قال أبو جعفر: قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله الر والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ يعني: هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, وهو القرآن. ورفع قوله: «كتابٌ» بنية: هذا كتاب. فأما على قول من زعم أن قوله: الر مراد به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن, وجعلت هذه الحروف دلالة على جميعها, وأن معنى الكلام: هذه الحروف كتاب أحكمت آياته, فإن الكتاب على قوله ينبغي أن يكون مرفوعا بقوله: الر.
وأما قوله: أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله, فقال بعضهم: تأويله: أحكمت آياته بالأمر والنهي, ثم فصلت بالثواب والعقاب. ذكر من قال ذلك:
13862حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرني أبو محمد الثقفي, عن الحسن, في قوله: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ قال: أحكمت بالأمر والنهِي, وفصّلت بالثواب والعقاب.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني, عن أبي بكر الهذلي, عن الحسن: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قال: أحكمت في الأمر والنهي وفصلت بالوعيد.
حدثني المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن رجل, عن الحسن: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ قال: بالأمر والنهِي ثُمّ فُصّلَتْ قال: بالثواب والعقاب.
ورُوي عن الحسن قول خلافَ هذا. وذلك ما:
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن أبي بكر, عن الحسن, قال: وحدثنا عباد بن العوّام, عن رجل, عن الحسن: أُحْكِمَتْ بالثواب والعقاب ثُمّ فُصّلَتْ بالأمر والنهِي.
وقال آخرون: معنى ذلك: أحكمت آياته من الباطل, ثم فصلت, فبين منها الحلال والحرام. ذكر من قال ذلك:
13930ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه, فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.
13931ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ قال: أحكمها الله من الباطل, ثم فصلها: بينها.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: أحكم الله آياته من الدّخل والخلل والباطل, ثم فصلها بالأمر والنهي. وذلك أن إحكام الشيء إصلاحه وإتقانه, وإحكام آيات القرآن إحكامها من خلل يكون فيها أو باطل يقدر ذوزيغ أن يطعن فيها من قبله. وأما تفصيل آياته فإنه تمييز بعضها من بعض بالبيان عما فيها من حلال وحرام وأمر ونهي. وكان بعض المفسرين يفسر قوله: فُصّلَتْ بمعنى: فسرت, وذلك نحو الذي قلنا فيه من القول. ذكر من قال ذلك:
13932ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, قال: حدثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ثُمّ فُصّلَتْ قال: فسرت.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: فُصّلَتْ قال: فسرت.
قال: حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج, قال: بلغني, عن مجاهد: ثُمّ فُصّلَتْ قال: فسرت.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.
وقال قتادة: معناه: بيّنت, وقد ذكرنا الرواية بذلك قبل, وهو شبيه المعنى بقول مجاهد.
وأما قوله: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ فإن معناه: حكيم بتدبير الأشياء وتقديرها, خبير بما يؤول إليه عواقبها.
13933ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ يقول: من عند حكيم خبير.
الآية : 2
القول في تأويل قوله تعالى: {أَلاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ اللّهَ إِنّنِي لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ }.
يقول تعالى ذكره: ثم فصّلت بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له وتخلعوا الاَلهة والأنداد. ثم قال تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للناس: إنني لكم من عند الله نذير ينذركم عقابه على معاصيه وعبادة الأصنام, وبشير يبشركم بالجزيل من الثواب على طاعته وإخلاص العبادة والألوهة له.
يقول تعالى ذكره: ثم فصلت آياته بأن لا تعبدوا إلا الله وبأن استغفروا ربكم. ويعني بقوله: وأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ وأن اعملوا أيها الناس من الأعمال ما يرضي ربكم عنكم, فيستر عليكم عظيم ذنوبكم التي ركبتموها بعبادتكم الأوثان والأصنام وإشراككم الاَلهة والأنداد في عبادته.
وقوله: ثُمّ تُوبُوا إلَيْهِ يقول: ثم ارجعوا إلى ربكم بإخلاص العبادة له دون ما سواه من سائر ما تعبدون من دونه بعد خلعكم الأنداد وبراءتكم من عبادتها. ولذلك قيل: وأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ ثُمّ تُوبُوا إلَيْهِ ولم يقل: وتوبوا إليه لأن التوبة معناها الرجوع إلى العمل بطاعة الله, والاستغفار: استغفار من الشرك الذي كانوا عليه مقيمين, والعمل لله لا يكون عملاً له إلا بعد ترك الشرك به, فأما الشرك فإن عمله لا يكون إلا للشيطان, فلذلك أمرهم تعالى ذكره بالتوبة إليه بعد الاستغفار من الشرك, لأن أهل الشرك كانوا يرون أنهم يطيعون الله بكثير من أفعالهم وهم على شركهم مقيمون.
وقوله: يُمَتّعْكُمْ مَتاعا حَسَنا إلى أجَلٍ مُسَمّى يقول تعالى ذكره للمشركين الذين خاطبهم بهذه الاَيات: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه, فإنكم إذا فعلتم ذلك بسط عليكم من الدنيا ورزقكم من زينتها, وأنسأ لكم في آجالكم إلى الوقت الذي قضى فيه عليكم الموت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
13934ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يُمَتّعْكُمْ مَتاعا حَسَنا إلى أجَلٍ مُسَمّى فأنتم في ذلك المتاع فخذوه بطاعة الله ومعرفة حقه, فإن الله منعم يحبّ الشاكرين وأهل الشكر في مزيد من الله, وذلك قضاؤه الذي قضى. وقوله: إلى أجَلٍ مُسَمّى يعني الموت.
13935ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: إلى أجَلٍ مُسَمّى قال: الموت.
13936ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إلى أجَلٍ مُسَمّى وهو الموت.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة: إلى أجَلٍ مُسَمّى قال: الموت.
وأما قوله: وَيُؤْتِ كُلّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ فإنه يعني: يثيب كلّ من تفضل بفضل ماله أو قوّته أو معروفه على غيره محتسبا مريدا به وجه الله, أجْزَلَ ثوابه وفضله في الاَخرة. كما:
13937ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: وَيُوءْتِ كُلّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ قال: ما احتسب به من ماله, أو عمل بيده أو رجله, أو كلمه, أو ما تطوّع به من أمره كله.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد. قال: وحدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه, إلا أنه قال: أو عمل بيديه أو رجليه وكلامه, وما تطوّل به من أمره كله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد بنحوه, إلا أنه قال: وما نطق به من أمره كله.
13938ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَيُوءْتِ كُلّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ أي في الاَخرة.
وقد رُوي عن ابن مسعود أنه كان يقول في تأويل ذلك ما:
13939ـ حُدثت به عن المسيب بن شريك, عن أبي بكر, عن سعيد بن جبير, عن ابن مسعود, في قوله: وَيُوءْتِ كُلّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة, ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات. فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات, وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات. ثم يقول: هلك من غلب آحاده أعشاره.
وقوله: وإنْ تَوَلّوْا فإني أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ يقول تعالى ذكره: وإن أعرضوا عما دعوتهم إليه من إخلاص العبادة لله وترك عبادة الاَلهة وامتنعوا من الاستغفار لله والتوبة إليه فأدبروا مولين عن ذلك, فإني أيها القوم أخاف عليكم عذاب يوم كبير شأنه عظيم هوله, وذلك يَوْمَ تُجْزَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. وقال جلّ ثناؤه: وإنْ تَوَلّوْا فإنّ أخافُ عَلَيْكُمْ عَذَاب يَوْمٍ كَبِيرٍ ولكنه مما قد تقدمه قوله, والعرب إذا قدمت قبل الكلام قولاً خاطبت ثم عادت إلى الخبر عن الغائب ثم رجعت بعد إلى الخطاب, وقد بينا ذلك في غير موضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
الآية : 4
القول في تأويل قوله تعالى: {إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
يقول تعالى ذكره: إلى الله أيها القوم ما بكم ومصيركم, فاحذروا عقابه إن توليتم عما أدعوكم إليه من التوبة إليه من عبادتكم الاَلهة والأصنام, فإنه مخلدكم نار جهنم إن هلكتم على شرككم قبل التوبة إليه. وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول: وهو على إحيائكم بعد مماتكم, وعقابكم على إشراككم به الأوثان وغير ذلك مما أراد بكم وبغيركم قادر.
اختلف القرّاء في قراءة قوله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ فقرأته عامة الأمصار: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ على تقدير يفعلون من «ثنيت», والصدور منصوبة.
واختلفت قارئو ذلك كذلك في تأويله, فقال بعضهم: ذلك كان من فعل بعض المنافقين كان إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم غطى وجهه وثنى ظهره. ذكر من قال ذلك:
13940ـ حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن حصين, عن عبد الله بن شدّاد في قوله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال: كان أحدهم إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه وثنى ظهره.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن عبد الله بن شداد بن الهاد, قوله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال: من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان المنافقون إذا مرّوا به ثنى أحدهم صدره ويطأطىء رأسه, فقال الله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ... الآية.
حدثني المثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: حدثنا هشيم, عن حصين, قال: سمعت عبد الله بن شداد يقول, في قوله: يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال: كان أحدهم إذا مرّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره, وتغشى بثوبه كي لا يراه النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: بل كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله وظنّا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك. ذكر من قال ذلك:
13941ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال: شكا وامتراء في الحقّ, ليستخفوا من الله إن استطاعوا.
حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ شكّا وامتراء في الحقّ. لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال: من الله إن استطاعوا.
13942ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال: تضيق شكّا.
حدثنا المثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ قال: تضيق شكّا وامتراء في الحقّ, قال: لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال: من الله إن استطاعوا.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, بنحوه.
13943ـ حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال: حدثنا عوف, عن الحسن, في قوله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال: من جهالتهم به, قال الله: ألاَ حِينَ يَسْتَغْثُونَ ثِيَابَهُمْ في ظلمة الليل في أجوف بيوتهم, يَعْلَمُ تلك الساعة ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ إنّهُ عَلِيمٌ بذاتِ الصّدُور.
13944ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن أبي رزين: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال: كان أحدهم يحني ظهره ويستغشي بثوبه.
وقال آخرون: إنما كانوا يفعلون ذلك لئلا يسمعوا كلام الله تعالى. ذكر من قال ذلك:
13945ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ... الآية, قال: كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله, قال تعالى: ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا حنى صدره واستغشى بثوبه وأضمر همه في نفسه, فإن الله لا يخفى ذلك عليه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ قال: أخفى ما يكون الإنسان إذا أسرّ في نفسه شيئا وتغطى بثوبه, فذلك أخفى ما يكون, والله يطلع على ما في نفوسهم, والله يعلم ما يسرّون وما يعلنون.
وقال آخرون: إنما هذا إخبار من الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين الذين كانوا يضمرون له العداوة والبغضاء ويبدون له المحبة والمودّة, وأنهم معه وعلى دينه. يقول جلّ ثناؤه: ألا إنهم يطوون صدورهم على الكفر ليستخفوا من الله, ثم أخبر جلّ ثناؤه أنه لا يخفى عليه سرائرهم وعلانيتهم.
وقال آخرون: كانوا يفعلون ذلك إذا ناجى بعضهم بعضا. ذكر من قال ذلك:
13946ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ألا إنّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ قال: هذا حين يناجي بعضهم بعضا. وقرأ: ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ... الآية.
عدل سابقا من قبل angel.love في 22/9/2011, 8:58 pm عدل 1 مرات
رسالته, فـان الذي يفعل بك هؤلاء من رد ما جئتهم به علـيك من النصيحة من فعل ضربـائهم من الأمـم قبلهم وسنة من سننهم. ثم أخبره جلّ ثناؤه بـما فعل قوم موسى به, فقال: وَلَقَدْ آتَـيْنا مُوسَى الكتابَ يعنـي التوراة, كما آتـيناك الفرقان, فـاختلف فـي ذلك الكتاب قوم موسى فكذب به بعضهم وصدق به بعضهم, كما قد فعل قومك بـالفرقات من تصديق بعض به وتكذيب بعض. وَلَوْلا كَلـمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبّكَ يقول تعالـى ذكره: ولولا كلـمة سبقت يا مـحمد من ربك بأنه لا يعجل علـى خـلقه بـالعذاب, ولكن يتأنى حتـى يبلغ الكتاب أجله لَقُضِيَ بَـيْنَهُمْ يقول: لقضي بـين الـمكذب منهم به والـمصدّق بإهلاك الله الـمكذّب به منهم وإنـجائه الـمصدّق به. وإنّهُمْ لفـي شَكَ مِنْهُ مُرِيبٍ يقول: وإن الـمكذّبـين به منهم لفـي شكّ من حقـيقته أنه من عند الله مريب, يقول: يريبهم فلا يدرون أحقّ هو أم بـاطل, ولكنهم فـيه مـمترون.
اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته جماعة من قرّاء أهل الـمدينة والكوفة: وَإنّ مشددة كُلاّ لـمّا مشدّدة.
واختلفت أهل العربـية فـي معنى ذلك, فقال بعض نـحويـي الكوفـيـين: معناه إذا قرىء كذلك وإن كلاّ لـمـما لـيوفـيهم ربك أعمالهم, ولكن لـما اجتـمعت الـميـمات حذفت واحدة فبقـيت ثنتان, فأدغمت واحدة فـي الأخرى, كما قال الشاعر:
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرىء كذلك: وإنّ كُلاّ شديدا وحقّا لـيوفـيهم ربك أعمالهم. قال: وإنـما يراد إذا قرىء ذلك كذلك: وإنّ كُلاّ لَـمّا بـالتشديد والتنوين, ولكن قاىء ذلك كذلك حذف منه التنوين, فأخرجه علـى لفظ «فَعْلَـى» لـما كما فعل ذلك فـي قوله: ثُمّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرَى فقرأ «تترى» بعضهم بـالتنوين, كما قرأ من قرأ: «لَـمّا» بـالتنوين, وقرأ آخرون بغير تنوين, كما قرأ لَـمّا بغير تنوين من قرأه, وقالوا: أصله من اللـمّ من قول الله تعالـى: وتَأْكُلُونَ التّراثَ أكْلاً لَـمّا يعنـي: أكلاً شديدا.
وقال آخرون: معنى ذلك إذا قرىء كذلك: وإن كلاّ إلا لـيوفـيهم, كما يقول القائل: لقد قمت عنا, وبـالله إلا قمت عنا. ووجدت عامة أهل العلـم بـالعربـية ينكرون هذا القول, ويأبون أن يكون جائزا توجيه «لـما» إلـى معنى «إلا» فـي الـيـمين خاصة وقالوا: لو جاز أن يكون ذلك بـمعنى إلا جاز أن يقال: قام القوم لـما أخاك, بـمعنى: إلا أخاك, ودخولها فـي كل موضع صلـح دخول إلا فـيه. وأنا أرى أن ذلك فـاسد من وجه هو أبـين مـما قاله الذين حكينا قولهم من أهل العربـية إنّ فـي فساده, وهو أنّ «إنّ» إثبـات للشيء وتـحقـيق له, و «إلا» أيضا تـحقـيق أيضا, وإنـما تدخـل نقضا لـجحد قد تقدمها. فإذا كان ذلك معناها فواجب أن تكون عند متأوّلها التأويـل الذي ذكرنا عنه, أن تكون بـمعنى الـجحد عنده, حتـى تكون إلا نقضا لها. وذلك إن قاله قائل قول لا يخفـى جهل قائله, اللهمّ إلا أن يخفف قارىء «إنّ» فـيجعلها بـمعنى «إن» التـي تكون بـمعنى الـجحد. وإن فعل ذلك فسدت قراءته ذلك كذلك أيضا من وجه آخر, وهو أنه يصير حينئد ناصبـا ل «كلّ» بقوله: لـيوفـيهم, ولـيس فـي العربـية أن ينصب ما بعد «إلا» من الفعل الاسم الذي قبلها, لا تقول العرب: ما زيدا إلا ضربت, فـيفسد ذلك إذا قرىء كذلك من هذا الوجه إلا أن يرفع رافع الكلّ, فـيخالف بقراءته ذلك كذلك قراءة القرّاء وخطّ مصاحف الـمسلـمين, ولا يخرج بذلك من العيب بخروجه من معروف كلام العرب. وقد قرأ ذلك بعض قراء الكوفـيـين) «وإنْ كُلاّ» بتـخفـيف «إن» ونصب «كلاّ» لَـمّا مشددة. وزعم بعض أهل العربـية أن قارىء ذلك كذلك أراد «إنّ» الثقـيـلة فخففها. وذُكر عن أبـي زيد البصري أنه سمع: كأنْ ثديـيه حُقّان, فنصب ب «كأنْ», والنون مخففة من «كأن» ومنه قول الشاعر:
وقرأ ذلك بعض الـمدنـين بتـخفـيف «إنّ» ونصب «كُلاّ» وتـخفـيف «لَـمَا». وقد يحتـمل أن يكون قارىء ذلك كذلك قصد الـمعنى الذي حكيناه عن قارىء الكوفة من تـخفـيفه نون «إن» وهو يريد تشديدها, ويريد بـما التـي فـي «لَـمَا» التـي تدخـل فـي الكلام صلة, وأن يكون قصد إلـى تـحميـل الكلام معنى: وإن كلاّ لـيوفـينهم ويجوز أن يكون معناه كان فـي قراءته ذلك كذلك: وإنْ كُلاّ لـيوفـينهم أيْ لـيوفّـينّ كُلاّ, فـيكون نـيته فـي نصب «كلّ» كانت بقوله: «لـيَوفـينهم», فإن كان ذلك أراد ففـيه من القبح ما ذكرت من خلافه كلام العرب, وذلك أنها لا تنصب بفعل بعد لام الـيـمين اسما قبلها.
وقرأ ذلك بعض أهل الـحجاز والبصرة: «وإنّ» مشددة «كُلاّ لَـمَا» مخففة لَـيُوفّـيَنّهُمْ, ولهذه القراءة وجهان من الـمعنى: أحدهما: أن يكون قارئها إراد: وإنّ كُلاّ لـمَنْ لـيوفـيهم ربك أعمالهم, فـيوجه «ما» التـي فـي «لـما» إلـى معنى «مَنْ» كما قال جلّ ثناؤه: فـانْكِحُوا ما طَابَ لَكُمْ مِنَ النّساءِ وإن كان أكثر استعمال العرب لها فـي غير بنـي آدم, وينوي بـاللام التـي فـي «لـما» اللام التـي يتلقـى بها «وإن» جوابـا لها, وبـاللام التـي فـي قوله: لَـيُوفّـيَنّهُمْ لام الـيـمين دخـلت فـيـما بـين ما وصلتها, كما قال جلّ ثناؤه: وإنْ مِنْكُمْ لَـمَنْ لَـيُبَطّئَنّ وكما يقال هذا ما لغيره أفضل منه. والوجه الاَخر: أن يجعل «ما» التـي فـي «لـما» بـمعنى «ما» التـي تدخـل صلة فـي الكلام, واللام التـي فـيها اللام التـي يجاب بها, واللام التـي فـي: لَـيُوَفّـيَنّهُمْ هي أيضا اللام التـي يجاب بها «إنّ» كرّرت وأعيدت, إذا كان ذلك موضعها, وكانت الأولـى مـما تدخـلها العرب فـي غير موضعها ثم تعيدها بعدُ فـي موضعها, كما قال الشاعر:
فَلَوْ أنّ قَوْمي لَـمْ يَكُونُوا أعِزّةًلَبَعْدُ لَقَدْ لا قَـيْتُ لا بُدّ مَصْرَعا
وقرأ ذلك الزهري فـيـما ذكر عنه: وَإنّ كُلاّ بتشديد إنّ ولَـمّا بتنوينها, بـمعنى: شديدا وحقّا وجميعا.
وأصح هذه القراءات مخرجا علـى كلام العرب الـمستفـيض فـيهم قراءة من قرأ: «وإنّ» بتشديد نونها, «كُلاّ لَـمَا» بتـخفـيف ما لَـيُوَفّـيَنّهُمْ رَبّكَ بـمعنى: وإن كلّ هؤلاء الذين قصصنا علـيك يا مـحمد قصصهم فـي هذه السور, لـمن لـيوفـينهم ربك أعمالهم بـالصالـح منها بـالـجزيـل من الثواب, وبـالطالـح منها بـالتشديد من العقاب, فتكون «ما» بـمعنى «من» واللام التـي فـيها جوابـا لأن واللام فـي قوله: لَـيُوفّـيَنّهُمْ لام قسم.
وقوله: إنّهُ بِـما يَعْمَلُونَ خَبِـيرٌ يقول تعالـى ذكره: إن ربك بـما يعمل هؤلاء الـمشركون بـالله من قومك يا مـحمد, خبـير, لا يخفـى علـيه شيء من عملهم بل يخبرُ ذلك كله ويعلـمه ويحيط به حتـى يجازيهم علـى جميع ذلك جزاءهم.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: فـاستقم أنت يا مـحمد علـى أمر ربك والدين الذي ابتعثك به والدعاء إلـيه, كما أمرك ربك. وَمَنْ تَابَ مَعَكَ يقول: ومن رجع معك إلـى طاعة الله والعمل بـما أمره به ربه من بعد كفره. وَلا تَطْغَوْا يقول: ولا تعدوا أمره إلـى ما نهاكم عنه. إنّهُ بِـمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يقول: إن ربكم أيها الناس بـما تعملون من الأعمال كلها طاعتها ومعصيتها بصير ذو علـم بها, لا يخفـى علـيه منها شيء, وهو لـجميعها مبصر, يقول تعالـى ذكره: فـاتقوا الله أيها الناس أن يطلع علـيكم ربكم وأنتـم عاملون بخلاف أمره, فإنه ذو علـم بـما تعلـمون, وهو لكم بـالـمرصاد.
وكان ابن عيـينة يقول فـي معنى قوله: فـاسْتَقِمْ كمَا أُمِرْتَ ما:
14396ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الله بن الزبـير, عن سفـيان فـي قوله: فـاسْتَقِمْ كمَا أُمِرْتَ قال: استقم علـى القرآن.
14397ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَلا تَطْغَوْا قال: الطغيان: خلاف الله وركوب معصيته ذلك الطغيان.
يقول تعالـى ذكره: ولا تـميـلوا أيها الناس إلـى قول هؤلاء الذين كفروا بـالله, فتقبلوا منهم وترضوا أعمالهم, فتـمسّكم النار بفعلكم ذلك, وما لكم من دون الله من ناصر ينصركم وولـيّ يـلـيكم. ثُمّ لا تنْصُرونَ يقول: فإنكم إن فعلتـم ذلك لـم ينصركم الله, بل يخـلـيكم من نصرته ويسلط علـيكم عدوّكم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14398ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: حدثنا معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا فَتَـمَسّكُمُ النّارُ يعنـي: الركون إلـى الشرك.
14399ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن يـمان, عن أبـي جعفر, عن الربـيع, عن أبـي العالـية: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا يقول: لا ترضوا أعمالهم.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا ابن أبـي جعفر, عن أبـيه, عن الربـيع, عن أبـي العالـية: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا يقلو: لا ترضوا أعمالهم, يقول: الركون: الرضا.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر, عن الربـيع, عن أبـي العالـية, فـي قوله: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا قال: لا ترضوا أعمالهم فتـمسكم النار.
14400ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا قال: قال ابن عبـاس: ولا تـميـلوا إلـى الذين ظلـموا.
14401ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا فَتَـمَسّكُمُ النّارُ يقول: لا تلـحقوا بـالشرك, وهو الذي خرجتـم منه.
14402ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَلا تَرْكَنُوا إلـى الّذِينَ ظَلَـمُوا فَتَـمَسّكُمُ النّارُ قال: الركون: الإدهان. وقرأ: وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَـيُدْهِنُونَ قال: تركن إلـيهم, ولا تنكر علـيهم الذي قالوا: وقد قالوا العظيـم من كفرهم بـالله وكتابه ورسله. قال: وإنـما هذا لأهل الكفر وأهل الشرك ولـيس لأهل الإسلام, أما أهل الذنوب من أهل الإسلام فـالله أعلـم بذنوبهم وأعمالهم, ما ينبغي لأحد أن يصالـح علـى شيء من معاصي الله ولا يركن إلـيه فـيها.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وأقم الصلاة يا مـحمد, يعنـي صلّ طرفـي النهار, يعنـي الغداة والعشي.
واختلف أهل التأويـل فـي التـي عنـيت بهذه الآية من صلوات العشي بعد إجماع جميعهم علـى أن التـي عنـيت من صلاة الغد: الفجر بعضهم: عنـيت بذلك صلاة الظهر والعصر, قالوا: وهما من صلاة العشي. ذكر من قال ذلك:
14403ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: أقِمِ الصّلاَةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: الفجر, وصلاتـي العشى, يعنـي الظهر والعصر.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد مثله.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن منصور, عن مـجاهد, فـي قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: صلاة الفجر, وصلاة العشيّ.
14404ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن أفلـح بن سعيد, قال: سمعت مـحمد بن كعب القرظي يقول: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: فطرفـا النهار: الفجر والظهر والعصر.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو معشر, عن مـحمد بن كعب القرظي: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: الفجر, والظهر, والعصر.
وقال آخرون: بل عُنـي بها صلاة الـمغرب. ذكر من قال ذلك:
14405ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, فـي قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ يقول: صلاة الغداة وصلاة الـمغرب.
14406ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا يحيى, عن عوف, عن الـحسن: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: صلاة الغداة والـمغرب.
14407ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ الصبح, والـمغرب.
وقال آخرون: عُنـي بها: صلاة العصر. ذكر من قال ذلك:
14408ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبدة بن سلـيـمان, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: صلاة الفجر والعصر.
14409ـ قال: حدثنا زيد بن حبـاب, عن أفلـح بن سعيد القُبـائي, عن مـحمد بن كعب: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ الفجر والعصر.
14410ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, قال: حدثنا أبو رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: صلاة الصبح وصلاة العصر.
حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصدائي, قال: حدثنا أبـي, قال: حدثنا مبـارك, عن الـحسن, قال: قال الله لنبـيه: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: طرفـى النهار: الغداة والعصر.
14411ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, قتادة, قوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ يعنـي صلاة العصر والصبح.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن مبـارك بن فضالة, عن الـحسن: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ الغداة والعصر.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا زيد بن حبـاب, عن أفلـح بن سعيد, عن مـحمد بن كعب: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ الفجر والعصر.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عامر, قال: حدثنا قرة, عن الـحسن: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ قال: الغداة والعصر.
وقال بعضهم: بل عنى بطرفـى النهار: الظهر, والعصر وبقوله: زُلَفـا مِنَ اللّـيْـل: الـمغرب, والعشاء, والصبح.
وأولـى هذه الأقول فـي فـي ذلك عندي بـالصواب قول من قال: هي صلاة الـمغرب كما ذكرنا عن ابن عبـاس.
وأنـما قلنا هو أولـى بـالصواب لإجماع الـجميع علـى أن صلاة أحد الطرفـين من ذلك صلاة الفجر, وهي تصلـى قبل طلوع الشمس فـالواجب إذ كان ذلك من جميعهم إجماعا أن تكون صلاة الطرف الاَخر الـمغرب, لأنها تصلـى بعد غروب الشمس, ولو كان واجبـا أن يكون مرادا بصلاة أحد الطرفـين قبل غروب الشمس وجب أن يكون مرادا بصلاة الطرف الاَخر بعد طلوعها, وذلك ما لا نعلـم قائلاً قاله إلا من قال: عنى بذلك صلاة الظهر والعصر, وذلك قول لا يُخِيـلُ فساده, لأنهما إلـى أن يكونا جميعا من صلاة أحد الطرفـين أقرب منهما إلـى أن يكونا من صلاة طرفـى النهار, وذلك أن الظهر لا شكّ أنها تصلـى بعد مضيّ نصف النهار فـي النصف الثانـي منه, فمـحال أن تكون من طرف النهار الأوّل وهي فـي طرفه الاَخر. فإذا كان لا قائل من أهل العلـم يقول: عنـي بصلاة طرف النهار الأوّل صلاة بعد طلوع الشمس, وجب أن يكون غير جائز أن يقال: عنى بصلاة طرف النهار الاَخرة صلاة قبل غروبها. وإذا كان ذلك صحّ ما قلنا فـي ذلك من القول وفسد ما خالفه.
وأما قوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ فإنه يعنـي: ساعات من اللـيـل, وهي جمع زُلْفة, والزلفة: الساعة والـمنزلة والقربة. وقـيـل: إنـما سميت الـمزدلفة وجُمَع من ذلك لأنها منزل بهد عرفة. وقـيـل: سميت بذلك لازدلاف آدم من عرفة إلـى حوّاء وهي بها ومنه قول العجاج فـي صفة بعير:
واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والعراق: وَزُلَفـا بضم الزاي وفتـح اللام. وقرأه بعض أهل الـمدينة بضم الزاي واللام, كأنه وجّهه إلـى أنه واحد وأنه بـمنزلة الـحلـم. وقرأه بعض الـمكيـين: «وزُلْفـا» بضم الزاي وتسكين اللام.
وأعجب القراءات فـي ذلك إلـيّ أن أقرأها: وَزُلَفـا ضم الزاي وفتـح اللام, علـى معنى جمع زُلْفة, كما تـجمع غرفة غُرَف, وحُجْرة حُجَر. وإنـما اخترت قراءة ذلك كذلك, لأن صلاة العشاء الاَخرة إنـما تصلـى بعد مضيّ زلف من اللـيـل, وهي التـي عنـيت عندي بقوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ وبنـحو الذي قلنا فـي قوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال جماعة من أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14412ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الساعات من اللـيـل صلاة العتـمة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
14413ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس: زُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ يقول: صلاة العتـمة.
14414ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا يحيى, عن عوف, عن الـحسن: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: العشاء.
14415ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا يحيى بن آدم, عن سفـيان, عن عبـيد الله بن أبـي زيد, قال: كان ابن عبـاس يعجبه التأخير بـالعشاء, ويقرأ: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن ورقاء, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: ساعة من اللـيـل, صلاة العتـمة.
14416ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: العتـمة, وما سمعت أحدا من فقهائنا ومشايخنا, يقول العشاء, ما يقولون إلا العتـمة.
وقال قوم: الصلاة التـي أمر النبـي صلى الله عليه وسلم بإقامتها زلفـا من اللـيـل, صلاة الـمغرب والعشاء. ذكر من قال ذلك:
14417ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم وابن وكيع, واللفظ لـيعقوب, قالا: حدثنا ابن علـية, قال: حدثنا أبو رجاء عن الـحسن: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: هما زلفتان من اللـيـل: صلاة الـمغرب, وصلاة العشاء.
حدثنا ابن جميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير, عن أشعث, عن الـحسن, فـي قوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الـمغرب, والعشاء.
14418ـ حدثنـي الـحسن بن علـيّ, قال: حدثنا أبـي, قال: حدثنا مبـارك, عن الـحسن: قال الله لنبـيه صلى الله عليه وسلم: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: زلفـا من اللـيـل: الـمغرب, والعشاء, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هُما زُلْفَتا اللّـيْـلِ: الـمَغْرِبُ والعِشَاءُ».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الـمغرب, والعشاء.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن منصور, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو نعيـم, قال: حدثنا سفـيان, عن منصور, عن مـجاهد, مثله.
14419ـ قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن الـمبـارك بن فضالة, عن الـحسن, قال: قد بـين الله مواقـيت الصلاة القرآن, قال: أقِمِ الصّلاةَ لِدُلُوكِ الشّمْسِ إلـى غَسَق اللّـيْـلِ قال: دلوكها: إذا زالت عن بطن السماء وكان لها فـي الأرض فـيء, وقال: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ الغداة, والعصر. وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ الـمغرب, والعشاء. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هُمَا زُلْفَتا اللّـيْـلِ الـمَغْرِبُ والعِشَاءُ».
14420ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: يعنـي صلاة الـمغرب وصلاة العشاء.
14421ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن أفلـح بن سعيد, قال: سمعت مـحمد بن كعب القرظي يقول: زُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ الـمغرب والعشاء.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا زيد بن حبـاب, عن أفلـح بن سعيد, عن مـحمد بن كعب, مثله.
حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو معشر, عن مـحمد بن كعب القرظي: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ الـمغرب والعشاء.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن عاصم بن سلـيـمان, عن الـحسن, قال: زلفتا اللـيـل: الـمغرب, والعشاء.
14422ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الـمغرب والعشاء.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن الأعمش, عن عاصم, عن الـحسن: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الـمغرب والعشاء.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبدة بن سلـيـمان, عن جويبر, عن الضحاك: وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ قال: الـمغرب والعشاء.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن عاصم, عن الـحسن: زُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ صلاة الـمغرب والعشاء. وقوله: إنّ الـحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات يقول تعالـى ذكره: إن الإنابة إلـى طاعة الله والعمل بـما يرضيه, يذهب آثام معصية الله ويكفر الذنوب.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي الـحسنات التـي عنى الله فـي هذا الـموضع اللاتـي يذهبن السيئات, فقال بعضهم: هنّ الصلوات الـخمس الـمكتوبـات. ذكر من قال ذلك:
14423ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم, قال: حدثنا ابن علـية, عن الـجريري, عن أبـي الورد بن ثمامة, عن أبـي مـحمد ابن الـحضرمي, قال: حدثنا كعب فـي هذا الـمسجد, قال: والذي نفس كعب بـيده إن الصلوات الـخمس لهنّ الـحسنات التـي بذهبن السيئات كما يغسل الـماء الدرن.
14424ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن أفلـح, قال: سمعت مـحمد بن كعب القرظي يقول فـي قوله: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: هنّ الصلوات الـخمس.
14425ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن عبد الله بن مسلـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14426ـ قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن منصور, عن مـجاهد: إنّ الـحَسَنَاتِ الصلوات.
14427ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا يحيى وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة جميعا, عن عوف, عن الـحسن: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14428ـ حدثنـي زريق بن السخت, قال: حدثنا قبـيصة, عن سفـيان, عن عبد الله بن مسلـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14429ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن جويبر, عن الضحاك, فـي قوله: تعالـى إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14430ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن منصور, عن الـحسن, قال: الصلوات الـخمس.
14431ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن سماك, عن إبراهيـم, عن علقمة, عن عبد الله: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14432ـ قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن سعيد الـجريري, قال: ثنـي أبو عثمان, عن سلـمان, قال: والذي نفسي بـيده, إن الـحسنات التـي يـمـحو الله بهنّ السيئات كما يغسل الـماء الدرن: الصلوات الـخمس.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حفص بن غياث, عن عبد الله بن مسلـم, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14433ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الله, عن إسرائيـل, عن أبـي إسحاق, عن مَزْيدة بن زيد, عن مسروق: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: الصلوات الـخمس.
14434ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسدي, وعبد الله بن أبـي زياد القطونـي, قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد, قال: أخبرنا حيوة, قال: أخبرنا أبو عقـيـل زهرة بن معبد القرشي من بنـي تـيـم من رهط أبـي بكر الصدّيق رضي الله عنه, أنه سمع الـحرث مولـى عثمان بن عفـان رحمه الله يقول: جلس عثمان يوما وجلسنا معه, فجاء الـمؤذّن فدعا عثمان بـماء فـي إناء أظنه سيكون فـيه قدر مدّ فتوضأ, ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال: «مَنْ تَوَضّأَ وُضُوئي هَذَا ثم قامَ فَصَلّـى صَلاَةَ الظّهْرِ غُفِرَ لَهُ ما كانَ بَـيْنَهُ وبـينَ صَلاةَ الصّبْحِ, ثُمّ صَلّـى العَصْرَ غُفِرَ لَهُ ما بَـيْنَهُ وبـينَ صَلاةِ الظّهْرِ, ثم صَلّـى الـمَغْرِبَ غُفرَ لَهُ ما بَـيْنَهُ وبـينَ صَلاةِ العَصْرِ, ثُمّ صَلّـى العِشَاءَ غُفِرَ لَهُ ما بَـيْنَهُ وبـينَ صَلاةِ الـمَغْرِبِ, ثُمّ لَعَلّهُ يَبـيتُ لَـيْـلَةً يَتَـمَرّغُ, ثُمّ إنْ قامَ فَتَوَضّأَ وَصَلّـى الصّبْحَ غُفِرَ لَه ما بَـيْنَها وبـينَ صَلاةِ العِشاءِ, وَهُنّ الـحَسَناتُ يُذْهِبْنَ السّيّئاتِ».
حدثنـي سعد بن عبد الله بن عبد الـحكيـم, قال: حدثنا أبو زرعة, قال: حدثنا حيوة, قال: حدثنا أبو عقـيـل, زُهرة بن معبد, أنه سمع الـحرث مولـى عثمان بن عفـان رضي الله عنه, قال: جلس عثمان بن عفـان يوما علـى الـمقاعد, فذكر نـحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه قال: «وَهُنّ الـحَسنَاتُ, إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات».
حدثنا ابن البرقـي, قال: حدثنا ابن أبـي مريـم, قال: أخبرنا نافع بن زيد, ورشدين بن سعد, قالا حدثنا زهرة بن معبد, قال: سمعت الـحرث مولـى عثمان بن عفـان, يقول: جلس عثمان بن عفـان يوما علـى الـمقاعد, ثم ذكر نـحو ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, إلا أنه قال: «وَهُنّ الـحَسنَاتُ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات».
14435ـ حدثنا مـحمد بن عوف, قال: حدثنا مـحمد بن إسماعيـل, قال: حدثنا أبـي, قال: حدثنا ضمضم بن زرعة, عن شريح بن عبـيد, عن أبـي مالك الأشعري, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ الصّلَوَاتُ كَفّـارَاتِ لِـمَا بَـيْنَهُنّ, فإنّ اللّهَ قالَ: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات».
14436ـ حدثنا ابن سيار القزار, قال: حدثنا الـحجاج, قال: حدثنا حماد, عن علـيّ بن زيد, عن أبـي عثمان النهدي, قال: كنت مع سلـمان تـحت شجرة, فأخذ غصنا من أغصانها يابسا فهزّه حتـى تـحاتّ ورقه, ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم, كنت معه تـحت شجرة فأخذ غصنا من أغصانها يابسا فهزّه حتـى تـحارت ورقه, ثم قال: «ألاتَسْألُنِـي لَـم أفْعَلُ هَذَا يا سَلْـمانُ؟» فقلت: ولـم تفعله؟ فقال: «إنّ الـمُسْلِـمَ إذَا تَوَضّأَ فأحْسَنَ الُوضُوءَ ثُمّ صَلّـى الصّلَوَاتِ الـخَمْسَ, تَـحاتّتْ خَطاياهُ كمَا تَـحاتّ هَذَا الوَرَقُ» ثُمّ تَلا هَذِهِ الآية: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... إلـى آخر الآية.
وقال آخرون: هو قوله: سبحان الله, والـحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر. ذكر من قال ذلك:
14437ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن منصور, عن مـجاهد: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات قال: سبحان الله, والـحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر.
وأولـى التأويـلـين بـالصواب ذلك قول من قال فـي ذلك: هُنّ الصلوات الـخمسُ, لصحة الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترها عنه أنه قال: «مَثَلُ الصّلَوَاتِ الـخَمْسِ مَثَلُ نَهْرٍ جارٍ علـى بـابِ أحَدِكُمْ يَنْغَمِسُ فِـيهِ كُلّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرّاتٍ, فَمَاذَا يُبْقِـينَ مِنْ دَرَنِهِ», وإن ذلك فـي سياق أمر الله بإقامة الصلوات, والوعد علـى إقامتها الـجزيـل من الثواب عقـيبها أولـى من الوعد علـى ما لـم يجر له ذكر من صالـحات سائر الأعمال إذا خصّ بـالقصد بذلك بعض دون بعض.
وقوله: ذلكَ ذِكْرَى للذّاكِرِين يقول تعالـى: هذا الذي أوعدت علـيه من الركون إلـى الظلـم وتهددت فـيه, والذي وعدت فـيه من إقامة الصلوات اللواتـي يذهبن السيئات تذكرة ذكرّت بها قوما يذكرون وعد الله, فـيرجون ثوابه ووعيده فـيخافون عقابه, لا من قد طبع علـى قلبه فلا يجيب داعيا ولا يسمع زاجرا. وذكر أن هذه الآية نزلت بسبب رجل نال من غير زوجته ولا ملك يـمينه بعض ما يحرم علـيه, فتاب من ذنبه ذلك. ذكر الرواية بذلك:
14438ـ حدثنا هناد بن السريّ, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن إبراهيـم, عن علقمة والأسود, قالا: قال عبد الله بن مسعود: جاء رجل إلـى النبـي صلى الله عليه وسلم, فقال إنـي عالـجت امرأة فـي بعض أقطار الـمدينة, فأصبت منها ما دون أن أمسها, فأنا هذا فـاقض فـيّ ما شئت فقال عمر: لقد سترك الله, لو سترت علـى نفسك. قال: ولـم يردّ النبـي صلى الله عليه وسلم شيئا. فقام الرجل, فـانطلق, فأتبعه النبـيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً, فدعاه, فلـما آتاه قرأ علـيه: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ فقال رجل من القوم: هذا له يا رسول الله خاصة؟ قال: «بَلْ للنّاسِ كافّةً».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن سماك بن حرب, عن إبراهيـم, عن علقمة والأسود, عن عبد الله, قال: جاء رجل إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله إنـي لقـيت امرأة فـي البستان, فضمـمتها إلـيّ وبـاشرتها وقبلتها, وفعلت بها كلّ شي غير أنـي لـم أجامعها فسكت عنه النبـي صلى الله عليه وسلم, فنزلت هذه الآية: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ, فدعاه النبـي صلى الله عليه وسلم فقرأها علـيه, فقال عمر: يا رسول الله, أله خاصة, أم للناس كافة؟ قال: لا, بَلْ للنّاسِ كافّةً» ولفظ الـحديث لابن وكيع.
حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا إسرائيـل, عن سماك بن حرب, أنه سمع إبراهيـم بن زيد, يحدّث عن علقة والأسود, عن ابن مسعود, قال: جاء رجل إلـى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, إنـي وجدت امرأة فـي بستان ففعلت بها كل شيء غير أنـي لـم أجامعها, قبلتها ولزمتها ولـم أفعل غير ذلك, فـافعل بـي ما شئت فلـم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا, فذهب الرجل, فقال عمر: لقد ستر الله علـيه لو سترت علـى نفسه فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره, فقال: «رُدّوهُ عَلـيّ» فردّوه, فقرأ علـيه: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ قال: فقال معاذ بن جبل: أله وحده يا نبـيّ الله, أم للناس كافة؟ فقال: «بَلْ للنّاسِ كافّةً».
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا أبو عوانة, عن سماك, عن إبراهيـم, عن علقمة والأسود عن عبد الله, قال: جاء رجل إلـى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, أخذت امرأة فـي البستان فأصبت منها كل شيء, غير أنـي لـم أنكحها, فـاصنع بـي ما شئت فسكت النبـي صلى الله عليه وسلم, فلـما ذهب دعاه, فقرأ علـيه هذه الآية: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا أبو النعمان الـحكم بن عبد الله العجلـي, قال: حدثنا شعبة, عن سماك بن حرب, قال: سمعت إبراهيـم يحدّث عن خاله الأسود, عن عبد الله: أن رجلاً لقـي امرأة فـي بعض طرق الـمدينة, فأصاب منها ما دون الـجماع. فأتـى النبـي صلى الله عليه وسلم, فذكر ذلك له, فنزلت: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله, لهذا خاصة أو لنا عامّة؟ قال: «بَلْ لَكُمْ عَامّةً».
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا شعبة, قال: أنبأنـي سماك, قال: سمعت إبراهيـم يحدّث عن خاله, عن ابن مسعود: أن رجلاً قال للنبـي صلى الله عليه وسلم: لقـيت امرأة فـي حش بـالـمدينة, فأصبت منها ما دون الـجماع... نـحوه.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم البغدادي, قال: حدثنا شعبة, عن سماك, عن إبراهيـم عن خاله, عن ابن مسعود, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, بنـحوه.
14439ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيـم, قال: جاء فلان بن معتب رجل من الأنصار, فقال: يا رسول الله دخـلت علـيّ امرأة, فنلت منها ما ينال الرجل من أهله, إلا أنـي لـم أواقعها فلـم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجيبه حتـى نزلت هذه الآية: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ, إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات... الآية, فدعاه فقرأها علـيه.
حدثنـي يعقوب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن علـية وحدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر بن الـمفضل وحدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان جميعا, عن سلـيـمان التـيـمي, عن أبـي عثمان, عن ابن مسعود: أن رجلاً أصاب من امرأة شيئا لا أدري ما بلغ, غير أنه ما دون الزنا. فأتـى النبـي صلى الله عليه وسلم, فذكر ذلك له, فنزلت: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات فقال الرجل: ألـي هذه يا رسول الله؟ قال: «لِـمَن أخَذَ بِها مِن أُمّتِـي, أوْ لِـمَنْ عَمِلَ بِها».
14440ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع, قالا: حدثنا قبـيصة, عن حماد بن سلـمة, عن علـيّ بن زيد, قال: كنت مع سلـمان, فأخذ غصن شجرة يابسة فحتّه وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ تَوَضّأَ فأحْسَنَ الْوضُوءَ تَـحاتّتْ خَطاياهُ كمَا يَتَـحاتّ هَذَا الوَرَقُ» ثم قال: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... إلـى آخر الآية.
14441ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو أسامة وحسين الـجعفـي عن زائدة, قال: حدثنا عبد الـملك بن عمير, عن عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى, عن معاذ, قال: أتـى رجل النبـيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما ترى فـي رجل لقـي امرأة لا يعرفها, فلـيس يأتـي الرجل من امرأته شيئا إلا قد أتاه منها غير أنه لـم يجامعها؟ فأنزل الله هذه الآية: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَوَضّأْ ثُمّ صَلّ» قال معاذ: قلت يا رسول الله, أله خاصة أم للؤمنـين عامة؟ قال: «بَلْ للْـمُوءْمِنِـينَ عامّةً».
14442ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن عبد الـملك بن عمير, عن عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى: أن رجلاً أصاب من امرأة ما دون الـجماع, فأتـى النبـي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك. فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم, أو أنزلت: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... الآية, فقال معاذ: يا رسول الله, أله خاصة أم للناس عامة؟ قال: «هِيَ للنّاسِ عامّةً».
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا أبو داود, قال: حدثنا شعبة, عن عبد الـملك بن عمير, قال: سمعت عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى, قال: أتـى رجل النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فذكر نـحوه.
14443ـ حدثنـي عبد الله بن أحمد بن شبويه, قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيـم, قال: ثنـي عمرو بن الـحرث, قال: ثنـي عبد الله بن سالـم, عن الزّبـيدي, قال: حدثنا سلـيـم بن عامر, أنه سمع أبـا أمامة يقول: إن رجلاً أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أقم فـيّ حدْ الله مرّة واثنتـين. فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أقـيـمت الصلاة فلـما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة, قال: «أيْنَ هَذَا القائِلُ: أقِمْ فِـيّ حدّ اللّهِ؟» قال: أناذا قال: «هَلْ أتْـمَـمْتَ الُوضُوءَ وَصَلّـيْتَ مَعَنا آنِفـا؟» قالَ: نَعَمْ. قال: «فإنّكَ مِنْ خَطِيئَتِكَ كمَا وَلَدَتْكَ أُمّكَ, فَلا تَعُدْ» وأنزل الله حينئذ علـى رسوله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... الآية.
حدثنا ابن وكيع, قال: ثنـي جرير, عن عبد الـملك, عن عبد الرحمن بن أبـي لـيـلـى, عن معاذ بن جبل: أنه كان جالسا عند النبـي صلى الله عليه وسلم, فجاء رجل فقال: يا رسول الله, رجل أصاب من امرأة ما لا يحلّ له, لـم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا أتاه إلا أنه لـم يجامعها؟ قال: «يَتَوَضّأُ وُضُوءا حَسَنا ثُمّ يُصَلّـي». فأنزل الله هذه الآية: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... الآية, فقال معاذ: هي يا رسول الله خاصة, أم للـمسلـمين عامّة؟ قال: «بَلْ للـمُسْلِـمِينَ عامّةً».
14444ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا مـحمد بن مسلـم, عن عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة: أن رجلاً من أصحاب النبـيّ صلى الله عليه وسلم ذكر امرأة وهو جالس مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم, فـاستأذنه لـحاجة, فأذن له, فذهب يطلبها فلـم يجدها. فأقبل الرجل يريد أن يبشر النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـالـمطر, فوجد الـمرأة جالسة علـى غدير, فدفع فـي صدرها وجلس بـين رجلـيها, فصار ذكره مثل الهدبة, فقام نادما حتـى أتـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بـما صنع, فقال له النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَغْفِرْ رَبّكَ وَصَلّ أرْبَعَ رَكَعاتٍ» قال: وتلا علـيه: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... الآية.
14445ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا قـيس بن الربـيع, عن عثمان بن وهب, عن موسى بن طلـحة, عن أبـي الـيسر بن عمرو الأنصاري قال: أتتنـي امرأة تبتاع منـي بدرهم تـمرا, فقلت: إن فـي البـيت تـمرا أجود من هذا, فدخـلت فأهويت إلـيها فقبلتها. فأتـيت أبـا بكر فسألته, فقال: استر علـى نفسك وتُبْ واستغفر الله فأتـيت رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: «أخْـلَفْتَ رَجُلاً غازيا فِـي سَبِـيـلِ اللّهِ فِـي أهْلِهِ بِـمِثْلَ هَذَا؟» حتـى ظننتُ أنـي من أهل النار, حتـى تـمنـيت أنـي أسلـمت ساعتئذ. قال: فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة فنزل جبرئيـل فقال: «أيْنَ أبُو الـيُسْرِ؟» فجِئت, فقرأ علـيّ: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ... إلـى ذِكْرَى للذّاكِرِينَ قال: إنسان له: يا رسول الله خاصة أم للناس عامة؟ قال: «للنّاسِ عامّةً».
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا قـيس بن الربـيع, عن عثمان بن موهب, عن موسى بن طلـحة, عن أبـي الـيسر قال: لقـيت امرأة فـالتزمتها, غير أنـي لـم أنكحها, فأتـيت عمر بن الـخطاب فقال: اتق الله واستر علـى نفسك, ولا تـخبرنّ أحدا فلـم أصبر حتـى أتـيت أبـا بكر رضي الله عنه, فسألته, فقال: اتق الله واستر علـى نفسك ولا تـخبرنّ أحدا قال: فلـم أصبر حتـى أتـيت النبـي صلى الله عليه وسلم, فأخبرته, فقال له: «هل جَهّزْتَ غَازِيا؟» قلت: لا, قال: «فهل خَـلَفْتَ غَازِيا فـي أهْلِهِ؟» قلت: لا, فقال لـي حتـى تـمنـيت أنـي كنت دخـلت فـي الإسلام تلك الساعة. قال: فلـما ولـيت دعانـي, فقرأ علـيّ: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ فقال له أصحابه: ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: «بَلْ للنّاسِ عامّةً».
14446ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: ثنـي سعيد, عن قتادة: أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة, فأتـى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبـيّ الله هلكت فأنزل الله: إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ.
14447ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن سلـيـمان التـيـمي, قال: ضرب رجل علـى كفل امرأة, ثم أتـى أبـا بكر وعمرو رضي الله عنهما, فكلـما سأل رجلاً منهما عن كفـارة ذلك قال: أمغزية هي؟ قال: نعم, قال: لا أدري. ثم أتـى النبـي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك, فقال: «أمَغْزِيَةٌ هِيَ؟» قال: نعم. قال: لا أدري. حتـى أنزل الله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات.
14448ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن قـيس بن سعد, عن عطاء, فـي قول الله تعالـى: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ أن امرأة دخـلت علـى رجل يبـيع الدقـيق, فقبلها فأسقط فـي يده. فأتـى عمر, فذكر ذلك له, فقال: اتق الله ولا تكن امرأة غاز فقال الرجل: هي امرأة غاز. فذهب إلـى أبـي بكر فقال مثل ما قال عمر. فذهبوا إلـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم جميعا, فقال له: كذلك, ثم سكت النبـيّ صلى الله عليه وسلم فلـم يجبهم, فأنزل الله: أقِم الصّلاةَ طَرَفِـي النّهارِ وَزُلَفـا مِنَ اللّـيْـلِ الصلوات الـمفروضات إنّ الـحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات ذَلِكَ ذِكْرَى للذّاكِرِينَ.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي عطاء بن أبـي ربـاح, قال: أقبلت امرأة حتـى جاءت إنسانا يبـيع الدقـيق لتبتاع منه, فدخـل بها البـيت, فلـما خلا له قبّلها. قال: فسقط فـي يديه, فـانطلق إلـى أبـي بكر, فذكر ذلك له, فقال: أبصر لا تكوننّ امرأة رجل غازٍ فبـينـما هم علـى ذلك, نزل فـي ذلك: أقِمِ الصّلاة طَرفِـي النّهار وزُلَفـا مِن اللّـيْـلِ قـيـل لعطاء: الـمكتوبة هي؟ قال: نعم هي الـمكتوبة. فقال ابن جريج, وقال عبد الله بن كثـير: هي الـمكتوبـات.
14449ـ قال ابن جريج, عن يزيد بن رومان: إن رجلاً من بنـي غَنـم, دخـلت علـيه امرأة فقبلها ووضع يده علـى دبرها. فجاء إلـى أبـي بكر رضي الله عنه, ثم جاء إلـى عمر رضي الله عنه, ثم أتـى إلـى النبـي صلى الله عليه وسلم, فنزلت هذه الآية: أقِمِ الصّلاة... إلـى قوله: ذلك ذِكْرَى للذّاكِرِينَ فلـم يزل الرجل الذي قبّل الـمرأة يذكر, فذلك قوله: ذِكْرَى للذّاكِرِينَ.
يقول تعالـى ذكره: واصبر يا مـحمد علـى ما تلقـى من مشركي قومك من الأذى فـي الله والـمكروه رجاء جزيـل ثواب الله علـى ذلك, فإن الله لا يضيع ثواب عَمَلِ مَنْ عَمَلِ فأطاع الله واتبع أمره فـيذهب به, بل يوفره أحوج ما يكون إلـيه.
يقول تعالـى ذكره: فهلا كان من القرون الذين قصصت علـيك نبأهم فـي هذه السورة الذين أهلكتهم بـمعصيتهم إياي وكفرهم برسلـي من قبلكم. أولُو بَقِـيّةٍ يقول: ذو بقـية من الفهم والعقل, يعتبرون مواعظ الله وبتدبرون حججه, فـيعرفون ما لهم فـي الإيـمان بـالله وعلـيهم فـي الكفر به يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسادِ فِـي الأرْضِ يقول: ينهون أهل الـمعاصي عن معاصيهم أهل الكفر بـالله عن كفرهم به فـي أرضه. إلاّ قَلِـيلاً مِـمّنْ أنـجَيْنا مِنْهُمْ يقول: لـم يكن من القرون من قبلكم أولو بقـية ينهون عن الفساد فـي الأرض إلا يسيرا, فإنهم كانوا ينهون عن الفساد فـي الأرض, فنـجاهم الله من عذابه, حين أخذ من كان مقـيـما علـى الكفر بـالله عذابه, وهم أتبـاع الأنبـياء والرسل. ونصب «قلـيلاً» لأن قوله: إلاّ قَلِـيلاً استثناء منقطع مـما قبله, كما قال: إلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَـمّا آمَنُوا, وقد بـيّنا ذلك فـي غير موضع بـما أغنى عن إعادته. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
14450ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: اعتذر فقال: فَلَوْلا كانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ... حتـى بلغ: إلاّ قَلِـيلاً مِـمّنْ أنـجَيْنا مِنْهُمْ فإذا هم الذين نـجوا حين نزل عذاب الله. وقرأ: واتّبَعَ الّذِينَ ظَلَـمُوا ما أُتْرِفُوا فِـيهِ.
14451ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قوله: فَلَوْلا كانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِـيَةٍ... إلـى قوله: إلاّ قَلِـيلاً مِـمّنْ أنـجَيْنا مِنْهُمْ قال: يستقلهم الله من كل قوم.
14452ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا ابن أبـي عديّ, عن داود, قال: سألنـي بلال, عن قول الـحسن فـي العذر, قال: فقال: سمعت الـحسن يقول: قِـيـلَ يا نُوحُ اهْبطْ بَسلامٍ مَنّا وَبَرَكاتٍ عَلَـيْكَ وَعلـى أُمَـمٍ مـمّنْ مَعَكَ وأُمَـمٌ سَنُـمَتّعُهُمْ ثُمّ يَـمَسّهُمْ مِنّا عَذَابٌ ألـيـمٌ قال: بعث الله هودا إلـى عاد, فنـجى الله هودا والذين آمنوا معه وهلك الـمتـمتعون. وبعث الله صالـحا إلـى ثمود, فنـجى الله صالـحا وهلك الـمتـمتعون. فجعلت أستقريه الأمـم, فقال: ما أراه إلا كان حسن القول فـي العذر.
14453ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: فَلَوْلا كانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِـيّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسادِ فِـي الأرْضِ إلاّ قَلِـيلاً مِـمّنْ أنـجَيْنا مِنْهُمْ. أي لـم يكن من قبلكم من ينهى عن الفساد فـي الأرض, إلاّ قلـيلاً مـمن أنـجينا منهم.
وقوله: واتّبَعَ الّذِينَ ظَلَـمُوا ما أُتْرِفُوا فِـيهِ يقول تعالـى ذكره: واتبع الذين ظلـموا أنفسهم فكفروا بـالله ما أترفوا فـيه. ذكر من قال ذلك:
14454ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال ابن عبـاس: واتّبَعَ الّذِينَ ظَلَـمُوا ما أُتْرِفُوا فِـيهِ قال: ما أُنْظروا فـيه.
14455ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: واتّبَعَ الّذِينَ ظَلَـمُوا ما أُتْرِفُوا فِـيهِ من دنـياهم.
وكأن هؤلاء وجهوا تأويـل الكلام: واتبعوا الذين ظلـموا الشيء الذي أنظرهم فـيه ربهم من نعيـم الدنـيا ولذاتها, إيثارا له علـى عمل الاَخرة وما ينـجيهم من عذاب الله.
وقال آخرون: معنى ذلك: واتبع الذين ظلـموا ما تـجبروا فـيه من الـملك وعتوا عن أمر الله. ذكر من قال ذلك:
14456ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: واتّبَعَ الّذِينَ ظَلَـمُوا ما أُتْرِفُوا فِـيهِ قال: فـي ملكهم وتـجبرهم, وتركوا الـحقّ.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, نـحوه, إلا أنه قال: وتركهم الـحقّ.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثل حديث مـحمد بن عمرو سواء.
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن الله تعالـى ذكره أخبر أن الذين ظلـموا أنفسهم من كل أمة سلفت فكفروا بـالله, اتبعوا ما أنظروا فـيه من لذّات الدنـيا فـاستكبروا وكفروا بـالله واتبعوا ما أنظروا فـيه من لذّات الدنـيا, فـاستكبروا عن أمر الله وتـجبروا وصدّوا عن سبـيـله وذلك أن الـمترف فـي كلام العرب: هو الـمنعم الذي قد غَذّى بـاللذات, ومنه قول الراجز:
شع تُهْدِي رُءُوس الـمُتْرَفِـينَ الصّدّادْ
إلـى أمِيرِ الـمُوءْمِنِـينَ الـمُـمْتادْ
وقوله: وكانُوا مُـجْرِمِينَ يقول: وكانوا مكتسي الكفر بـالله.)
يقول تعالـى ذكره: وما كان ربك يا مـحمد لـيهلك القرآن التـي أهلكها, التـي قصّ علـيك نبأها, ظلـما وأهلها مصلـحون فـي أعمالهم, غير مسيئين, فـيكون إهلاكه إياهم مع إصلاحهم فـي أعمالهم وطاعتهم ربهم ظلـما, ولكنه أهلكها بكفر أهلها بـالله وتـماديهم فـي غيهم وتكذيبهم رسلهم وركوبهم السيئات. وقد قـيـل: معنى ذلك لـم يكن لـيهلكهم بشركهم بـالله, وذلك قوله «بظلـم», يعنـي: بشرك, وأهلها مصلـحون فـيـما بـينهم لا يتظالـمون, ولكنهم يتعاطون الـحقّ بـينهم وإن كانوا مشركين, وإنـما يهلكهم إذا تظالـموا.
يقول تعالـى ذكره: ولو شاء ربك يا مـحمد لـجعل الناس كلها جماعة واحدة علـى ملة واحدة ودين واحد. كما:
14457ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ لَـجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةٍ يقول: لـجعلهم مسلـمين كلهم.
وقوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ يقول تعالـى ذكره: ولا يزال الناس مختلفـين, إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي الاختلاف الذي وصف الله الناس أنهم لا يزالون به, فقال بعضهم: هو الاختلاف فـي الأديان. فتأويـل ذلك علـى مذهب هؤلاء ولا يزال الناس مختلفـين علـى أديان شتّـى من بـين يهودي ونصرانـي ومـجوسي, ونـحو ذلك. وقال قائلو هذه الـمقالة: استثنى الله من ذلك من رحمهم, وهم أهل الإيـمان. ذكر من قال ذلك:
14458ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن طلـحة بن عمرو, عن عطاء: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: الـيهود والنصارى والـمـجوس. والـحنـيفـية هم الذين رحم ربك.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا قبـيصة, قال: حدثنا سفـيان, عن طلـحة بن عمرو, عن عطاء: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: الـيهود والنصارى والـمـجوس إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: هم الـحنـيفـية.
14459ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن علـية, قال: أخبرنا منصور بن عبد الرحمن, قال: قلت للـحسن, قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ. قال: الناس مختلفون علـى أديان شتـى, إلا من رحم ربك, فمن رحم غير مختلفـين.
14460ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن حسن بن صالـح, عن لـيث, عن مـجاهد: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحق.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحق.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد, نـحوه.
14461ـ قال: حدثنا معلـي بن أسد, قال: حدثنا عبد العزيز, عن منصور بن عبد الرحمن, قال: سئل الـحسن عن هذه الآية: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: الناس كلهم مختلفون علـى أديان شتّـى. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ فمن رحم غير مختلف. فقلت له: ولذلك خـلقهم؟ فقال: خـلق هؤلاء لـجنته وهؤلاء لناره, وخـلق هؤلاء لرحمته وخـلق هؤلاء لعذابه.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد, قال: حدثنا أبو جعفر, عن لـيث, عن مـجاهد, فـي قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحقّ.
قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن خصيف, عن مـجاهد, قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل الـحقّ وأهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحق.
قال: حدثنا شريك, عن لـيث, عن مـجاهد, مثله.
14462ـ قال: حدثنا سويد بن نصر, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك: إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحقّ لـيس فـيهم اختلاف.
14463ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا بن يـمان, عن سفـيان, عن ابن جريج, عن عكرمة: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: الـيهود والنصارى. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل القبلة.
14464ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي الـحكم بن أبـان عن عكرمة, عن ابن عبـاس: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحقّ.
14465ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرمة, فـي قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: لا يزالون مختلفـين فـي الهوى.
14466ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ فأهل رحمة الله أهل جماعة وإن تفرّقت دورهم وأبدانهم, وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتـمعت دورهم وأبدانهم.
14467ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: من جعله علـى الإسلام.
14468ـ قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا الـحسن بن واصل, عن الـحسن: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ.
قال: حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن مـحمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبـي بزة عن مـجاهد فـي قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: أهل البـاطل. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: أهل الـحقّ.
حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير, عن لـيث, عن مـجاهد, مثله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا يزالون مختلفـين فـي الرزق, فهذا فقـير وهذا غنّى. ذكر من قال ذلك:
14469ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا معتـمر, عن أبـيه, أن الـحسن قال: مختلفـين فـي الرزق, سخر بعضهم لبعض.
وقال بعضهم: مختلفـين فـي الـمغفرة والرحمة, أو كما قال.
وأولـى الأقوال فـي تأويـل ذلك بـالصواب قول من قال: معنى ذلك: ولا يزال الناس مختلفـين فـي أديانهم وأهوائهم علـى أديان وملل وأهواء شتّـى, إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ فآمن بـالله وصدّق رسله, فإنهم لا يختلفون فـي توحيد الله وتصديق رسله وما جاءهم من عند الله.
وإنـما قلت ذلك أولـى بـالصواب فـي تأويـل ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله: وَتَـمّتْ كِلـمَةُ رَبّكَ لأَمْلأَنّ جَهَنّـمَ مِنَ الـجِنّةِ والنّاسِ أجمَعِينَ ففـي ذلك دلـيـل واضح أن الذي قبله من ذكر خبره عن اختلاف الناس, إنـما هو خبر عن اختلاف مذموم يوجب لهم النار, ولو كان خبرا عن اختلافهم فـي الرزق لـم يعقب ذلك بـالـخبر عن عقابهم وعذابهم.
وأما قوله: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله, فقال بعضهم: معناه: وللاختلاف خـلقهم. ذكر من قال ذلك:
14470ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن مبـارك بن فضالة, عن الـحسن: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: للاختلاف.
14471ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, قال: حدثنا منصور بن عبد الرحمن, قال: قلت للـحسن, ولذلك خـلقهم؟ فقال: خـلق هؤلاء لـجنته وخـلق هؤلاء لناره, وخـلق هؤلاء لرحمته وخـلق هؤلاء لعذابه.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن علـيه, عن منصور, عن الـحسن, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـمعلـى بن أسد, قال: حدثنا عبد العزيز, عن منصور بن عبد الرحمن, عن الـحسن. بنـحوه.
قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال, قال: حدثنا حماد, عن خالد الـحذّاء, أن الـحسن قال فـي هذه الآية: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: خـلق هؤلاء لهذه, وخـلق هؤلاء لهذه.
14472ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا هوذة بن خـلـيفة, قال: حدثنا عوف, عن الـحسن, قال: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافـا يضرّهم.
14473ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: خـلقهم فريقـين: فريقا يرحم فلا يختلف, وفريقا لا يَرْحم يختلف, وذلك قوله: فَمِنْهُمْ شَقـيّ وَسَعِيدٌ.
14474ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن طلـحة بن عمرو, عن عطاء, فـي قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ قال: يهود ونصارى ومـجوس. إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ قال: من جعله علـى الإسلام. وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: مؤمن وكافر.
14475ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا أشهب, قال: سئل مالك عن قول الله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: خـلقهم لـيكونوا فريقـين: فريق فـي الـجنة, وفريق فـي السعير.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللرحمة خـلقهم. ذكر من قال ذلك:
14476ـ حدثنـي أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن حسن بن صالـح, عن لـيث, عن مـجاهد: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: للرحمة.
حدثنا ابن حميد وابن وكيع, قالا: حدثنا جرير, عن لـيث, عن مـجاهد: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال للرحمة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا الـحمانـي, قال: حدثنا شريك, عن خصيف, عن مـجاهد, مثله.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن شريك, عن لـيث, عن مـجاهد, مثله.
قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد, قال: أخبرنا أبو حفص, عن لـيث, عن مـجاهد, مثله, إلا أنه قال: للرحمة خـلقهم.
14477ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: للرحمة خـلقهم.
14478ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو معاوية, عمن ذكره عن ثابت, عن الضحاك: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: للرحمة.
14479ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: أخبرنـي الـحكم بن أبـان, عن عكرمة: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ قال: أهل الـحقّ ومن اتبعه لرحمته.
14480ـ حدثنـي سعد بن عبد الله, قال: حدثنا حفص بن عمر, حدثنا الـحكم بن أبـان, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِـينَ إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ وَلذلكَ قال: للرحمة خَـلَقَهُمْ ولـم يخـلقهم للعذاب.
وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب, قول من قال: وللاختلاف بـالشقاء والسعادة خـلقهم لأن الله جلّ ذكره ذكر صنفـين من خـلقه: أحدهما أهل اختلاف وبـاطل, والاَخر أهل حقّ ثم عقب ذلك بقوله: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ, فعمّ بقوله: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ صفة الصنفـين, فأخبر عن كلّ فريق منهما أنه ميسر لـما خـلق له.
فإن قال قائل: فإن كان تأويـل ذلك كما ذكرت, فقد ينبغي أن يكون الـمختلفون غير ملومين علـى اختلافهم, إن كان لذلك خـلقهم ربهم, وأن يكونوا الـمتـمتعون هم الـملومين؟ قـيـل: إن معنى ذلك بخلاف ما إلـيه ذهبت وإنـما معنى الكلام: ولا يزال الناس مختلفـين بـالبـاطل من أديانهم ومللهم إلاّ مَنْ رَحِمَ رَبّكَ فهداه للـحقّ ولعلـمه, وعلـى علـمه النافذ فـيهم قبل أن يخـلقهم أنه يكون فـيهم الـمؤمن والكافر, والشقّـي والسعيد خـلقهم, فمعنى اللام فـي قوله: وَلذلكَ خَـلَقَهُمْ بـمعنى «علـى» كقولك للرجل: أكرمتك علـى برّك بـي, وأكرمتك لبرّك بـي.
وأما قوله: وَتـمّتْ كَلِـمَةُ رَبّكَ لأَمْلأَنّ جَهَنّـمَ مِنَ الـجِنّةِ والنّاسِ أجمَعِينَ لعلـمه السابق فـيهم أنهم يستوجبون صِلِـيّها بكفرهم بـالله, وخلافهم أمره. وقوله: وَتـمّتْ كَلِـمَةُ رَبّكَ قسم كقول القائل: حلفـى لأزورنك, وبدا لـي لاَتـينك ولذلك تلقـيت بلام الـيـمين.
وقوله: مِنَ الـجِنّةِ وهي ما اجتنّ عن أبصار بنـي آدم والناس, يعنـي: وبنـي آدم. وقـيـل: إنهم سموا جنة, لأنهم كانوا علـى الـجنان. ذكر من قال ذلك:
14481ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الله, عن إسرائيـل, عن السديّ, عن أبـي مالك: وإنـما سموا الـجنة أنهم كانوا علـى الـجنان, والـملائكة كلهم جِنة.
14482ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الله, عن إسرائيـل, عن السديّ, عن أبـي مالك, قال: الـجِنّة: الـملائكة.
وأما معنى قول أبـي مالك هذا: أن إبلـيس كان من الـملائكة, والـجنّ ذرّيته, وأن الـملائكة تسمى عنده الـجنّ, لـما قد بـيّنت فـيـما مضى من كتابنا هذا.
يقول تعالـى ذكره: وكُلاّ نَقْصّ عَلَـيْكَ يا مـحمد مِنْ أنْبـاءِ الرّسُلِ الذين كانوا قبلك, ما نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ فلا تـجزع من تكذيب من كذّبك من قومك وردّ علـيك ما جئتهم به, ولا يضق صدرك فتترك بعض ما أنزلت إلـيك من أجل أن قالوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَـيْهِ كَنْزٌ أوْ جاء مَعَهُ مَلَكٌ إذا علـمت ما لقـى معن قبلك من رسلـي من أمـمها. كما:
14483ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قوله: وكُلاّ نَقُصّ علـيكَ مِنْ أنْبـاءِ الرّسُلِ ما نُثَبّت بِهِ فُؤدَاكَ قال: لتعلـم ما لفـيت الرسل قبلك من أمـمهم.
وأختلف أهل العربـية فـي وجه نصب «كلاّ», فقال بعض نـحويـي البصرة: نُصب علـى معنى: ونقصّ علـيك من أنبـاء الرسل ما نثبت به فؤادك كلاّ كأن الكل منصوب عنده علـى الـمصدر من نقص بتأويـل: ونقصّ علـيك ذلك كل القصص وقد أنكر ذلك قوله بعض أهل العربـية, وقال: ذلك غير جائز وقال إنـما نصبت «كلاّ» ب «نقصّ», لأن «كلاّ» بنـيت علـى الإضافة كان معها إضافة أو لـم يكن. وقال: أراد: كله نقصّ علـيك, وجعل «ما نثبت» ردّا علـى «كُلاّ». وقد بـيّنت الصواب من القول فـي ذلك.
وأما قوله: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله, فقال بعضهم: معناه: وجاءك فـي هذه السورة الـحقّ. ذكر من قال ذلك:
14484ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا شعبة, عن خـلـيد بن جعفر, عن أبـي إياس, عن أبـي موسى: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شعبة, عن خـلـيد بن جعفر, عن أبـي إياس معاوية بن قرة, عن أبـي موسى, مثله.
14485ـ حدثنا ابن بشار, قال: ثنـي سعيد بن عامر, قال: حدثنا عوف, عن أبـي رجاء, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا يحيى بن آدم, عن أبـي عوانة, عن أبـي بشر, عن عمرو العنبري, عن ابن عبـاس: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, عن أبـي عوانة, عن أبـي بشر, عن رجل من بنـي العنبر, قال: خطبنا ابن عبـاس فقال: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن الأعمش, عن سعيد بن جبـير, قال: سمعت ابن عبـاس قرأ هذه السورة علـى الناس حتـى بلغ: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال فـي هذه السورة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن عون, قال: أخبرنا هشيـم, عن عوف, عن مروان الأصغر, عن ابن عبـاس أنه قرأ علـى الـمنبر: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ فقال: فـي هذه السورة.
14486ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن أبـيه, عن لـيث, عن مـجاهد: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وَجاءَكَ فـي هذه السورة.
حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد مثله.
حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن مـجاهد, مثله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شريك, عن عطاء, عن سعيد بن جبـير, مثله.
14487ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الله, عن أبـي جعفر الرازي, عن الربـيع بن أنس, عن أبـي العالـية, قال: هذه السورة.
14488ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا إسحاق, قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعيد, قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي, عن الربـيع بن أنس, مثله.
14489ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, قال: أخبرنا أبو رجاء, عن الـحسن, فـي قوله: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, عن شعبة, عن أبـي رجاء, عن الـحسن, بـمثله.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع. وكدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شعبة, عن أبـي رجاء عن الـحسن. مثله.
حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن, عن أبـان بن تغلب, عن مـجاهد, مثله.
14490ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه السورة.
حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا آدم, قال: حدثنا شعبة, عن أبـي رجاء, قال: سمعت الـحسن البصري يقول فـي قول الله تعالـى: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: يعنـي فـي هذه السورة.
وقال آخرون: معنى ذلك: وجاءك فـي هذه الدنـيا الـحقّ. ذكر من قال ذلك:
14491ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى, قالا: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن قتادة وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: فـي هذه الدنـيا.
14492ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن شعبة, عن قتادة: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ قال: كان الـحسن يقول: فـي الدنـيا.
وأولـى التأويـلـين بـالصواب فـي تأويـل ذلك, قول من قال: وجاءك فـي هذه السورة الـحقّ لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى أن ذلك تأويـله.
فإن قال قائل: أو لـم يجيء النبـي صلى الله عليه وسلم الـحقّ من سورة القرآن إلا فـي هذه السورة فـيقال وجاءك فـي هذه السورة الـحقّ؟ قـيـل له: بلـى قد جاءه فـيها كلها.
فإن قال: فما وجه خصوصه إذن فـي هذه السورة بقوله: وَجاءَكَ فِـي هَذِهِ الـحَقّ؟ قـيـل: إن معنى الكلام: وجاءك فـي هذه السورة الـحقّ مع ما جاءك فـي سائر سور القرآن, أو إلـى ما جاءك من الـحقّ فـي سائر سور القرآن, لا أن معناه: وجاءك فـي هذه السورة الـحقّ دون سائر سور القرآن.
وقوله: وَمَوعِظَةٌ يقول: وجاءك موعظة تعظ الـجاهلـين بـالله وتبـين لهم عِبره مـمن كفر به وكذّب رسله. وَذِكْرَى للْـموءْمِنِـينَ يقول: وتذكرة تذكر الـمؤمنـين بـالله ورسله كي لا يغفلوا عن الواجب لله علـيهم.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد للذين لا يصدّقونك ولا يقرّون بوحدانـية الله: اعْمَلُوا علـى مَكَانَتِكُمْ يقول: علـى هينتكم وتـمكنكم ما أنتـم عاملوه, فإنا عاملون ما نـحن عاملوه من الأعمال التـي أمرنا الله بها, وانتظروا ما وعدكم الشيطان, فإنا منتظرون ما وعدنا الله من حربكم ونصرتنا علـيكم. كما:
14493ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج, فـي قوله: وَانْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ قال: يقول: انتظروا مواعيد الشيطان إياكم علـى ما يزين لكم إنا منتظرون.
يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: ولله يا مـحمد ملك كلّ ما غاب عنك فـي السماوات والأرض, فلـم تطلع عيه ولـم تعلـمه, كلّ ذلك بـيده وبعلـمه, لا يخفـى علـيه منه شيء, وهو عالـم بـما يعمله مشركو قومك وما إلـيه مصير أمرهم من إقامة علـى الشرك أو إقلاع عنه وتوبة. وإلَـيْهِ يُرْجَعُ الأمْر كُلّهُ يقول: وإلـى الله معاد كلّ عامل وعمله, وهو مـجاز جميعهم بأعمالهم. كما:
14494ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج: وَإلَـيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلّهُ قال: فـيقضي بـينهم بحكمه بـالعدل. يقول: فـاعْبُدْهُ يقول: فـاعبد ربك يا مـحمد, وَتَوَكّلْ عَلَـيْهِ يقول: وفوّض أمرك إلـيه وثق به وبكفـايته, فإنه كافـى من توكل علـيه.
وقوله: وَمَا رَبّكَ بغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ يقول تعالـى ذكره: وما ربك يا مـحمد بساه عما يعمل هؤلاء الـمشركون من قومك, بل هو مـحيط به لا يعزب عنه شيء منه, وهو لهم بـالـمرصاد, فلا يحزنك إعراضهم عنك ولاتكذيبهم بـما جئتهم به من الـحقّ, وامض لأمر ربك فإنك بأعيننا.
14495ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا زيد بن الـحبـاب, عن جعفر بن سلـيـمان, عن أبـي عمران الـجونـي, عن عبد الله بن ربـاح, عن كعب, قال: خاتـمة التوراة, خاتـمة هود.