شباب ستار
تفسر سورة النحل 749093772
شباب ستار
تفسر سورة النحل 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسر سورة النحل

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:37 pm

تفسر سورة النحل Bnysfyan.com-a7364dd391
سورة النحل



سورة النـحل
مكية وآياتها ثمان وعشرون ومائة



بسم الله الرحمَن الرحيـم









الآية : 1


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:
.


{أَتَىَ أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يُشْرِكُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أتـى أمر الله فقرُب منكم
أيها الناس ودنا، فلا تستعجلوا وقوعه.



ثم اختلف أهل التأويـل فـي الأمر الذي أعلـم
الله عبـاده مـجيئه وقُربه منهم ما هو، وأيّ شيء هو؟ فقال بعضهم: هو فرائضه
وأحكامه. ذكر من قال ذلك:



16199ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا ابن
الـمبـارك، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: أتَـى أمْرُ اللّهِ فَلا
تَسْتَعْجِلُوهُ قال: الأحكام والـحدود والفرائض.



وقال آخرون: بل ذلك وعيد من الله لأهل الشرك
به، أخبرهم أن الساعة قد قَرُبت وأن عذابهم قد حضر أجله فدنا. ذكر من قال ذلك:



16200ـ حدثنا القاسم، قال: ثنـي حجاج، عن ابن
جريج، قال: لـما نزلت هذه الاَية، يعنـي: أتَـى أمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ
قال رجال من الـمنافقـين بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن أمر الله أتـى، فأمسِكوا عن
بعض ما كنتـم تعملون حتـى تنظروا ما هو كائن فلـما رأوا أنه لا ينزل شيء، قالوا:
ما نراه نزل شيء فنزلت: اقْتَرَبَ للنّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فـي غَفْلَة
مُعْرِضُون فقالوا: إن هذا يزعم مثلها أيضا. فلـما رأوا أنه لا ينزل شيء، قالوا:
ما نراه نزل شيء فنزلت: وَلَئِنْ أخّرْنا عَنْهُمُ العَذَابَ إلـى أُمّة
مَعْدُودَةٍ لَـيَقُولُنّ ما يَحْبَسُهُ ألا يَوْمَ يأتِـيهِمْ لَـيْسَ مَصْرُوفـا
عَنْهُمْ وَحاقَ بِهمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ.



16201ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: حدثنا
يحيى بن يـمان، قال: حدثنا سفـيان، عن إسماعيـل، عن أبـي بكر بن حفص، قال: لـما
نزلت: أتَـى أمْرُ اللّهِ رفعوا رءوسهم، فنزلت: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ.



16202ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح، قال: حدثنا أبو بكر بن شعيب، قال: سمعت صادق أبـا يقرأ: «يا عِبـادَي أتَـى
أمْرُ اللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ».



وأولـى القولـين فـي ذلك عندي بـالصواب، قول من
قال: هو تهديد من أهل الكفر به وبرسوله، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك
وذلك أنه عقّب ذلك بقوله سبحانه وتعالـى: عَمّا يُشْرِكُونَ فدلّ بذلك علـى تقريعه
الـمشركين ووعيده لهم. وبعد، فإنه لـم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم استعجل فرائض قبل أن تُفرض علـيهم فـيقال لهم من أجل ذلك: قد جاءتكم
فرائض الله فلا تستعجلوها. وأما مستعجلو العذاب من الـمشركين، فقد كانوا كثـيرا.



وقوله سبحانه وتعالـى: عَمّا يُشْرِكُونَ يقول
تعالـى ذكره: تنزيها لله وعلوّا له عن الشرك الذي كانت قريش ومن كان من العرب علـى
مثل ما هم علـيه يَدين به.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله تعالـى: عَمّا
يُشْرِكُونَ فقرأ ذلك أهل الـمدينة وبعض البصريـين والكوفـيـين: عَمّا يُشْرِكُونَ
بـالـياء علـى الـخبر عن أهل الكفر بـالله وتوجيه للـخطاب بـالاستعجال إلـى أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك قرءوا الثانـية بـالـياء. وقرأ ذلك عامّة
قرّاء الكوفة بـالتاء علـى توجيه الـخطاب بقوله: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ إلـى أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقوله تعالـى: «عَمّا تُشْرِكُونَ» إلـى
الـمشركين. والقراءة بـالتاء فـي الـحرفـين جميعا علـى وجه الـخطاب للـمشركين
أولـى بـالصواب لـما بـيّنت من التأويـل أن ذلك إنـما هو وعيد من الله للـمشركين
ابتدأ أوّل الاَية بتهديدهم وختـم آخرها بنكير فعلهم واستعظام كفرهم علـى وجه
الـخطاب لهم.



الآية : 2


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{يُنَزّلُ
الْمَلآئِكَةَ بِالْرّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىَ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ
أَنْذِرُوَاْ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاتّقُونِ }.



اختلفت القراء فـي قراءة قوله: يُنَزّلُ
الـمَلائِكَةَ فقرأ ذلك عامّة قرّاء الـمدينة والكوفة: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالـياء وتشديد الزاي ونصب الـملائكة، بـمعنى يُنَزّل الله الـملائكة بـالروح.
وقرأ ذلك بعض البصريـين وبعض الـمكيـين: «يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ» بـالـياء
وتـخفـيف الزاي ونصب الـملائكة. وحُكي عن بعض الكوفـيـين أنه كان يقرؤه: «تَنَزّلُ
الـمَلائِكَةَ» بـالتاء وتشديد الزاي والـملائكة بـالرفع، علـى اختلاف عنه فـي ذلك.
وقد رُوي عنه موافقة سائر قرّاء بلده.



وأولـى القراءات بـالصواب فـي ذلك عندي قراءة
من قرأ: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ بـمعنى: ينزّل الله ملائكة. وإنـما اخترت ذلك، لأن
الله هو الـمنزّل ملائكته بوحيه إلـى رسله، فإضافة فعل ذلك إلـيه أولـى وأحقّ
واخترت «ينزّل» بـالتشديد علـى التـخفـيف، لأنه تعالـى ذكره كان ينزّل من الوحي
علـى من نزّله شيئا بعد شيء، والتشديد به إذ كان ذلك معناه أولـى من التـخفـيف.



فتأويـل الكلام: ينزّل الله ملائكته بـما يحيا
به الـحقّ ويضمـحلّ به البـاطل من أمره علـى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَـادِهِ يعنـي
علـى من يشاء من رسله أنْ أنْذِرُوا ف «أنْ» الأولـى فـي موضع خفض، ردّا علـى
«الروح»، والثانـية فـي موضع نصب ب «أنْذِرُوا». ومعنى الكلام: ينزل الـملائكة
بـالروح من أمره علـى من يشاء من عبـاده، بأن أنذروا عبـادي سطوتـي علـى كُفرهم
بـي وإشراكهم فـي اتـخاذهم معي الاَلهة والأوثان، فإنه لا إله إلاّ أنا يقول: لا
تنبغي الأولوهة إلا لـي، ولا يصلـح أن يُبعد شيء سواي، فـاتّقُونِ يقول:
فـاحذرونـي بأداء فرائضي وإفراد العبـادة وإخلاص الربوبـية لـي، فإن ذلك نـجاتكم
من الهلكة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16203ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالرّوحِ يقول: بـالوحي.



حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال:
ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ علـى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ يقول: ينزل الـملائكة....



16204ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد،
فـي قول الله: بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ إنه لا ينزل ملَك إلا ومعه روح.



16205ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مـجاهد: قوله: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ قال: لا ينزل ملك إلا معه روح يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ علـى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ قال بـالنبوّة. قال ابن
جريج: وسمعت أن الروح خـلق من الـملائكة نزل به الروح وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الرّوحِ قُلِ الرّوحِ مِنْ أمْرِ رَبّـي.



16206ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال:
حدثنا عبد الله، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس، فـي قوله: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ
بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ علـى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ أنْ أنْذِرُوا أنّهُ لا
إلَهَ إلاّ أنَا فـاتّقُونِ قال: كل كَلِـم تكلـم به ربنا فهو روح منه، وكذلكَ
أوْحَيْنا إلَـيْكَ رُوحا منْ أمْرِنا... إلـى قوله: ألا إلـى اللّهِ تَصِيرُ
الأمُورُ.



16207ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ يقول: ينزّل
بـالرحمة والوحي من أمره، علـى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَـادِهِ فـيصطفـي منهم رسلاً.



16208ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: يُنَزّلُ الـمَلائِكَةَ بـالرّوحِ مِنْ أمْرِهِ
علـى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبـادِهِ قال: بـالوحي والرحمة.



وأما قوله: أنْ انْذِرُوا أنّهُ لا إلهَ إلاّ
أنا فـاتّقُونِ فقد بـيّنا معناه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16205حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: أنْ أنْذِرُوا أنّهُ لا إلهَ إلاّ أنا فـاتّقُونِ إنـما بعث
الله الـمرسلـين أن يوحّدَ الله وحده، ويُطاع أمره، ويجتنب سخطه. (



الآية : 3


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{خَلَقَ
السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقّ تَعَالَىَ عَمّا يُشْرِكُونَ }.



يقول تعالـى ذكره معرّفـا خـلقه حجته علـيهم
فـي توحيده، وأنه لا تصلـح الألوهة إلا له: خـلق ربكم أيها الناس السموات والأرض
بـالعدل وهو الـحقّ منفردا بخـلقها لـم يشركه فـي إنشائها وإحداثها شريك ولـم يعنه
علـيه معين، فأنّى يكون له شريك. تَعالـى عَمّا يُشْرِكُونَ يقول جلّ ثناؤه: علا
ربكم أيها القوم عن شرككم ودعواكم إلها دونه، فـارتفع عن أن يكون له مثل أو شريك
أو ظهير، لأنه لا يكون إلها إلا من يخـلق وينشىء بقدرته مثل السموات والأرض ويبتدع
الأجسام فـيحدثها من غير شيء، ولـيس ذلك فـي قُدرة أحد سوى الله الواحد القهّار الذي
لا تنبغي العبـادة إلا له ولا تصلـح الألوهة لشيء سواه.



الآية : 4


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{خَلَقَ
الإِنْسَانَ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن حججه علـيكم أيضا
الناس، أنه خـلق الإنسان من نطفة، فأحدث من ماء مهين خـلقا عجيبـا، قلبه تاراتٍ
خـلقا بعد خـلق فـي ظلـمات ثلاث، ثم أخرجه إلـى ضياء الدنـيا بعد ما تـمّ خـلقه
ونفخ فـيه الروح، فغذّاه ورزقه القوت ونـماه، حتـى إذا استوى علـى سوقه كفر بنعمة
ربه وجحد مدبره وعبد من لا يضرّ ولا ينفع وخاصم إلهه فقال مَنْ يُحْيِـي العِظَامَ
وَهِيَ رَمِيـمٌ ونسي الذي خـلقه فسوّاه خـلقا سويّا من ماء مهين. ويعنـي
بـالـمبـين: أنه يبـين عن خصومته بـمنطقه ويجادل بلسانه، فذلك إبـانته. وعنى
بـالإنسان: جميع الناس، أخرج بلفظ الواحد وهو فـي معنى الـجميع.









الآية : 5


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَالأنْعَامَ
خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن حججه علـيكم أيها
الناس ما خـلق لكم من الأنعام، فسخّرها لكم، وجعل لكم من أصوافها وأوبـارها
وأشعارها ملابس تدفئون بها ومنافع من ألبـانها وظهورها تركبونها. وَمِنْها
تَأْكُلُونَ يقول: ومن الأنعام ما تأكلون لـحمه كالإبل والبقر والغنـم وسائر ما
يؤكل لـحمه. وحذفت «ما» من الكلام لدلالة من علـيها.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16209ـ حدثنـي الـمثنى، وعلـيّ بن داود، قال:
الـمثنى أخبرنا، وقال ابن داود: حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن
علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ يقول:
الثـياب.



16210ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: والأنْعامَ
خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ وَمَنافعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ يعنـي بـالدفء:
الثـياب، والـمنافع: ما ينتفعون به من الأطعمة والأشربة.



16211ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن
أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى: لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ قال: لبـاس
ينسج، ومنا مركب ولبن ولـحم.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة، قال:
حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: لَكُمْ فِـيهَا دفْءٌ لبـاس ينسج
ومنافع، مركب ولـحم ولبن.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16212ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قوله: لَكُمْ
فِـيها دِفْءٌ وَمَنافعُ قال: نسل كلّ دابة.



[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:44 pm

حدثنا أحمد، قال: حدثنا
أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيـل بإسناده، عن ابن عبـاس، مثله.



16213ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ وَمَنافعُ يقول:
لكم فـيها لبـاس ومنفعة وبلغة،



16214ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن
منصور، قال: قال ابن عبـاس: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ وَمَنافعُ،
وَمِنْها تَأْكُلُونَ قال: هو منافع ومآكل.



16215ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ وَمَنافعُ قال:
دفء اللـحف التـي جعلها الله منها.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا مـحمد بن بكر، عن
ابن جريج، قال: بلغنـي، عن مـجاهد: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ
وَمَنافِعُ قال: نتاجها وركوبها وألبـانها ولـحومها.






الآية : 6 -7


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَلَكُمْ
فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىَ بَلَدٍ لّمْ
تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاّ بِشِقّ الأنفُسِ إِنّ رَبّكُمْ لَرَؤُوفٌ رّحِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره: ولكم فـي هذه الأنعام
والـمواشي التـي خـلقها لكم جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ يعنـي: تردّونها بـالعشيّ من
مسارحها إلـى مراحها ومنازلها التـي تأوي إلـيها ولذلك سمي الـمكان الـمراح، لأنها
تراح إلـيه عشيّا فتأوي إلـيه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة.
وقوله: وَحِينَ تَسْرَحُونَ يقول: وفـي وقت إخراجكموها غدوة من مُراحها إلـى
مسارحها، يقال منه: سَرّح فلان ماشيته يُسَرّحُها تسريحا، إذا أخرجها للرعي غدوة،
وسرَحَتِ الـماشيةُ: إذا خرجت للـمرعى تَسْرَحُ سَرْحا وسُرُوحا، فـالسرح بـالغداة
والإراحة بـالعشي، ومنه قوله الشاعر:



كأنّ بَقايا الأُتْنِ فَوْقَ مُتُونِهِمدَبّ
الدّبَى فَوْقَ النّقا وَهْوَ سارِحُ



وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16216ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد،
قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَلَكُمْ فِـيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ
وَحِينَ تَسْرَحُونَ وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالاً أسنـمتها،
وحين تسرحون إذا سرحت لرعيها.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وَلَكُمْ فِـيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ
تَسْرَحُونَ قال: إذا راحت كأعظم ما تكون أسنـمة، وأحسن ما تكون ضروعا.



وقوله: وَتـحْمِلُ أثقالَكُمْ إلـى بَلَدٍ
لَـمْ تَكُونُوا بـالغِيهِ إلاّ بِشِقّ الأنْفُس يقول: وتـحمل هذه الأنعام أثقالكم
إلـى بلد آخر لـم تكونوا بـالغِيهِ إلا بجهد من أنفسكم شديد ومشقة عظيـمة. كما:



16217ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو
أحمد، قال: حدثنا شريك، عن جابر، عن عكرمة: وَتَـحْمِلُ أثْقالَكُمْ إلـى بَلَدٍ
لَـمْ تَكُونُوا بـالِغِيهِ إلاّ بِشِقّ الأنْفُسِ قال: لو تكلفونه لـم تبلغوه إلا
بجهد شديد.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن
شريك، عن سماك، عن عكرمة: إلـى بَلَدٍ لَـمْ تَكُونُوا بـالِغيهِ إلاّ بِشِقّ
الأنْفُسِ قال: لو كلفتـموه لـم تبلغوه إلا بشقّ الأنفس.



16218ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحِمانـي،
قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة: إلـى بَلَدٍ لَـمْ تَكُونوا بـالِغِيهِ إلاّ
بِشقّ الأنْفُسِ قال: البلد: مكة.



16219ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد، فـي قول الله: إلاّ بِشِقّ الأنْفُسِ قال: مشقة علـيكم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16220ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَتـحْمِلُ أثْقالَكُمْ إلـى بَلَدٍ لَـمْ تَكُونُوا
بـالِغيهِ إلاّ بِشِقّ الأنْفُسِ يقول: بجهد الأنفس.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنـحوه.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامّة
قرّاء الأمصار بكسر الشين: إلاّ بِشِقّ الأنْفُسِ سوى أبـي جعفر القارىء، فإن:



16221ـ الـمثنى حدثنـي، قال: حدثنا إسحاق، قال:
حدثنا عبد الرحمن بن أبـي حماد، قال: ثنـي أبو سعيد الرازي، عن أبـي جعفر قارىء
الـمدينة، أنه كان يقرأ: «لَـمْ تَكُونُوا بـالِغيهِ إلاّ بِشَقّ الأنْفُسِ» بفتـح
الشين، وكان يقول: إنـما الشقّ: شقّ النفس. وقال ابن أبـي حماد: وكان معاذ الهرّاء
يقول: هي لغة، تقول العرب بشقّ وبشِقّ، وبرَق وبرِق.



والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا ما علـيه
قرّاء الأمصار وهي كسر الشين، لإجماع الـحجة من القرّاء علـيه وشذوذ ما خالفه. وقد
يُنشد هذا البـيت بكسر الشين وفتـحها، وذلك قول الشاعر:



وذِي إبِلِ يَسْعَى وَيحْسِبُها لَهُأخِي نَصَبٍ
مِنْ شَقّها ودُءُوبِ



و
«من شِقّـيها» أيضا بـالكسر والفتـح وكذلك قول العجاج:



(أصبحَ
مَسْحُولٌ يُوَازِي شَقّا )



و «شِقّا» بـالفتـح والكسر. ويعنـي بقوله:
«يوازي شَقّا»: يقاسي مشقة. وكان بعض أهل العربـية يذهب بـالفتـح إلـى الـمصدر من
شققت علـيه أشقّ شقّا، وبـالكسر إلـى الاسم. وقد يجوز أن يكون الذين قرءوا بـالكسر
أرادوا إلا بنقص من القوّة وذهاب شيء منها حتـى لا يبلغه إلا بعد نقصها، فـيكون
معناه عند ذلك: لـم تكونوا بـالغيه إلا بشقّ قوى أنفسكم وذهاب شقها الاَخر. ويحكى
عن العرب: خذ هذا الشّقّ: لشقة الشاة بـالكسر، فأما فـي شقت علـيك شَقّا فلـم يحك
فـيه إلا نصب.



وقوله: إنّ رَبّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيـمٌ يقول
تعالـى ذكره: إن ربكم أيها الناس ذو رأفة بكم ورحمة من رحمته بكم، خـلق لكم
الأنعام لـمنافعكم ومصالـحكم، وخـلق السموات والأرض أدلة لكم علـى وحدانـية ربكم
ومعرفة إلهكم، لتشكروه علـى نعمة علـيكم، فـيزيدكم من فضله.






الآية : 8


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَالْخَيْلَ
وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ
تَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وخـلق الـخيـل والبغال
والـحمير لكم أيضا لتَرْكَبُوهَا وزِينَةً يقول: وجعلها لكم زينةً تتزينون بها مع
الـمنافع التـي فـيها لكم، للركوب وغير ذلك. ونصب الـخيـل والبغال عطفـا علـى
الهاء والألف فـي قوله: خَـلَقَها. ونصب الزينة بفعل مضمر علـى ما بـيّنت، ولو لـم
يكن معها واو وكان الكلام: «لتركبوها زينةً كانت منصوبة بـالفعل الذي قبلها الذي
هي به متصلة، ولكن دخول الواو آذنت بأن معها ضمير فعل وبـانقطاعها عن الفعل الذي
قبلها.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16222ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: لتَرْكَبُوها وَزِينَةً قال: جعلها لتركبوها،
وجعلها زينة لكم.



وكان بعض أهل العلـم يرى أن فـي هذه الاَية
دلالة علـى تـحريـم أكل لـحوم الـخيـل. ذكر من قال ذلك:



16223ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح، قال: حدثنا أبو ضمرة، عن أبـي إسحاق، عن رجل، عن ابن عبـاس، قوله:
والـخَيْـلَ والبغالَ والـحَميرَ لتَرْكَبُوها قال: هذه للركوب. والأنْعامَ
خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ قال: هذه للأكل.



حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، قال:
حدثنا هشام الدستوائي، قال: حدثنا يحيى بن أبـي كثـير، عن مولـى نافع بن علقمة: أن
ابن عبـاس كان يكره لـحوم الـخيـل والبغال والـحمير، وكان يقول: قال الله والأنْعامَ
خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ فهذه للأكل، والـخَيْـلَ
والبغالَ والـحَميرَ لتَرْكَبُوها فهذه للركوب.



16224ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
ابن أبـي لـيـلـى، عن الـمنهال، عن سعيد، عن ابن عبـاس: أنه سئل عن لـحوم الـخيـل،
فكرهها وتلا هذه الاَية: والـخَيْـلَ والبغالَ والـحَميرَ لتَرْكَبُوها... الاَية.



حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا
قـيس بن الربـيع، عن ابن أبـي لـيـلـى عن الـمنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبـير عن
ابن عبـاس: أنه سئل عن لـحوم الـخيـل، فقال: اقرأ التـي قبلها: والأنْعامَ
خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها دِفْءٌ ومنَافِعُ ومَنْها تَأْكُلُونَ والـخَيْـلَ
والبغالَ والـحَميرَ لتَرْكَبُوها وَزِينَةً فجعل هذه للأكل، وهذه للركوب.



16225ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن عبد
الـملك بن أبـي غنـية، عن أبـيه، عن الـحكم: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها
دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ فجعل منه الأكل. ثم قرأ حتـى بلغ:
والـخَيْـلَ والبغالَ والـحَميرَ لتَرْكَبُوها قال: لـم يجعل لكم فـيها أكلاً.
قال: وكان الـحكم يقول: والـخيـل والبغال والـحمير حرام فـي كتاب الله.



16226ـ
حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا ابن أبـي غنـية، عن الـحكم، قال:
لـحوم الـخيـل حرام فـي كتاب الله. ثم قرأ: والأنْعامَ خَـلَقَها لَكُمْ فِـيها
دِفْءٌ وَمَنافِعُ... إلـى قوله: لتَرْكَبُوها.



وكان جماعة غيرهم من أهل العلـم يخالفونهم فـي
هذا التأويـل، ويرون أن ذلك غير دالّ علـى تـحريـم شيء، وأن الله جلّ ثناؤه إنـما
عرّف عبـاده بهذه الاَية وسائر ما فـي أوائل هذه السورة نعمة علـيهم ونبههم به
علـى حججه علـيهم وأدلته علـى وحدانـيته وخطأ فعل من يشرك به من أهل الشرك. ذكر
بعض من كان لا يرى بأسا بأكل لـحم الفرس:



16227ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيـم، عن الأسود: أنه أكل لـحم الفرس.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن شعبة، عن
الـحكم، عن إبراهيـم، عن الأسود بنـحوه.



16228ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال:
حدثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم قال: نـحر أصحابنا فرسا فـي النـجع وأكلوا
منه، ولـم يروا به بأسا.



والصواب من القول فـي ذلك عندنا ما قاله أهل
القول الثانـي، وذلك أنه لو كان فـي قوله تعالـى ذكره: لِتَرْكَبُوها دلالة علـى
أنها لا تصلـح إذ كانت للركوب للأكل لكان فـي قوله: فِـيها دِفْءٌ ومنَافِعُ
وَمِنْها تَأْكُلُونَ دلالة علـى أنها لا تصلـح إذ كانت للأكل والدفء للركوب. وفـي
إجماع الـجميع علـى أن ركوب ما قال تعالـى ذكره وَمِنْها تَأْكُلُونَ جائز حلال
غير حرام، دلـيـل واضح علـى أن أكل ما قال: لِتَرْكَبُوها جائز حلال غير حرام، إلا
بـما نصّ علـى تـحريـمه أو وضع علـى تـحريـمه دلالة من كتاب أو وحي إلـى رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فأما بهذ الاَية فلا يحرم أكل شيء. وقد وضع الدلالة علـى
تـحريـم لـحوم الـحمُر الأهلـية بوحيه إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلـى البغال
بـما قد بـيّنا فـي كتابنا كتاب الأطعمة بـما أغنى غعن إعادته فـي هذا الـموضع،
إذا لـم يكن هذا الـموضع من مواضع البـيان عن تـحريـم ذلك، وإنـما ذكرنا ما ذكرنا
لـيدلّ علـى أنه لا وجه لقول من استدلّ بهذه الاَية علـى تـحريـم لـحم الفرس.



16229ـ حدثنا أحمد، حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا
إسرائيـل، عن عبد الكريـم، عن عطاء، عن جابر، قال: كنا نأكل لـحم الـخيـل علـى عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: فـالبغال؟ قال: أما البغال فلا.



وقوله: وَيَخْـلُقُ ما لا تَعْلَـمُونَ يقول
تعالـى ذكره: ويخـلق ربكم مع خـلقه هذه الأشياء التـي ذكرها لكم ما لا تعلـمون
مـما أعدّ فـي الـجنة لأهلها وفـي النار لأهلها مـما لـم تره عين ولا سمعته أذن
ولا خطر علـى قلب بشر.



الآية : 9


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَعَلَىَ
اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
}.



يقول تعالـى ذكره: وعلـى الله أيها الناس
بـيان طريق الـحقّ لكم، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنـما يضلّ علـيها. والسبـيـل:
هي الطريق، والقصد من الطريق: الـمستقـيـم الذي لا اعوجاج فـيه، كما قال الراجز:



فصَدّ
عَنْ نَهْجِ الطّرِيقِ القاصِدِ



وقوله: وَمِنْها جائِرٌ يعنـي تعالـى ذكره: ومن
السبـيـل جائر عن الاستقامة معوّج، فـالقاصد من السبل: الإسلام، والـجائر منها:
الـيهودية والنصرانـية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبـيـل وقصدها،
سوى الـحنـيفـية الـمسلـمة. وقـيـل:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:45 pm

ومنها
جائر، لأن السبـيـل يؤنث ويذكر، فأنثت فـي هذا الـموضع. وقد كان بعضهم يقول:
وإنـما قـيـل: «ومنها» لأن السبـيـل وإن كان لفظها لفظ واحد فمعناها الـجمع.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16230ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: وَعلـى اللّهِ قَصْدُ
السّبِـيـلِ يقول: البـيان.



16231ـ حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَعلـى اللّهِ
قَصْدُ السّبِـيـلِ يقول: علـى الله البـيان، أن يبـين الهدى والضلالة.



16232ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن. قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد: وَعلـى اللّهِ قَصْدُ السّبِـيـلِ قال: طريق الـحقّ علـى الله.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثل.



16233ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، فـي قوله: وَعلـى اللّهِ قَصْدُ السّبِـيـلِ يقول: علـى الله
البـيان، بـيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.



16234ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَعلـى اللّهِ قَصْدُ السّبِـيـلِ قال: السبـيـل: طريق
الهدى.



16235ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو معاوية،
عن جويبر، عن الضحاك: وَعلـى اللّهِ قَصْدُ السّبِـيـلِ قال إنارتها.



16236ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَعلـى اللّهِ
قَصْدُ السّبِـيـلِ يقول: علـى الله البـيان، يبـين الهدى من الضلالة، ويبـين
السبـيـل التـي تفرّقت عن سبله، ومنها جائر.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وَمِنْها جائِرٌ: أي من السبل، سبل الشيطان. وفـي قراءة عبد الله
بن مسعود: «وَمِنْكُمْ جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ».



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وَمِنْها جائِرٌ قال: فـي حرف ابن مسعود: «وَمِنْكُمْ
جائِرٌ».



16237ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَمِنْها
جائِرٌ يعنـي السبل الـمتفرّقة.



16238ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد
الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَمِنْها جائِرٌ يقول:
الأهواء الـمختلفة.



16239ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَمِنْها جائِرٌ
يعنـي السبل التـي تفرّقت عن سبـيـله.



16240ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج: وَمِنْها جائِرٌ السبل الـمتفرقة عن سبـيـله.



16241ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله:وَمِنْها جائِرٌ قال: من السبل جائر عن الـحقّ قال: قال
الله: وَلا تَتّبِعُوا السّبْلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِـيـلِهِ.



وقوله: وَلَوْ شاءَ لَهَدَاكُمْ أجْمَعِينَ
يقول: ولو شاء الله للطف بجميعكم أيها الناس بتوفـيقه، فكنتـم تهتدون وتلزمون قصد
السبـيـل ولا تـجورون عنه فتتفرّقون فـي سبل عن الـحقّ جائرة. كما:



16242ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَلَوْ شَاءَ لَهَداكُمْ أجْمَعِينَ قال: لو شاء لهداكم
أجمعين لقصد السبـيـل الذي هو الـحقّ. وقرأ: وَلَوْ شاءَ رَبّكَ لاَمَنَ مَنْ فِـي
الأرْضِ كُلّهُمْ جَمِيعا... الاَية، وقرأ: وَلَوْ شِئْنَا لاَتَـيْنا كُلّ نَفْسٍ
هُدَاها... الاَية.



الآية : 10


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{هُوَ
الّذِي أَنْزَلَ مِنَ السّمَاءِ مَآءً لّكُم مّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ
تُسِيمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والذي أنعم علـيكم هذه
النعم وخـلق لكم الأنعام والـخيـل وسائر البهائم لـمنافعكم ومصالـحكم، هو الربّ
الذي أنزل من السماء ماء، يعنـي: مطرا لكم من ذلك الـماء شراب تشربونه ومنه شراب
أشجاركم وحياة غروسكم ونبـاتها. فِـيهِ تُسِيـمُونَ يقول: فـي الشجر الذي ينبت من
الـماء الذي أنزل من السماء تسيـمون، يعنـي ترعون، يقال منه: أسام فلان إبله
يسيـمها إسامة إذا أرعاها، وسوّمها أيضا يسوّمها، وسامت هي إذا رعت، فهي تسوم، وهي
إبل سائمة ومن ذلك قـيـل للـمواشي الـمطلقة فـي الفلاة وغيرها للرعي سائمة. وقد
وجّه بعضهم معنى السوم فـي البـيع إلـى أنه من هذا، وأنه ذهاب كلّ واحد من
الـمتبـايعين فـيـما ينبغي له من زيادة ثمن ونقصانه، كما تذهب سوائم الـمواشي حيث
شاءت من مراعيها ومنه قول الأعشى:



وَمَشَى القَوْمُ بـالعمادِ إلـى الـمَرْعَى
وأعْيا الـمُسِيـمَ أيْنَ الـمَساقُ



وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16243ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
النضْر بن عربـي، عن عكرمة: وَمِنْهُ شَجَرٌ فـيهِ تُسيـمُونَ قال: ترعون.



حدثنا أحمد بن سهيـل الواسطي، قال: حدثنا قرة
بن عيسى، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، فـي قوله: فـيهِ تُسيـمُونَ قال: ترعون.



16244ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
سفـيان، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: ترعون.



حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، مثله.



حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال:
ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَمِنْهُ شَجَرٌ فـيهِ
تُسيـمُونَ يقول: يرعون فـيه أنعامهم وشَاءَهُمْ.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: فـيهِ تُسيـمُونَ قال: ترعون.



16245ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا معاوية وأبو
خالد، عن جويبر، عن الضحاك: فـيه ترعون.



حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ يقول:
حدثنا عبـيد، عن الضحاك، فـي قوله: تُسيـمُونَ يقول: ترعون أنعامكم.



16246ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
طلـحة بن أبـي طلـحة القناد، قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي، قال: فـيه
ترعون.



16247ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: شَجَرٌ فـيهِ تُسيـمُونَ يقول: ترعون.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: ترعون.



حدثنا مـحمد بن سنان، قال: حدثنا سلـيـمان،
قال: حدثنا أبو هلال، عن قتادة فـي قول الله: شَجَرٌ فـيهِ تُسيـمُونَ قال:
تَرْعون.



16248ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَمِنْهُ شَجَرٌ فـيهِ تُسيـمُونَ قال: تَرْعون. قال:
الإسامة: الرّعية.



وقال الشاعر:


لَ
ابنِ بَزْعَةَ أو كآخَرَ مِثْلِهِ



أوْلـى
لَكَ ابنَ مُسِيـمةِ الأجْمالِ



قال: يا ابن راعية الأجمال.








الآية : 11


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{يُنبِتُ
لَكُمْ بِهِ الزّرْعَ وَالزّيْتُونَ وَالنّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِن كُلّ
الثّمَرَاتِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: يُنبت لكم ربكم بـالـماء
الذي أنزل لكم من السماء زرعَكم وزيتونَكم ونـخيـلكم وأعنابكم ومِنْ كُلّ
الثّمراتِ يعنـي من كلّ الفواكه غير ذلك أرزاقا لكم وأقواتا وإداما وفـاكهة، نعمة
منه علـيكم بذلك وتفضّلاً، وحُجة علـى من كفر به منكم. إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً يقول
جلّ ثناؤه: إن فـي إخراج الله بـما ينزل من السماء من ماء ما وصف لكم لاَيةً يقول:
لدلالة واضحة وعلامة بـينة، لقومٍ يَتَفَكّرُونَ يقول: لقوم يعتبرون مواعظ الله
ويتفكّرون فـي حججه، فـيتذكرون وينـيبون.



الآية : 12


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَسَخّرَ
لَكُمُ اللّيْلَ وَالْنّهَارَ وَالشّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنّجُومُ مُسَخّرَاتٌ
بِأَمْرِهِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.



يقول
تعالـى ذكره: ومن نِعَمه علـيكم أيها الناس مع التـي ذكرها قبل أن سخر لكم اللـيـل
والنهار يتعاقبـان علـيكم، هذا لتصرفكم فـي معاشكم وهذا لسكنكم فـيه والشّمْسَ
والقَمَرَ لـمعرفة أوقات أزمنتكم وشهوركم وسنـينكم وصلاح معايشكم. والنّـجُومُ
مُسَخّراتٌ لكم بأمر الله تـجري فـي فلكها لتهتدوا بها فـي ظلـمات البرّ والبحر.
إنّ فِـي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقَلُونَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي تسخير الله
ذلك علـى ما سخره لدلالات واضحات لقوم يعقلون حجج الله ويفهمون عنه تنبـيهه إياهم.






الآية : 13


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَمَا
ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً
لّقَوْمٍ يَذّكّرُونَ }.



يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: ومَا ذَرأَ لَكُمْ
وسخر لكم ما ذرأ: أي ما خـلق لكم فـي الأرض مختلفـا ألوانه من الدواب والثمار.
كما:



16249ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: ومَا ذَرأَ لَكُمْ فِـي الأرْضِ يقول: وما خـلق لكم مختلفـا
ألوانه من الدوابّ ومن الشجر والثمار، نِعَم من الله متظاهرة فـاشكروها لله.



16250ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: من الدوابّ والأشجار والثمار.



ونصب قوله: «مختلفـا» لأن قوله: «وَما» فـي
موضع نصب بـالـمعنى الذي وصفت. وإذا كان ذلك كذلك، وجب أن يكون «مختلفـا ألوانه»
حالاً من «ما»، والـخبر دونه تامّ، ولو لـم تكن «ما» فـي موضع نصب، وكان الكلام
مبتدأ من قوله: وَما ذَرأَ لَكُمْ لـم يكن فـي مختلف إلا الرفع، لأنه كان يصير
مرافع «ما» حينئذ.









الآية : 14


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَهُوَ
الّذِي سَخّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ
مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ
وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والذي فعل هذه الأفعال بكم
وأنعم علـيكم أيها الناس هذه النعم، الذي سخر لكم البحر، وهو كلّ نهر ملـحا ماؤه
أو عذبـا. لتَأْكُلُوا منْهُ لَـحْما طرِيّا وهو السمك الذي يصطاد منه.
وتَسْتَـخْرِجُوا منْهُ حلْـيَةً تَلْبَسُونَها وهو اللؤلؤ والـمرجان. كما:



16251ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: أخبرنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، فـي قوله: وَهُوَ الّذِي سَخّرَ
البَحْرَ لتَأْكُلُوا منْهُ لَـحْما طَرِيّا قال: منهما جميعا. وتَسْتَـخْرِجُوا
مِنْهُ حلْـيَةً تَلْبَسُونَهَا قال: هذا اللؤلؤ.



16252ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَـحْما طَرِيّا يعنـي حيتان البحر.



16253ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا حماد، عن يحيى، قال: حدثنا إسماعيـل بن عبد الـملك، قال: جاء رجل إلـى
أبـي جعفر، فقال: هل فـي حلـيّ النساء صدقة؟ قال: لا، هي كما قال الله تعالـى:
حِلْـيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ يعنـي السفن، مَوَاخرَ فِـيهِ وهي جمع
ماخرة.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله:
مَوَاخرَ فقال بعضهم: الـمواخر: الـمواقر. ذكر من قال ذلك:



16254ـ حدثنا عمرو بن موسى القزاز، قال: حدثنا
عبد الوارث، قال: حدثنا يونس، عن الـحسن، فـي قوله: وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخرَ
فِـيهِ قال: الـمواقر.



وقال آخرون فـي ذلك ما:


16255ـ حدثنا به عبد الرحمن بن الأسود، قال:
حدثنا مـحمد بن ربـيعة، عن أبـي بكر الأصمّ، عن عكرمة، فـي قوله: وَتَرَى الفُلْكَ
مَوَاخرَ فِـيهِ قال: ما أخذ عن يـمين السفـينة وعن يسارها من الـماء، فهو
الـمواخر.



16256ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
أبـي مكين، عن عكرمة، فـي قوله: وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخرَ فِـيهِ قال: هي
السفـينة تقول بـالـماء هكذا، يعنـي تشقه.



وقال آخرون فـيه، ما:


16257ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة،
عن إسماعيـل، عن أبـي صالـح: وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخرَ فِـيهِ قال: تـجري فـيه
متعرضّة.



وقال آخرون فـيه، بـما:


16258ـ حدثنـي به مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا
أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَتَرَى الفُلْكَ
مَوَاخرَ فِـيهِ قال: تـمخر السفـينة الرياح، ولا تـمخر الريحَ من السفن إلا الفلك
العظامُ.



حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا
ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى،
قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح عن
مـجاهد نـحوه، غير أن الـحرث قال فـي حديثه: ولا تـمخر الرياح من السفن.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه.



16259ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: مَوَاخرَ قال: تـمخر الريح.



وقال آخرون فـيه، ما:


16260ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخرَ فِـيهِ تـجري بريح واحدة، مُقبلة
ومُدبرة.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: تـجري مقبلة ومدبرة بريح واحدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:46 pm

16261ـ حدثنا الـمثنى،
قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن يزيد بن إبراهيـم، قال: سمعت
الـحسن: وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخرَ فِـيهِ قال: مقبلة ومدبرة بريح واحدة.



والـمخْر فـي كلام العرب: صوت هبوب الريح إذا
اشتدّ هبوبها، وهو فـي هذا الـموضع: صوت جري السفـينة بـالريح إذا عصفت وشقها
الـماء حينئذ بصدرها، يقال منه: مخرت السفـينة تـمخر مخرا ومخورا، وهي ماخرة،
ويقال: امتـخرت الريح وتـمخرتها: إذا نظرتَ من أين هبوبها وتسمّعت صوت هبوبها.
ومنه قول واصل مولـى ابن عيـينة: كان يقال: إذا أراد أحدكم البول فلـيتـمخر الريح،
يريد بذلك: لـينظر من أين مـجراها وهبوبها لـيستدبرها فلا ترجع علـيه البول وتردّه
علـيه.



وقوله: وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يقول
تعالـى ذكره: ولتتصرّفوا فـي طلب معايشكم بـالتـجارة سخر لكم. كما:



16262ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ قال:
تـجارة البرّ والبحر.



وقوله: وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول:
ولتشكروا ربكم علـى ما أنعم به علـيكم من ذلك سخر لكم ما سخر من هذه الأشياء التـي
عدّدها فـي هذه الاَيات.






الآية : 15


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَأَلْقَىَ
فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لّعَلّكُمْ
تَهْتَدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن نِعمه علـيكم أيها
الناس أيضا، أن ألقـى فـي الأرض رواسي، وهي جمع راسية، وهي الثوابت فـي الأرض من
الـجبـال. وقوله: أنْ تَـمِيدَ بِكُمْ يعنـي: أن لا تـميد بكم، وذلك كقوله: يُبَـيّنُ
اللّهُ لَكُمْ أنْ تَضِلّوا، والـمعنى: أن لا تضلوا. وذلك أنه جلّ ثناؤه أرسى
الأرض بـالـجبـال لئلا يـميد خـلقه الذي علـى ظهرها، بل وقد كانت مائدة قبل أن
تُرْسى بها. كما:



16263ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، عن الـحسن، عن قـيس بن عبـاد: أن الله تبـارك وتعالـى لـما خـلق
الأرض جعلت تـمور، قالت الـملائكة: ما هذه بـمقرّة علـى ظهرها أحدا فأصبحت صبحا
وفـيها رواسيها.



16264ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن
الـمنهال، قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبـيب، عن علـيّ بن
أبـي طالب، قال: لـما خـلق الله الأرض قَمَصَت، وقالت: أي ربّ أتـجعل علـيّ بنـي
آدم يعملون علـيّ الـخطايا ويجعلون علـيّ الـخبث؟ قال: فأرسى الله علـيها من
الـجبـال ما ترون وما لا ترون، فكان قرارها كاللـحم يترجرج.



والـميد: هو الاضطراب والتكفؤ، يقال: مادت
السفـينة تـميد ميدا: إذا تكفأت بأهلها ومالت، ومنه الـميد الذي يعتري راكب البحر،
وهو الدوار.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16265ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: أنْ تَـمِيدَ بِكُمْ: أن تكفأ بكم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16266ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الـحسن، فـي قوله: وألْقَـى فِـي الأرْضِ
روَاسِيَ أنْ تَـمِيدُ بِكُمْ قال: الـجبـال أن تـميد بكم. قال: قتادة: سمعت
الـحسن يقول: لـما خـلقت الأرض كادت تـميد، فقالوا: ما هذه بـمقرّة علـى ظهرها
أحدا فأصبحوا وقد خُـلقت الـجبـال، فلـم تدر الـملائكة مـم خُـلقت الـجبـال.



وقوله: وأنهَارا يقول: وجعل فـيها أنهارا، فعطف
بـالأنهار علـى الرواسي، وأعمل فـيها ما أعمل فـي الرواسي، إذ كان مفهوما معنى
الكلام والـمراد منه وذلك نظير قول الراجز:



تَسْمَعُ فـي أجْوَافِهِنّ صَوْرَاوفـي
الـيَدَيْنِ حَشّةً وبَوْرَا



والـحشة:
الـيُبس، فعطف بـالـحشة علـى الصوت، والـحشة لا تسمع، إذ كان مفهوما الـمراد منه
وأن معناه وترى فـي الـيدين حَشّةً.



وقوله: وَسُبُلاً وهي جمع سبـيـل، كما الطرق
جمع طريق. ومعنى الكلام: وجعل لكم أيها الناس فـي الأرض سُبلاً وفجاجا تسلكونها
وتسيرون فـيها فـي حوائجكم وطلب معايشكم رحمة بكم ونعمة منه بذلك علـيكم ولو عماها
لهلكتـم ضلالاً وحيرة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16267ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: سُبُلاً: أي طرقا.



16268ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: سُبُلاً قال: طرقا. وقوله لَعَلّكُمْ
تَهْتَدُونَ يقول: لكي تهتدوا بهذه السبل التـي جعلها لكم فـي الأرض إلـى الأماكن
التـي تقصدون والـمواضع التـي تريدون، فلا تضلوا وتتـحيروا.



الآية : 16


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَعَلامَاتٍ
وَبِالنّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ }.



اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنّى بـالعلامات،
فقال بعضهم: عُنـي بها معالـم الطرق بـالنهار. ذكر من قال ذلك:



16269ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: وَعَلاماتٍ وبـالنّـجْمِ
هُمْ يَهْتَدُونَ يعنـي بـالعلامات: معالـم الطرق بـالنهار، وبـالنـجم هم يهتدون
بـاللـيـل.



وقال آخرون: عُنـي بها النـجوم. ذكر من قال
ذلك:



16270ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى،
عن سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم: وَعَلاماتٍ وبـالنّـجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال:
منها ما يكون علامات، ومنها ما يهتدون به.



16271ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
سفـيان، عن منصور، عن مـجاهد: وَعَلاماتٍ وبـالنّـجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ قال: منها
ما يكون علامة، ومنها ما يهتدي به.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال:
حدثنا وكيع، عن سفـيان، عن منصور، عن مـجاهد، مثله.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال:
حدثنا قبـيصة، عن سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم، مثله.



قال: الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق خالف قبـيصة
وكيعا فـي الإسناد.



16272ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَعَلاماتٍ وبـالنّـجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ والعلامات:
النـجوم، وإن الله تبـارك وتعالـى إنـما خـلق هذه النـجوم لثلاث خصلات: جعلها زينة
للسماء، وجعلها يهتدي بها، وجعلها رجوما للشياطين. فمن تعاطى فـيها غير ذلك،
فَقَدَ رَأْيه وأخطأ حظه وأضاع نصيبه وتكلّف ما لا علـم له به.



16273ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتاد: وَعَلاماتٍ قال النـجوم.



وقال آخرون: عُنـي بها الـجبـال. ذكر من قال
ذلك:



16274ـ حدثنا مـحمد، قال: حدثنا مـحمد بن ثور،
عن معمر، عن الكلبـي: وَعَلاماتٍ قال: الـجبـال.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن
الله تعالـى ذكره عدّد علـى عبـاده من نعمه، إنعامَهُ علـيهم بـما جعل لهم من
العلامات التـي يهتدون بها فـي مسالكهم وطرقهم التـي يسيرونها، ولـم يخصص بذلك بعض
العلامات دون بعض، فكلّ علامة استدلّ بها الناس علـى طرقهم وفجاج سُبلهم فداخـل
فـي قوله: وَعَلاماتٍ. والطرق الـمسبولة: الـموطوءة، علامة للناحية الـمقصودة،
والـجبـال علامات يهتدي بهنّ إلـى قصد السبـيـل، وكذلك النـجوم بـاللـيـل. غير أن
الذي هو أولـى بتأويـل الاَية أن تكون العلامات من أدلة النهار، إذ كان الله قد
فصل منها أدلة اللـيـل بقوله: وبـالنّـجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ. وإذا كان ذلك أشبه
وأولـى بتأويـل الاَية، فـالواجب أن يكون



القول
فـي ذلك ما قاله ابن عبـاس فـي الـخبر الذي رويناه عن عطية عنه، وهو أن العلامات
معالـم الطرق وأماراتها التـي يهتدى بها إلـى الـمستقـيـم منها نهارا، وأن يكون
النـجم الذي يهتدى به لـيلاً هو الـجدي والفرقدان، لأن بها اهتداء السفر دون غيرها
من النـجوم. فتأويـل الكلام إذن: وجعل لكم أيها الناس علامات تستدلون بها نهارا
علـى طرقكم فـي أسفـاركم. ونـجوما تهتدون بها لـيلاً فـي سُبلكم.






الآية : 17 و 18


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{أَفَمَن
يَخْلُقُ كَمَن لاّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكّرُونَ * وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ
تُحْصُوهَآ إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره لعبدة الأوثان والأصنام:
أفمن يخـلق هذه الـخلائق العجيبة التـي عددناها علـيكم وينعم علـيكم هذه النعم
العظيـمة، كمن لا يخـلق شيئا ولا ينعم علـيكم نعمة صغيرة ولا كبـيرة؟ يقول:
أتشركون هذا فـي عبـادة هذا؟ يعرّفهم بذلك عظم جهلهم وسوء نظرهم لأنفسهم وقلّة
شكرهم لـمن أنعم علـيهم بـالنعم التـي عدّدها علـيهم التـي لا يحصيها أحد غيره،
قال لهم جلّ ثناؤه موبخهم: أفَلا تَذَكّرُونَ أيها الناس يقول: أفلا تذكرون نعم
الله علـيكم وعظيـم سُلطانه وقُدرته علـى ما شاء، وعجز أوثانكم وضعفها ومهانتها،
وأنها لا تـجلب إلـى نفسها نفعا ولا تدفع عنها ضرّا، فتعرفوا بذلك خطأ ما أنتـم
علـيه مقـيـمون من عبـادتكموها وإقراركم لها بـالألوهة؟ كما:



16275ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: أفَمَنْ يَخْـلُقُ كَمَنْ لاَ يخْـلُقُ أفَلا تَذَكّرُونَ
والله هو الـخالق الرازق، وهذه الأوثان التـي تعبد من دون الله تُـخْـلق ولا
تَـخْـلُق شيئا، ولا تـملك لأهلها ضرّا ولا نفعا، قال الله: أفلا تذكّرون.



وقـيـل: كَمَنْ لاَ يَخْـلُقُ هو الوثن
والصنـم، و «من» لذوي التـميـيز خاصة، فجعل فـي هذا الـموضع لغيرهم للتـميـيز، إذ
وقع تفصيلاً بـين من يُخْـلق ومن لا يَخْـلُق. ومـحكّى عن العرب: اشتبه علـيّ
الراكب وجمله، فما أدري مَنْ ذا ومَنْ ذا، حيث جمعا وأحدهما إنسان حسنت «مَنْ»
فـيهما جميعا ومنه قول الله عزّ وجلّ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى بَطْنِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى رِجْلَـيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَـمْشِي علـى
أرْبَعٍ.



وقوله: وَإنْ تَعُدّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا
تُـحْصُوها لا تطيقوا أداء شكرها. إنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيـمٌ يقول جلّ ثناؤه:
إن الله لغفور لـما كان منكم من تقصير فـي شكر بعض ذلك إذا تبتـم وأنبتـم إلـى
طاعته واتبـاع مرضاته، رحيـم بكم أن يعذّبكم علـيه بعد الإنابة إلـيه والتوبة.






الآية : 19 و20


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى:



{وَاللّهُ
يَعْلَمُ مَا تُسِرّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ *
وَالّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ
يُخْلَقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والله الذي هو إلهكم أيها
الناس، يعلـم ما تسرّون فـي أنفسكم من ضمائركم فتـخفونه عن غيركم، فما تبدونه
بألسنتكم وجوارحكم وما تعلنونه بألسنتكم وجوارحكم وأفعالكم، وهو مـحص ذلك كله
علـيكم، حتـى يجازيكم به يوم القـيامة، الـمـحسن منكم بإحسانه والـمسيء منكم
بإساءته، ومُسائلكم عما كان منكم من الشكر فـي الدنـيا علـى نعمة التـي أنعمها
علـيكم فما التـي أحصيتـم والتـي لـم تـحصوا. وقوله: والّذِين تَدْعُونَ مِنْ
دُونِ اللّهِ لا يَخْـلُقُونَ شَيْئا وَهُمْ يُخْـلَقُونَ يقول تعالـى ذكره:
وأوثانكم الذين تدعون من دون الله أيها الناس آلهة لا تَـخْـلُق شيئا وهي
تُـخْـلَقَ، فكيف يكون إلها ما كان مصنوعا مدّبرا لا تـملك لأنفسها نفعا ولا ضرّا؟






الآية : 21


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَمْواتٌ
غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين من قريش:
والذين تدعون من دون الله أيها الناس أمْوَاتٌ غيرُ أحْياءٍ. وجعلها جلّ ثناؤه
أمواتا غير أحياء، إذ كانت لا أرواح فـيها. كما:



16276ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: أمْوَاتٌ غيرُ أحْياءٍ ومَا يَشْعُرُونَ أيّانَ يُبْعَثُونَ
وهي هذه الأوثان التـي تُعبد من دون الله أموات لا أرواح فـيها، ولا تـملك لأهلها
ضرّا ولا نفعا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:47 pm

وفـي رفع الأموات وجهان:
أحدهما أن يكون خبرا للذين، والاَخر علـى الاستئناف. وقوله: ومَا يَشْعُرُونَ
يقول: وما تدري أصنامكم التـي تدعون من دون الله متـى تبعث. وقـيـل: إنـما عنى
بذلك الكفـار، أنهم لا يدرون متـى يبعثون.



الآية : 22


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ قُلُوبُهُم مّنكِرَةٌ
وَهُم مّسْتَكْبِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: معبودكم الذي يستـحقّ
علـيكم العبـادة وإفراد الطاعة له دون سائر الأشياء معبود واحد، لأنه لا تصلـح
العبـادة إلا له، فأفردوا له الطاعة وأخـلصوا له العبـادة ولا تـجعلوا معه شريكا
سواه. فـالّذِينَ لا يُوءْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ يقول
تعالـى ذكره: فـالذين لا يصدّقون بوعد الله ووعيده ولا يقرّون بـالـمعاد إلـيه بعد
الـمـمات قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ يقول تعالـى ذكره: مستنكرة لـما نقص علـيهم من
قدرة الله وعظمته وجميـل نعمة علـيهم، وأن العبـادة لا تصلـح إلا له والألوهة
لـيست لشيء غيره يقول: وهم مستكبرون عن إفراد الله بـالألوهة والإقرار له
بـالوحدانـية، اتبـاعا منهم لـما مضى علـيه من الشرك بـالله أسلافهم. كما:



16277ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: فـالّذِينَ لا يُوءْمِنُونَ بـالاَخِرةِ قُلُوبُهُمْ
مُنْكِرَةٌ لهذا الـحديث الذي مضى، وهم مستكبرون عنه.



الآية : 23


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {لاَ جَرَمَ
أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنّهُ لاَ يُحِبّ
الْمُسْتَكْبِرِينَ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقوله: لا جرم حقّا أن
الله يعلـم ما يسرّ هؤلاء الـمشركون من إنكارهم ما ذكرنا من الأنبـاء فـي هذه
السورة، واعتقادهم نكير قولنا لهم: إلهكم إله واحد، واستكبـارهم علـى الله، وما
يعلنون من كفرهم بـالله وفريتهم علـيه. إنّهُ لا يُحِبّ الـمُسْتَكْبِرينَ يقول:
إن الله لا يحبّ الـمستكبرين علـيه أن يوحدوه ويخـلعوا ما دونه من الاَلهة
والأنداد. كما:



16278ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا جعفر
بن عون، قال: حدثنا مِسْعر، عن رجل: أن الـحسن بن علـيّ كان يجلس إلـى الـمساكين،
ثم يقول: إنّهُ لا يُحِبّ الـمُسْتَكْبِرينَ.



الآية : 24


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذَا قِيلَ
لَهُمْ مّاذَآ أَنْزَلَ رَبّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وإذا قـيـل لهؤلاء الذين
لا يؤمنون بـالاَخرة من الـمشركين: ماذَا أَنْزَلَ رَبّكُمْ أيّ شيء أنزل ربكم؟
قالوا: الذي أنزل ما سطّره الأوّلون من قبلنا من الأبـاطيـل. وكان ذلك كما:



16279ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: ماذَا أنْزَلَ رَبّكُمْ قالُوا أساطِيرُ الأوّلِـينَ يقول:
أحاديث الأوّلـين وبـاطلهم، قال ذلك قوم من مشركي العرب كانوا يقعدون بطريق من
أتـى نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم، فإذا مرّ بهم أحد من الـمؤمنـين يريد نبـيّ
الله صلى الله عليه وسلم، قالوا لهم: أساطير الأوّلـين، يريد: أحاديث الأوّلـين
وبـاطلهم.



16280ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الله بن
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: أساطِيرُ الأوّلِـينَ
يقول: أحاديث الأوّلـين.



الآية : 25


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {لِيَحْمِلُواْ
أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الّذِينَ
يُضِلّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: يقول هؤلاء الـمشركون لـمن
سألهم ماذا أنزل ربكم: الذي أنزل ربنا فـيـما يزعم مـحمد علـيه أساطير الأوّلـين،
لتكون لهم ذنوبهم التـي هم علـيها مقـيـمون من تكذيبهم الله، وكفرهم بـما أنزل
علـى رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذنوب الذين يصدّونهم عن الإيـمان بـالله يضلون
يفتنون منهم بغير علـم. وقوله: ألا ساءَ ما يَزِرُونَ يقول: ألا ساء الإثم الذي
يأثمون والثقل الذي يتـحملون.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16281ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن نـجيح، عن مـجاهد، قوله: لِـيَحْمِلُوا
أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِـيامَةِ ومن أوزار من أضلوا احتـمالهم ذنوب
أنفسهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئا.



حدثنا الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا
ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، نـحوه، إلا أنه قال: ومن أوزار الذين
يضلونهم حملهم ذنوب أنفسهم، وسائر الـحديث مثله.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة، قال:
حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: لِـيَحْمِلُوا
أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِـيامَةِ وَمِنْ أوْزَارِ الّذِينَ يُضِلّونَهُمْ
قال: حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه.



16282ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: لِـيَحْمِلُوا أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِـيامَةِ أي
ذنوبهم وذنوب الذين يضلونهم بغير علـم، ألا ساءَ ما يَزِرُونَ.



16283ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: لِـيَحْمِلُوا
أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِـيامَةِ وَمِنْ أوْزَارِ الّذِينَ يُضِلّونَهُمْ
بغيرِ عِلْـمٍ يقول: يحملون ذنوبهم، وذلك مثل قوله: وأثْقالاً مَعَ أثْقالِهِمْ
يقول: يحملون مع ذنوبهم ذنوب الذين يُضِلُونهم بغير علـم.



16284ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: لِـيَحْمِلُوا
أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ القِـيامَةِ وَمِنْ أوْزَارِ الّذِينَ يُضِلّونَهُمْ
بغيرِ عِلْـمٍ ألا ساءَ ما يَزِرُونَ قال: قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم:
«أيّـمَا دَاعِ دَعا إلـى ضَلالَةٍ فـاتّبِعَ، فإنّ عَلَـيْهِ مِثْلَ أوْزَارِ
مَنِ اتّبَعَهُ مِنْ غيرِ أنْ يُنْقَصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ. وأيّـمَا دَاعِ
دَعا إلـى هُدًى فـاتّبِعَ، فَلَهُ مِثْلُ أجُورِهِمْ مِنْ غيرِ أنْ يُنْقَصَ مِنْ
أجوْرِهِمْ شَيْءٌ».



16285ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا سويد، قال:
أخبرنا ابن الـمبـارك، عن رجل، قال: قال زيد بن أسلـم: إنه بلغه أنه يتـمثل للكافر
عمله فـي صورة أقبح ما خـلق الله وجها وأنتنه ريحا، فـيجلس إلـى جنبه، كلـما أفزعه
شيء زاده فزعا وكلـما تـخوّف شيئا زاده خوفـا، فـيقول: بئس الصاحب أنت ومن أنت؟
فـيقول: وما تعرفنـي؟ فـيقول: لا، فـيقول: أنا عملك كان قبـيحا فلذلك ترانـي
قبـيحا، وكان منتنا فلذلك ترانـي منتنا، طأطىء إلـيّ أركبك فطالـما ركبتنـي فـي
الدنـيا فـيركبه، وهو قوله: لِـيَحْمِلُوا أوْزَارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ
القِـيامَةِ.



الآية : 26


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {قَدْ مَكَرَ
الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُمْ مّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرّ
عَلَيْهِمُ السّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ
يَشْعُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: قد مكر الذين من قبل هؤلاء
الـمشركين الذين يصدّون عن سبـيـل الله من أراد اتبـاع دين الله، فراموا مغالبة
الله ببناءٍ بَنَوه، يريدون بزعمهم الارتفـاع إلـى السماء لـحرب من فـيها. وكان
الذي رام ذلك فـيـما ذُكر لنا جبـار من جبـابرة النّبَط فقال بعضهم: هو نـمرو بن
كنعان، وقال بعضهم: هو بختنصر، وقد ذكرت بعض أخبـارهما فـي سورة إبراهيـم. وقـيـل:
إن الذي ذُكر فـي هذا الـموضع هو الذي ذكره الله فـي سورة إبراهيـم. ذكر من قال
ذلك:



16286ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو،
قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: أمر الذين حاجّ إبراهيـم فـي ربه بإبراهيـم
فأُخُرِجَ، يعنـي من مدينته، قال: فلقـي لوطا علـى بـاب الـمدينة وهو ابن أخيه،
فدعاه فآمن به، وقال: إنـي مهاجر إلـى ربـي. وحلف نـمرود أن يطلب إله إبراهيـم،
فأخذ أربعة أفراخ من فِراخ النسور، فربـاهنّ بـاللـحم والـخبز حتـى كبرن وغلظن
واستعجلن، فربطهنّ فـي تابوت، وقعد فـي ذلك التابوت ثم رفع لهنّ رِجلاً من لـحم،
فطرن، حتـى إذا ذهبن فـي السماء أشرف ينظر إلـى الأرض، فرأى الـجبـال تدبّ كدبـيب
النـمل. ثم رفع لهنّ اللـحم، ثم نظر فرأى الأرض مـحيطا بها بحر كأنها فلكة فـي
ماء. ثم رفع طويلاً فوقع فـي ظلـمة، فلـم ير ما فوقه وما تـحته، ففزع، فألقـى
اللـحم، فـاتّبعته منقضّات. فلـما نظرت الـجبـال إلـيهنّ، وقد أقبلن منقضات وسمعت
حفـيفهنّ، فزعت الـجبـال، وكادت أن تزول من أمكنتها ولـم يفعلن وذلك قول الله
تعالـى: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإنْ كانَ
مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الـجِبـالُ، وهي فـي قراءة ابن مسعود: «وَإنْ كادَ
مَكْرُهُمْ». فكان طَيْرُورتهن به من بـيت الـمقدس ووقوعهن به فـي جبل الدخان.
فلـما رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ فـي بنـيان الصرح، فبنى حتـى إذا شيده إلـى السماء
ارتقـى فوقه ينظر، يزعم إلـى إله إبراهيـم، فأحدث، ولـم يكن يُحدث وأخذ الله
بنـيانه من القواعد فَخَرّ عَلَـيْهِمُ السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وأتاهُمْ
العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ يقول: من مأمنهم، وأخذهم من أساس الصرح،
فتنقّض بهم فسقط. فتبلبلت ألسن الناس يومئذ من الفزع، فتكلـموا بثلاثة وسبعين
لسانا، فلذلك سميت بـابل. وإنـما كان لسان الناس من قبل ذلك بـالسريانـية.



16287ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَقَدْ مَكَرَ
الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فأتَـى اللّهُ بُنـيانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ قال: هو
نـمرود حين بنى الصرح.



16288ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا قال: عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلـم: إن أوّل جبـار كان فـي
الأرض نـمرود، فبعث الله علـيه بعوضة فدخـلت فـي منـخره، فمكث أربع مئة سنة يُضرب
رأسُه بـالـمطارق، أرحم الناس به من جمع يديه، فضرب رأسه بهما، وكان جبـارا أربع
مئة سنة، فعذّبه الله أربع مئة سنة كمُلكه، ثم أماته الله. وهو الذي كان بنى
صَرْحا إلـى السماء، وهو الذي قال الله: فَأَتـى اللّهُ بُنْـيانَهُمْ مِنَ
القَوَاعِدِ فَخَرّ عَلَـيْهِمُ السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ.



وأما قوله: فأَتَـى اللّهُ بُنْـيانَهُمْ مِنَ
القَوَاعِدِ فإن معناه: هدم الله بنـيانهم من أصله. والقواعد: جمع قاعدة، وهي
الأساس. وكان بعضهم يقول: هذا مثل للاستئصال وإنـما معناه: إن الله استأصلهم.
وقال: العرب تقول ذلك إذا استؤصل الشيء.



وقوله: فَخَرّ عَلَـيْهِمُ السّقْـفُ مِنْ
فَوْقِهِمْ اختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فخرّ علـيهم
السقـف من فوقهم أعالـي بـيوتهم من فوقهم. ذكر من قال ذلك:



16289ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: قَدْ مَكَرَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فأَتَـى اللّهُ بُنْـيانَهُمْ
مِنَ القَوَاعِدِ إي والله، لأتاها أمر الله من أصلها فَخَرّ عَلَـيْهِمُ
السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ والسقـف: أعالـي البـيوت، فـائتفكت بهم بـيوتهم فأهلكهم
الله ودمرهم، وأتاهُمُ العَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.



16290ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: فَخَرّ عَلَـيْهِمُ السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ
قال: أتـى الله بنـيانهم من أصوله، فخرّ علـيهم السقـف.



16291ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد: فأَتَـى اللّهُ بُنْـيانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ قال: مكر نـمرود بن كنعان
الذي حاجّ إبراهيـم فـي ربه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وقال آخرون: عنى بقوله: فَخَرّ عَلَـيْهِمُ
السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ أن العذاب أتاهم من السماء. ذكر من قال ذلك:



16292ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: فَخَرّ عَلَـيْهِمُ
السّقْـفُ مِنْ فَوْقِهِمْ يقول: عذاب من السماء لَـما رأوه استسلـموا وذلوا.



وأولـى القولـين بتأويـل الاَية، قول من قال:
معنى ذلك: تساقطت علـيهم سقوف بـيوتهم، إذ أتـى أصولها وقواعدها أمر الله،
فـائتفكت بهم منازلهم لأن ذلك هو الكلام الـمعروف من قواعد البنـيان وخرّ السقـف،
وتوجيه معانـي كلام الله إلـى الأشهر الأعرف منها، أولـى من توجيهها إلـى غير ذلك
ما وُجِد إلـيه سبـيـل. وأتاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ يقول تعالـى
ذكره: وأتـى هؤلاء الذين مكروا من قَبْل مشركي قريش، عذاب الله من حيث لا يدرون
أنه أتاهم منه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:47 pm

الآية : 27


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {ثُمّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الّذِينَ كُنْتُمْ
تُشَاقّونَ فِيهِمْ قَالَ الّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ
وَالْسّوَءَ عَلَى الْكَافِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: فعل الله بهؤلاء الذين
مكروا الذين وصف الله جلّ ثناؤه أمرهم ما فعل بهم فـي الدنـيا من تعجيـل العذاب
لهم والانتقام بكفرهم وجحودهم وحدانـيته، ثم هو مع ذلك يوم القـيامة مخزيهم فمذلهم
بعذاب ألـيـم وقائل لهم عند ورودهم علـيه: أيْنَ شُرَكائيَ الّذِينَ كُنْتُـمْ
تُشاقّونَ فِـيهم؟ أصله: من شاققت فلانا فهو يشاقّنـي، وذلك إذا فعل كلّ واحد
منهما بصاحبه ما يشقّ علـيه. يقول تعالـى ذكره يوم القـيامة تقريعا للـمشركين
بعبـادتهم الأصنام: أين شركائي؟ يقول: أين الذين كنتـم تزعمون فـي الدنـيا أنهم
شركائي الـيوم؟ ما لهم لا يحضرونكم فـيدفعوا عنكم ما أنا مـحلّ بكم من العذاب، فقد
كنتـم تعبدونهم فـي الدنـيا وتتولونهم والولـيّ ينصر ولـيه؟ وكانت مشاقتهم الله
فـي أوثانهم مخالفتهم إياه فـي عبـادتهم، كما:



16293ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الله بن
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـي، عن ابن عبـاس، قوله: أيْنَ شُرَكائيَ الّذِينَ
كُنْتُـمْ تُشاقّونَ فِـيهم يقول: تـخالفونـي.



وقوله: قالَ الّذِينَ أُتُوا العلْـمَ إنّ
الـخِزْي الـيَوْمَ والسّوءَ علـى الكافرِينَ يعنـي: الذلة والهوان، والسّوءَ
يعنـي: عذاب الله علـى الكافرين.






الآية : 28


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {الّذِينَ
تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السّلَمَ مَا
كُنّا نَعْمَلُ مِن سُوَءٍ بَلَىَ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره: قال الذين أوتوا العلـم:
إن الـخزي الـيوم والسوء علـى من كفر بـالله فجحد وحدانـيته، الّذِينَ
تَتَوَفّـاهُمُ الـمَلائِكَةُ يقول: الذين تقبض أرواحهم الـملائكة، ظالِـمِي
أنْفُسِهمْ يعنـي: وهم علـى كفرهم وشركهم بـالله. وقـيـل: إنه عنى بذلك من قتل من
قريش ببدر وقد أخرج إلـيها كرها.



16294ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا يعقوب بن مـحمد الزهري، قال: ثنـي سفـيان بن عيـينة عن عمرو بن دينار
عن عكرمة، قال: كان ناس بـمكة أقرّوا بـالإسلام ولـم يهاجروا، فأخرج بهم كرها إلـى
بدر، فقتل بعضهم، فأنزل الله فـيهم: الّذِينَ تَتَوَفّـاهُمُ الـمَلائكَةُ
ظالِـمِي أنْفُسِهمْ.



وقوله: فَألْقُوا السّلَـمَ يقول: فـاستسلـموا
لأمره، وانقادوا له حين عاينوا الـموت قد نزل بهم. ما كُنّا نَعْمَلُ منْ سُوءٍ
وفـي الكلام مـحذوف استعنـي بفهم سامعيه ما دلّ علـيه الكلام عن ذكره، وهو: قالوا
ما كنا نعمل من سوء. يخبر عنهم بذلك أنهم كذّبوا وقالوا: ما كنا نعصِي الله
اعتصاما منهم بـالبـاطل رجاء أن ينـجوا بذلك،، فكذّبهم الله فقال: بل كنتـم تعملون
السوء وتصدّون عن سبـيـل الله. إنّ اللّهَ عَلِـيـمٌ بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ
يقول: إن الله ذو علـم بـما كنتـم تعملون فـي الدنـيا من معاصيه وتأتون فـيها ما
يسخطه.



الآية : 29


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَادْخُلُوَاْ
أَبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره، يقول لهؤلاء الظلـمة
أنفسهم حين يقولون لربهم: ما كنا نعمل من سوء: ادخـلوا أبواب جهنـم، يعنـي: طبقات
جهنـم، خالدِينَ فـيها يعنـي: ماكثـين فـيها، فَلَبِئْسَ مَثْوَى الـمُتَكَبّرِين
يقول: فلبئس منزل من تكبر علـى الله ولـم يقرّ بربوبـيته ويصدّق بوحدانـيته جهنـم.



الآية : 30


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقِيلَ
لِلّذِينَ اتّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لّلّذِينَ
أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الْدّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الاَخِرَةِ خَيْرٌ
وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتّقِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وقـيـل للفريق الاَخر
الذين هم أهل إيـمان وتقوى لله: ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ قالُوا خَيْرا يقول: قالوا:
أنزل خيرا. وكان بعض أهل العربـية من الكوفـيـين يقول: إنـما اختلف الأعراب فـي
قوله: قالُوا أساطِيرُ الأوّلِـينَ، وقوله: خَيْرا، والـمسئلة قبل الـجوابـين
كلـيهما واحدة، وهي قوله: ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ لأن الكفـار جحدوا التنزيـل،
فقالوا حين سمعوه: أساطير الأوّلـين، أي هذا الذي جئت به أساطير الأوّلـين ولـم
ينزل الله منه شيئا. وأما الـمؤمنون فصدّقوا التنزيـل، فقالوا خيرا بـمعنى أنه أنزل
خيرا، فـانتصب بوقوع الفعل من الله علـى الـخير، فلهذا افترقا ثم ابتدأ الـخبر
فقال: لِلّذِينَ أحْسَنُوا فِـي هَذِهِ الدّنْـيا حَسَنَةٌ. وقد بـيّنا



القول
فـي ذلك فـيـما مضى قبل بـما أغنى عن إعادته.



وقوله: لِلّذِينَ أحْسَنُوا فِـي هَذِهِ
الدّنْـيا حَسَنَةٌ يقول تعالـى ذكره: للذين آمنوا بـالله فـي هذه الدنـيا ورسوله
وأطاعوه فـيها ودعوا عبـاد الله إلـى الإيـمان والعمل بـما أمر الله به حَسَنَةٌ
يقول: كرامة من الله، وَلَدَارُ الاَخِرَةِ خَيْرٌ يقول: ولدار الاَخرة خير لَهُمْ
مِنْ دَارِ الدّنْـيا، وكرامة الله التـي أعدّها لهم فـيها أعظم من كرامته التـي
عجلها لهم فـي الدنـيا وَلَنِعْمَ دَارُ الـمُتّقـينَ يقول: ولنعم دار الذين خافوا
الله فـي الدنـيا فـاتقوا عقابه بأداء فرائضه وتـجنب معاصيه دار الاَخرة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16295ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَقِـيـلَ لِلّذِينَ اتّقُوا ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ قالُوا
خَيْرا لِلّذِينَ أحْسَنُوا فِـي هَذِهِ الدّنْـيا حَسَنَةٌ وهؤلاء مؤمنون، فـيقال
لهم: ماذَا أنْزَل رَبّكُمْ فـيقولون خَيْرا لِلّذِينَ أحْسَنُوا فِـي هَذِهِ
الدّنْـيا حَسَنَةٌ: أي آمنوا بـالله وأمروا بطاعة الله، وحثوا أهل طاعة الله علـى
الـخير ودعوهم إلـيه.



الآية : 31


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {جَنّاتُ عَدْنٍ
يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ
كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتّقِينَ }.



يعنـي تعالـى ذكر بقوله: جَنّاتُ عَدْنٍ
بساتـين للـمقام، وقد بـيّنا اختلاف أهل التأويـل فـي معنى عدن فـيـما مضى بـما
أغنى عن إعادته. يَدْخُـلُونَها يقول: يدخـلون جنات عدن. وفـي رفع «جناتٌ» أوجه
ثلاث: أحدها: أن يكون مرفوعا علـى الابتداء، والاَخر: بـالعائد من الذكر فـي قوله:
«يَدْخُـلُونَها»، والثالث: علـى أن يكون خبر النعم، فـيكون الـمعنى إذا جعلت خبر
النعم: ولنعم دار الـمتقـين جنات عدن، ويكون «يَدْخُـلُونَها» فـي موضع حال، كما
يقال: نعم الدار دار تسكنها أنت. وقد يجوز أن يكون إذا كان الكلام بهذا التأويـل
«يدخـلونها» من صلة «جنات عدن». وقوله: تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهَارُ يقول:
تـجري من تـحت أشجارها الأنهار. لَهُمْ فِـيها ما يشاءُونَ يقول: للذين أحسنوا فـي
هذه الدنـيا فـي جنات عدن ما يشاءون مـما تشتهي أنفسهم وتلذّ أعينهم. كَذلكَ
يَجْزِي اللّهُ الـمُتّقِـينَ يقول: كما يجزي الله هؤلاء الذين أحسنوا فـي هذه
الدنـيا بـما وصف لكم أيها الناس أنه جزاهم به فـي الدنـيا والاَخرة، كذلك يجزي
الذين اتقوه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.



الآية : 32


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {الّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ
طَيّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنّةَ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: كذلك يجزي الله الـمتقـين
الذين تَقْبِض أرواحَهم ملائكةُ الله، وهم طيبون بتطيبب الله إياهم بنظافة
الإيـمان، وطهر الإسلام فـي حال حياتهم وحال مـماتهم. كما:



16296ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: ثنـي عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا
الـحسن، قال: حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا
شبل وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن
ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: الّذِينَ تَتَوَفّـاهُمُ الـمَلائِكَةُ
طَيّبِـينَ قال: أحياء وأمواتا، قدّر الله ذلك لهم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وقوله: يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَـيْكُمْ يعنـي
جلّ ثناؤه أن الـملائكة تقبض أرواح هؤلاء الـمتقـين، وهي تقول لهم: سلام علـيكم
صيروا إلـى الـجنة بشارة من الله تبشرهم بها الـملائكة. كما:



16297ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال:
أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي أبو صخر، أنه سمع مـحمد بن كعب القُرَظيّ يقول: إذا
استنقعت نفس العبد الـمؤمن جاءه ملك فقال: السلام علـيك ولـيّ الله، الله يقرأ
علـيك السلام. ثم نزع بهذه الاَية: الّذِينَ تَتَوَفّـاهُمُ الـمَلائِكَةُ
طَيّبِـينَ... إلـى آخر الاَية.



16298ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخراسانـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: فَسَلامٌ لَكَ
مِنْ أصحَابِ الـيَـمِينِ قال: الـملائكة يأتونه بـالسلام من قِبَل الله، وتـخبره
أنه من أصحاب الـيـمين.



16299ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا الأشبّ أبو علـيّ، عن أبـي رجاء، عن مـحمد بن مالك، عن البراء، قال: قوله:
سَلامٌ قَوْلاً مِنْ ربّ رَحِيـمٍ قال: يسلـم علـيه عند الـموت.



وقوله: بِـمَا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ يقول:
بـما كنتـم تصيبون فـي الدنـيا أيام حياتكم فـيها طاعة الله طلب مرضاته.



الآية : 33


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلاّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبّكَ
كَذَلِكَ فَعَلَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـَكِن
كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: هل ينتظر هؤلاء الـمشركون
إلا أن تأتـيهم الـملائكة لقبض أرواحهم، أو يأتـي أمر ربك بحشرهم لـموقـف
القـيامة. كَذلكَ فَعَلَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يقول جلّ ثناؤه: كما يفعل هؤلاء
من انتظارهم ملائكة الله لقبض أرواحهم أو إتـيان أمر الله فعل أسلافهم من الكفرة
بـالله لأن ذلك فـي كلّ مشرك بـالله. وَما ظَلَـمَهُمُ اللّهُ يقول جلّ ثناؤه: وما
ظلـمهم الله بإحلال سُخْطه، ولكِنْ كانُوا أنْفُسَهُمْ يَظْلِـمُونَ بـمعصيتهم
ربهم وكفرهم به، حتـى استـحقوا عقابه، فعجّل لهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16300ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تَأْتِـيهُمُ الـمَلائِكَةُ قال:
بـالـموت، وقال فـي آية أخرى: وَلَوْ تَرَى إذْ يَتَوَفّـى الّذِينَ كَفَرُوا
الـمَلائِكَةُ وهو ملك الـموت وله رسل، قال الله تعالـى: أوْ يَأْتِـيَ أمْرُ
رَبّكَ ذاكم يوم القـيامة.



16301ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو
حُذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: هَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ
تَأْتِـيَهُمُ الـمَلائِكَةُ يقول: عند الـموت حين تتوفـاهم، أو يأتـي أمر ربك ذلك
يوم القـيامة.



الآية : 34


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَأَصَابَهُمْ
سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: فأصاب هؤلاء الذين فعلوا
من الأمـم الـماضية فعل هؤلاء الـمشركين من قريش سيئات ما عملوا يعنـي عقوبـات
ذنوبهم ونقم معاصيه التـي اكتسبوها. وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
يقول: وحلّ بهم من عذاب الله ما كانوا يستهزئون منه ويسخرون عند إنذارهم ذلك رُسل
الله، ونزل ذلك بهم دون غيرهم من أهل الإيـمان بـالله.



الآية : 35


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقَالَ
الّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ
نّحْنُ وَلآ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ
الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرّسُلِ إِلاّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ }.



يقول تعالـى ذكره: وقال الذين أشركوا بـالله
فعبدوا الأوثان والأصنام من دون الله: ما نعبد هذه الأصنام إلا لأن الله قد رضي
عبـادتنا هؤلاء، ولا نـحرم ما حرمنا من البحائر والسوائب إلا أن الله شاء منا ومن
آبـائنا تـحريـمناها ورضيه، لولا ذلك لقد غير ذلك ببعض عقوبـاته أو بهدايته إيانا
إلـى غيره من الأفعال. يقول تعالـى ذكره: كذلك فعل الذين من قبلهم من الأمـم
الـمشركة الذين استنّ هؤلاء سنتهم، فقالوا مثل قولهم، وسلكوا سبـيـلهم فـي تكذيب
رسل الله واتبـاع أفعال آبـائهم الضلال. وقوله: فَهَلْ علـى الرّسُلِ إلاّ
البَلاغُ الـمُبِـينُ يقول جلّ ثناؤه: فهل أيها القائلون لو شاء الله ما أشركنا
ولا آبـاؤنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:48 pm

علـى
رسلنا الذين نرسلهم بـانذاركم عقوبتنا علـى كفركم، إلا البلاغ الـمبـين يقول: إلا
أن تبلغكم ما أرسلنا إلـيكم من الرسالة. ويعنـي بقوله الـمُبِـينُ: الذي يبـين عن
معناه لـمن أبلغه، ويفهمه من أرسل إلـيه.



الآية : 36


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ
الْطّاغُوتَ فَمِنْهُم مّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُمْ مّنْ حَقّتْ عَلَيْهِ
الضّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذّبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولقد بعثنا أيها الناس فـي
كلّ أمة سلفت قبلكم رسولاً كما بعثنا فـيكم بأن اعبدوا الله وحده لا شريك له
وأفردوا له الطاعة وأخـلصوا له العبـادة، وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ يقول: وابعدوا
من الشيطان، واحذروا أن يغويكم ويصدّكم عن سبـيـل الله فتضلوا. فَمِنْهُمْ مَنْ
هَدَى اللّهُ يقول: فمـمن بعثنا فـيهم رسلنا من هدى الله، فوفّقه لتصديق رسله
والقبول منها والإيـمان بـالله والعمل بطاعته، ففـاز وأفلـح ونـجا من عذاب الله
وَمِنْهُمْ مَنْ حَقّتْ عَلَـيْهِ الضّلالَةُ يقول: ومـمن بعثنا رسلنا إلـيه من
الأمـم آخرون حقّت علـيهم الضلالة، فجاروا عن قصد السبـيـل، فكفروا بـالله وكذّبوا
رسله واتبعوا الطاغوت، فأهلكهم الله بعقابه وأنزل علـيهم بأسه الذي لا يردّ عن
القوم الـمـجرمين. فَسِيرُوا فِـي الأرْضِ فـانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ
الـمُكَذّبِـينَ يقول تعالـى ذكره لـمشركي قريش: إن كنتـم أيها الناس غير مصدّقـي
رسولنا فـيـما يخبركم به عن هؤلاء الأمـم الذين حلّ بهم ما حلّ من بأسنا بكفرهم
بـالله وتكذيبهم رسوله، فسيروا فـي الأرض التـي كانوا يسكنونها والبلاد التـي
كانوا يعمرونها فـانظروا إلـى آثار الله فـيهم وآثار سخطه النازل بهم، كيف أعقبهم
تكذيبهم رسل الله ما أعقبهم، فإنكم ترون حقـيقة ذلك وتعلـمون به صحة الـخبر الذي
يخبركم به مـحمد صلى الله عليه وسلم.



الآية : 37


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِن تَحْرِصْ
عَلَىَ هُدَاهُمْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلّ وَمَا لَهُمْ مّن
نّاصِرِينَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: إن تـحرص يا مـحمد علـى هدى هؤلاء الـمشركين إلـى الإيـمان بـالله واتبـاع
الـحقّ فإنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلّ.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامّة
قرّاء الكوفـيـين: فإنّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ يَضِلّ بفتـح الـياء من «يهدي»،
وضمها من «يضلّ». وقد اختلف فـي معنى ذلك قارئوه كذلك، فكان بعض نـحويـي الكوفة
يزعم أن معناه: فإن الله من أضله لا يهتدي، وقال: العرب تقول: قد هُدي الرجل
يريدون قد اهتدى، وهُدي واهتدى بـمعنى واحد. وكان آخرون منهم يزعمون أن معناه: فإن
الله لا يهدي من أضله، بـمعنى: أن من أضله الله فإن الله لا يهديه. وقرأ ذلك عامّة
قرّاء الـمدينة والشام والبصرة: «فإنّ اللّهَ لاَ يُهْدَى» بضم الـياء من «يُهدى»
ومن «يُضل» وفتـح الدال من «يُهدَى» بـمعنى: من أضله الله فلا هادي له.



وهذه القراءة أولـى القراءتـين عندي بـالصواب،
لأن يَهْدي بـمعنى يهتدى قلـيـل فـي كلام العرب غير مستفـيض، وأنه لا فـائدة فـي
قول قائل: من أضله الله فلا يهديه، لأن ذلك مـما لا يجهله أحد. وإذ كان ذلك كذلك،
فـالقراءة بـما كان مستفـيضا فـي كلام العرب من اللغة بـما فـيه الفـائدة العظيـمة
أولـى وأحرى.



فتأويـل الكلام لو كان الأمر علـى ما وصفنا: إن
تـحرص يا مـحمد علـى هداهم، فإن من أضله الله فلا هادي له، فلا تـجهد نفسك فـي
أمره وبلغه ما أرسلت به لتتـمّ علـيه الـحجة. وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يقول:
وما لهم من ناصر ينصرهم من الله إذا أراد عقوبتهم، فـيحول بـين الله وبـين ما أراد
من عقوبتهم.



وفـي قوله: إنْ تَـحْرِصْ لغتان: فمن العرب من
يقول: حَرَصَ يَحْرِصُ بفتـح الراء فـي فعَل وكسرها فـي يفعل. وحَرِصَ يَحْرَصُ
بكسر الراء فـي فعِل وفتـحها فـي يفعَل. والقراءة علـى الفتـح فـي الـماضي والكسر
فـي الـمستقبل، وهي لغة أهل الـحجاز.






الآية : 38


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَأَقْسَمُواْ
بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىَ وَعْداً
عَلَيْهِ حَقّاً وَلـَكِنّ أَكْثَرَ الْنّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وحلف هؤلاء الـمشركون من
قريش بـالله جَهْد أيْـمانِهِمْ حلفهم، لا يبعث الله من يـموت بعد مـماته، وكذبوا
وأبطلوا فـي أيـمانهم التـي حلفوا بها كذلك، بل سيبعثه الله بعد مـماته، وعدا
علـيه أن يبعثهم وعد عبـاده، والله لا يخـلف الـميعاد. ولَكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا
يَعْلَـمُونَ يقول: ولكن أكثر قريش لا يعلـمون وعد الله عبـاده أنه بـاعثهم يوم
القـيامة بعد مـماتهم أحياء.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



16302ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد،
قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وأقْسَمُوا بـاللّهِ جَهْدَ أيـمَانِهِمْ لا
يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَـمُوتُ تكذيبـا بأمر الله أو بأمرنا، فإن الناس صاروا فـي
البعث فريقـين: مكذّب ومصدّق. ذُكر لنا أن رجلاً قال لابن عبـاس: إن ناسا بهذا
العراق يزعمون أن علـيّا مبعوث قبل يوم القـيامة، ويتأوّلون هذه الاَية فقال ابن
عبـاس: كذب أولئك، إنـما هذه الاَية للناس عامّة، ولعمري لو كان علـيّ مبعوثا قبل
يوم القـيامة ما أنكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه



16303ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: قال ابن عبـاس: إن رجالاً يقولون: إن
علـيّا مبعوث قبل يوم القـيامة، ويتأوّلون: وأقْسَمُوا بـاللّهِ جَهْدَ
أيـمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَـمُوتُ بَلـى وَعْدا عَلَـيْهِ حَقّا
وَلكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَـمُونَ قال: لو كنا نعلـم أن علـيّا مبعوث، ما
تزوّجنا نساءه ولا قسمنا ميراثه، ولكن هذه للناس عامة.



16304ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال:
حدثنا عبد الله، عن أبـيه، عن الربـيع، فـي قوله: وأقْسَمُوا بـاللّهِ جَهْدَ
أيـمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَـمُوتُ قال: حلف رجل من أصحاب النبـيّ صلى
الله عليه وسلم عند رجل من الـمكذّبـين، فقال: والذي يرسل الروح من بعد الـموت
فقال: وإنك لتزعم أنك مبعوث من بعد الـموت؟ وأقسم بـالله جهد يـمينه لا يبعث الله
من يـموت.



16305ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن أبـي جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية، قال: كان لرجل من
الـمسلـمين علـى رجل من الـمشركين دين، فأتاه يتقاضاه، فكان فـيـما تكلـم به:
والذي أرجوه بعد الـموت إنه لكذا فقال الـمشرك: إنك تزعم أنك تُبعث بعد الـموت؟ فأقسم
بـالله جهد يـمينه لا يبعث الله من يـموت فأنزل الله: وأقْسَمُوا بـاللّهِ جَهْدَ
أيـمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَـمُوتُ بَلـى وَعْدا عَلَـيْهِ حَقّا
وَلكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَـمُونَ.



16306ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن عطاء بن أبـي ربـاح أنه أخبره أنه سمع أبـا هريرة يقول: «قال الله:
سبنـي ابن آدم، ولـم يكن ينبغي له أن يسبنـي، وكذّبنـي ولـم يكن ينبغي له أن
يكذّبنـي فأما تكذيبه إياي فقال: وأقْسَمُوا بـاللّهِ جَهْدَ أيـمَانِهِمْ لا
يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَـمُوتُ قال: قلت: بَلـى وَعْدا عَلَـيْهِ حَقّا. وأما
سَبّه إياي فقال: إنّ اللّهَ ثالثُ ثَلاثَةٍ، وقلت: قُلْ هُوَ اللّهُ أحَدٌ اللّهُ
الصّمَدُ لَـمْ يَـلِدْ ولَـمْ يُولَدْ ولَـمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوا أحَدٌ».






الآية : 39


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {لِيُبَيّنَ
لَهُمُ الّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الّذِينَ كَفَرُواْ أَنّهُمْ
كَانُواْ كَاذِبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: بل لَـيبعثنّ الله من
يـموت وعدا علـيه حقّا، لـيبـين لهؤلاء الذين يزعمون أن الله لا يبعث من يـموت
ولغيرهم الذي يختلفون فـيه من إحياء الله خـلقه بعد فنائهم، ولـيعلـم الذين جحدوا
صحة ذلك وأنكروا حقـيقته أنهم كانوا كاذبـين فـي قـيـلهم لا يبعث الله من يـموت.
كما:



16307ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: لِـيُبَـيّنَ لَهُمُ الّذِي يَخْتَلِفُونَ فِـيهِ قال:
للناس عامّة.






الآية : 40 و 41


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {إِنّمَا
قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * وَالّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِنْ بَعْدِ
مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوّئَنّهُمْ فِي الدّنْيَا حَسَنَةً وَلأجْرُ الاَخِرَةِ
أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: إنا إذا أردنا أن نبعث من
يـموت فلا تعب علـينا ولا نصب فـي إحيائناهم، ولا فـي غير ذلك مـما نـخـلق ونكوّن
ونـحدث لأنا إذا أردنا خـلقه وإنشاءه فإنـما نقول له كن فـيكون، لا معاناة فـيه
ولا كُلفة علـينا.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: «يكون» فقرأه
أكثر قرّاء الـحجاز والعراق علـى الابتداء، وعلـى أن قوله: إنّـمَا قَوْلُنَا
لِشَيْءٍ إذَا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ كلام تامّ مكتف بنفسه عما بعده، ثم
يبتدأ فـيقال: «فـيكونُ»، كما قال الشاعر:



(يُريدُ
أنْ يُعْرِبَهُ فـيعجِمُهْ )



وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل الشام وبعض الـمتأخرين
من قرّاء الكوفـيـين: «فَـيَكُونَ» نصبـا، عطفـا علـى قوله: أنْ نَقُولَ لَهُ.
وكأن معنى الكلام علـى مذهبهم: ما قولنا لشيء إذا أردناه إلاّ أن نقول له: كن،
فـيكون. وقد حُكي عن العرب سماعا: أريد أن آتـيك فـيَـمْنَعَنـي الـمطر، عطفـا ب
«يَـمْنَعَنـي» علـى «آتـيك».



وقوله: وَالّذِينَ هاجَرُوا فـي اللّهِ مِنْ
بَعْدِ ما ظُلِـمُوا لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي الدّنْـيا حَسَنَةً يقول تعالـى ذكره:
والذين فـارقوا قومهم ودورهم وأوطانهم عداوة لهم فـي الله علـى كفرهم إلـى آخرين
غيرهم. مِنْ بَعْدِ ما ظُلِـمُوا يقول: من بعد ما نـيـل منهم فـي أنفسهم
بـالـمكاره فـي ذات الله. لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي الدّنْـيا حَسَنَةً يقول:
لنسكننهم فـي الدنـيا مسكنا يرضونه صالـحا.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16308ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَالّذِينَ هاجَرُوا فِـي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِـمُوا
لَنُبَوّئَنّهُمْ قال: هؤلاء أصحاب مـحمد ظلـمهم أهل مكة، فأخرجوهم من ديارهم حتـى
لـحق طوائف منهم بـالـحبشة، ثم بوأهم الله الـمدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة،
وجعل لهم أنصارا من الـمؤمنـين.



16309ـ حُدثت عن القاسم بن سلام، قال: حدثنا
هشيـم، عن داود بن أبـي هند، عن الشعبـي: لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي الدّنْـيا
حَسَنَةً قال: الـمدينة.



16310ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَالّذِينَ
هاجَرُوا فِـي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِـمُوا لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي الدّنْـيا
حَسَنَةً قال: هم قوم هاجروا إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة بعد
ظلـمهم، وظَلَـمَهُم الـمشركون.



وقال آخرون: عنى بقوله: لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي
الدّنْـيا حَسَنَةً لنرزقنهم فـي الدنـيا رزقا حسنا. ذكر من قال ذلك:



16311ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد لَنُبَوّئَنّهُمْ لنرزقنهم فـي الدنـيا رزقا حسنا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16312ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا القاسم، قال:
حدثنا هشيـم، عن العوامّ، عمن حدثه أن عمر بن الـخطاب كان إذا أعطى الرجل من
الـمهاجرين عطاءه يقول: خذ بـارك الله لك فـيه، هذا ما وعدك الله فـي الدنـيا، وما
ذخره لك فـي الاَخرة أفضل. ثم تلا هذه الاَية: لَنُبَوّئَنّهُمْ فِـي الدّنْـيا
حَسَنَةً ولأَجْرُ الاَخرَةِ أكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَـمُونَ.



وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
معنى لَنُبَوّئَنّهُمْ: لنـحلنهم ولنسكننهم، لأن التبوأ فـي كلام العرب الـحلول
بـالـمكان والنزول به. ومنه قول الله تعالـى: وَلَقَدْ بَوّأْنا بَنـي إسْرَائيـلَ
مُبَوّأَ صدْق. وقـيـل: إن هذه الاَية نزلت فـي أبـي جندل بن سهيـل. ذكر من قال
ذلك:



16313ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق،
قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا جعفر بن سلـيـمان، عن داود بن أبـي هند، قال:
نزلت والّذِينَ هاجَرُوا فِـي اللّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِـمُوا... إلـى قوله:
وَعَلـى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ فـي أبـي جندل بن سهيـل.



وقوله: وَلأَجْرُ الاَخِرَةِ أكْبَرُ لَوْ
كانُوا يَعْلَـمُونَ يقول: ولثواب الله إياهم علـى هجرتهم فـيه فـي الاَخرة أكبر،
لأن ثوابه إياهم هنالك الـجنة التـي يدوم نعيـمها ولا يبـيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:48 pm

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك
قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16314ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قال: قال الله: وَلأَجْرُ الاَخرَةِ أكْبَرُ أي والله لـما
يثـيبهم الله علـيه من جنته أكبر لَوْ كانُوا يَعْلَـمُونَ.












الآية : 42


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {الّذِينَ
صَبَرُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم،
وآتـيناهم الثواب الذي ذكرناه، الذين صبروا فـي الله علـى ما نابهم فـي الدنـيا.
وَعَلـى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ يقول: وبـالله يثقون فـي أمورهم، وإلـيه يستندون
فـي نوائب الأمور التـي تنوبهم.






الآية : 43


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَمَآ
أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ
الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: وما أرسلنا من قبلك يا مـحمد إلـى أمة من الأمـم، للدعاء إلـى توحيدنا
والانتهاء إلـى أمرنا ونهينا، إلاّ رجالاً من بنـي آدم نوحي إلـيهم وحينا لا
ملائكة، يقول: فلـم نرسل إلـى قومك إلاّ مثل الذي كنا نرسل إلـى من قَبلهم من
الأمـم من جنسهم وعلـى منهاجهم. فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ يقول لـمشركي قريش:
وإن كنتـم لا تعلـمون أن الذين كنا نرسل إلـى من قبلكم من الأمـم رجال من بنـي آدم
مثل مـحمد صلى الله عليه وسلم وقلتـم هم ملائكة أي ظننتـم أن الله كلـمهم قبلاً،
فـاسْئَلُوا أَهْلَ الذّكْرِ وهم الذين قد قرءوا الكتب من قبلهم: التوراة
والإنـجيـل، وغير ذلك من كتب الله التـي أنزلها علـى عبـاده.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16315ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا
الـمـحاربـيّ، عن لـيث، عن مـجاهد: فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ قال: أهل التوراة.



16316ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا
الـمـحاربـي، عن سفـيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله: فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ
قال: سمعنا أنه من أسلـم من أهل التوراة والإنـجيـل.



16317ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: وَما أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاّ
رِجالاً نُوحِي إلَـيْهِمْ فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا
تَعْلَـمُونَ قال: هم أهل الكتاب.



16318ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عبـيد الله،
عن إسرائيـل، عن أبـي يحيى، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس: فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ
إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ قال: قال لـمشركي قريش: إن مـحمدا فـي التوراة
والإنـجيـل.



16319ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن
سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق، عن الضحاك عن ابن عبـاس، قال: لـما
بعث الله مـحمدا رسولاً، أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، وقالوا: الله أعظم من
أن يكون رسوله بشرا مثل مـحمد. قال: فأنزل الله: أكانَ للنّاسِ عَجَبـا أنْ
أوْحَيْنا إلـى رَجُلٍ مِنْهُمْ وقال: وَما أرْسلنَا مِنْ قبلكَ إلاّ رِجالاً
نُوحِي إلَـيهِمْ فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ
بـالبـيّناتِ والزّبُرِ فـاسئلوا أهل الذكر: يعنـي أهل الكتب الـماضية، أبشرا كانت
الرسل التـي أتتكم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة أنكرتـم، وإن كانوا بشرا فلا
تنكروا أن يكون مـحمد رسولاً. قال: ثم قال: وما أرْسَلْنَا منْ قَبْلك إلاّ
رِجَالاً نُوحي إلـيهم مِنْ أهْلِ القُرَى أي لـيسوا من أهل السماء كما قلتـم.



وقال آخرون فـي ذلك ما:


16320ـ حدثنا به ابن وكيع، قال: حدثنا ابن
يـمان، عن إسرائيـل، عن جابر، عن أبـي جعفر: فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ
كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ قال: نـحن أهل الذكر.



16321ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: فـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُـمْ لا تَعْلَـمُونَ
قال: الذكر: القرآن. وقرأ: إنّا نَـحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وإنّا لَهُ
لَـحافظُونَ، وقرأ: إنّ الّذِينَ كَفَرُوا بـالذّكْرِ لَـمّا جاءَهُمْ... الاَية.



الآية : 44


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {بِالْبَيّنَاتِ
وَالزّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنّاسِ مَا نُزّلَ
إِلَيْهِمْ وَلَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أرسلنا بـالبـينات
والزّبُر رجالاً نوحي إلـيهم.



فإن قال قائل: وكيف قـيـل بـالبـينات والزّبُر؟
وما الـجالب لهذه البـاء فـي قوله بـالبَـيّناتِ فإن قلت: جالبها قوله أرْسَلْنَا
وَهي من صلته، فهل يجوز أن تكون صلة «ما» قبل «إلاّ» بَعدها؟ وإن قلت: جالبها غير
ذلك، فما هو؟ وأين الفعل الذي جلبها؟ قـيـل: قد اختلف أهل العربـية فـي ذلك، فقال بعضهم:
البـاء التـي فـي قوله: «بـالبَـيّناتِ» من صلة «أرسلنا»، وقال: «إلاّ» فـي هذا
الـموضع، ومع الـجحد والاستفهام فـي كلّ موضع بـمعنى «غير». وقال: معنى الكلام:
وما أرسلنا من قبلك بـالبـينات والزبر غير رجال نوحي إلـيهم، ويقول علـى ذلك: ما
ضرب إلاّ أخوك زيدا، وهل كلـم إلاّ أخوك عمرا، بـمعنى: ما ضرب زيدا غير أخيك، وهل
كلـم عمرا إلاّ أخوك؟ ويحتـجّ فـي ذلك بقول أوْس بن حَجَر:



أبَنِـي لُبَـيْنَى لَسْتُـمُ بِـيَدٍإلا يَدٍ
لَـيْسَتْ لَهَا عَضُدُ



ويقول: لو كانت «إلا» بغير معنى لفسد الكلام،
لأن الذي خفض البـاء قبل «إلا» لا يقدر علـى إعادته بعد «إلا» لـخفض الـيد
الثانـية، ولكن معنى «إلا» معنى «غير». ويستشهد أيضا بقول الله عزّ وجلّ: لَوْ
كانَ فِـيهِما آلِهَةٌ إلاّ اللّهُ ويقول: «إلا» بـمعنى «غير» فـي هذا الـموضع.
وكان غيره يقول: إنـما هذا علـى كلامين، يريد: وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً
أرسلنا بـالبـينات والزبر. قال: وكذلك قول القائل: ما ضرب إلا أخوك زيدا معناه: ما
ضرب إلا أخوك، ثم يبتدىء ضرب زيدا، وكذلك ما مَرّ إلا أخوك بزيد ما مرّ إلا أخوك،
ثم يقول: مرّ بزيد ويستشهد علـى ذلك ببـيت الأعشى:



ولَـيْسَ مُـجِيرا إنْ أتَـى الـحَيّ خائِفٌوَلا
قائِلاً إلاّ هُوَ الـمُتَعَيّبـا



ويقول: لو كان ذلك علـى كلـمة لكان خطأ، لأن
«الـمُتَعَيّبـا» من صلة القائل، ولكن جاز ذلك علـى كلامين. وكذلك قول الاَخر:



نُبّئْتُهُمْ عَذّبُوا بـالنّارِ جارَهُمُوَهَلْ
يُعَذّبُ إلاّ اللّهُ بـالنّارِ



فتأويـل الكلام إذن: وما أرسلنا من قبلك إلاّ
رجالاً نوحي إلـيهم أرسلناهم بـالبـينات والزبر، وأنزلنا إلـيك الذكر. والبـينات:
هي الأدلة والـحجج التـي أعطاها الله رسله أدلة علـى نبوّتهم شاهدة لهم علـى
حقـيقة ما أتوا به إلـيهم من عند الله. والزّبُر: هي الكتب، وهي جمع زَبُور، من
زَبَرْت الكتاب وذَبَرته: إذا كتبته.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16322ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: بـالبَـيّناتِ والزّبُرِ
قال: الزبر: الكتب.



16323ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: بـالبَـيّناتِ والزّبُرِ قال: الاَيات.
والزبر: الكتب.



16324ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الزّبُر: الكُتُب.



16325ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَالزّبُرِ
يعنـي: بـالكتب.



وقوله: وأنْزَلْنا إلَـيْكَ الذّكْرَ يقول:
وأنزلنا إلـيك يا مـحمد هذا القرآن تذكيرا للناس وعظة لهم. لِتُبَـيّنَ للنّاسِ
يقول: لتعرفهم ما أنزل إلـيهم من ذلك. وَلَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ يقول:
ولـيتذكروا فـيه ويعتبروا به أي بـما أنزلنا إلـيك. وقد:



16326ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال:
حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا الثوري، قال: قال مـجاهد: وَلَعَلّهُمْ
يَتَفَكّرُونَ قال: يطيعون.



الآية : 45


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {أَفَأَمِنَ
الّذِينَ مَكَرُواْ السّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ
يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: أفأمن الذين ظلـموا
الـمؤمنـين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فراموا أن يفتنوهم عن دينهم من
مشركي قريش الذين قالوا إذ قـيـل لهم ماذا أنزل ربكم: أساطير الأوّلـين، صدّا منهم
لـمن أراد الإيـمان بـالله عن قصد السبـيـل، أن يخسف الله بهم الأرض علـى كفرهم
وشركهم، أو يأتـيهم عذاب الله من مكان لا يشعر به ولا يدري من أين يأتـيه؟ وكان
مـجاهد يقول: عنى بذلك نـمرود بن كنعان.



16327ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا عن ابن
أبـي نـجيح عن مـجاهد: أفَأمِنَ الّذِينَ مَكَرُوا السّيّئاتِ أنْ يَخْسِفَ اللّهُ
بِهِمُ الأرْضَ... إلـى قوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوّفٍ قال: هو نـمرود بن
كنعان وقومه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وإنـما اخترنا القول الذي قلناه فـي تأويـل
ذلك، لأن ذلك تهديد من الله أهل الشرك به، وهو عقـيب قوله: وَما أرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ إلاّ رِجالاً نُوحِي إلَـيْهِمْ فَـاسْئَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ
كُنْتُـمْ لا تَعلَـمونَ فكان تهديد من لـم يقرّ بحجة الله الذي جرى الكلام بخطابه
قبل ذلك أحرى من الـخبر عمن انقطع ذكره عنه.



وكان قتادة يقول فـي معنى السيئات فـي هذا
الـموضع، ما:



16328ـ حدثنا به بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد،
قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أفَأمنَ الّذِينَ مَكَرُوا السّيّئاتِ: أي
الشرك.



الآية : 46 و 47


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {أَوْ
يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىَ تَخَوّفٍ فَإِنّ
رَبّكُمْ لَرَؤُوفٌ رّحِيمٌ }.



يعنـي تعالـى ذكره بقوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ
فِـي تَقَلّبِهِمْ أو يهلكهم فـي تصرّفهم فـي البلاد وتردّدهم فـي أسفـارهم. فمَا
هُمْ بِـمعجِزِين يقول جلّ ثناؤه: فإنهم لا يعجزون الله من ذلك إن أراد أخذهم
كذلك.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16329ـ حدثنـي الـمثنى وعلـيّ بن داود، قالا:
حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: أوْ
يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلّبِهِمْ يقول: فـي اختلافهم.



16330ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ
فِـي تَقَلّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِـمُعْجِزِينَ قال: إنْ شئت أخذته فـي سفر.



16331ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلّبِهِمْ فـي أسفـارهم.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة، مثله.



وقال ابن جريج فـي ذلك ما:


16332ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج: أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلّبِهِمْ قال: التقلب: أن
يأخذهم بـاللـيـل والنهار.



وأما قوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوّفٍ
فإنه يعنـي: أو يهلكهم بتـخوّف، وذلك بنقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء
حتـى يهلك جميعهم، يقال منه: تـخوّف مال فلان الإنفـاق: إذا انتقصه، ونـحو تـخوّفه
من التـخوّف بـمعنى التنقص، وقول الشاعر:



تَـخَوّفَ السّيْرُ مِنْها تامِكا قَرِداكما
تَـخَوّفَ عُودَ النّبْعَةِ السّفَنُ



يعنـي بقوله: تـخوّف السير: تنقص سَنامها. وقد
ذكرنا عن الهيثم بن عديّ أنه كان يقول: هي لغة لأزد شَنوءة معروفة لهم ومنه قول
الاَخر:



تَـخَوّفَ عَدْوُهُمْ مالـي وأهْدَىسَلاسِل فـي
الـحُلُوقِ لَهَا صَلِـيـلُ



وكان الفرّاء يقول: العرب تقول: تـحوّفته: أي
تنقصته، تـحوّفـا: أي أخذته من حافـاته وأطرافه، قال: فهذا الذي سمعته، وقد أتـى
التفسير بـالـحاء وهما بـمعنى. قال: ومثله ما قرىء بوجهين قوله: إن لكَ فـي
النّهارِ سَبْحا و «سَبْخا».



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16333ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
الـمسعودي، عن إبراهيـم بن عامر بن مسعود، عن رجل، عن عُمَر أنه سألهم عن هذه
الاَية: أوْ يَأْخُذَهُمْ فِـي تَقَلّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِـمُعْجِزِينَ أوْ
يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوّفٍ فقالوا: ما نرى إلاّ أنه عند تنقص ما يردّده من
الاَيات، فقال عمر: ما أرى إلاّ أنه علـى ما تنتقصون من معاصي الله. قال: فخرج رجل
مـمن كان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:49 pm

عند
عمر، فلقـى أعرابـيّا، فقال: يا فلان ما فعل ربك؟ قال: قد تَـخَيفته، يعنـي
تنقصته. قال: فرجع إلـى عمر فأخبره، فقال: قدّر الله ذلك.



16334ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى
تَـخُوّفٍ يقول: إن شئت أخذته علـى أثر موت صاحبه وتـخوّف بذلك.



16335ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخراسانـيّ، عن ابن عبـاس: علـى تَـخَوّفٍ قال:
التنقص والتفزيع.



16336ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى
تَـخَوّفٍ علـى تنقص.



حدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال:
حدثنا ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء
جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: علـى تَـخَوّفٍ قال: تنقص.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة، قال:
حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.



16337ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: أو يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوّفٍ فـيعاقب أو يتـجاوز.



16338ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ علـى تَـخَوّفٍ قال: كان يقال: التـخوّف:
التنقّص، ينتقصهم من البلدان من الأطراف.



16339ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: أوْ يَأْخُذَهُمْ
علـى تَـخَوّفٍ يعنـي: يأخذ العذاب طائفة ويترك أخرى، ويعذّب القرية ويهلكها،
ويترك أخرى إلـى جنبها.



وقوله: فإنّ رَبّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيـمٌ يقول:
فإن ربكم إن لـم يأخذ هؤلاء الذين مكروا السيئات بعذاب معجّل لهم، وأخذهم بـموت
وتنقص بعضهم فـي أثر بعض، لرءوف بخـلقه، رحيـم بهم، ومن رأفته ورحمته بهم لـم يخسف
بهم الأرض، ولـم يعجّل لهم العذاب، ولكن يخوّفهم وينقّصهم بـموت.






الآية : 48


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {أَوَ لَمْ
يَرَوْاْ إِلَىَ مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ
الْيَمِينِ وَالْشّمَآئِلِ سُجّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ }.



اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامّة
قرّاء الـحجاز والـمدينة والبصرة: أو لَـمْ يَرَوْا بـالـياء علـى الـخبر عن الذين
مكروا السيئات. وقرأ ذلك بعض قراء الكوفـيـين: «أو لَـمْ تَرَوا» بـالتاء علـى
الـخطاب.



وأولـى القراءتـين عندي الصواب قراءة من قرأ
بـالـياء علـى وجه الـخبر عن الذين مكروا السيئات لأن ذلك فـي سياق قَصَصِهم
والـخبر عنهم، ثم عقب ذلك الـخبر عن ذهابهم عن حجة الله علـيهم وتركهم النظر فـي
أدلته والاعتبـار بها. فتأويـل الكلام إذن: أو لـم ير هؤلاء الذين مكروا السيئات
إلـى ما خـلق الله من جسم قائم شجر أو جبل أو غير ذلك يَتَفَـيّأُ ظِلالَهُ عَنِ
الـيَـمِينِ والشّمَائِلِ يقول: يرجع من موضع إلـى موضع، فهو فـي أوّل النهار علـى
حال، ثم يتقلّص، ثم يعود إلـى حال أخرى فـي آخر النهار.



وكان جماعة من أهل التأويـل يقولون فـي
الـيـمين والشمائل ما:



16340ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد عن قتادة، قوله: أو لَـمْ يَرَوْا إلـى ما خَـلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ
يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ عَنِ الـيَـمِينِ والشمائِلِ سُجّدا لِلّهِ أما الـيـمين:
فأوّل النهار وأما الشمال: فآخر النهار.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنـحوه.



16341ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج: يَتَفَـيّأُ ظِلالُه عَنِ الـيَـمِينِ والشّمائِلِ قال:
الغدوّ والاَصال، إذا فـاءت الظّلال ظلال كلّ شيء بـالغدوّ سجدت لله، وإذا فـاءت
بـالعشيّ سجدت لله.



16342ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: يَتَفَـيّأُ
ظِلالُه عَنِ الـيَـمِينِ والشّمائِلِ يعنـي: بـالغدوّ والاَصال، تسجد الظلال لله
غدوة إلـى أن يفـىء الظلّ، ثم تسجد لله إلـى اللـيـل، يعنـي: ظلّ كلّ شيء.



وكان ابن عبـاس يقول فـي قوله يَتَفَـيّأُ
ظِلالُهُ ما:



16343ـ حدثنا الـمثنى، قال: أخبرنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ يقول:
تتـميـل.



واختلف فـي معنى قوله: سُجّدا لِلّهِ فقال
بعضهم: ظلّ كلّ شيء سجوده. ذكر من قال ذلك:



16344ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى، قال:
حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ قال: ظلّ كلّ شيء
سجوده.



16345ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا إسحاق
الرازيّ، عن أبـي سنان، عن ثابت عن الضحاك: يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ قال: سجد ظلّ
الـمؤمن طوعا، وظلّ الكافر كَرْها.



وقال آخرون: بل عنى بقوله يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ
كلاّ عن الـيـمين والشمائل فـي حال سجودها، قالوا: وسجود الأشياء غير ظلالها. ذكر
من قال ذلك:



16346ـ حدثنا ابن حميد وحدثنـي نصر بن عبد
الرحمن الأَوديّ، قالا: حدثنا حَكّام، عن أبـي سنان، عن ثابت عن الضحاك، فـي قول
الله: أو لَـمْ يَرَوْا إلـى ما خَـلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ
قال: إذا فـاء الفـيء توجه كلّ شيء ساجدا قبَل القبلة من نبت أو شجر، قال: فكانوا
يستـحبون الصلاة عند ذلك.



16347ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا
الـحِمّانـيّ، قال: حدثنا يحيى بن يـمان، قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن مـجاهد
فـي قول الله: يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ قال: إذا زالت الشمس سجد كلّ شيء لله عزّ
وجلّ.



وقال آخرون: بل الذي وصف الله بـالسجود فـي هذه
الاَية ظلال الأشياء، فإنـما يسجد ظلالها دون التـي لها الظلال. ذكر من قال ذلك:



16348ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: أو لَـمْ يَرَوْا إلـى ما خَـلَقَ
اللّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَـيأُ ظِلالُهُ قال: هو سجود الظلال، ظلال كلّ شيء ما فـي
السموات وما فـي الأرض من دابة، قال: سجود ظلال الدوابّ، وظلال كلّ شيء.



16349ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: أو لَـمْ يَرَوْا
إلـى ما خَـلَقَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَـيّأُ ظِلالُهُ ما خـلق من كلّ شيء عن
يـمينه وشمائله، فلفظ ما لفظ عن الـيـمين والشمائل، قال: ألـم تر أنك إذا صلـيت
الفجر كان ما بـين مطلع الشمس إل مغربها ظلاّ؟ ثم بعث الله علـيه الشمس دلـيلاً،
وقبض الله الظلّ.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن
الله أخبر فـي هذه الاَية أن ظلال الأشياء هي التـي تسجد، وسجودها: مَيَلانها
ودورانها من جانب إلـى جانب وناحية إلـى ناحية، كما قال ابن عبـاس يقال من ذلك:
سجدت النـخـلة إذا مالت، وسجد البعير وأسجد: إذا أميـل للركوب. وقد بـيّنا معنى
السجود فـي غير هذا الـموضع بـما أغنى عن إعادته.



وقوله: وَهُمْ دَاخرُونَ يعنـي: وهم صاغرون،
يقال منه: دخر فلان لله يدخر دخرا ودخورا: إذا ذلّ له وخضع ومنه قول ذي الرّمّة:



فَلَـمْ يَبْقَ إلاّ داخِرٌ فِـي
مُخَيّسٍومُنْـجَحِرٌ فِـي غيرِ أرْضِكَ فـي جُحْرِ



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16350ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَهُمْ دَاخِرُونَ: صاغرون.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16351ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وَهُمْ دَاخِرُونَ: أي صاغرون.



16352ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة مثله.



وأما توحيد الـيـمين فـي قوله: عَنِ
الـيَـمِينِ و «الشّمائِلِ» فجمعها، فإن ذلك إنـما جاء كذلك، لأن معنى الكلام: أو
لـم يروا إلـى ما خـلق الله من شيء يتفـيأ ظلال ما خـلق من شيء عن يـمينه: أي ما
خـلق، وشمائله. فلفظ «ما» لفظ واحد، ومعناه معنى الـجمع، فقال: «عن الـيـمين»
بـمعنى: عن يـمين ما خـلق، ثم رجع إلـى معناه فـي الشمائل. وكان بعض أهل العربـية
يقول: إنـما تفعل العرب ذلك، لأن أكثر الكلام مواجهة الواحد الواحد، فـيقال للرجل:
خذ عن يـمينك، قال: فكأنه إذا وحد ذهب إلـى واحد من القوم، وإذا جمع فهو الذي لا
مساءلة فـيه واستشهد لفعل العرب ذلك بقول الشاعر:



بِفـي الشّامِتِـينَ الصّخْرُ إنْ كانَ
هَدّنِـيرَزِيّةُ شِبْلَـيْ مُخْدِرٍ فـي الضّراغمِ



فقال: «بِفـي الشامتـين»، ولـم يقل: «بأفواه
وقول الاَخر:



الوَارِدُونَ وتَـيْـمٌ فِـي ذَرَا سَبإٍقد عَضّ
أعْناقَهُمْ جِلْدُ الـجَوَامِيسِ



ولـم
يقل: جلود.



الآية : 49


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَلِلّهِ
يَسْجُدُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِن دَآبّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ
لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولله يخضع ويستسلـم لأمره
ما فـي السموات وما فـي الأرض من دابّة يدبّ علـيها، والـملائكة التـي فـي
السموات، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بـالطاعة. وَالّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بـالاَخِرَةِ قُلُوبهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ وظلالهم تتفـيأ عن
الـيـمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون.



وكان بعض نـحويّـي البصرة يقول: اجتزىء بذكر
الواحد من الدوابّ عن ذكر الـجميع. وإنـما معنى الكلام: ولله يسجد ما فـي السموات
وما فـي الأرض من الدوابّ والـملائكة، كما يقال: ما أتانـي من رجل، بـمعنى: ما
أتانـي من الرجال.



وكان بعض نـحويّـي الكوفة يقول: إنـما قـيـل:
من دابة، لأن «ما» وإن كانت قد تكون علـى مذهب الذي، فإنها غير مؤقتة، فإذا أبهمت
غير مؤقتة أشبهت الـجزاء، والـجزاء يدخـل من فـيـما جاء من اسم بعده من النكرة،
فـيقال: من ضربه من رجل فـاضربوه، ولا تسقط «مِن» مِن هذا الـموضع كراهية أن تشبه
أن تكون حالاً ل «من» و «ما»، فجعلوه بـمن لـيدلّ علـى أنه تفسير لـما ومن لأنهما
غير موقتتـين، فكان دخول من فـيـما بعدهما تفسيرا لـمعناهما، وكان دخول من أدلّ
علـى ما لـم يوقت من من وما، فلذلك لـم تلغيا.



الآية : 50


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {يَخَافُونَ
رَبّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: يخاف هؤلاء الـملائكة
التـي فـي السموات وما فـي الأرض من دابة، ربّهم من فوقهم، أن بعذّبهم إن عَصَوا
أمره. ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ يقول: ويفعلون ما أمرهم الله به، فـيؤدّون
حقوقه ويجتنبون سُخْطه.



الآية : 51


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَقَالَ اللّهُ
لاَ تَتّخِذُواْ إِلـَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنّمَا هُوَ إِلـَهٌ وَاحِدٌ فَإيّايَ
فَارْهَبُونِ }.



يقول تعالـى ذكره: وقال الله لعبـاده: لا
تتـخذوا لـي شريكا أيها الناس، ولا تعبدوا معبودَين، فإنكم إذا عبدتـم معنـي غيري
جعلتـم لـي شريكا، ولا شريك لـي، إنـما هو إله واحد ومعبود واحد، وأنا ذلك.
فإيّايَ فـارْهَبُونِ يقول: فإياي فـاتقوا وخافوا عقابـي بـمعصيتكم إياي إن عصيتـمونـي
وعبدتـم غيري، أو أشركتـم فـي عبـادتكم لـي شريكا.



الآية : 52


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَلَهُ مَا فِي
الْسّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَهُ الدّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتّقُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولله ملك ما فـي السموات
والأرض من شيء، لا شريك له فـي شيء من ذلك، هو الذي خـلقهم، وهو الذي يرزقهم،
وبـيده حياتهم وموتهم. وقوله: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا يقول جلّ ثناؤه: وله الطاعة
والإخلاص دائما ثابتا واجبـا، يقال منه: وَصَبَ الدّينُ يَصِبُ وُصُوبـا ووَصْبـا
كما قال الدّيِـلـيّ:



لا أبْتَغِي الـحَمْدَ القَلِـيـلَ
بَقاؤُهُيَوْما بِذَمّ الدّهْرِ أجمَعَ وَاصِبـا



ومنه قول الله: ولَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ وقول
حسان:



غَيّرَتْهُ الرّيحُ تَسْفِـي بِهِوهَزِيـمٌ
رَعْدُهُ وَاصِبُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:50 pm

فأما من الألـم، فإنـما
يقال: وصب الرجل يُوصَبُ وَصَبـا، وذلك إذا أعيا وملّ ومنه قول الشاعر:



لا يغْمِزُ السّاقَ مِنْ أيْنٍ ولا وَصَبٍولا
يعَضّ علـى شُرْسُوفِهِ الصّفَرُ



وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل الواصب،
فقال بعضهم: معناه، ما قلنا. ذكر من قال ذلك:



16353ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن
آدم، عن قـيس، عن الأغرّ بن الصبـاح، عن خـلـيفة بن حصين عن أبـي نضرة، عن ابن
عبـاس: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: دائما.



16354ـ حدثنـي إسماعيـل بن موسى، قال: أخبرنا
شريك، عن أبـي حصين، عن عكرمة، فـي قوله: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: دائما.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن قـيس،
عن يعلـى بن النعمان، عن عكرمة، قال: دائما.



16355ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال أخبرنا: إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء وحدثنـي
الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل جميعا، عن ابن أبـي نـجيح عن
مـجاهد: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: دائما.



حدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: ولَه الدّين وَاصبـا قال: دائما.



16356ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبدة وأبو
معاوية، عن جويبر، عن الضحاك: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: دائما.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا عمرو بن عون،
قال: أخبرنا هُشيـم، عن جويبر، عن الضحاك، مثله.



16357ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا: أي دائما، فإن الله تبـارك وتعالـى لـم
يدع شيئا من خـلقه إلاّ عبده طائعا أو كارها.



16358ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وَاصِبـا قال: دائما، ألا ترى أنه يقول: عَذَابٌ
وَاصِبٌ: أي دائم؟



16359ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: دائما، والواصب: الدائم.



وقال آخرون: الواصب فـي هذا الـموضع: الواجب.
ذكر من قال ذلك:



16360ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن عطية،
عن قـيس، عن يَعْلَـى بن النعمان، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَلَهُ
الدّينُ وَاصِبـا قال: واجبـا.



وكان مـجاهد يقول: معنى الدين فـي هذا الـموضع:
الإخلاص. وقد ذكرنا معنى الدين فـي غير هذا الـموضع بـما أغنى عن إعادته.



16361ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:
وَلَهُ الدّينُ وَاصِبـا قال: الإخلاص.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قال: الدّينُ: الإخلاص.



وقوله: أفَغَيْرَ اللّهِ تَتّقُونَ يقول تعالـى
ذكره: أفغير الله أيها الناس تتقون، أي ترهبون وتـحذرون أن يسلبكم نعمة الله
علـيكم بإخلاصكم العبـادة لربكم، وإفرادكم الطاعة له، وما لكم نافع سواه.



الآية : 53


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَمَا بِكُم مّن
نّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمّ إِذَا مَسّكُمُ الضّرّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }.



اختلف أهل العربـية فـي وجه دخول الفـاء فـي
قوله: فَمِنَ اللّهِ فقال بعض البصريـين: دخـلت الفـاء، لأن «ما» بـمنزلة «من»
فجعل الـخبر بـالفـاء. وقال بعض الكوفـيـين: «ما» فـي معنى جزاء، ولها فعل مضمر،
كأنك قلت: ما يكن بكم من نعمة فمن الله، لأن الـجزاء لا بدّ له من فعل مـجزوم، إن
ظهر فهو جزم، وإن لـم يظهر فهو مضمر كما قال الشاعر:



إن العَقْلُ فـي أموَالِنا لا نَضِقْ بِهِذِرَاعا
وَإنْ صَبْرا فنَعْرِفُ للصّبْرِ



وقال: أراد: إن يكن العقل فأضمره. قال: وإن
جعلت «ما بكم» فـي معنى «الذي» جاز، وجعلت صلته «بكم» و «ما» فـي موضع رفع بقوله:
فَمِنَ اللّهِ وأدخـل الفـاء كما قال: إنّ الـمَوْتَ الّذِي تَفِرّونَ مِنْهُ
فإنّه مُلاقِـيكُمْ وكل اسم وصل مثل «من» و «ما» و «الذي»، فقد يجوز دخول الفـاء
فـي خبره لأنه مضارع للـجزاء والـجزاء قد يجاب بـالفـاء، ولا يجوز أخوك فهو قائم،
لأنه اسم غير موصول، وكذلك تقول: مالك لـي، فإن قلت: مالك، جاز أن تقول: مالك فهو
لـي، وإن ألقـيت الفـاء فصواب.



وتأويـل الكلام: ما يكن بكم فـي أبدانكم أيها
الناس من عافـية وصحة وسلامة وفـي أموالكم من نـماء، فـالله الـمنعم علـيكم بذلك
لا غيره، لأن ذلك إلـيه وبـيده. ثُمّ إذَا مَسّكُمُ الضّرّ يقول: إذا أصابكم فـي
أبدانكم سَقَم ومرض وعلة عارضة وشدّة من عيش، فإلَـيْهِ تَـجْأَرُونَ يقول: فإلـى
الله تصرخون بـالدعاء وتستغيثون به، لـيكشف ذلك عنكم. وأصله: من جؤار الثور، يقال
منه: جأر الثور يجأر جُؤارا، وذلك إذا رفع صوتا شديدا من جوع أو غيره ومنه قول
الأعشى:



وَما أيْبُلِـيّ عَلـى هَيْكَلٍبَناهُ وَصَلّبَ
فِـيهِ وصَارَا



يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ الـمَلِـيكِ طَوْرا
سُجُودا وَطَوْرا جُؤَارا



يعنـي
بـالـجؤار: الصياح، إما بـالدعاء وإما بـالقراءة.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16362ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد، فـي قوله: فإلَـيْهِ تَـجأَرُونَ قال: تضرعون دعاء.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16363ـ حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، رضي الله عنهما، قال: الضّرّ: السّقْم.



الآية : 54 و 55


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {ثُمّ إِذَا
كَشَفَ الضّرّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْكُم بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ
فَتَمَتّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ثم إذا وهب لكم ربكم
العافـية، ورفع عنكم ما أصابكم من الـمرض فـي أبدانكم ومن الشدّة فـي معاشكم،
وفرّج البلاء عنكم إذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبّهِمْ يُشْرِكُونَ يقول: إذا جماعة
منكم يجعلون لله شريكا فـي عبـادتهم، فـيعبدون الأوثان ويذبحون لها الذبـائح شكرا
لغير من أنعم علـيهم بـالفرج مـما كانوا فـيه من الضرّ. لـيَكْفُرُوا بِـمَا
آتَـيْناهُمْ يقول: لـيجحدوا الله نعمته فـيـما آتاهم من كشف الضرّ عنهم.
فَتَـمَتّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَـمُونَ، وهذا من الله وعيد لهؤلاء الذين وصف صفتهم
فـي هذه الاَيات وتهديد لهم، يقول لهم جلّ ثناؤه: تـمتعوا فـي هذه الـحياة الدنـيا
إلـى أن توافـيكم آجالكم، وتبلغوا الـميقات الذي وقته لـحياتكم وتـمتعكم فـيها،
فإنكم من ذلك ستصيرون إلـى ربكم، فتعلـمون بلقائه وبـال ما كسبت أيديكم، وتعرفون
سوء مغبة أمركم، وتندمون حين لا ينفعكم الندم.






الآية : 56


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَيَجْعَلُونَ
لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنّ عَمّا
كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ويجعل هؤلاء الـمشركون من
عَبَدة الأوثان، لـما لا يعلـمون منه ضرّا ولا نفعا نَصِيبـا يقول: حظّا وجزاء
مـما رزقناهم من الأموال، إشراكا منهم له الذي يعلـمون أنه خـلقهم، وهو الذي
ينفعهم ويضرّهم دون غيره. كالذي:



16364ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: ويَجْعَلُونَ لِـمَا لا يَعْلَـمُونَ
نَصِيبـا مِـمّا رزَقْناهُمْ قال: يعلـمون أن الله خـلقهم ويضرّهم وينفعهم، ثم
يجعلون لـما لا يعلـمون أنه يضرّهم ولا ينفعهم نصيبـا مـما رزقناهم.



16365ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: ويَجْعَلُونَ لِـمَا لا يَعْلَـمُونَ نَصِيبـا مِـمّا
رَزَقْناهُمْ وهم مشركو العرب، جعلوا لأوثانهم نصيبـا مـما رزقناهم، وجزءا من
أموالهم يجعلونه لأوثانهم.



16366ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: ويَجْعَلُونَ لِـمَا لا يَعْلَـمُونَ نَصِيبـا مِـمّا
رزَقْناهُمْ قال: جعلوا لاَلهتهم التـي لـيس لها نصيب ولا شيء، جعلوا لها نصيبـا
مـما قال الله من الـحرث والأنعام، يسمون علـيها أسماءها ويذبحون لها.



وقوله: تاللّهِ لَتُسْئَلُنّ عَمّا كُنْتُـمْ
تَفْتَرُونَ يقول تعالـى ذكره: والله أيها الـمشركون الـجاعلون الاَلهة والأنداد
نصيبـا فـيـما رزقناكم شركا بـالله وكفرا، لـيسألنكم الله يوم القـيامة عما كنتـم
فـي الدنـيا تفترون، يعنـي: تـختلقون من البـاطل والإفك علـى الله بدعواكم له
شريكا، وتصيـيركم لأوثانكم فـيـما رزقكم نصيبـا، ثم لـيعاقبنكم عقوبة تكون جزاء
لكفرانكم نعمه وافترائكم علـيه.



الآية : 57 و 58


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَيَجْعَلُونَ
لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مّا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِالاُنْثَىَ ظَلّ
وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره: ومن جهل هؤلاء الـمشركين
وخُبث فعلهم وقبح فِرْيتهم علـى ربهم، أنهم يجعلون لـمن خـلقهم ودبّرهم وأنعم
علـيهم، فـاستوجب بنعمه علـيهم الشكر، واستـحقّ علـيهم الـحمد البَنَاتِ، ولا
ينبغي أن يكون لله ولد ذكر ولا أنثى سبحانه، نزّه جلّ جلاله بذلك نفسه عما أضافوا
إلـيه ونسبوه من البنات، فلـم يرضوا بجهلهم إذ أضافوا إلـيه ما لا ينبغي إضافته
إلـيه. ولا ينبغي أن يكون له من الولد أن يضيفوا إلـيه ما يشتهونه لأنفسهم ويحبونه
لها، ولكنهم أضافوا إلـيه ما يكرهونه لأنفسهم ولا يرضونه لها من البنات ما
يقتلونها إذا كانت لهم. وفـي «ما» التـي فـي قوله: ولَهُمْ ما يَشْتَهُونَ وجهان
من العربـية: النصب عطفـا لها علـى «البنات»، فـيكون معنى الكلام إذا أريد ذلك:
ويجعلون لله البنات ولهم البنـين الذين يشتهون، فتكون «ما» للبنـين، والرفع علـى
أن الكلام مبتدأ من قوله: ولَهُمْ ما يَشْتَهُونَ فـيكون معنى الكلام: ويجعلون لله
البنات ولهم البنون.



وقوله: وَإذَا بُشّرَ أحَدُهُمْ بـالأُنْثَى
ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا يقول: وإذا بشر أحد هؤلاء الذين جعلوا لله البنات بولادة
ما يضيفه إلـيه من ذلك له، ظلّ وجهه مسودّا من كراهته له وَهُوَ كَظِيـمٌ يقول قد
كَظَم الـحزنَ، وامتلأ غمّا بولادته له، فهو لا يظهر ذلك.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16367ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: ويَجْعَلُونَ لِلّهِ
البَناتِ سُبْحانَهُ ولَهُمْ ما يَشْتَهُونَ، ثم قال: وَإذَا بُشّرَ أحَدُهُمْ
بـالأُنثَى ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيـمٌ... إلـى آخر الاَية، يقول: يجعلون
لله البنات ترضونهنّ لـي ولا ترضونهنّ لأنفسكم وذلك أنهم كانوا فـي الـجاهلـية إذا
وُلد للرجل منهم جارية أمسكها علـى هون، أو دسها فـي التراب وهي حية.



16368ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَإذَا بُشّرَ أحَدهُمْ بـالأُنْثى ظَلّ وَجْهَهُ مُسْوَدّا
وَهُوَ كَظِيـمٌ وهذا صنـيع مشركي العرب، أخبرهم الله تعالـى ذكره بخبث صنـيعهم
فأما الـمؤمن فهو حقـيق أن يرضى بـما قسم الله له، وقضاء الله خير من قضاء الـمرء
لنفسه، ولعمري ما يدري أنه خير، لرُبّ جارية خير لأهلها من غلام. وإنـما أخبركم الله
بصنـيعهم لتـجتنبوه وتنتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته.



16369ـ حدثنا
القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن
عبـاس: وَهُوَ كَظِيـمٌ قال: حزين.



16370ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن
عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك، فـي قوله: وَهُوَ كَظِيـمٌ قال:
الكظيـم: الكميد.



وقد بـيّنا ذلك بشواهده فـي غير هذا الـموضع.








الآية : 59


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَتَوَارَىَ
مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوَءِ مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىَ هُونٍ أَمْ
يَدُسّهُ فِي التّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:51 pm

يقول تعالـى ذكره:
يتوارى هذا الـمبشّر بولادة الأنثى من الولد له من القوم، فـيغيب عن أبصارهم مِنْ
سُوءِ ما بُشّرَ بِهِ يعنـي: من مساءته إياه مـميلاً بـين أن يـمسكه علـى هُون: أي
علـى هوان، وكذلك ذلك لغة قريش فـيـما ذكر لـي، يقولون للهوان: الهُون ومنه قول
الـحطيئة:



فلّـما خَشِيتُ الهُونَ والعَيْرُ مُـمْسِكٌعلـى
رَغْمِهِ ما أثبتَ الـحبلَ حافِرُهْ



وبعض بنـي تـميـم جعل الهُونَ مصدرا للشيء
الهين. ذكر الكسائي أنه سمعهم يقولون: إن كنت لقلـيـل هون الـمؤنة منذ الـيوم قال:
وسمعت: الهوان فـي مثل هذا الـمعنى، سمعت منهم قائلاً يقول لبعير له: ما به بأس
غير هوانه، يعنـي خفـيف الثمن، فإذا قالوا: هو يـمشي علـى هَوْنه، لـم يقولوه إلا
بفتـح الهاء، كما قال تعالـى: وَعبـادُ الرّحْمَنِ الّذِينَ يَـمْشُونَ علـى
الأرْضِ هَوْنا. أمْ يَدسّهُ فِـي التّرَابِ يقول: يدفنه حيّا فـي التراب فـيئده.
كما:



16371ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج: أيُـمْسكُهُ علـى هُونٍ أمْ يَدُسّهُ فـي التّرَابِ يئد
ابنته.



وقوله: ألا ساءَ ما يَحْكُمُونَ يقول: ألا ساء
الـحكم الذي يحكم هؤلاء الـمشركون وذلك أن جعلوا لله ما لا يرضون لأنفسهم، وجعلوا
لـما لا ينفعهم ولا يضرّهم شركا فـيـما رزقهم الله، وعبدوا من خـلقهم وأنعم
علـيهم.



الآية : 60


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {لِلّذِينَ لاَ
يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ مَثَلُ السّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأعْلَىَ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.



وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه أن قوله: وَإذَا
بُشّرَ أحدَهُمْ بـالأنْثَى ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيـمٌ، والاَية
التـي بعدها مثل ضربه الله لهؤلاء الـمشركين الذين جعلوا لله البنات، فبـين بقوله:
للّذِينَ لا يُوءْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ مَثَلُ السّوْءِ أنه مثل، وعنى بقوله جلّ
ثناؤه: للّذِينَ لا يُوءْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ للذين لا يصدّقون بـالـمعاد والثواب
والعقاب من الـمشركين مَثَلُ السّوْءِ وهو القبـيح من الـمثل، وما يسوء من ضرب له
ذلك الـمثل. ولِلّهِ الـمَثَلُ الأعْلـى يقول: ولله الـمثل الأعلـى، وهو الأفضل
والأطيب، والأحسن، والأجمل، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16372ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وَلِلّهِ الـمَثَلُ الأعْلَـى قال: شهادة أن لا
إله إلا الله.



16373ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سيعد، عن قتادة، قوله: للّذِينَ لا يُوءْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ مَثَلُ السّوْءِ
وَلِلّهِ الـمَثَلْ الأعْلَـى الإخلاص والتوحيد.



وقوله: وَهُوَ العَزِيرُ الـحَكِيـمُ يقول
تعالـى ذكره: والله ذو العزّة التـي لا يـمتنع علـيه معها عقوبة هؤلاء الـمشركين
الذين وصف صفتهم فـي هذه الاَيات، ولا عقوبة من أراد عقوبته علـى معصيته إياه، ولا
يتعذّر علـيه شيء أراده وشاءه لأن الـخـلق خـلقه والأمر أمره، الـحكيـم فـي
تدبـيره، فلا يدخـل تدبـيره خَـلَل ولا خطأ.



الآية : 61


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَوْ
يُؤَاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِظُلْمِهِمْ مّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبّةٍ وَلَكِن
يُؤَخّرُهُمْ إلَىَ أَجَلٍ مّسَمّىَ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ
سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَلَوْ يُوءَاخِذُ اللّهُ
عصاة بنـي آدم بـمعاصيهم، ما تَرَكَ عَلَـيْها يعنـي علـى الأرض مِنْ دَابّةٍ تدبّ
علـيها. ولَكِنْ يُوءَخّرُهُمْ يقول: ولكن بحلـمه يؤخر هؤلاء الظلـمة فلا يُعاجلهم
بـالعقوبة، إلـى أجَلٍ مُسَمّى يقول: إلـى وقتهم الذي وُقّت لهم. فإذَا جاءَ
أجَلُهُمْ يقول: فإذا جاء الوقت الذي وُقّت لهلاكهم، لا يَسْتَأْخِرُونَ عن الهلاك
ساعة فـيـمهلون، وَلا يَسْتَقْدِمُونَ له حتـى يستوفُوا آجالهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16374ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد
الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي إسحاق، عن أبـي الأحوص، قال: كاد الـجُعَل أن
يعذّب بذنب بنـي آدم. وقرأ: لَوْ يُوءَاخِذُ اللّهُ النّاسَ بِظُلْـمهِمْ ما
تَرَكَ عَلَـيْها مِنْ دَابّةٍ.



16375ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا
إسماعيـل بن حكيـم الـخزاعيّ، قال: حدثنا مـحمد بن جابر الـجعفـي، عن يحيى بن أبـي
كثـير، عن أبـي سلـمة، قال: سمع أبو هريرة رجلاً وهو يقول: إن الظالـم لا يضرّ إلا
نفسه، قال: فـالتفت إلـيه فقال: بلـى، والله إن الـحبـاري لتـموت فـي وكرها هزالاً
بظلـم الظالـم



16376ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا أبو عبـيدة
الـحداد، قال: حدثنا قرة بن خالد السدوسي، عن الزبـير بن عديّ، قال: قال ابن
مسعود: خطيئة ابن آدم قتلت الـجُعَل.



حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن
الأعمش، عن أبـي إسحاق، عن أبـي عبـيدة، قال: قال عبد الله: كاد الـجُعَل أن يهلك
فـي حُجْرَهِ بخطيئة ابن آدم.



16377ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أخبرنا
إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال الله: فإذَا جاءَ
أجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ قال: نرى أنه إذا حضر
أجله فلا يؤخر ساعة ولا يقدّم ما لـم يحضر أجله، فإن الله يؤخّر ما شاء ويُقدّم ما
شاءَ.



الآية : 62


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَجْعَلُونَ
لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنّ لَهُمُ
الْحُسْنَىَ لاَ جَرَمَ أَنّ لَهُمُ الْنّارَ وَأَنّهُمْ مّفْرَطُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ويجعل هؤلاء الـمشركون لله
ما يكرهونه لأنفسهم. وَتَصِفُ ألْسِنَتُهُمُ الكَذِبَ يقول: وتقول ألسنتهم الكذب
وتفتريه أنّ لهم الـحُسْنَى فأن فـي موضع نصب، لأنها ترجمة عن الكذب. وتأويـل
الكلام: ويجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم، ويزعمون أن لهم الـحسنى الذي يكرهونه
لأنفسهم، البنات يجعلونهن لله تعالـى، وزعموا أن الـملائكة بنات الله. وأما
الـحُسنى التـي جعلوها لأنفسهم: فـالذكور من الأولاد وذلك أنهم كانوا يئدون الإناث
من أولادهم ويستبقون الذكور منهم، ويقولون: لنا الذكور ولله البنات. وهو نـحو
قوله: ويَجْعَلُونَ لِلّهِ البَناتِ سُبْحانَهُ وَلهُمْ ما يَشْتَهونَ.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16378ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى، قال:
أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد: وَتَصِفُ ألْسِنَتُهُمُ الكَذِبَ أنّ لَهُمُ الـحُسْنَى قال: قول قريش:
لنا البنون ولله البنات.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله، إلا أنه قال: قول كفّـار قُريش.



16379ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: ويَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ ألْسِنَتِهُمُ
الكَذِبَ: أي يتكلـمون بأن لهم الـحُسنى أي الغلـمان.



16380ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: أنّ لَهُمُ الـحُسْنَى قال: الغلـمان.



وقوله: لا جَرَمَ أن لَهُمُ النّارَ وأنّهُمْ
مُفْرَطُونَ يقول تعالـى ذكره: حقّا واجبـا أن لهؤلاء القائلـين لله البنات
الـجاعلـين له ما يكرهونه لأنفسهم ولأنفسهم الـحسنى عند الله يوم القـيامة النار.



وقد بـيّنا تأويـل قول الله: لا جَرَمَ فـي غير
موضع من كتابنا هذا بشواهده بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



ورُوي عن ابن عبـاس فـي ذلك، ما:


16381ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: لا جَرَمَ يقول: بلـى.



وقوله: لا جَرَمَ كان بعض أهل العربـية يقول:
لـم تُنْصَب جَرَمَ ب «لا» كما نصبت الـميـم من قول: لا غلام لك قال: ولكنها نُصِبَت
لأنها فعل ماض، مثل قول القائل: قَعَدَ فلان وجلس، والكلام: لا ردّ لكلامهم أي
لـيس الأمر هكذا، جَرَم: كَسَبَ، مثل قوله: لا أقسم، ونـحو ذلك. وكان بعضهم يقول:
نصب «جَرَمَ» ب «لا»، وإنـما بـمعنى: لا بدّ، ولا مـحالة ولكنها كثرت فـي الكلام
حتـى صارت بـمنزلة «حقّا».



وقوله: وأنّهُمْ مُفْرَطُونَ يقول تعالـى ذكره:
وأنهم مُخَـلّفون متروكون فـي النار، منسيّون فـيها.



واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال
أكثرهم بنـحو ما قلنا فـي ذلك. ذكر من قال ذلك:



16382ـ حدثنا مـحمد بن بشار وابن وكيع، قالا:
حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي هذه
الاَية: لا جَرَمَ أنّ لهُمُ النّارَ وأنّهُمْ مُفْرَطُونَ قال: منسيّون
مُضَيّعون.



حدثنـي موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي، قال:
حدثنا زيد بن حبـاب، قال: أخبرنا سعيد، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير، مثله.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا بهز بن أسد، عن
شعبة، قال: أخبرنـي أبو بشر، عن سعيد بن جبـير، مثله.



حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا
أبو بشر، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: لا جَرَمَ أنّ لَهُمْ النّارَ وأنّهُمْ
مُفْرَطُونَ قال: متروكون فـي النار، منسيّون فـيها.



حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: حصين،
أخبرنا، عن سعيد بن جبـير، بـمثله.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا الـحجاج بن
الـمنهال، قال: حدثنا هشيـم، عن حصين، عن سعيد بن جبـير بـمثله.



16383ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وأنّهُم مُفْرَطُونَ قال:
منسيّون.



حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا
ورقاء وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل وحدثنـي الـمثنى،
قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد، مثله.



16384ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبدة وأبو
معاوية وأبو خالد، عن جويبر، عن الضحاك: وأنّهُم مُفْرَطُونَ قال: متروكون فـي
النار.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن القاسم، عن مـجاهد: مُفْرَطُونَ قال: مَنْسيّون.



16385ـ حدثنـي عبد الوارث بن عبد الصمد، قال:
ثنـي أبـي، عن الـحسين، عن قتادة: وأنّهُم مُفْرَطُونَ يقول: مُضَاعُون.



16386ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا بدل،
قال: حدثنا عبـاد بن راشد، قال: سمعت داود بن أبـي هند، فـي قول الله: وأنّهُم
مُفْرَطُونَ قال: منسيون فـي النار.



وقال آخرون: معنى ذلك مُعْجَلُون إلـى النار
مقدّمون إلـيها. وذهبوا فـي ذلك إلـى قول العرب: أفرطنا فلانا فـي طلب الـماء، إذا
قدّموه لإصلاح الدّلاء والأرشية وتسوية ما يحتاجون إلـيه عند ورودهم علـيه فهو
مُفْرَط. فأما الـمتقدّم نفسه فهو فـارط، يقال: قد فَرَط فلان أصحابَه يَفْرُطهم
فُرْطا وفُروطا: إذا تقدمهم. وجمع فـارط: فَرّاط ومنه قول القُطامِيّ:



واسْتَعْجَلُونا وكانُوا مِنْ صَحَابَتِناكمَا
تَعَجّلَ فُرّاطٌ لِوُرّادِ



ومن قول النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «أنا
فَرَطُكُمْ علـى الـحَوْضِ»: أي متقدمكم إلـيه وسابقكم «حتـى تَردُوه». ذكر من قال
ذلك:



16387ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وأنّهُم مُفْرَطُونَ يقول: مُعْجَلُون إلـى النار.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وأنّهُم مُفْرَطُونَ قال: قد أُفْرِطوا فـي النار أي
مُعْجَلُون.



وقال آخرون: معنى ذلك: مُبْعَدُون فـي النار.
ذكر من قال ذلك:



16388ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
أشعث السّمان، عن الربـيع، عن أبـي بشر، عن سعيد: وأنّهُم مُفْرَطُونَ قال:
مُخْسَئون مُبْعَدون.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب القول الذي
اخترناه، وذلك أن الإفراط الذي هو بـمعنى التقديـم، إنـما يقال فـيـمن قدَم مقدمَا
لإصلاح ما يقدم إلـيه إلـى وقت ورود من قدّمه علـيه، ولـيس بـمُقَدّم من قُدّم
إلـى النار من أهلها لإصلاح شيء فـيها لوارد يرد علـيها فـيها فـيوافقه مصلـحا،
وإنـما تَقَدّم مَن قُدّم إلـيها لعذاب يُعجّل له. فإذا كان معنى ذلك الإفراط الذي
هو تأويـل التعجيـل ففسد أن يكون له وجه فـي الصحة، صحّ الـمعنى الاَخر وهو
الإفراط الذي بـمعنى التـخـلـيف والترك وذلك أن يُحْكَى عن العرب: ما أفْرَطت
ورائي أحدا: أي ما خَـلّفته وما فرطته: أي لـم أخـلفه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:52 pm

واختلفت القرّاء فـي
قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمِصرَينِ الكوفة والبصرة: وأنّهُم مُفْرَطُونَ
بتـخفـيف الراء وفتـحها، علـى معنى ما لـم يُسَمّ فـاعله من أُفرِط فهو مُفْرَط.
وقد بـيّنت اختلاف قراءة ذلك كذلك فـي التأويـل. وقرأه أبو جعفر القارىء: «وأنّهُم
مُفْرَطُونَ» بكسر الراء وتشديدها، بتأويـل: أنهم مفرّطون فـي أداء الواجب الذي
كان لله علـيهم فـي الدنـيا، من طاعته وحقوقه، مضيعو ذلك، من قول الله تعالـى: يا
حَسْرتَا علـى ما فَرّطْتُ فـي جَنْبِ اللّهِ. وقرأ نافع بن أبـي نعيـم: «وأنّهُم
مُفْرَطُونَ» بكسر الراء وتـخفـيفها.



16389ـ حدثنـي بذلك يونس، عن وَرْش عنه.


بتأويـل: أنهم مُفْرِطون فـي الذنوب والـمعاصي،
مُسْرِفون علـى أنفسهم مكثرون منها، من قولهم: أفرط فلان فـي القول: إذا تـجاوز
حَدّه، وأسرف فـيه.



والذي هو أولـى القراءات فـي ذلك بـالصواب
قراءة الذين ذكرنا قراءتهم من أهل العراق لـموافقتها تأويـل أهل التأويـل الذي
ذكرنا قبل، وخروج القراءات الأخرى عن تأويـلهم.



الآية : 63


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {تَاللّهِ
لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىَ أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ فَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.



يقول تعالـى ذكره مقسما بنفسه عزّ وجلّ
لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: والله يا مـحمد لقد أرسلنا رسلاً من قبلك إلـى
أمـمها بـمثل ما أرسلناك إلـى أمتك من الدعاء إلـى التوحيد لله وإخلاص العبـادة له
والإذعان له بـالطاعة وخـلع الأنداد والاَلهة. فَزَيّنَ لَهُمُ الشَيْطانُ
أعْمَالَهُمْ يقول: فحسّن لهم الشيطان ما كانوا علـيه من الكفر بـالله وعبـادة
الأوثان مقـيـمين، حتـى كذّبوا رسلهم، وردّوا علـيهم ما جاءوهم به من عند ربهم.
فَهُوَ وَلِـيّهُمْ الـيَوْمَ يقول: فـالشيطان ناصرهم الـيوم فـي الدنـيا، وبئس
الناصر. وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ فـي الاَخرة عند ورودهم علـى ربهم، فلا ينفعهم
حينئذ ولاية الشيطان، ولا هي نفعتهم فـي الدنـيا بل ضرّتهم فـيها وهي لهم فـي
الاَخرة أضرّ.



الآية : 64


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَآ
أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاّ لِتُبَيّنَ لَهُمُ الّذِي اخْتَلَفُواْ
فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه صلى الله عليه وسلم:
وما أنزلنا يا مـحمد علـيك كتابنا وبعثناك رسولاً إلـى خـلقنا إلا لتبـين لهم ما
اختلفوا فـيه من دين الله، فتعرفّهم الصواب منه والـحقّ من البـاطل، وتقـيـم
علـيهم بـالصواب منه حجة الله الذي بعثك بها.



وقوله: وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ
يُوءْمِنُونَ يقول: وهدى بـيانا من الضلالة، يعنـي بذلك الكتاب، ورَحْمَةً لقَوْمٍ
يُوءْمِنُونَ به، فـيصدّقون بـما فـيه، ويقرّون بـما تضمن من أمر الله ونهيه،
ويعملون به. وعطف بـالهدى علـى موضع «لـيبـين»، لأن موضعها نصب. وإنـما معنى
الكلام: وما أنزلنا علـيك الكتاب إلا بـيانا للناس فـيـما اختلفوا فـيه هدى ورحمة.



الآية : 65


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ
أَنْزَلَ مِنَ الْسّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنّ فِي
ذَلِكَ لاَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }.



يقول تعالـى ذكره منبه خَـلقِه علـى حججه
علـيهم فـي توحيده، وأنه لا تنبغي الألوهة إلا له، ولا تصلـح العبـادة لشيء سواه:
أيها الناس معبودكم الذي له العبـادة دون كلّ شيء، أنْزَلَ مِنَ السّماء ماءً
يعنـي: مطرا، يقول: فأنبت بـما أنزل من ذلك الـماء من السماء الأرض الـميتة التـي
لا زرع بها ولا عُشْبَ ولا نبت بَعْدَ مَوْتِها بعد ما هي ميتة لا شيء فـيها إن
فـي ذلكَ لاَيةً يقول تعالـى ذكره: إن فـي إحيائنا الأرض بعد موتها بـما أنزلنا من
السماء من ماء لدلـيلاً واضحا وحجة قاطعة عذر من فكر فـيه لَقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
يقول: لقوم يسمعون هذا القول فـيتدبرونه ويعقلونه ويطيعون الله بـما دلهم علـيه.



الآية : 66


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِنّ لَكُمْ
فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نّسْقِيكُمْ مّمّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ
وَدَمٍ لّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشّارِبِينَ }.



يقول تعالـى ذكره: وإن لكم أيها الناس لعظة
فـي الأنعام التـي نُسْقـيكم مـما فـي بطونه.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: نُسْقِـيكُمْ
فقرأته عامة أهل مكة والعراق والكوفة والبصرة، سوى عاصم، ومن أهل الـمدينة أبو
جعفر: نُسْقِـيكُمْ بضم النون. بـمعنى: أنه أسقاهم شرابـا دائما. وكان الكسائي
يقول: العرب تقول: أسقـيناهم نَهْرا وأسقـيناهم لبنا: إذا جعلته شِرْبـا دائما،
فإذا أرادوا أنهم أعطوه شربة قالوا: سقـيناهم فنـحن نَسْقِـيهم بغير ألف. وقرأ ذلك
عامة قرّاء أهل الـمدينة سوى أبـي جعفر، ومن أهل العراق عاصم: «نَسْقِـيكم» بفتـح
النون من سقَاه الله فهو يَسْقـيه. والعرب قد تدخـل الألف فـيـما كان من السقـي
غير دائم وتنزعها فـيـما كان دائما، وإن كان أشهر الكلامين عندها ما قال الكسائي،
يدلّ علـى ما قلنا من ذلك، قول لَبـيد فـي صفة سحاب:



سَقَـى قَوْمي بَنِـي مَـجْدٍ وأسْقَـىنُـمَيْرا
والقَبـائِلَ مِنْ هِلالِ



فجمع اللغتـين كلتـيهما فـي معنى واحد. فإذا
كان ذلك كذلك، فبأية القراءتـين قرأ القارىء فمصيب، غير أن أعجب القراءتـين إلـيّ
قراءة ضمّ النون لـما ذكرت من أن الكلامين عند العرب فـيـما كان دائما من السقـي
أسقـى بـالألف فهو يُسْقِـي، وما أسقـى الله عبـاده من بطون الأنعام فدائم له غير
منقطع عنهم. وأما قوله: مـمّا فِـي بُطُونِهِ وقد ذكر الأنعام قبل ذلك، وهي جمع
والهاء فـي البطون موحدة، فإن لأهل العربـية فـي ذلك أقوالاً، فكان بعض نـحويـي
الكوفة يقول: النّعم والأنعام شيء واحد، لأنهما جميعا جمعان، فردّ الكلام فـي
قوله: مِـمّا فِـي بُطُونِهِ إلـى التذكير مرادا به معنى النّعم، إذ كان يؤدي عن
الأنعام ويستشهد لقوله ذلك برجز بعض الأعراب:



إذا رأيْتَ أنْـجُما منَ الأسَدْجَبْهَتهُ أوِ
الـخَرَاةِ والكَتَدْ



بـال سُهَيْـلٌ فـي الفَضِيخِ فَفَسَدْوطابَ
ألْبـانُ اللّقاحِ فَبَردْ



ويقول: رجع بقوله: «فبرد» إلـى معنى اللبن، لأن
اللبن والألبـان تكون فـي معنى واحد. وفـي تذكير النعم قول الاَخر:



أكُلّ عامٍ نَعَمٌ تَـحُوونَهْيُـلْقحُهُ قَوْمٌ
وتَنْتِـجُونَهْ



فذكرّ النعم. وكان غيره منهم يقول: إنـما قال:
مِـمّا فِـي بُطُونِهِ لأنه أراد: مـما فـي بطون ما ذكرنا وينشد فـي ذلك رَجزا
لبعضهم:



(مِثْلُ
الفِراخِ نُتّفَتْ حَوَاصِلُهْ )



وقول الأسود بن يَعْفُر:


إنّ الـمَنِـيّةَ والـحُتُوفَ كلاهُمايُوفـي
الـمخَارِمَ يَرْقُبـانِ سَوَادِي



فقال: «كلاهما»، ولـم يقل: «كلتاهما» وقول
الصّلتان العَبْديّ:



إنّ السّماحَةَ والـمُرُوءَة ضُمّناقَبْرا
بـمَرْوَ علـى الطّرِيقِ الوَاضِحِ



وقول الاَخر:


وعَفْرَاءُ أدْنَى النّاس مِنّـي
مَوَدّةًوعَفْرَاءُ عَنّـي الـمُعْرِضُ الـمُتَوَانِـي



ولـم يقل: الـمعرضة الـمتوانـية وقول الاَخرة:


إذا النّاسُ ناسٌ والبِلادُ بِغبْطَةٍوَإذْ أُمّ
عَمّارٍ صَديقٌ مُساعِفُ



ويقول: كل ذلك علـى معنى هذا الشيء وهذا الشخص
والسواد، وما أشبه ذلك. ويقول: من ذلك قول الله تعالـى ذكره: فَلَـمّا رأى
الشّمْسَ بـازِغَةً قالَ هذَا رَبّـي بـمعنى: هذا الشيء الطالع، وقوله: إنّ هَذِهِ
تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ولـم يقل ذكرها، لأن معناه: فمن شاء ذكر هذا
الشيء، وقوله: وَإنّـي مُرْسِلَةٌ إلَـيْهِمْ بِهَدِيّةٍ فَناظِرَةٌ بِـمَ
يَرْجِعُ الـمُرْسَلُونَ فَلَـمّا جاءَ سُلْـيـمانَ، ولـم يقل «جاءت».



وكان بعض البصريـين يقول: قـيـل: مِـمّا فِـي
بُطُونِهِ لأن الـمعنى: نسقـيكم من أيّ الأنعام كان فـي بطونه. ويقول: فـيه اللبن
مضمر، يعنـي أنه يسقـي من أيها كان ذا لبن، وذلك أنه لـيس لكلها لبن، وإنـما
يُسقـى من ذوات اللبن. والقولان الأوّلان أصحّ مخرجا علـى كلام العرب من هذا القول
الثالث.



وقوله: مِنْ بـينِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنا خالِصا
يقول: نسقـيكم لبنا، نـخرجه لكم من بـين فرث ودم خالصا يقول: خـلص من مخالطة الدم
والفرث فلـم يختلطا به. سائِغا للشّارِبِـينَ يقول: يسوغ لـمن شربه فلا يَغَصّ به
كما يَغَصّ الغاصّ ببعض ما يأكله من الأطعمة. وقـيـل: إنه لـم يَغَصّ أحد بـاللبن
قَطّ.






الآية : 67


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمِن
ثَمَرَاتِ النّخِيلِ وَالأعْنَابِ تَتّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً
إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: ولكم أيضا أيها الناسُ
عِبرةٌ فـيـما نسقـيكم من ثمرات النـخيـل والأعناب ما تَتّـخِذُونَ منه سَكَرا
ورِزْقا حَسَنا مع ما نسقـيكم من بطون الأنعام من اللبن الـخارج من بـين الفرث
والدم. وحذف من قوله: وَمِنْ ثَمَراتِ النّـخِيـلِ والأعنابِ الاسم، والـمعنى ما
وصفت، وهو: ومن ثمرات النـخيـل والأعناب ما تتـخذون منه لدلالة «من» علـيه، لأن
«من» تدخـل فـي الكلام مُبَعّضة، فـاستغنـي بدلالتها ومعرفة السامعين بـما يقتضي
من ذكر الاسم معها. وكان بعض نـحويـي البصرة يقول فـي معنى الكلام: ومن ثمرات
النـخيـل والأعناب شيء تتـخذون منه سَكَرا، ويقول: إنـما ذكرت الهاء فـي قوله:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ لأنه أريد بها الشيء، وهو عندنا عائد علـى الـمتروك، وهو
«ما»، وقوله: تَتّـخِذُونَ من صفة «ما» الـمتروكة.



واختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا فقال بعضهم: عنـي بـالسّكَر: الـخمرُ،
وبـالرزق الـحسن: التـمرُ والزبـيبُ، وقال: أنـما نزلت هذه الاَية قبل تـحريـم
الـخمر ثم حُرّمت بعد. ذكر من قال ذلك:



16390ـ حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـي،
قال: حدثنا أيوب بن جابر السّحَيْـمي، عن الأسود، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن
عبـاس، قوله: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: السّكَر: ما حُرّم
من شرابه، والرزق الـحسن: ما أحلّ من ثمرته.



حدثنا ابن وكيع وسعيد بن الربـيع الرازي،
قالا: حدثنا ابن عيـينة، عن الأسود بن قـيس، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: الرزق الـحسن: ما أحلّ من
ثمرتها، والسكَر: ما حرّم من ثمرتها.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان،
عن الأسود، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس مثله.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأسود بن قـيس، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس،
بنـحوه.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم الفضل
بن دكين، قال: حدثنا سفـيان، عن الأسود بن قـيس، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس
بنـحوه.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر،
قال: حدثنا شعبة، عن الأسود بن قـيس، قال: سمعت رجلاً يحدّث عن ابن عبـاس فـي هذه
الاَية: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: السكر: ما حرّم من
ثمرتـيهما، والرزق الـحسن: ما أحلّ من ثمرتـيهما.



حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد،
قال: حدثنا الـحسن بن صالـح، عن الأسود بن قـيس، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس،
بنـحوه.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو غسان، قال:
حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا الأسود بن قـيس، قال: ثنـي عمرو بن سفـيان، قال:
سمعت ابن عبـاس يقول، وذكرت عنده هذه الاَية: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النّـخِيـلِ
والأعْنابِ تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: السكر: ما حرّم
منهما، والرزق الـحسن: ما أحلّ منهما.



حدثنـي يونس، قال: أخبرنا سفـيان، عن الأسود
بن قـيس، عن عمرو بن سفـيان البصري، قال: قال ابن عبـاس، فـي قوله: تَتّـخِذُونَ
مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: فأما الرزق الـحسن: فما أحلّ من ثمرتهما، وأما
السكر: فما حرّم من ثمرتهما.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا الـحِمّانـي،
قال: حدثنا شريك، عن الأسود، عن عمرو بن سفـيان البصريّ، عن ابن عبـاس:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: السكر: حرامه، والرزق الـحسن:
حلاله.



حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا العبـاس بن أبـي
طالب، قال: حدثنا أبو عوانة، عن الأسود، عن عمرو بن سفـيان، عن ابن عبـاس قال:
السّكَر: ما حرّم من ثمرتهما، والرزق الـحسن: ما حلّ من ثمرتهما.



حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد،
قال: حدثنا إسرائيـل، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: الرزق
الـحسن: الـحلال، والسّكَر: الـحرام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:52 pm

16391ـ حدثنا ابن بشار،
قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: ما حرم من ثمرتهما، وما أحلّ من
ثمرتهما.



حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا
سفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، قال: السكر خمر، والرزق الـحسن الـحلال.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن مسعر
وسفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، قال: الرزق الـحسن: الـحلال، والسّكَر:
الـحرام.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال:
حدثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، بنـحوه.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر،
قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير، فـي هذه الاَية: تَتّـخِذُونَ
مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: السكَر: الـحرام، والرزق الـحسن: الـحلال.



16392ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن
مغيرة، عن أبـي رزين: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: نزل هذا
وهم يشربون الـخمر، فكان هذا قبل أن ينزل تـحريـم الـخمر.



16393ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا عبد
الرحمن بن مَهديّ، قال: حدثنا شعبة، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم والشعبـي وأبـي
رزين، قالوا: هي منسوخة فـي هذه الاَية: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا
حَسَنا.



حدثنا الـحسن بن عرفة، قال: حدثنا أبو قطن، عن
سعيد، عن الـمُغيرة، عن إبراهيـم والشعبـيّ، وأبـي رزين بـمثله.



16394ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن
عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن مغيرة، عن إبراهيـم، فـي قوله: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ
سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: هي منسوخة نسخها تـحريـم الـخمر.



16395ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا هوذة،
قال: حدثنا عوف، عن الـحسن، فـي قوله: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا
قال: ذكر الله نعمته فـي السكر قبل تـحريـم الـخمر،



16396ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن
عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن منصور وعوف، عن الـحسن، قال السكر: ما حرّم الله منه،
والرزق: ما أحلّ الله منه.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن أبـي
جعفر، عن الربـيع، عن الـحسن، قال: الرزق الـحسن: الـحلال، والسكَر: الـحرام.



16397ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
سلـمة، عن الضحاك، قال: الرزق الـحسن: الـحلال، والسكَر: الـحرام.



16398ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة،
عن أبـي كدينة يحيى بن الـمهلب، عن لـيث، عن مـجاهد قال: السكر: الـخمر، والرزق
الـحسن، الرّطَب والأعناب.



16399ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو
أحمد، قال: حدثنا شريك، عن لـيث، عن مـجاهد: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا قال: هي
الـخمر قبل أن تـحرّم.



16400ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل جميعا، عن ابن أبـي نـجيح،
عن مـجاهد: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا قال: الـخمر قبل تـحريـمها، وَرِزْقا
حَسَنا قال: طعاما.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد بنـحوه.



16401ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَمِنْ ثَمَراتِ النّـخِيـلِ والأعنابِ تَتّـخِذُونَ مِنْهُ
سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا أما السّكَر: فخمور هذه الأعاجم، وأما الرزق الـحسن: فما
تنتبذون، وما تُـخَـلّلون، وما تأكلون. ونزلت هذه الاَية ولـم تـحرّم الـخمر
يومئذ، وإنـما جاء تـحريـمها بعد ذلك فـي سورة الـمائدة.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبدة بن سلـيـمان،
قال: قرأت علـى ابن أبـي عُذرة، قال: هكذا سمعت قتادة: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا
وَرِزْقا حَسَنا ثم ذكر نـحو حديث بشر.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: سَكَرا قال: هي خمور الأعاجم، ونُسخت فـي سورة
الـمائدة. والرزق الـحسن قال: ما تنتبذون وتـخـلّلون وتأكلون،



16402ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: وَمِنْ ثَمَرَاتِ
النّـخِيـلِ والأعْنابِ تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا وذلك أن الناس
كانوا يسمّون الـخمر سكرا، وكانوا يشربونها، قال ابن عبـاس: مرّ رجال بوادي
السكران الذي كانت قريش تـجتـمع فـيه، إذا تَلَقّوا مسافريهم إذا جاءوا من الشام،
وانطلقوا معهم يشيعونهم حتـى يبلغوا وادي السكران ثم يرجعوا منه، ثم سماها الله
بعد ذلك الـخمر حين حرمت. وقد كان ابن عبـاس يزعم أنها الـخمر، وكان يزعم أن
الـحبشة يسمون الـخـلّ السكر. قوله: وَرِزْقا حَسَنا يعنـي بذلك: الـحلال التـمر
والزبـيب، وما كان حلالاً لا يسكر.



وقال آخرون: السّكَر بـمنزلة الـخمر فـي
التـحريـم ولـيس بخمر، وقالوا: هي نقـيع التـمر والزبـيب إذا اشتدّ وصار يسكر
شاربه. ذكر من قال ذلك:



16403ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الـحكم بن
بشير، قال: حدثنا عمرو، فـي قوله: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النّـخِيـلِ والأعْنابِ
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال ابن عبـاس: كان هذا قبل أن ينزل
تـحريـم الـخمر والسكر حرام مثل الـخمر وأما الـحلال منه فـالزبـيب والتـمر
والـخـل ونـحوه.



16404ـ حدثنـي الـمثنى، وعلـي بن داود، قالا:
حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله:
تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا فحرّم الله بعد ذلك، يعنـي بعد ما أنزل فـي سورة
البقرة من ذكر الـخمر والـميسر والأنصاب والأزلام، السّكَر مع تـحريـم الـخمر لأنه
منه، قال: وَرِزْقا حَسَنا فهو الـحلال من الـخـلّ والنبـيذ وأشبـاه ذلك، فأقرّه
الله وجعله حلالاً للـمسلـمين.



16405ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال:
حدثنا إسرائيـل، عن موسى، قال: سألت مرّة عن السّكَر، فقال: قال عبد الله: هو خمر.



16406ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال:
حدثنا إسرائيـل، عن أبـي فروة، عن أبـي عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى، قال: السكر:
خمر.



16407ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال:
حدثنا سفـيان، عن أبـي الهيثم، عن إبراهيـم، قال: السكر: خمر.



16408ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال:
حدثنا حسن بن صالـح، عن مغيرة، عن إبراهيـم وأبـي رزين، قالا: السكر: خمر.



16409ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ
يقول: حدثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا
يعنـي: ما أسكر من العنب والتـمر وَرِزْقا حَسَنا يعنـي: ثمرتها.



16410ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا حَسَنا قال: الـحلال
ما كان علـى وجه الـحلال حتـى غيروها فجعلوا منها سَكَرا.



وقال آخرون: السّكَرَ: هو كلّ ما كان حلالاً
شربه، كالنبـيذ الـحلال والـخـلّ والرطَب. والرزق الـحسن: التـمر والزبـيب. ذكر من
قال ذلك:



16411ـ حدثنـي داود الواسطيّ، قال: حدثنا أبو
أسامة، قال: أبو رَوْق: ثنـي قال: قلت للشعبـيّ: أرأيت قوله تعالـى: تَتّـخِذُونَ
مِنْهُ سَكَرا أهو هذا السّكَر الذي تصنعه النّبَط؟ قال: لا، هذا خمر، إنـما السكر
الذي قال الله تعالـى ذكره: النبـيذ والـخـلّ والرزق الـحسن: التـمر والزبـيب.



حدثنـي يحيى بن داود، قال: حدثنا أبو أسامة،
قال: وذكر مـجالد، عن عامر، نـحوه.



16412ـ حدثنـي أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو
أحمد، قال: حدثنا مندل، عن لـيث، عن مـجاهد: تَتّـخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقا
حَسَنا قال: ما كانوا يتـخذون من النـخـل النّبـيذ، والرزق الـحسن: ما كانوا
يصنعون من الزبـيب والتـمر.



حدثنا
أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا مندل، عن أبـي رَوْق، عن الشعبـيّ، قال:
قلت له: ما تتـخذون منه سَكَرا؟ قال: كانوا يصنعون من النبـيذ والـخـلّ قلت:
والرزق الـحسن؟ قال: كانوا يصنعون من التـمر والزبـيب.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة وأحمد
بن بشير، عن مـجالد، عن الشعبـيّ، قال: السّكَر: النبـيذ والرزق الـحسن: التـمر
الذي كان يؤكل.



وعلـى هذا التأويـل، الاَية غير منسوخة، بل
حكمها ثابت.



وهذا التأويـل عندي هو أولـى الأقوال بتأويـل
هذه الاَية، وذلك أن السكر فـي كلام العرب علـى أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من
الشراب. والثانـي: ما طُعِم من الطعام، كما قال الشاعر:



عَلْتُ
عَيْبَ الأكْرَمِينَ سَكَرَا



أي طعما. والثالث: السّكُون، من قول الشاعر:


عَلَتْ
عينْ الـحَرُورِ تَسْكُرُ



وقد بـيّنا ذلك فـيـما مضى. والرابع: الـمصدر
من قولهم: سَكِرَ فلان يَسْكَرُ سُكْرا وسَكْرا وسَكَرا. فإذا كان ذلك كذلك، وكان
ما يُسْكِر من الشراب حراما بـما قد دللنا علـيه فـي كتابنا الـمسمى: «لطيف القول
فـي أحكام شرائع الإسلام» وكان غير جائز لنا أن نقول: هو منسوخ، إذ كان الـمنسوخ
هو ما نَفَـى حكمه الناسخ وما لا يجوز اجتـماع الـحكم به وناسخه، ولـم يكن فـي حكم
الله تعالـى ذكره بتـحريـم الـخمر دلـيـل علـى أن السّكَر الذي هو غير الـخمر،
وغير ما يسكر من الشراب، حرام إذ كان السكر أحد معانـيه عند العرب، ومن نزل بلسانه
القرآن هو كلّ ما طعم، ولـم يكن مع ذلك، إذ لـم يكن فـي نفس التنزيـل دلـيـل علـى
أنه منسوخ، أو ورد بأنه منسوخ خبر من الرسول، ولا أجمعت علـيه الأمة، فوجب القول
بـما قلنا من أن معنى السّكَرَ فـي هذا الـموضع: هو كلّ ما حلّ شربه مـما يتـخذ من
ثمر النـخـل والكرم، وفسد أن يكون معناه الـخمر أو ما يسكر من الشراب، وخرج من أن
يكون معناه السّكَر نفسه، إذ كان السّكَر لـيس مـما يتـخذ من النّـخْـل والكَرْم،
ومن أن يكون بـمعنى السكون.



وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ يقول: فـيـما إن وصفنا لكم من نعمنا التـي آتـيناكم أيها الناس من
الأنعام والنـخـل والكرم، لدلالة واضحة وآية بـينة لقوم يعقلون عن الله حججه
ويفهمون عنه مواعظه فـيتعظون بها.



الآية : 68


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأَوْحَىَ
رَبّكَ إِلَىَ النّحْلِ أَنِ اتّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ
وَمِمّا يَعْرِشُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وألهم ربك يا مـحمد النـحل
إيحاء إلـيها أنِ أتّـخِذِي مِنَ الـجبِـالِ بُـيُوتا وَمِنَ الشّجَرِ ومـمّا
يَعْرِشُونَ يعنـي: مـما يبنون من السقوف، فرفعوها بـالبناء.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16413ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا
مروان، عن إسحاق التـميـمي، وهو ابن أبـي الصبـاح، عن رجل، عن مـجاهد: وأوْحَى
رَبّكَ إلـى النّـحْلِ قال: ألهمها إلهاما.



16414ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: بلغنـي، فـي قوله: وأوْحَى رَبّكَ إلـى النّـحْلِ
قال: قذف فـي أنفسها.



16415ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي أبو سفـيان، عن معمر، عن أصحابه، قوله: وأوْحَى رَبّكَ إلـى النّـحْلِ قال:
قذف فـي أنفسها أن اتـخذي من الـجبـال بـيوتا.



16416ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه عن ابن عبـاس، قوله: وأوْحَى رَبّكَ إلـى
النّـحْلِ.... الاَية، قال: أمرها أن تأكل من الثمرات، وأمرها أن تتبع سبل ربها
ذُلُلاً.



وقد بـيّنا معنى الإيحاء واختلاف الـمختلفـين
فـيه فـيـما مضى بشواهده، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع، وكذلك معنى قوله:
يَعْرِشُونَ.



وكان ابن زيد يقول فـي معنى يعرشون، ما:


16417ـ حدثنـي به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب،
قال: قال ابن زيد فـي قوله: يَعْرِشُونَ قال: الكَرْم.



الآية : 69


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {ثُمّ كُلِي مِن
كُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا
شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً
لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُونَ }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:54 pm

يقول تعالـى ذكره: ثم
كلـي أيتها النـحل من الثمرات، فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ يقول: فـاسلكي طرق ربك
ذُلُلاً يقول: مُذَلّلَةً لك، والذّلُل: جمع ذَلُول.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16418ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد،
فـي قول الله تعالـى: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً قال: لا يتوعّر علـيها
مكان سلكته.



16419ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً قال: طُرُقا
ذُلُلا، قال: لا يتوعّر علـيها مكان سلكته.



وعلـى هذا التأويـل الذي تأوّله مـجاهد، الذلل
من نعت السبل.



والتأويـل علـى قوله: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ
ذُلُلاً الذّلُل لك: لا يتوعر علـيكِ سبـيـل سلكتـيه، ثم أسقطت الألف واللام فنصب
علـى الـحال.



وقال آخرون فـي ذلك بـما:


16420ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً: أي مطيعة.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ذُلُلاً قال: مطيعة.



16421ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً قال: الذلول: الذي يُقاد
ويُذهب به حيث أراد صاحبه، قال: فهم يخرجون بـالنـحل ينتـجعون بها ويذهبون وهي
تتبعهم. وقرأ: أوَلـمْ يَرَوْا أنّا خَـلَقْنا لَهُمْ مِـمّا عَمِلَتْ أيْدِينا
أنْعاما فَهُمْ لَهَا مالِكُونَ وَذلّلْناها لَهُمْ.... الاَية.



فعلـى هذا القول، الذّلُل من نعت النـحل، وكلا
القولـين غير بعيد من الصواب فـي الصحة وجهان مخرجان، غير أنا اخترنا أن يكون نعتا
للسّبل لأنها إلـيها أقرب.



وقوله: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرَابٌ
مُخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ يقول تعالـى ذكره: يخرج من بطون النـحل شراب، وهو العسل،
مختلف ألوانه، لأن فـيها أبـيض وأحمر وأسحر وغير ذلك من الألوان.



قال أبو جعفر: «أسحر»: ألوان مختلفة مثل أبـيض
يضرب إلـى الـحمرة.



وقوله: فِـيهِ شِفـاءٌ للنّاسِ اختلف أهل
التأويـل فـيـما عادت علـيه الهاء التـي فـي قوله: فِـيهِ، فقال بعضهم: عادت علـى
القرآن، وهو الـمراد بها. ذكر من قال ذلك:



16422ـ حدثنا نصر بن عبد الرحمن، قال: حدثنا
الـمـحاربـيّ، عن لـيث، عن مـجاهد: فِـيهِ شِفـاءٌ للنّاسِ قال: فـي القرآن شفـاء.



وقال آخرون: بل أريد بها العسل. ذكر من قال
ذلك:



16423ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ
فِـيهِ شِفـاءٌ للنّاسِ ففـيه شفـاء كما قال الله تعالـى من الأدواء، وقد كان ينهي
عن تفريق النـحل وعن قتلها.



16424ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: جاء رجل إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم،
فذكر أن أخاه اشتكى بطنه، فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبْ فـاسْقِ
أخاكَ عَسَلاً» ثم جاءه فقال: ما زاده إلا شدة، فقال النبـيّ صلى الله عليه وسلم:
«اذْهَبْ فـاسْقِ أخاكَ عَسَلاً، فَقَدْ صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أخِيكَ»
فسقاه، فكأنـما نُشِط من عِقال.



حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال:
أخبرنا معمر، عن قتادة: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ
فِـيهِ شِفـاءٌ للنّاسِ قال: جاء رجل إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر
نـحوه.



16425ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
سفـيان، عن أبـي إسحاق، عن أبـي الأحوص، عن عبد الله، قال: شفـاءان: العسل شفـاء
من كلّ داء، والقرآن شفـاء لـما فـي الصدور.



16426ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: فِـيهِ شِفـاءٌ للنّاسِ
العسل.



وهذا القول، أعنـي قول قتادة، أولـى بتأويـل
الاَية لأن قوله: فِـيهِ فـي سياق الـخبر عن العسل، فأن تكون الهاء من ذكر العسل،
إذ كانت فـي سياق الـخبر عنه أولـى من غيره.



وقوله: إنّ فِـي ذلكَ لاَيَةً لِقَوْمٍ
يَتَفَكّرُونَ يقول تعالـى ذكره: إن فـي إخراج الله من بطون هذه النـحل: الشراب
الـمختلف، الذي هو شفـاء للناس، لدلالة وحجة واضحة علـى من سخّر النـحل وهداها
لأكل الثمرات التـي تأكل، واتـخاذها البـيوت التـي تنـحت من الـجبـال والشجر
والعروش، وأخرج من بطونها ما أخرج من الشفـاء للناس، أنه الواحد الذي لـيس كمثله
شيء، وأنه لا ينبغي أن يكون له شريك ولا تصحّ الألوهة إلا له.



الآية : 70


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ
خَلَقَكُمْ ثُمّ يَتَوَفّاكُمْ وَمِنكُم مّن يُرَدّ إِلَىَ أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }.



يقول تعالـى ذكره: والله خـلقكم أيها الناس
وأوجدكم ولـم تكونوا شيئا، لا الاَلهةُ التـي تعبدون من دونه، فـاعبدوا الذي
خـلقكم دون غيره. ثُمّ يَتَوَفّـاكُمْ يقول: ثم يقبضكم. وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدّ
إلـى أرْذَلِ العُمُرِ يقول: ومنكم من يَهْرَم فـيصير إلـى أرذل العمر، وهو أردؤه،
يقال منه: رذل الرجل وفسل، يرذل رذالة ورذولة ورذلته أنا. وقـيـل: إنه يصير كذلك
فـي خمس وسبعين سنة.



16427ـ حدثنـي مـحمد بن إسماعيـل الفزاريّ،
قال: أخبرنا مـحمد بن سَوار، قال: حدثنا أسد بن عمران، عن سعد بن طريق، عن الأصبغ
بن نَبـاتة، عن علـيّ، فـي قوله: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدّ إلـى أرْذَلِ العُمُرِ
قال: خمسٌ وسبعون سنة.



وقوله: لِكَيْ لا يَعْلَـمَ بَعْدَ عِلْـمٍ
شَيْئا يقول: إنـما نردّه إلـى أرذل العمر لـيعود جاهلاً كما كان فـي حال طفولته
وصبـاه. بَعْدَ عِلْـمٍ شَيْئا يقول: لئلا يعلـم شيئا بعد علـم كان يعلـمه فـي
شبـابه، فذهب ذلك بـالكبر ونسي، فلا يعلـم منه شيئا، وانسلـخ من عقله، فصار من بعد
عقل كان له لا يعقل شيئا. إنّ اللّهَ عَلِـيـمٌ قَدِيرٌ يقول: إن الله لا ينسى ولا
يتغير علـمه، علـيـم بكلّ ما كان ويكون، قدير علـى ما شاء، لا يجهل شيئا ولا
يُعجزه شيءٌ أراده.



الآية : 71


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ
فَضّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىَ بَعْضٍ فِي الْرّزْقِ فَمَا الّذِينَ فُضّلُواْ بِرَآدّي
رِزْقِهِمْ عَلَىَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ
أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والله أيها الناس فضّل
بعضكم علـى بعض فـي الرزق الذي رزقكم فـي الدنـيا، فما الذين فضّلهم الله علـى
غيرهم بـما رزقهم بِرَادّي رِزْقهِمْ علـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ يقول: بـمشركي
مـمالـيكِهم فـيـما رزقهم من الأموال والأزواج. فَهُمْ فِـيهِ سَوَاءٌ يقول: حتـى
يستووا هم فـي ذلك وعبـيدهم، يقول تعالـى ذكره: فهم لا يرضَون بأن يكونوا هم
ومـمالـيكهم فـيـما رزقتهم سواء، وقد جعلوا عبـيدي شركائي فـي ملكي وسلطانـي. وهذا
مَثَل ضربه الله تعالـى ذكره للـمشركين بـالله. وقـيـل: إنـما عَنَى بذلك الذين
قالوا: إن الـمسيح ابن الله من النصارى. وقوله: أفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ
يقول تعالـى ذكره: أفبنعمة الله التـي أنعمها علـى هؤلاء الـمشركين من الرزق الذي
رزقهم فـي الدنـيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خـلقه فـي سلطانه ومُلكه؟



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16428ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَاللّهُ فَضّلَ
بَعْضَكُمْ علـى بَعْضٍ فِـي الرّزْقِ فَمَا الّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي
رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ يقول: لـم يكونوا يشركون عبـيدهم فـي
أموالهم ونسائهم، فكيف يشركون عبـيدي معي فـي سلطانـي؟ فذلك قوله: أفَبِنِعْمَةِ
اللّهِ يَجْحَدُونَ.



16429ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: هذه الاَية فـي شأن عيسى ابن مريـم،
يعنـي بذلك نفسه، إنـما عيسى عبد، فـيقول الله: والله ما تشركون عبـيدكم فـي الذي
لكم فتكونوا أنتـم وهم سواء، فكيف ترضَون لـي بـما لا ترضون لأنفسكم؟



16430ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن
أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: بِرَادّي رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ
أيـمَانُهُمْ قال: مثل آلهة البـاطل مع الله تعالـى ذكره.



16431ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَاللّهُ فَضّلَ بَعْضَكُمْ علـى بَعْضٍ فِـي الرّزْقِ
فَمَا الّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي رِزْقِهِمْ عَلـى ما مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ
فَهُمْ فِـيهِ سَوَاءٌ أفَبِنَعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ وهذا مثل ضربه الله، فهل
منكم من أحد شارك مـملوكه فـي زوجته وفـي فراشه فتعدلون بـالله خـلقه وعبـاده؟ فإن
لـم ترض لنفسك هذا، فـالله أحقّ أن ينزّه منه من نفسك، ولا تعدل بـالله أحدا من
عبـاده وخـلقه.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة: فَمَا الّذِينَ فُضّلُوا بِرَادّي رِزْقِهِمْ علـى ما
مَلَكَتْ أيـمَانُهُمْ قال: هذا الذي فضل فـي الـمال والولد، لا يشرك عبده فـي
ماله وزوجته. يقول: قد رضيت بذلك لله ولـم ترض به لنفسك، فجعلت لله شريكا فـي ملكه
وخـلقه.



الآية : 72


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ
جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُم
بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ
وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وَاللّهُ الذي جَعَلَ
لَكُمْ أيها الناس مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا يعنـي أنه خـلق آدم زوجته حوّاء،
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزواجكم بنـين وحَفَدةً، كما:



16432ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة: وَالله جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا: أي والله خـلق
آدم، ثم خـلق زوجته منه ثم جعل لكم بنـين وحفدة.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيـين
بـالـحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرجل علـى بناته. ذكر من قال ذلك:



16433ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا: حدثنا
أبو معاوية، قال: حدثنا أبـان بن تغلب، عن الـمنهال بن عمرو، عن ابن حبـيش، عن عبد
الله: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: الأَخْتان.



16434ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، عن
عاصم، عن ورقاء سألت عبد الله: ما تقول فـي الـحَفَدَة؟ هم حَشَم الرجل يا أبـا
عبد الرحمن؟ قال: لا، ولكنهم الأختان.



حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن
وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قالا جميعا: حدثنا سفـيان، عن عاصم بن
بَهْدَلة، عن زِرّ بن حُبَـيش، عن عبد الله، قال: الـحَفَدة: الأختان.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان
بإسناده عن عبد الله، مثله.



16435ـ حدثنا ابن بشار وأحمد بن الولـيد القرشي
وابن وكيع وسوار بن عبد الله العنبريّ ومـحمد بن خـلف بن خِراش والـحسن بن خـلف
الواسطيّ، قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عن أبـي الضحى، قال:
الـحَفَدة: الأختان.





16436ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا هشيـم، عن الـمغيرة، عن إبراهيـم، قال: الـحَفَدة: الأختان.





16437ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو
أحمد، قال: حدثنا إسرائيـل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير: بَنِـينَ
وَحَفَدَةً قال: الـحَفَدة: الأختان.





حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة،
عن إبراهيـم، قال: الـحَفَدَة: الـخَتْن.





حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عيـينة، عن
عاصم، عن زرّ، عن عبد الله، قال: الأختان.





16438ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حفص، عن
أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: الأختان.





16439ـ وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ عن ابن عبـاس، قوله: وحَفَدَةً قال: الأصهار.





حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج، قال:
حدثنا حماد، عن عاصم، عن زرّ، عن ابن مسعود، قال: الـحَفَدة: الأختان.





16440ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عاصم بن أبـي النـجود، عن زرّ بن حبـيش، قال:
قال لـي عبد الله بن مسعود: ما الـحفَدة يا زِرّ؟ قال: قلت: هم أحفـاد الرجل من
ولده وولد ولده. قال: لا، هم الأصهار.





وقال آخرون: هم أعوان الرجل وخدمه. ذكر من قال
ذلك:





16441ـ حدثنـي مـحمد بن خالد بن خداش، قال:
ثنـي سلـيـم بن قتـيبة، عن وهب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:54 pm

بن
حبـيب الأَسَدي، عن أبـي حمزة، عن ابن عبـاس سئل عن قوله: بَنِـينَ وَحَفَدَةً
قال: من أعانك فقد حَفَدك، أما سمعت قوله الشاعر:



حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلُهنّ
وأُسْلِـمَتْبأكُفّهِنّ أزِمّةُ الأجْمالِ



16442ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن
سماك، عن عكرمة، فـي قوله: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: الـحفدة: الـخُدّام.



حدثنـي مـحمد بن خالد بن خداش، قال: ثنـي
سَلْـم بن قتـيبة، عن حازم بن إبراهيـم البَجَلـي، عن سماك، عن عكرمة، قال: قال:
الـحَفَدة: الـخُدّام.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عيـينة،
عن حصين، عن عكرمة، قال: هم الذين يُعينون الرجل من ولده وخدمه.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن الـحكَم بن أبـان، عن عكرمة: وَحَفَدَةً قال: الـحَفدة: من خدمك
مِنْ ولدك.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن
سلام بن سلـيـم، وقـيس عن سمِاك، عن عكرمة، قال: هم الـخدم.



حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا
سلام أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، مثله.



16443ـ حدثنـي مـحمد بن خالد، قال: ثنـي سلـمة،
عن أبـي هلال، عن الـحسن، فـي قوله: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: البنـين وبنـي
البنـين، مَن أعانك من أهل وخادم فقد حفدك.



16444ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن
عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن منصور، عن الـحسن، قال: هم الـخَدَم.



16445ـ حدثنـي مـحمد بن خالد وابن وكيع، ويعقوب
بن إبراهيـم، قالوا: حدثنا إسماعيـل بن عُلَـية، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد،
قال: الـحَفَدة: الـخَدَم.



16446ـ حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو
أحمد وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
جميعا عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: ابنه
وخادمه.



16447ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل جميعا، عن ابن أبـي نـجيح،
عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: أنصارا وأعوانا
وخدّاما.



16448ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا زمعة، عن ابن طاوس، عن أبـيه، قال: الـحفدة: الـخدم.



16449ـ حدثنا ابن بشار مرّة أخرى، قال: ابنه
وخادمه.



16450ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة قال: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِـينَ وَحَفَدَةً
مَهَنة يَـمْهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامة أكرمكم الله بها.



16451ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبد الله،
عن إسرائيـل، عن السّديّ، عن أبـي مالك: الـحَفَدة، قال: الأعوان.



16452ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن
سفـيان، عن حصين، عن عكرمة، قال: الذين يعينونه.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن الـحكَم بن أبـان، عن عكرمة، فـي قوله: بَنِـينَ
وَحَفَدَةً قال: الـحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك.



حدثنا الـحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال:
أخبرنا ابن التـيـميّ، عن أبـيه، عن الـحسن، قال: الـحَفَدة: الـخَدَم.



حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال:
حدثنا سفـيان، عن حصين، عن عكرمة: بَنِـينَ وَحَفَدَةًقال: ولده الذين يعينونه.



وقال آخرون: هم ولد الرجل وولد ولده. ذكر من
قال ذلك:



16453ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا عبد
الصمد، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس: وَحَفَدَةً
قال: هم الولد وولد الولد.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر،
قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن مـجاهد وسعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس فـي هذه
الاَية: بَنِـينَ وَحَفَدَةً قال: الـحَفَدة: البنون.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا غُنْدَر، عن شعبة،
عن أبـي بشر، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس، مثله.



16454ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن أبـي بكر، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: بنوك حين يحفدونك ويرفدونك
ويعينونك ويخدمونك، قال حميد:



حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلَهُنّ
وأُسْلِـمَتْبِأَكُفّهِنّ أزِمّةَ الأجمْالِ



16455ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِـينَ وَحَفَدَةً
قال: الـحفَدة: الـخدم من ولد الرجل هم ولده، وهم يخدمونه. قال: ولـيس تكون
العبـيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبد؟ إنـما الـحفدة: ولد الرجل وخدمه.



16456ـ حُدثت عن الـحسين بن الفَرَج، قال: سمعت
أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول، فـي قوله:
بَنِـينَ وَحَفَدَةً يعنـي: ولد الرجل يحفِدونه ويخدُمونه، وكانت العرب إنـما
تـخدمهم أولادهم الذكور.



وقال آخرون: هم بنو امرأة الرجل من غيره. ذكر
من قال ذلك:



16457ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَجَعَلَ لَكُمْ
مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِـينَ وَحَفَدَةً يقول: بنو امرأة الرجل لـيسوا منه.



ويقال: الـحَفَدة: الرجل يعمل بـين يدي الرجل،
يقول: فلان يحفد لنا، ويزعم رجال أن الـحفَدة أخْتان الرجل.



والصواب من


القول
فـي ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالـى أخبر عبـاده معرفَهم نعمه علـيهم، فـيـما
جعل لهم من الأزواج والبنـين، فقال تعالـى: وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ
أنْفُسِكُمْ أزْوَاجا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أزْوَاجِكُمْ بَنِـينَ وَحَفَدَةً
فأعلـمهم أنه جعل لهم من أزواجهم بنـين وحَفدة، والـحفَدة فـي كلام العرب: جمع
حافد، كما الكذبة: جمع كاذب، والفسَقة: جمع فـاسق. والـحافد فـي كلامهم: هو
الـمتـخفّف فـي الـخدمة والعمل، والـحَفْد: خفة العمل يقال: مرّ البعير يحَفِدُ
حفَدَانا: إذا مرّ يُسرع فـي سيره. ومنه قولهم: «إلـيك نسعى ونَـحْفِدُ»: أي نسرع
إلـى العمل بطاعتك. يقال منه: حَفَدَ له يَحْفِدُ حَفْدا وحُفُودا وحَفَدَانا ومنه
قول الراعي:



كَلّفْتُ مَـجْهُوَلَها نُوقا يَـمَانـيَةًإذا
الـحُدَاةُ علـى أكْسائها حَفَدُوا



وإذ كان معنى الـحفدة ما ذكرنا من أنهم
الـمسرعون فـي خدمة الرجل الـمتـخففون فـيها، وكان الله تعالـى ذكره أخبرنا أن
مـما أنعم به علـينا أن جعل لنا حفدة تـحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين
يصلـحون للـخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا
من مـمالـيكنا إذا كانوا يحفدوننا فـيستـحقون اسم حفدة، ولـم يكن الله تعالـى دلّ
بظاهر تنزيـله ولا علـى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا بحجة عقل، علـى أنه عنى
بذلك نوعا من الـحفدة دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علـينا، لـم يكن لنا أن
نوجه ذلك إلـى خاصّ من الـحفدة دون عام، إلا ما اجتـمعت الأمة علـيه أنه غير داخـل
فـيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التـي ذكرنا عمن ذكرنا وجه فـي الصحة ومَخْرج
فـي التأويـل وإن كان أولـى بـالصواب من القول ما اخترنا لـما بـيّنا من الدلـيـل.



وقوله: وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطّيّبـاتِ يقول:
ورزقكم من حلال الـمعاش والأرزاق والأقوات. أفَبـالبـاطِلِ يُؤْمِنُونَ يقول
تعالـى ذكره: يحرّم علـيهم أولـياء الشيطان من البحائر والسوائب والوصائل، فـيصدّق
هؤلاء الـمشركون بـالله. وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ يقول: وبـما أحلّ
الله لهم من ذلك وأنعم علـيهم بإحلاله، يَكْفُرُونَ يقول: ينكرون تـحلـيـله،
ويجحدون أن يكون الله أحلّه.



الآية : 73 و 74


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَيَعْبُدُونَ
مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مّنَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ
شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ * فَلاَ
تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأمْثَالَ إِنّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
}.



يقول تعالـى ذكره: ويعبد هؤلاء الـمشركون بـالله
من دونه أوثانا لا تـملك لهم رزقا من السموات، لأنها لا تقدر علـى إنزال قطر منها
لإحياء موتان الأرضين. والأَرْضِ يقول: ولا تـملك لهم أيضا رزقا من الأرض لأنها لا
تقدر علـى إخراج شيء من نبـاتها وثمارها لهم ولا شيئا مـما عدّد تعالـى فـي هذه
الاَية أنه أنعم بها علـيهم. وَلا يَسْتَطِيعُونَ يقول: ولا تـملك أوثانهم شيئا من
السموات والأرض، بل هي وجميع ما فـي السموات والأرض لله ملك، ولا يَسْتَطِيعُونَ
يقول: ولا تقدر علـى شيء.



وقوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثالَ
يقول: فلا تـمثلوا لله الأمثال، ولا تشبّهوا له الأشبـاه، فإنه لا مِثْل له ولا
شِبْه.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16458ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: الأمثال الأشبـاه.



16459ـ وحدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: فَلا تَضْرِبُوا
لِلّهِ الأَمْثالَ يعنـي اتـخاذهم الأصنام، يقول: لا تـجعلوا معي إلها غيري، فإنه
لا إله غيري.



16460ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَـمْلِكُ لَهُمْ
رِزْقا مِنَ السّمَوَاتِ والأرْضِ شَيْئا وَلا يَسْتَطِيعُونَ قال: هذه الأوثان
التـي تُعْبد من دون الله لا تـملك لـمن يعبدها رزقا ولا ضرّا ولا نفعا، ولا حياة
ولا نشورا. وقوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثالَ فإنه أحَد صَمَد لـم يَـلِد
ولـم يُولَد ولـم يكن له كُفُوا أحد. إنّ اللّهَ يَعْلَـمُ وأنْتُـمْ لا
تَعْلَـمونَ يقول: والله أيها الناس يعلـم خطأ ما تـمثلون وتضربون من الأمثال
وصوابه، وغير ذلك من سائر الأشياء، وأنتـم لا تعلـمون صواب ذلك من خطئه.



واختلف أهل العربـية فـي الناصب قوله: «شَيْئا»
فقال بعض البصريـين: هو منصوب علـى البدل من الرزق، وهو فـي معنى: لا يـملكون رزقا
قلـيلاً ولا كثـيرا. وقال بعض الكوفـيـين: نصب «شيئا» بوقوع الرزق علـيه، كما قال
تعالـى ذكره: ألَـمْ نَـجْعَلِ الأرْضَ كِفـاتا أحْياءً وأمْوَاتا. أي تكفت
الأحياء والأموات، ومثله قوله تعالـى ذكره: أوْ إطْعامٌ فِـي يَوْمٍ ذِي
مَسْغَبَةٍ يَتِـيـما ذا مَقْرَبَةٍ أوْ مِسْكِينا ذَا مَتْرَبَةٍ. قال: ولو كان
الرزق مع الشيء لـجاز خفضه، لا يـملك لكم رزق شيء من السموات، ومثله: فَجَزَاءٌ
مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النّعَمِ.






الآية : 75


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {ضَرَبَ اللّهُ
مَثَلاً عَبْداً مّمْلُوكاً لاّ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَمَن رّزَقْنَاهُ مِنّا
رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ
الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: وشَبّه لكم شَبها أيها
الناس للكافر من عبـيده، والـمؤمن به منهم. فأما مثَل الكافر: فإنه لا يعمل بطاعة
الله، ولا يأتـي خيرا، ولا ينفق فـي شيء من سبـيـل الله ماله لغلبة خذلان الله
علـيه، كالعبد الـمـملوك الذي لا يقدر علـى شيء فـينفقه. وأما الـمؤمن بـالله فإنه
يعمل بطاعة الله وينفق فـي سبـيـله ماله كالـحرّ الذي آتاه الله مالاً فهو ينفق
منه سرّا وجهرا، يقول: بعلـم من الناس وغير علـم. هَلْ يَسْتَوُونَ يقول هل يستوي
العبد الذي لا يـملك شيئا ولا يقدر علـيه، وهذا الـحرّ الذي قد رزقه الله رزقا
حسنا فهو ينفق كما وَصَف؟ فكذلك لا يستوي الكافر العامل بـمعاصي الله الـمخالف
أمره والـمؤمن العامل بطاعته.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك كان بعض أهل العلـم
يقول. ذكر من قال ذلك:



16461ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْدا مَـمْلُوكا لا يَقْدِرُ علـى
شَيْءٍ هذا مثل ضربه الله للكافر، رزقه مالاً فلـم يقدّم فـيه خيرا ولـم يعمل فـيه
بطاعة الله، قال الله تعالـى ذكره: وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقا حَسَنا فهذا
الـمؤمن أعطاه الله مالاً، فعمل فـيه بطاعة الله وأخذ بـالشكر ومعرفة حقّ الله،
فأثابه الله علـى ما رزقه الرزق الـمقـيـم الدائم لأهله فـي الـجنة، قال الله
تعالـى ذكره: هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً، والله ما يستويان: الـحَمْدُ لِلّهِ بَلْ
أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَـمُونَ.



16462ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: عَبْدا مَـمْلُوكا لا يَقْدِرُ عَلـى شَيْءٍ
قال: هو الكافر لا يعمل بطاعة الله ولا ينفق خيرا وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقا
حَسَنا قال: الـمؤمن يطيع الله فـي نفسه وماله.



16463ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: ضَرَبَ اللّهُ
مَثَلاً عَبْدا مَـمْلُوكا لا يَقْدِرُ عَلـى شَيْءٍ يعنـي: الكافر أنه لا يستطيع
أن ينفق نفقة فـي سبـيـل الله وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقا حَسَنا فَهُوَ
يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّا وَجَهْرا يعنـي الـمؤمن، وهذا الـمثل فـي النفقة.



وقوله: الـحَمْدُ لِلّهِ يقول: الـحمد الكامل
لله خالصا دون ما تَدْعُون أيها القوم من دونه من الأوثان فإياه فـاحمدوا دونها.
وقوله: بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَـمُونَ يقول: ما الأمر كما تفعلون، ولا القول
كما تقولون، ما للأوثان عندهم من يد ولا معروف فتُـحْمد علـيه، إنـما الـحمد لله
ولكن أكثر هؤلاء الكفرة الذين يعبدونها لا يعلـمون أن ذلك كذلك، فهم بجهلهم بـما
يأتون ويَذَرون يجعلونها لله شركاء فـي العبـادة والـحمد.



وكان مـجاهد يقول: ضرب الله هذا الـمثل،
والـمثل الاَخر بعده لنفسه، والاَلهة التـي تعبد من دونه.



الآية : 76


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَضَرَبَ
اللّهُ مَثَلاً رّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ
وَهُوَ كَلّ عَلَىَ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجّههّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ
يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ }.



وهذا مثل ضربه الله تعالـى لنفسه والاَلهة
التـي تُعبد من دونه، فقال تعالـى ذكره: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجْلَـيْنِ
أحَدُهُما أبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلـى شَيْءٍ يعنـي بذلك الصنـم أنه لا يسمع شيئا
ولا ينطق، لأنه إما خشب منـحوت وإما نـحاس مصنوع لا يقدر علـى نفع لـمن خدمه ولا
دفع ضرّ عنه. وهُوَ كَلّ علـى مَوْلاَهُ يقول: وهو عيال علـى ابن عمه وحلفـائه
وأهل ولايته، فكذلك الصنـم كَلّ علـى من يعبده، يحتاج أن يحمله ويضعه ويخدمه،
كالأبكم من الناس الذي لا يقدر علـى شيء، فهو كلّ علـى أولـيائه من بنـي أعمامه
وغيرهم. أيْنَـما يُوجّهْهُ لا يَأْتِ بخَيْرٍ يقول: حيثما يوجهه لا يأت بخير،
لأنه لا يفهم ما يُقال له، ولا يقدر أن يعبر عن نفسه ما يريد، فهو لا يفهم ولا
يُفْهَم عنه، فكذلك الصنـم لا يعقل ما يقال له فـيأتـمر لأمر من أمره، ولا ينطق
فـيأمر وينهي يقول الله تعالـى: هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ
يعنـي: هل يستوي هذا الأبكم الكلّ علـى مولاه الذي لا يأتـي بخير حيث توجه ومن هو
ناطق متكلـم يأمر بـالـحقّ ويدعو إلـيه وهو الله الواحد القهار الذي يدعو عبـاده
إلـى توحيده وطاعته؟ يقول: لا يستوي هو تعالـى ذكره، والصنـم الذي صفته ما وصف.
وقوله: وَهُوَ علـى صِراطٍ مُسْتَقِـيـمٍ يقول: وهو مع أمره
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty25/7/2011, 8:55 pm

بـالعدل،
علـى طريق من الـحقّ فـي دعائه إلـى العدل وأمره به مستقـيـم، لا يَعْوَجّ عن
الـحقّ ولا يزول عنه.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي الـمضروب له هذا
الـمثل، فقال بعضهم فـي ذلك بنـحو الذي قلنا فـيه. ذكر من قال ذلك:



16464ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: لا يَقْدِرُ عَلـى شَيْءٍ قال: هو الوثن. هَلْ
يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ قال: الله يأمر بـالعدل. وَهُوَ عَلـى
صِراطٍ مُسْتَقِـيـمٍ وكذلك كان مـجاهد يقول إلا أنه كان يقول: الـمثل الأوّل أيضا
ضربه الله لنفسه وللوثَن.



16465ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حُذيفة، قال: حدثنا شبل، جميعا عن ابن أبـي
نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى ذكره: عَبْدا مَـمْلُوكا لا يَقْدِرُ عَلـى
شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقا حَسَنا ورَجُلَـيْنِ أحَدُهُما أبْكَمُ
وَمَنْ يَأْمُرُ بِـالعَدْلِ قال: كل هذا مثل إله الـحقّ، وما يُدعي من دونه من
البـاطل.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16466ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو معاوية،
عن جويبر، عن الضحاك: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَجْلَـيْنِ أحَدُهُما أبْكَمُ قال:
إنـما هذا مثل ضربه الله.



وقال آخرون: بل كلا الـمثلـين للـمؤمن والكافر.
وذلك قول يُروَى عن ابن عبـاس، وقد ذكرنا الرواية عنه فـي الـمثل الأوّل فـي
موضعه.



وأما فـي الـمثل الاَخر:


16467ـ فحدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: وَضَرَب اللّهُ مْثَلاً
رَجُلَـيْنِ أحَدُهُما أبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلـى شَيْءٍ وَهُوَ كَلّ عَلـى
مَوْلاهُ... إلـى آخر الاَية، يعنـي بـالأبكم: الذي هو كَلّ علـى مولاه الكافر،
وبقوله: وَمَنْ يَأْمُرُ بـالعَدْلِ الـمؤمن، وهذا الـمثل فـي الأعمال.



16468ـ حدثنا الـحسن بن الصبـاح البزار، قال:
حدثنا يحيى بن إسحاق السيـلـحينـي، قال: حدثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن
خثـيـم، عن إبراهيـم، عن عكرمة، عن يَعْلـىَ بن أمية، عن ابن عبـاس، فـي قوله:
ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْدا مَـمْلُوكا قال: نزلت فـي رجل من قريش وعبده. وفـي
قوله: مَثَلاً رَجُلَـيْنِ أحَدُهُما أبْكَمُ لا يَقْدِرُ علـى شَيْءٍ... إلـى
قوله: وَهُوَ عَلـى صِرَاطٍ مُسْتَقِـيـمٍ قال: هو عثمان بن عفـان. قال: والأبكم
الذي أينـما يُوَجّهُ لا يأت بخير، ذاك مولـى عثمان بن عفّـان، كان عثمان ينفق
علـيه ويكفله ويكفـيه الـمئونة، وكان الاَخر يكره الإسلام ويأبـاه وينهاه عن
الصدقة والـمعروف، فنزلت فـيهما.



وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي الـمثل
الأوّل لأنه تعالـى ذكره مثّل مثَل الكافر بـالعبد الذي وصف صفته، ومَثّل مثل
الـمؤمن بـالذي رزقه رزقا حسنا فهو ينفق مـما رزقه سرّا وجهرا، فلـم يجز أن يكون
ذلك لله مثلاً، إذ كان الله إنـما مثّل الكافر الذي لا يقدر علـى شيء بأنه لـم
يرزقه رزقا ينفق منه سرّا ومثّل الـمؤمن الذي وفّقه الله لطاعته فهداه لرشده فهو
يعمل بـما يرضاه الله، كالـحرّ الذي بسط له فـي الرزق فهو ينفق منه سرّا وجهرا،
والله تعالـى ذكره هو الرازق غير الـمرزوق، فغير جائز أن يـمثل إفضاله وجوده
بإنفـاق الـمرزوق الرزق الـحسن. وأما الـمثل الثانـي، فإنه تـمثـيـل منه تعالـى
ذكره مَنْ مثله الأبكم الذي لا يقدر علـى شيء والكفـار لا شكّ أن منهم من له
الأموال الكثـيرة، ومن يضرّ أحيانا الضرّ العظيـم بفساده، فغير كائن ما لا يقدر
علـى شيء، كما قال تعالـى ذكره مثلاً، لـمن يقدر علـى أشياء كثـيرة. فإذا كان ذلك
كذلك كان أولـى الـمعانـي به تـمثـيـل ما لا يقدر علـى شيء كما قال تعالـى ذكره
بـمثله ما لا يقدر علـى شيء، وذلك الوثن الذي لا يقدر علـى شيء، بـالأبكم الكَلّ
علـى مولاه الذي لا يقدر علـى شيء كما قال ووصف.



الآية : 77


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلِلّهِ
غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَآ أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ
أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.



يقول تعالـى ذكره: ولله أيها الناس مِلك ما
غاب عن أبصاركم فـي السموات والأرض دون آلهتكم التـي تدعون من دونه، ودون كلّ ما
سواه، لا يـملك ذلك أحد سواه. وَما أمْرُ السّاعَةِ إلاّ كَلَـمْـحِ البَصَرِ
يقول: وما أمر قـيام القـيامة والساعة التـي تنشر فـيها الـخـلق للوقوف فـي موقـف
القـيامة، إلا كنظرة من البصر، لأن ذلك إنـما هو أن يقال له كن فـيكون. كما:



16469ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: إلاّ كَلَـمْـحٍ البَصَرِ أوْ هُوَ أقْرَبُ
والساعة: كلـمـح البصر، أو أقرب.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: وَما أمْرُ السّاعَةِ إلاّ كَلَـمْـحِ
البَصَرِ قال: هو أن يقول: كن، فهو كلـمـح البصر فأمر الساعة كلـمـح البصر أو أقرب
يعنـي يقول: أو هو أقرب من لـمـح البصر.



وقوله: إنّ اللّهَ عَلـى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
يقول: إن الله علـى إقامة الساعة فـي أقرب من لـمـح البصر قادر، وعلـى ما يشاء من
الأشياء كلها، لا يـمتنع علـيه شيء أراده.



الآية : 78


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم
مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ
وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ }.



يقول تعالـى ذكره: والله تعالـى أعلـمكم ما
لـم تكونوا تعلـمون من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعقلون شيئا ولا تعلـمون،
فرزقكم عقولاً تفقهون بها وتـميزون بها الـخير من الشرّ وبصرّكم بها ما لـم تكونوا
تبصرون، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به الأصوات، فـيفقه بعضكم عن بعض ما تتـحاورون
به بـينكم والأبصار التـي تبصرون بها الأشخاص فتتعارفون بها وتـميزون بها بعضا من
بعض. والأفْئِدَةَ يقول: والقلوب التـي تعرفون بها الأشياء فتـحفظونها وتفكرون
فتفقهون بها. لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول: فعلنا ذلك بكم، فـاشكروا الله علـى ما
أنعم به علـيكم من ذلك، دون الاَلهة والأنداد، فجعلتـم له شركاء فـي الشكر، ولـم
يكن له فـيـما أنعم به علـيكم من نعمه شريك.



وقوله: وَاللّهُ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ
أمّهاتِكُمْ لا تَعْلَـمُونَ شَيْئا كلام متناه، ثم ابتدىء الـخبر، فقـيـل: وجعل
الله لكم السمع والأبصار والأفئدة. وإنـما قلنا ذلك كذلك، لأن الله تعالـى ذكره
جعل العبـادة والسمع والأبصار والأفئدة قبل أن يخرجهم من بطون أمهاتهم، وإنـما
أعطاهم العلـم والعقل بعدما أخرجهم من بطون أمهاتهم.



الآية : 79


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَمْ
يَرَوْاْ إِلَىَ الطّيْرِ مُسَخّرَاتٍ فِي جَوّ السّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنّ إِلاّ
اللّهُ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.



يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين: ألـم
تَرَوا أَيّها الـمشركون بـالله إلـى الطير مسخرات فـي جوّ السماء، يعنـي: فـي
هواء السماء بـينها وبـين الأرض، كما قال إبراهيـم بن عمران الأنصاريّ:



وَيْـلُـمّها مِنْ هَوَاءِ الـجَوّ طالِبَةًوَلا
كَهذا الّذِي فـي الأرْضِ مَطْلُوبُ



يعنـي: فـي هواء السماء. ما يُـمْسِكُهُنّ إلاّ
اللّهُ يقول: ما طيرانها فـي الـجوّ إلا بـالله وبتَسْخِيره إياها بذلك، ولو سلبها
ما أعطاها من الطيران لـم تقدر علـى النهوض ارتفـاعا. وقوله: إنّ فِـي ذلكَ
لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يقول: إن فـي تسخير الله الطير وتـمكينه لها الطيران
فـي جوّ السماء، لعلامات ودلالات علـى أن لا إله إلا اللّهُ وحدَه لا شريك له،
وأنه لاحظ للأصنام والأوثان فـي الألوهة. لَقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يعنـي: لقوم يقرّون
بوجدان ما تعاينه أبصارهم وتـحسه حواسّهم.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16470ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: مُسَخّرَاتٍ فِـي جَوّ السّماءِ: أي فـي كبد السماء.



الآية : 80


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللّهُ
جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ الأنْعَامِ
بُيُوتاً تَسْتَخِفّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ
أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىَ حِينٍ }.



يقول تعالـى ذكره: وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ
أيها الناس، مِنْ بُـيُوتِكُمْ التـي هي من الـحجر والـمدر، سَكَنا تسكنون أيام
مقامكم فـي دوركم وبلادكم. وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ جُلُودِ الأَنْعامِ بُـيُوتا وهي
البـيوت من الأنطاع والفساطيط من الشعر والصوف والوبر. تَسْتَـخِفّوَنها يقول:
تستـخفون حملها ونقلها، يَوْمَ ظَعْنِكُمْ من بلادكم وأمصاركم لأسفـاركم، وَيَوْمَ
إقامَتِكُمْ فـي بلادكم وأمصاركم. وَمِنْ أصْوَافِها وأوْبـارِها وأشْعارِها
أثاثا.



وبنـحو الذي قلنا فـي معنى السكن قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16471ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن
أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى: مِنْ بُـيُوتِكُمْ سَكَنا قال:
تسكنون فـيه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وأما الأشعار فجمع شَعْر تثقل عينه وتـخفف،
وواحد الشّعْر شَعْرة. وأما الأثاث فإنه متاع البـيت لـم يسمع له بواحد، وهو فـي
أنه لا واحد له مثل الـمتاع. وقد حكي عن بعض النـحويـين أنه كان يقول: واحد الأثاث
أثاثة ولـم أر أهل العلـم بكلام العرب يعرفون ذلك. ومن الدلـيـل علـى أن الأثاث هو
الـمتاع، قول الشاعر:



أهاجَتْكَ الظّعائِنُ يَوْمَ بـانُوابِذِي
الرّئْيِ الـجَمِيـلِ مِنَ الأثاثِ



ويروى: «بذي الزيّ». وأنا أرى أصل الأثاث
اجتـماع بعض الـمتاع إلـى بعض حتـى يكثر كالشعر الأثـيث وهو الكثـير الـملتفّ،
يقال منه، أثّ شعر فلان يئِثّ أثّا: إذا كثر والتفّ واجتـمع.



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16472ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: أثاثا يعنـي
بـالأثاث: الـمال.



16473ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
وحدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن
أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى: أثاثا قال: متاعا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16474ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن
ثور، عن معمر، عن قتادة: أثاثا قال: هو الـمال.



16475ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الله بن
حرب الرازي، قال: أخبرنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن حميد بن عبد الرحمن، فـي
قوله: أثاثا قال: الثـياب.



وقوله: وَمَتاعا إلـى حِينٍ فإنه يعنـي: أنه
جعل ذلك لهم بلاغا، يتبلّغون ويكتفون به إلـى حين آجالهم للـموت. كما:



16476ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: ومَتاعا إلـى حِينٍ فإنه
يعنـي: زينة، يقول: ينتفعون به إلـى حين.



16477ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة،
قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَمَتاعا إلـى حِينٍ قال: إلـى
الـموت.



16478ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن
ثور، عن معمر، عن قتادة: وَمَتاعا إلـى حِينٍ إلـى أجل وبُلْغة.



الآية : 81


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى {وَاللّهُ جَعَلَ
لَكُمْ مّمّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً
وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ
كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ }.





يقول تعالـى ذكره: ومن نعمة الله علـيكم أيها
الناس أن جعل لكم مـما خـلق من الأشجار وغيرها ظلالاً تستظلّون بها من شدّة
الـحرّ، وهي جمع ظلّ.





وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:





16479ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الـحكم بن
بشير، قال: حدثنا عمرو، عن قتادة، فـي قوله: مِـمّا خَـلَقَ ظِلالاً قال: الشجر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
fareed tauson
مؤسس الموقع

مؤسس الموقع
fareed tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3039
تاريخ التسجيل : 15/10/2010
الموقع : منتدي شباب ستار
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty27/7/2011, 1:47 am

تفسر سورة النحل 128874263118
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسر سورة النحل E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسر سورة النحل Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسر سورة النحل   تفسر سورة النحل Empty9/8/2011, 11:38 pm



تفسر سورة النحل Download
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
 
تفسر سورة النحل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة عبس
» سورة البقرة
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص
» تفسير سورة هود

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: