قال: أخبرني عقبة بن عامر الجهني, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَيَهْلِكُ مِنْ أُمّتِي أهْلُ الكِتابِ, وأهْلُ اللّينِ» فقال عقبة: يا رسول الله, وما أهل الكتاب؟ قال: «قَوْمٌ يَتَعَلّمُونَ كِتابَ اللّهِ يُجادِلُونَ الّذِينَ آمَنُوا», فقال عقبة: يا رسول الله, وما أهل اللّين؟ قال: «قَوْمٌ يَتّبِعُونَ الشّهَوَاتِ, ويُضَيّعُونَ الصّلَوَاتِ». قال أبو قبيل: لا أحسب المكذّبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا, وأما أهل اللّين, فلا أحسبهم إلا أهل العمود ليس عليهم إمام جماعة, ولا يعرفون شهر رمضان.
وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك. ذكر من قال ذلك:
23441ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ألَمْ تَرَ إلَى الّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ أنى يُصْرَفُونَ قال: هؤلاء المشركون.
والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيد وقد بين الله حقيقة ذلك بقوله: الّذِينَ كَذّبُوا بالْكِتَابِ وبِمَا أرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا.
الآية : 70-74
القول في تأويل قوله تعالى: {الّذِينَ كَذّبُواْ بِالْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الأغْلاَلُ فِيَ أَعْنَاقِهِمْ والسّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ * مِن دُونِ اللّهِ قَـالُواْ ضَـلّواْ عَنّا بَل لّمْ نَكُنْ نّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلّ اللّهُ الْكَافِرِينَ }.
يقول تعالى ذكره: ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذّبوا بكتاب الله, وهو هذا القرآن و«الذين» الثانية في موضع خفض ردا لها على «الذين» الأولى على وجه النعت وبِمَا أرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا يقول: وكذّبوا أيضا مع تكذيبهم بكتاب الله بما أرسلنا به رسلنا من إخلاص العبادة لله, والبراءة مما يعبد دونه من الاَلهة والأنداد, والإقرار بالبعث بعد الممات للثواب والعقاب.
وقوله: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إذِ الأغْلالِ في أعْناقِهِمْ والسّلاسِلُ, وهذا تهديد من الله المشركين به يقول جلّ ثناؤه: فسوف يعلم هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله, المكذّبون بالكتاب حقيقة ما تخبرهم به يا محمد, وصحة ما هم به اليوم مكذبون من هذا الكتاب, حين تجعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم في جهنم. وقرأت قراء الأمصار: والسلاسلُ, برفعها عطفا بها على الأغلال على المعنى الذي بيّنت. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرؤه «والسّلاسِلُ يُسْحَبُونَ» بنصب السلاسل في الحميم. وقد حُكي أيضا عنه أنه كان يقول: إنما هو وهم في السلاسل يسحبون, ولا يجيز أهل العلم بالعربية خفض الاسم والخافض مضمر. وكان بعضهم يقول في ذلك: لو أن متوهّما قال: إنما المعنى: إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل يسحبون, جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب, وقال: مثله, مما ردّ إلى المعنى, قول الشاعر:
قَدْ سَالمَ الحَيّاتُ مِنْهُ القَدَماالأُفْعُوَانَ والشّجاعَ الأَرْقَما
فنصب الشّجاع والحيات قبل ذلك مرفوعة, لأن المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها, فلما احتاج إلى نصب القافية, جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.
والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قراء الأمصار, لإجماع الحجة عليه, وهو رفع السلاسل عطفا بها على ما في قوله: فِي أعْناقِهِمْ من ذكر الأغلال.
وقوله: يُسْحَبُونَ يقول: يسحب هؤلاء الذين كذّبوا في الدنيا بالكتاب زبانيةُ العذاب يوم القيامة في الحميم, وهو ما قد انتهى حرّه, وبلغ غايته.
وقوله: ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ يقول: ثم في نار جهنم يحرقون, يقول: تسجر بها جهنم: أي توقد بهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23442ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: يُسْجَرُونَ قال: يوقد بهم النار.
23443ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ قال: يحرقون في النار.
23444ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ قال: يسجرون في النار: يوقد عليهم فيها.
وقوله: ثُمّ قِيلَ لَهُمْ أيْنَما كُنْتُمْ تُشرِكُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ يقول: ثم قيل: أين الذين كنتم تشركون بعبادتكم إياها من دون الله من آلهتكم وأوثانكم حتى يغيثوكم فينقذوكم مما أنتم فيه من البلاء والعذاب, فإن المعبود يغيث من عبده وخدمه وإنما يقال هذا لهم توبيخا وتقريعا على ما كان منهم في الدنيا من الكفر بالله وطاعة الشيطان, فأجاب المساكين عند ذلك فقالوا: ضلوا عنا: يقول: عدلوا عنا, فأخذوا غير طريقنا, وتركونا في هذا البلاء, بل ما ضلوا عنا, ولكنا لم نكن ندعو من قبل في الدنيا شيئا: أي لم نكن نعبد شيئا يقول الله تعالى ذكره: كذَلكَ يُضِلّ اللّهُ الكَافِرِينَ يقول: كما أضلّ هؤلاء الذين ضلّ عنهم في جهنم ما كانوا يعبدون في الدنيا من دون الله من الاَلهة والأوثان آلهتهم وأوثانهم, كذلك يضلّ الله أهل الكفر به عنه, وعن رحمته وعبادته, فلا يرحمهم فينجيهم من النار, ولا يغيثهم فيخفف عنهم ما هم فيه من البلاء.
الآية : 75-76
القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوَاْ أَبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ }.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الأرْضِ بغَيرِ الحَقّ هذا الذي فعلنا اليوم بكم أيها القوم من تعذيبنا كم العذاب الذي أنتم فيه, بفرحكم الذي كنتم تفرحونه في الدنيا, بغير ما أذن لكم به من الباطل والمعاصي, وبمرحكم فيها, والمرح: هو الأشر والبطر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23445ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الأرْضِ بغَيرِ الحَقّ إلى فَبئْسَ مَثْوَى المُتَكَبّرينَ قال: الفرح والمرح: الفخر والخُيَلاء, والعمل في الأرض بالخطيئة, وكان ذلك في الشرك, وهو مثل قوله لقارون: إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنّ اللّهَ لا يُحِبّ الفَرِحِينَ وذلك في الشرك.
23446ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الأرْضِ بغَيرِ الحَقّ وبما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ قال: تَبْطرون وتأشَرُون.
23447ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ, قوله: تَمْرَحُونَ قال: تبطرون.
وقوله: ادْخُلُوا أبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيها يقول تعالى ذكره لهم: ادخلوا أبواب جهنم السبعة من كلْ باب منها جزء مقسوم منكم فَبِئْسَ مَثْوَى المُتُكَبّرِينَ يقول: فبئس منزل المتكبرين في الدنيا على الله أن يوحدوه, ويؤمنوا برسله اليوم جهنم.
الآية : 77
القول في تأويل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنّ وَعْدَ اللّهِ حَقّ فَـإِمّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفّيَنّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاصبر يا محمد على ما يجادلك به هؤلاء المشركون في آيات الله التي أنزلناها عليك, وعلى تكذيبهم إياك, فإن الله منجز لك فيهم ما وعدك من الظفر عليهم, والعلو عليهم, وإحلال العقاب بهم, كسنتنا في موسى بن عمران ومن كذّبه فإمّا نُرِيَنّكَ بَعْضَ الّذِي نَعِدُهُمْ يقول جلّ ثناؤه: فإما نرينك يا محمد في حياتك بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من العذاب والنقمة أن يحلّ بهم أوْ نَتَوَفّيَنّكَ قبل أن يحلّ ذلك بهم فَإلَيْنا يُرْجَعُونَ يقول: فإلينا مصيرك ومصيرهم, فنحكم عند ذلك بينك وبينهم بالحقّ بتخليدنا هم في النار, وإكرامناك بجوارنا في جنات النعيم.
الآية : 78
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ اللّهِ قُضِيَ بِالْحَقّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ }.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ أرْسَلْنا يامحمد رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ إلى أممها مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ يقول: من أولئك الذين أرسلنا إلى أممهم من قصصنا عليك نبأهم وَمِنْهُمْ مِنْ لَمْ نَقْصُصّ عَلَيْكَ نبأهم. وذُكر عن أنس أنهم ثمانية آلاف. ذكر الرواية بذلك:
23448ـ حدثنا عليّ بن شعيب السمسار, قال: حدثنا معن بن عيسى, قال: حدثنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار, عن محمد بن المنكدر, عن يزيد بن أبان, عن أنس بن مالك, قال: بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ثمانية آلاف من الأنبياء, منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل.
23449ـ حدثنا أبو كُرَيْب قال: حدثنا يونس, عن عتبة بن عتيبة البصريّ العبديّ, عن أبي سهل عن وهب بن عبد الله بن كعب بن سور الأزدي, عن سلمان, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بعث الله أربعة آلاف نبي».
23450ـ حدثني أحمد بن الحسين الترمذي, قال: حدثنا آدم بن أبي إياس, قال: حدثنا إسرائيل, عن جابر, عن ابن عبد الله بن يحيى, عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه, في قوله: مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مِنْ لَمْ نَقْصُصّ عَلَيْكَ قال: بعث الله عبدا حبشيا نبيا, فهو الذي لم نقصص عليك.
وقوله: وَما كانَ لِرَسُولِ أنْ يَأْتِيَ بآيَةٍ إلاّ بإذْنِ اللّهِ يقول تعالى ذكره: وما جعلنا لرسول ممن أرسلناه من قبلك الذين قصصناهم عليك, والذين لم نقصصهم عليك إلى أممها أن يأتي قومه بآية فاصلة بينه وبينهم, إلا بإذن الله له بذلك, فيأتيهم بها يقول جلّ ثناؤه لنبيه: فلذلك لم يجعل لك أن تأتي قومك بما يسألونك من الاَيات دون إذننا لك بذلك, كما لم نجعل لمن قبلك من رسلنا إلا أن نأذن له به فإذَا جاءَ أمْرُ اللّهِ قُضِيَ بالحَقّ يعني بالعدل, وهو أن ينجي رسله والذين آمنوا معهم وخَسِرَ هُنالِكَ المُبْطِلُونَ يقول: وهلك هنالك الذين أبطلوا في قيلهم الكذب, وافترائهم على الله وادعائهم له شريكا.
الآية : 79-81
القول في تأويل قوله تعالى: {اللّهُ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأنْعَامَ لِتَرْكَـبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَـبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيّ آيَاتِ اللّهِ تُنكِرُونَ }.
يقول تعالى ذكره: اللّهُ الذي لا تصلح الألوهة إلا له أيها المشركون به من قريش الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأنْعامَ من الإبل والبقر والغنم والخيل, وغير ذلك من البهائم التي يقتنيها أهل الإسلام لمركب أو لمطعم لِتَرْكَبُوا مِنْها يعني: الخيل والحمير وَمِنْها تَأكُلُونَ يعني الإبل والبقر والغنم. وقال: لِتَرْكَبُوا مِنْها ومعناه: لتركبوا منها بعضا ومنها بعضا تأكلون, فحذف استغناء بدلالة الكلام على ما حذف.
وقوله: وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وذلك أن جعل لكم من جلودها بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم, ويوم إقامتكم, ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين.
وقوله: وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةَ في صُدُورِكُمْ يقول: ولتبلغوا بالحمولة على بعضها, وذلك الإبل حاجة في صدروكم لم تكونوا بالغيها لولا هي, إلا بشقّ أنفسكم, كما قال جلّ ثناؤه: وَتحْمِلُ أثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إلاّ بِشِقّ الأنْفُسِ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23451ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً في صُدُورِكُمْ يعني الإبل تحمل أثقالكم إلى بلد.
23452ـ حدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةَ في صُدُورِكُمْ لحاجتكم ما كانت.
وقوله: وَعَلَيْها يعني: وعلى هذه الإبل, وما جانسها من الأنعام المركوبة وَعَلى الفُلْكِ يعني: وعلى السفن تُحْمَلُونَ يقول نحملكم على هذه في البرّ, وعلى هذه في البحر ويُرِيكُمْ آياتِهِ يقول: ويريكم حججه, فأيّ آياتِ اللّهِ تُنْكَرونَ يقول: فأي حجج الله التي يريكم أيها الناس. في السماء والأرض تنكرون صحتها, فتكذّبون من أجل فسادها بتوحيد الله, وتدعون من دونه إلها.
الآية : 82
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوَاْ أَكْـثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدّ قُوّةً وَآثَاراً فِي الأرْضِ فَمَآ أَغْنَىَ عَنْهُم مّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }.
يقول تعالى ذكره: أفلم يسر يا محمد هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركي قومك في البلاد, فإنهم أهل سفر إلى الشأم واليمن, رحلتهم في الشتاء والصيف, فينظروا فيما وطئوا من البلاد إلى وقائعنا بمن أوقعنا به من الأمم قبلهم, ويروا ما أحللنا بهم من بأسنا بتكذيبهم رسلنا, وجحودهم آياتنا, كيف كان عقبى تكذيبهم. كانوا أكثر منهم يقول: كان أولئك الذين من قبل هؤلاء المكذّبيك من قريش أكثر عددا من هؤلاء وأشدّ بطشا, وأقوى قوّة, وأبقى في الأرض آثارا, لأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا ويتخذون مصانع. وكان مجاهد يقول في ذلك ما:
23453ـ حدثني الحرث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد وآثارا فِي الأرْضِ المشي بأرجلهم.
فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ يقول: فلما جاءهم بأسنا وسطوتنا, لم يغن عنهم ما كانوا يعملون من البيوت في الجبال, ولم يدفع عنهم ذلك شيئا, ولكنهم بادوا جميعا فهلكوا. وقد قيل: إن معنى قوله: فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ فأيّ شيء أغنى عنهم وعلى هذا التأويل يجب أن يكون «ما» الأولى في موضع نصب, والثانية في موضع رفع. يقول: فلهؤلاء المجادليك من قومك يا محمد في أولئك معتبر إن اعتبروا, ومتعظ إن اتعظوا, وإن بأسنا إذا حلّ بالقوم المجرمين لم يدفعه دافع, ولم يمنعه مانع, وهو بهم إن لم ينيبوا إلى تصديقك واقع.
الآية : 83
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلَمّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فلما جاءت هؤلاء الأمم الذين من قبل قريش المكذّبة رسلها رسلهم الذين أرسلهم الله إليهم بالبينات, يعني: بالواضحات من حجج الله عزّ وجلّ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ يقول: فرحوا جهلاً منهم بما عندهم من العلم وقالوا: لن نبعث, ولن يعذّبنا الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23454ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ قال: قولهم: نحن أعلم منهم, لن نعذّب, ولن نبعث.
23455ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ بجهالتهم.
وقوله: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ يقول: وحاق بهم من عذاب الله ما كانوا يستعجلون رسلهم به استهزاء وسخرية. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23456ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ما جاءتهم به رسلهم من الحقّ.
الآية : 84
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلَمّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ }.
يقول تعالى ذكره: فلما رأت هذه الأمم المكذّبة رسلها بأسنا, يعني عقاب الله الذي وعدتهم به رسُلهم قد حلّ بهم, كما:
23457ـ حدثنا محمد, قال: حدثنا أحمد, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ فَلَمّارأَوْا بأسَنا قال: النقمات التي نزلت بهم.
وقوله: قَالُوا آمَنّا باللّهِ وَحْدَهُ يقول: قالوا: أقررنا بتوحيد الله, وصدّقنا أنه لا آله غيره وَكَفَرْنا بِمَا كُنّا بِهِ مُشْرِكِينَ يقول: وجحدنا الاَلهة التي كنا قبل وقتنا هذا نشركها في عبادتنا الله ونعبدها معه, ونتخذها آلهة, فبرئنا منها.
الآية : 85
القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنّةَ اللّهِ الّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ }.
يقول تعالى ذكره: فلم يك ينفعهم تصديقهم في الدنيا بتوحيد الله عند معاينة عقابه قد نزل, وعذابه قد حلّ, لأنهم صدّقوا حين لا ينفع التصديق مصدّقا, إذ كان قد مضى حكم الله في السابق من علمه, أن من تاب بعد نزول العذاب من الله على تكذيبه لم تنفعه توبته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
23458ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَما رأَوْا بأْسَنا: لما رأوا عذاب الله في الدنيا لم ينفعهم الإيمان عند ذلك.
وقوله: سُنّةَ اللّهِ التي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ يقول: ترك الله تبارك وتعالى إقالتهم, وقبول التوبة منهم, ومراجعتهم الإيمان بالله, وتصديق رسلهم بعد معاينتهم بأسه, قد نزل بهم سنته التي قد مضت في خلقه, فلذلك لم يُقلهم ولم يقبل توبتهم في تلك الحال, كما:
23459ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة سُنّةَ اللّهِ الّتي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادهِ يقول: كذلك كانت سنة الله في الذين خلوا من قبل إذا عاينوا عذاب الله لم ينفعهم إيمانهم عند ذلك.
وقوله: وَخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرُونَ يقول: وهلك عند مجيء بأس الله, فغبنت صفقته ووضُع في بيعه الاَخرة بالدنيا, والمغفرة بالعذاب, والإيمان بالكفر, الكافرون بربهم, الجاحدون توحيد خالقهم, المتخذون من دونه آلهة يعبدونهم من دون بارئهم.

نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة غافر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
Sheikh_Alarab

تفسير سورة غافر Default4
Sheikh_Alarab


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 121
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 34

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty13/8/2011, 3:31 pm

جزاك الله كل خير
وجعل هذا العمل فى ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة غافر E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة غافر Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة غافر   تفسير سورة غافر Empty10/9/2011, 1:12 pm

تفسير سورة غافر 392679
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
 
تفسير سورة غافر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة يس
» تفسير سورة طه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: