شباب ستار
تفسير سورة العنكبوت 749093772
شباب ستار
تفسير سورة العنكبوت 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة العنكبوت

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:17 pm




سورة العنكبوت


سورة العنكبوت مكيّة


وآياتها تسع وستون


بسم
الله الرحمَن الرحيـم






الآية : 1
- 2



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {الَـمَ * أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُتْرَكُوَاْ أَن
يَقُولُوَاْ آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ }.



قال أبو جعفر: وقد بـيّنا معنى قول الله
تعالـى ذكره الـم وذكرنا أقوال أهل التأويـل فـي تأويـله, والذي هو أولـى بـالصواب
من أقوالهم عندنا, بشواهده فـيـما مضى, بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وأما قوله: أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ
يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فإن معناه: أظَنّ الذين خرجوا يا مـحمد من
أصحابك من أذى الـمشركين إياهم, أن نتركَهم بغير اختبـار, ولا ابتلاء امتـحان, بأن
قالوا: آمنا بك يا مـحمد, فصدّقناك فـيـما جئتنا به من عند الله, كَلاّ لنـختبرهم,
لـيتبـين الصادق منهم من الكاذب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



21075ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله آمّنا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ
قال: يُبْتلَون فـي أنفسهم وأموالهم.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



21076ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ: أي لا يُبْتَلَون.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا
سفـيان, عن أبـي هاشم, عن مـجاهد, فـي قوله وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال: لا
يُبْتَلَون.



فَأَنِ الأولـى منصوبة بحسب, والثانـية منصوبة
فـي قول بعض أهل العربـية, بتعلق يتركوا بها, وأن معنى الكلام علـى قوله أحَسِبَ
النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا لأن يقولوا آمنا فلـما حذفت اللام الـخافضة من لأَنْ, نصبت
علـى ما ذكرت. وأما علـى قول غيره فهي فـي موضع خفض بإضمار الـخافض, ولا تكاد
العرب تقول: تركت فلانا أن يذهب, فتدخـل أنْ فـي الكلام, وإنـما تقول: تركته يذهب,
وإنـما أدخـلت أن هاهنا لاكتفـاء الكلام بقوله أنْ يُتْرَكُوا إذ كان معناه: أحسب الناس
أن يُتركوا وهم لا يفتنون, من أجل أن يقولوا آمنا, فكان قوله: أنْ يُتْرَكُوا
مكتفـية بوقوعها علـى الناس, دون أخبـارهم. وإن جعلت «أن» فـي قوله أنْ يَقُولُوا
منصوبة بنـية تكرير أحسب, كان جائزا, فـيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يُتركوا:
أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.



الآية : 3


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ
مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنّ
الْكَاذِبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد اختبرنا الذين من
قبلهم من الأمـم, مـمن أرسلنا إلـيهم رسلنا, فقالوا مثل ما قالته أمتك يا مـحمد
بأعدائهم, وتـمكيننا إياهم من أذاهم, كموسى إذا أرسلناه إلـى بنـي إسرائيـل,
فـابتلـيناهم بفرعون وملئهم, وكعيسى إذ أرسلناه إلـى بنـي إسرائيـل, فـابتلَـينا
من اتبعه بـمن توَلـى عنه, فكذلك ابتلـينا أتبـاعك بـمخالفـيك من أعدائك
فَلَـيَعْلَـمَنّ اللّهُ الّذِينَ صَدَقُوا منهم فـي قـيـلهم آمنا
وَلَـيَعْلَـمَنّ الكاذِبِـين منهم فـي قـيـلهم ذلك, والله عالـم بذلك منهم قبل
الاختبـار, وفـي حال الاختبـار, وبعد الاختبـار, ولكن معنى ذلك: ولَـيُظْهِرَنّ
الله صدق الصادق منهم فـي قـيـله آمنا بـالله من كذب الكاذب منهم بـابتلائه إياه
بعدوّه, لـيعلـم صدقه من كذبه أولـياؤه, علـى نـحو ما قد بـيّناه فـيـما مضى قبلُ.



وذكر أن هذه الاَية نزلت فـي قوم من الـمسلـمين
عذّبهم الـمشركون, ففتن بعضهم, وصبر بعضهم علـى أذاهم حتـى أتاهم الله بفرج من
عنده. ذكر الرواية بذلك:



21077ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: سمعت عبد الله بن عبـيد بن عمير يقول: نزلت, يعنـي
هذه الاَية الـم. أحَسِبَ الناسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا... إلـى
قوله وَلَـيَعْلَـمَنّ الكاذِبِـينَ فـي عمّار بن ياسر, إذ كان يعذّب فـي الله.



وقال آخرون: بل نزل ذلك من أجل قوم كانوا قد
أظهروا الإسلام بـمكة, وتـخـلفوا عن الهجرة, والفتنة التـي فتن بها هؤلاء القوم
علـى مقالة هؤلاء, هي الهجرة التـي امتـحنوا بها. ذكر من قال ذلك:



21078ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن مطر, عن الشعبـيّ, قال: إنها نزلت, يعنـي الـم. أحَسِبَ النّاسُ أنْ
يُترَكُوا الاَيتـين فـي أناس كانوا بـمكة أقرّوا بـالإسلام, فكتب إلـيهم أصحاب
مـحمد نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم من الـمدينة: إنه لا يقبل منكم إقرارا
بـالإسلام حتـى تهاجروا, فخرجوا عامدين إلـى الـمدينة, فـاتبعهم الـمشركون,
فردّوهم, فنزلت فـيهم هذه الاَية, فكتبوا إلـيهم: إنه قد نزلت فـيكم آية كذا وكذا,
فقالوا: نـخرج, فإن اتبعنا أحد قاتلناه قال: فخرجوا فـاتبعهم الـمشركون فقاتلوهم
ثم, فمنهم من قتل, ومنهم من نـجا, فأنزل الله فـيهم: ثُمّ إنّ رَبّكَ لِلّذِينَ
هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا, ثُمّ جاهَدُوا وَصَبرُوا إنّ رَبّكَ مِنْ
بَعْدِها لَغَفُورٌ رحِيـمٌ.



21079ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله وَلَقَدْ فَتَنّا قال: ابتلـينا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثْله.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مؤمل, قال: حدثنا
سفـيان, عن أبـي هاشم, عن مـجاهد وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال:
ابتلـينا الذين من قبلهم.



حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان,
عن أبـي هاشم, عن مـجاهد, مثله.



21080ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي ابتلـينا.



الآية : 4


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَمْ حَسِبَ الّذِينَ
يَعْمَلُونَ السّيّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أم حسب الذين يشركون بـالله
فـيعبدون معه غيره, وهم الـمعنـيون بقوله الّذِينَ يَعْمَلُونَ السّيّئاتِ أنْ
يَسْبَقُونا يقول: أن يعجزونا فـيفوتونا بأنفسهم, فلا نقدر علـيهم فننتقم منهم
لشركهم بـالله؟ وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21081ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله أمْ حَسِبَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ السّيّئاتِ أي الشرك أن
يسبقونا.



21082ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد أنْ يَسْبِقُونا أن يعجزونا.



وقوله: ساءَ ما يَحْكُمونَ يقول تعالـى ذكره:
ساء حكمهم الذي يحكمون بأن هؤلاء الذين يعملون السيئات يسبقوننا بأنفسهم.



الآية : 5
- 6



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ
اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لاَتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَن جَاهَدَ فَإِنّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ
إِنّ اللّهَ لَغَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: من كان يرجو الله يوم
لقائه, ويطمع فـي ثوابه, فإن أجل الله الذي أجله لبعث خـلقه للـجزاء والعقاب لاَت
قريبـا, وهو السميع, يقول: والله الذي يرجو هذا الراجي بلقائه ثوابه, السميع
لقوله: آمنا بـالله, العلـيـم بصدق قـيـله, إنه قد آمن من كذبه فبه. وقوله: وَمَنْ
جاهَدَ فإنّـمَا يُجاهِدُ لنَفْسِهِ يقول: ومن يجاهد عدوّه من الـمشركين فإنـما
يجاهد لنفسه, لأنه يفعل ذلك ابتغاء الثواب من الله علـى جهاده, والهرب من العقاب,
فلـيس بـالله إلـى فعله ذلك حاجة, وذلك أن الله غنـيّ عن جميع خـلقه, له الـملك
والـخـلق والأمر.






الآية : 7


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَنُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنّهُمْ
أَحْسَنَ الّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والذين آمنوا بـالله
ورسوله, فصحّ إيـمانهم عند ابتلاء الله إياهم وفتنته لهم, ولـم يرتدّوا عن أديانهم
بأذى الـمشركين إياهم وعَمِلُوا الصّالِـحاتِ لَنُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئاتِهِمْ
التـي سلفت منهم فـي شركهم وَلَنَـجْزِيَنّهُمْ أحْسَنَ الّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ
يقول: ولنثـيبنهم علـى صالـحات أعمالهم فـي إسلامهم, أحسن ما كانوا يعملون فـي حال
شركهم مع تكفـيرنا سيئات أعمالهم.



الآية : 8


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَوَصّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَوَصّيْنا الإنْسانَ
فـيـما أنزلنا إلـى رسولنا بِوَالِدَيْهِ أن يفعل بهما حُسْنا.



واختلف أهل العربـية فـي وجه نصب الـحسن, فقال
بعض نـحويّـي البصرة: نُصب ذلك علـى نـية تكرير وصّينا. وكأن معنى الكلام عنده:
ووصينا الإنسان بوالديه, ووصيناه حسنا. وقال: قد يقول الرجل وصيته خيرا: أي بخير.



وقال بعض نـحويـي الكوفة: معنى ذلك: ووصينا
الإنسان أن يفعل حُسنا, ولكن العرب تسقط من الكلام بعضه إذا كان فـيـما بقـي
الدلالة علـى ما سقط, وتعمل ما بقـي فـيـما كان يعمل فـيه الـمـحذوف, فنصب قوله
حُسْنا وإن كان الـمعنى ما وصفت وصينا, لأنه قد ناب عن الساقط, وأنشد فـي ذلك:



عَجِبْتُ مِنْ دَهْماءَ إذْ تَشْكُوناوَمِنْ
أبـي دَهْماءَ إذْ يُوصِيناخَيْرا بها كأنّنا جافُونا



وقال: معنى قوله: يوصينا خيرا: أن نفعل بها
خيرا, فـاكتفـى بـيوصينا منه, وقال: ذلك نـحو قوله فَطَفِقَ مَسْحا أي يـمسح مسحا.



وقوله: وَإنْ جاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِـي ما
لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ فَلا تُطِعْهُما يقول: ووصينا الإنسان, فقلنا له: إن جاهداك
والداك لتشرك بـي ما لـيس لك به علـم أنه لـيس لـي شريك, فلا تطعهما فتشرك بـي ما
لـيس لك به علـم ابتغاء مرضاتهما, ولكن خالفهما فـي ذلك إلـيّ مرجعكم يقول تعالـى
ذكره: إلـيّ معادكم ومصيركم يوم القـيامة فَأُنَبّئكُمْ بِـما كُنْتُـمْ
تَعْمَلُونَ يقول: فأخبركم بـما كنتـم تعملون فـي الدنـيا من صالـح الأعمال
وسيئاتها, ثم أجازيكم علـيها الـمـحسن بـالإحسان, والـمسيء بـما هو أهله.



وذُكر أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بسبب سعد بن أبـي وقاص. ذكر من قال ذلك:



21083ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَوَصّيْنا الإنْسانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنا... إلـى قوله
فَأُنَبّئُكُمْ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ قال: نزلت فـي سعد بن أبـي وَقّاص
لـما هاجر, قالت أمه: والله لا يُظِلّنـي بـيت حتـى يرجع, فأنزل الله فـي ذلك أن
يُحْسِن إلـيهما, ولا يطيعَهما فـي الشرك.



الآية : 9


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنّهُمْ فِي الصّالِحِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: والّذِينَ آمَنُوا بـالله
ورسوله وعَمِلُوا الصّالِـحاتِ من الأعمال, وذلك أن يُؤَدّوا فرائض الله, ويجتنبوا
مَـحارمه لَندْخِـلَنّهمْ فـي الصّالِـحِينَ فـي مَدْخـل الصالـحين, وذلك الـجنة.



الآية : 10


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمِنَ النّاسِ مَن
يِقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ
كَعَذَابِ اللّهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مّن رّبّكَ لَيَقُولُنّ إِنّا كُنّا
مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن الناس من يقول: أقررنا
بـالله فوحّدناه, فإذا آذاه الـمشركون فـي إقراره بـالله, جعل فتنة الناس إياه فـي
الدنـيا, كعذاب الله فـي الاَخرة, فـارتدّ عن إيـمانه بـالله, راجعا علـى الكفر به
وَلَئِنْ جاءَ نَصْر مِنْ رَبّكَ يا مـحمد أهل الإيـمان به لَـيَقُولُنّ هؤلاء
الـمرتدّون عن إيـمانهم, الـجاعلون فتنة الناس كعذاب الله: إنّا كُنّا أيها
الـمؤمنون مَعَكُمْ ننصركم علـى أعدائكم, كذبـا وإفكا. يقول الله: أوَ لَـيْسَ
اللّهُ بأعْلَـمَ أيها القوم من كلّ أحد بـمَا فـي صُدُور العَالـمينَ جميع خـلقه,
القائلـين آمنا بـالله وغَيرِهم, فإذا أُوذِي فـي الله ارتد عن دين الله فكيف
يخادع من كان لا يخفـى علـيه خافـية, ولا يستتر عنه سرا ولا علانـية. وبنـحو الذي
قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21084ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثن عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنّا بـاللّهِ, فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ
كَعَذَابِ اللّهِ قال: فتنته أن يرتدّ عن دين الله إذا أوذي فـي الله.



21085ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ
فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ... إلـى قوله وَلَـيَعْلَـمَنّ الـمُنافِقِـينَ
قال: أناس يؤمنون بألسنتهم, فإذا أصابهم بلاء من الله أو مصيبة فـي أنفسهم
افتتنوا, فجعلوا ذلك فـي الدنـيا كعذاب الله فـي الاَخرة.



21086ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: قوله: وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ
آمَنّا بـاللّهِ... الاَية, نزلت فـي ناس من الـمنافقـين بـمكة كانوا يؤمنون, فإذا
أوذوا وأصابهم بلاء من الـمشركين, رجعوا إلـى الكفر مخافة من يؤذيهم, وجعلوا أذى
الناس فـي الدنـيا كعذاب الله.



21087ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال:
قال ابن زيد, فـي قول الله فإذَا أُوذِيَ فِـي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ
كَعَذَابِ اللّهِ قال: هو الـمنافق إذا أوذي فـي الله رجع عن الدين وكفر, وجعل
فتنة الناس كعذاب الله.



وذُكر أن هذه الاَية نزلت فـي قوم من أهل
الإيـمان كانوا بـمكة, فخرجوا مهاجرين, فأدركوا وأُخذوا فأعطوا الـمشركين لـما
نالهم أذاهم ما أرادوا منهم. ذكر الـخبر بذلك:


21088ـ حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, قال:
حدثنا أبو أحمد الزبـيري, قال: حدثنا مـحمد بن شريك, عن عمرو بن دينار, عن عكرِمة,
عن ابن عبـاس, قال: كان قوم من أهل مكة أسلـموا, وكانوا يستـخفون بإسلامهم,
فأخرجهم الـمشركون, يوم بدر معهم, فأصيب بعضهم وقتل بعض, فقال الـمسلـمون: كان
أصحابنا هؤلاء مسلـمين, وأكرهوا,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:19 pm

وقال آخرون: وتقولون
كذبـا. ذكر من قال ذلك:



21100ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس وتَـخْـلُقُونَ إفْكا يقول:
وتقولون إفكا.



21101ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وتَـخْـلُقُونَ إفْكا يقول: تقولون كذبـا.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتنـحِتون إفكا. ذكر
من قال ذلك:



21102ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـيّ, عن ابن عبـاس, قوله
وتَـخْـلُقونَ إفْكا قال: تنـحِتون تصوّرون إفكا.



21103ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وتَـخْـلُقُونَ إفْكا أي
تصنعون أصناما.



21104ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَتَـخْـلُقُونَ إفْكا الأوثان التـي ينـحِتونها بأيديهم.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
معناه: وتصنعون كذبـا. وقد بـيّنا معنى الـخـلق فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته
فـي هذا الـموضع. فتأويـل الكلام إذن: إنـما تعبدون من دون الله أوثانا, وتصنعون
كذبـا وبـاطلاً. وإنـما فـي قوله إفْكا مردود علـى إنـما, كقول القائل: إنـما
تفعلون كذا, وإنـما تفعلون كذا.



وقرأ جميع قرّاء الأمصار: وتَـخْـلُقُونَ إفْكا
بتـخفـيف الـخاء من قوله: وتَـخْـلُقُونَ وضمّ اللام: من الـخَـلْق. وذُكر عن أبـي
عبد الرحمن السُلـميّ أنه قرأ: وتُـخَـلّقونَ إفْكا بفتـح الـخاء وتشديد اللام من
التـخـلـيق.



والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه
قرّاء الأمصار, لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه.



وقوله: إنّ الّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللّهِ لا يَـمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقا يقول جلّ ثناؤه: إن أوثانكم التـي تعبدونها,
لا تقدر أن ترزقكم شيئا فـابتغُوا عندَ اللّهِ الرّزْقَ يقول: فـالتـمسوا عند الله
الرزق لا من عند أوثانكم, تدركوا ما تبتغون من ذلك وَاعْبُدُوهُ يقول: وذلوا له
وَاشْكُرُوا لَهُ علـى رزقه إياكم, ونعمه التـي أنعمها علـيكم. يقال: شكرته وشكرتُ
له, (والثانـية) أفصح من شكرته. وقوله: إلَـيْهِ تُرْجَعُونَ يقول: إلـى الله
تُرَدّون من بعد مـماتكم, فـيسألكم عما أنتـم علـيه من عبـادتكم غيره وأنتـم
عبـاده وخـلقه, وفـي نعمه تتقلّبون, ورزقه تأكلون.



الآية : 18


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِن تُكَذّبُواْ فَقَدْ
كَذّبَ أُمَمٌ مّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرّسُولِ إِلاّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ
}.



يقول تعالـى ذكره: وإن تكذّبوا أيها الناس
رسولنا مـحمدا صلى الله عليه وسلم فـيـما دعاكم إلـيه من عبـادة ربكم الذي خـلقكم
ورزقكم, والبراءة من الأوثان, فقد كَذّبت جماعات من قبلكم رسلَها فـيـما دعتهم
إلـيه الرسل من الـحقّ, فحلّ بها من الله سخطه, ونزل بها منه عاجل عقوبته,
فسبـيـلكم سبـيـلها فـيـما هو نازل بكم بتكذيبكم إياه وَما علـى الرّسُولِ إلاّ
البَلاغُ الـمُبِـينُ يقول: وما علـى مـحمد إلاّ أن يبلّغكمَ رسالته, ويؤدّي
إلـيكم ما أَمره بأدائه إلـيكم ربّه. ويعنـي بـالبلاغ الـمبـين: يُبِـين لـمن سمعه
ما يراد به, ويفهم به ما يعنـي به.



الآية : 19
-20



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ
يُبْدِيءُ اللّهُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ
* قُلْ سِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانظُرُواْ
كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمّ اللّهُ يُنشِىءُ النّشْأَةَ الاَخِرَةَ إِنّ اللّهَ
عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.



يقول تعالـى ذكره: أو لـم يروا كيف يستأنف
الله خـلق الأشياء طفلاً صغيرا, ثم غلاما يافعا, ثم رجلاً مـجتـمعا, ثم كهلاً.
يقال منه: أبدأ وأعاد, وبدأ وعاد, لغتان بـمعنى واحد. وقوله: ثُمّ يُعِيدُه يقول:
ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه, كما بدأه أوّل مرّة خـلقا جديدا, لا يتعذّر علـيه
ذلك إنّ ذلكَ علـى اللّهِ يَسِيرٌ سهل كما كان يسيرا علـيه إبداؤه. وبنـحو الذي
قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21105ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, فـي قوله أو لَـمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِىءُ اللّهُ الـخَـلْقَ
ثُمّ يُعِيدُهُ: بـالبعث بعد الـموت.



وقوله: قُلْ سِيرُوا فِـي الأرْضِ يقول تعالـى
ذكره لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد للـمنكرين للبعث بعد الـمـمات,
الـجاحدين الثواب والعقاب: سيروا فـي الأرض فـانظروا كيف بدأ الله الأشياء وكيف
أنشأها وأحدثها وكما أوجدها وأحدثها ابتداء, فلـم يتعذّر علـيه إحداثها مُبدئا,
فكذلك لا يتعذّر علـيه إنشاؤها معيدا ثُمّ اللّهُ يُنْشِىءُ النّشْأَةَ الاَخِرَةَ
يقول: ثم الله يبدىء تلك البدأة الاَخرة بعد الفناء. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال
أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21106ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة قُلْ سِيرُوا فِـي الأرْضِ فـانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الـخَـلْق
خَـلْق السموات والأرض ثُمّ اللّهُ يُنْشِىءُ النّشْأَةَ الاَخِرَةَ: أي البعث بعد
الـموت.



21107ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ اللّهُ
يُنْشِىءُ النّشْأةَ الاَخِرَةَ قال: هي الـحياة بعد الـموت, وهو النشور.



وقوله: إنّ اللّهَ عَلـى كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
يقول تعالـى ذكره: إن الله علـى إنشاء جميع خـلقه بعد إفنائه كهيئته قبل فنائه,
وعلـى غير ذلك مـما يشاء فعله قادر لا يُعجزه شيء أراده.



الآية : 21
-22



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يُعَذّبُ مَن يَشَآءُ
وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ *
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي السّمَآءِ وَمَا لَكُمْ
مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم الله ينشىء النشأة
الاَخرة خـلقه من بعد فنائهم, فـيعذّب من يشاء منهم علـى ما أسلف من جرمه فـي أيام
حياته, ويرحم من يشاء منهم مـمن تاب وآمن وعمل صالـحا وَإلَـيْهِ تُقْلَبُونَ
يقول: وإلـيه ترجعون وتردّون.



وأما قوله: وَما أنْتُـمْ بِـمُعْجِزِينَ فِـي
الأرْضِ وَلا فِـي السّماءِ فإن ابن زيد قال فـي ذلك ما:



حدثنـي يونس, قال: أخبرن ابن وهب, قال: قال
ابن زيد, فـي قوله وَما أنْتُـمْ بِـمُعْجِزِينَ فِـي الأرْضِ وَلا فِـي السّماءِ
قال: لا يُعجزه أهل الأرضين فـي الأرضين ولا أهل السموات فـي السموات إن عصوه,
وقرأ: مثقالُ ذَرّةٍ فـي السّموات ولا فِـي الأرض, وَلا أصْغَرُ مِنْ ذلكَ ولا
أكْبَرُ إلاّ فِـي كِتابٍ مُبِـينٍ.



وقال فـي ذلك بعض أهل العربـية من أهل البصرة:
وما أنتـم بـمعجزين من فـي الأرض ولا من فـي السماء مُعْجِزِينَ قال: وهو من غامض
العربـية للضمير الذي لـم يظهر فـي الثانـي. قال: ومثله قول حسان بن ثابت:



أمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللّهِ
مِنْكُمْويَـمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ؟



أراد: ومن ينصره ويـمدحه, فأضمر «مَنْ». قال:
وقد يقع فـي وهم السامع أن النصر والـمدح لـمَنْ هذه الظاهرة ومثله فـي الكلام:
أكرمْ من أتاك وأتـى أبـاك, وأكرم من أتاك ولـم يأت زيدا. تريد: ومن لـم يأت زيدا,
فـيكتفـي بـاختلاف الأفعال من إعادة مَنْ, كأنه قال: أمَن يهجو, ومن يـمدحه, ومن
ينصره. ومنه قول الله عزّ وجلّ: وَمَنْ هُوَ مُسْتَـخْفٍ بـاللّـيْـل وَسارِبٌ
بـالنّهارِ وهذا القول أصحّ عندي فـي الـمعنى من القول الاَخر, ولو قال قائل:
معناه: ولا أنتـم بـمعجزين فـي الأرض, ولا أنتـم لو كنتـم فـي السماء بـمعجزين كان
مذهبـا.



وقوله: وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ
وَلـيّ وَلا نَصِيرٍ يقول: وما كان لكم أيها الناس من دون الله من ولـيّ يـلـي
أموركم, ولا نصير ينصركم من الله إن أراد بكم سوءا ولا يـمنعكم منه إن أحلّ بكم
عقوبتَه.






الآية : 23


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ كَفَرُواْ
بِآيَاتِ اللّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـَئِكَ يَئِسُواْ مِن رّحْمَتِي وَأُوْلَـَئِكَ
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره: والذين كفروا حُجَجَ الله,
وأنكروا أدلته, وجحدوا لقاءه والورود علـيه, يوم تقوم الساعة أُولَئِكَ يَئِسُوا
مِنْ رَحْمَتِـي يقول تعالـى ذكره: أولئك يئسوا من رحمتـي فـي الاَخرة لـما عاينوا
ما أعدّ لهم من العذاب, وأولئك لهم عذاب مُوجِع.



فإن قال قائل: وكيف اعْترض بهذه الاَيات من
قوله وَإنْ تُكَذّبُوا فَقَدْ كَذّبَ أُمَـمٌ مِنْ قَبْلَكُمْ... إلـى قوله إنّ
فِـي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وترك ضمير قوله فَمَا كانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ وهو من قصة إبراهيـم. وقوله إنّ الّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللّهِ... إلـى قوله فـابْتَغُوا عِنْدَ اللّهِ الرّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا
لَهُ إلَـيْهِ تُرْجَعُونَ.



قـيـل: فعل ذلك كذلك, لأن الـخبر عن أمر نوح
وإبراهيـم وقومهما, وسائر مَنْ ذَكَر الله من الرسل والأمـم فـي هذه السورة
وغيرها, إنـما هو تذكير من الله تعالـى ذكره به الّذِينَ يبتدىء بذكرهم قبل
الاعتراض بـالـخبر, وتـحذير منه لهم أن يحلّ بهم ما حلّ بهم, فكأنه قـيـل فـي هذا
الـموضع: فـاعبدوه واشكروا له إلـيه ترجعون, فكذّبتـم أنتـم معشر قريش رسولكم
مـحمدا, كما كذّب أولئك إبراهيـم, ثم جَعَل مكان: فكذّبتـم: وإن تكذبوا فقد كَذّب
أمـم من قبلكم, إذ كان ذلك يدل علـى الـخبر عن تكذيبهم رسولَهم, ثم عاد إلـى
الـخبر عن إبراهيـم وقومه, وتتـميـم قصته وقصتهم بقوله فَمَا كانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ.



الآية : 24


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ اقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللّهُ مِنَ
النّارِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.


يقول تعالـى ذكره: فلـم يكن جواب قوم إبراهيـم
له إذ قال لهم: اعبدوا الله واتقوه, ذلكم خير لكم إن كنتـم تعلـمون, إلاّ
أن قال
بعضهم لبعض: اقتلوه أو حرّقوه بـالنار, ففعلوا,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:21 pm

فأرادوا إحراقه
بـالنار, فأضرموا له النار, فألقَوه فـيها, فأنـجاه الله منها, ولـم يسلطها علـيه,
بل جعلها علـيه بَرْدا وسلاما. كما:



21108ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: فَمَا كانَ جَوَابَ قوم إبراهيـم إلاّ أنْ قالُوا
اقْتُلُوهُ أوْ حَرّقُوهُ, فَأنـجاهُ اللّهُ مِنَ النّارِ قال: قال كعب: ما حرقت
منه إلاّ وثاقه إنّ فِـي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يقول تعالـى ذكره: إن
فـي إنـجائنا لإبراهيـم من النار, وقد ألقـي فـيها وهي تَسعَر, وتصيـيرها علـيه
بردا وسلاما, لأدلة وحججا لقوم يصدّقون بـالأدلة والـحجج إذا عاينوا ورأوا.



الآية : 25


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَالَ إِنّمَا
اتّخَذْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ أَوْثَاناً مّوَدّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدّنْيَا ثُمّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النّارُ وَمَا لَكُمْ مّن نّاصِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل إبراهيـم
لقومه: وَقالَ إبراهيـم لقومه: يا قوم إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ دُونِ اللّهِ
أوْثانا.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: مَوَدّةَ
بَـيْنِكُمْ فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والشأم وبعض الكوفـيـين: «مَوَدّةً» بنصب
مودة بغير إضافة بـينكم بنصبها. وقرأ ذلك بعض الكوفـيـين: مَوَدّةَ بَـيْنِكُمْ
بنصب الـمودّة وإضافتها إلـى قوله بَـيْنِكُمْ, وخفض بـينِكم. وكأن هؤلاء الذين
قرءوا قوله: مَوَدّةَ نصبـا وجّهوا معنى الكلام إلـى: إنـما اتـخذتـم أيها القوم
أوثانا مودة بـينكم, فجعلوا إنـما حرفـا واحدا, وأوقعوا قوله اتّـخَذْتـمْ علـى
الأوثان, فنصبوها بـمعنى: اتـخذتـموها مودّة بـينكم فـي الـحياة الدنـيا,
تتـحابّون علـى عبـادتها, وتتوادّون علـى خدمتها, فتتواصلون علـيها. وقرأ ذلك بعض
قرّاء أهل مكة والبصرة: «مَوَدّةُ بَـيْنِكُمْ» برفع الـمودة وإضافتها إلـى
البـين, وخفض البـين. وكأن الذين قرءوا ذلك كذلك, جعلوا «إنّ مَا» حرفـين,
بتأويـل: إن الذين اتـخذتـم من دون الله أوثانا إنـما هو مودّتكم للدنـيا, فرفعوا
مودة علـى خبر إن. وقد يجوز أن يكونوا علـى قراءتهم ذلك رفعا بقوله «إنـما» أن
تكون حرفـا واحدا, ويكون الـخبر متناهيا عند قوله إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ
دُونِ اللّهِ أوْثانا ثم يبتدىءُ الـخبر فـيقال: ما مودتكم تلك الأوثان بنافعتكم,
إنـما مودّة بـينكم فـي حياتكم الدنـيا, ثم هي منقطعة, وإذا أريد هذا الـمعنى كانت
الـمودّة مرفوعة بـالصفة بقوله فِـي الـحَياةِ الدّنْـيا وقد يجوز أن يكونوا
أرادوا برفع الـمودّة, رفعها علـى ضمير هي.



وهذه القراءات الثلاث متقاربـات الـمعانـي, لأن
الذين اتـخذوا الأوثان آلهة يعبدونها, اتـخذوها مودة بـينهم, وكانت لهم فـي
الـحياة الدنـيا مودة, ثم هي عنهم منقطعة, فبأيّ ذلك قرأ القارىء فمصيب, لتقارب
معانـي ذلك, وشهرة القراءة بكلّ واحدة منهنّ فـي قرّاء الأمصار. وبنـحو الذي قلنا
فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21109ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَقالَ إنّـمَا اتّـخَذْتُـمْ مِنْ دُونِ اللّهِ أوْثانا مَوَدّةَ
بَـيْنِكُمْ فِـي الـحَياةِ الدنْـيا, ثمّ يَوْمَ الْقِـيَامَةِ يَكْفُرُ
بَعْضُكُمْ ببَعْضٍ, وَيَـلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضا قال: صارت كلّ خُـلّة فـي
الدنـيا عداوة علـى أهلها يوم القـيامة إلاّ خُـلّة الـمتقـين.



وقوله: ثُمّ يَوْمَ القِـيامَةِ يَكْفُرُ
بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ, وَيَـلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضا يقول تعالـى ذكره: ثم يوم
القـيامة أيها الـمتوادّون علـى عبـادة الأوثان والأصنام, والـمتواصلون علـى
خدماتها عند ورودكم علـى ربكم, ومعاينتكم ما أعدّ الله لكم علـى التواصل, والتوادّ
فـي الدنـيا من ألـم العذاب يَكْفر بعضكم ببعض يقول: يتبرأ بعضكم من بعض, ويـلعن
بعضُكم بعضا.



وقوله: ومَأْوَاكُمُ النّارُ يقول جلّ ثناؤه:
ومصير جميعكم أيها العابدون الأوثان وما تعبدون النارُ ومَا لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ
يقول: وما لكم أيها القوم الـمتـخذو الاَلهة, من دون الله مودّة بـينكم من أنصار
ينصرونكم من الله حين يصلـيكم نار جهنـم, فـينقذونكم من عذابه.



الآية : 26


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ
وَقَالَ إِنّي مُهَاجِرٌ إِلَىَ رَبّيَ إِنّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.



يقول تعالـى ذكره: فصدّق إبراهيـمَ خـلـيـلَ
الله لوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي يقول: وقال إبراهيـم: إنـي مهاجر دار
قومي إلـى ربـي إلـى الشام. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من
قال ذلك:



21110ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ
قال: صدّق لوط وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: هو إبراهيـم.



21111ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قتادة, قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي فصدّقه لوط وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ
إلـى رَبّـي قال: هاجَرا جميعا من كوثى, وهي من سواد الكوفة إلـى الشام. قال: وذُكر
لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إنها سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ
هِجْرَةٍ, يَنْـحازُ أهْلُ الأرْضِ إلـى مُهاجَرِ إبْرَاهِيـمَ, وَيَبْقَـي فِـي
الأرْضِ شِرَارُ أهْلِها, حتـى تَلْفِظَهُمْ وَتَقْذَرَهُمْ وتَـحْشُرَهُمُ
النّارُ مَعَ القِرَدَةِ والـخَنازِيرِ».



21112ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ قال: صدّقه لوط, صدق إبراهيـم قال:
أرأيت الـمؤمنـين, ألـيس آمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به؟ قال:
فـالإيـمان: التصديق. وفـي قوله: إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي قال: كانت هِجْرته
إلـى الشأم.



وقال ابن زيد فـي حديث الذئب الذي كلـم الرجل,
فأخبر به النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«فآمَنْتُ لَهُ أنا وأبُو بَكْرٍ وعُمَر, ولَـيْسَ أبُو بَكْرٍ ولا عُمَرُ مَعَهُ»
يعنـي آمنت له: صدّقته.



21113ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إنّـي مُهاجِرٌ إلـى
رَبّـي قال: إلـى حَرّان, ثم أُمر بعد بـالشأم الذي هاجر إبراهيـم, وهو أوّل من
هاجَر يقول: فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إبْراهِيـمُ إنّـي مُهاجِرٌ... الاَية.



21114ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله فآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ
إنّـي مُهاجِرٌ إلـى رَبّـي إبراهيـم القائل: إنـي مهاجر إلـى ربـي.



وقوله: إنّهُ هُوَ العَزِيزُ الـحَكِيـمُ يقول:
إن ربـي هو العزيز الذي لا يذِلّ من نَصَره, ولكنه يـمنعه مـمن أراده بسوء, وإلـيه
هجرته, الـحكيـم فـي تدبـيره خـلقه, وتصريفه إياهم فـيـما صرفهم فـيه.



الآية : 27


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَوَهَبْنَا لَهُ
إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرّيّتِهِ النّبُوّةَ وَالْكِتَابَ
وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدّنْيَا وَإِنّهُ فِي الاَخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ
}.



يقول تعالـى ذكره: ورزقناه من لدنا إسحاق
ولدا, ويعقوبَ من بعده وَلَدَ وَلَدٍ. كما:



21115ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: وَوَهَبْنا لَهُ
إسحَاقَ وَيَعْقُوبَ قال: هما ولدا إبراهيـم.



وقوله: وَجَعَلْنا فِـي ذُرّيّتِهِ النّبَوّةَ
والكِتابَ بـمعنى الـجمع, يراد به الكتب, ولكنه خُرّج مُخْرج قولهم: كثر الدرهم
والدينار عند فلان.



وقوله: وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا
يقول تعالـى ذكره: وأعطيناه ثواب بلائه فـينا فـي الدنـيا وَإنّهُ مع ذلك فـي
الاَخِرةِ لَـمِنَ الصّالِـحينَ فله هناك أيضا جزاء الصالـحين, غير منتقص حَظّه
بـما أعطى فـي الدنـيا من الأجر علـى بلائه فـي الله, عما له عنده فـي الاَخرة.



وقـيـل: إن الأجر الذي ذكره الله عزّ وجلّ, أنه
آتاه إبراهيـم فـي الدنـيا هو الثناء الـحسن, والولد الصالـح. ذكر من قال ذلك:



21116ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن
يـمان, عن سفـيان, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وآتَـيْناه أجْرَهُ فِـي
الدّنْـيا قال: الثناء.



21117ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا ابن
إدريس, عن لـيث قال: أرسل مـجاهد رجلاً يقال له قاسم إلـى عكرِمة يسأله عن قوله
وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا. وَإنّهُ فِـي الاَخِرَةِ لَـمِنَ
الصّالِـحِينَ قال: قال أجره فـي الدنـيا أن كل ملة تتولاه, وهو عند الله من
الصالـحين, قال: فرجع إلـى مـجاهد فقال: أصاب.



21118ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن
يـمان, عن مندل, عمن ذكره, عن ابن عبـاس وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا قال:
الولد الصالـح والثناء.



حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا يقول:
الذكر الـحسن.



21119ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وآتَـيْناهُ أجْرَهُ فِـي الدّنْـيا قال: عافـية وعملاً
صالـحا, وثناء حسنا, فلست بلاق أحدا من الـملل إلا يرى إبراهيـم ويتولاه وَإنّهُ
فِـي الاَخِرَةِ لَـمِنَ الصّالِـحِينَ.



الآية : 28


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ إِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مّنَ الْعَالَمِينَ }.



يقول
تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر لوطا إذ قال لقومه: إنكم
لتأتون الذكران ما سَبَقَكُمْ بِها يعنـي بـالفـاحشة التـي كانوا يأتونها, وهي
إتـيان الذكران مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21120ـ حدثنـي مـحمد بن خالد بن خداش ويعقوب بن
إبراهيـم, قالا: حدثنا إسماعيـل بن علـية, عن ابن أبـي نـجيح, عن عمرو بن دينار,
فـي قوله إنّكُم لَتَأْتُونَ الفَـاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أحَدٍ مِنَ
العالَـمِينَ قال: ما نَزَا ذَكَرٌ علـى ذَكَر حتـى كان قوم لوط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:21 pm

الآية : 29


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَئِنّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللّهِ إِن كُنتَ
مِنَ الصّادِقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل لوط لقومه
أئِنّكُمْ أيها القوم لَتأْتُونَ الرّجالَ فـي أدبـارهم وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ
يقول: وتقطعون الـمسافرين علـيكم بفعلكم الـخبـيث, وذلك أنهم فـيـما ذُكر عَنْهم
كانوا يفعلون ذلك بـمن مرّ علـيهم من الـمسافرين, من ورد بلادهم من الغربـاء. ذكر
من قال ذلك:



21121ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ قال: السبـيـل: الطريق. الـمسافر
إذا مرّ بهم, وهو ابن السبـيـل قَطَعوا به, وعملوا به ذلك العمل الـخبـيث.



وقوله: وَتأتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ
اختلف أهل التأويـل فـي الـمنكر الذي عناه الله, الذي كان هؤلاء القوم يأتونه فـي
ناديهم, فقال بعضهم: كان ذلك أنهم كانوا يتضارطُون فـي مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:



21122ـ حدثنـي عبد الرحمن بن الأسود, قال:
حدثنا مـحمد بن ربـيعة, قال: حدثنا رَوْح بن عُطيفة الثقـفـيّ, عن عمرو بن صعب, عن
عروة بن الزبـير, عن عائشة, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال:
الضراط.



وقال آخرون: بل كان ذلك أنهم كانوا يخذفون من
مر بهم. ذكر من قال ذلك:



21123ـ حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع قالا: حدثنا
أبو أسامة, عن حاتـم بن أبـي صغيرة, عن سماك بن حرب, عن أبـي صالـح, عن أمّ هانىء,
قالت: سألت النبـيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ
الـمُنْكَرَ قالَ: «كانُوا يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ»
فهو الـمنكر الذي كانوا يأتون.



21124ـ حدثنا الربـيع, قال: حدثنا أسد, قال:
حدثنا أبو أُسامة, بإسناده عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, مثله.



حدثنا أحمد بن عبدة الضبـي, قال: حدثنا سلـيـم
بن أخضر, قال: حدثنا أبو يونس القُشَيري, عن سِماك بن حرب, عن أبـي صالـح مولـى
أمّ هانىء, أن أمّ هانىء سُئلت عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ
الـمُنْكَرَ فقالت: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «كانُوا
يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ, وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ».



21125ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا عمر بن أبـي زائدة, قال: سمعت عكرِمة يقول فـي قوله وتَأْتُونَ
فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يُؤْذون أهل الطريق يخذفون من مَرّ بهم.



حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي, عن عمر بن
أبـي زائدة, قال: سمعت عكرِمة قال: الـخذف.



21126ـ حدثنا موسى, قال: أخبرنا عمرو, قال:
حدثنا أسبـاط, عن السديّ وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان كلّ من
مرّ بهم خذفوه فهو الـمنكر.



حدثنا الربـيع, قال: حدثنا أسد, قال: حدثنا
سعيد بن زيد, قال: حدثنا حاتـم بن أبـي صغيرة, قال: حدثنا سِماك بن حرب, عن
بـاذام, عن أبـي صالـح مولـى أمّ هانىء, عن أمّ هانىء, قالت: سألت رسول الله
صَلّـى اللّهُ عَلَـيْهِ وَسَلّـمَ عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ
الـمُنْكَرَ قال: «كانُوا يَجْلِسُونَ بـالطّرِيقِ, فَـيَخْذِفُونَ أبْناءَ
السّبِـيـلِ, وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ».



وقال بعضهم: بل كان ذلك إتـيانهم الفـاحشة فـي
مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:



21127ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن
منصور, عن مـجاهد, قال: كان يأتـي بعضهم بعضا فـي مـجالسهم, يعنـي قوله وتَأْتُونَ
فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ.



حدثنا سلـيـمان بن عبد الـجبـار, قال: حدثنا
ثابت بن مـحمد اللـيثـيّ, قال: حدثنا فضيـل بن عياض, عن منصور بن الـمعتـمر, عن
مـجاهد, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يجامع بعضهم
بعضا فـي الـمـجالس.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن
منصور, عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يأتـي بعضهم
بعضا فـي الـمـجالس.



حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي, عن سفـيان,
عن منصور, عن مـجاهد, قال: كانوا يجامعون الرجال فـي مـجالسهم.



حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: الـمـجالس,
والـمنكَر: إتـيانهم الرجال.



21128ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يأتون
الفـاحشة فـي ناديهم.



21129ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: ناديهم:
الـمـجالس, والـمنكر: عملهم الـخبـيث الذي كانوا يعملونه, كانوا يعترضون بـالراكب
فـيأخذونه ويركبونه. وقرأ أتأْتُونَ الفـاحِشَةَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ, وقرأ ما
سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ.



21130ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله وتَأتُونَ فِـي نادِيكُمُ
الـمُنْكَرَ يقول: فـي مـجالسكم.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
معناه: وتـحذفون فـي مـجالسكم الـمارّة بكم, وتسخَرون منهم لـما ذكرنا من الرواية
بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وقوله: فَمَا كانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاّ أنْ
قالُوا ائْتِنا بعَذَابِ اللّهِ إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِـينَ يقول تعالـى ذكره:
فلـم يكن جواب قوم لُوط إذ نهاهم عما يكرهه الله من إتـيان الفواحش التـي حرمها
الله إلا قَـيـلهم: ائتنا بعذاب الله الذي تعدنا, إن كنت من الصادقـين فـيـما
تقول, والـمنـجزين لـما تعد.



الآية : 30
-31



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ رَبّ انصُرْنِي
عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمّا
جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىَ قَالُوَاْ إِنّا مُهْلِكُوَ أَهْلِ
هَـَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلـما جاءَتْ رُسُلُنا
إبْراهِيـمَ بـالبُشْرَى من الله بإسحاق, ومن وراء إسحاق يعقوب, قالُوا إنّا
مُهْلِكُوا أهْلِ هَذِهِ القَرْيَةِ يقول: قالت رسل الله لإبراهيـم: إنا مهلكو أهل
هذه القرية, قرية سَدُوم, وهي قرية قوم لوط إنّ أهْلَها كانُوا ظالِـمِينَ يقول:
إن أهلها كانوا ظالـمي أنفسهم بـمعصيتهم الله, وتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم.



21131ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله ولَـمّا جاءَتْ
رُسُلُنا إبْرَاهِيـمَ بـالبُشْرَى... إلـى قوله نَـحْنُ أعْلَـمُ بِـمَنْ فِـيها
قال: فجادل إبراهيـم الـملائكة فـي قوم لوط أن يتركوا, قال: فقال أرأيتـم إن كان
فـيها عشرة أبـيات من الـمسلـمين أتتركونهم؟ فقالت الـملائكة: لـيس فـيها عشرة
أبـيات, ولا خمسة, ولا أربعة, ولا ثلاثة, ولا اثنان قال: فحَزِن علـى لوط وأهل
بـيته, فقال إنّ فِـيها لُوطا, قالُوا نَـحْنُ أعْلَـمُ بِـمَنْ فِـيها,
لَنُنَـجّيَنّه وأهْلَهُ, إلاّ امْرأتَهُ كانَتْ مِنَ الغابِرِينَ فذلك قوله:
يُجادِلُنا فِـي قَوْمِ لُوطٍ, إنّ إبْرَاهِيـم لَـحَلِـيـمٌ أوّاهٌ مُنِـيبٌ.
فقالت الـملائكة: يا إبْرَاهِيـمُ أعْرِضْ عَنْ هَذَا, إنّهُ قَدْ جاءَ أمْرُ رَبّكَ,
وإنّهُمْ آتِـيهِمْ عَذابٌ غيرُ مَرْدودٍ فبعث الله إلـيهم جبرائيـل صلى الله عليه
وسلم, فـانتسف الـمدينة وما فـيها بأحد جناحية, فجعل عالـيها سافلها, وتتبعهم
بـالـحجارة بكل أرض.






الآية : 32


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ إِنّ فِيهَا لُوطاً
قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجّيَنّهُ وَأَهْلَهُ إِلاّ
امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: قال إبراهيـم للرسل من
الـملائكة, إذ قالوا له: إنّا مُهْلِكُوا أهْلِ هَذِهِ القَرْيَةِ إنّ أهْلَها
كانُوا ظالِـمِينَ فلـم يستثنوا منهم أحدا, إذ وصفوهم بـالظلـم: إن فـيها لوطا,
ولـيس من الظالـمين, بل هو من رسل الله, وأهل الإيـمان به, والطاعة له, فقالت
الرسل له: نَـحْنُ أعْلَـمُ بِـمَنْ فِـيها من الظالـمين الكافرين بـالله منك, وإن
لوطا لـيس منهم, بل هو كما قلت من أولـياء الله, لننـجّينه وأهله من الهلاك الذي
هو نازل بأهل قريته إلاّ امْرأتَهُ كانَتْ مِنَ الغابِرِينَ الذين أبقتهم الدهور
والأيام, وتطاولت أعمارهم وحياتهم, وأنهم هالكة من بـين أهل لوط مع قومها.



الآية : 33


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَمّآ أَن جَآءَتْ
رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ
وَلاَ تَحْزَنْ إِنّا مُنَجّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ
الْغَابِرينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولَـمّا أنْ جاءَتْ
رُسُلُنا لُوطا من الـملائكة سِيءَ بِهِمْ يقول: ساءته الـملائكة بـمـجيئهم إلـيه,
وذلك أنهم تَضَيفوه, فساءوه بذلك, فقوله سِيءَ بِهِمْ: فُعِلَ بهم, مِنْ ساءه
بذلك.



وذُكر عن قتادة أنه كان يقول: ساء ظنه بقومه,
وضاق بضيفه ذَرْعا.



21132ـ حدثنا بذلك الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا
عبد الرزاق, قال: أخبرنا مَعمَر عنه وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعا يقول: وضاق ذرعه
بضيافتهم لِـما علـم من خُبث فعل قومه. كما:



حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد,
عن قَتادة, قوله ولَـمّا أنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ
ذَرْعا قال: بـالضيافة مخافة علـيهم مـما يعلـم من شرّ قومه.



وقوله: وقَالُوا لا تَـخَفْ وَلا تَـحْزَنْ
يقول تعالـى ذكره: قالت الرسل للوط: لا تـخف علـينا أن يصل إلـينا قومك, ولا
تـحزَن مـما أخبرناك من أنّا مهلكوهم, وذلك أن الرسل قالت له: يا لُوطُ إنّا
رُسُلُ رَبّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَـيْكَ فَأسْرِ بأهْلِكَ بقِطْعٍ مِنَ اللّـيْـلِ
إنّا مَنَـجّوكَ من العذاب الذي هو نازل بقومك وأهْلَكَ يقول: ومنـجو أهلِك معك
إلاّ امْرأتَكَ فإنها هالكة فـيـمن يهلك من قومها, كانت من البـاقـين الذين طالت
أعمارهم.



الآية : 34


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّا مُنزِلُونَ عَلَىَ
أَهْلِ هَـَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مّنَ السّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل الرسل للوط
إنّا مُنْزِلُونَ يا لُوط عَلـى أهْلِ هَذِهِ القَرْيَةِ سَدُوم رِجْزا مِنَ
السّماءِ يعنـي عذابـا. كما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:23 pm

21133ـ حدثنا بشر, قال:
حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قَتادة إنّا مُنْزِلُونَ عَلـى أهْلِ هَذِهِ
القَرْيَةِ رِجْزا: أي عذابـا.



وقد بـيّنا معنى الرجز وما فـيه من أقوال أهل
التأويـل فـيـما مضى, بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وقوله: بِـمَا كانُوا يَفْسُقُونَ يقول: بـما
كانوا يأتون من معصية الله, ويركبون من الفـاحشة.



الآية : 35


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَد تّرَكْنَا مِنْهَآ
آيَةً بَيّنَةً لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد أبقـينا من فَعْلتنا
التـي فَعَلْنا بهم آية, يقول: عبرة بـينة وعظة واعظة, لقوم يعقلون عن الله حُجَجه,
ويتفكرون فـي مواعظه, وتلك الاَية البـينة هي عندي عُفُوّ آثارهم, ودروس معالـمهم.



وذُكر عن قتادة فـي ذلك ما:


21134ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَـيّنَةً لقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
قال: هي الـحجارة التـي أُمطرت علـيهم.



21135ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله مِنْها آيَةً بَـيّنَةً قال: عِبرة.



الآية : 36


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِلَىَ مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَارْجُواْ الْيَوْمَ
آلاَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وأرسلت إلـى مَدْين أخاهم
شعيبـا, فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده, وذِلّوا له بـالطاعة, واخضعوا له
بـالعبـادة وَارْجُوا الـيَوْمَ الاَخِرَ يقول: وارجوا بعبـادتكم إياي جزاءَ
الـيوم الاَخر, وذلك يوم القـيامة وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ يقول:
ولا تكثرِوا فـي الأرض معصية الله, ولا تقـيـموا علـيها, ولكن توبوا إلـى الله
منها وأنـيبوا.



وقد كان بعض أهل العلـم بكلام العرب يتأوّل
قوله: وَارْجُوا الـيَوْمَ الاَخِرَ بـمعنى: واخشَوُا الـيوم الاَخر. وكان غيره من
أهل العلـم بـالعربـية يُنكر ذلك ويقول: لـم نـجد الرجاء بـمعنى الـخوف فـي كلام
العرب إلاّ إذا قارنه الـجَحْد.



الآية : 37


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَكَذّبُوهُ
فَأَخَذَتْهُمُ الرّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فكذّب أهل مَدين شعيبـا
فـيـما أتاهم به عن الله من الرسالة, فأخذتهم رَجْفة العذاب فأصبحوا فـي دارهم
جاثمين جُثوما, بعضهم علـى بعض مَوْتَـى. كما:



21136ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة فَأصْبَحُوا فِـي دَارِهِمْ جاثِمِين: أي ميتـين.



الآية : 38


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد
تّبَيّنَ لَكُم مّن مّسَاكِنِهِمْ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ
فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: واذكروا أيها القوم عادا
وثمود, وقد تبـين لكم من مساكنهم خرابُها وخلاؤُها منهم بوقائعنا بهم, وحلول
سَطْوتنا بجميعهم وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطانُ أعْمالَهمْ يقول: وحسّن لهم الشيطان
كفرهم بـالله, وتكذيبَهم رسله فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِـيـلِ يقول: فردّهم بتزيـينه
لهم ما زيّن لهم من الكفر, عن سبـيـل الله, التـي هي الإيـمان به ورسله, وما
جاءوهم به من عند ربهم وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ يقول: وكانوا مستبصرين فـي
ضلالتهم, مُعْجَبـين بها, يحسِبون أنهم علـى هدى وصواب, وهم علـى الضلال. وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21137ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله فَصَدّهُمْ عَنِ
السّبِـيـلِ, وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ يقول: كانوا مستبصرين فـي دينهم.



21138ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فـي الضلالة.



21139ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ فـي ضلالتهم مُعْجَبـين بها.



21140ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله وكانُوا مُسْتَبْصرِينَ
يقول: فـي دينهم.



الآية : 39


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مّوسَىَ بِالْبَيّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي
الأرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: واذكر يا مـحمد قارون
وفرعون وهامان, ولقد جاء جميعهم موسى بـالبـيّنات, يعنـي بـالواضحات من الاَيات,
فـاستكبروا فـي الأرض عن التصديق بـالبـينات من الاَيات, وعن اتبـاع موسى صلوات
الله علـيه وما كانوا سابقـين: يقول تعالـى ذكره: وما كانوا سابقـينا بأنفسهم,
فـيفوتونا, بل كنا مقتدرين علـيهم.



الآية : 40


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَكُلاّ أَخَذْنَا
بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مّنْ
أَخَذَتْهُ الصّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مّنْ
أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـَكِن كَانُوَاْ أَنفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فأخذنا جميع هذه الأمـم
التـي ذكرناها لك يا مـحمد بعذابنا فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا عَلَـيْهِ حاصِبـا
وهم قوم لُوط, الذين أمطر الله علـيهم حجارة من سجِيـل مَنضُود, والعرب تسمي الريح
العاصف التـي فـيها الـحصى الصغار أو الثلـج أو البَرَد والـجلـيد حاصبـا ومنه قول
الأخطل:



وَلقدْ عَلِـمْتُ إذا العِشارُ تَرَوّحَتْهَدَجَ
الرّئالِ يَكُبّهُنّ شَمالا



تَرْمي العِضَاهَ بحاصِبٍ مِن ثَلْـجِهاحتـى
يَبِـيتَ علـى العِضَاهِ جُفـالا



وقال الفرزدق:


مُسْتَقْبِلِـينَ شَمالَ الشّأْمِ تَضْرِبُنابحاصِبٍ
كَنَدِيفِ القُطْنِ مَنْثُورِ



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



21141ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا
عَلَـيْهِ حاصِبـا قوم لوط.



21142ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة فَمِنْهُمْ مَنْ أرْسَلْنا عَلَـيْهِ حاصبـا وهم قوم لوط.
وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ الصّيْحَةُ. اختلف أهل التأويـل فـي الذين عُنوا بذلك,
فقال بعضهم: هم ثمود قوم صالـح. ذكر من قال ذلك:



21143ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ
الصّيْحَةُ ثمود.



وقال آخرون: بل هم قوم شعيب. ذكر من قال ذلك:


21144ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَمِنْهُمْ مَنْ أخَذَتْهُ الصّيْحَةُ قوم شعيب.



والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله قد
أخبر عن ثمود وقوم شعيب من أهل مدين أنه أهلكهم بـالصيحة فـي كتابه فـي غير هذا
الـموضع, ثم قال جلّ ثناؤه لنبـيه صلى الله عليه وسلم: فمن الأمـم التـي أهلكناهم
من أرسلنا علـيهم حاصبـا, ومنهم مَنْ أخذته الصيحة, فلـم يخصُصِ الـخبر بذلك عن
بعض مَنْ أخذته الصيحة من الأمـم دون بعض, وكلا الأمتـين أعنـي ثمود ومَدين قد
أخذتهم الصّيحة.



وقوله: وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الأرْضَ:
يعنـي بذلك قارون. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21145ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ
الأرْضِ قارون وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا يعنـي: قوم نوح وفرعون وقومه.



واختلف أهل التأويـل فـي ذلك, فقال بعضهم:
عُنـي بذلك: قومُ نوح علـيه السلام. ذكر من قال ذلك:



21146ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا قومُ
نوح.



وقال آخرون: بل هم قوم فرعون. ذكر من قال ذلك:


21147ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَمِنْهُمْ مَنْ أغْرَقْنا قوم فرعون.



والصواب من القول فـي ذلك, أن يُقال: عُنـي به
قوم نوح وفرعونُ وقومه, لأن الله لـم يخصص بذلك إحدى الأمتـين دون الأخرى, وقد كان
أهلكهما قبل نزول هذا الـخبر عنهما, فهما مَعْنـيتان به.



وقوله: وَما كانَ اللّهُ لِـيَظْلِـمَهُمْ
وَلَكِنْ كانُوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِـمُونَ يقول تعالـى ذكره: ولـم يكن الله لـيهلك
هؤلاء الأمـم الذين أهلكهم بذنوب غيرهم, فـيظلـمَهم بإهلاكه إياهم بغير استـحقاق,
بل إنـما أهلكهم بذنوبهم, وكفرهم بربهم, وجحودهم نعمه علـيهم, مع تتابع إحسانه
علـيهم, وكثرة أياديه عندهم, ولكن كانوا أنفسهم يظلـمون بتصرّفهم فـي نعم ربهم,
وتقلبهم فـي آلائه وعبـادتهم غيره, ومعصيتهم من أنعم علـيهم.



الآية : 41


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مَثَلُ الّذِينَ
اتّخَذُواْ مِن دُونِ اللّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتّخَذَتْ
بَيْتاً وَإِنّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ
يَعْلَمُونَ }.


يقول تعالـى ذكره: مثل الذين اتـخذوا الاَلهة
والأوثان من دون الله أولـياء يرجون نَصْرها ونفعها عند حاجتهم إلـيها فـي ضعف
احتـيالهم, وقبح رواياتهم, وسوء اختـيارهم لأنفسهم, كمَثلِ العنكبوت فـي ضعفها,
وقلة احتـيالها لنفسها, اتـخذت بـيتا لنفسها, كيـما
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:24 pm

يُكِنّها, فلـم يغن
عنها شيئا عند حاجتها إلـيه, فكذلك هؤلاء الـمشركون لـم يغن عنهم حين نزل بهم أمر
الله, وحلّ بهم سخطه أولـياؤُهم الذين اتـخذوهم من دون الله شيئا, ولـم يدفعوا
عنهم ما أحلّ الله بهم من سخطه بعبـادتهم إياهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21148ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله مَثَلُ الّذِينَ
اتّـخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أوْلِـياءَ كمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتّـخَذَتْ
بَـيْتا... إلـى آخر الاَية, قال: ذلك مثل ضربه الله لـمن عبد غيره, إن مثله كمثل
بـيت العنكبوت.



21149ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله مَثَلُ الّذِينَ اتّـخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أوْلـياءَ
كمَثَلِ العَنْكَبُوتِ قال: هذا مثل ضربه الله للـمشرك مثَلُ إلهه الذي يدعوه من
دون الله كمثل بـيت العنكبوت واهن ضعيف لا ينفعه.



21150ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله مَثَلُ الّذِينَ اتّـخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أوْلِـياء
كمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتّـخَذَتْ بَـيْتا قال: هذا مثل ضربه الله, لا يغنـي
أولـياؤهم عنهم شيئا كما لا يغنـي العنكبوت بـيتها هذا.



وقوله: وإنّ أوْهَنَ البُـيُوتِ يقول: وإن أضعف
البـيوت لَبَـيْتُ العَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَـمُونَ يقول تعالـى ذكره: لو
كان هؤلاء الذين اتـخذوا من دون الله أولـياء, يعلـمون أن أولـياءهم الذين
اتـخذوهم من دون الله فـي قلة غنائهم عنهم, كغناء بـيت العنكبوت عنها, ولكنهم
يجهلون ذلك, فـيحسبون أنهم ينفعونهم ويقرّبونهم إلـى الله زلفـى.



الآية : 42
-43



القول فـي تأويـل قوله
تعالـى: {إِنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا
يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ
وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاّ الْعَالِمُونَ }.



اختلف القرّاء فـي قراءة قوله: إنّ اللّهَ
يَعْلَـمُ ما يدْعُونَ فقرأته عامة قرّاء الأمصار «تَدْعُونَ» بـالتاء بـمعنى
الـخطاب لـمشركي قريش إنّ اللّهَ أيها الناس «يَعْلَـمُ ما تَدْعُونَ إلَـيْهِ
مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ». وقرأ ذلك أبو عمرو: إنّ اللّهَ يَعْلَـمُ ما يَدْعُونَ
بـالـياء بـمعنى الـخبر عن الأمـم, إن الله يعلـم ما يدعو هؤلاء الذين أهلكناهم من
الأمـم من دونه من شيء.



والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا, قراءة من
قرأ بـالتاء, لأن ذلك لو كان خبرا عن الأمـم الذين ذكر الله أنه أهلكهم, لكان
الكلام: إن الله يعلـم ما كانوا يدعون, لأن القوم فـي حال نزول هذا الـخبر علـى
نبـيّ الله لـم يكونوا موجودين, إذ كانوا قد هلكوا فبـادوا, وإنـما يقال: إن الله
يعلـم ما تدعون إذا أريد به الـخبر عن موجودين, لا عمن قد هلك.



فتأويـل الكلام إذ كان الأمر كما وصفنا: إن
الله يعلـم أيها القوم حال ما تعبدون من دونه من شيء, وأن ذلك لا ينفعكم ولا يضرّكم,
إن أراد الله بكم سوءا, ولا يغنـي عنكم شيئا وإن مثله فـي قلة غنائه عنكم, مَثَلُ
بـيت العنكبوت فـي غنَائه عنها.



وقوله: وَهُوَ العَزِيزُ الـحَكِيـمُ يقول:
والله العزيز فـي انتقامه مـمن كفر به, وأشرك فـي عبـادته معه غيره فـاتقوا أيها
الـمشركون به عقابه بـالإيـمان به قبل نزوله بكم, كما نزل بـالأمـم الذين قصّ الله
قصصهم فـي هذه السورة علـيكم, فإنه إن نزل بكم عقابُه لـم تغن عنكم أولـياؤكم
الذين اتـخذتـموهم من دونه أولـياء, كما لـم يُغْنِ عنهم من قبلكم أولـياؤهم الذين
اتـخذوهم من دونه, الـحكيـم فـي تدبـيره خـلقه, فمُهلك من استوجب الهلاك فـي
الـحال التـي هلاكه صلاح, والـمؤخر من أخّر هلاكه من كفرة خـلقه به إلـى الـحين
الذي فـي هلاكه الصلاح.



وقوله: وَتِلكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها للنّاسِ
يقول تعالـى ذكره: وهذه الأمثال, وهي الأشبـاه والنظائر نضربها للناس يقول: نـمثلها
ونشبهها ونـحتـجّ بها للناس, كما قال الأعشى:



هَلْ تَذْكُرَ العَهْدَ مِنْ تَنَـمّصَ
إذْتَضْرِبُ لـي قاعِدا بِها مَثَلا



وَما يَعْقلُها إلاّ العالِـمُونَ يقول تعالـى
ذكره: وما يعقل أنه أصيب بهذه الأمثال التـي نضربها للناس منهم الصواب والـحقّ
فـيـما ضربت له مثلاً إلاّ العالـمون بـالله وآياته.






الآية : 44


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {خَلَقَ اللّهُ
السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقّ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّلْمُؤْمِنِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: خـلق الله يا مـحمد السموات والأرض وحده منفردا بخـلقها, لا يشركه فـي
خـلقها شريك إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً: يقول إن فـي خـلقه ذلك لـحجة لـمن صدق
بـالـحجج إذا عاينها, والاَيات إذا رآها.



الآية : 45


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {اتْلُ مَا أُوْحِيَ
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصّلاَةَ إِنّ الصّلاَةَ تَنْهَىَ عَنِ
الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا
تَصْنَعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم اتْلُ يعنـي اقرأ ما أُوحِيَ إلَـيْكَ مِنَ الكِتابِ يعنـي ما أنزل إلـيك من
هذا القرآن وأقِمِ الصّلاة يعنـي: وأدّ الصلاة التـي فرضها الله علـيك بحدودها إنّ
الصّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَر.



اختلف أهل التأويـل فـي معنى الصلاة التـي ذكرت
فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: عنى بها القرآن الذي يقرأ فـي موضع الصلاة, أو فـي
الصلاة. ذكر من قال ذلك:



21151ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان,
عن أبـي الوفـاء, عن أبـيه, عن ابن عمر إنّ الصّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ
وَالـمُنْكَرِ قال: القرآن الذي يقرأ فـي الـمساجد.



وقال آخرون: بل عنى بها الصلاة. ذكر من قال
ذلك:



21152ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله إنّ الصّلاة تَنْهَى عَنِ
الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ يقول: فـي الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا
خالد بن عبد الله, عن العلاء بن الـمسيب, عمن ذكره, عن ابن عبـاس, فـي قول الله
إنّ الصّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ من لـم تنهه صلاته عن الفحشاء
والـمنكر لـم يزدد بصلاته إلاّ بُعْدا.



21153ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا خالد, قال: قال العلاء بن الـمسيب, عن سمرة بن عطية, قال: قـيـل لابن مسعود,
إن فلانا كثـير الصلاة, قال: فإنها لا تنفع إلاّ من أطاعها.



قال: ثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو معاوية, عن
الأعمش, عن مالك بن الـحارث, عن عبد الرحمن بن يزيد, عن ابن مسعود, قال: من لـم
تأمره صلاته بـالـمعروف, وتنهه عن الـمنكر, لـم يزدد بها من الله إلاّ بعدا.



21154ـ قال: ثنا الـحسين, قال: حدثنا علـيّ بن
هاشم بن البريد, عن جُوَيبر, عن الضحاك, عن ابن مسعود, عن النبـيّ صلى الله عليه
وسلم أنه قال: «لا صَلاةَ لِـمَنْ لَـمْ يُطِعِ الصّلاةَ, وَطاعَةُ الصّلاةِ أنْ
تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ» قال: قال سفـيان قالُوا يا شُعَيْبُ
أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ قال: فقال سفـيان: إي والله تأمره وتنهاه.



21155ـ قال علـي: وحدثنا إسماعيـل بن مسلـم, عن
الـحسن, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلـى صَلاةً لَـمْ
تَنْهَهُ عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ لَـمْ يَزْدَدْ بِها مِنَ اللّهِ إلاّ
بُعْدا».



حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن يونس,
عن الـحسن, قال: الصلاة إذا لـم تنهه عن الفحشاء والـمنكر, قال: من تنهه صلاته عن
الفحشاء والـمنكر, لـم يزدد من الله إلاّ بعدا.



حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد,
عن قتادة والـحسن, قالا: من لـم تنهه صلاته عن الفحشاء والـمنكر, فإنه لا يزداد من
الله بذلك إلاّ بعدا.



والصواب من القول فـي ذلك أن الصلاة تنهى عن
الفحشاء والـمنكر, كما قال ابن عبـاس وابن مسعود.



فإن قال قائل: وكيف تنهى الصلاة عن الفحشاء
والـمنكر إن لـم يكن معنـيا بها ما يتلـى فـيها؟ قـيـل: تنهى من كان فـيها, فتـحول
بـينه وبـين إتـيان الفواحش, لأن شغله بها يقطعه عن الشغل بـالـمنكر, ولذلك قال
ابن مسعود: من لـم يطع صلاته لـم يزدد من الله إلاّ بعدا. وذلك أن طاعته لها
إقامته إياها بحدودها, وفـي طاعته لها مزدجر عن الفحشاء والـمنكر.



21156ـ حدثنا أبو حميد الـحمصي, قال: حدثنا
يحيى بن سعيد العطار, قال: حدثنا أرطاة, عن ابن عون, فـي قول الله إنّ الصّلاةَ
تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ والـمُنْكَرِ قال: إذا كنت فـي صلاة, فأنت فـي معروف, وقد
حجزتك عن الفحشاء والـمنكر, والفحشاء: هو الزنا. والـمنكر: معاصي الله. ومن أتـى
فـاحشة أو عَصَى الله فـي صلاته بـما يفسد صلاته, فلا شكّ أنه لا صلاة له.



وقوله: وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ اختلف أهل
التأويـل فـي تأويـله, فقال بعضهم: معناه: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم. ذكر من
قال ذلك:



21157ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
هشيـم, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن عبد الله بن ربـيعة, قال: قال لـي ابن
عبـاس: هل تدري ما قوله وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَر قال: قلت: نعم, قال: فما هو؟
قال: قلت: التسبـيح والتـحميد والتكبـير فـي الصلاة, وقراءة القرآن ونـحو ذلك,
قال: لقد قلت قولاً عجبـا وما هو كذلك, ولكنه إنـما يقول: ذكر الله إياكم عندما
أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتـموه أكبر من ذكركم إياه.



حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان,
عن عطاء بن السائب, عن ابن ربـيعة, عن ابن عبـاس قال: ذكر الله إياكم أكبر من
ذكركم إياه.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن عطاء, عن
عبد الله بن ربـيعة, قال: سألنـي ابن عبـاس, عن قول الله وَلَذِكْرُ اللّهِ
أكْبَرُ فقلت: ذكره بـالتسبـيح والتكبـير والقرآن حسن, وذكره عند الـمـحارم
فـيحتـجز عنها, فقال: لقد قلت قولاً عجيبـا وما هو كما قلت, ولكن ذكر الله إياكم
أكبر من ذكركم إياه.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد, قال:
حدثنا سفـيان, عن عطاء بن السائب, عن عبد الله بن ربـيعة, عن ابن عبـاس وَلَذِكْرُ
اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:26 pm

21158ـ حدثنا مـحمد بن
الـمثنى وابن وكيع, قال ابن الـمثنى: ثنـي عبد الأعلـى, وقال ابن وكيع: حدثنا عبد
الأعلـى قال: حدثنا داود, عن مـحمد بن أبـي موسى, قال: كنت قاعدا عند ابن عبـاس,
فجاءه رجل, فسأل ابن عبـاس عن ذكر الله أكبر, فقال ابن عبـاس: الصلاة والصوم قال:
ذاك ذكر الله, قال رجل: إنـي تركت رجلاً فـي رحلـي يقول غير هذا, قال: وَلَذِكْرُ
اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله العبـاد أكبر من ذكر العبـاد إياه, فقال ابن عبـاس:
صدق والله صاحبك.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب القمي, عن
جعفر, عن سعيد بن جُبَـير, قال: جاء رجل إلـى ابن عبـاس, فقال: حدثنـي عن قول الله
وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له.



21159ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا حماد بن سلـمة, عن داود, عن عكرمة وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر
الله للعبد أفضل من ذكره إياه.



21160ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي, قال: حدثنا
ابن فضيـل, قال: حدثنا فضيـل بن مرزوق, عن عطية وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: هو
قوله: فـاذْكُرُونِـي أذْكُرْكُمْ وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.



حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس وَلَذِكْرُ اللّهِ لعبـاده إذا ذكروه أكْبَرُ
من ذكركم إياه.



21161ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله
عبده أكبر من ذكر العبد ربه فـي الصلاة أو غيرها.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا
هشيـم, عن داود بن أبـي هند, عن مـحمد بن أبـي موسى, عن ابن عبـاس, قال: ذكر الله
إياكم إذا ذكرتـموه أكبر من ذكركم إياه.



21162ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا أبو تُـمَيْـلة, عن أبـي حمزة, عن جابر, عن عامر, عن أبـي قرة, عن سلـمان,
مثله.



21163ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي, قال: حدثنا
أبو أسامة, قال: ثنـي عبد الـحميد بن جعفر, عن صالـح بن أبـي عَريب, عن كثـير بن
مرّة الـحضرميّ, قال: سمعت أبـا الدرداء, يقول: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها
إلـى ملـيككم, وأرفعها فـي درجاتكم, وخير من أن تغزوا عدوّكم, فتضربوا أعناقهم,
وخير من إعطاء الدنانـير والدراهم؟ قالوا: ما هو؟ قال: ذكركم ربكم, وذكر الله
أكبر».



21164ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, قال:
حدثنا سفـيان, عن جابر, عن عامر, عن أبـي قرّة, عن سلـمان وَلَذِكْرُ اللّهِ
أكْبَرُ قال: قال ذكر الله إياك أكبر من ذكركم إياه.



21165ـ قال: ثنـي أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر,
عن عامر, قال: سألت أبـا قرة, عن قوله وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله
إياكم أكبر من ذكركم إياه.



21166ـ قال: ثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن جابر,
عن مـجاهد وعكرمة قالا: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.



قال: ثنا ابن فضيـل, عن مطرف, عن عطية, عن ابن
عبـاس, قال: هو كقوله: فـاذْكُرُونِـي أذْكرْكُمْ فذكر الله إياكم أكبر من ذكركم
إياه.



قال: ثنا حسن بن علـيّ, عن زائدة, عن عاصم, عن
شقـيق, عن عبد الله ولَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: ذكر الله العبد أكبر من ذكر
العبد لربه.



21167ـ قال: ثنا أبو يزيد الرازي, عن يعقوب, عن
جعفر, عن شعبة, قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولذكركم الله أفضل من
كلّ شيء. ذكر من قال ذلك:



21168ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا عمر بن أبـي زائدة, عن العيزار بن حريث, عن رجل, عن سلـمان, أنه سئل:
أيّ العمل أفضل؟ قال: أما تقرأ القرآن وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ: لا شيء أفضل من
ذكر الله.



21169ـ حدثنا ابن حميد أحمد بن الـمغيرة
الـحمصي, قال: حدثنا علـي بن عياش, قال: حدثنا اللـيث, قال: ثنـي معاوية, عن
ربـيعة بن يزيد, عن إسماعيـل بن عبـيد الله, عن أمّ الدرداء, أنها قالت:
وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ فإن صلـيت فهو من ذكر الله, وإن صمت فهو من ذكر الله,
وكلّ خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شرّ تـجتنبه فهو من ذكر الله, وأفضل ذلك
تسبـيحُ الله.



21170ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: لا شيء أكبر من ذكر الله, قال:
أكبر الأشياء كلها, وقرأ أقِمِ الصّلاةَ لِذِكْرِي قال: لذكر الله: وإنه لـم يصفه
عند القتال إلاّ أنه أكبر.



21171ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن
الأعمش, عن أبـي إسحاق, قال: قال رجل لسلـمان: أيّ العمل أفضل, قال: ذكر الله.



وقال آخرون: هو مـحتـمل للوجهين جميعا, يعنون
القول الأوّل الذي ذكرناه والثانـي. ذكر من قال ذلك:



21172ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن
خالد, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال: لها
وجهان: ذكر الله أكبر مـما سواه, وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.



حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا إسماعيـل بن
إبراهيـم, قال: حدثنا خالد الـحذّاء, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس فـي: وَلَذِكْرُ
اللّهِ أكْبَرُ قال: لها وجهان: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه, وذكر الله عند
ما حُرم.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: لذكر الله العبد فـي
الصلاة أكبر من الصلاة. ذكر من قال ذلك:



21173ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبـيد الله,
عن إسرائيـل, عن السّدّي عن أبـي مالك, فـي قوله وَلَذِكْرُ اللّهِ أكْبَرُ قال:
ذكر الله العبد فـي الصلاة, أكبر من الصلاة.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللصلاة التـي أتـيت
أنت بها, وذكرك الله فـيها أكبر مـما نهتك الصلاة من الفحشاء والـمنكر.



21174ـ حدثنـي أحمد بن الـمغيرة الـحمصي, قال:
حدثنا يحيى بن سعيد العطار, قال: حدثنا أرطاة, عن ابن عون, فـي قول الله إنّ
الصّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالـمُنْكَرِ والذي أنت فـيه من ذكر الله أكبر.



قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بـما دلّ
علـيه ظاهر التنزيـل قول من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه.



وقوله: وَاللّهُ يَعْلَـمُ ما تَصْنَعُونَ
يقول: والله يعلـم ما تصنعون أيها الناس فـي صلاتكم من إقامة حدودها, وترك ذلك
وغيره من أموركم, وهو مـجازيكم علـى ذلك, يقول: فـاتقوا أن تضيعوا شيئا من حدودها,
والله أعلـم.






الآية : 46


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلاَ تُجَادِلُوَاْ
أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاّ الّذِينَ ظَلَمُواْ
مِنْهُمْ وَقُولُوَاْ آمَنّا بِالّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ
وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلا تُـجادِلُوا أيها
الـمؤمنون بـالله وبرسوله الـيهود والنصارى, وهم أهْلَ الكِتابِ إلاّ بـالّتِـي
هِيَ أحْسَنُ يقول: إلاّ بـالـجميـل من القول, وهو الدعاء إلـى الله بآياته,
والتنبـيه علـى حُججه.



وقوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ اختلف
أهل التأويـل فـي تأويـله فقال بعضهم: معناه: إلاّ الذين أبوا أن يقرّوا لكم
بإعطاء الـجزية, ونصبوا دون ذلك لكم حربـا, فإنهم ظلـمة, فأولئك جادلوهم بـالسيف حتـى
يسلـموا أو يعطوا الـجزية. ذكر من قال ذلك:



21175ـ حدثنـي علـيّ بن سهل, قال: حدثنا يزيد,
عن سفـيان, عن خصيف, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلاّ
بـالّتِـي هِيَ أحْسَنُ إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا منهمْ قال: من قاتل ولـم يُعط
الـجزية.



حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي أبـي, عن سفـيان,
عن خصيف, عن مـجاهد, بنـحوه. إلاّ أنه قال: من قاتلك ولـم يعطك الـجزية.



21176ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلاّ
بـالّتِـي هِيَ أحْسَنُ قال: إن قالوا شرّا, فقولوا خيرا, إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا
مِنهُمْ فـانتصروا منهم.



21177ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قال:
قالوا مع الله إله, أو له ولد, أو له شريك, أو يد الله مَغْلولة, أو الله فقـير,
أو آذَوْا مـحمدا صلى الله عليه وسلم, قال: هم أهل الكتاب.



21178ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن
آدم, عن شريك, عن سالـم, عن سعيد وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلاّ بـالّتِـي
هِيَ أحْسَنُ, إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ قال: أهل الـحرب, مَنْ لا عهد له,
جادِلْه بـالسيف.



وقال آخرون: معنى ذلك: وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ
الكِتابِ الذين قد آمنوا به, واتبعوا رسوله فـيـما أخبروكم عنه مـما فـي كتبهم
إلاّ بـالتـي هِيَ أحْسَنُ, إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ. فأقاموا علـى
كفرهم, وقالوا: هذه الاَية مُـحْكَمة, ولـيست بـمنسوخة. ذكر من قال ذلك:



21179ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلاّ بـالّتِـي هِيَ
أحْسَنُ قال: لـيست بـمنسوخة, لا ينبغي أن تـجادل من آمن منهم, لعلهم يحسنون شيئا
فـي كتاب الله, لا تعلـمه أنت, فلا تـجادله, ولا ينبغي أن تـجادل إلاّ الذين
ظلـموا, الـمقـيـمَ منهم علـى دينه. فقال: هو الذي يُجادَلُ, ويُقال له بـالسيف.
قال: وهؤلاء يهود. قال: ولـم يكن بدار الهجرة من النصارى أحد, إنـما كانوا يهودا
هم الذي كلّـموا وحالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وغدرت النضير يوم أُحُد,
وغدرت قُريظة يوم الأحزاب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:27 pm

وقال آخرون: بل نزلت هذه
الاَية قبل أن يؤمر النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـالقتال, وقالوا: هي منسوخة نسخها
قوله: قاتِلُوا الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـاللّهِ وَلا بـالـيَوْمِ الاَخِرِ. ذكر
من قال ذلك:



21180ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وَلا تُـجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إلاّ بـالّتِـي هِيَ
أحْسَنُ ثم نسخ بعد ذلك, فأمر بقتالهم فـي سورة براءة, ولا مـجادلة أشدّ من السيف
أن يقاتلوا حتـى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله, وأن مـحمدا رسول الله صلى الله عليه
وسلم, أو يقرّوا بـالـخَراج.



وأولـى هذه الأقوال بـالصواب, قول من قال: عنى
بقوله إلاّ الّذِينَ ظَلـمُوا مِنْهُمْ: إلاّ الذين امتنعوا من أداء الـجزية,
ونصبوا دونها الـحرب.



فإن قال قائل: أو غير ظالـم من أهل الكتاب,
إلاّ من لـم يؤدّ الـجزية؟ قـيـل: إن جميعهم وإن كانوا لأنفسهم بكفرهم بـالله,
وتكذيبهم رسوله مـحمدا صلى الله عليه وسلم, ظَلَـمة, فإنه لـم يعن بقوله إلاّ
الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ ظُلْـمَ أنفسهم. وإنـما عنى به: إلاّ الذين ظلـموا
منهم أهل الإيـمان بـالله ورسوله مـحمد صلى الله عليه وسلم, فإن أولئك جادلوهم
بـالقتال.



وإنـما قلنا: ذلك أولـى الأقوال فـيه بـالصواب,
لأن الله تعالـى ذكره أذِن للـمؤمنـين بجدال ظلـمة أهل الكتاب بغير الذي هو أحسن,
بقوله إلاّ الّذِينَ ظَلـمُوا مِنْهُمْ فمعلوم إذ كان قد أذن لهم فـي جدالهم, أن
الذين لـم يؤذن لهم فـي جدالهم إلاّ بـالتـي هي أحسن, غير الذين أذن لهم بذلك
فـيهم, وأنهم غير الـمؤمن, لأن الـمؤمن منهم غير جائز جداله إلاّ فـي غير الـحقّ,
لأنه إذا جاء بغير الـحقّ, فقد صار فـي معنى الظلـمة فـي الذي خالف فـيه الـحقّ.
فإذ كان ذلك كذلك, تبـين أن لا معنى لقول من قال: عنى بقوله وَلا تُـجادِلُوا أهلَ
الكِتابِ أهل الإيـمان منهم, وكذلك لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الاَية قبل
الأمر بـالقتال, وزعم أنها منسوخة, لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر, ولا دلالة علـى
صحته من فطرة عقل.



وقد بـيّنا فـي غير موضع من كتابنا, أنه لا
يجوز أن يحكم علـى حكم الله فـي كتابه بأنه منسوخ إلاّ بحجة يجب التسلـيـم لها من
خبر أو عقل.



وقوله: وَقُولُوا آمَنّا بـالّذِي أُنْزِلَ
إلَـيْنا وأُنْزِلَ إلَـيْكُمْ, وَإلَهُنا وإلهُكُمْ وَاحِدٌ, ونَـحنُ لَهُ
مُسْلِـمُونَ يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به وبرسوله, الذين نهاهم أن يجادلوا أهل
الكتاب إلاّ بـالتـي هي أحسن: إذا حدثكم أهل الكتاب أيها القوم عن كتبهم, وأخبروكم
عنها بـما يـمكن ويجوز أن يكونوا فـيه صادقـين, وأن يكونوا فـيه كاذبـين, ولـم
تعلـموا أمرهم وحالهم فـي ذلك فقولوا لهم آمّنّا بِـالّذِي أُنْزِلَ إلَـينا
وأنْزِلَ إلَـيْكُمْ مـما فـي التوراة والإنـجيـل وَإلَهُنا وإلهُكُمْ وَاحِدٌ
يقول: ومعبودنا ومعبودكم واحد ونَـحْنُ لَهُ مُسْلِـمُونَ يقول: ونـحن له خاضعون
متذللون بـالطاعة فـيـما أمرنا ونهانا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك, جاء الأثر عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر الرواية بذلك:



21181ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا
عثمان بن عمر, قال: أخبرنا علـيّ, عن يحيى بن أبـي كثـير, عن أبـي سلـمة عن أبـي
هريرة, قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بـالعبرانـية, فـيفسرونها بـالعربـية
لأهل الإسلام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُصَدّقُوا أهْلَ الكِتابِ
وَلا تُكَذّبُوهُمْ, وَقُولُوا آمَنّا بـالّذِي أُنْزِلَ إلَـيْنا وأُنْزِلَ
إلَـيْكُمْ, وَإلهُنا وإلهُكُمْ وَاحِدٌ, ونَـحْنُ لَهُ مُسْلِـمُونَ».



21182ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا سفـيان, عن سعد بن إبراهيـم, عن عطاء بن يسار, قال: كان ناس من الـيهود
يحدثون ناسا من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال: «لا تُصَدّقُوهُمْ وَلا
تُكَذّبُوهُمْ, وَقُولُوا آمَنّا بـالّذِي أُنْزِلَ إلَـيْنا وأُنْزِلَ
إلَـيْكُمْ».



21183ـ قال: ثنا أبو عامر, قال: حدثنا سفـيان,
عن سلـيـمان, عن عمارة بن عمير, عن حريث بن ظهير, عن عبد الله, قال: لا تسألوا أهل
الكتاب عن شيء, فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا, إما أن تكذبوا بحقّ أو تصدّقوا ببـاطل,
فإنه لـيس أحد من أهل الكتاب إلاّ وفـي قلبه تالـية تدعوه إلـى دينه كتالـية
الـمال. وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما:



21184ـ حدثنـي به مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا
أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: إلاّ الّذِينَ ظَلَـمُوا مِنْهُمْ
قال: قالوا مع الله إله, أو له ولد, أو له شريك, أو يد الله مغلولة, أو الله
فقـير, أو آذوا مـحمدا, وقُولُوا آمَنّا بـالّذِي أُنْزِل إلَـيْنا وأُنْزِلَ
إلَـيْكُمْ لـمن لـم يقل هذا من أهل الكتاب.



الآية : 47


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ
إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ
هَـَؤُلآءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاّ الْكَافِرونَ }.



يقول تعالـى ذكره: كما أنزلنا الكتب علـى مَن
قبلك يا مـحمد من الرسل كَذلكَ أنْزَلْنا إلَـيْكَ هذا الكِتابَ, فـالّذِينَ
آتَـيْناهُمُ الكِتابَ من قبلك من بنـي إسرائيـل يُؤْمِنُونَ بِهِ, وَمِنْ هَؤُلاءِ
مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يقول: ومن هؤلاء الذين هم بـين ظهرانـيك الـيوم من يؤمن به
كعبد الله بن سلام, ومن آمن برسوله من بنـي إسرائيـل.



وقوله: وَما يَجْحَدُ بآياتِنا إلاّ
الكافِرُونَ يقول تعالـى ذكره: وما يجحد بأدلتنا وحججنا إلاّ الذي يجحد نعمنا
علـيه, وينكر توحيدنا وربوبـيتنا علـى علـم منه عنادا لنا. كما:



21185ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَما يَجْحَدُ بآياتِنا إلاّ الكافِرُونَ قال: إنـما يكون الـجحود
بعد الـمعرفة.



الآية : 48


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن
قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره: وَما كُنْتَ يا مـحمد
تَتْلُوا يعنـي تقرأ مِنْ قَبْلِهِ يعنـي من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إلـيك
مِنْ كِتَابٍ وَلا تَـخُطّهُ بِـيَـمِينِكَ يقول: ولـم تكن تكتب بـيـمينك, ولكنك
كنت أمّيّا إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ يقول: ولو كنت من قبل أن يُوحَى إلـيك
تقرأ الكتاب, أو تـخطه بـيـمينك, إذن لارتاب: يقول: إذن لشكّ بسبب ذلك فـي أمرك,
وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه علـيهم الـمبطلون القائلون إنه
سجع وكهانة, وإنه أساطير الأوّلـين. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



21186ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله وَما كُنْتَ تَتْلُو
مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ, وَلا تَـخُطّهُ بِـيَـمِينِكَ إذا لارْتابَ
الـمُبْطِلُونَ قال: كان نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم أمّيا لا يقرأ شيئا ولا
يكتب.



21187ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ, وَلا
تَـخُطّهُ بِـيَـمِينِكَ قال: كان نبـيّ الله لا يقرأ كتابـا قبله, ولا يخطه
بـيـمينه قال: كان أُمّيا, والأميّ: الذي لا يكتب.



21188ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة,
عن إدريس الأودي, عن الـحكم, عن مـجاهد وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ
كِتابٍ, وَلا تَـخُطّهُ بِـيَـمِينِكَ قال: كان أهل الكتاب يجدون فـي كتبهم أن
النبـيّ صلى الله عليه وسلم لا يخطّ بـيـمينه, ولا يقرأ كتابـا, فنزلت هذه الاَية.



وبنـحو الذي قلنا أيضا فـي قوله إذا لارْتابَ
الـمُبْطِلُونَ قالوا. ذكر من قال ذلك:



21189ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُونَ إذن لقالوا: إنـما هذا شيء تعلّـمه
مـحمد صلى الله عليه وسلم وكتبه.



21190ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله إذا لارْتابَ الـمُبْطِلُون
قال قريش.



الآية : 49


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ
بَيّنَاتٌ فِي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ
إِلاّ الظّالِمُونَ }.



اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله: بَلْ
هُوَ آياتٌ بَـيّناتٌ فِـي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ فقال بعضهم: عنى به
نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم, وقالوا: معنى الكلام: بل وجود أهل الكتاب فـي
كتبهم أن مـحمدا صلى الله عليه وسلم لا يكتب ولا يقرأ, وأنه أميّ, آيات بـينات فـي
صدورهم. ذكر من قال ذلك:



21191ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله بَلْ هُوَ آياتٌ
بَـيّناتٌ فِـي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ قال: كان الله تعالـى أنزل شأن
مـحمد صلى الله عليه وسلم فـي التوراة والإنـجيـل لأهل العلـم وعلـمه لهم, وجعله
لهم آية, فقال لهم: إن آية نبوّته أن يخرج حين يخرج لا يعلـم كتابـا, ولا يخطه
بـيـمينه, وهي الاَيات البـينات.



21192ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله وَما كُنْتَ تَتْلُو مِنْ
قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ قال: كان نبـيّ الله لا يكتب ولا يقرأ, وكذلك جعل الله نعته
فـي التوراة والإنـجيـل, أنه نبـيّ أميّ لا يقرأ ولا يكتب, وهي الاَية البـينة فـي
صدور الذين أوتوا العلـم.



21193ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيّناتٌ فِـي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا
العِلْـمَ من أهل الكتاب صدّقوا بـمـحمد ونعته ونبوّته.



21194ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيّناتٌ قال: أنزل الله شأن مـحمد فـي
التوراة والإنـجيـل لأهل العلـم, بل هو آية بـينة فـي صدور الذين أوتوا العلـم,
يقول: النبـيّ صلى الله عليه وسلم.



وقال آخرون: عنى بذلك القرآن, وقالوا: معنى
الكلام: بل هذا القرآن آيات بـيّنات فـي صدور الذين أوتوا العلـم من الـمؤمنـين
بـمـحمد صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:30 pm

21195ـ حدثنا القاسم,
قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو سفـيان, عن معمر, قال: قال الـحسن, فـي قوله:
بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيّناتٌ فِـي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ القرآن آيات
بـينات فـي صدور الذين أوتوا العلـم, يعنـي الـمؤمنـين.



وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
عنى بذلك: بل العلـم بأنك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابـا, ولا تـخطه
بـيـمينك, آيات بـينات فـي صدور الذين أوتوا العلـم من أهل الكتاب.



وإنـما قلت ذلك أولـى التأويـلـين بـالاَية,
لأن قوله: بَلْ هُوَ آياتٌ بَـيّناتٌ فِـي صُدُورِ الّذِينَ أُوتُوا العِلْـمَ
بـين خبرين من أخبـار الله عن رسوله مـحمد صلى الله عليه وسلم, فهو بأن يكون خبرا
عنه أولـى من أن يكون خبرا عن الكتاب الذي قد انقضى الـخبر عنه قبل.



وقوله: وَما يَجْحَدُ بآياتِنا إلاّ
الظّالِـمُونَ يقول تعالـى ذكره: ما يجحد نبوّة مـحمد صلى الله عليه وسلم وأدلته,
ويُنكر العلـم الذي يعلـم من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه, ببعث مـحمد صلى
الله عليه وسلم ونبوّته ومبعثه إلاّ الظالـمون, يعنـي الذين ظلـموا أنفسهم بكفرهم
بـالله عزّ وجلّ.



الآية : 50


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَالُواْ لَوْلاَ
أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مّن رّبّهِ قُلْ إِنّمَا الاَيَاتُ عِندَ اللّهِ
وَإِنّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مّبِينٌ }.



يقول تعالـى ذكره: وقالت الـمشركون من قريش:
هلا أنزل علـى مـحمد آية من ربه تكون حجة لله علـينا كما جعلت الناقة لصالـح,
والـمائدة آية لعيسى, قل يا مـحمد, إنـما الاَيات عند الله لا يقدر علـى الإتـيان
بها غيره وَإنـمَا أنَا نَذِيرٌ مُبِـينٌ وإنـما أنا نذير لكم أنذركم بأس الله
وعقابه علـى كفركم برسوله. وما جاءكم به من عند ربكم مبـين يقول: قد أبـان لكم
إنذاره.



الآية : 51


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنّآ
أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىَ عَلَيْهِمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً
وَذِكْرَىَ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أو لـم يكف هؤلاء الـمشركين
يا مـحمد, القائلـين: لولا أنزل علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم آية من ربه, من
الاَيات والـحجج أنّا أنْزَلْنا عَلَـيْكَ هذا الكِتابَ يُتْلَـى عَلَـيْهِمْ
يقول: يُقرأ علـيهم إنّ فِـي ذلكَ لَرَحْمَةً يقول: إن فـي هذا الكتاب الذي أنزلنا
علـيهم لرحمة للـمؤمنـين به وذكرى يتذكرون بـما فـيه من عبرة وعظة.



وذُكر أن هذه الاَية نزلت من أجل أن قوما من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتسخوا شيئا من بعض كتب أهل الكتاب. ذكر من
قال ذلك:



21196ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة أن ناسا من
الـمسلـمين أتوا نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم بكتب قد كتبوا فـيها بعض ما يقول
الـيهود, فلـما أن نظر فـيها ألقاها, ثم قال: «كفـى بها حماقة قوم, أو ضلالة قوم,
أن يرغبوا عما جاءهم به نبـيهم, إلـى ما جاء به غير نبـيهم إلـى قوم غيرهم»,
فنزلت: أوَ لَـمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا عَلَـيْكَ الكِتابَ يُتْلَـى
عَلَـيْهِمْ إنّ فِـي ذلكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْم يُؤْمِنُونَ.



الآية : 52


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ كَفَىَ بِاللّهِ
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالّذِينَ
آمَنُواْ بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِاللّهِ أُوْلَـَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد للقائلـين لك: لولا أنزل علـيك آية من ربك, الـجاحدين بآياتنا
من قومك: كفـى الله يا هؤلاء بـينـي وبـينكم شاهدا لـي وعلـيّ, لأنه يعلـم
الـمـحقّ منا من الـمبطل, ويعلـم ما فـي السموات وما فـي الأرض, لا يخفـى علـيه
شيء فـيهما, وهو الـمـجازي كل فريق منا بـما هو أهله, الـمـحقّ علـى ثبـاته علـى
الـحقّ, والـمبطل علـى بـاطله, بـما هو أهله وَالّذِينَ آمَنُوا بـالبـاطِلِ يقول:
صدّقوا بـالشرك, فأقرّوا به وكفروا به. يقول: وجحدوا الله أُولَئِكَ هُمُ
الـخاسِرُونَ يقول: هم الـمغبونون فـي صفقتهم. وبنـحو الذي قلنا فـي قوله
والّذِينَ آمَنُوا بـالبـاطِلِ قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21197ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة وَالّذِينَ آمَنُوا بـالبـاطِل: الشرك.



الآية : 53


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مّسَمّى لّجَآءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنّهُمْ
بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ويستعجلك يا مـحمد هؤلاء
القائلون من قومك: لولا أنزل علـيه آية من ربه بـالعذاب, ويقولون: اللّهُمّ إنْ
كانَ هَذا هُوَ الـحَقّ مِنْ عِنْدِكَ, فَأَمْطِرْ عَلَـيْنا حِجارَةً مِنَ
السّماءِ ولولا أجل سميته لهم فلا أهلكهم حتـى يستوفوه ويبلغوه, لـجاءهم العذاب عاجلاً.
وقوله: وَلَـيَأْتِـيَنّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ يقول: ولـيأتـينهم
العذاب فجأة وهم لا يشعرون بوقت مـجيئه قبل مـجيئه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال
أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



21198ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بـالعَذَابِ قال: قال ناس من جهلة هذه
الأمة اللّهُمّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الـحَقّ مِنْ عِنْدِكَ, فَأَمْطِرْ عَلَـيْنا
حِجارَةً مِنَ السّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِـيـمٍ... الاَية.



الآية : 54


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذَابِ وَإِنّ جَهَنّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: يستعجلكَ يا مـحمد هؤلاء
الـمشركون بـمـجيء العذاب ونزوله بهم, والنار بهم مـحيطة لـم يبق إلاّ أن
يدخـلوها. وقـيـل: إن ذلك هو البحر. ذكر من قال ذلك:



21199ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا
مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, قال: سمعت عكرِمة يقول فـي هذه الاَية
وَإنّ جَهَنّـمَ لَـمُـحِيطَةٌ بـالكافِرِينَ قال: البحر.



أخبرنا ابن وكيع, قال: حدثنا غندر, عن شعبة,
عن سماك, عن عكرِمة, مثله.



الآية : 55


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ
الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَإنّ جَهَنّـمَ
لَـمُـحِيطَةٌ بـالكافِرِينَ يوم يغشى الكافرين العذاب من فوقهم فـي جهنـم, ومن
تـحت أرجلهم. كما:



21200ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة يَوْمَ يَغْشاهُمُ العَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَـحْتِ
أرْجُلهِمْ: أي فـي النار.



وقوله: وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُـمْ
تَعْمَلُونَ يقول جلّ ثناؤه: ويقول الله لهم: ذوقوا ما كنتـم تعملون فـي الدنـيا
من معاصي الله, وما يسخطه فـيها. وبـالـياء فـي ويقول ذُوقُوا قرأت عامة قرّاء
الأمصار خلا أبـي جعفر, وأبـي عمرو, فإنهما قرآ ذلك بـالنون: «وَنَقُولُ».
والقراءة التـي هي القراءة عندنا بـالـياء لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها.



الآية : 56


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَعِبَادِيَ الّذِينَ
آمَنُوَاْ إِنّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ }.



يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به من عبـاده: يا
عبـادي الذين وحّدونـي وآمنوا بـي وبرسولـي مـحمد صلى الله عليه وسلم إنّ أرْضِي
وَاسِعَةٌ.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي أريد من
الـخبر عن سعة الأرض, فقال بعضهم: أريد بذلك أنها لـم تضق علـيكم فتقـيـموا بـموضع
منها لا يحلّ لكم الـمُقام فـيه, ولكن إذا عمل بـمكان منها بـمعاصي الله فلـم
تقدروا علـى تغيـيره, فـاهرُبوا منه. ذكر من قال ذلك:



21201ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا أبو
أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: إنّ أرْضِي
وَاسِعَةٌ قال: إذا عمِل فـيها بـالـمعاصي, فـاخرج منها.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال:
حدثنا سفـيان, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن سعيد بن جُبَـير, فـي قوله إنّ أرْضِي
وَاسِعَةٌ قال: إذا عمل فـيها بـالـمعاصي, فـاخرج منها.



حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن لـيث, عن
رجل, عن سعيد بن جُبَـير, قال: اهرُبوا فإن أرضي واسعة.



21202ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن
شريك, عن منصور, عن عطاء, قال: إذا أمِرتـم بـالـمعاصي فـاهرُبوا, فإن أرضي واسعة.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو أحمد, قال:
حدثنا شريك, عن منصور, عن عطاء إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال: مـجانبة أهل الـمعاصي.



21203ـ حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ, فهاجروا
وجاهدوا.



21204ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله يا عِبـادِيَ الّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي وَاسِعَةٌ فإيّايَ
فـاعْبُدُونِ فقلت: يريد بهذا من كان بـمكة من الـمؤمنـين, فقال: نعم.



وقال آخرون: معنى ذلك: إن ما أخرج من أرضي لكم
من الرزق واسع لكم. ذكر من قال ذلك:



21205ـ حدثنا الـحسن بن عرفة, قال: ثنـي زيد بن
الـحبـاب, عن شدّاد بن سعيد بن مالك أبـي طلـحة الراسبـي عن غَيْلان بن جرير
الـمِعْولـي, عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير العامري, فـي قول الله: إنّ أرْضِي
وَاسِعَةٌ: قال: إن رزقـي لكم واسع.



حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا زيد بن حبـاب, عن
شدّاد, عن غَيلان بن جرير, عن مُطَرّف بن الشّخّير إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال:
رزقـي لكم واسع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty10/7/2011, 10:31 pm

وأولـى القولـين بتأويـل
الاَية قول من قال: معنى ذلك: إن أرضي واسعة, فـاهربوا مـمن منعكم من العمل
بطاعتـي لدلالة قوله فإيّايَ فـاعْبُدُونِ علـى ذلك, وأن ذلك هو أظهر معنـيـيه,
وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة, فـالغالب من وصفه إياها بذلك, أنها لا تضيق
جميعها علـى من ضاق علـيه منها موضع, لا أنه وصفها بكثرة الـخير والـخصب.



وقوله: فإيّايَ فـاعْبُدُونِ يقول: فأخـلِصوا
إلـى عبـادتكم وطاعتكم, ولا تطيعوا فـي معصيتـي أحدا.



الآية : 57
-59



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ
الْمَوْتِ ثُمّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ *
وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَنُبَوّئَنّهُمْ مّنَ
الْجَنّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ
أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الّذِينَ
صَبَرُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به من أصحاب
نبـيه: هاجِرُوا من أرض الشرك من مكة, إلـى أرض الإسلام الـمدينة, فإن أرضي واسعة,
فـاصبروا علـى عبـادتـي, وأخـلِصوا طاعتـي, فإنكم ميتون, وصائرون إلـيّ, لأن كل
نفس حية ذائقة الـموت, ثم إلـينا بعد الـموت تُرَدّون. ثم أخبرهم جلّ ثناؤه عما
أعدّ للصابرين منهم علـى طاعته, من كرامته عنده, فقال: والّذين آمنوا, يعنـي
صدّقوا الله ورسوله, فـيـما جاء به من عند الله, وعَمِلوا الصّالِـحاتِ: يقول:
وعملوا بـما أمرهم الله فأطاعوه فـيه, وانتهوا عما نهاهم عنه لَنُبَوّئَنّهُمْ مِنَ
الـجَنّةِ غُرَفـا يقول: لننزلنهم من الـجنة عَلالـيّ.



واختلفت القُرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض الكوفـيـين: لَنُبَوّئَنّهُمْ بـالبـاء وقرأته عامة
قرّاء الكوفة بـالثاء: «لَنُثْوِيَنّهُمْ».



والصواب من القول فـي ذلك عندي أنهما قراءتان
مشهورتان فـي قرّاء الأمصار, قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القُرّاء, متقاربتا
الـمعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب, وذلك أن قوله: لَنُبَوّئَنّهُمْ من بوأته
منزلاً: أي أنزلته, وكذلك لنُثْوينهم إنـما هو من أثويته مَسْكَنا إذا أنزلته
منزلاً, من الثواء, وهو الـمُقام.



وقوله: تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهارُ يقول:
تـجرى من تـحت أشجارها الأنهار. خالِدِينَ فِـيها يقول: ماكثـين فـيها إلـى غير
نهاية نِعْمَ أجْرُ العامِلِـينَ يقول: نعم جزاء العاملـين بطاعة الله هذه الغرفُ
التـي يُثْوِيهُمُوها الله فـي جَنّاته, تـجري من تـحتها الأنهار, الذين صبروا
علـى أذى الـمشركين فـي الدنـيا, وما كانوا يَـلْقون منهم, وعلـى العمل بطاعة الله
وما يرضيه, وجهاد أعدائه وَعَلـى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ فـي أرزاقهم وجهاد
أعدائهم, فلا يَنْكُلون عنهم ثقة منهم بأن الله مُعْلِـي كلـمته, ومُوهِن كيد
الكافرين, وأن ما قُسم لهم من الرزق فلن يَفُوتَهم.



الآية : 60


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَكَأَيّن مّن دَآبّةٍ لاّ
تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيّاكُمْ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ
}.



يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به, وبرسوله من
أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم: هاجروا وجاهدوا فـي الله أيها الـمؤمنون أعداءه,
ولا تـخافوا عيـلة ولا إقتارا, فكم من دابة ذات حاجة إلـى غذاء ومطعم ومشرب لا
تـحمل رزقها, يعنـي غذاءها لا تـحمله, فترفعه فـي يومها لغدها لعجزها عن ذلك
اللّهُ يَرْزُقُها وَإيّاكُمْ يوما بـيوم وَهُوَ السّمِيعُ لأقوالكم: نـخشى
بفراقنا أوطاننا العَيْـلة العَلِـيـمُ ما فـي أنفسكم, وما إلـيه صائر أمركم, وأمر
عدوّكم من إذلال الله إياهم, ونُصْرتكم علـيهم, وغير ذلك من أموركم, لا يخفـى
علـيه شيء من أمور خـلقه. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



21206ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد وكأيّنْ مِنْ دابّةٍ لا تَـحْمِلُ رِزْقَها
قال: الطيرُ والبهائم لا تـحمل الرزق.



21207ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
الـمعتـمر بن سلـيـمان, قال: سمعت عِمران, عن أبـي مُـجَلّز فـي هذه الاَية
وكأيّنْ مِنْ دابّةٍ لا تَـحْمِلُ رِزْقَها, اللّهُ يَرْزُقُها وَإيّاكُمْ قال: من
الدوابّ ما لا يستطيع أن يدّخر لغد, يُوَفّق لرزقه كلّ يوم حتـى يـموت.



21208ـ حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا يحيى بن يـمان,
عن سفـيان, عن علـي بن الأقمر وكأيّنْ مِنْ دابّة لا تَـحْمِلُ رِزْقَها قال: لا
تدّخر شيئا لغد.



الآية : 61


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى:{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخّرَ
الشّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّىَ يُؤْفَكُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولئن سألت يا مـحمد هؤلاء
الـمشركين بـالله من خـلق السموات والأرض فَسَوّاهن, وسخّر الشمس والقمر لعبـاده,
يجريان دائبـين لـمصالـح خـلق الله, لـيقولنّ الذي خـلق ذلك وفَعَلَه الله فأنّى
يُؤْفَكُونَ يقول جلّ ثناؤه: فأنى يُصْرفون عمن صنع ذلك, فـيعدلون عن إخلاص
العبـادة له. كما:



21209ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة فأنّى يُؤْفَكُونَ: أي يعدلون.



الآية : 62


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {اللّهُ يَبْسُطُ الرّزْقَ
لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنّ اللّهَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٍ
}.



يقول تعالـى ذكره: الله يوسع من رزقه لـمن
يشاء من خـلقه, ويضيق فـيُقتّر لـمن يشاء منهم. يقول: فأرزاقكم وقسمتها بـينكم
أيها الناس بـيدي دون كل أحد سواي أبسط لـمن شئت منها, وأقتر علـى من شئت, فلا
يخـلفنكم عن الهجرة وجهاد عدوّكم خوف العيـلة إنّ اللّهَ بكُلّ شَيْءٍ عَلِـيـمٌ
يقول: إن الله علـيـم بـمصالـحكم, ومن لا يصلُـح له إلاّ البسط فـي الرزق, ومن لا
يصلـح له إلاّ التقتـير علـيه, وهو عالـم بذلك.



الآية : 63


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّن
نّزّلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا
لَيَقُولُنّ اللّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: ولئن سألت يا مـحمد هؤلاء الـمشركين بـالله من قومك من نزل من السماء ماء,
وهو الـمطر الذي ينزله الله من السحاب فأحْيا بِه الأرْضِ يقول: فأحيا بـالـماء
الذي نزل من السماء الأرض, وإحياؤها: إنبـاتُه النبـاتَ فـيها منْ بعدِ مَوْتها من
بعد جدوبها وقحوطها.



وقوله: لَـيَقُولُنّ اللّهُ يقول: لـيقولنّ
الذي فعل ذلك الله الذي له عبـادة كل شيء. وقوله: قُلِ الـحَمْدُ لِلّهِ يقول:
وإذا قالوا ذلك, فقل الـحمد لله بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يقول: بل أكثر
هؤلاء الـمشركين بـالله لا يعقلون مالهم فـيه النفع من أمر دينهم, وما فـيه الضرّ,
فهم لـجهلهم يحسِبون أنهم لعبـادتهم الاَلهة دون الله, ينالون بها عند الله زُلْفة
وقربة, ولا يعلـمون أنهم بذلك هالكون مستوجبون الـخـلود فـي النار.



الآية : 64


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَا هَـَذِهِ الْحَيَاةُ
الدّنْيَآ إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنّ الدّارَ الاَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ
لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَما هَذِهِ الـحَياةُ
الدّنْـيا التـي يتـمتع منها هؤلاء الـمشركون إلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ يقول: إلاّ
تعلـيـل النفوس بـما تلتذّ به, ثم هو مُنْقَضٍ عن قريب, لا بقاء له ولا دوام وإنّ
الدّارَ الاَخِرَةَ لَهِيَ الـحَيَوَانُ يقول: وإن الدار الاَخرة لفـيها الـحياة
الدائمة التـي لا زوال لها ولا انقطاع ولا موت معها. كما:



21210ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله: وَإنّ الدّارَ الاَخِرَةِ لَهِيَ الـحَيَوَانُ لَوْ كانُوا
يَعْلَـمُونَ حياة لا موت فـيها.



21211ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله لَهِيَ الـحَيَوَانُ قال: لا موتَ
فـيها.



21212ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله وَإنّ الدّارَ الاَخِرَةَ
لَهيَ الـحَيَوَانُ يقول: بـاقـية.



وقوله: لَوْ كانُوا يَعْلَـمُونَ يقول: لو كان
هؤلاء الـمشركون يعلـمون أن ذلك كذلك, لقَصّروا عن تكذيبهم بـالله, وإشراكهم غيره
فـي عبـادته, ولكنهم لا يعلـمون ذلك.



الآية : 65


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَإِذَا رَكِبُواْ فِي
الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إِلَى
الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فإذا ركب هؤلاء الـمشركون
السفـينة فـي البحر, فخافوا الغرق والهلاك فـيه دَعُوا اللّهَ مُخْـلِصِينَ لَهُ
الدّينَ يقول: أخـلصوا لله عند الشدّة التـي نزلت بهم التوحيد, وأفردوا له الطاعة,
وأذعنوا له بـالعبودة, ولـم يستغيثوا بآلهتهم وأندادهم, ولكن بـالله الذي خـلقهم
فلَـمّا نَـجّاهُمْ إلـى البَرّ يقول: فلـما خـلصهم مـما كانوا فـيه وسلّـمهم,
فصاروا إلـى البرّ إذا هم يجعلون مع الله شريكا فـي عبـادتهم, ويدعون الاَلهة
والأوثان معه أربـابـا.



الآية : 66
- 67



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ
آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا جَعَلْنَا حَرَماً
آمِناً وَيُتَخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ
وَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَكْفُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فلـما نـجى الله هؤلاء
الـمشركين مـما كانوا فـيه من البحر من الـخوف والـحذر من الغرق إلـى البرّ إذا هم
بعد أن صاروا إلـى البرّ يشركون بـالله الاَلهة والأنداد لِـيَكْفُرُوا بِـمَا
آتَـيْناهُمْ يقول: لـيجحدوا نعمة الله التـي أنعمها علـيهم فـي أنفسهم وأموالهم.



وَلِـيَتَـمَتّعُوا اختلفت القرّاء فـي قراءة
ذلك, فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: وَلِـيَتَـمَتّعُوا بكسر اللام, بـمعنى:
وكي يتـمتعوا آتـيناهم ذلك. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين: وَلْـيَتَـمَتّعُوا
بسكون اللام علـى وجه الوعيد والتوبـيخ: أي اكفروا فإنكم سوف تعلـمون ماذا
يَـلْقون من عذاب الله بكفرهم به.



وأولـى القراءتـين عندي فـي ذلك بـالصواب,
قراءة من قرأه بسكون اللام علـى وجه التهديد والوعيد, وذلك أن الذين قرءوه بكسر
اللام زعموا أنهم إنـما اختاروا كسرها عطفـا بها علـى اللام التـي فـي قوله:
لِـيَكْفُرُوا, وأن قوله لِـيَكْفُرُوا لـما كان معناه: كي يكفروا كان الصواب فـي
قوله وَلِـيَتَـمَتّعُوا أن يكون: وكي يتـمتعوا, إذ كان عطفـا علـى قوله: لـيكفروا
عندهم, ولـيس الذي ذهبوا من ذلك بـمذهب, وذلك لأن لام قوله لِـيَكْفُرُوا صلُـحت
أن تكون بـمعنى كي, لأنها شرط لقوله: إذا هم يشركون بـالله كي يكفروا بـما
آتـيناهم من النعم, ولـيس ذلك كذلك فـي قوله وَلِـيَتَـمَتّعُوا لأن إشراكهم
بـالله كان كفرا بنعمته, ولـيس إشراكهم به تـمتعا بـالدنـيا, وإن كان الإشراك به
يسهل لهم سبـيـل التـمتع بها فإذ كان ذلك كذلك فتوجيهه إلـى معنى الوعيد أولـى
وأحقّ من توجيهه إلـى معنى: وكي يتـمتعوا. وبعد فقد ذكر أن ذلك فـي قراءة أُبـيّ:
«وتَـمَتّعُوا» وذلك دلـيـل علـى صحة من قرأه بسكون اللام بـمعنى الوعيد.



وقوله: أوَ لَـمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَما
آمِنا يقول تعالـى ذكره مذكرا هؤلاء الـمشركين من قريش, القائلـين: لولا أنزل
علـيه آية من ربه, نِعْمَتَه علـيهم التـي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم
بنعمته وإشراكهم فـي عبـادته الاَلهة والأنداد: أو لـم ير هؤلاء الـمشركون من
قريش, ما خصصناهم به من نعمتنا علـيهم دون سائر عبـادنا, فـيشكرونا علـى ذلك,
وينزجروا عن كفرهم بنا, وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرّهم فـي عبـادتنا أنا جعلنا
بلدهم حرما, حرّمنا علـى الناس أن يدخـلوه بغارة أو حرب, آمنا, يأمن فـيه من سكنه,
فأوى إلـيه من السبـاء والـخوف والـحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس
وَيُتَـخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ يقول: وتُسْلَب الناس من حولهم قتلاً
وسبـاء. كما:



21213ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, فـي قوله أو لَـمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَما آمِنا
وَيُتَـخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ قال: كان لهم فِـي ذلك آية أن الناس
يُغزَون ويُتَـخَطّفون وهم آمنون.



وقوله: أفَبـالبـاطِلِ يُؤْمِنُونَ يقول:
أفبـالشرك بـالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا, وبنعمة الله التـي خصهم بها
من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون, يعنـي بقوله «يكفرون»: يجحدون. كما:



21214ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا
سعيد, عن قَتادة, قوله أفَبـالْبـاطِلِ يُؤْمِنُونَ: أي بـالشرك وَبِنِعْمَةِ
اللّهِ يَكْفُرُونَ: أي يجحدون.



الآية : 68


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ
افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذّبَ بِالْحَقّ لَمّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي
جَهَنّمَ مَثْوًى لّلْكَافِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن أظلـم أيها الناس مـمن
اختلق علـى الله كذبـا, فقالوا إذا فعلوا فـاحشة: وجدنا علـيها آبـاءنا, والله أمرنا
بها, والله لا يأمر بـالفحشاء أوْ كَذّبَ بـالـحَقّ لَـمّا جاءَهُ يقول: أو كذّب
بـما بعث الله به رسوله مـحمدا صلى الله عليه وسلم من توحيده, والبراءة من الاَلهة
والأنداد لـما جاءه هذا الـحقّ من عند الله ألَـيْسَ فِـي جَهَنّـمَ مَثْوًى
للْكافِرِينَ يقول: ألـيس فـي النار مَثْوًى ومَسْكَن لـمن كفر بـالله, وجحد
توحيده وكذّب رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا تقرير, ولـيس بـاستفهام, إنـما هو
كقول جرير:



ألَسْتُـمْ خَيْرَ مَنْ رَكبَ الـمَطايا وأنْدَى
العالَـمِينَ بُطُونَ رَاحِ



إنـما أخبر أن للكافرين بـالله مَسْكَنا فـي
النار, ومنزلاً يَثْوُون فـيه.



الآية : 69


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ جَاهَدُواْ
فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: والذين قاتلوا هؤلاء
الـمفترين علـى الله كذبـا من كفـار قريش, الـمكذّبـين بـالـحقّ لـما جاءهم فـينا,
مُبتغين بقتالهم علوّ كلـمتنا, ونُصرة ديننا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنا يقول:
لنوفقنهم لإصابة الطريق الـمستقـيـمة, وذلك إصابة دين الله الذي هو الإسلام الذي
بعث الله به مـحمدا صلى الله عليه وسلم وَإنّ اللّهَ لَـمَعَ الـمُـحْسِنِـينَ
يقول: وإن الله لـمع من أحسن من خـلقه, فجاهد فـيه أهل الشرك, مُصَدّقا رسوله
فـيـما جاء به من عند الله بـالعون له, والنصرة علـى من جاهد من أعدائه. وبنـحو
الذي قلنا فـي تأويـل قوله والّذِينَ جاهَدُوا فِـينا قال أهل التأويـل. ذكر من
قال ذلك:



21215ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله وَالّذِينَ جاهَدُوا فِـينا فقلت له: قاتلوا فـينا, قال:
نعم.


نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة العنكبوت

تفسير سورة العنكبوت 457895100
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
fareed tauson
مؤسس الموقع

مؤسس الموقع
fareed tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3039
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
الموقع : منتدي شباب ستار
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty27/7/2011, 1:45 am

تفسير سورة العنكبوت 128874263114
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty27/7/2011, 10:20 pm

تفسير سورة العنكبوت 738953253
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
Sheikh_Alarab

تفسير سورة العنكبوت Default4
Sheikh_Alarab


. : تفسير سورة العنكبوت E861fe10
عدد المشاركات : 121
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 34

تفسير سورة العنكبوت Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة العنكبوت   تفسير سورة العنكبوت Empty13/8/2011, 3:25 pm

جزاك الله كل خير
الف شكراا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة العنكبوت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة يس
» تفسير سورة طه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: