شباب ستار
تفسير سورة المؤمنون 749093772
شباب ستار
تفسير سورة المؤمنون 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة المؤمنون

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 5:27 pm




سورة المؤمنون


سورة الـمؤمنون مكية


وآياتها ثمانـي عشرة
ومائة



بِسمِ
اللّهِ الرحمَن الرّحِيـمِ






الآية : 1
-3



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *
الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغْوِ مّعْرِضُونَ }.



قال أبو جعفر: يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: قَدْ
أفلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ: قد أدرك الذين صدقوا الله ورسوله مـحمدا صلى الله عليه
وسلم, وأقرّوا بـما جاءهم به من عند الله, وعملوا بـما دعاهم إلـيه مـما سمي فـي
هذه الأيات, الـخـلودَ فـي جنّات ربهم وفـازوا بطَلِبتهم لديه. كما:



19228ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرّزاق, عن معمر, عن قَتادة, فـي قوله: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ قال: قال
كعب: لـم يخـلق الله بـيده إلاّ ثلاثة: خـلق آدم بـيده, وكتب التوراة بـيده, وغرس
جنة عَدْن بـيده, ثم قال لها: تكلـمي فقالت: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ لـما
علـمت فـيها من الكرامة.



19229ـ حدثنا سهل بن موسى الرازيّ, قال: حدثنا
يحيى بن الضريس, عن عمرو بن أبـي قـيس, عن عبد العزيز بن رفـيع, عن مـجاهد, قال:
لـما غرس الله تبـارك وتعالـى الـجنة, نظر إلـيها فقال: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ.



19230ـ قال: ثنا حفص بن عمر, عن أبـي خـلدة, عن
أبـي العالـية, قال: لـما خـلق الله الـجنة قال: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ
فأنزل الله به قرآنا.



19231ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جبـير, عن
عطاء, عن ميسرة, قال: لـم يخـلق الله شيئا بـيده غير أربعة أشياء: خـلق آدم بـيده,
وكتب الألواح بـيده, والتوراة بـيده, وغرس عدْنا بـيده, ثم قال: قَدْ أفْلَـحَ
الـمُؤْمِنُونَ.



وقوله: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ
خاشِعُونَ يقول تعالـى ذكره: الذين هم فـي
صلاتهم إذا قاموا فـيها خاشعون وخشوعهم فـيها تذللهم لله فـيها بطاعته, وقـيامهم
فـيها بـما أمرهم بـالقـيام به فـيها. وقـيـل: إنها نزلت من أجل أن القوم كانوا
يرفعون أبصارهم فـيها إلـى السماء قبل نزولها, فنُهُوا بهذه الاَية عن ذلك. ذكر
الرواية بذلك:



19232ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
الـمعتـمر بن سلـيـمان, قال: سمعت خالدا, عن مـحمد بن سيرين, قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا صلّـى نظر إلـى السماء, فأنزلت هذه الاَية: الّذِينَ هُمْ
فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ قال: فجعل بعد ذلك وجهه حيث يسجد.



19233ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا هارون بن
الـمغيرة, عن أبـي جعفر, عن الـحجاج الصوّاف, عن ابن سيرين, قال: كان أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم فـي الصلاة إلـى السماء حتـى نزلت: قَدْ
أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ فقالوا بعد ذلك
برؤوسهم هكذا.



19234ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
ابن علـية, قال: أخبرنا أيوب, عن مـحمد, قال: «نبئت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان إذا صلـى رفع بصره إلـى السماء, فنزلت آية إن لـم تكن الّذِينَ هُمْ فِـي
صَلاتِهِمْ خاشعُونَ فلا أدري أية آية هي قال: فطأطأ». قال: وقال مـحمد: وكانوا
يقولون: لا يجاوز بصْره مصّلاه, فإن كان قد استعاد رالنظر فلـيغْمِض.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا
هشيـم, عن ابن عون, عن مـحمد نـحوه.



واختلف أهل التأويـل فـي الذي عنـي به فـي هذا
الـموضع من الـخشوع, فقال بعضهم: عنـي به سكون الأطراف فـي الصلاة. ذكر من قال
ذلك:



19235ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ
قال: السكون فـيها.



19236ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن الزهريّ: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قال: سكون
الـمرء فـي صلاته.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن الزهريّ, مثله.



19237ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق,
عن الثوريّ, عن أبـي سفـيان الشيبـانـي, عن رجل, عن علـيّ, قال: سئل عن قوله: الّذِينَ
فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ قال: لا تلتفت فـي صلاتك.



19238ـ حدثنا عبد الـجبـار بن يحيى الرملـيّ,
قال: قال ضَمْرة بن ربـيعة, عن أبـي شَوْذب, عن الـحسن, فـي قوله: الّذِينَ هُمْ
فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قال: كان خشوعهم فـي قلوبهم, فغضوا بذلك البصر وخفضوا
به الـجَناح.



19239ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا هشيـم, قال: أخبرنا معمر, عن إبراهيـم, فـي قوله: خاشعُونَ قال: الـخشوع فـي
القلب, وقال: ساكنون.



قال: حدثنا الـحسن, قال: ثنـي خالد بن عبد
الله, عن الـمسعوديّ, عن أبـي سنان, عن رجل من قومه, عن علـيّ رضي الله عنه, قال:
الـخشوع فـي القلب, وأن تُلِـين للـمرء الـمسلـم كَنَفك, ولا تلتفت.



19240ـ قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن
ابن جرَيج, قال: قال عطاء بن أبـي ربـاح, فـي قوله: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهمْ
خاشعُونَ قال: التـخشع فـي الصلاة. وقال لـي غير عطاء: كان النبـيّ صلى الله عليه
وسلم إذا قام فـي الصلاة نظر عن يـمينه ويساره ووُجاهه, حتـى نزلت: قَدْ أفْلَـحَ
الـمُؤْمِنُونَ الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ فما رُؤي بعد ذلك ينظر
إلاّ إلـى الأرض.



وقال آخرون: عنـي به الـخوف فـي هذا الـموضع.
ذكر من قال ذلك:



19241ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن الـحسن: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهِمْ خاشعُونَ قال: خائفون.



19242ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرّزاق, قال: أخبرنا معمر, فـي قوله: الّذِينَ هُمْ فِـي صَلاتِهمْ خاشِعُونَ قال
الـحسن: خائفون. وقال قتادة: الـخشوع فـي القلب.



19243ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله: الّذِينَ هُمْ فِـي
صَلاتِهمْ حاشعُونَ يقول: خائفون ساكنون.



وقد بـيّنا فـيـما مضى قبل من كتابنا أن
الـخشوع التذلل والـخضوع بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. وإذ كان ذلك كذلك,
ولـم يكن الله تعالـى ذكره دلّ علـى أن مراده من ذلك معنى دون معنى فـي عقل ولا
خبر, كان معلوما أن معنى مراده من ذلك العموم. وإذ كان ذلك كذلك, فتأويـل الكلام
ما وصفت مِنْ قَبْلُ من أنه: والذين هم فـي صلاتهم متذللّون لله بإدامة ما ألزمهم
من فرضه وعبـادته, وإذا تذلل لله فـيها العبد رؤيت ذلة خضوعه فـي سكون أطرافه
وشغله بفرضه وتركه ما أمر بتركه فـيها.



وقوله: وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغْوِ
مُعْرِضُونَ يقول تعالـى ذكره: والذين هم
عن البـاطل وما يكرهه الله من خـلقه معرضون.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19244ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغْوِ
مُعْرِضُونَ يقول: البـاطل.



19245ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن الـحسن: عَنِ اللّغْوِ مُعْرِضُونَ قال: عن الـمعاصي.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن
معمر, عن الـحسن, مثله.



19246ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغو مُعْرِضُونَ قال: النبـيّ صلى
الله عليه وسلم ومن معه من صحابته, مـمن آمن به واتبعه وصدقه, كانوا عن اللغْوِ
معرضين.






الآية : 4
-7



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ هُمْ لِلزّكَـاةِ فَاعِلُونَ * وَالّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
* إِلاّ عَلَىَ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىَ وَرَآءَ ذَلِكَ
فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ }.



يقول تعالـى ذكره:والذين هم لزكاة أموالهم
التـي فرضها الله علـيهم فـيها مؤدّون, وفعلهم الذي وصفوا به هو أداؤهموها. وقوله:
وَالّدِينَ هُمْ لِفُرُوجهِمْ حافِظُونَ إلاّ عَلـى أزْوَاجِهِمْ يقول: والذين هم
لفروج أنفسهم. وعنى بـالفروج فـي هذا الـموضع: فروج الرجال, وذلك أقبـالهم.
حَافِظُونَ يحفظونها من أعمالها فـي شيء من الفروج. إلاّ عَلـى أزْوَاجِهمْ يقول:
إلاّ من أزواجهم اللاتـي أحلهنّ الله للرجال بـالنكاح. أوْ ما مَلَكَتْ
أيْـمَانُهُمْ يعنـي بذلك: إماءهم. و «ما» التـي فـي قوله: أوْ ما مَلَكَتْ
أيْـمَانُهُمْ فـي مـحلّ خفض عطفـا علـى الأزواج. فإنّهُمْ غيرُ مَلُومِينَ يقول:
فإن من لـم يحفظ فرجه عن زوجه وملك يـمينه, وحفظه عن غيره من الـخـلق, فإنه غير
مُوَبّخ علـى ذلك ولا مذموم ولا هو بفعله ذلك راكب ذنبـا يلام علـيه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19247ـ حدثنا مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَالّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إلاّ عَلـى أَزْوَاجِهِم أَوْ ما مَلَكَتْ أيْـمَانُهُمْ
فإنّهُمْ غيرُ مَلُومِينَ يقول: رضي الله لهم إتـيانهم أزواجهم وما ملكت أيـمانهم.



وقوله: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلكَ
يقول: فمن التـمس لفرجه مَنكَحا سوى زوجته
وملك يـمينه, فأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ
يقول: فهم العادون حدود الله, الـمـجاوزون ما أحلّ الله لهم إلـى ما حرّم علـيهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19248ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: نهاهم الله نهيا
شديدا, فقال: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلكَ فأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ فسمى
الزانـي من العادين.



19249ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فأُولَئِكَ هُمُ العادُونَ قال: الذين يتعدّون الـحلال
إلـى الـحرام.



19250ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
عطاء, عن أبـي عبد الرحمن, فـي قوله: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلكَ فأُولَئكَ هُمُ
العادُونَ قال: من زنى فهو عادٍ.






الآية : 8
-10



القول فـي تأويـل قوله
تعالـى: {وَالّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالّذِينَ هُمْ عَلَىَ صَلَوَاتِهِمْ
يُحَافِظُونَ * أُوْلَـَئِكَ هُمُ
الْوَارِثُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَالّذِينَ هُمْ
لأَماناتِهمْ التـي ائتـمنوا علـيها وعهدهم, وهو عقودهم التـي عاقدوا الناس
راعُونَ يقول: حافظون لا يضيعون, ولكنهم يوفون بذلك كله.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الأمصار إلا ابن كثـير: وَالّذِينَ هُمْ لأَماناتِهِمْ علـى الـجمع. وقرأ
ذلك ابن كثـير: «لأَمانَتِهِم» علـى الواحدة.



والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا:
لأَماناتِهِمْ لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها.



وقوله: وَالّذِينَ هُمْ عَلـى صَلَوَاتِهمْ
يُحافِظُونَ يقول: والذين هم علـى أوقات صلاتهم يحافظون, فلا يضيعونها ولا يشتغلون
عنها حتـى تفوتهم, ولكنهم يراعونها حتـى يؤدّوها فـيها.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19251ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن أبـي الضحى, عن مسروق: وَالّذِينَ هُمْ عَلـى
صَلَوَاتِهِمْ يُحافِظُونَ قال: علـى وقتها.



حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن
الأعمش, عن مسلـم, عن مسروق: وَالّذينَ هُمْ عَلـى صَلَوَاتِهِمْ يُحافظُونَ علـى
ميقاتها.



19252ـ حدثنا ابن عبد الرحمن البرقـيّ, قال:
حدثنا ابن أبـي مريـم, قال: أخبرنا يحيى بن أيوب, قال: أخبرنا ابن زَحْر, عن
الأعمش, عن مسلـم بن صبـيح, قال: الّذِينَ هُمْ عَلـى صَلَوَاتِهمْ يُحافِظُونَ
قال: إقام الصلاة لوقتها.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: علـى صلواتهم دائمون.
ذكر من قال ذلك:



19253ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
منصور, عن إبراهيـم: عَلـى صَلَوَاتِهِمْ يُحافِظُونَ قال: دائمون. قال: يعنـي بها
الـمكتوبة.



وقوله: أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ يقول
تعالـى ذكره: هؤلاء الذين هذه صفتهم فـي الدنـيا, هم الوارثون يوم القـيامة منازل
أهل النار من الـجنة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 5:28 pm

وبنـحو الذي قلنا فـي
ذلك, رُوي الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتأوّله أهل التأويـل. ذكر
الرواية بذلك:



19254ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا أبو
معاوية, عن الأعمش, عن أبـي صالـح, عن أبـي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَلَهُ مَنْزِلانِ: مَنْزِلٌ فِـي
الـجَنّةِ, ومَنْزِلٌ فِـي النّارِ, وَإنْ ماتَ وَدَخَـلَ النّارِ وَرِثَ أهْلُ
الـجَنّةِ مَنْزِلَهُ» فذلك قوله: أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ.



19255ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: حدثنا عبد
الرّزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الأعمش, عن أبـي صالـح, عن أبـي هريرة, فـي قوله:
أولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ قال: يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التـي أعدّت لهم لو
أطاعوا الله.



حدثنـي ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن الأعمش, عن أبـي هريرة: أولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ قال: يرثون
مساكنهم ومساكن إخوانهم الذين أعدّت لهم لو أطاعوا الله.



19256ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُريَج, قال: الوارثون الـجنة أورثتـموها, والـجنة التـي نورث
من عبـادنا, هن سواء. قال ابن جريج: قال مـجاهد: يرث الذي من أهل الـجنة أهله وأهل
غيره, ومنزل الذين من أهل النار هم يرثون أهل النار, فلهم منزلان فـي الـجنة
وأهلان. وذلك أنه منزل فـي الـجنة ومنزل فـي النار, فأما الـمؤمن فَـيْبِنى منزله
الذي فـي الـجنة ويهدم منزله الذي فـي النار, وأما الكافر فـيهدم منزله الذي فـي
الـجنة ويبنى منزله الذي فـي النار. قال ابن جُرَيج عن لـيث بن أبـي سلـيـم, عن
مـجاهد, أنه قال مثل ذلك.






الآية : 11


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {الّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: الّذِينَ يَرِثُونَ
البستان ذا الكَرْم, وهو الفِرْدَوْسُ عند العرب. وكان مـجاهد يقول: هو بـالرومية.



19257ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, فـي قوله: الّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ
قال: الفردوس: بستان بـالرومية.



19258ـ قال: ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن
مـجاهد, قال: عدن حديقة فـي الـجنة قصرها فـيها عدنها خـلقها بـيده, تفتـح كل فجر
فـينظر فـيها ثم يقول: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ, قال: هي الفردوس أيضا تلك
الـحديقة, قال مـجاهد: غرسها الله بـيده فلـما بلغت قال: قَدْ أفْلَـحَ
الـمُؤْمِنُونَ ثم أمر بها تغلق, فلا ينظر فـيها خـلق ولا ملك مقرّب, ثم تفتـح كل
سحر فـينظر فـيها فـيقول: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنونَ ثم تغلق إلـى مثلها.



19259ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة, قال: قتل حارثة بن سُراقة يوم بدر, فقالت أمه: يا رسول
الله, إن كان ابنـي من أهل الـجنة لـم أبك علـيه, وإن كان من أهل النار بـالغت فـي
البكاء. قال: «يا أُمّ حارِثَةَ, إنّها جَنّتانِ فِـي جَنّةٍ, وَإنّ ابْنَكِ قَدْ
أصَابَ الفِرْدَوْسَ الأعْلَـى مِنَ الـجَنّةِ».



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19260ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي أبو سفـيان, عن معمر, عن قتادة, عن كعب, قال: خـلق الله بـيده جنة الفردوس,
غرسها بـيده, ثم قال: تكلـمي قالت: قَدْ أفْلَـحَ الـمُؤْمِنُونَ.



19261ـ قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن
حُسام بن مِصَكّ, عن قَتادة أيضا, مثله, غير أنه قال: تكلـمي, قالت: طوبـي
للـمتّقـين.



19262ـ قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا مـحمد
بن يزيد, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن أبـي داود نفـيع, قال: لـما خـلقها الله,
قال لها: تزينـي فتزينت ثم قال لها: تكلـمي فقالت: طوبـي لـمن رضيت عنه.



وقوله: هُمْ فِـيها خالِدُونَ يعنـي ماكثون
فـيها, يقول: هؤلاء الذين يرثون الفردوس خالدون, يعنـي ماكثون فـيها أبدا لا
يتـحوّلون عنها.






الآية : 12


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى:



{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ
مّن طِينٍ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلَقَدْ خَـلَقْنَا
الإنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ أسللناه منه, فـالسلالة هي الـمستلة من كلّ
تربة ولذلك كان آدم خـلق من تربة أخذت من أديـم الأرض.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل
علـى اختلاف منهم فـي الـمعنـيّ بـالإنسان فـي هذا الـموضع, فقال بعضهم: عنـي به
آدم. ذكر من قال ذلك:



19263ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة: مِنْ طِينٍ قال: استلّ آدم من الطين.



19264ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق,
عن معمر, عن قَتادة, فـي قوله: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ قال: استلّ آدم من طين,
وخُـلقت ذرّيته من ماء مهين.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولقد خـلقنا ولد آدم,
وهو الإنسان الذي ذكر فـي هذا الـموضع, من سلالة, وهي النطفة التـي استُلّت من ظهر
الفحل من طين, وهو آدم الذي خُـلق من طين. ذكر من قال ذلك:



19265ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن الـمنهال بن عمرو, عن أبـي يحيى, عن ابن عبـاس:
مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ قال: صفوة الـماء.



19266ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد فـي قول الله: مِنْ سُلالَةٍ من منـيّ آدم.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
معناه: ولقد خـلقنا ابن آدم من سُلالة آدم, وهي صفة مائة وآدم هو الطين, لأنه
خُـلق منه.



وإنـما قلنا ذلك أولـى التأويـلـين بـالاَية,
لدلالة قوله: ثُمّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً
فِـي قَرَارٍ مَكِينٍ علـى أن ذلك كذلك لأنه معلوم أنه لـم يَصِرْ فـي قرار مكين
إلاّ بعد خـلقه فـي صلب الفحل, ومن بعد تـحوّله من صلبه صار فـي قرار مكين والعرب
تسمي ولد الرجل ونطفته: سلـيـله وسلالته, لأنهما مسلولان منه ومن السّلالة قول
بعضهم:



حَمَلَتْ بِهِ عَضْبَ الأدِيـمِ غَضَنْفَر اسُلالَةَ فَرْجٍ كانَ غيرَ حَصِينِ



وقول الاَخر:


وَهَلْ كُنْتُ إلاّ مُهْرَةً عَرَبِـيّةً سُلالَةَ أفْرَاسٍ تَـجَلّلَها بَغْلُ


فمن قال: سلالة جمعها سلالات, وربـما جمعوها سلائل,
ولـيس بـالكثـير, لأن السلائل جمع للسلـيـل ومنه قول بعضهم:



إذا أُنْتِـجَتْ مِنْها الـمَهارَى تَشابَهَ تْعَلـى القَوْدِ إلاّ بـالأُنُوفِ سَلائلُهْ



وقول الراجز:


يَقْذِفْنَ فِـي أسْلابِها بـالسّلائِل





الآية : 13
-14



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مّكِينٍ * ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا
الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقوله: ثُمّ جَعَلْناهُ
نطْفَةً فِـي قَرَارٍ مَكِينٍ ثم جعلنا الإنسان الذي جعلناه من سلالة من طين, نطفة
فـي قرار مكين, وهو حيث استقرّت فـيه نطفة الرجل من رحم الـمرأة. ووصفه بأنه مكين,
لأنه مُكّن لذلك وهيىء له لـيستقرّ فـيه إلـى بلوغ أمره الذي جعله له قرارا. وقوله: ثُمّ خَـلَقْنا النطْفَةَ عَلَقَةً
يقول: ثم صيرنا النطفة التـي جعلناها فـي قرار مكين علقة, وهي القطعة من الدم.
فَخَـلَقْنا العَلَقَةَ مُضْغَةً يقول: فَجعلنا ذلك الدم مضغة, وهي القطعة من اللـحم.
وقوله: فخَـلَقْنا الـمُضْغَةَ عِظاما يقول: فجعلنا تلك الـمضغة اللـحم عظاما.



وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الـحجاز والعراق سوى عاصم: فخَـلَقْنا الـمُضْغَةَ عِظاما علـى الـجماع,
وكان عاصم وعبد الله يقرآن ذلك: «عَظْما» فِـي الـحرفـين علـى التوحيد جميعا.



والقراءة التـي نـختار فـي ذلك الـجماع, لإجماع
الـحجة من القرّاء علـيه.



وقوله: فَكَسَوْنا العِظامَ لَـحْما يقول:
فألبسنا العظام لـحما. وقد ذكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «ثُمّ خَـلَقْنا
النطْفَةَ عَظْما وعصبـا فَكَسَوْنَاه لَـحْما». وقوله: ثُمّ أنْشأْناهُ خَـلْقا
آخَرَ يقول: ثم أنشأنا هذا الإنسان خـلقا آخر. وهذه الهاء التـي فـي: أنْشَأْناهُ
عائدة علـى «الإنسان» فـي قوله: وَلَقَدْ خَـلَقْنا الإنْسانَ قد يجوز أن تكون من
ذكر العظم والنطفة والـمضغة, جعل ذلك كله كالشيء الواحد, فقـيـل: ثم أنشأنا ذلك
خـلقا آخر.



واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: ثُمّ
أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ فقال بعضهم: إنشاؤه إياه خـلقا آخر: نفخه الروح فـيه,
فـيصير حينئذٍ إنسانا, وكان قبل ذلك صورة. ذكر من قال ذلك:



19267ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا
هشيـم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء, عن ابن عبـاس فـي قوله: ثُمّ أنْشَأْناهُ
خَـلْقا آخَرَ قال: نفخ الروح فـيه.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن قال:
حدثنا هشيـم عن الـحجاج بن أرطأة عن عطاء, عن ابن عبـاس, بـمثله.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عبـاس: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال:
الروح.



19268ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن عبد الرحمن بن الأصبهانـي عن عكرمة, فـي قوله: ثُمّ
أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: نفخ الروح فـيه.



19269ـ حدثنا ابن بشار وابن الـمثنى, قالا:
حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سلـمة, عن داود بن أبـي هند, عن الشعبـيّ: ثُمّ
أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: نفخ فـيه الروح.



19270ـ قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا
سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, بـمثله.



19271ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, فـي قوله: ثُمّ
أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: نفخ فـيه الروح, فهو الـخـلق الاَخر الذي ذكر.



19272ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول, فـي قوله: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا
يعنـي الروح تنفخ فـيه بعد الـخـلق.



19273ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: الروح الذي جعله
فـيه.



وقال آخرون: إنشاؤه خـلقا آخر تصريفه إياه فـي
الأحوال بعد الولادة: فـي الطفولة, والكهولة, والاغتذاء, ونبـات الشعر, والسنّ,
ونـحو ذلك من أحوال الأحياء فـي الدنـيا. ذكر من قال ذلك:



19274ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: حدثنا أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ أنْشَأْناهُ
خَـلْقا آخَرَ فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ يقول: خرج من بطن أمه
بعدما خـلق, فكان من بدء خـلقه الاَخر أن استهلّ, ثم كان من خـلقه دُلّ علـى ثدي
أمه, ثم كان من خـلقه أن علـم كيف يبسط رجلـيه, إلـى أن قعد, إلـى أن حبـا, إلـى
أن قام علـى رجلـيه, إلـى أن مشى, إلـى أن قُطِم, فعلـم كيف يشرب ويأكل من الطعام,
إلـى أن بلغ الـحلـم, إلـى أن بلغ أن يتقلّب فـي البلاد.



19275ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: يقول
بعضهم: هو نبـات الشعر, وبعضهم يقول: هو نفخ الروح.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, قال:
أخبرنا معمر عن قَتادة, مثله.



19276ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال: يقال
الـخـلق الاَخر بعد خروجه من بطن أمه بسنه وشعره.



وقال آخرون: بل عَنَى بإنشائه خـلقا آخر: سوّى
شبـابه. ذكر من قال ذلك:



19277ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: ثُمّ أنْشَأْناهُ خَـلْقا آخَرَ قال:
حين استوى شبـابه.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال مـجاهد: حين استوى به الشبـاب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 5:30 pm

وأولـى الأقوال فـي ذلك
بـالصواب قول من قال: عنى بذلك نفخ الروح فـيه وذلك أنه بنفخ الروح فـيه يتـحوّل
خـلقا آخر إنسانا, وكان قبل ذلك بـالأحوال التـي وصفه الله أنه كان بها, من نطفة
وعلقة ومضغة وعظم وبنفخ الروح فـيه, يتـحوّل عن تلك الـمعانـي كلها إلـى معنى
الإنسانـية, كما تـحوّل أبوه آدم بنفخ الروح فـي الطينة التـي خـلق منها إنسانا
وخـلقا آخر غير الطين الذي خـلق منه.



وقوله: فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ
الـخالِقِـينَ اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معناه فتبـارك الله
أحسن الصانعين. ذكر من قال ذلك:



19278ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن
عنبسة, عن لـيث, عن مـجاهد: فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ الـخالِقِـينَ قال: يصنعون
ويصنع الله, والله خير الصانعين.



وقال آخرون: إنـما قـيـل: فَتَبـارَكَ اللّهُ
أحْسَنُ الـخالِقِـينَ لأن عيسى ابن مريـم كان يخـلق, فأخبر جلّ ثناؤه عن نفسه أنه
يخـلق أحسن مـما كان يخـلق. ذكر من قال ذلك:



19279ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, فـي قوله: فَتَبـارَكَ اللّهُ أحْسَنُ
الـخالِقِـينَ قال: عيسى ابن مريـم يخـلق.



وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول مـجاهد,
لأن العرب تسمي كل صانع خالقا ومنه قول زهير:



وَلأَنْتَ تَفْرِي ما خَـلَقْتَ وَبَعْضُ
القَوْمِ يَخْـلُقُ ثُمّ لا يَفْرِي



ويروى:


وَلأَنْتَ تَـخْـلُقُ ما فَريْتَ وَبَعْضُ
القَوْمِ يَخْـلُقُ ثُمّ لا يَفْرِي






الآية : 15
-16



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ * ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره: ثم إنكم أيها الناس من بعد
إنشائكم خـلقا آخـل وتصيـيرناكم إنسانا سويّا ميتون وعائدون ترابـا كما كنتـم, ثم
إنكم بعد موتكم وعودكم رفـاتا بـالـيا مبعوثون من التراب خـلقا جديدا كما بدأناكم
أوّل مرّة. وإنـما قـيـل: ثُمّ إنّكُمْ بَعْدَ ذلكَ لَـمَيّتُونَ لأنه خبر عن حال
لهم يحدث لـم يكن. وكذلك تقول العرب لـمن لـم يـمت: هو مائت وميت عن قلـيـل, ولا
يقولون لـمن قد مات مائت, وكذلك هو طَمِع فـيـما عندك إذا وصف بـالطمع, فإذا أخبر
عنه أنه سيفعل ولـم يفعل قـيـل هو طامع فـيـما عندك غدا, وكذلك ذلك فـي كلّ ما كان
نظيرا لـما ذكرناه.



الآية : 17


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنّا عَنِ
الْخَلْقِ غَافِلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد خـلقنا فوقكم أيها
الناس سبع سموات بعضهنّ فوق بعض والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة. وإنـما قـيـل
للسموات السبع سبع طرائق, لأن بعضهنّ فوق بعض, فكل سماء منهنّ طريقة.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19280ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قول الله: وَلَقَدْ خَـلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ قال:
الطرائق: السموات.



وقوله: وَما كُنّا عَنِ الـخَـلْقِ غافِلـينَ
يقول: وما كنا فـي خـلقنا السموات السبع فوقكم عن خـلقنا الذي تـحتها غافلـين, بل
كنا لهم حافظين من أن تسقط علـيهم فتهلكهم.



الآية : 18


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي
الأرْضِ وَإِنّا عَلَىَ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وأنزلنا من السماء ما فـي
الأرض من ماء, فأسكناه فـيها. كما:



19281ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: وأنْزَلْنا مِنَ السّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فأسْكَنّاهُ
فِـي الأرْضِ ماء هو من السماء.



وقوله: وَإنّا علـى ذهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ
يقول جلّ ثناؤه: وإنا علـى الـماء الذي أسكناه فـي الأرض لقادرون أن نذهب به
فتهلكوا أيها الناس عطشا وتـخرب أرضوكم, فلا تنبت زرعا ولا غرسا, وتهلك مواشيكم,
يقول: فمن نعمتـي علـيكم تركي ذلك لكم فـي الأرض جاريا.



الآية : 19


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنّاتٍ مّن نّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لّكُمْ
فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فأحدثنا لكم بـالـماء الذي
أنزلناه من السماء, بساتـين من نـخيـل وأعناب لَكُمْ فِـيهَا يقول: لكم فـي
الـجنات فواكه كثـيرة. وَمِنْها تَأْكُلُونَ يقول: ومن الفواكه تأكلون. وقد يجوز
أن تكون الهاء والألف من ذكر الـجنات, ويحتـمل أن تكون من ذكر النـخيـل والأعناب. وخصّ
جلّ ثناؤه الـجنات التـي ذكرها فـي هذا الـموضع, فوصفها بأنها من نـخيـل وأعناب
دون وصفها بسائر ثمار الأرض لأن هذين النوعين من الثماء كانا هما أعظم ثمار
الـحجاز وما قرب منها, فكانت النـخيـل لأهل الـمدينة, والأعناب لأهل الطائف, فذكر
القوم بـما يعرفون من نعمة الله علـيهم, بـما أنعم به علـيهم من ثمارها.



الآية : 20


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِالدّهْنِ
وَصِبْغٍ لّلاَكِلِيِنَ }.



يقول تعالـى ذكره: وأنشأنا لكم أيضا شجرة
تـخرج من طور سيناء و «شجرة» منصوبة عطفـا علـى «الـجنات», ويعنـي بها: شجرة
الزيتون.



وقوله: تَـخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ يقول:
تـخرج من جبل يُنْبِت الأشجار.



وقد بـيّنت معنى الطور فـيـما مضى بشواهده,
واختلاف الـمختلفـين, بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وأما قوله: سَيْناءَ فإن القرّاء اختلفت فـي
قراءته, فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: «سِيناءَ» بكسر السين. وقرأ ذلك عامة
قرّاء الكوفة: سَيْناءَ بفتـح السين, وهما جميعا مـجمعون علـى مدّها.



والصواب من القول فـي ذلك: أنهما قراءتان
معروفتان فـي قَرَأَة الأمصار بـمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.



واختلف أهل التأويـل فـي تأويـله, فقال بعضهم:
معناه: الـمبـارك, كأن معنى الكلام عنده: وشجرة تـخرج من جبل مبـارك. ذكر من قال
ذلك:



19282ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: طُورِ سَيْناءَ قال: الـمبـارك.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19283ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَشَجَرَةً
تَـخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ قال: هو جبل بـالشام مبـارك.



وقال آخرون: معناه: حسن. ذكر من قال ذلك:


19284ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة, فـي قوله: طُورِ سَيْناءَ قال: هو جبل حسن.



19285ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: مِنْ طُورِ سَيْناءَ الطور:
الـجبل بـالنبطية, وسيناء: حسنة بـالنبطية.



وقال آخرون: هو اسم جبل معروف. ذكر من قال ذلك:


19286ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخُراسانـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله: مِنْ
طُورِ سَيْناءَ قال: الـجبل الذي نودي منه موسى صلى الله عليه وسلم.



19287ـ حدثنـي يونس قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: طُورِ سَيْناءَ قال: هو جبل الطور الذي بـالشام, جبل ببـيت
الـمقدس, قال: مـمدود, هو بـين مصر وبـين آيَـلْة.



وقال آخرون: معناه: أنه جبل ذو شجر. ذكر من قال
ذلك:



19288ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عمن قاله.



والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن سيناء
اسم أضيف إلـيه الطور يعرف به, كما قـيـل جبلاً طيّىء, فأضيفـا إلـى طيىء, ولو كان
القول فـي ذلك كما قال من قال معناه جبل مبـارك, أو كما قال من قال معناه حسن,
لكان «الطور» منوّنا, وكان قوله «سيناء» من نعته. علـى أن سيناء بـمعنى: مبـارك
وحسن, غير معروف فـي كلام العرب فـيجعل ذلك من نعت الـجبل, ولكن القول فـي ذلك إن
شاء الله كما قال ابن عبـاس, من أنه جبل عرف بذلك, وأنه الـجبل الذي نُودي منه
موسى صلى الله عليه وسلم, وهو مع ذلك مبـارك, لا أن معنى سيناء معنى مبـارك.



وقوله: تَنْبُتُ بـالدّهْنِ اختلفت القرّاء
فـي قراءة قوله: تَنْبُتُ فقرأته عامة قرّاء الأمصار: تَنْبُتُ بفتـح التاء,
بـمعنى: تنبت هذه الشجرة بثمر الدهن, وقرأه بعض قرّاء البصرة: «تُنْبِتُ» بضم
التاء, بـمعنى: تنبت الدهن: تـخرجه. وذكر أنها فـي قراءة عبد الله: «تُـخْرِجُ
الدّهْنَ» وقالوا: البـاء فـي هذا الـموضع زائدة, كما قـيـل: أخذت ثوبه وأخدته
بثوبه وكما قال الراجز:



نَـحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أرْبـابُ
الفَلَـجْنَضْرِبُ بـالْبِـيضِ وَنَرْجُو بـالفَرَجْ



بـمعنى: ونرجو الفرج. والقول عندي فـي ذلك
أنهما لغتان: نبت, وأنبت ومن أنبت قول زهير:



رأيْتَ ذَوِي الـحاجاتِ حَوْلَ بُـيُوتهِمْقَطِينا
لَهُمْ حتـى إذَا أنْبَتَ البَقْلُ



ويروى: «نبت», وهو كقوله: فأَسْرِ بأهْلِكَ و
«فـاسْرِ». غير أن ذلك وإن كان كذلك, فإن القراءة التـي لا أختار غيرها فـي ذلك
قراءة من قرأ: تَنْبُتُ بفتـح التاء, لإجماع الـحجة من القرّاء علـيها. ومعنى ذلك:
تنبت هذه الشجرة بثمر الدهن. كما:



19289ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: تَنْبُتُ بـالدّهْنِ قال: بثمره.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



والدهن الذي هو من ثمره الزيت, كما:


19290ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: تَنْبُتُ بـالدّهْنِ يقول: هو
الزيت يؤكل ويُدّهن به.



وقوله: وَصِبْغٍ لْلاَكِلِـينَ يقول: تنبت
بـالدهن وبصبغ للاَكلـين, يُصْطَبَغ بـالزيت الذين يأكلونه. كما:



19291ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله: وَصِبْغٍ
لْلاَكِلِـينَ قال: هذا الزيتون صبغ للاَكلـين, يأتدمون به ويصطبغون به.



قال أبو جعفر: فـالصبغ عطف علـى الدهن.





الآية : 21
-22



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِنّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نّسْقِيكُمْ مّمّا فِي
بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَإنّ لَكُمْ أيها الناس
فِـي الأَنْعامِ لَعْبرَةً تعتبرون بها, فتعرفون بها أياديَ الله عندكم وقدرته
علـى ما يشاء, وأنه الذي لا يـمتنع علـيه شيء أراده ولا يُعْجِزه شيء شاءه.
نُسْقـيكُمْ مِـمّا فِـي بُطُونِها من اللبن الـخارج من بـين الفرث والدم.
وَلَكُمْ مع ذلك فِـيها يعنـي فـي الأنعام, مَنافِعُ كَثِـيرَةٌ وذلك كالإبل التـي
يحمل علـيها ويُركب ظهرها ويُشرب دَرّها. وَمِنْها تأْكُلونَ يعنـي من لـحومها
تأكوله. وقوله: وَعَلَـيْها وَعَلـى الفُلْكِ تُـحْمَلُونَ يقول: وعلـى الأنعام
وعلـى السفن تـحملون, علـى هذه فـي البرّ وعلـى هذه فـي البحر.



الآية : 23


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىَ قَوْمِهِ فَقَالَ يَقَوْمِ
اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتّقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلَقَدْ أرْسَلْنا نُوحا
إلـى قَوْمِهِ داعيهم إلـى طاعتنا وتوحيدنا والبراءة من كلّ معبود سوانا.فَقالَ
لهم نوح: يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّهَ يقول: قال لهم: ذلوا يا قوم لله بـالطاعة. ما
لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ يقول: ما لكم من معبود يجوز لكم أن تعبدوه غيره. أفَلا
تَتّقُونَ يقول: أفلا تـخشون بعبـادتكم غيره عقابه أن يحلّ بكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 5:37 pm

الآية : 24


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَقَالَ الْمَلاُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـَذَا
إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ اللّهُ
لأنزَلَ مَلاَئِكَةً مّا سَمِعْنَا بِهَـَذَا فِيَ آبَآئِنَا الأوّلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فقالت جماعة أشراف قوم
نوح, الذين جحدوا توحيد الله وكذّبوه, لقومهم: ما نوح أيها القوم إلاّ بشر مثلكم,
إنـما هو إنسان مثلكم وكبعضكم, يُرِيدُ أنْ يَتَفَضّلَ عَلَـيْكُمْ يقول: يريد أن
يصير له الفضل علـيكم, فـيكون متبوعا وأنتـم له تبع. وَلَوْ شاءَ اللّهُ لأَنْزَلَ
مَلائِكَةً يقول: ولو شاء الله أن لا نعبد شيئا سواه لأنزل ملائكة, يقول: لأرسل
بـالدعاء إلـى ما يدعوكم إلـيه نوح ملائكة تؤدّي إلـيكم رسالته. وقوله: ما
سَمِعْنا بِهَذَا الذي يدعونا إلـيه نوح من أنه لا إله لنا غير الله فـي القرون
الـماضية, وهي آبـاؤهم الأوّلون.






الآية : 25
-27



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنّةٌ فَتَرَبّصُواْ بِهِ حَتّىَ
حِينٍ * قَالَ رَبّ انصُرْنِي بِمَا
كَذّبُونِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ
اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ
التّنّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاّ مَن
سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوَاْ
إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ }.



يعنـي ذكره مخبرا عن قـيـل الـملأ الذين
كفروا من قوم نوح إنْ هُوَ إلاّ رَجُلٌ بِهِ جِنّةٌ: ما نوح إلا رجل به جنون. وقد
يقال أيضا للـجنّ جنة, فـيتفق الاسم والـمصدر, و«هو» من قوله: إن هو كناية اسم
نوح. وقوله: فَتَرَبّصُوا بِهِ حتـى حِينٍ يقول: فتلبثوا به, وتنظروا به حتـى حين
يقول: إلـى وقت ما. ولـم يَعْنُوا بذلك وقتا معلوما, إنـما هو كقول القائل: دعه
إلـى يوم مّا, أو إلـى وقت مّا.



وقوله: قالَ رَبّ انْصُرْنِـي بِـمَا
كَذّبُونِ يقول: قال نوح داعيا ربه مستنصرا به علـى قومه, لـما طال أمره وأمرهم
وتـمادَوا فـي غيهم: رَبّ انْصُرْنِـي عَلـى قَوْمِي بِـما كَذّبُونِ يعنـي
بتكذيبهم إياي, فـيـما بلّغتهم من رسالتك ودعوتهم إلـيه من توحيدك. وقوله:
فأَوْحَيْنا إلَـيْهِ أنه اصْنَعِ الفُلْكَ بأَعْيُنِنا وَوَحْينا يقول: فقلنا له حين استنصرَنا علـى كَفَرة قومه: اصنع
الفُلْك, وهي السفـينة بأَعْيُنِنا يقول: بـمرأى ومنظر, ووَحْينَا يقول:
وبتعلـيـمنا إياك صنعتها. فإذَا جاء أمْرُنا يقول: فإذا جاء قضاؤنا فـي قومك,
بعذابهم وهلاكهم وَفـارَ التّنّورُ, وقد ذكرنا فـيـما مضى اختلاف الـمختلفـين فـي
صفة فور التنور, والصواب عندنا من القول فـيه بشواهده, بـما أغنى عن إعادته فـي
هذا الـموضع. فـاسْلُكْ فِـيها مِنْ كلَ زَوْجِيْنِ اثْنَـيْنِ يقول: فأدخـل فـي
الفلك واحمل. والهاء والألف فـي قوله: فـيها من ذكر الفلك. منْ كُلَ زَوْجِيْنِ
اثْنَـينِ يقال سلكته فـي كذا وأسلكته فـيه ومن سلكته قوم الشاعر:



وكُنْتُ لِزَازَ خَصْمِكَ لَـمْ أُعَرّدْوَقَدْ
سَلَكُوكَ فِـي يَوْمٍ عَصِيبِ



وبعضهم يقول: أسلكت بـالألف ومنه قولـي
الهُذَلـيّ:



حتـى إذَا أسْلَكُوهُمْ فِـي قُتائِدَةٍشَلاّ
كمَا تَطْرُدِ الـجّمّالَةُ الشّرُدَا



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19292ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: فـاسْلُكْ فِـيها
مِنْ كُلَ زَوْجَيْنِ اثْنَـيْنِ يقول لنوح: اجعل فـي السفـينة من كل زوجين
اثنـين.



وأهْلَكَ وهم ولده ونساؤهم: إلاّ مَنْ سَبَقَ
عَلَـيْهِ القَوْلُ من الله بأنه هالك فـيـمن يهلك من قومك فلا تـحمله معك, وهو
يام الذي غرق. ويعنـي بقوله: مِنْهُمْ مِن أهلك, والهاء والـميـم فـي قوله «منهم»
من ذكر الأهل. وقوله: وَلا تـخاطِبْنِـي... الاَية, يقول: ولا تسألنـي فـي الذين
كفروا بـالله أن أنـجيهم. إنّهُمْ مُغْرَقُونَ يقول: فإنـي قد حتـمت علـيهم أن
أغرق جميعهم.






الآية : 28


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ
وَمَن مّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ للّهِ الّذِي نَجّانَا مِنَ
الْقَوْمِ الظّالِمِينَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقوله فإذَا اسْتَوَيْتَ
أنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلـى الفُلْكِ: فإذا اعتدلت فـي السفـينة أنت ومعك مـمن
حملته معك من أهلك, راكبـا فـيها عالـيا فوقها فَقُلِ الـحَمْدُ لِلّهِ الّذِي
نَـجّانا مِنَ القَوْمِ الظّالِـمِينَ يعنـي من الـمشركين.



الآية : 29
- 30



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقُل رّبّ أَنزِلْنِي
مُنزَلاً مّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ وَإِن كُنّا
لَمُبْتَلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه نوح علـيه السلام:
وقل إذا سلـمك الله وأخرجك من الفلك فنزلت عنها: رَبّ أَنْزِلْنِـي مُنَزلاً من
الأرض مُبـارَكا وأَنْتَ خَيرُ من أنزل عبـاده الـمنازل.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19293ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: مُنْزِلاً مُبـارَكا قال: لنوح
حين نزل من السفـينة.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الأمصار: رَبّ أنْزِلْنِـي مُنْزِلاً مُبـارَكا بضم الـميـم وفتـح الزاي,
بـمعنى: أنزلنـي إنزالاً مبـاركا. وقرأه عاصم: «مَنْزِلاً» بفتـح الـميـم وكسر
الزاي, بـمعنى: أنزلنـي مكانا مبـاركا وموضعا.



وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَياتٍ يقول تعالـى
ذكره: إن فـيـما فعلنا بقوم نوح يا مـحمد من إهلاكناهم إذ كذبوا رسلنا وجحدوا
وحدانـيتنا وعبدوا الاَلهة والأصنام, لعبرا لقومك من مشركي قريش, وعظاتٍ وحُجَجا
لنا, يستدلون بها علـى سنتنا فـي أمثالهم, فـينزجروا عن كفرهم ويرتدعوا عن تكذيبك,
حذرا أن يصيبهم مثل الذي أصابهم من العذاب. وقوله: وَإنْ كُنّا لَـمُبْتَلِـينَ
يقول تعالـى ذكره: وكنا مختبريهم بتذكيرنا إياهم بآياتنا, لننظر ما هم عاملون قبل
نزول عقوبتنا بهم.



الآية : 31
- 32



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ أَنشَأْنَا مِن
بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ *
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا
لَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتّقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم أحدثنا من بعد مَهْلِك
قوم نوح قرنا آخرين فأوجدناهم. فأَرْسَلْنا فِـيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ داعيا لهم,
إنِ اعْبُدُوا اللّهَ يا قوم, وأطيعوه دون الاَلهة والأصنام, فإن العبـادة لا
تنبغي إلا له. ما لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ يقول: ما لكم من معبود يصلـح أن
تعبدوا سواه. أفَلا تَتّقُونَ: أفلا تـخافون عقاب الله بعبـادتكم شيئا دونه, وهو
الإله الذي لا إله لكم سواه.






الآية : 33


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَالَ الْمَلاُ مِن
قَوْمِهِ الّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذّبُواْ بِلِقَآءِ الاَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ
فِي الْحَيـاةِ الدّنْيَا مَا هَـَذَا إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمّا
تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمّا تَشْرَبُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وقالت الأشراف من قوم
الرسول الذي أرسلنا بعد نوح. وعَنَى بـالرسول فـي هذا الـموضع: صالـحا, وبقومه:
ثمود. الّذِينَ كَفَرُوا وكَذّبُوا بِلِقاءِ الاَخِرَةِ يقول: الذين جحدوا توحيد
الله وكَذّبُوا بِلِقَاءِ الاَخِرَةِ يعنـي كذّبوا بلقاء الله فـي الاَخرة. وقوله:
وأَتْرَفْناهُمْ فِـي الـحَياةِ الدّنـيْا يقول: ونعّمناهم فـي حياتهم الدنـيا
بـما وسّعنا علـيهم من الـمعاش وبسطنا لهم من الرزق, حتـى بَطِروا وعَتَوْا علـى
ربهم وكفروا ومنه قول الراجز:



وَقَدْ أُرَانِـي
بـالدّيارِ مُتْرَفـا



وقوله: ما هَذَا إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يقول:
قالوا: بعث الله صالـحا إلـينا رسولاً من بـيننا, وخصه بـالرسالة دوننا, وهو إنسان
مثلنا يأكل مـما نأكل منه من الطعام ويشرب مـما نشرب, وكيف لـم يرسل ملَكا من عنده
يبلغنا رسالته؟ قال: وَيَشَرِبُ مِـمّا تَشْرَبُونَ معناه: مـما تشربون منه, فحذف
«من» الكلام «منه», لأن معنى الكلام: ويشرب من شرابكم, وذلك أن العرب تقول: شربت
من شرابك.



الآية : 34
- 35



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ
بَشَراً مّثْلَكُمْ إِنّكُمْ إِذاً لّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنّكُمْ إِذَا مِتّمْ وَكُنتُمْ
تُرَاباً وَعِظاماً أَنّكُمْ مّخْرَجُونَ }.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل الـملأ من
قوم صالـح لقومهم: وَلَئِنْ أطَعْمتُـمْ بَشَرا مثْلَكُمْ فـاتبعتـموه وقبلتـم ما
يقول وصدّقتـموه. إنّكُمْ أيها القوم إذا لَـخاسِرُونَ: يقول: قالوا: إنكم إذن
لـمغبونون حظوظكم من الشرف والرفعة فـي الدنـيا, بـاتبـاعكم إياه.



قوله: أيَعِدُكُمْ أنّكُمْ إذَا مِتّـمْ
وكُنْتُـمْ تُرَابـا وَعِظاما... الاَية, يقول تعالـى ذكره: قالوا لهم: أيعدكم
صالـح أنكم إذا متـم وكنتـم ترابـا فـي قبوركم وعظاما قد ذهبت لـحوم أجسادكم
وبقـيت عظامها, أنكم مخرجون من قبوركم أحياء كما كنتـم قبل مـماتكم؟ وأعيدت «أنكم»
مرّتـين, والـمعنى: أيعدكم أنكم إذا متـم وكنتـم ترابـا وعظاما مخرجون مرّة واحدة,
لـما فرق بـين «أنكم» الأولـى وبـين خبرها ب«إذا», وكذلك تفعل العرب بكل اسم أوقعت
علـيه الظنّ وأخواته, ثم اعترضت بـالـجزاء دون خبره, فتكرّر اسمه مرّة وتـحذفه
أخرى, فتقول: أظنّ أنك إن جالستنا أنك مـحسن, فإن حذفت «أنك» الأولـى الثانـية
صلـح, وإن أثبتهما صلـح, وإن لـم تعترض بـينهما بشيء لـم يجز, خطأ أن يقال: أظنّ
أنك أنك جالس. وذكر أن ذلك فـي قراءة عبد الله: «أيَعِدُكُمْ إذَا مِتّـمْ وكُنْتُـمْ
تُرَابـا وَعِظاما أنّكُمْ مُخْرَجُونَ».






الآية : 36
- 37



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا
تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا
الدّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }.



وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قول الـملأ من
ثمود أنهم قالوا: هَيْهاتَ هَيْهاتَ أي بعيد ما توعدون أيها القوم, من أنكم بعد
موتكم ومصيركم ترابـا وعظاما مخرجون أحياء من قبوركم, يقولون: ذلك غير كائن.



وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



19294ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله: هَيْهاتَ هَيْهاتَ يقول:
بعيد بعيد.



19295ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرزّاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, فـي قوله: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِـمَا
تُوعَدُونَ قال: يعنـي البعث.



والعرب تُدخـل اللام مع «هيهات» فـي الاسم الذي
يصحبها, وتنزعها منه, تقول: هيات لك هيات, وهيهاتَ ما تبتغي هيهات وإذا أسقطت
اللام رفعت الاسم بـمعنى هيهات, كأنه قال: بعيد ما ينبغي لك كما قال جرير:



فهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَقِـيقُ وَمَنْ
بِهِوَهَيْهاتَ خِـلّ بـالعَقِـيقِ نُوَاصِلُهْ



كأنه قال: العقـيق وأهله, وإنـما دخـلت اللام
مع هيهات فـي الاسم لأنهم قالوا: «هيهات» أداة غير مأخوذة من فعل, فأدخـلوا معها
فـي الاسم اللام, كما أدخـلوها مع هلـمّ لك, إذ لـم تكن مأخوذة من فعل, فإذا قالوا
أقبل, لـم يقولوا لك, لاحتـمال الفعل ضمير الاسم.



واختلف أهل العربـية فـي كيفـية الوقـف علـى
هيهات, فكان الكسائي يختار الوقوف فـيها بـالهاء, لأنها منصوبة وكان الفرّاء يختار
الوقوف علـيها بـالتاء, ويقول: من العرب من يخفض التاء, فدلّ علـى أنها لـيست بهاء
التأنـيث, فصارت بـمنزلة دَرَاكِ ونَظَارِ وأما نصب التاء فـيهما, فلأنهما أداتان,
فصارتا بـمنزلة خمسةَ عَشر. وكان الفراء يقول: إن قـيـل إن كل واحدة مستغنـية
بنفسها يجوز الوقوف علـيها, وإن نصبها كنصب قوله: تُـمّتَ جلست وبـمنزلة قول
الشاعر:



ماوِيّ يَارُبّتَـما غارةٍشَعْوَاءَ كاللّذْعَةِ
بـالـمِيسَمِ



قال: فنصب «هيهات» بـمنزلة هذه الهاء التـي فـي
«ربت», لأنها دخـلت علـى حرف, علـى «ربّ» وعلـى «ثم», وكانا أداتـين, فلـم تغيرها
عن أداتهما فنصبـا.



واختلف القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته قرّاء
الأمصار غير أبـي جعفر: هَيْهاتَ هَيْهاتَ بفتـح التاء فـيهما. وقرأ ذلك أبو جعفر:
«هَيْهاتِ هَيْهَاتِ» بكسر التاء فـيهما. والفتـح فـيهما هو القراءة عندنا, لإجماع
الـحجة من القرّاء علـيه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 5:51 pm

وقوله: إنْ هِيَ إلاّ
حَياتُنا الدّنـيْا يقول: ما حياة إلا حياتنا الدنـيا التـي نـحن فـيها نُـموتُ
ونَـحْيا يقول: تـموت الأحياء منا فلا تـحيا ويحدث آخرون منا فـيولدون أحياء. وَما
نَـحْنُ بِـمَبْعُوثـينَ: يقول: قالوا: وما نـحن بـمبعوثـين بعد الـمـمات. كما:



19296ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: إنْ هِيَ إلاّ حَياتُنا الدّنـيْا نَـمُوتُ وَنـحيْا وَما
نَـحْنُ بِـمَبْعُوثِـينَ قال: يقول لـيس آخره ولا بعث, يكفرون بـالبعث, يقولون:
إنـما هي حياتنا هذه ثم نـموت ولا نـحيا, يـموت هؤلاء ويحيا هؤلاء, يقولون: إنا
الناس كالزرع يحصد هذا وينبت هذا: يقولون: يـموت هؤلاء ويأتـي آخرون. وقرأ: وَقالَ
الّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلّكُمْ عَلـى رَجُلٍ يُنْبّئُكُمْ إذَا مُزّقْتـمْ
كُلّ مُـمَزّقٍ إنّكُمْ لَفِـي خَـلْقٍ جَدِيدٍ وقرأ: لا تَأْتِـينا السّاعَةُ
قُلْ بَلـى وَرَبّـي لَتَأْتِـيَنّكُمْ.






الآية : 38
- 40



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ
افتَرَىَ عَلَىَ اللّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ * قَالَ رَبّ انْصُرْنِي بِمَا كَذّبُونِ * قَالَ عَمّا قَلِيلٍ لّيُصْبِحُنّ نَادِمِينَ
}.



يقول تعالـى ذكره: قالوا ما صالـح إلا رجل
اختلق علـى الله كذبـا فـي قوله ما لكم من إله غير الله وفـي وعده إياكم أنكم إذا
متـم وكنتـم ترابـا وعظاما أنكم مُخْرجون. وقوله: هُوَ من ذكر الرسول, وهو صالـح.
وَما نَـحْنُ لَهُ بِـمُؤْمِنِـينَ يقول: وما نـحن له بـمصدّقـين فـيـما يقول أنه
لا إله لنا غير الله, وفـيـما يعدنا من البعث بعد الـمـمات. وقوله: قالَ رَبّ انْصُرْنِـي بِـمَا كَذّبُونِ
يقول: قال صالـح لـما أيس من إيـمان قومه بـالله ومن تصديقهم إياه بقولهم وَما
نَـحْنُ لَهُ بِـمُؤْمِنِـينَ: ربّ انْصُرْنِـي علـى هؤلاء بـما كَذّبُونِ يقول:
بتكذيبهم إياي فـيـما دعوتهم إلـيه من الـحقّ. فـاستغاث صلوات الله علـيه بربه من
أذاهم إياه وتكذيبهم له, فقال الله له مـجيبـا فـي مسئلته إياه ما سأل: عن قلـيـل
يا صالـح لـيصبحُنّ مكذّبوك من قومك علـى تكذيبهم إياك نادمين, وذلك حين تَنزل بهم
نقمتنا فلا ينفعهم الندم.



الآية : 41


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصّيْحَةُ بِالْحَقّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً
فَبُعْداً لّلْقَوْمِ الظّالِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فـانتقمنا منهم, فأرسلنا
علـيهم الصيحة فأخذتهم بـالـحقّ وذلك أن الله عاقبهم بـاستـحقاقهم العقاب منه
بكفرهم به وتكذيبهم رسوله. فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً يقول: فصيرناهم بـمنزلة الغُثاء,
وهو ما ارتفع علـى السيـل ونـحوه, كما لا ينتفع به فـي شيء. فإنـما هذا مَثَل,
والـمعنى: فأهلكناهم فجعلناهم كالشيء الذي لا منفعة فـيه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19297ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً
فَبُعْدا للْقَوْمِ الظّالِـمِينَ يقول: جعلوا كالشيء الـميت البـالـي من الشجر.



19298ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى. وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: غُثاءً كالرميـم الهامد, الذي يحتـمل
السيـل.



19299ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً قال: كالرميـم الهامد الذي
يحتـمل السيـل.



19300ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: فجَعَلْناهُمْ غُثاءً قال: هو الشيء البـالـي.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19301ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فجَعَلْناهُمْ غُثاءً قال: هذا مثل ضربه الله.



وقوله: فَبُعْدا للْقَوْمِ الظّالِـمِينَ يقول:
فأبعد الله القوم الكافرين بهلاكهم, إذ كفروا بربهم وعَصَوا رسله وظلـموا أنفسهم.



19302ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قال: أولئك ثمود, يعنـي قوله:
فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْدا للْقَوْمِ الظّالِـمِينَ.



الآية : 42
- 43



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ * مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمّةٍ أَجَلَهَا وَمَا
يَسْتَأْخِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم أحدثنا من بعد هلاك
ثمود قوما آخرين. وقوله: ما تَسْبِقُ مِنْ أُمّةٍ أجَلَها يقول: ما يتقدم هلاك أمة
من تلك الأمـم التـي أنشأناها بعد ثمود قبل الأجل الذي أجلنا لهلاكها, ولا يستأخِر
هلاكها عن الأجل الذي أجلنا لهلاكها والوقت الذي وقتنا لفنائها ولكنها تهلك
لـمـجيئه. وهذا وعيد من الله لـمشركي قوم نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم وإعلام
منه لهم أن تأخيره فـي آجالهم مع كفرهم به وتكذيبهم رسوله, لـيبلغوا الأجل الذي
أجّل لهم فـيحلّ بهم نقمته, كسنته فـيـمن قبلهم من الأمـم السالفة.






الآية : 44


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلّ مَا جَآءَ أُمّةً
رّسُولُهَا كَذّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ
أَحَادِيثَ فَبُعْداً لّقَوْمٍ لاّ يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثُمّ أرْسَلْنا إلـى
الأمـم التـي أنشأنا بعد ثمود رُسُلَنا تَتْرَى يعنـي: يتبع بعضها بعضا, وبعضها
فـي أثر بعض. وهي من الـمواترة, وهي اسم لـجمع مثل «شيء», لا يقال: جاءنـي فلان
تترى, كما لا يقال: جاءنـي فلان مواترة, وهي تنوّن ولا تنوّن, وفـيها الـياء, فمن
لـم ينوّنها فَعْلَـى من وترت, ومن قال «تترا» يوهم أن الـياء أصلـية كما قـيـل:
مِعْزًى بـالـياء, ومَعْزا وبُهْمَى بُهْما ونـحو ذلك, فأجريت أحيانا وترك إجراؤها
أحيانا, فمن جعلها «فَعْلَـى» وقـف علـيها, أشاء إلـى الكسر, ومن جعلها ألف إعراب
لـم يشر, لأن ألف الإعراب لا تكسر, لا يقال: رأيت زيدا, فـيشار فـيه إلـى الكسر.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19303ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: حدثنا معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: ثُمّ أرْسَلْنا رُسُلَنا
تَتْرَى يقول: يَتْبع بعضها بعضا.



حدثنا مـحمد بن سعد, قال: ثنى أبـي, قال: ثنى
عمي, قال: ثنى أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: ثُمّ أرْسَلْنا رُسُلَنَا تتْرَى
يقول: بعضها علـى أثر بعض.



19304ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى. وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: تَتْرَى قال: اتبـاع بعضها
بعضا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: ثُمّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرَى قال: يتبع
بعضها بعضا.



19305ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: ثُمّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرَى قال: بعضهم علـى أثر بعض,
يتبع بعضهم بعضا.



واختلفت قرّاء الأمصار فـي قراءة ذلك, فقرأ ذلك
بعض قرّاء أهل مكة وبعض أهل الـمدينة وبعض أهل البصرة: «تَتْرًى» بـالتنوين. وكان
بعض أهل مكة وبعض أهل الـمدينة وعامة قرّاء الكوفة يقرءونه: تَتْرَى بإرسال الـياء
علـى مثال «فَعْلَـى». والقول فـي ذلك أنهما قراءتان مشهورتان, ولغتان معروفتان
فـي كلام العرب بـمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب غير أنّـي مع ذلك أختار
القراءة بغير تنوين, لأنه أفصح اللغتـين وأشهرهما.



وقوله: كُلّـما جاءَ أُمّةً رَسُولُهَا
كَذّبُوهُ يقول: كلـما جاء أمة من تلك الأمـم التـي أنشأناها بعد ثمود رسولها الذي
نرسله إلـيهم, كذّبوه فـيـما جاءهم به من الـحقّ من عندنا. وقوله: فَأَتْبَعْنا
بَعْضَهُمْ بَعْضا يقول: فأتبعنا بعض تلك الأمـم بعضا بـالهلاك فأهلكنا بعضهم فـي
إثر بعض. وقوله: وَجَعَلْناهُمْ أحادِيثَ للناس ومثلاً يُتَـحدّث بهم, وقد يجوز أن
يكون جمع حديث. وإنـما قـيـل: وَجَعَلْناهُمْ أحادِيثَ لأنهم جُعلوا حديثا ومثلاً
يُتـمثّل بهم فـي الشرّ, ولا يقال فـي الـخير: جعلته حديثا ولا أُحدوثة. وقوله:
فَبُعْدا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ يقول: فأبعد الله قوما لا يؤمنون بـالله ولا
يصدّقون برسوله.



الآية : 45
-46



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ثُمّ أَرْسَلْنَا مُوسَىَ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا
وَسُلْطَانٍ مّبِينٍ * إِلَىَ فِرْعَوْنَ
وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم أرسلنا بعد الرسل الذين
وصف صفتهم قبل هذه الاَية, موسى وأخاه هارون إلـى فرعون وأشراف قومه من القبط
بآياتِنَا يقول: بحججنا, فـاسْتَكْبَرُوا عن اتّبـاعها والإيـمان بـما جاءهم به من
عند الله. وكانُوا قَوْما عالِـينَ يقول: وكانوا قوما عالـين علـى أهل ناحيتهم ومن
فـي بلادهم من بنـي إسرائيـل وغيرهم بـالظلـم, قاهرين لهم.



وكان ابن زيد يقول فـي ذلك ما:


19306ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, وقوله: وكانُوا قَوْما عالِـينَ قال: عَلَوا علـى رسلهم وعصَوا ربهم ذلك
علوّهم. وقرأ: تِلكَ الدّارُ الاَخِرَةُ
الاَية.





الآية : 47
- 48



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَقَالُوَاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا
عَابِدُونَ * فَكَذّبُوهُمَا فَكَانُواْ
مِنَ الْمُهْلَكِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فقال فرعون وملؤه:
أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا فنتبعهما وَقَوْمُهُما من بنـي إسرائيـل لَنا
عابِدُونَ يعنون أنهم لهم مطيعون متذللون, يأتـمرون لأمرهم ويدينون لهم. والعرب
تسمي كل من دان الـملك عابدا له, ومن ذلك قـيـل لأهل الـحِيرة: العبـاد, لأنهم
كانوا أهل طاعة لـملوك العجم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19307ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد: قال فرعون: أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا... الاَية, نذهب نرفعهم
فوقنا, ونكون تـحتهم, ونـحن الـيوم فوقهم وهم تـحتنا, كيف نصنع ذلك؟ وذلك حين
أتوهم بـالرسالة. وقرأ: وَتَكُونَ لَكُما الكِبْرياءُ فِـي الأَرْضِ قال: العلوّ
فـي الأرض.



وقوله: فَكَذّبُوهُما فَكانُوا مِنَ
الـمُهْلَكِينَ يقول: فكذّب فرعون وملؤه موسى وهارون, فكانوا مـمن أهلَكَهم الله
كما أهلك من قبلهم من الأمـم بتكذيبها رسلها.






الآية : 49
- 50



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىَ الْكِتَابَ لَعَلّهُمْ يَهْتَدُونَ
* وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمّهُ
آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىَ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد آتـينا موسى التوراة,
لـيهتدي بها قومه من بنـي إسرائيـل, ويعلـموا بـما فـيها. وَجَعَلْنا ابْنَ
مَرْيَـمَ وأُمّهُ يقول: وجعلنا ابن مريـم وأمه حجة لنا علـى من كان بـينهم, وعلـى
قدرتنا علـى إنشاء الأجسام من غير أصل, كما أنشأنا خـلق عيسى من غير أب. كما:



19308ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرزاق, قال: أخبرنا مَعْمر, عن قَتادة, فـي قوله: وَجَعَلْنا ابْنَع مَرْيَـمَ
وأُمّهُ قال: ولدته من غير أب هو له.



ولذلك وُحّدت الاَية, وقد ذكر مريـم وابنها.


وقوله وآوَيْناهما إلـى رَبْوَةٍ يقول:
وضمـمناهما وصيرناهما إلـى ربوة, يقال: أوى فلان إلـى موضع كذا, فهو يأوِي إلـيه.
إذا صار إلـيه وعلـى مثال «أفعلته» فهو يُؤْويه. وقوله إلـى رَبْوَة يعنـي: إلـى
مكان مرتفع من الأرض علـى ما حوله ولذلك قـيـل للرجل يكون فـي رفعة من قومه وعزّ
وشرف وعدد: هو فـي ربوة من قومه, وفـيها لغتان: ضمّ الراء وكسرها إذا أريد بها
الاسم, وإذا أريد بها الفعلة من الـمصدر قـيـل رَبَـا رَبْوة.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمكان الذي وصفه
الله بهذه الصفة وآوَى إلـيه مريـم وابنها, فقال بعضهم: هو الرّملة من فلسطين. ذكر
من قال ذلك:



19309ـ حدثنـي مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا
صفوان بن عيسى, قال: حدثنا بشر بن رافع, قال: ثنـي ابن عمّ لأبـي هريرة, يقال له
أبو عبد الله, قال: قال لنا أبو هريرة: الزموا هذه الرملة من فلسطين, فإنها الربوة
التـي قال الله: وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ.


19310ـ
حدثنـي عصام بن رَوّاد بن الـجراح, قال: حدثنا أبـي, قال: حدثنا عبـاد أبو عتبة
الـخوّاص, قال: حدثنا يحيى بن أبـي عمرو السيبـانـي, عن ابن وَعْلة, عن كريب,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 6:04 pm

قال: ما أدري ما
حدثنا مُرّة النَبْهزيّ, أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذكر أن الربوة هي
الرملة».



حدثنا
الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن بشر بن رافع, عن أبـي عبد الله بن عمّ أبـي
هريرة, قال: سمعت أبـا هريرة يقول فـي قول الله: إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ
وَمَعِينٍ قال: هي الرملة من فلسطين.



حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا صفوان, قال: حدثنا
بشر بن رافع, قال: حدثنا أبو عبد الله ابن عمّ, أبـي هريرة, قال: قال لنا أبو
هريرة: الزموا هذه الرملة التـي بفلسطين, فإنها الربوة التـي قال الله:
وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ.



وقال آخرون: هي دمشق. ذكر من قال ذلك:


19311ـ حدثنا أحمد بن الولـيد القرشي, قال:
حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن يحيى بن سعيد, عن سعيد بن الـمسيب أنه
قال فـي هذه الاَية: وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ قال:
زعموا أنها دمشق.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, قال: بلغنـي, عن ابن الـمسيب أنه قال دمشق.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن يحيى بن سعيد, عن سعيد بن الـمسيب, مثله.



19312ـ حدثنـي يحيى بن عثمان بن صالـح السهمي,
قال: حدثنا ابن بكير, قال: حدثنا اللـيث بن سعد, قال: ثنـي عبد الله بن لهيعة, عن
يحيى بن سعيد, عن سعيد بن الـمسيب, فـي قوله: وآوَيْناهُما إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ
قَرَارٍ وَمَعِينٍ قال: إلـى ربوة من رُبـا مصر. قال: ولـيس الرّبَـا إلاّ فـي
مصر, والـماء حين يُرسَل تكون الربَـا علـيها القرى, لولا الربَـا لغرقت تلك
القرى.



وقال آخرون: هي بـيت الـمقدس. ذكر من قال ذلك:


19313ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة, قال: هو بـيت الـمقدس.



19314ـ قال: ثنامـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قَتادة قال: كان كعب يقول: بـيت الـمقدس أقرب إلـى السماء بثمانـيةَ عَشَر ميلاً.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن كعب, مثله.



وأولـى هذه الأقوال بتأويـل ذلك: أنها مكان
مرتفع ذو استواء وماء ظاهر ولـيس كذلك صفة الرملة, لأن الرملة لا ماء بها مُعِين,
والله تعالـى ذكره وصف هذه الربوة بأنها ذات قرار ومَعِين.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال جماعة من أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19315ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وآوَيْناهُما إلـى
رَبْوَةٍ قال: الربوة: الـمستوية.



19316ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: إلـى رَبْوَةٍ قال: مستوية.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



وقوله: ذَات قَرَارٍ وَمَعِينٍ يقول تعالـى
ذكره: من صفة الربوة التـي آوينا إلـيها مريـم وابنها عيسى, أنها أرض منبسطة وساحة
وذات ماء ظاهر لغير البـاطن جارٍ.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19317ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: وَمَعِينٍ قال:
الـمَعِين: الـماء الـجاري, وهو النهر الذي قال الله: قَدْ جَعَلَ رَبّكَ
تَـحْتَكِ سَرِيّا.



19318ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسديّ, قال:
حدثنا عبـيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن أبـي يحيى, عن مـجاهد, فـي
قوله: ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعينٍ قال: الـمَعِين: الـماء.



حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسديّ, قال: حدثنا
أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: مَعِين, قال: ماء.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19319ـ حدثنـي سلـيـمان بن عبد الـجبـار, قال:
حدثنا مـحمد بن الصّلْت, قال: حدثنا شريك, عن سالـم, عن سعيد, فـي قوله: ذَاتِ
قَرَارٍ وَمَعينٍ قال: الـمكان الـمستوى, والـمَعِين: الـماء الظاهر.



19320ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت
أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَمَعِينٍ: هو
الـماء الظاهر.



وقال آخرون: عُنـي بـالقرار الثمار. ذكر من قال
ذلك:



19321ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة: ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ هي ذات ثمار, وهي بـيت الـمقدس.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله قَتادة فـي
معنى: ذَاتِ قَرَارٍ وإن لـم يكن أراد بقوله: إنها إنـما وصفت بأنها ذات قرار,
لـما فـيها من الثمار, ومن أجل ذلك يستقرّ فـيها ساكنوها, فلا وجه له نعرفه. وأما
مَعِينٍ فإنه مفعول من عِنْته فأنا أعينه, وهو معين وقد يجوز أن يكون فعيلاً من
مَعَن يـمعن, فهو معين من الـماعون ومنه قول عَبـيد بن الأبرص:



وَاهِيَةٌ أوْ مَعِينٌ مُـمْعِنٌأوْ هَضْبَةٌ
دُونَها لُهُوبُ






الآية : 51


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَأَيّهَا الرّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطّيّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً
إِنّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل
كلوا من الـحلال الذي طيّبه الله لكم دون الـحرام, وَاعْمَلُوا صَالِـحا تقول فـي
الكلام للرجل الواحد: أيها القوم كفوا عنّا أذاكم, وكما قال: الّذِينَ قَالَ لهم
النّاسُ, وهو رجل واحد.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19322ـ حدثنـي ابن عبد الأعلـى بن واصل, قال:
ثنـي عبـيد بن إسحاق الضبـيّ العطار, عن حفص بن عمر الفزاريّ, عن أبـي إسحاق
السبـيعيّ, عن عمرو بن شرحبـيـل: يا أيّها الرّسُلُ كُلُوا مِنَ الطّيّبـاتِ
وَاعْمَلُوا صَالـحا قال: كان عيسى ابن مريـم يأكل من غزل أمه.



وقوله: إنّـي بِـمَا تَعْمَلُونَ عَلِـيـمٌ
يقول: إنـي بأعمالكم ذو علـم, لا يخفـى علـيّ منها شيء, وأنا مـجازيكم بجميعها,
وموفّـيكم أجوركم وثوابكم علـيها, فخذوا فـي صالـحات الأعمال واجتهدوا.



الآية : 52


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِنّ هَـَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ
فَاتّقُونِ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: وَإنّ هَذِهِ
أمّتُكُمْ أُمّةً وَاحدَةً, فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة: «وأنّ»
بـالفتـح, بـمعنى: إنـي بـما تعملون علـيـم, وأن هذه أمتكم أمة واحدة. فعلـى هذا
التأويـل «أنّ» فـي موضع خفض, عطف بها علـى «ما» من قوله: بِـما تَعْمَلُونَ, وقد
يحتـمل أن تكون فـي موضع نصب إذا قرىء ذلك كذلك, ويكون معنى الكلام حينئذٍ:
واعلـموا أن هذه, ويكون نصبها بفعل مضمر. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين بـالكسر:
وَإنّ هذه علـى الاستئناف. والكسر فـي ذلك عندي علـى الابتداء هو الصواب, لأن الـخبر
من الله عن قـيـله لعيسى: يا أيّها الرُسُلُ مبتدأ, فقوله: وَإنّ هَذِهِ مردود
علـيه عطفـا به علـيه فكان معنى الكلام: وقلنا لعيسى: يا أيها الرسل كلوا من
الطيبـات, وقلنا: وإن هذه أمتكم أمة واحدة. وقـيـل: إن الأمة الذي فـي هذا
الـموضع: الدّين والـملة. ذكر من قال ذلك:



19323ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله: وَإنّ هَذِهِ أُمّتُكُمُ أُمّةً وَاحِدَةً
قال: الـملة والدين.



وقوله: وأنا رَبّكُمْ فـاتّقُونِ يقول: وأنا
مولاكم فـاتقون بطاعتـي تأمنوا عقابـي. ونصبت «أمة واحدة» علـى الـحال. وذُكر عن
بعضهم أنه قرأ ذلك رفعا. وكان بعض نـحويّـي البصرة يقول: رَفْع ذلك إذا رفع علـى
الـخبر, ويجعل أمتكم نصبـا علـى البدل من هذه. وأما نـحويّو الكوفة فـيأبُون ذلك
إلاّ فـي ضرورة شعر, وقالوا: لا يقال: مررت بهذا غلامكم لأن «هذا» لا تتبعه إلاّ الألف
واللام والأجناس, لأن «هذا» إشارة إلـى عدد, فـالـحاجة فـي ذلك إلـى تبـيـين
الـمراد من الـمشار إلـيه أيّ الأجناس هو؟ وقالوا: وإذا قـيـل: هذه أمتكم واحدة,
والأمة غائبة وهذه حاضرة, قالوا: فغير جائز أن يبـين عن الـحاضر بـالغائب, قالوا:
فلذلك لـم يجز: إن هذا زيد قائم, من أجل أن هذا مـحتاج إلـى الـجنس لا إلـى
الـمعرفة.



الآية : 53


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَتَقَطّعُوَاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلّ حِزْبٍ بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: زُبُرا
فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والعراق: زُبُرا بـمعنى جمع الزّبور. فتأويـل الكلام
علـى قراءة هؤلاء: فتفرّق القوم الذين أمرهم الله من أمة الرسول عيسى بـالاجتـماع
علـى الدين الواحد والـملة الواحدة, دينهم الذي أمرهم الله بلزومه زُبُرا كُتُبـا,
فدان كل فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذين دان به الفريق الاَخر, كالـيهود الذين
زعموا أنهم دانوا بحكم التوراة وكذّبوا بحكم الإنـجيـل والقرآن, وكالنصارى الذين
دانوا بـالإنـجيـل بزعمهم وكذّبوا بحكم الفرقان. ذكر من تأوّل ذلك كذلك:



19324ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة زُبُرا قال: كُتُبـا.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19325ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: بَـيْنَهُمْ زُبُرا قال: كُتُب الله فرّقوها
قطعا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: فَتَقَطّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبُرا قال
مـجاهد: كُتُبهم فرّقوها قطعا.



وقال آخرون من أهل هذه القراءة: إنـما معنى
الكلام: فتفرّقوا دينهم بـينهم كُتُبـا أحدثوها يحتـجّون فـيها لـمذاهبهم. ذكر من
قال ذلك:



19326ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فَتَقَطّعُوا أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبُرا كُلّ حَزْبٍ
بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال: هذا ما اختلفوا فـيه من الأديان والكتب, كلّ
معجبون برأيهم, لـيس أهل هواء إلاّ وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترق
ذلك لهم.



وقرأ ذلك عامة قرّاء الشام: «فَتَقَطّعُوا
أمْرَهُمْ بَـيْنَهُمْ زُبَرا» بضم الزاء وفتـح البـاء, بـمعنى: فتفرّقوا أمرهم
بـينهم قِطَعا كزُبَر الـحديد, وذلك القِطَع منها, واحدتها زُبْرة, من قول الله:
آتُونِـي زُبَرَ الـحَدِيد فصار بعضهم يهودا وبعضهم نصارى.



والقراءة التـي نـختار فـي ذلك: قراءة من قرأه
بضم الزاء والبـاء, لإجماع أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك علـى أنه مراد به الكتب,
فذلك يبـين عن صحة ما اخترنا فـي ذلك, لأن الزّبُر هي الكتب, يقال منه: زَبَرْت
الكتاب: إذ كتبته.



فتأويـل الكلام: فتفرّق الذين أمرهم الله بلزوم
دينه من الأمـم دينهم بـينهم كتبـا, كما بـيّنا قبل.



وقوله: كُلّ حَزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ
فَرِحُونَ يقول: كل فريق من تلك الأمـم بـما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب
فرحون, معجبون به, لا يرون أن الـحقّ سواه. كما:



19327ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كُلّ حَزْبٍ بِـمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
قطعة, وهؤلاء هم أهل الكتاب.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: كُلّ حِزْبٍ قطعة, أهل الكتاب.



الآية : 54
- 55



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتّىَ حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنّمَا نُمِدّهُمْ بِهِ مِن
مّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي
الْخَيْرَاتِ بَل لاّ يَشْعُرُونَ }.



قال أبو جعفر: يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد
صلى الله عليه وسلم: فدع يا مـحمد هؤلاء الذين تقطّعوا أمرهم بـينهم زبرا, فـي
غَمْرَتِهِمْ فـي ضلالتهم وغيهم, حَتّـى حِينٍ يعنـي إلـى أجل سيأتـيهم عند مـجيئه
عذابـي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:21 pm

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك
قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19328ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: فَذَرْهُمْ فِـي غَمْرَتِهِمْ حتـى حِينٍ
قال: فـي ضلالهم.



19329ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: فَذَرْهُم فِـي غَمْرَتِهِمْ حتـى حِينٍ قال: الغَمْرة:
الغَمْر.



وقوله: أيَحْسَبُونَ أنّـما نُـمِدّهُمْ بِهِ
مِنْ مالٍ وَبَنِـينٍ يقول تعالـى ذكره: أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم
زُبُرا, أن الذي نعطيهم فـي عاجل الدنـيا من مال وبنـين نُسارِعُ لَهُمْ يقول:
نسابق لهم فـي خيرات الاَخرة, ونبـادر لهم فـيها؟ و «ما» من قوله: أنّـمَا
نُـمِدّهُمْ بهِ نصب, لأنها بـمعنى «الذي». بَلْ لا يَشْعُرُونَ يقول تعالـى ذكره
تكذيبـا لهم: ما ذلك كذلك, بل لا يعلـمون أن إمدادي إياهم بـما أمدّهم به من ذلك,
إنـما هو إملاء واستدراج لهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19330ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: أنّـمَا نُـمِدّهُمْ قال: نعطيهم, نسارع
لهم, قال: نَزيدهم فـي الـخير, نُـمْلـي لهم, قال: هذا لقريش.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19331ـ حدثنـي مـحمد بن عمر بن علـيّ, قال:
ثنـي أشعث بن عبد الله, قال: حدثنا شعبة, عن خالد الـحذّاء, قال: قلت لعبد الرحمن
بن أبـي بكرة, قول الله: نُسارِعُ لَهُمُ فِـي الـخَيْرَاتِ؟ قال: يسارع لهم فـي
الـخيرات.



وكأن عبد الرحمن بن أبـي بكرة وجه بقراءته ذلك
كذلك, إلـى أن تأويـله: يسارع لهم إمدادنا إياهم بـالـمال والبنـين فـي الـخيرات.






الآية : 57
- 59



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّ الّذِينَ هُم مّنْ خَشْيةِ رَبّهِمْ مّشْفِقُونَ * وَالّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ
* وَالّذِينَ هُم بِرَبّهِمْ لاَ
يُشْرِكُونَ }.



يعنـي تعالـى ذكره: إنّ الّذِينَ هُمْ مِنْ
خَشْيَةِ رَبّهِمْ مُشْفِقُونَ إن الذين هم من خشيتهم وخوفهم من عذاب الله مشفقون,
فهم من خشيتهم من ذلك دائبون فـي طاعته جادّون فـي طلب مرضاته. وَالّذِينَ هُمْ
بآياتِ رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ يقول: والذين هم بآيات كتابه وحججه مصدّقون. الذين
هُمْ بِرَبّهِمْ لا يُشْرِكُونَ يقول: والذين يُخـلصون لربهم عبـادتهم, فلا يجعلون
له فـيها لغيره شركا لوثَن ولا لصنـم, ولا يُراءون بها أحدا من خـلقه, ولكنهم
يجعلون أعمالهم لوجهه خالصا, وإياه يقصدون بـالطاعة والعبـادة دون كل شيء سواه.






الآية : 60
- 61



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَالّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنّهُمْ
إِلَىَ رَبّهِمْ رَاجِعُونَ *
أُوْلَـَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقوله: والّذِينَ
يُؤْتُونَ ما آتَوْا والذين يعطون أهل سُهْمان الصدقة ما فرض الله لهم فـي
أموالهم. ما آتَوْا يعنـي: ما أعطوهم إياه من صدقة, ويؤدّون حقوق الله علـيهم فـي
أموالهم إلـى أهلها. وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ يقول: خائفة من أنهم إلـى ربهم
راجعون, فلا ينـجيهم ما فعلوا من ذلك من عذاب الله, فهم خائفون من الـمرجع إلـى
الله لذلك, كما قال الـحسن: إن الـمؤمن جمع إحسانا وشفقة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19332ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن,
قال: حدثنا سفـيان, عن ابن أبجر, عن رجل, عن ابن عمر: يُؤْتُونَ ما آتَوْا
وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: الزكاة.



19333ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة, قال: حدثنا
عبـيد الله بن موسى, قال أخبرنا إسرائيـل, عن أبـي يحيى, عن مـجاهد: وَقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ قال: الـمؤمن ينفق ماله وقلبه وَجِلٌ.



19334ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي الأشهب, عن الـحسن, قال: يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ
وَجِلَةٌ قال: يعملون ما عملوا من أعمال البرّ, وهم يخافون ألاّ ينـجيهم ذلك من
عذاب ربهم.



19335ـ حدثنا القاسم, قال: ثنـي حجاج, عن ابن
جريج, قال: قال ابن عبـاس: يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال:
الـمؤمن ينفق ماله ويتصدّق وقلبه وَجِل أنه إلـى ربه راجع.



19336ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن عُلَـية,
عن يونس, عن الـحسن أنه كان يقول: إن الـمؤمن جمع إحسانا وشفقة, وإن الـمنافق جمع
إساءة وأمنا. ثم تلا الـحسن: إنّ الّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبّهِمْ
مُشْفِقُونَ إلـى: وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أنّهُمْ إلـى رَبّهِمْ رَاجِعُونَ وقال
الـمنافق: إنـما أوتـيته علـى علـم عندي.



19337ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا الـحسين بن واقد, عن يزيد, عن عكرمة: يُؤْتُونَ ما آتَوْا قال:
يُعطون ما أعطوا. وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ يقول: خائفة.



19338ـ حدثنا خلاد بن أسلـم, قال: حدثنا النضر
بن شميـل, قال: أخبرنا إسرائيـل, قال: أخبرنا سالـم الأفطس, عن سعيد بن جبـير, فـي
قوله: وَالّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: يفعلون ما
يفعلون وهم يعلـمون أنهم صائرون إلـى الـموت وهي من الـمبشّرات.



19339ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ
قال: يُعْطُون ما أعطَوا ويعملون ما عملوا من خير, وقلوبهم وجلة خائفة.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19340ـ حدثنا علـيّ, قال: ثنـي معاوية, عن ابن
عبـاس, قوله: وَالّذِينَ يَأْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ يقول: يعملون
خائفـين.



19341ـ قال: حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي
أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَالّذِينَ
يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: يعطون ما أعطوا فَرَقا من الله
ووجلاً من الله.



19342ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: يُؤْتُونَ ما آتَوْا ينفقون
ما أنفقوا.



19343ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد: يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: يعطون ما أعطوا
وينفقون ما أنفقوا ويتصدّقون بـما تصدّقوا وقلوبهم وجلة, اتقاء لسخط الله والنار.



وعلـى هذه القراءة, أعنـي علـى: وَالّذِينَ
يُؤْتُونَ ما آتَوْا قرأه الأمصار, وبه رسوم مصاحفهم وبه نقرأ, لإجماع الـحجة من
القرّاء علـيه ووفـاقه خطّ مصاحف الـمسلـمين.



ورُوي عن عائشة رضي الله عنها فـي ذلك, ما:


19344ـ حدثناه أحمد بن يوسف, قال: حدثنا
القاسم, قال: حدثنا علـيّ بن ثابت, عن طلـحة بن عمر, عن أبـي خـلف, قال: دخـلت مع
عبـيد بن عمير علـى عائشة, فسألها عبـيد: كيف نقرأ هذا الـحرف وَالّذِينَ
يُؤْتُونَ ما آتَوْا؟ فقالت: «يَأْتُونَ ما أتَوْا».



وكأنها تأوّلت فـي ذلك والذين يفعلون ما يفعلون
من الـخيرات وهم وجلون من الله. وكأنها تأوّلت فـي ذلك: والذين يفعلون ما يفعلون
من الـخيرات وهم وجلون من الله, كالذي:



19345ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا الـحكم بن
بشير, قال: حدثنا عمر بن قـيس, عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمدانـي, عن أبـي
حازم, عن أبـي هريرة, قال: قالت عائشة: يا رسول الله «وَالّذِينَ يَأْتُونَ مَا
أتَوْا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ» هو الذي يذنب الذنب وهو وجل منه؟ فقال: «لا,
وَلَكِنْ مَنْ يَصُومُ وَيُصَلّـي ويَتَصَدّقُ وَهُوَ وَجِلٌ».



19346ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس,
عن مالك بن مِغْول, عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب, أن عائشة قالت: قلت: يا رسول
الله الّذِينَ يَأْتُونَ ما أتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أهم الذين يُذنبون وهم
مشفقون وَيَصُومُونَ وَهُمْ مُشْفِقُونَ؟



حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال:
حدثنا لـيث, عن مغيث, عن رجل من أهل مكة, عن عائشة, قالت: قلت: يا رسول الله:
الّذِينَ يَأْتُونَ ما أتَوْا وَقلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال: فذكر مثل هذا.



حدثنا سفـيان بن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن
مالك بن مغول, عن عبد الرحمن بن سعيد, عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله الّذِينَ
يَأْتُونَ ما أتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أهو الرجل يزنى ويسرق ويشرب الـخمر؟
قال: «لا يا ابْنَةَ أبـي بَكْرٍ أو يا ابْنَةَ الصّدّيقِ وَلَكِنّهُ الرّجُلُ
يَصُومُ وَيُصَلّـي وَيَتَصَدّقُ, وَيخافُ أنْ لا يُقْبَلَ مِنْهُ».



19347ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي جرير, عن لـيث بن أبـي سلـيـم, وهشيـم عن العوّام بن حَوْشب جميعا, عن عائشة,
أنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا ابْنَةَ أبـي بَكْرٍ أو
يا بْنَةَ الصّدّيقِ هُمُ الّذِينَ يُصَلّونَ وَيَفْرَقُونَ أنْ لا يُتَقَبّلَ
منْهُمْ». و «أنّ» من قوله: أنّهُمْ إلـى رَبّهِمْ رَاجِعُونَ: فـي موضع نصب, لأن
معنى الكلام: وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ من أنهم, فلـما حذفت «مِنْ» اتصل الكلام
قبلها, فنصبت. وكان بعضهم يقول: هو فـي موضع خفض, وإن لـم يكن الـخافض ظاهرا.



وقوله: أُولَئِكَ يُسارِعُونَ فِـي
الـخَيْرَاتِ يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين هذه الصفـات صفـاتهم, يبـادرون فـي
الأعمال الصالـحة ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته. كما:



19348ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: أُولَئكَ يُسارِعُونَ فِـي الـخَيْرَاتِ.



وقوله: وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ كان بعضهم
يقول: معناه: سبقت لهم من الله السعادة, فذلك سبوقهم الـخيرات التـي يعملونها. ذكر
من قال ذلك:



19349ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَهُمْ لَها سَابِقُونَ يقول:
سبقت لهم السعادة.



19350ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَهُمْ لَهَا سابِقُونَ, فتلك الـخيرات.



وكان بعضهم يتأوّل ذلك بـمعنى: وهم إلـيها
سابقون. وتأوّله آخرون: وهم من أجلها سابقون.



وأولـى الأقوال فـي ذلك عندي بـالصواب القول
الذي قاله ابن عبـاس, من أنه سبقت لهم من الله السعادة قبل مسارعتهم فـي الـخيرات,
ولـما سبق لهم من ذلك سارعوا فـيها.



وإنـما قلت ذلك أولـى التأويـلـين بـالكلام لأن
ذلك أظهر معنـيـيه, وأنه لا حاجة بنا إذا وجهنا تأويـل الكلام إلـى ذلك, إلـى
تـحويـل معنى «اللام» التـي فـي قوله: وَهُمْ لَهَا إلـى غير معناها الأغلب
علـيها.






الآية : 62


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلاَ نُكَلّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ
يَنطِقُ بِالْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولا نكلف نفسا إلاّ ما يَسَعها
ويصلـح لها من العبـادة ولذلك كلّفناها ما كلفناها من معرفة وحدانـية الله, وشرعنا
لها ما شرعنا من الشرائع. وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بـالـحَقّ يقول: وعندنا كتاب
أعمال الـخـلق بـما عملوا من خير وشرّ يَنْطِقُ بِـالْـحَقّ وَهُمْ لا
يُظْلَـمُونَ يقول: يبـين بـالصدق عما عملوا من عمل فـي الدنـيا, لا زيادة علـيه
ولا نقصان, ونـحن موفو جميعهم أجورهم, الـمـحسن منهم بإحسانه والـمسيء بإساءته.
وَهُمْ لا يُظْلَـمُونَ يقول: وهم لا يظلـمون, بأن يزاد علـى سيئات الـمسيء منهم
ما لـم يعمله فـيعاقب علـى غير جُرْمه, وينقص الـمـحسن عما عمل من إحسانه فـينقص
عما له من الثواب.



الآية : 63


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مّنْ هَـَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مّن
دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ما الأمر كما يحسب هؤلاء
الـمشركون, من أن إمدادناهم بـما نـمدّهم به من مال وبنـين, بخير نسوقه بذلك
إلـيهم والرضا منا عنهم ولكن قلوبهم فـي غمرة عمى عن هذا القرآن. وعنى بـالغمرة:
ما غمر قلوبهم فغطاها عن فهم ما أودع الله كتابه من الـمواعظ والعبر والـحجج. وعنى
بقوله: مِنْ هَذَا من القرآن.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19351ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: فِـي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا قال: فـي
عَمًى من هذا القرآن.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, فـي قوله: فِـي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا قال: من
القرآن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:22 pm

وقوله: ولَهُمْ أعْمالٌ
مِنْ دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ يقول تعالـى ذكره: ولهؤلاء الكفـار أعمال لا
يرضاها الله من الـمعاصي. مِنْ دُونِ ذَلِكَ يقول: من دون أعمال أهل الإيـمان
بـالله وأهل التقوى والـخشية له.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19352ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن
عنبسة, عن مـحمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبـي بَزة, عن مـجاهد: ولَهُمْ
أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ قال: الـخطايا.



19353ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: ولَهُمْ أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ قال:
الـحق.



حدثنا علـيّ بن سهل, قال: حدثنا حجاج, عن ابن
جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: ولَهُمْ أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلك قال: خطايا من دون ذلك
الـحقّ.



19354ـ قال: حدثنا حجاج, عن أبـي جعفر, عن
الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية, فـي قوله: ولَهُمْ أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ...
الاَية, قال: أعمال دُون الـحق.



19355ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة, قال: ذكر الله الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين
يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة, ثم قال للكفـار: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِـي غَمْرَةٍ مِنْ
هَذَا ولَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ قال: من دون الأعمال
التـي منها قوله: مِنْ خَشْيَة رَبّهِمْ مُشْفِقُونَ والذين, والذين.



19356ـ حدثنـي القاسم, قال: حدثنا الـحسين,
قال: حدثنا عيسى بن يونس, عن العلاء بن عبد الكريـم, عن مـجاهد, قال: أعمال لا بدّ
لهم من أن يعملوها.



19357ـ حدثنا علـيّ بن سهل, قال: حدثنا زيد بن
أبـي الزرقاء, عن حماد بن سلـمة, عن حميد, قال: سألت الـحسن عن قول الله: ولَهُمْ
أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ قال: أعمال لـم يعملوها سيعملونها.



19358ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: ولَهُمْ أعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ
قال: لـم يكن له بدّ من أن يستوفـي بقـية عمله, ويَصْلَـى به.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, عن
الثوريّ, عن العلاء بن عبد الكريـم, عن مـجاهد, فـي قوله: ولَهُمْ أعْمالٌ مِنْ
دُونِ ذلكَ هُمْ لَهَا عامِلُونَ قال: أعمال لا بدّ لهم من أن يعملوها.



حدثنا عمرو, قال: حدثنا مروان بن معاوية, عن
العلاء بن عبد الكريـم, عن مـجاهد, فـي قول الله تبـارك وتعالـى: ولَهُمْ أعْمالٌ
مِنْ دُونِ ذلكَ قال: أعمال لا بدّ لهم من أن يعملوها.



الآية : 64
- 65



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {حَتّىَ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ
يَجْأرُونَ * لاَ تَجْأرُواْ الْيَوْمَ
إِنّكُمْ مّنّا لاَ تُنصَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولهؤلاء الكفـار من قريش
أعمال من دون ذلك هم لها عاملون, إلـى أن يؤخذ أهل النّعمة والبطر منهم بـالعذاب.
كما:



19359ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد: إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهِمْ بـالعَذابِ, قال: الـمُتْرَفُون:
العظماء. إذَا هُمْ يَجْئَرُونَ يقول: فإذا أخذناهم به جأروا, يقول: ضجّوا
واستغاثوا مـما حلّ بهم من عذابنا.



ولعلّ الـجُؤار: رفع الصوت, كما يجأر الثور
ومنه قول الأعشى:



يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الـمَلِـيكِ طَوْرا
سُجُودا وَطَوْرا جُؤَارَ



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19360ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: إذَا هُمْ يَجأَرُونَ يقول: يستغيثون.



19361ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى وعبد
الرحمن, قالا: حدثنا سفـيان, عن علقمة بن قردد, عن مـجاهد, فـي قوله: حتـى إذَا
أخَذْنا مُتْرَفِـيهم بـالعَذَابِ إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ قال: بـالسيوف يوم بدر.



19362ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر, عن الربـيع بن أنس, فـي قوله: إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
قال: يجزعون.



19363ـ قال: حدثنا حجاج, عن ابن جُرَيج: حتـى
إذَا أخَذْنا مُتْرَفِـيهمْ بـالعَذَابِ قال: عذاب يوم بدر. إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
قال: الذين بـمكة.



19364ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: حتّـى إذَا أخَذْنا
مُتْرَفِـيهِمْ بـالعَذَابِ يعنـي أهل بدر, أخذهم الله بـالعذاب يوم بدر.



19365ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
سمعت ابن زيد يقول فـي قوله: إذَا هُمْ يَجْأَرُونَ قال: يجزعون.



وقوله: لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ يقول: لا
تضجّوا وتستغيثوا الـيوم وقد نزل بكم العذاب الذي لا يدفع عن الذين ظلـموا أنفسهم,
فإن ضجيجكم غير نافعكم ولا دافع عنكم شيئا مـما قد نزل بكم من سخط الله. إنّكُمْ
مِنّا لا تُنْصَرُونَ يقول: إنكم من عذابنا الذي قد حلّ بكم لا تستنقذون, ولا
يخـلصكم منه شيء.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19366ـ حدثنا القاسم, قال حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر, عن الربـيع بن أنس: لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ: لا
تـجزعوا الـيوم.



19367ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا الربـيع بن
أنس: لا تَـجْأَرُوا الـيَوْمَ لا تـجزعوا الاَن حين نزل بكم العذاب, إنه لا
ينفعكم, فلو كان هذا الـجزع قبلُ نفعكم.









الآية : 66
- 67



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىَ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىَ
أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ *
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين من قريش:
لا تضجوا الـيوم وقد نزل بكم سخط الله وعذابه, بـما كسبت أيديكم واستوجبتـموه
بكفركم بآيات ربكم. قَد كانَتْ آيَاتِـي تُتْلَـى عَلَـيْكُمْ يعنـي: آيات كتاب
الله, يقول: كانت آيات كتابـي تقرأ علـيكم فتكذّبون بها وترجعون مولّـين عنها إذا
سمعتـموها, كراهية منكم لسماعها. وكذلك يقال لكلّ من رجع من حيث جاء: نكص فلان
علـى عقبه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19368ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: فَكُنْتُـمْ عَلـى أعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ
قال: تستأخرون.



19369ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فَكُنْتُـمْ عَلـى أعْقابِكُمْ
تَنْكِصُونَ يقول: تدبرون.



19370ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: قَدْ كانَتْ آياتـي
تُتْلَـى عَلَـيْكُمْ, فَكُنْتُـمْ عَلـى أعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ يعنـي أهل مكة.



حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن. قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: تَنْكِصُونَ قال: تستأخرون.



وقوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ يقول: مستكبرين
بحرم الله, يقولون: لا يظهر علـينا فـيه أحد, لأنا أهل الـحرم.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل ذلك قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19371ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, فـي قوله:
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ يقول: مستكبرين بحرم البـيت أنه لا يظهر علـينا فـيه أحد.



19372ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا,
عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد فـي قول الله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ قال: بـمكة
بـالبلد.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, نـحوه.



19373ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هَوْذة,
قال: حدثنا عوف, عن الـحسن: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ قال: مستكبرين بحرمي.



19374ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, عن
سفـيان, عن حصين, عن سعيد بن جبـير, فـي قوله: مُسْتَكْبِرِبنَ بِهِ بـالـحرم.



19375ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ قال: مستكبرين بـالـحرم.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, عن
معمر, عن قَتادة, مثله.



19376ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ قال:
بـالـحرم.



وقوله: سامِرا يقول: تَسْمُرون بـاللـيـل.
ووحد قوله: سامِرا وهو بـمعنى السّمّار, لأنه وضع موضع الوقت. ومعنى الكلام:
وتهجُرون لـيلاً, فوضع السامر موضع اللـيـل, فوحّد لذلك. وقد كان بعض البصريـين
يقول: وُحّد ومعناه الـجمع, كما قـيـل: طفل فـي موضع أطفـال. ومـما يبـين عن صحة
ما قلنا فـي أنه وضع موضع الوقت فوحّد لذلك, قول الشاعر.



مِنْ دُونِهمْ إنْ جئْتَهُمْ سَمَراعَزْفُ
القِـيانِ ومَـجْلِسٌ غَمْر



فقال: «سمرا» لأن معناه: إن جئتهم لـيلاً وهم
يسمُرون, وكذلك قوله: سامِرا.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19377ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: سامِرا يقول:
يَسْمُرون حول البـيت.



19378ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: سامِرا قال: مـجلسا بـاللـيـل.



حدثنـي القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد: سامِرا قال: مـجالس.



19379ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال:
حدثنا سفـيان, عن حُصين, عن سعيد بن جُبـير: سامِرا قال: تَسْمُرون بـاللـيـل.



19380ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: سامِرا قال: كانوا يسمرون لـيـلتهم ويـلعبون: يتكلـمون
بـالشعر والكهانة وبـما لا يدرون.



19381ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: سامِرا قال: يعنـي سَمَر
اللـيـل.



وقال بعضهم فـي ذلك, ما:


19382ـ حدثنا به ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
ابن ثور, عن معمر, عن قتادة: سامِرا يقول: سامرا من أهل الـحرم آمنا لا يخاف,
كانوا يقولون: نـحن أهل الـحرم لا يَخافون.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, عن
معمر, عن قتادة: سامِرا يقول: سامرا من أهل مكة آمنا لا يخاف, قال: كانوا يقولون:
نـحن أهل الرحم لا نـخاف.



وقوله: تَهْجُرُونَ اختلفت القرّاء فـي قراءته,
فقرأته عامة قرّاء الأمصار: تَهْجُرُونَ بفتـح التاء وضم الـجيـم. ولقراءة من قرأ
ذلك كذلك وجهان من الـمعنى: أحدهما أن يكون عنى أنه وصفهم بـالإعراض عن القرآن أو
البـيت, أو رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضه. والاَخر: أن يكون عنى أنهم يقولون
شيئا من القول كما يهجُر الرجل فـي منامه, وذلك إذا هَذَى فكأنه وصفهم بأنهم
يقولون فـي القرآن ما لا معنى له من القول, وذلك أن يقولوا فـيه بـاطلاً من القول
الذي لا يضرّه. وقد جاء بكلا القولـين التأويـل من أهل التأويـل. ذكر من قال:
كانوا يُعْرِضون عن ذكر الله والـحقّ ويهجُرونه:



19383ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: تَهْجُرُونَ قال:
يهجُرون ذكر الله والـحقّ.



19384ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد
الصمد, قال: حدثنا شعبة, عن السديّ, عن أبـي صالـح, فـي قوله: سامرا تَهْجُرُونَ
قال: السبّ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:22 pm

ذكر من قال: كانوا يقولون
البـاطل والسيّىء من القول فـي القرآن:



19385ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال:
حدثنا سفـيان, عن حصين, عن سعيد بن جُبـير: تَهْجرُونَ قال: يهجُرون فـي البـاطل.



قال: حدثنا يحيى, عن سفـيان, عن حصين, عن سعيد
بن جبـير: سامِرا تَهْجُرُونَ قال: يسمرون بـاللـيـل يخوضون فـي البـاطل.



19386ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: تَهْجُرُونَ قال: بـالقول السيىء فـي
القرآن.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19387ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: تهْجُرُونَ قال: الهَذَيان الذي يتكلـم بـما لا يريد, ولا
يعقل كالـمريض الذي يتكلـم بـما لا يدري. قال: كان أبـيّ يقرؤها: سامِرا
تَهْجُرُونَ.



وقرأ ذلك آخرون: «سامرا تُهْجِرُونَ» بضم التاء
وكسر الـجيـم. ومـمن قرأ ذلك كذلك من قرّاء الأمصار نافع بن أبـي نعيـم, بـمعنى:
يُفْحِشون فـي الـمنطق, ويقولون الـخَنَا, من قولهم: أهجر الرجل: إذا أفحش فـي
القول. وذكر أنهم كانوا يسُبّون رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



19388ـ حدثنا علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: «تُهْجِرُونَ» قال: تقولون هُجْرا.



19389ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا عبد الـمؤمن, عن أبـي نَهِيك, عن عكرِمة, أنه قرأ: «سامِرا
تَهْجِرُونَ»: أي تسبّون.



19390ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال:
حدثنا عون, عن الـحسن, فـي قوله: «سامِرا تُهْجِرُونَ» رسولـي.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن قَتادة, قال: قال الـحسن: «تُهْجِرُونَ» رسول الله صلى الله عليه وسلم.



19391ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق,
عن معمر, عن قتادة: «تُهْجِرُونَ» يقول: يقولون سوءا.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, قال:
أخبرنا معمر, قال: قال الـحسن: «تُهْجِرُونَ» كتاب الله ورسوله.



19392ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: «تُهْجِرُونَ»يقول: يقولون
الـمنكر والـخَنَا من القول, كذلك هَجْر القول.



وأولـى القراءتـين بـالصواب فـي ذلك عندنا
القراءة التـي علـيها قرّاء الأمصار, وهي فتـح التاء وضم الـجيـم, لإجماع الـحجة
من القرّاء.






الآية : 68
- 70



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَفَلَمْ يَدّبّرُواْ الْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مّا لَمْ يَأْتِ
آبَآءَهُمُ الأوّلِينَ * أَمْ لَمْ
يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ
بِالْحَقّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أفلـم يتدبر هؤلاء
الـمشركون تنزيـل الله وكلامه, فـيعلـموا ما فـيه من العبر, ويعرفوا حجج الله
التـي احتـجّ بها علـيه فـيه؟ أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأتِ آبـاءَهُمُ
الأَوّلِـينَ؟ يقول: أم جاءهم أمر ما لـم يأت من قبلهم من أسلافهم, فـاستكبروا ذلك
وأعرضوا, فقد جاءت الرسل من قبلهم, وأنزلت معهم الكتب. وقد يحتـمل أن تكون «أم»
فـي هذا الـموضع بـمعنى: «بل», فـيكون تأويـل الكلام: أفلـم يدبّروا القول؟ بل
جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين, فتركوا لذلك التدبر وأعرضوا عنه, إذ لـم يكن
فـيـمن سلف من آبـاءهم ذلك. وقد ذُكر عن ابن عبـاس فـي نـحو هذا القول, ما:



19393ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: أفَلَـمْ يَدّبّرُوا
القَوْلَ أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأْتِ آبـاءَهُمُ الأَوّلِـينَ قال: لعمري لقد
جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين, ولكن أو لـم يأتهم ما لـم يأت آبـاءهم
الأوّلـين.



وقوله: أمْ لَـمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ يقول
تعالـى ذكره: أم لـم يعرف هؤلاء الـمكذّبون مـحمدا, وأنه من أهل الصدق والأمانة,
فَهُمْ له مُنْكِرُونَ يقول: فـينكروا قوله, أو لـم يعرفوه بـالصدق, ويحتـجوا
بأنهم لا يعرفونه. يقول جلّ ثناؤه: فكيف يُكَذّبونه وهم يعرفونه فـيهم بـالصدق
والأمانة. أمْ يَقُولُونَ بِهِ جنّةٌ يقول: أيقولون بـمـحمد جنون, فهو يتكلـم بـما
لا معنى له ولا يُفهم ولا يَدْرِي ما يقول: بَلْ جاءَهُمْ بـالـحَقّ يقول تعالـى
ذكره: فإن يقولوا ذلك فكَذِبُهم فـي قـيـلهم ذلك واضح بـيّن وذلك أن الـمـجنون
يَهذِي فـيأتـي من الكلام بـما لا معنى له, ولا يعقل ولا يفهم, والذي جاءهم به
مـحمد هو الـحكمة التـي لا أحكم منها والـحقّ الذي لا تـخفـى صحته علـى ذي فطرة
صحيحة, فكيف يجوز أن يقال: هو كلام مـجنون؟ وقوله: وأكْثَرُهُمْ للْـحَقّ
كارِهُونَ يقول تعالـى ذكره: ما بهؤلاء الكفرة أنهم لـم يعرفوا مـحمدا بـالصدق ولا
أن مـحمدا عندهم مـجنون, بل قد علـموه صادقا مـحقّا فـيـما يقول وفـيـما يدعوهم
إلـيه, ولكن أكثرهم للإذعان للـحقّ كارهون ولأتبـاع مـحمد ساخطون, حسدا منهم له
وبغيا علـيه واستكبـارا فـي الأرض.






الآية : 71


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَوِ اتّبَعَ الْحَقّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السّمَاوَاتُ
وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ
مّعْرِضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولو عمل الربّ تعالـى ذكره
بـما يهوَى هؤلاء الـمشركون وأجرى التدبـير علـى مشيئتهم وإرادتهم وترك الـحقّ
الذي هم له كارهون, لفسدت السموات والأرض ومن فـيهنّ وذلك أنهم لا يعرفون عواقب
الأمور والصحيحَ من التدبـير والفـاسد. فلو كانت الأمور جارية علـى مشيئتهم
وأهوائهم مع إيثار أكثرهم البـاطل علـى الـحقّ, لـم تقرّ السموات والأرض ومن
فـيهنّ من خـلق الله, لأن ذلك قام بـالـحقّ.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19394ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا عبد
الصمد, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا السديّ, عن أبـي صالـح: وَلَوِ اتّبَعَ
الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال: الله.



قال: حدثنا أبو معاوية, عن إسماعيـل بن أبـي
خالد, عن أبـي صالـح: وَلَوِ اتّبَعَ الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال: الـحقّ: هو الله.



19395ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: وَلَوِ اتّبَعَ الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال:
الـحقّ: الله.



وقوله: بَلْ أتَـيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ
عنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل الذكر فـي هذا الـموضع,
فقال بعضهم: هو بـيان الـحقّ لهم بـما أنزل علـى رجل منهم من هذا القرآن. ذكر من
قال ذلك:



19396ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: بَلْ أتَـيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ
يقول: بـيّنا لهم.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل أتـيناهم بشَرَفهم
وذلك أن هذا القرآن كان شَرَفـا لهم, لأنه نزل علـى رجل منهم, فأعرضوا عنه وكفروا
به. وقالوا: ذلك نظير قوله وَإنّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وهذان القولان
متقاربـا الـمعنى. وذلك أن الله جلّ ثناؤه أنزل هذا القرآن بـيانا بـيّن فـيه ما
لـخـلقه إلـيه الـحاجة من أمر دينهم, وهو مع ذلك ذكر لرسوله صلى الله عليه وسلم
وقومه وشَرَف لهم.






الآية : 72
- 73



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ
الرّازِقِينَ * وَإِنّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىَ
صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ }.



يقول تعالـى ذكره: أم تسأل هؤلاء الـمشركين
يا مـحمد من قومك خَراجا, يعنـي أجرا علـى ما جئتهم به من عند الله من النصيحة
والـحقّ فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ: فأجر ربك علـى نفـاذك لأمره, وابتغاء مرضاته خير
لك من ذلك, ولـم يسألهم صلى الله عليه وسلم علـى ما أتاهم به من عند الله أجرا,
قال لهم كما قال الله له, وأمره بقـيـله لهم: قُلْ لا أسأَلُكُمْ عَلَـيْهِ أجْرا
إلاّ الـمَوَدّةَ فِـي القُربى وإنـما معنى الكلام: أم تسألهم علـى ما جئتهم به
أجرا, فنكصُوا علـى أعقابهم إذا تلوتَه علـيهم, مستكبرين بـالـحرم, فخراج ربك خير.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19397ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن الـحسن: أمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجا فخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ قال:
أجرا.



حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر عن الـحسن, مثله.



وأصل الـخراج والـخَرْج: مصدران لا يُجْمعان.


وقوله: وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِـينَ يقول:
والله خير من أعطى عوضا علـى عمل ورزق رزقا.



وقوله: وَإنّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلـى صِراطٍ
مُسْتَقِـيـمٍ يقول تعالـى ذكره: وإنك يا مـحمد لتدعو هؤلاء الـمشركين من قومك
إلـى دين الإسلام, وهو الطريق القاصد والصراط الـمستقـيـم الذي لا اعوجاج فـيه.



الآية : 74
- 75



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصّرَاطِ
لَنَاكِبُونَ * وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ
وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ لّلَجّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: الذين لا يصدّقون بـالبعث
بعد الـمـمات, وقـيام الساعة, ومـجازاة الله عبـاده فـي الدار الاَخرة عَنِ
الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن مَـحَجّة الـحق وقصد السبـيـل, وذلك دين الله الذي
ارتضاه لعبـاده لَعادِلُونَ, يقال منه: قد نكب فلان عن كذا: إذا عدل عنه, ونكّب
عنه: أي عدل عنه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19398ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: عَنِ
الصّرَاطِ لَناكِبُونَ قال: لعادلون.



حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَإنّ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ
بـالاَخِرَةِ عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن الـحقّ عادلون.



وقوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما
بِهِمْ مِنْ ضُرَ يقول تعالـى: ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالاَخرة, ورفعنا
عنهم ما بهم من القحط والـجدب وضرّ الـجوع والهزال لَلَـجّوا فِـي طُغْيانهِمْ
يعنـي فـي عتوّهم وجرأتهم علـى ربهم. يَعْمَهُونَ يعنـي: يتردّدون كما:



19399ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما بِهِمْ
مِنْ ضُرَ قال: الـجوع.






الآية : 76


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ
لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرّعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد أخذنا هؤلاء
الـمشركين بعذابنا, وأنزلنا بهم بأسنا, وسخطنا وضيّقنا علـيهم معايشهم, وأجدبنا
بلادهم, وقتلنا سراتهم بـالسيف. فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ يقول: فما خضعوا
لربهم فـينقادوا لأمره ونهيه ويُنـيبوا إلـى طاعته. وَما يَتَضَرّعُونَ يقول: وما
يتذللون له.



وذُكر أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسنـي الـجدب, دعا علـيهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



19400ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا أبو تـميـلة,
عن الـحسن, عن يزيد, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, قال: جاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ
صلى الله عليه وسلم, فقال: يا مـحمد, أَنْشُدُكَ الله والرحم, فقد أكلنا العِلْهِز
يعنـي الوبر والدم. فأنزل الله: وَلَقَدْ أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ, فَمَا
اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ وَما يَتَضَرّعُونَ.


19401ـ
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا عبد الـمؤمن, عن عِلبـاء بن
أحمر, عن عِكرمة, عن ابن عبـاس: أن ابن أُثالٍ الـحنفـيّ لـما أتـى النبـيّ صلى
الله عليه وسلم وهو أسير, فخـلّـى سبـيـله, فلـحق بـمكة, فحال بـين أهل مكة وبـين
الـمِيرة من الـيـمامة, حتـى أكلت قريش العِلْهِزَ, فجاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:30 pm

ذكر من قال: كانوا
يقولون البـاطل والسيّىء من القول فـي القرآن:



19385ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى, قال:
حدثنا سفـيان, عن حصين, عن سعيد بن جُبـير: تَهْجرُونَ قال: يهجُرون فـي البـاطل.



قال: حدثنا يحيى, عن سفـيان, عن حصين, عن سعيد
بن جبـير: سامِرا تَهْجُرُونَ قال: يسمرون بـاللـيـل يخوضون فـي البـاطل.



19386ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: تَهْجُرُونَ قال: بـالقول السيىء فـي
القرآن.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19387ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: تهْجُرُونَ قال: الهَذَيان الذي يتكلـم بـما لا يريد, ولا
يعقل كالـمريض الذي يتكلـم بـما لا يدري. قال: كان أبـيّ يقرؤها: سامِرا
تَهْجُرُونَ.



وقرأ ذلك آخرون: «سامرا تُهْجِرُونَ» بضم التاء
وكسر الـجيـم. ومـمن قرأ ذلك كذلك من قرّاء الأمصار نافع بن أبـي نعيـم, بـمعنى:
يُفْحِشون فـي الـمنطق, ويقولون الـخَنَا, من قولهم: أهجر الرجل: إذا أفحش فـي
القول. وذكر أنهم كانوا يسُبّون رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



19388ـ حدثنا علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: «تُهْجِرُونَ» قال: تقولون هُجْرا.



19389ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا عبد الـمؤمن, عن أبـي نَهِيك, عن عكرِمة, أنه قرأ: «سامِرا
تَهْجِرُونَ»: أي تسبّون.



19390ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال:
حدثنا عون, عن الـحسن, فـي قوله: «سامِرا تُهْجِرُونَ» رسولـي.



حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور,
عن معمر, عن قَتادة, قال: قال الـحسن: «تُهْجِرُونَ» رسول الله صلى الله عليه وسلم.



19391ـ حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق,
عن معمر, عن قتادة: «تُهْجِرُونَ» يقول: يقولون سوءا.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرّزاق, قال:
أخبرنا معمر, قال: قال الـحسن: «تُهْجِرُونَ» كتاب الله ورسوله.



19392ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: «تُهْجِرُونَ»يقول: يقولون
الـمنكر والـخَنَا من القول, كذلك هَجْر القول.



وأولـى القراءتـين بـالصواب فـي ذلك عندنا
القراءة التـي علـيها قرّاء الأمصار, وهي فتـح التاء وضم الـجيـم, لإجماع الـحجة
من القرّاء.






الآية : 68
- 70



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَفَلَمْ يَدّبّرُواْ الْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مّا لَمْ يَأْتِ
آبَآءَهُمُ الأوّلِينَ * أَمْ لَمْ
يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ
بِالْحَقّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقّ كَارِهُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أفلـم يتدبر هؤلاء
الـمشركون تنزيـل الله وكلامه, فـيعلـموا ما فـيه من العبر, ويعرفوا حجج الله
التـي احتـجّ بها علـيه فـيه؟ أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأتِ آبـاءَهُمُ
الأَوّلِـينَ؟ يقول: أم جاءهم أمر ما لـم يأت من قبلهم من أسلافهم, فـاستكبروا ذلك
وأعرضوا, فقد جاءت الرسل من قبلهم, وأنزلت معهم الكتب. وقد يحتـمل أن تكون «أم»
فـي هذا الـموضع بـمعنى: «بل», فـيكون تأويـل الكلام: أفلـم يدبّروا القول؟ بل
جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين, فتركوا لذلك التدبر وأعرضوا عنه, إذ لـم يكن
فـيـمن سلف من آبـاءهم ذلك. وقد ذُكر عن ابن عبـاس فـي نـحو هذا القول, ما:



19393ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: أفَلَـمْ يَدّبّرُوا
القَوْلَ أمْ جاءَهُمْ ما لَـمْ يَأْتِ آبـاءَهُمُ الأَوّلِـينَ قال: لعمري لقد
جاءهم ما لـم يأت آبـاءهم الأوّلـين, ولكن أو لـم يأتهم ما لـم يأت آبـاءهم
الأوّلـين.



وقوله: أمْ لَـمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ يقول
تعالـى ذكره: أم لـم يعرف هؤلاء الـمكذّبون مـحمدا, وأنه من أهل الصدق والأمانة,
فَهُمْ له مُنْكِرُونَ يقول: فـينكروا قوله, أو لـم يعرفوه بـالصدق, ويحتـجوا
بأنهم لا يعرفونه. يقول جلّ ثناؤه: فكيف يُكَذّبونه وهم يعرفونه فـيهم بـالصدق
والأمانة. أمْ يَقُولُونَ بِهِ جنّةٌ يقول: أيقولون بـمـحمد جنون, فهو يتكلـم بـما
لا معنى له ولا يُفهم ولا يَدْرِي ما يقول: بَلْ جاءَهُمْ بـالـحَقّ يقول تعالـى
ذكره: فإن يقولوا ذلك فكَذِبُهم فـي قـيـلهم ذلك واضح بـيّن وذلك أن الـمـجنون
يَهذِي فـيأتـي من الكلام بـما لا معنى له, ولا يعقل ولا يفهم, والذي جاءهم به
مـحمد هو الـحكمة التـي لا أحكم منها والـحقّ الذي لا تـخفـى صحته علـى ذي فطرة
صحيحة, فكيف يجوز أن يقال: هو كلام مـجنون؟ وقوله: وأكْثَرُهُمْ للْـحَقّ
كارِهُونَ يقول تعالـى ذكره: ما بهؤلاء الكفرة أنهم لـم يعرفوا مـحمدا بـالصدق ولا
أن مـحمدا عندهم مـجنون, بل قد علـموه صادقا مـحقّا فـيـما يقول وفـيـما يدعوهم
إلـيه, ولكن أكثرهم للإذعان للـحقّ كارهون ولأتبـاع مـحمد ساخطون, حسدا منهم له
وبغيا علـيه واستكبـارا فـي الأرض.






الآية : 71


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَوِ اتّبَعَ الْحَقّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السّمَاوَاتُ
وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ
مّعْرِضُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولو عمل الربّ تعالـى ذكره
بـما يهوَى هؤلاء الـمشركون وأجرى التدبـير علـى مشيئتهم وإرادتهم وترك الـحقّ
الذي هم له كارهون, لفسدت السموات والأرض ومن فـيهنّ وذلك أنهم لا يعرفون عواقب
الأمور والصحيحَ من التدبـير والفـاسد. فلو كانت الأمور جارية علـى مشيئتهم
وأهوائهم مع إيثار أكثرهم البـاطل علـى الـحقّ, لـم تقرّ السموات والأرض ومن
فـيهنّ من خـلق الله, لأن ذلك قام بـالـحقّ.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19394ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا عبد
الصمد, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا السديّ, عن أبـي صالـح: وَلَوِ اتّبَعَ
الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال: الله.



قال: حدثنا أبو معاوية, عن إسماعيـل بن أبـي
خالد, عن أبـي صالـح: وَلَوِ اتّبَعَ الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال: الـحقّ: هو الله.



19395ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: وَلَوِ اتّبَعَ الـحَقّ أهْوَاءَهُمْ قال:
الـحقّ: الله.



وقوله: بَلْ أتَـيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ
عنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل الذكر فـي هذا الـموضع,
فقال بعضهم: هو بـيان الـحقّ لهم بـما أنزل علـى رجل منهم من هذا القرآن. ذكر من
قال ذلك:



19396ـ حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا عبد الله,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: بَلْ أتَـيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ
يقول: بـيّنا لهم.



وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل أتـيناهم بشَرَفهم
وذلك أن هذا القرآن كان شَرَفـا لهم, لأنه نزل علـى رجل منهم, فأعرضوا عنه وكفروا
به. وقالوا: ذلك نظير قوله وَإنّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وهذان القولان
متقاربـا الـمعنى. وذلك أن الله جلّ ثناؤه أنزل هذا القرآن بـيانا بـيّن فـيه ما
لـخـلقه إلـيه الـحاجة من أمر دينهم, وهو مع ذلك ذكر لرسوله صلى الله عليه وسلم
وقومه وشَرَف لهم.






الآية : 72
- 73



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ
الرّازِقِينَ * وَإِنّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىَ
صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ }.



يقول تعالـى ذكره: أم تسأل هؤلاء الـمشركين
يا مـحمد من قومك خَراجا, يعنـي أجرا علـى ما جئتهم به من عند الله من النصيحة
والـحقّ فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ: فأجر ربك علـى نفـاذك لأمره, وابتغاء مرضاته خير
لك من ذلك, ولـم يسألهم صلى الله عليه وسلم علـى ما أتاهم به من عند الله أجرا,
قال لهم كما قال الله له, وأمره بقـيـله لهم: قُلْ لا أسأَلُكُمْ عَلَـيْهِ أجْرا
إلاّ الـمَوَدّةَ فِـي القُربى وإنـما معنى الكلام: أم تسألهم علـى ما جئتهم به
أجرا, فنكصُوا علـى أعقابهم إذا تلوتَه علـيهم, مستكبرين بـالـحرم, فخراج ربك خير.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19397ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن الـحسن: أمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجا فخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ قال:
أجرا.



حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر عن الـحسن, مثله.



وأصل الـخراج والـخَرْج: مصدران لا يُجْمعان.


وقوله: وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِـينَ يقول:
والله خير من أعطى عوضا علـى عمل ورزق رزقا.



وقوله: وَإنّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلـى صِراطٍ
مُسْتَقِـيـمٍ يقول تعالـى ذكره: وإنك يا مـحمد لتدعو هؤلاء الـمشركين من قومك
إلـى دين الإسلام, وهو الطريق القاصد والصراط الـمستقـيـم الذي لا اعوجاج فـيه.



الآية : 74
- 75



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصّرَاطِ
لَنَاكِبُونَ * وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ
وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ لّلَجّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: الذين لا يصدّقون بـالبعث
بعد الـمـمات, وقـيام الساعة, ومـجازاة الله عبـاده فـي الدار الاَخرة عَنِ
الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن مَـحَجّة الـحق وقصد السبـيـل, وذلك دين الله الذي
ارتضاه لعبـاده لَعادِلُونَ, يقال منه: قد نكب فلان عن كذا: إذا عدل عنه, ونكّب
عنه: أي عدل عنه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19398ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الـخراسانـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: عَنِ
الصّرَاطِ لَناكِبُونَ قال: لعادلون.



حدثنـي علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَإنّ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ
بـالاَخِرَةِ عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول: عن الـحقّ عادلون.



وقوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما
بِهِمْ مِنْ ضُرَ يقول تعالـى: ولو رحمنا هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالاَخرة, ورفعنا
عنهم ما بهم من القحط والـجدب وضرّ الـجوع والهزال لَلَـجّوا فِـي طُغْيانهِمْ
يعنـي فـي عتوّهم وجرأتهم علـى ربهم. يَعْمَهُونَ يعنـي: يتردّدون كما:



19399ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, فـي قوله: وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وكَشَفْنا ما بِهِمْ
مِنْ ضُرَ قال: الـجوع.






الآية : 76


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُواْ
لِرَبّهِمْ وَمَا يَتَضَرّعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد أخذنا هؤلاء
الـمشركين بعذابنا, وأنزلنا بهم بأسنا, وسخطنا وضيّقنا علـيهم معايشهم, وأجدبنا
بلادهم, وقتلنا سراتهم بـالسيف. فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ يقول: فما خضعوا
لربهم فـينقادوا لأمره ونهيه ويُنـيبوا إلـى طاعته. وَما يَتَضَرّعُونَ يقول: وما
يتذللون له.



وذُكر أن هذه الاَية نزلت علـى رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسنـي الـجدب, دعا علـيهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



19400ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا أبو تـميـلة,
عن الـحسن, عن يزيد, عن عكرِمة, عن ابن عبـاس, قال: جاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ
صلى الله عليه وسلم, فقال: يا مـحمد, أَنْشُدُكَ الله والرحم, فقد أكلنا العِلْهِز
يعنـي الوبر والدم. فأنزل الله: وَلَقَدْ أخَذْناهُمْ بـالعَذَابِ, فَمَا
اسْتَكانُوا لِرَبّهِمْ وَما يَتَضَرّعُونَ.



19401ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا عبد الـمؤمن, عن عِلبـاء بن أحمر, عن عِكرمة, عن ابن عبـاس: أن
ابن أُثالٍ الـحنفـيّ لـما أتـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم وهو أسير, فخـلّـى
سبـيـله, فلـحق بـمكة, فحال بـين أهل مكة وبـين الـمِيرة من الـيـمامة, حتـى أكلت
قريش العِلْهِزَ, فجاء أبو سفـيان إلـى النبـيّ


وقوله: ما
اتّـخَذَ اللّهُ منْ وَلَدٍ يقول تعالـى ذكره: ما لله من ولد, ولا كان معه فـي
القديـم ولا حين ابتدع الأشياء مَنْ تصلـح عبـادته, ولو كان معه فـي القديـم أو
عند خـلقه الأشياء مَنْ تصلـح عبـادته مِنْ إلهٍ إذا لَذَهَب يقول: إذن لاعتزل كلّ
إله منهم بِـما خَـلَقَ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:31 pm

من شيء, فـانفرد به,
ولتغالبوا, فلَعَلا بعضهم علـى بعض, وغلب القويّ منهم الضعيف لأن القويّ لا يرضى
أن يعلُوَه ضعيف, والضعيف لا يصلـح أن يكون إلها. فسبحان الله ما أبلغها من حجة
وأوجزها لـمن عقل وتدبر وقوله: إذا لَذَهَبَ جواب لـمـحذوف, وهو: لو كان معه إله
إذن لذهب كل إله بـما خـلق اجتزىء بدلالة ما ذكر علـيه عنه, وقوله: سُبْحانَ
اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ يقول تعالـى ذكره: تنزيها لله عما يصفه به هؤلاء الـمشركون
من أن له ولدا, وعما قالوه من أن له شريكا, أو أن معه فـي القدم إلها يُعبد,
تبـارك وتعالـى.



وقوله: عالِـمُ الغَيْبِ والشّهادَةِ يقول
تعالـى ذكره: هو عالـم ما غاب عن خـلقه من الأشياء, فلـم يَرَوْه ولـم يشاهدوه,
وما رأوه وشاهدوه. إنـما هذا من الله خبر عن هؤلاء الذين قالوا من الـمشركين:
اتـخذ الله ولدا وعبدوا من دونه آلهة, أنهم فـيـما يقولون ويفعلون مُبْطِلون
مخطئون, فإنهم يقولون ما يقولون من قول فـي ذلك عن غير علـم, بل عن جهل منهم به
وإن العالـم بقديـم الأمور وبحديثها وشاهدها وغائبها عنهم, الله الذي لا يخفـى
علـيه شيء, فخبره هو الـحق دون خبرهم. وقال: عالـمُ الغَيْب فرفع علـى الابتداء,
بـمعنى: هو عالـم الغيب, ولذلك دخـلت الفـاء فـي قوله: فَتَعالَـى كما يقال: مررت
بأخيك الـمـحسنُ فأحسنت إلـيه, فترفع الـمـحسن إذا جعلت فأحسنت إلـيه بـالفـاء,
لأن معنى الكلام إذا كان كذلك: مررت بأخيك هو الـمـحسن, فأحسنت إلـيه. ولو جعل
الكلام بـالواو فقـيـل: وأحسنت إلـيه, لـم يكن وجه الكلام فـي «الـمـحسن» إلاّ
الـخفض علـى النعت للأخ, ولذلك لو جاء «فتعالـى» بـالواو كان وجه الكلام فـي عالـم
الغيب الـخفض علـى الاتبـاع لإعراب اسم الله, وكان يكون معنى الكلام: سبحان الله
عالـم الغيب والشهادة وتعالـى فـيكون قوله: «وتعالـى» حينئذٍ معطوفـا علـى «سبحان
الله». وقد يجوز الـخفض مع الفـاء, لأن العرب قد تبدأ الكلام بـالفـاء, كابتدائها
بـالواو. وبـالـخفض كان يقرأ: عَالِـمِ الغَيْب فـي هذا الـموضع أبو عمرو, وعلـى
خلافه فـي ذلك قَرَأَة الأمصار.



والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا: الرفع,
لـمعنـيـين: أحدهما: إجماع الـحجة من القرّاء علـيه, والثانـي: صحته فـي العربـية.



وقوله: فَتَعالـى عَمّا يُشْرِكُونَ يقول
تعالـى ذكره: فـارتفع الله وعلا عن شرك هؤلاء الـمشركين, ووصفهم إياه بـما يصفون.



الآية : 93
- 95



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُل رّبّ إِمّا تُرِيَنّي مَا يُوعَدُونَ * رَبّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ
الظّالِمِينَ * وَإِنّا عَلَىَ أَن
نّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد: ربّ إنْ تُرِيَنّى فـي هؤلاء الـمشركين ما تعدهم من عذابك فلا
تهلكنـي بـما تهلكهم به. ونـجنـي من عذابك وسخطك فلا تـجعلنـي فـي القوم الـمشركين
ولكن اجعلنـي مـمن رضيت عنه من أولـيائك. وقوله:
فَلا تَـجْعَلْنـي جواب لقوله: إما تُرِيَنّى اعترض بـينهما بـالنداء, ولو
لـم يكن قبله جزاء لـم يجز ذلك فـي الكلام, لا يقال: يا زيد فقم, ولا يا ربّ
فـاغفر, لأن النداء مستأنف, وكذلك الأمر بعده مستأنف, لا تدخـله الفـاء والواو,
إلاّ أن يكون جوابـا لكلام قبله.



وقوله:
وَإنّا عَلـى أنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرونَ يقول تعالـى ذكره:
وإنا يا مـحمد علـى أن نريك فـي هؤلاء الـمشركين ما نعدهم من تعجيـل العذاب لهم,
لقادرون, فلا يَحْزُنَنّك تكذيبهم إياك بـما نعدهم به, وإنـما نؤخر ذلك لـيبلغ
الكتاب أجله.






الآية : 96
- 98



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ السّيّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَصِفُونَ * وَقُلْ رّبّ أَعُوذُ بِكَ
مِنْ هَمَزَاتِ الشّياطِينِ * وَأَعُوذُ
بِكَ رَبّ أَن يَحْضُرُونِ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه: ادفع يا مـحمد
بـالـخَـلّة التـي هي أحسن, وذلك الإغضاء والصفح عن جهلة الـمشركين والصبر علـى
أذاهم, وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم. وعنى بـالسيئة: أذى الـمشركين إياه
وتكذيبهم له فـيـما أتاهم به من عند الله, يقول له تعالـى ذكره: اصبر علـى ما
تلقـى منهم فـي ذات الله.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19409ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, قوله: ادْفَعْ بـالّتِـي هِيَ أحْسَنُ
السّيّئَةَ قال: أعرض عن أذاهم إياك.



19410ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن عبد الكريـم الـجَزَريّ, عن مـجاهد: ادْفَعْ بـالّتِـي هَيَ
أحْسَنُ السّيّئَةَ قال: هو السلام, تُسَلّـم علـيه إذا لقـيته.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن
معمر, عن عبد الكريـم, عن مـجاهد, مثله.



19411ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا هَوْذَة,
قال: حدثنا عوف, عن الـحسن, فـي قوله: ادْفَعْ بـالّتِـي هِيَ أحْسَنُ السّيّئَةَ
قال: والله لا يصيبها صاحبها حتـى يكظم غيظا ويصفَح عما يكره.



وقوله: نَـحْنُ أعْلَـمُ بِـمَا يَصِفُونَ
يقول تعالـى ذكره: نـحن أعلـم بـما يصفون الله به, وينـحَلُونه من الأكاذيب
والفِرية علـيه, وبـما يقولون فـيك من السوء, ونـحن مـجازوهم علـى جميع ذلك, فلا
يحزُنْك ما تسمع منهم من قبـيح القول.



وقوله: وَقُلْ رَبّ أعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ
الشّياطِينِ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد ربّ
أستـجير بك من خَنْق الشياطين وهمزاتها, والهَمْز: هو الغَمْز, ومن ذلك قـيـل
للهمز فـي الكلام: هَمْزة, والهَمَزَات جمع همزة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



19412ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنـي ابن وهب,
قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَقُلْ رَبّ
أعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشّياطِينِ قال: همزات الشياطين: خَنْقهم الناس, فذلك
هَمَزاتهم.



وقوله: وأعُوذُ بِكَ رَبّ أنْ يَحْضُرُونِ
يقول: وقل أستـجير بك ربّ أن يحضرون فـي أموري. كالذي:



19413ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وأعُوذُ بِكَ رَبّ أنْ يَحْضَرُونِ فـي شيء من أمرى.






الآية : 99
- 100



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {حَتّىَ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبّ ارْجِعُونِ
* لَعَلّيَ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا
تَرَكْتُ كَلاّ إِنّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ
إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: حتـى إذا جاء أحدَ هؤلاء
الـمشركين الـموتُ, وعاين نزول أمر الله به, قال لعظيـم ما يعاين مـما يَقْدَم
علـيه من عذاب الله تندّما علـى ما فـات وتلهّفـا علـى ما فرّط فـيه قبل ذلك من
طاعة الله ومسئلته للإقالة: رَبّ ارْجِعُونِ إلـى الدنـيا فردّونـي إلـيها,
لَعَلّـي أعْمَلُ صَالِـحا يقول: كي أعمل صالـحا فـيـما تركت قبل الـيوم من العمل
فضيعته وفرّطت فـيه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19414ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي معشر, قال: كان مـحمد بن كعب القُرَظيّ يقرأ علـينا: حتـى إذَا
جاءَ أحَدَهُمْ الـمَوْتُ قالَ رَبّ ارْجِعُون قال مـحمد: إلـى أيّ شيء يريد؟ إلـى
أيّ شيء يرغب؟ أجمع الـمال, أو غَرْس الغِراس, أو بَنْـي بُنـيان, أو شقّ أنهار؟
ثم يقول: لَعَلّـي أعْمَلُ صَالِـحا فِـيـما تَرَكْتُ يقول الـجبـار: كلاّ.



19415ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد فـي قوله: رَبّ ارْجِعُونِ قال: هذه فـي الـحياة الدنـيا, ألا تراه
يقول: حتـى إذَا جاءَ أحَدَهُمُ الـمَوْتُ قال: حين تنقطع الدنـيا ويعاين الاَخرة,
قبل أن يذوق الـموت.



19416ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة: «إذَا
عايَنَ الـمُؤْمِنُ الـمَلائِكَةَ قالُوا: نُرْجِعُكَ إلـى الدّنْـيا؟ فَـيَقَولُ:
إلـى دار الهُمُومِ وَالأحْزَانِ؟ فَـيَقُولُ: بَل قَدّمانِـي إلـى اللّهِ. وأمَا
الكافِرُ فَـيُقالُ: نُرْجِعُكَ؟ فـيَقُولُ: لَعَلّـي أعْمَلُ صَالِـحا فِما
تَرَكْتُ»... الاَية.



19417ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: حتّـى إذَا جاءَ أحَدَهُمُ
الـمَوْتُ قالَ ربّ ارْجِعُونِ: يعنـي أهل الشرك.



وقـيـل: «رب ارجعون», فـابتدأ الكلام بخطاب
الله تعالـى, ثم قـيـل: «ارجعون», فصار إلـى خطاب الـجماعة, والله تعالـى ذكره
واحد. وإنـما فعل ذلك كذلك, لأن مسألة القوم الردّ إلـى الدنـيا إنـما كانت منهم
للـملائكة الذين يَقبِضون روحهم, كما ذكر ابن جُرَيج أن النبـيّ صلى الله عليه
وسلم قاله. وإنـما ابتُدِىء الكلام بخطاب الله جلّ ثناؤه, لأنهم استغاثوا به, ثم
رجعوا إلـى مسئلة الـملائكة الرجوع والردّ إلـى الدنـيا.



وكان بعض نـحويّـي الكوفة يقول: قـيـل ذلك
كذلك, لأنه مـما جرى علـى وصف الله نفسه من قوله: وَقَدْ خَـلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ
ولَـمْ تَكُ شَيْئا فـي غير مكان من القرآن, فجرى هذا علـى ذاك.



وقوله: كَلاّ يقول تعالـى ذكره: لـيس الأمر
علـى ما قال هذا الـمشرك لن يُرْجع إلـى الدنـيا ولن يُعاد إلـيها. إنّهَا
كَلِـمَةٌ هُوَ قائِلُها يقول: هذه الكلـمة, وهو قوله: رَبّ ارْجِعُونِ كلـمة هو
قائلها يقول: هذا الـمشرك هو قائلها. كما:



19418ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: كَلاّ إنّهَا كَلِـمَةٌ هُوَ قائِلُها لا بد له أن يقولها.



وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ يقول: ومن أمامهم
حاجز يحجُز بـينهم وبـين الرجوع, يعنـي إلـى يوم يبعثون من قبورهم, وذلك يوم
القـيامة والبرزخ والـحاجز والـمُهْلة متقاربـات فـي الـمعنى.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19419ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: وَمِنْ وَرائِهِمْ
بَرْزَخٌ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يقول: أجل إلـى حين.



19420ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن يـمان,
عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, فـي قوله: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ قال: ما بعد
الـموت.



19421ـ حدثنـي أبو حميد الـحِمْصيّ أحمد بن
الـمغيرة, قال: حدثنا أبو حَيْوة شريح بن يزيد, قال: حدثنا أرطاة, عن أبـي يوسف,
قال: خرجت مع أبـي أمامة فـي جنازة, فلـما وُضِعت فـي لـحدها, قال أبو أمامة: هذا
برزخ إلـى يوم يُبعثون.



19422ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن
واضح, قال: حدثنا مطر, عن مـجاهد, قوله: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلـى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ قال: ما بـين الـموت إلـى البعث.



حدثنـي مـحمدبن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: بَرْزَخٌ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال:
حِجاب بـين الـميت والرجوع إلـى الدنـيا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد مثله.



19423ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا
مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلـى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ قال: برزخ بقـية الدنـيا.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19424ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلـى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال:
البرزخ ما بـين الـموت إلـى البعث.



19425ـ حُدثت عن الـحسين, قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: أخبرنا عُبـيد, قال: سمعت الضحاك يقول: البرزخ: ما بـين الدنـيا والاَخرة.



الآية :
101



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ
فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }.



اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ بقوله:
فإذَا نُفِخَ فـي الصّور من النفختـين أيُتهما عُنِـيَ بها؟ فقال بعضهم: عُنِـيَ
بها النفخة الأولـى. ذكر من قال ذلك:



19426ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام بن
سلـم, قال: حدثنا عمرو بن مطرف, عن الـمنهال بن عمرو, عن سعيد بن جُبـير, أن رجلاً
أتـى ابن عبـاس فقال: سمعت الله يقول: فَلا أنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ...
الاَية, وقال فـي آية أخرى: وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فذلك
فـي النفحة الإولـى, فلا يبقـى علـى الأرض شىء, (فلا أنْساب بَـينَـمْ يَومَئذ ولا
يَـيَساءلون1.فإنهم لـما دخـلوا الـجنة أقـيـل بعضهم علـى بعض يتساءلون:



وأما قوله: وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ
يتساءلون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:32 pm

19427ـ حدثنا ابن بشار,
قال: حدثنا أبو أحمد, قال: حدثنا سفـيان, عن السديّ, فـي قوله: فإذَا نُفِخَ فـي
الصُورِ فَلا أَنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ قال: فـي النفخة
الأولـى.



19428ـ حدثنا علـيّ, قال: حدثنا أبو صالـح,
قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فَلا أنْسابَ بَـيْنَهُمْ
يَوْمَئِذٍ وعلا يَتَساءَلُونَ فذلك حين ينفخ فـي الصور, فلا حيّ يبقـى إلا الله.
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلـى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فذلك إذا بُعثوا فـي النفخة
الثانـية.



قال أبو جعفر: فمعنى ذلك علـى هذا التأويـل:
فإذا نفخ فـي الصور, فصَعِق مَنْ فـي السموات ومَنْ فـي الأرض إلا مَنْ شاء الله,
فلا أنساب بـينهم يومئذٍ يتواصلون بها, ولا يتساءلون, ولا يتزاورون, فـيتساءلون عن
أحوالهم وأنسابهم.



وقال آخرون: بل عُنِـيَ بذلك النفخة الثانـية.
ذكر من قال ذلك:



19429ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن فضيـل,
عن هارون بن أبـي وكيع, قال: سمعت زاذان يقول: أتـيت ابن مسعود, وقد اجتـمع الناس
إلـيه فـي داره, فلـم أقدر علـى مـجلس, فقلت: يا أبـا عبد الرحمن, من أجل أنـي رجل
من العجم تَـحْقِرُنـي؟ قال: ادْنُ قال: فدنوت, فلـم يكن بـينـي وبـينه جلـيس,
فقال: «يؤخذ بـيد العبد أو الأمة يوم القـيامة علـى رؤوس الأوّلـين والاَخرين,
قال: وينادِي مناد: ألا إن هذا فلان ابن فلان, فمن كان له حقّ قبله فلـيأت إلـى
حقه, قال: فتفرح الـمرأة يومئذٍ أن يكون لها حقّ علـى ابنها أو علـى أبـيها أو
علـى أخيها أو علـى زوجها فَلا أنسْابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا
يَتَساءَلُونَ.



19430ـ حدثنا القاسم, قال حدثنا الـحسين, قال:
حدثنا عيسى بن يونس, عن هارون بن عنترة, عن زاذان, قال: سمعت ابن مسعود يقول:
«يؤخذ العبد أو الأمة يوم القـيامة, فـينصب علـى رؤوس الأوّلـين والاَخرين, ثم
ينادِي مناد, ثم ذكر نـحوه, وزاد فـيه: فـيقول الربّ تبـارك وتعالـى للعبد: أعطِ
هؤلاء حقوقهم فـيقول: أي ربّ, فَنِـيتِ الدنـيا, فمن أين أعطيهم؟ فـيقول
للـملائكة: خذوا من أعماله الصالـحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طِلبته فإن كان له فضلُ
مثقال حبة من خردل, ضاعفها الله له حتـى يدخـله بها الـجنة. ثم تلا ابن مسعود: إنّ
اللّهَ لا يَظلِـمُ مِثْقالَ ذَرّةٍ وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْها وَيُؤْتِ
مِنْ لَدُنْهُ أجْرا عَظِيـما وإن كان عبدا شقـيّا قالت الـملائكة: ربنا, فنـيت
حسناتُه وبقـي طالبون كثـير, فـيقول: خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلـى
سيئاته, وصُكّوا له صَكّا إلـى النار».



19431ـ قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج:
فإذَا نُفِخَ فِـي الصّورِ فَلا أنْسابَ بَـيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءلُونَ
قال: لا يُسأل أحد يومئذٍ بنسب شيئا, ولا يتساءلون, ولا يـمتّ إلـيه برحم.



19432ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي مـحمد بن كثـير, عن حفص بن الـمغيرة, عن قتادة, قال: لـيس شيء أبغض إلـى
الإنسان يوم القـيامة من أن يرى من يعافُه, مخافة أن يذوب له علـيه شيء. ثم قرأ:
يَوْمَ يَفِرّ الـمَرْءُ مِنْ أخِيهِ وأُمّههِ وأبِـيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِـيهِ
لِكُلّ امرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِـيهِ.



19433ـ قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا الـحكَم
بن سِنان, عن سَدُوس صاحب السائريّ, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «إذَا دَخَـلَ أهْلُ الـجَنّةِ الـجَنّةِ وأهْلُ النّارِ النّارَ,
نادَى مُنادٍ مِنْ أَهْلِ العَرْشِ: يا أهْلَ التّظالُـمِ تَدَارَكُوا
مَظالِـمَكُمْ وَادْخُـلُوا الـجَنّةَ».



الآية :
102 - 104



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَمَن ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـَئِكَ
الّذِينَ خَسِرُوَاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ وَهُمْ فِيهَا
كَالِحُونَ }.






يقول تعالـى ذكره: فَمَنْ ثَقُلَتُ
مَوَازِينُهُ: موازين حسناته وخفت موازين سيئاته. فأُولَئِكَ هُمُ الـمُفْلِـحُونَ
يعنـي الـخالدون فـي جنات النعيـم. وَمَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ يقول: ومن خفّت
موازين حسناته, فرجَحَتْ بها موازين سيئاته. فَأُولَئِكَ الّذِينَ خَسِرُوا
أنْفُسَهُمْ يقول: غَبَوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله. فـي جَهَنّـمَ خالِدُونَ
يقول: هم فـي نار جهنـم.



وقوله: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارَ يقول:
تَسْفَع وجوهَهم النار. كما:



19434ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ قال:
تنفَح.



وَهُمْ فِـيها كالـحُونَ والكُلوح: أن تتقلّص
الشفتان عن الأسنان حتـى تبدو الأسنان, كما قال الأعشي:



وَلَهُ الـمُقَدّمُ لا مِثْلَ لَهُساعَةَ
الشّدْقُ عَنِ النّابِ كَلَـحْ



فتأويـل الكلام: يَسْفَع وجوههم لهب النار
فتُـحْرقها, وهم فـيها متقلصوا الشفـاه عن الأسنان من إحراق النار وجوههم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19435ـ حدثنـي علـيّ, قال: ثنـي عبد الله, قال:
ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَهُمْ فِـيها كالِـحُونَ يقول:
عابسون.



19436ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى وعبد
الرحمن, قالا: حدثنا سفـيان, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص عن عبد الله, فـي
قوله: وَهُمْ فِـيها كالِـحُونَ قال: ألـم تر إلـى الرأس الـمشيط قد بدت أسنانه
وقَلَصت شفتاه؟.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن أبـي الأحوص عن عبد الله, قرأ هذه الاَية:
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النّارُ... الاَية, قال: ألـم تر إلـى الرأس الـمشيط بـالنار
وقد قَلَصت شفتاه وبدت أسنانه؟.



19437ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: وَهُمْ فِـيها كالِـحُونَ قال: ألـم تر إلـى الغنـم إذا
مست النار وجوهها كيف هي؟.






الآية :
105 - 106



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي
تُتْلَىَ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذّبُونَ * قَالُواْ رَبّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا
شِقْوَتُنَا وَكُنّا قَوْماً ضَآلّينَ }.



يقول تعالـى ذكره: يقال لهم: أَلَـمْ تَكُنْ
آياتِـي تُتْلَـى عَلَـيْكُمْ يعنـي آيات القرآن تتلـى علـيكم فـي الدنـيا,
فَكُنْتُـمْ بِها تُكَذّبُونَ. وترك ذكر «يقال» لدلالة الكلام علـيه. قالُوا
رَبّنا غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة
قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: غَلَبَت عَلَـيْنا شِقْوَتُنا بكسر
الشين, وبغير ألف. وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة: «شَقاوَتُنا» بفتـح الشين
والألف.



والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان
مشهورتان, وقرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء بـمعنى واحد, فبأيتهما قرأ
القارىء فمصيب. وتأويـل الكلام: قالوا: ربنا غلبت علـينا ما سبق لنا فـي سابق
علـمك وخطّ لنا فـي أمّ الكتاب.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



19438ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن
عنبسة, عن مـحمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبـي بَزّة, عن مـجاهد, قوله:
غَلَبْتَ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا قال: التـي كتبت علـينا.



حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم,
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء جميعا, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا التـي كتبت
علـينا.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مـجاهد, مثله.



19439ـ وقال: قال ابن جريج: «بلغنا أن أهل
النار نادوا خَزَنة جهنـم: أنُ ادْعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فلـم يجيبوهم
ما شاء الله فلـما أجابوهم بعد حين قالوا: ادعوا وما دعاء الكافرين إلا فـي ضلال.
قال: ثم نادوا مالكا: يا مالك لـيقضِ علـينا ربك فسكت عنهم مالك خازن جهنـم أربعين
سنة, ثم أجابهم فقال: إنّكُمْ ماكِثُونَ. ثم نادى الأشقـياء ربهم, فقالوا: رَبّنا
غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا وكُنّا قَوْما ضَالّـينَ رَبّنا أخْرِجْنا مِنْها
فإنْ عُدْنا فإنّا ظالِـمُونَ فسكت عنهم مثل مقدار الدنـيا, ثم أجابهم بعد ذلك
تبـارك وتعالـى: اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلّـمُونِ.



19440ـ قال: ثنـي حجاج, عن أبـي بكر بن عبد
الله, قال: «ينادِي أهل النار أهل الـجنة فلا يجيبونهم ما شاء الله, ثم يقول:
أجيبوهم وقد قطع الرّحِمَ والرحمة. فـيقول أهل الـجنة: يا أهل النار علـيكم غضب
الله يا أهل النار علـيكم لعنة الله يا أهل النار, لا لَبّـيْكم ولا سَعْدَيْكم
ماذا تقولون؟ فـيقولون: ألـم نك فـي الدنـيا آبـاءكم وأبناءكم وإخوانكم وعشيرتكم؟
فـيقولون: بلـى. فـيقولون: أفِـيضُوا عَلَـيْنا مِنَ الـمَاءِ أوْ مِـما
رَزَقَكُمُ اللّهُ قالُوا إنّ اللّهَ حَرّمَهُما عَلـى الكافِرِينَ».



19441ـ قال: ثنـي حجاج, عن أبـي معشر, عن مـحمد
بن كعب القُرَظيّ قال: وثنـي عَبْدة الـمُرُوزِيّ, عن عبد الله بن الـمبـارك, عن
عمرو بن أبـي لـيـلـى, قال: سمعت مـحمد بن كعب, زاد أحدهما علـى صاحبه, قال مـحمد
بن كعب: بلغنـي, أو ذُكر لـي, أن أهل النار استغاثوا بـالـخَزَنة, ادعوا ربكم يخفف
عنا يوما من العذاب فردّوا علـيهم ما قال الله فلـما أيسوا نادَوا: يا مالك وهو
علـيهم, وله مـجلس فـي وسطها, وجسور تـمرّ علـيها ملائكة العذاب, فهو يرى أقصاها
كما يرى أدناها فقالوا: يا مالك, لـيقض علـينا ربك سألوا الـموت. فمكث لا يجيبهم ثمانـين
ألفَ سنة من سنـي الاَخرة, أو كما قال. ثم انـحطّ إلـيهم, فقال: إنّكُمْ ماكثونَ
فلـما سمعوا ذلك قالوا: فـاصبروا, فلعلّ الصبر ينفعنا كما صبر أهل الدنـيا علـى
طاعة الله قال: فصَبَروا, فطال صبرهم, فنادَوا: سَوَاءٌ عَلَـيْنا أجَزِعْنا أمْ
صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَـحِيصٍ: أي مَنْـجًى, فقام إبلـيس عند ذلك فخطبهم, فقال:
إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الـحَقّ, وَوَعَدْتُكُمْ فَأخْـلَفْتُكُمْ وَما كانَ
لـي عَلَـيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ, فلـما سمعوا مقالتهم, مَقَتُوا أنفسهم, قال:
فُنودوا: لَـمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ إذْ تُدْعُوْنَ
إلـى الاْيـمَانِ فَتَكْفُرُونَ قالُوا رَبّنا أمَتّنَا... الاَية, قال: فـيجيبهم
الله فـيها: ذَلَكُمْ بأنّهُ إذَا دُعِيَ اللّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُـمْ وَإنْ
يُشْرَكْ بِهه تُؤْمِنُوا فـالـحُكْمُ لِلّهِ العَلـيّ الكَبِـيرِ. قال: فـيقولون:
ما أيسنا بعدُ قال: ثم دَعَوا مرّة أخرى, فـيقولون: رَبّنا أبْصَرْنا وَسمِعْنا
فـارْجِعْنا نَعْمَلْ صَالِـحا إنّا مُوقِنُونَ قال: فـيقول الربّ تبـارك وتعالـى:
وَلَوْ شِئْنا لاَتَـيْنا كُلّ نَفْسٍ هُدَاها يقول الربّ: لو شئت لهديت الناس
جميعا فلـم يختلف منهم أحد ولكنْ حَقّ القَوْلُ مِنّـي لاَءَمْلأَنّ جَهَنّـمَ
مِنَ الـجِنّةِ والنّاسِ أجَمعِينَ فَذُوقُوا بِـمَا نَسِيتُـمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ
هَذَا يقول: بـما تركتـم أن تعملوا لـيومكم هذا, إنّا نَسِيناكُمْ: أي تركناكم,
وَذُوقُوا عَذَابَ الـخُـلْدِ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ. قال: فـيقولون: ما
أيسنا بعد قال: فـيدعون مرّة أخرى: رَبّنا أخّرْنا إلـى أجَلٍ قَرِيبٍ نُـجِبْ
دَعْوَتَكَ وَنَتّبِعِ الرّسُلَ قال: فـيقال لهم: أوَ لَـمْ تَكُونُوا
أقْسَمْتُـمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُـمْ فِـي مَساكِنِ
الّذِينَ ظَلَـمُوا أَنْفُسَهُمْ... الاَية, قال: فـيقولون: ما أيسنا بعد ثم قالوا
مرّة أخرى: رَبّنا أخْرِجْنا نَعْمَلْ صَالِـحا غيرَ الّذِي كُنّا نَعْمَلُ, قال:
فـيقول: أوَ لَـمْ نُعَمّرْكُمْ ما يَتَذَكّرُ فِـيهِ مِنْ تَذَكّرَ وَجاءَكُمُ
النّذِيرُ... إلـى: نَصِيرٍ. ثم مكث عنهم ما شاء الله, ثم ناداهم: أَلَـمْ تَكُنْ
آياتِـي تُتْلَـى عَلَـيْكُمْ فَكُنْتُـمْ بِها تُكَذّبُونَ فلـما سمعوا ذلك
قالوا: الاَن يرحمنا فقالوا عند ذلك: رَبّنا غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا: أي
الكتاب الذي كتب علـينا وكُنّا قَوْما ضَالّـينَ رَبّنا أخْرِجْنا مِنْها...
الاَية, فقال عند ذلك: اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلّـمُونِ قال: فلا يتكلـمون
فـيها أبدا. فـانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم, وأقبل بعضهم ينبح فـي وجه بعض,
فأَطْبَقت علـيهم. قال عبد الله بن الـمبـارك فـي حديثه: فحدثنـي الأزهر بن أبـي
الأزهر أنه قال: فذلك قوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لهُمْ
فَـيَعْتَذِرُونَ.



19442ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن أبـي بكر بن عبد الله, أنه قال: فوالذي أنزل القرآن علـى مـحمد
والتوراة علـى موسى والإنـجيـل علـى عيسى, ما تكلـم أهل النار كلـمة بعدها إلا
الشهيق والزّعيق فـي الـخـلد أبدا لـيس له نفـاد.



19443ـ قال: ثنـي حجاج, عن أبـي معشر, قال: كنا
فـي جنازة ومعنا أبو جعفر القارىء, فجلسنا, فتنـحى أبو جعفر, فبكى, فقـيـل له: ما
يبكيك يا أبـا جعفر؟ قال: أخبرنـي زيد بن أسلـم أن أهل النار لا يتنفسون.



وقوله: وكُنّا قَوْما ضَالّـينَ يقول: كنا قوما
ضَلَلْنا عن سبـيـل الرشاد وقصد الـحقّ.



الآية :
107 - 108



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {رَبّنَآ أَخْرِجْنَا
مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنّا ظَالِمُونَ *
قَالَ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ }.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل الذين خفّت
موازين صالـح أعمالهم يوم القـيامة فـي جهنـم: ربنا أخرجا من النار, فإن عدنا لـما
تكره منا من عمل فإنا ظالـمون.



وقوله: قالَ اخْسَئُوا فِـيها يقول تعالـى
ذكره: قال الربّ لهم جلّ ثناؤه مـجيبـا: اخْسَئُوا فِـيها أي اقعدوا فـي النار.
يقال منه: خَسَأتُ فلانا أخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءا, وخَسىء هو يخسَأ وما كان خاسئا
ولقد خِسىء. وَلا تُكَلّـمُونِ فعند ذلك أيس الـمساكين من الفرج ولقد كانوا طامعين
فـيه كما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:33 pm

19444ـ حدثنا مـحمد بن
بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِيّ, قال: حدثنا سفـيان, عن سَلَـمة بن
كُهَيـل, قال: ثنـي أبو الزعراء, عن عبد الله, فـي قصة ذكرها فـي الشفـاعة, قال:
فإذا أراد الله ألاّ يُخْرج منها يعنـي من النار أحدا, غير وجوههم وألوانها,
فـيجيء الرجل من الـمؤمنـين فـيشفع فـيهم, فـيقول: يا ربّ فـيقول: من عرف أحدا
فلـيخرجه قال: فـيجيء الرجل فـينظر فلا يعرف أحدا, فـيقول: يا فلان يا فلان
فـيقول: ما أعرفك. فعند ذلك يقولون: رَبّنا أخْرجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنّا
ظالِـمُونَ فـيقول: اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكَلّـمُونِ فإذا قالوا ذلك, انطبقت
علـيهم جهنـم فلا يخرج منها بشر.



19445ـ حدثنا تـميـم بن الـمنتصر, قال: أخبرنا
إسحاق, عن شريك, عن الأعمش, عن عمرو بن مُرّة, عن شَهر ابن حَوشب, عن معدي كرب, عن
أبـي الدّرْداء, قال: يُرْسل أو يصبّ علـى أهل النار الـجوع, فـيعدل ما هم فـيه من
العذاب, فـيستغيثون فـيغاثون بـالضّريع الذي لا يُسْمِن ولا يُغنِـي من جوع, فلا
يغنـي ذلك عنهم شيئا. فـيستغيثون, فـيغاثون بطعام ذي غُصّة, فإذا أكلوه نَشِب فـي
حلوقهم, فـيذكرون أنهم كانوا فـي الدنـيا يحدرون الغصة بـالـماء. فـيستغيثون,
فـيرفع إلـيهم الـحميـم فـي كلالـيب الـحديد, فإذا انتهى إلـى وجوههم شوى وجوههم,
فإذا شربوه قطع أمعاءهم. قال: فـينادون مالكا: لِـيَقْضِ علـينا ربك قال: فـيتركهم
ألف سنة, ثم يجيبهم: إنكم ماكثون. قال: فـينادون خَزَنة جهنـم: ادعوا ربكم يخفف
عنا يوما من العذاب قالوا: أو لـم تَكُ تأتـيكم رسلكم بـالبـينات؟ قالوا: بلـى.
قالوا: فـادعوا, وما دعاء الكافرين إلا فـي ضلال قال: فـيقولون ما نـجد أحدا لنا
من ربنا, فـينادون ربهم: رَبّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنّا ظالِـمُونَ.
قال: فـيقول الله: اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلّـمُونِ. قال: فعند ذلك يئسوا من كل
خير, فـيدْعُون بـالويـل والشّهيق والثّبور.



19446ـ حدثنـي مـحمد بن عُمارة الأسديّ, قال:
حدثنا عاصم بن يوسف الـيربوعيّ, قال: حدثنا قُطْبة بن عبد العزيز الأسديّ, عن
الأعمش, عن شمر بن عطية, عن شهر بن حوشب, عن أمّ الدرداء, عن أبـي الدرداء, قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُـلْقَـى عَلـى أهْلِ النّارِ الـجُوعُ»...
ثم ذكر نـحوا منه.



19447ـ حدثنا ابن حميد,قال: حدثنا يعقوب
القُمّى, عن هارون بن عنترة, عن عمرو بن مَرّة, قال: يرى أهل النار فـي كل سبعين
عاما ساق مالك خازن النار, فـيقولون: يا مالِكُ لِـيَقْضِ عَلَـيْنا رَبّكَ
فـيجيبهم بكلـمة. ثم لا يرونه سبعين عاما, فـيستغيثون بـالـخَزَنة, فـيقولون لهم:
ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فـيجيبونهم: أوَ لَـمْ تَكُ تَأْتِـيكُمْ
رُسُلُكُمْ بـالبَـيّناتِ... الاَية. فـيقولون: ادعوا ربكم, فلـيس أحد أرحم من
ربكم فـيقولون: رَبّنا أخْرِجْنا مِنْها فإنْ عُدْنا فإنّا ظالِـمُونَ. قال:
فـيجيبهم: اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكَلّـمُونِ. فعند ذلك يـيأَسُون من كلّ خير,
ويأخذون فـي الشهيق والوَيْـل والثّبور.



19448ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قتادة: اخْسَئُوا فـيها وَلا تُكِلّـمُونِ قال: بلغنـي أنهم
ينادُون مالكا فـيقولون: لـيقض علـينا ربك فـيسكت عنهم قدر أربعين سنة, ثم يقول:
إنّكُمْ ماكِثُونَ. قال: ثم ينادُون ربهم, فـيسكت عنهم قدر الدنـيا مرّتـين, ثم
يقول: اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلّـمُونِ. قال: فـيـيأس القوم, فلا يتكلـمون
بعدها كلـمة, وكان إنـما هو الزفـير والشهيق. قال قتادة: صوت الكافر فـي النار مثل
صوت الـحمار: أوّله زفـير, وآخره شهيق.



حدثنا الـحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال:
أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.



19449ـ حدثنا الـحسن, قال: حدثنا عبد الله بن
عيسى, قال: أخبرنـي زياد الـخراسانـيّ, قال: أسنده إلـى بعض أهل العلـم, فنسيته,
فـي قوله: اخْسَئُوا فِـيها وَلا تُكَلّـمُونَ قال: فـيسكتون, قال: فلا يسمع فـيها
حِس إلا كطنـين الطّسْت.



19450ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي,
قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: اخْسَئُوا فِـيها
وَلا تُكَلّـمُونِ هذا قول الرحمن عزّ وجلّ, حين انقطع كلامهم منه.



الآية :
109



القول فـي تأويـل قوله
تعالـى: {إِنّهُ كَانَ فَرِيقٌ مّنْ
عِبَادِي يَقُولُونَ رَبّنَآ آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ
الرّاحِمِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: إنّهُ وهذه الهاء فـي قوله
«إنه» هي الهاء التـي يسميها أهل العربـية الـمـجهولة. وقد بـينت معناها فـيـما
مضى قبلُ, ومعنى دخولها فـي الكلام, بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. كانَ
فَرِيقٌ مِنْ عِبـادِي يقول: كانت جماعة من عبـادي, وهم أهل الإيـمان بـالله,
يقولون فـي الدنـيا: رَبّنا آمَنّا بك وبرسلك, وما جاءوا به من عندك. فـاغْفِرْ
لَنا ذُنُوبَنا وَارْحْمنا وأنت خير من رحم أهل البلاء, فلا تعذّبنا بعذابك.



الآية :
110 - 111



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَاتّخَذْتُمُوهُمْ
سِخْرِيّاً حَتّىَ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوَاْ
أَنّهُمْ هُمُ الْفَآئِزُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فـاتـخذتـم أيها القائلون
لربهم رَبّنا غَلَبَتْ عَلَـيْنا شِقْوَتُنا وكُنا قَوْما ضَالّـينَ فـي الدنـيا,
القائلـين فـيها رَبنا آمَنّا فـاغْفِرْ لَنا وَارْحمْنا وأنْتَ خَيْرُ
الرّاحِمِينَ سُخْريّا. والهاء والـميـم فـي قوله: فـاتّـخَذْتُـمُوهُمْ من ذكر
الفريق.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: سُخْرِيّا
فقرأه بعض قرّاء الـحجاز وبعض أهل البصرة والكوفة: فـاتّـخَذْتُـمُوهُمْ سِخْرِيّا
بكسر السين, ويتأوّلون فـي كسرها أن معنى ذلك الهزء, ويقولون: إنها إذا ضُمت فمعنى
الكملة: السّخْرة والاستعبـاد. فمعنى الكلام علـى مذهب هؤلاء: فـاتـخذهم أهل
الإيـمان بـي فـي الدنـيا هُزُؤًا ولعبـا, تهزءون بهم, حتـى أنسوكم ذكري. وقرأ ذلك
عامة قرّاء الـمدينة والكوفة: «فـاتّـخذْتُـموهُمْ سُخْرِيّا بضم السين, وقالوا:
معنى الكلـمة فـي الضمّ والكسر واحد. وحكى بعضهم عن العرب سماعا لِـجّيّ ولُـجّىّ,
ودِريّ, ودُرّيّ, منسوب إلـى الدرّ, وكذلك كِرسيّ وكُرسيّ وقالوا ذلك من قـيـلهم
كذلك: نظير قولهم فـي جمع العصا: العِصِيّ بكسر العين, والعُصّي بضمها قالوا:
وإنـما اخترنا الضمّ فـي السّخريّ, لأنه أفصح اللغتـين.



والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان
مشهورتان ولغتان معروفتان بـمعنى واحد, قد قرأ بكلّ واحدة منهما علـماء من
القرّاء, فبأيتهما قرأ القارىء ذلك فمصيب. ولـيس يُعْرف من فرق بـين معنى ذلك إذا
كسرت السين وإذا ضمت, لـما ذكرت من الرواية عمن سمع من العرب ما حَكَيت عنه.



ذكر الرواية به عن بعض من فرّق فـي ذلك بـين
معناه مكسورة سينه ومضمومة:



19451ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد: فـاتّـخَذْتُـمُوهُمْ سِخْرِيّا قال: هما مختلفتان: سِخريّا,
وسُخريّا, يقول الله: وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِـيَتّـخِذَ
بَعْضُهُمْ بَعْضا سِخْرِيّا قال: هذا سِخريّا: يُسَخّرونهم, والاَخرون: الذين
يستهزئون بهم هم «سُخريّا», فتلك «سِخريّا» يُسَخرونهم عندك, فسخّرك: رفعك فوقه
والاَخرون: استهزءوا بأهل الإسلام هي «سُخريّا» يَسْخَرون منهم, فهما مختلفتان.
وقرأ قول الله: كُلّـما مَرّ عَلَـيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ
إنْ تَسْخَرُوا مِنّا فإنّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كمَا تَسْخَرُونَ وقال: يسخرون منهم
كما سخر قوم نوح بنوح, «اتـخذوهم سُخريّا»: اتـخذوهم هُزُؤًا, لـم يزالوا يستهزئون
بهم.



وقوله: حتـى أنْسَوكُمْ ذِكْرِي يقول: لـم يزل
استهزاؤكم بهم, أنساكم ذلك من فعلكم بهم ذكري, فأْلهَاكم عنه. وكُنْتُـمْ مِنْهُمْ
تَضْحَكُونَ, كما:



19452ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال:
قال ابن زيد, فـي قوله: حتـى أنْسَوْكُمْ ذِكْرِي قال: أنسى هؤلاءِ اللّهَ
استهزاؤُهم بهم وضحكُهم بهم. وقرأ: إنّ الّذِينَ أجْرَمُوا كانُوا مِنَ الّذِينَ
آمَنُوا يَضْحَكُونَ حتـى بلغ: إنّ هَؤُلاءِ لَضَالّونَ.



وقوله: إنّـي جَزَيْتُهُمْ الـيَوْمَ بِـمَا
صَبروا يقول تعالـى ذكره: إنـي أيّها الـمشركون بـالله الـمخّـلدون فـي النار,
جَزَيت الذين اتـخذتـموهم فـي الدنـيا سخريّا من أهل الإيـمان بـي, وكنتـم منهم
تضحكون. الـيومَ بـما صَبَرُوا علـى ما كانوا يـلقَون بـينكم من أذى سخريتكم
وضحككم منهم فـي الدنـيا. إنّهُمْ هُمُ الفَـائِزُونَ.



اختلفت القرّاء فـي قراءة: «إنّهُمْ» فقرأته
عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: أنّهُمْ, بفتـح الألف من
«أَنهم» بـمعنى: جزيتهم هذا. ف«أنّ» فـي قراءة هؤلاء: فـي موضع نصب بوقوع قوله:
«جزيتهم» علـيها, لأن معنى الكلام عندهم: إنـي جزيتهم الـيوم الفوز بـالـجنة. وقد
يحتـمل النصب من وجه آخر, وهو أن يكون موجّها معناه إلـى: إنـي جزيتهم الـيوم بـما
صبروا, لأنهم هم الفـائزون بـما صبروا فـي الدنـيا علـى ما لَقُوا فـي ذات الله.
وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: «إنّـي» بكسر الألف منها, بـمعنى الابتداء, وقالوا:
ذلك ابتداء من الله مدحهم.



وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب قراءة من
قرأ بكسر الألف, لأن قوله: «جزيتهم», قد عمل فـي الهاء والـميـم, والـجزاء إنـما
يعمل فـي منصوبـين, وإذا عمل فـي الهاء والـميـم لـم يكن له العمل فـي «أن» فـيصير
عاملاً فـي ثلاثة إلا أن يُنْوَى به التكرير, فـيكون نصب «أَنّ» حينئذٍ بفعل مضمر
لا بقوله: «جزيتهم», وإن هي نصبت بإضمار لام لـم يكن له أيضا كبـير معنى لأن جزاء
الله عبـاده الـمؤمنـين بـالـجنة, إنـما هو علـى ما سَلَف من صالـح أعمالهم فـي
الدنـيا وجزاؤه إياهم وذلك فـي الاَخرة هو الفوز, فلا معنى لأن يَشْرُط لهم الفوز
بـالأعمال ثم يخبر أنهم إنـما فـازوا لأنهم هم الفـائزون.



فتأويـل الكلام إذ كان الصواب من القراءة ما
ذكرنا: إنـي جزيتهم الـيوم الـجنة بـما صبروا فـي الدنـيا علـى أذاكم بها, فـي
أنهم الـيوم هم الفـائزون بـالنعيـم الدائم والكرامة البـاقـية أبدا, بـما عملوا
من صالـحات الأعمال فـي الدنـيا ولقوا فـي طلب رضاي من الـمكاره فـيها.)



الآية :
112 - 113



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي
الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ
لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَآدّينَ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: كَمْ
لَبِثْتُـمْ فِـي الأرْضِ عَدَدَ سِنِـينَ, وفـي قوله: لَبِثْنا يَوما أوْ بَعْضَ
يَوْمٍ فقرأ ذلك عامة قرّاء الـمدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة علـى وجه الـخبر:
قالَ كَمْ لَبِثْتُـمْ, وكذلك قوله: قالَ إنْ لَبِثْتُـمْ. ووجّه هؤلاء تأويـل
الكلام إلـى أن الله قال لهؤلاء الأشقـياء من أهل النار وهم فـي النار: كَمْ
لَبِثْتُـمْ فِـي الأرْضِ عَدَدَ سِنِـينَ وأنهم أجابوا الله فقالوا: لَبِثْنا
يَوْما أوْ بَعْضَ يَوْمٍ, فنسي الأشقـياء, لعظيـم ما هم فـيه من البلاء والعذاب,
مدة مكثهم التـي كانت فـي الدنـيا, وقَصُر عندهم أمد مكثهم الذي كان فـيها, لـما
حلّ بهم من نقمة الله, حتـى حسبوا أنهم لـم يكونوا مكثوا فـيها إلا يوما أو بعض
يوم, ولعلّ بعضهم كان قد مكث فـيها الزمان الطويـل والسنـين الكثـيرة.



وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة علـى وجه الأمر
لهم بـالقول, كأنه قال لهم قولوا كم لبثتـم فـي الأرض؟ وأخرج الكلام مُخْرج الأمر
للواحد والـمعنـيّ به الـجماعة, إذ كان مفهوما معناه. وإنـما اختار هذه القراءة من
اختارها من أهل الكوفة لأن ذلك فـي مصاحفهم: «قُلْ» بغير ألف, وفـي غر مصاحفهم
بـالألف.



وأولـى القراءتـين فـي ذلك بـالصواب قراءة من
قرأ ذلك: قالَ كَمْ لَبِثْتُـمْ علـى وجه الـخبر, لأن وجه الكلام لو كان ذلك أمرا,
أن يكون «قُولوا» علـى وجه الـخطاب للـجمع لأن الـخطاب فـيـما قبل ذلك وبعده جرى
لـجماعة أهل النار, فـالذي هو أولـى أن يكون كذلك قوله: «قولوا» لو كان الكلام جاء
علـى وجه الأمر, وإن كان الاَخر جائزا, أعنـي التوحيد, لـما بـيّنت من العلة
لقارىء ذلك كذلك, وجاء الكلام بـالتوحيد فـي قراءة جميع القرّاء, كان معلوما أن
قراءة ذلك علـى وجه الـخبر عن الواحد أشبه, إذْ كان ذلك هو الفصيح الـمعروف من
كلام العرب. فإذا كان ذلك ذلك, فتأويـل الكلام: قال الله كم لبثتـم فـي الدنـيا من
عدد سنـين؟ قالوا مـجيبـين له: لبثنا فـيها يوما أو بعض يوم فـاسأل العادّين, لأنا
لا ندري, قد نسينا ذلك.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بـالعادّين,
فقال بعضهم: هم الـملائكة الذين يحفظون أعمال بنـي آدم ويُحْصُون علـيهم ساعاتهم.
ذكر من قال ذلك:



19453ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن, قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: فـاسأَلِ العادّينَ قال: الـملائكة.



حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي
حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.



وقال آخرون: بل هم الـحُسّاب. ذكر من قال ذلك:


19454ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن
ثور, عن معمر, عن قَتادة: فـاسأَلِ العادّينَ قال: فـاسأل الـحُسّاب.



حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد
الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة: فـاسأَلِ العادّينَ قال: فـاسأل أهل
الـحساب.


وأولـى
الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال كما قال الله جلّ ثناؤه: فـاسأَلِ العادّينَ وهم
الذين يَعُدّون عدد الشهور والسنـين وغير ذلك. وجائز أن يكونوا الـملائكة, وجائز
أن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty19/7/2011, 8:33 pm

يكونوا بنـي آدم
وغيرهم, ولا حجة بأيّ ذلك من أيّ ثبتت صحتها فغير جائز توجيه معنى ذلك إلـى بعض
العادّين دون بعض.



الآية :
114 - 115



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قَالَ إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ
قَلِيلاً لّوْ أَنّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ *
أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَ
تُرْجَعُونَ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: قالَ إنْ
لَبِثْتُـمْ إلاّ قَلِـيلاً اختلافهم فـي قراءة قوله: قالَ كَمْ لَبِثْتُـمْ.
والقول عندنا فـي ذلك فـي هذا الـموضع نـحو القول الذي بـيّناه قبلُ فـي قوله:
كَمْ لَبِثْتُـمْ. وتأويـل الكلام علـى قراءتنا: قال الله لهم: ما لبثتـم فـي
الأرض إلا قلـيلاً يسيرا لو أنكم كنتـم تعلـمون قدر لبثكم فـيها.



وقوله: أفَحَسِبْتُـمْ أنّـمَا خَـلَقْناكُمْ
عَبَثا يقول تعالـى ذكره: أفحسبتـم أيها الأشقـياء أنا إنـما خـلقناكم إذ خـلقناكم
لعبـا وبـاطلاً, وأنكم إلـى ربكم بعد مـماتكم لا تصيرون أحياء فتـجزون بـما كنتـم
فـي الدنـيا تعملون؟.



وقد اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأه بعض
قرّاء الـمدينة والبصرة والكوفة: لا تُرْجَعُونَ بضمّ التاء: لا تُردّون, وقالوا:
إنـما هو من مَرْجِع الاَخرة لا من الرجوع إلـى الدنـيا. وقرأ ذلك عامة قرّاء
الكوفة: «لا تَرْجِعُونَ» وقالوا: سواء فـي ذلك مرجع الاَخرة والرجوع إلـى
الدنـيا.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال:
إنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى لأن من ردّه الله إلـى الاَخرة من الدنـيا بعد
فنائه فقد رَجَعَ إلـيها, وأن من رجع إلـيها فبردّ الله إياه إلـيها رجع. وهما مع
ذلك قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما علـماء من القرّاء, فبأيتهما قرأ
القارىء فمصيب.



وبنـحو الذي قلنا فـي معنى قوله:
أفَحَسِبْتُـمْ أنّـمَا خَـلَقْناكُمْ عَبَثا قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



19455ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج: أفَحَسِبْتُـمْ أنّـمَا خَـلَقْناكُمْ عَبَثا قال:
بـاطلاً.



الآية :
116



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {فَتَعَالَى اللّهُ
الْمَلِكُ الْحَقّ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ }.



يقول تعالـى ذكره: فتعالـى الله الـملك
الـحقّ عما يصفه به هؤلاء الـمشركون من أن له شريكا, وعما يضيفون إلـيه من اتـخاذ
البنات. لا إلَهَ إلاّ هُوَ يقول: لا معبود تنبغي له العبودة إلا الله الـملك
الـحقّ ربّ العَرْشِ الكَرِيـمِ والربّ: مرفوع بـالردّ علـى الـحقّ, ومعنى الكلام:
فتعالـى الله الـملك الـحقّ, ربّ العرش الكريـم, لا إله إلا هو.



الآية :
117



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ
إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ إِنّهُ
لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن يدع مع الـمعبود الذي
لا تصلـح العبـادة إلا له معبودا آخر, لا حجة له بـما يقول ويعمل من ذلك ولا
بـينة. كما:



19456ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث, قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء
جميعا, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, قوله: لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ قال: بـينة.



19457ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال:
ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد: لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ قال: حُجة.



حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة,
عن مـحمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبـي بَزّة, عن مـجاهد, فـي قوله: لا
بُرْهانَ لَهُ بِهِ قال: لا حجة.



وقوله: فإنّـمَا حِسابُهُ عِنْدَ رَبّهِ يقول:
فإنـما حساب عمله السّيّىء عند ربه, وهو مُوَفّـيه جزاءه إذا قدم علـيه. إنّهُ لا
يُفْلِـحُ الكافِرُونَ يقول: إنه لا ينـجح أهل الكفر بـالله عنده ولا يدركون
الـخـلود والبقاء فـي النعيـم.


الآية : 117




القول فـي تأويـل
قوله تعالـى:



{وَقُل رّبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ }.


يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: وقل يا مـحمد ربّ استر علـيّ ذنوبـي بعفوك عنها وارحمنـي بقبول توبتك وتركك
عقابـي علـى ما احترمت. وأنْتَ خَيرُ الرّاحِمِينَ يقول: وقل أنت يا ربّ خير من
رحم ذا ذنب فقبل توبته ولـم يعاقبه علـى ذنبه.





نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة المؤمنون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
fareed tauson
مؤسس الموقع

مؤسس الموقع
fareed tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3039
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
الموقع : منتدي شباب ستار
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty27/7/2011, 1:44 am

تفسير سورة المؤمنون 128874263113
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty28/7/2011, 2:22 am

تفسير سورة المؤمنون 739416227
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
Sheikh_Alarab

تفسير سورة المؤمنون Default4
Sheikh_Alarab


. : تفسير سورة المؤمنون E861fe10
عدد المشاركات : 121
تاريخ التسجيل : 13/08/2011
العمر : 34

تفسير سورة المؤمنون Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة المؤمنون   تفسير سورة المؤمنون Empty13/8/2011, 3:25 pm

جزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة المؤمنون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: