+
----
-
أضرار المخدراتما هي الضريبة القسرية التي يدفعها المجتمع الإنساني جراء جريمة تعاطي المخدرات؟ هل يمكن تقدير ثمن الأرواح الإنسانية التي تزهق بسبب المخدرات؟ أو هل يمكن تقدير قيمة دمار الأسر والمجتمعات وفقدان الأمن والاستقرار من هذه الجريمة؟ إن المخاسر الاجتماعية والأخلاقية لتعاطي المخدرات لا يمكن تقديرها بالأموال لأنها أكبر من ذلك بكثير "مثلا في الأردن وبشكل رسمي كما ذكر مدير دائرة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام في لقاء تلفزيوني أنه في العامين المنصرمين توفي ثلاثون شابا بسبب تعاطي المخدرات. ثلاثون شابا عرفنا عنهم، وماذا عن الذين لم نعرف عنهم؟ الذين توفوا نتيجة حوادث السيارات بسبب المخدرات . وإضافة إلى هذه الخسائرفإن المخدرات تضطر المجتمع إلى أن يعمل ضدها ويقاومها ويخفف من تأثيرها. مثل برامج العلاج والوقاية من المخدرات وكذلك الأعداد المتزايدة من رجال الأمن الذين يتم تجنيدهم وإعدادهم لمواجهة جريمة المخدرات تشكل كلفة هائلة. أضف إلى ذلك ما تسببه المخدرات من أمراض، وما تقتضيه من معالجة ومن استنزاف للموارد وما تستلزمه من خدمات وما تسببه من أضرار. وقد قدرت كلفة المخدرات في أميركا بثلاثة بلايين دولار. وينفق الأميركيون 40 بليون دولار سنويا لشراء المخدرإن تعاطي المواد المخدرة أيا كان نوعها أو وضعها الاجتماعي أو القانوني هي مواد ذات خطورة كبيرة وأضرارها المباشرة وغير المباشرة تشل المجتمع الانساني وتضر بأخلاقه واستقراره وأمنه ومصادر عيشه. إن المخدرات ذات الخطورة المباشرة لها أضرار كثيرة واضحة لكن المخدرات ذات الخطورة الكامنة مثل التدخين والخمر قد لا تبدو بمثل خطورة المخدرات لكنها في الواقع أشد فتكا وأوسع تأثيرا وانتشارا.
إضافة إلى وجود عوامل اجتماعية وشخصية وبيئية تهيئ ظروف الانحراف للشباب وغيرهم، كذلك توجد ترابطات بين الأنواع المختلفة من المخدرات وغيرها من المواد التي تؤدي إلى الإدمان. عادة ما يبدأ المتعاطي باستخدام مواد خفيفة ثم ينتهي به الأمر إلى الإيغال في الإدمان وتعاطي المواد الخطرة. وقد بينت الدراسات العلمية المختبرية أن تعاطي بعض المواد المخدرة يدفع الفرد إلى تعاطي مواد أخرى أكثر خطورة وهنا نود أن نشير إلى أبرز هذه البوابات. الممنوعة، وهذا المبلغ أقل بستة بلايين عن المبلغ الذي ينفق على نظام العدالة الجنائية.
التدخين
يمثل التدخين الخطوة الكبيرة الأولى أو النافدة التي يطل منها الشباب إلى عالم المخدرات. فقد يكون اندفاع المراهقين نحو التدخين بهدف إبراز الذات، والتحدي والحصول على صورة لذواتهم تعطيهم شيئا من النشوة التي يبحثون عنها. لكن ظروف التدخين والرفقه السيئة ومحدودية اللذة التي يجلبها التدخين تدفع بعض المدخنين الصغار إلى البحث عن درجات أعلى من النشوة واللذة. فعندها يتولد لديهم الاستعداد لتعاطي مواد مخدره أخرى وتزول من أمامهم حواجز الحرمة أو الخشية من التعاطي. وبزوال هذه الحواجز الأخلاقية والقانونية يصبح الطفل/ الشاب قابلا لأي عرض يقدم له.
- الكحول
كما تدل الدراسات والأبحاث العلمية يبدأ معظم متعاطي الحشيش أو الماريوانا أولا بشرب الكحول. وبينت كثير من الدراسات العلمية (مثلا Kandel, et al 1992) أن استخدام المخدرات يبدأ بتعاطي البيرة والخمرة. فإذا كان هناك مادة تعتبر بوابة رئيسية في مسلسل تعاطي المخدرات فإنها تحديدا هي الكحول (أم الخبائث). وتشير الدراسات تلك إلى أنه في مجتمعات الغرب يبدأ الشباب بتناول مواد تعتبر مقبولة اجتماعيا عندهم مثل البيرة والخمر، ثم إن عددا منهم سوف يبدؤون بعدها بتعاطي المخدرات.
وهناك نتيجة بحثية مدهشة حول العلاقة بين التدخين/ والكحول تشير إلى أن الذين يبدؤون بالتدخين فمن المحتمل أن يستخدموا خمورا قوية، لكن الذي يبدأ بشرب خمور فمن غير المحتمل أن يبدأو تدخين السجائر.
"وهكذا في حين أن الشرب يمكن أن يستمر دون التدخين، لكن التدخين إلى حد ما دائما متبوع بشرب الخمر القوي. والاستخدام المزدوج للسجائر والخمر القوي مرتبط بالدخول إلى عالم المخدرات الممنوعة. وقال احد الباحثين الذي أجرى دراسة تتبعية حول تعاطي المراهقين للمخدرات "إن تعلم تدخين السجائر هو تدريب ممتاز لتعلم تدخين الماريونا (الحشيش) حيث إن تدخين الماريونا إلى حد ما دائما يبدأ بتدخين السجائر
- رفاق السوء
رفاق السوء هم باب آخر للإدمان وللولوج في عالم المخدرات البغيض. ويأتي خطر رفاق السوء من أن تأثيرهم يتزايد في مرحلة يكون الشاب فيها قابلا للتأثر خاصة في مرحلة النماء/ المراهقه وفي حالات ضعف الترابط الأسري.
كذلك يزداد تأثير رفقاء السوء عندما تكون شخصية الشاب/ المراهق، هشه وعناصر المقاومة لديه ضعيفة، ولا يستطيع أن يقول لا، أو أن يجاهر برأيه، ويمتنع عن الانزلاق وراء محاولات الإغراء والإفساد.
لهذا وجب الاعتناء بتحسين العلاقة بين الوالدين وأبنائهم، وتوفير احتياجاتهم النفسية والعاطفية وكذلك المادية وعدم فتح المجال أمامهم للبحث عن التعويض خارج الأسرة.
ينبغي كذلك التعرف إلى أصدقاء الأبناء ورفاقهم، وتعرف كيفية قضاء أوقاتهم. أي يلزم إشراف واع من الأهل وعدم إهمال الأبناء، وجعلهم يدخلون في عالم الانحراف، ثم يأتي الوعي متأخرا، ويكون الخطر قد حصل
مكافحة المخدرات
تدل الدراسات والتقارير والأبحاث على مستوى العالم على أن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد رغم الجهود الدولية لمكافحتها. فيبدو أن عصابات التهريب من القوة بحيث إنها تتغلب على كثير من الحواجز وقوى المكافحة. وهي بما تملكه من مال وقدرة على تسييل أموالها الحرام قادرة على التاثير والإفساد الكبير والاستمرار في ترويج بضاعتها الآثمه.
فهناك قناعة علمية وواقعية تدعو إلى التوجه في مكافحة المخدرات إلى جمهور المتعاطين. أي حيث إن الجهود لم تنجح في كبح قوى "العرض" فإن البديل الأنسب هو العمل على تقليل "الطلب" على المخدرات. وعملية تقليل الطلب تستلزم التوعيه والإرشاد، والوقاية بشكل رئيسي.
تتنوع سبل مواجهة المخدرات تبعا للمستوى الذي يتم فيه العمل. فحيث إن مشكلة المخدرات هي مشكلة متعددة المستويات وتكاد تكون نموذجا للمشكلات التي تشغل جميع مستويات النظام الاجتماعي الإنساني فهي تمثل ظاهرة عالمية محلية مجتمعية فردية في آن واحد. لهذا كان لا بد من مواجهتها في جميع هذه المستويات المتراتبة.
البعد العربي والدولي لمكافحة المخدرات
العلاج
يمثل هذا الجانب البعد الطبي للمشكلة، وهو يهتم بإزالة سمية المخدرات من جسد المتعاطي. ومعالجة الأعراض الانسحابية الجسدية والسلوكية التي تنتج عن ذلك. ودون خوض في التفاصيل يمثل هذا العلاج جانبا هاما في التعامل مع التعاطي بشكل آني، لكنه لا يمثل كل ما يجب عمله. فالعلاج الطبي أحد الجوانب وليس كلها وقد التبس على كثيرين تفسير مشكلة تعاطي المخدرات، على أنها مشكلة جسدية، وأن التعاطي هو نتاج ميول حيوية جينية عند المتعاطي. وهذا التفسير القاصر له جوانب سلبية كثيرة، حيث إنه يحصر المشكلة في شخص المدمن أو المتعاطي، وبالتالي يتم إهمال أو غفال جوانب المشكلة الاخرى. ويسرنا انه بدأت تتضح رؤى التكامل في تفسير مثل هذه المشكلات الاجتماعية. ومن ثم الادراك القويم لمستويات العمل اللازمة المتنوعة وما تستلزمه من عمل فرق العمل المتعددة المتساندة.
التعرف إلى سمات المتعاطين وسلوكياتهم
إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها هو سلوك اجتماعي فردي يتم اكتسابه بالتدريج وإن الوقوع ضحية للمخدرات لا يأتي فجأة بل هو عملية مستمرة تبدأ من انحراف أو خطأ بسيط بتقبل تجريب المخدرات بدافع حب الاستطلاع أو بضغط من رفاق السوء. لكن دورة التعاطي هذه تستمر، وتأخذ ضريبتها من سلوك المتعاطي وعلاقاته الاجتماعية ووضعه الصحي.
ونذكر في ما يلي مجموعة من السما
- احتقان العينين وزوغان البصر
- الضعف والخمول وشحوب الوجه
- الانطواء والعزلة
- الاكتئاب
- السلوك العدواني
- التعب والإرهاق عند بذل أقل مجهود بدني
- العلاقات السيئة مع الأصدقاء
- كثرة التغيب عن المؤسسة التعليمية
- السرقة
- كثرة التغيب عن البيت
- النوم أثناء الدروس والمحاضرات
- الخداع والكذبت أو الخصائص التي يمكن أن تكون مفتاحا للتعرف على شخص يتعاطى المخدرات، أو يقع تحت ضغط رفاق السوء وسلوكهم المشين.
الوقايةإن الوقاية وبناء الحصانه الذاتية والمجتمعية هي أفضل إستراتيجية لمواجهة المخدرات على المستوى بعيد المدى. ووضعنا الوقاية في نهاية المطاف، استشعارا لأهميتها، وتنبيها على ضرورة أن تكون في صدارة الاهتمام. إبراز معلومات حقيقية ومتوازنه حول المخدرات. فيها ترهيب من الاستخدام والتعريف بمضار المخدرات، وكذلك ترغيب بالامتناع والمقاومه وعدم الخضوع لقوى الضلال.
وأمر هام ينبغي الالتفاف إليه وهو أن يكون التركيز في العمل الأسري على كامل الأسرة، وليس على الفرد المتعاطي. فالتركيز على المتعاطي فيه استحياء للمشكلة وجعلها في دائرة الضوء باستمرار وبالتالي جعل المتعاطي هو المشكلة المستمرة