شباب ستار
تفسير سورة الاسراء 749093772
شباب ستار
تفسير سورة الاسراء 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في 1/1/1970
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة الاسراء

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:21 pm

تفسير سورة الاسراء Bnysfyan.com-a7364dd391

سورة الإسراء



سُورَة الإسْراءِ
مَكيّة وآياتها إحدى عشرة ومائة



بِسمِ
اللّهِ الرحمَن الرّحِيـمِ






الآية : 1


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى



{سُبْحَانَ
الّذِي أَسْرَىَ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىَ
الْمَسْجِدِ الأقْصَى الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ
إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ }.



قال أبو جعفر مـحمد بن جرير الطبري: يعنـي
تعالـى ذكره بقوله تعالـى: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بعَبْدِه لَـيْلاً تنزيها للذي
أسرى بعبده وتبرئة له مـما يقول فـيه الـمشركون من أنّ له من خـلقه شريكا، وأن له
صاحبة وولدا، وعاوّا له وتعظيـما عما أضافوه إلـيه، ونسبوه من جهالاتهم وخطأ
أقوالهم.



وقد بـيّنت فـيـما مضى قبل، أن قوله سبحان اسم
وُضع موضع الـمصدر، فنصب لوقوعه موقعه بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع. وقد
كان بعضهم يقول: نصب لأنه غير موصوف، وللعرب فـي التسبـيح أماكن تستعمله فـيها.
فمنها الصلاة، كان كثـير من أهل التأويـل يتأوّلون قول الله: فَلَوْلا أنّهُ كانَ
مِنَ الـمُسَبّحِينَ: فلولا أنه كان من الـمصلـين. ومنها الاستثناء، كان بعضهم
يتأول قول الله تعالـى: ألَـمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبّحُونَ: لولا تستثنون،
وزعم أن ذلك لغة لبعض أهل الـيـمن، ويستشهد لصحة تأويـله ذلك بقوله: إذْ أقْسَمُوا
لَـيَصْرِمُنّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ قال: قَال أوْسَطُهمْ ألَـم أقُلْ
لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحونَ فذكرهم تركهم الاستثناء. ومنها النور، وكان بعضهم يتأوّل
فـي الـخبر الذي رُوي عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْلا ذلكَ لاَءَحْرَقَتْ
سُبُحاتُ وَجْهِهِ ما أدْرَكَتْ مِنْ شَيْء» أنه عنى بقوله: سبحات وجهه: نور وجهه.



وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله: سُبْحانَ
الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16621ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلـحة، عن النبـيّ صلى
الله عليه وسلم أنه سُئل عن التسبـيح أن يقول الإنسان: سُبْحانَ الله، قال:
«إنْزَاهُ اللّهِ عَنِ السّوءِ».



16622ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا عبدة بن سلـيـمان، عن الـحسن بن صالـح، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قوله:
سبحان الله: قال: إنكاف لله. وقد ذكرنا من الاَثار فـي ذلك ما فـيه الكفـاية
فـيـما مضى من كتابنا هذا قبل. والإسراء والسّرى: سير اللـيـل. فمن قال: أَسْرى،
قال: يُسري إسراء ومن قال: سرى، قال: يَسري سُرَىً، كما قال الشاعر:



ولَـيْـلَةٍ ذَاتِ دُجّى سَرَيْتُولَـمْ
يَـلِتْنِـي عَنْ سُراها لَـيْتُ



ويروى: ذات ندى سَريْت.


ويعنـي بقوله: لَـيْلاً من اللـيـل. وكذلك كان
حُذيفة بن الـيـمان يقرؤها.



16623ـ حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبـا بكر بن
عياش ورجل يحدّث عنده بحديث حين أُسري بـالنبـيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: لا
تـجيء بـمثل عاصم ولا زر، قال: قرأ حُذيفة: «سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ
مِنَ اللّـيْـلِ منَ الـمَسجِدِ الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى» وكذا قرأ
عبد الله.



وأما قوله: مِنَ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ فإنه
اختُلف فـيه وفـي معناه، فقال بعضهم: يعنـي من الـحرم، وقال: الـحرم كله مسجد. وقد
بـيّنا ذلك فـي غير موضع من كتابنا هذا. وقال: وقد ذُكر لنا أن النبـيّ صلى الله
عليه وسلم كان لـيـلة أُسري به إلـى الـمسجد الأقصى كان نائما فـي بـيت أمّ هانىء
ابنة أبـي طالب. ذكر من قال ذلك:



16624ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال:
حدثنا مـحمد بن إسحاق، قال: ثنـي مـحمد بن السائب، عن أبـي صالـح بن بـاذام عن أمّ
هانىء بنت أبـي طالب، فـي مسرى النبـيّ صلى الله عليه وسلم، أنها كانت تقول: ما
أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ وهو فـي بـيتـي نائم عندي تلك اللـيـلة،
فصلـى العشاء الاَخرة، ثم نام ونـمنا، فلـما كان قُبَـيـل الفجر، أهبّنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فلـما صلـى الصبح وصلـينا معه قال: «يا أُمّ هانِىءٍ لَقَدْ
صَلّـيْتُ مَعَكُمُ العِشاءَ الاَخِرَةِ كمَا رأيْتِ بهَذَا الوَادِي، ثُمّ جِئْتُ
بَـيْتَ الـمَقْدِسِ فَصَلّـيْتُ فِـيهِ، ثُمّ صَلّـيْتُ صَلاةَ الغَدَاةِ
مَعَكُمُ الاَنَ كمَا تَرَيْنَ».



وقال آخرون: بل أُسرى به من الـمسجد، وفـيه كان
حين أسرى به. ذكر من قال ذلك:



16625ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا مـحمد
بن جعفر بن عدي، عن سعيد بن أبـي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن
صعصعة، وهو رجل من قومه قال: قال نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم: «بَـيْنا أنا
عِنْدَ البَـيْتِ بـينَ النائمِ والـيَقْظانِ، إذْ سَمِعْتُ قائلاً يَقُولُ، أحَدُ
الثلاثَةِ، فأتِـيتُ بطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِـيها مِنْ ماءِ زَمْزَمَ، فَشَرَحَ
صَدْرِي إلـى كَذَا وكَذَا» قال قتادة: قلت: ما يعنـي به؟ قال: إلـى أسفل بطنه
قال: «فـاسْتَـخْرَجَ قَلْبِـي فغُسلَ بِـمَاءِ زَمْزَمَ ثُمّ أُعِيدَ مَكانَهُ،
ثُمّ حُشِيَ إيـمَانا وَحِكْمَةً، ثُمّ أتِـيتُ بِدَابّةٍ أبْـيَض»، وفـي رواية
أخرى: «بِدَابّة بَـيْضَاءَ يُقالُ لَهُ البُرَاقُ، فَوْقَ الـحِمارِ وَدُونَ
البَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فحُمِلْتُ عَلَـيْهِ، ثُمّ
انْطَلَقْنا حتـى أتَـيْنا إلـى بَـيْتِ الـمَقْدِسِ فَصَلّـيْتُ فِـيِه
بـالنّبِـيّـينَ والـمُرْسَلِـينَ إماما، ثُمّ عُرِجَ بِـي إلـى السّماءِ
الدّنْـيا»... فذكر الـحديث.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا خالد بن
الـحرث، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك، يعنـي ابن صعصعة رجل
من قومه، عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم، نـحوه.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ،
عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رجل من قومه، قال: قال نبـيّ
الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر نـحوه.



16626ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال:
قال مـحمد بن إسحاق: ثنـي عمرو بن عبد الرحمن، عن الـحسن بن أبـي الـحسن، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَـيْنا أنا نائمٌ فـي الـحِجْرِ جاءَنِـي
جبْرِيـلُ فَهَمَزَنـي بِقَدمِهِ، فجَلَسْتُ فَلَـمْ أرَ شَيْئا، فَعُدْتُ لِـمَضْجَعي،
فجاءَنِـي الثّانِـيَةَ فَهَمَزَنِـي بقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ فَلَـمْ أرَ شَيْئا،
فَعُدْتُ لِـمَضْجَعي، فجاءَنـي الثّالِثَةَ فَهَمَزَنِـي بقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ،
فَأخَذَ بعَضُدِي فَقُمْتُ مَعَهُ، فخَرَجَ بِـي إلـى بـابِ الـمَسْجدِ، فإذَا
دَابّةٌ بَـيْضَاءُ بـينَ الـحِمارِ والبَغْلِ، لَهُ فِـي فَخِذَيْهِ جَناحان
يَحْفِزُ بِهما رِجْلَـيْهِ، يَضَعُ يَدَهُ فِـي مُنْتَهَى طَرْفهِ، فحَمَلَنـي
عَلَـيْهِ ثُمّ خَرَجَ مَعي، لا يَفُوتُنـي وَلا أفُوتُهُ».



16627ـ حدثنا الربـيع بن سلـيـمان، قال: أخبرنا
ابن وهب، عن سلـيـمان بن بلال، عن شريك بن أبـي نـمر، قال: سمعت أنسا يحدثنا عن
لـيـلة الـمسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر
قبل أن يوحى إلـيه وهو نائم فـي الـمسجد الـحرام، فقال أوّلهم: أيهم هو؟ قال
أوسطهم: هو خيرهم، فقال أحدهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك اللـيـلة، فلـم يرهم حتـى
جاءوا لـيـلة أخرى فـيـما يرى قلبه والنبـيّ صلى الله عليه وسلم تنام عيناه، ولا
ينام قلبه. وكذلك الأنبـياء تنام أعينهم، ولا تنام قلوبهم فلـم يكلـموه حتـى
احتـملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبرئيـل علـيه السلام، فشقّ ما بـين
نـحره إلـى لبّته، حتـى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم حتـى أنقـى جوفه، ثم
أُتـي بطست من ذهب فـيه تَوْرٌ مـحشوّ إيـمانا وحكمة، فحشا به جوفه وصدره
ولغاديده، ثم أطبقه ثم ركب البراق، فسار حتـى أتـى به إلـى بـيت الـمقدس فصلـى
فـيه بـالنّبـيـين والـمرسلـين إماما، ثم عرج به إلـى السماء الدنـيا، فضرب بـابـا
من أبوابها، فناداه أهل السماء: من هذا؟ قال: هذا جبرائيـل، قـيـل: من معك؟ قال:
مـحمد، قـيـل: أَوَ قَد بُعث إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: فمرحبـا به وأهلاً، فـيستبشر
به أهل السماء، لا يعلـم أهل السماء بـما يريد الله بأهل الأرض حتـى يُعلـمهم،
فوجد فـي السماء الدنـيا آدم، فقال له جبرائيـل: هذا أبوك، فسلّـم علـيه، فردّ
علـيه، فقال: مرحبـا بك وأهلاً يا بنـي، فنعم الابن أنت، ثم مضى به إلـى السماء
الثانـية، فـاستفتـح جبرائيـل بـابـا من أبوابها، فقـيـل: من هذا؟ فقال: جبرئيـل،
قـيـل: ومن معك؟ قال: مـحمد، قـيـل: أو قد أرسل إلـيه؟ قال: نعم قد أُرسل إلـيه،
فقـيـل: مرحبـا به وأهلاً، ففُتـح لهما فلـما صعد فـيها فإذا هو بنهرين يجريان،
فقال: ما هذان النهران يا جبرائيـل؟ قال: هذا النـيـل والفرات عنصرهما ثم عرج به
إلـى السماء الثالثة، فـاستفتـح جبرائيـل بـابـا من أبوابها، فقـيـل: من هذا؟ قال:
جبرئيـل، قـيـل: ومن معك؟ قال: مـحمد، قـيـل: أَوَ قَد بُعث إلـيه؟ قال: نعم قد
بُعث إلـيه، قـيـل: مرحبـا به وأهلاً، ففُتـح له فإذا هو بنهر علـيه قبـاب وقصور
من لؤلؤ وزبرجد وياقوت، وغير ذلك مـما لا يعلـمه إلاّ الله، فذهب يشمّ ترابه، فإذا
هو مسك أذفر، فقال: يا جبرائيـل ما هذا النهر؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك
فـي الاَخرة ثم عرج به إلـى الرابعة، فقالوا به مثل ذلك ثم عرج به إلـى الـخامسة،
فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلـى السادسة، فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلـى
السابعة، فقالوا له مثل ذلك، وكلّ سماه فـيها أنبـياء قد سماهم أنس، فوعيت منهم
إدريس فـي الثانـية، وهارون فـي الرابعة، وآخر فـي الـخامسة لـم أحفظ اسمه،
وإبراهيـم فـي السادسة، وموسى فـي السابعة بتفضيـل كلامه الله، فقال موسى: رب لـم
أظنّ أن يرفع علـيّ أحد ثم علا به فوق ذلك بـما لا يعلـمه إلاّ الله، حتـى جاء
سدرة الـمنتهى، ودنا بـاب الـجبّـار ربّ العزّة، فتدلـى فكان قاب قوسين أو أدنى،
فأوحى إلـى عبده ما شاء، وأوحى الله فـيـما أوحى خمسين صلاة علـى أمته كل يوم
ولـيـلة، ثم هبط حتـى بلغ موسى فـاحتبسه، فقال: يا مـحمد ماذا عهد إلـيك ربك؟ قال:
«عهد إلـيّ خمسين صلاة علـى أمتـي كل يوم ولـيـلة» قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك،
فـارجع فلـيخفف عنك وعنهم، فـالتفتّ إلـى جبرائيـل كأنه يستشيره فـي ذلك، فأشار
إلـيه أن نعم، فعاد به جبرائيـل حتـى أتـى الـجبّـارَ عزّ وجلّ وهو مكانه، فقال:
«ربّ خفف عنا، فإن أمتـي لا تستطيع هذا»، فوضع عنه عشر صلوات ثم رجع إلـى موسى
علـيه السلام فـاحتبسه، فلـم يزل يردّده موسى إلـى ربه حتـى صارت إلـى خمس صلوات،
ثم احتبسه عند الـخمس، فقال: يا مـحمد قد والله راودتُ بنـي إسرائيـل علـى أدنى من
هذه الـخمس، فضعفوا وتركوه، فأمتك أضعف أجسادا وقلوبـا وأبصارا وأسماعا، فـارجع
فلـيخفف عنك ربك، كلّ ذلك يـلتفت إلـى جبرئيـل لـيشير علـيه، ولا يكره ذلك
جبرئيـل، فرفعه عند الـخمس، فقال: «يا ربّ إن أمتـي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم
وأبصارهم، فخفف عنا»، قال الـجبّـار جلّ جلاله: يا مـحمد، قال: «لبّـيك وسعديك»،
فقال: إنـي لا يُبدّل القول لديّ كما كتبت علـيك فـي أمّ الكتاب، ولك بكلّ حسنة
عشر أمثالها، وهي خمسون فـي أمّ الكتاب، وهي خمس علـيك فرجع إلـى موسى، فقال: كيف
فعلت؟ فقال: «خفّف عنـي، أعطانا بكلّ حسنة عشر أمثالها»، قال: قد والله راودت بنـي
إسرائيـل علـى أدنى من هذا فتركوه فـارجع فلـيخفف عنك أيضا، قال: «يا موسى قد
والله استـحيـيت من ربـي مـما أختلف إلـيه»، قال: فـاهبط بـاسم الله، فـاستـيقظ
وهو فـي الـمسجد الـحرام.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب، أن يقال: إن
الله عزّ وجلّ أخبر أنه أسرى بعبده من الـمسجد الـحرام، والـمسجد الـحرام هو الذي
يتعارفه الناس بـينهم إذا ذكروه، وقوله: إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى يعنـي: مسجد
بـيت الـمقدس، وقـيـل له: الأقصى، لأنه أبعد الـمساجد التـي تزار، ويُبتَغى فـي
زيارته الفضل بعد الـمسجد الـحرام. فتأويـل الكلام تنزيها لله، وتبرئة له مـما
نـحله الـمشركون من الإشراك والأنداد والصاحبة، وما يجلّ عنه جلّ جلاله، الذي سار
بعبده لـيلاً من بـيته الـحرام إلـى بـيته الأقصى.



ثم اختلف أهل العلـم فـي صفة إسراء الله تبـارك
وتعالـى بنبـيه صلى الله عليه وسلم من الـمسجد الـحرام إلـى الـمسجد الأقصى، فقال
بعضهم: أسرى الله بجسده، فسار به لـيلاً علـى البُراق من بـيته الـحرام إلـى بـيته
الأقصى حتـى أتاه، فأراه ما شاء أن يريه من عجائب أمره وعبره وعظيـم سُلطانه،
فجمعت له به الأنبـياء، فصلـى بهم هُنالك، وعَرج به إلـى السماء حتـى صعد به فوق
السموات السبع، وأوحى إلـيه هنالك ما شاء أن يوحي ثم رجع إلـى الـمسجد الـحرام من
لـيـلته، فصلـى به صلاة الصبح. ذكر من قال ذلك، وذكر بعض الروايات التـي رُويت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيحه:


16628ـ
حدثنا يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس بن يزيد، عن
ابن شهاب، قال: أخبرنـي ابن الـمسيب وأبو سلـمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أُسري به علـى البُراق، وهي دابّة إبراهيـم التـي كان يزور علـيها
البـيت الـحرام، يقع حافرها موضع طرفها، قال: فمرّت بعير من عيرات قريش بواد من
تلك الأودية، فنفرت العير، وفـيها بعير علـيه غرارتان: سوداء، وزرقاء، حتـى أتـى
رسول الله صلى الله عليه وسلم إيـلـياء فأتـى بقدحين: قدح خمر، وقدح لبن، فأخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن، فقال له جبرئيـل: هُديت إلـى الفطرة، لو
أخذت قدح الـخمر غوت أمتك. قال ابن شهاب: فأخبرنـي ابن الـمسيب أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لقـي هناك إبراهيـم وعيسى، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: «فأمّا


عدل سابقا من قبل love.love في 25/7/2011, 8:30 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:21 pm

مُوسَى فَضَرْبٌ
رَجْلُ الرأسِ كأنّهُ مِنْ رِجالِ شَنُوءَةَ، وأمّا عِيسَى فَرَجْلٌ أحْمَرُ
كأنّـمَا خَرَجَ مِنْ دِيـمَاسٍ، فأشْبَهُ مَنْ رأيْتُ بِهِ عُرْوَةُ بْنُ
مَسْعُودِ الثّقَـفِـيّ وأمّا إبْرَاهِيـمُ فأنا أشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ» فلـما رجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدّث قريشا أنه أُسري به. قال عبد الله: فـارتدّ ناس
كثـير بعد ما أسلـموا، قال أبو سلـمة: فأتـى أبو بكر الصدّيق، فقـيـل له: هل لك
فـي صاحبك، يزعم أنه أسري به إلـى بـيت الـمقدس ثم رجع فـي لـيـلة واحدة، قال أبو
بكر: أَوَ قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأشهد إن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أفتشهد
أنه جاء الشام فـي لـيـلة واحدة؟ قال: إنـي أصدّقه بأبعد من ذلك، أصدّقه بخبر
السماء. قال أبو سلـمة: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: «لَـمّا كَذّبَتْنِـي قُرَيْشٌ قُمْتُ فَمَثّلَ اللّهُ لـي بَـيْتَ
الـمَقْدِسِ، فَطَفِقُت أُخْبرُهُمْ عَنْ آياتِه وأنا أنْظُرُ إلَـيْهِ».



16629ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
ثنـي يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبـيه، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن
أبـي وقاص، عن أنس بن مالك، قال: لـما جاء جبرائيـل علـيه السلام بـالبراق إلـى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنها ضربت بذنبها، فقال لها جبرئيـل: مه يا براق،
فوالله إن ركبك مثله فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بعجوز ناء عن
الطريق: أي علـى جنب الطريق.



قال أو جعفر: ينبغي أن يقال: نائية، ولكن أسقط
منها التأنـيث.



فقال: «ما هذه يا جبرائيـل؟» قال: سر يا مـحمد،
فسار ما شاء الله أن يسير، فإذا شيء يدعوه متنـحيا عن الطريق يقول: هلـمّ يا
مـحمد، قال جبرائيـل: سر يا مـحمد، فسار ما شاء الله أن يسير قال: ثم لقـيه خـلق
من الـخلائق، فقال أحدهم: السلام علـيك يا أوّل، والسلام علـيك يا آخر، والسلام
علـيك يا حاشر، فقال له جبرائيـل: اردد السلام يا مـحمد، قال: فردّ السلام ثم
لقـيه الثانـي، فقال له مثل مقالة الأوّلـين حتـى انتهى إلـى بـيت الـمقدس، فعرض
علـيه الـماء واللبن والـخمر، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن، فقال له
جبرائيـل: أصبت يا مـحمد الفطرة، ولو شربت الـماء لغرقت وغرقت أمتك، ولو شربت
الـخمر لغويت وغوت أمتك. ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبـياء، فأمّهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم تلك اللـيـلة، ثم قال له جبرائيـل: أما العجوز التـي رأيت علـى
جانب الطريق، فلـم يبق من الدنـيا إلاّ بقدر ما بقـي من عمر تلك العجوز، وأما الذي
أراد أن تـميـل إلـيه، فذاك عدوّ الله إبلـيس، أراد أن تـميـل إلـيه وأما الذين
سلّـموا علـيك، فذاك إبراهيـم وموسى وعيسى.


16630ـ
حدثنـي علـيّ بن سهل، قال: حدثنا حجاج، قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربـيع
بن أنس، عن أبـي العالـية الرياحي، عن أبـي هريرة أو غيره شك أبو جعفر فـي قول
الله عزّ وجلّ: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَـيْلاً مِنَ الـمَسْجِدِ
الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى الّذِي بـارَكْنا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ
آياتِنا إنّهُ هُوَ السّميع البَصِيرُ قال: جاء جبرائيـل إلـى النبـيّ صلى الله
عليه وسلم ومعه ميكائيـل، فقال جبرائيـل لـميكائيـل: ائتنـي بطست من ماء زمزم
كيـما أطهر قلبه، وأشرح له صدره، قال: فشقّ عن بطنه، فغسله ثلاث مرّات، واختلف
إلـيه ميكائيـل بثلاث طسات من ماء زمزم، فشرح صدره، ونزع ما كان فـيه من غلّ،
وملأه حلـما وعلـما وإيـمانا ويقـينا وإسلاما، وختـم بـين كتفـيه بخاتـم النبوّة،
ثم أتاه بفرس فحمل علـيه كلّ خطوة منه منتهى طرفه وأقصى بصره. قال: فسار وسار معه
جبرائيـل علـيه السلام، فأتـى علـى قوم يزرعون فـي يوم ويحصدون فـي يوم، كلـما
حصدوا عاد كما كان، فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: «يا جبْرائيـلُ ما هَذَا؟»
قال: هؤلاء الـمـجاهدون فـي سبـيـل الله، تُضاعف لهم الـحسنة بسبع مئة ضعف، وما
أنفقوا من شيء فهو يخـلفه وهو خير الرازقـين ثم أتـى علـى قوم تُرضخ رؤوسهم
بـالصخر، كلـما رضخت عادت كما كانت، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: «ما هؤلاء يا
جَبرائِيـل؟» قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة الـمكتوبة ثم أتـى علـى
قوم علـى أقبـالهم رقاع، وعلـى أدبـارهم رقاع، يسرحون كما تسرح الإبل والغنـم،
ويأكلون الضريع والزقّوم ورضف جهنـم وحجارتها، قال: «ما هَؤُلاء يا جَبْرِائيـلُ؟»
قال: هؤلاء الذين لا يؤدّون صدقات أموالهم، وما ظلـمهم الله شيئا، وما الله بظلام
للعبـيد ثم أتـى علـى قوم بـين أيديهم لـحم نضيج فـي قدور، ولـحم آخر نـيء قذر
خبـيث، فجعلوا يأكلون من النـيء، ويدعَون النضيج الطيّب، فقال: «ما هَؤُلاء يا
جَبْرَئِيـلُ؟» قال: هذا الرجل من أمتك، تكون عنده الـمرأة الـحلال الطيّب،
فـيأتـي امرأة خبـيثة فـيبـيت عندها حتـى يصبح، والـمرأة تقوم من عند زوجها حلالاً
طيبـا، فتأتـي رجلاً خبـيثا، فتبـيت معه حتـى تصبح. قال: ثم أتـى علـى خشبة فـي
الطريق لا يـمرّ بها ثوب إلاّ شقّته، ولا شيء إلاّ خرقته، قال: «ما هَذَا يا
جَبْرَئِيـلُ؟» قال: هذا مثَل أقوام من أمتك يقعدون علـى الطريق فـيقطعونه. ثم
قرأ: وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدّونَ... الاَية. ثم أتـى
علـى رجل قد جمع حزمة حطب عظيـمة لا يستطيع حملها، وهو يزيد علـيها، فقال: «ما هذا
يا جَبْرائِيـلُ؟» قال: هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر علـى
أدائها، وهو يزيد علـيها، ويريد أن يحملها، فلا يستطيع ذلك ثم أتـى علـى قوم تقرض
ألسنتهم وشفـاههم بـمقاريض من حديد، كلـما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك
شيء، قال: «ما هؤلاء يا جَبْرَئِيـلُ؟» فقال: هؤلاء خطبـاء أمتك خطبـاء الفتنة
يقولون ما لا يفعلون ثم أتـى علـى جحر صغير يخرج منه ثور عظيـم، فجعل الثور يريد
أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع، فقال: «ما هَذَا يا جَبْرَئِيـلُ؟» قال: هذا الرجل
يتكلـم بـالكلـمة العظيـمة، ثم يندم علـيها، فلا يستطيع أن يردّها ثم أتـى علـى
واد، فوجد ريحا طيبة بـاردة، وفـيه ريح الـمسك، وسمع صوتا، فقال: «يا جَبْرائِيـلُ
ما هَذِهِ الرّيحُ الطّيّبَةُ البـارِدَةُ وَهذِهِ الرّائحَةُ الّتـي كَرِيحِ
الـمسْكِ، وَما هَذَا الصّوْتُ؟» قال: هذا صوت الـجنة تقول: يا ربّ آتنـي ما
وعدتنـي، فقد كثرت غرفـي واستبرقـي وحريري وسندسي وعبقري، ولؤلؤي ومرجانـي، وفضتـي
وذهبـي، وأكوابـي وصحافـي وأبـاريقـي، وفواكهي ونـخـلـي ورمانـي، ولبنـي وخمري،
فآتنـي ما وعدتنـي، فقال: لكِ كلّ مسلـم ومسلـمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بـي
وبرسلـي، وعمل صالـحا ولـم يُشرك بـي، ولـم يتـخذ من دونـي أندادا، ومن خشينـي فهو
آمن، ومن سألنـي أعطيته، ومن أقرضنـي جزيته، ومن توكّل علـيّ كفـيته، إنـي أنا
الله لا إله إلاّ أنا لا أخـلف الـميعاد، وقد أفلـح الـمؤمنون، وتبـارك الله أحسن
الـخالقـين، قالت: قد رضيت ثم أتـى علـى واد فسمع صوتا منكرا، ووجد ريحا منتنة،
فقال: «ما هَذِهِ الرّيحُ يا جَبْرَئيـلُ وَما هَذَا الصّوْتُ؟» قال: هذا صوت
جهنـم، تقول: يا ربّ آتنـي ما وعدتنـي، فقد كثرت سلاسلـي وأغلالـي، وسعيري
وجحيـمي، وضريعي وغسّاقـي، وعذابـي وعقابـي، وقد بعُد قعري واشتدّ حرّي، فآتنـي ما
وعدتنـي، قال: لك كلّ مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكلّ خبـيث وخبـيثة، وكلّ جبّـار
لا يؤمن بـيوم الـحساب، قالت: قد رضيت قال: ثم سار حتـى أتـى بـيت الـمقدس، فنزل
فربط فرسه إلـى صخرة، ثم دخـل فصلـى مع الـملائكة فلـما قُضيت الصلاة. قالوا: يا
جبرئيـل من هذا معك؟ قال: مـحمد، فقالوا: أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا:
حيّاه الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء قال:
ثم لقـي أرواح الأنبـياء فأثنوا علـى ربهم، فقال إبراهيـم: الـحمد لله الذي
اتـخذنـي خـلـيلاً وأعطانـي ملكا عظيـما، وجعلنـي أمّة قانتا لله يؤتـمّ بـي،
وأنقذنـي من النار، وجعلها علـيّ بردا وسلاما ثم إن موسى أثنى علـى ربه فقال:
الـحمد لله الذي كلّـمنـي تكلـيـما، وجعل هلاك آل فرعون ونـجاة بنـي إسرائيـل علـى
يدي، وجعل من أمتـي قوما يهدون بـالـحقّ وبه يعدلون ثم إن داود علـيه السلام أثنى
علـى ربه، فقال: الـحمد لله الذي جعل لـي ملكا عظيـما وعلّـمنـي الزّبور، وألان
لـي الـحديد، وسخّر لـي الـجبـال يسبحن والطير، وأعطانـي الـحكمة وفصل الـخطاب ثم
إن سلـيـمان أثنى علـى ربه، فقال: الـحمد لله الذي سخّر لـي الرياح، وسخّر لـي
الشياطين، يعملون لـي ما شئت من مـحاريب وتـماثـيـل وجفـان كالـجواب، وقدور
راسيات، وعلّـمنـي منطق الطير، وآتانـي من كلّ شيء فضلاً، وسخّر لـي جنود الشياطين
والإنس والطير، وفضّلنـي علـى كثـير من عبـاده الـمؤمنـين، وآتانـي ملكا عظيـما لا
ينبغي لأحد من بعدي، وجعل ملكي ملكا طيبـا لـيس علـيّ فـيه حساب ثم إن عيسى علـيه
السلام أثنى علـى ربه، فقال: الـحمد لله الذي جعلنـي كلـمته وجعل مثلـي مثل آدم
خـلقه من تراب، ثم قال له: كن فـيكون، وعلـمنـي الكتاب والـحكمة والتوراة
والإنـجيـل، وجعلنـي أخـلق من الطين كهيئة الطير، فأنفخ فـيه، فـيكون طيرا بإذن
الله، وجعلنـي أبرىء الأكنه والأبرص، وأحيـي الـموتـى بإذن الله، ورفعنـي وطهرنـي،
وأعاذنـي وأمي من الشيطان الرجيـم، فلـم يكن للشيطان علـينا سبـيـل قال: ثم إن
مـحمدا صلى الله عليه وسلم أثنى علـى ربه، فقال: «كُلّكُمْ أثْنَى عَلـى رَبّهِ،
وأنا مُثْنٍ عَلـى رَبّـي»، فقال: «الـحَمْدُ لِلّهِ الذِي أرْسَلَنِـي رَحْمَةً
للعالَـمِينَ، وكافةً للناس بَشِيرا وَنَذِيرا، وأنْزَلَ عَلـيّ الفُرقَانَ فِـيه
تِبْـيانُ كُلّ شَيْءٍ، وَجَعَلَ أُمّتـي خَيْرَ أُمةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ،
وَجَعَلَ أُمّتِـي وَسَطا، وَجَعَلَ أُمّتِـي هُمُ الأوّلُونَ وَهُمُ الاَخِرُونَ،
وَشَرَحَ لـي صَدْري، وَوَضَعَ عَنـي وِزْرِي وَرَفَعَ لـي ذِكْرِي، وَجَعَلَنـي
فـاتـحا خاتِـما» قال إبراهيـم: بهذا فضلكم مـحمد. قال: أبو جعفر: وهو الرازي:
خاتـم النبوّة، وفـاتـح بـالشفـاعة يوم القـيامة ثم أتـى إلـيه بآنـية ثلاثة مغطاة
أفواهها، فأتـى بإناء منها فـيه ماء، فقـيـل: اشرب، فشرب منه يسيرا ثم دفع إلـيه
إناء آخر فـيه لبن، فقـيـل له: اشرب، فشرب منه حتـى روى ثم دفع إلـيه إناء آخر
فـيه خمر، فقـيـل له: اشرب، فقال: «لا أريده قد رويت» فقال له جبرئيـل صلى الله عليه
وسلم: أما إنها سَتُـحَرّم علـى أمتك، ولو شربت منها لـم يتبعك من أمتك إلاّ
القلـيـل، ثم عَرَج به إلـى سماء الدنـيا، فـاستفتـح جبرائيـل بـابـا من أبوابها،
فقـيـل: من هذا؟ قال: جبرائيـل، قـيـل: ومن معك؟ فقال: مـحمد، قالوا: أَوَ قَد
أُرسل إلـيه، قال: نعم، قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم
الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء فدخـل فإذا هو برجل تامّ الـخـلق لـم ينقص من خـلقه
شيء، كما ينقص من خـلق الناس، علـى يـمينه بـاب يخرج منه ريح طيبة، وعن شماله بـاب
يخرج منه ريح خبـيثة، إذا نظر إلـى البـاب الذي عن يـمينه ضحك واستبشر، وإذا نظر
إلـى البـاب الذي عن شماله بكى وحزن، فقلت: «يا جَبْرَئِيـلَ مَنْ هَذَا الشّيْخُ
التّامُ الـخَـلْقِ الّذِي لَـمْ يَنْقُصْ مِنْ خَـلْقِهِ شَيْءٌ، وَما هَذَانِ
البـابـانِ؟» قال: هذا أبوك آدم، وهذا البـاب الذي عن يـمينه بـاب الـجنة، إذا نظر
إلـى من يدخـله من ذرّيته ضحك واستبشر، والبـاب الذي عن شماله بـاب جهنـم، إذا نظر
إلـى من يدخـله من ذرّيته بكى وحزن ثم صعد به جبرئيـل صلى الله عليه وسلم إلـى
السماء الثانـية فـاستفتـح، فقـيـل: من هذا؟ قال: جبرائيـل، قـيـل: ومن معك؟ قال:
مـحمد رسول الله، فقالوا: أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: حيّاه الله من
أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء، قال: فإذا هو
بشابـين، فقال: «يا جَبْرَئِيـلُ مَنْ هَذَانِ الشابّـانِ؟» قال: هذا عيسى ابن
مريـم، ويحيى بن زكريا ابنا الـخالة، قال: فصعد به إلـى السماء الثالثة،
فـاستفتـح، فقالوا: من هذا؟ قال: جبرائيـل، قالوا: ومن معك؟ قال: مـحمد، قالوا:
أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ
ونعم الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء، قال: فدخـل فإذا هو برجل قد فَضَل علـى الناس
كلهم فـي الـحُسن، كما فُضّل القمرُ لـيـلة البدر علـى سائر الكواكب، قال: «مَنْ
هَذَا يا جِبْرائِيـلُ الّذِي فَضَلَ علـى النّاسِ فـي الـحُسْنِ؟» قال: هذا أخوك
يوسف ثم صعد به إلـى السماء الرابعة، فـاستفتـح، فقـيـل: من هذا؟ قال جبرائيـل،
قالوا: ومن معك؟ قال: مـحمد، قالوا: أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: حيّاه
الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء قال:
فدخـل، فإذا هو برجل، قال: «مَنْ هَذَا يا جَبْرَئيـلُ؟» قال: هذا إدريس رفعه الله
مكانا علـيّا. ثم صعد به إلـى السماء الـخامسة، فـاستفتـح جبرائيـل، فقالوا: من
هذا؟ فقال: جبرائيـل، قالوا: ومن معك؟ قال: مـحمد، قالوا: أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟
قال: نعم، قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم الـخـلـيفة، ونعم
الـمـجيء جاء ثم دخـل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقصّ علـيهم، قال: «مَنْ هَذَا
يا جَبْرَئِيـلُ وَمَنْ هَؤُلاءِ الّذِينَ حَوْلَهُ؟» قال: هذا هارون الـمـحبب فـي
قومه، وهؤلاء بنو إسرائيـل ثم صعد به إلـى السماء السادسة، فـاستفتـح جبرائيـل،
فقـيـل له: من هذا؟ قال: جبرائيـل، قالوا: ومن معك؟ قال: مـحمد، قالوا: أَوَ قَد
أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: حيّاه الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم
الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء فإذا هو برجل جالس، فجاوزه، فبكى الرجل، فقال: «يا
جَبْرائِيـلُ مَنْ هَذَا؟» قال: موسى، قال: «فَمَا بـالُهُ يَبْكي؟» قال: تزعم بنو
إسرائيـل أنـي أكرم بنـي آدم علـى الله، وهذا رجل من بنـي آدم قد خـلفنـي فـي
دنـيا، وأنا فـي أخرى، فلو أنه بنفسه لـم أبـال، ولكن مع كلّ نبـيّ أمته ثم صَعَد
به إلـى السماء السابعة، فـاستفتـح جبرائيـل، فقـيـل: من هذا؟ قال: جبرائيـل،
قالوا: ومن معك؟ قال: مـحمد، قالوا: أَوَ قَد أُرسل إلـيه؟ قال: نعم، قالوا: حيّاه
الله من أخ ومن خـلـيفة، فنعم الأخ ونعم الـخـلـيفة، ونعم الـمـجيء جاء، قال:
فدخـل فإذا هو برجل أشمط جالس عند بـاب الـجنة علـى كرسي، وعنده قوم جلوسٍ بـيض
الوجوه، أمثال القراطيس، وقوم فـي ألوانهم شيء، فقام هؤلاء الذين فـي ألوانهم شيء،
فدخـلوا نهرا فـاغتسلوا فـيه، فخرجوا وقد خـلص من ألوانهم شيء، ثم دخـلوا نهرا
آخر، فـاغتسلوا فـيه، فخرجوا وقد خـلص من ألوانهم شيء، ثم دخـلوا نهرا آخر
فـاغتسلو فـيه، فخرجوا وقد خـلص من ألوانهم شيء، فصارت مثل ألوان أصحابهم، فجاءوا
فجلسوا إلـى أصحابهم، فقال: «يا جَبْرَئِيـلُ مَنْ هَذَا الأشْمَطُ، ثُمّ مَنْ
هَؤُلاءِ البِـيضُ وُجُوهُهُمْ، وَمَنْ هَؤُلاءِ الّذِينَ فـي ألْوَانِهِمْ
شَيْءٌ، وَما هَذِهِ الأنهَارُ الّتـي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:22 pm

دَخَـلُوا، فَجَاءُوا
وَقَدْ صَفَتْ ألْوَانُهُمْ؟» قال: هذا أبوك إبراهيـم أوّل من شَمِط علـى الأرض،
وأما هؤلاء البـيض الوجوه: فقوم لـم يُـلْبِسوا إيـمانهم بظلـم، وأما هؤلاء الذين
فـي ألوانهم شيء، فقوم خـلطوا عملاً صالـحا وآخر شيئا، فتابوا، فتاب الله علـيهم،
وأما الأنهار: فأولها رحمة الله، وثانـيها: نعمة الله، والثالث: سقاهم ربهم شرابـا
طهورا قال: ثم انتهى إلـى السّدرة، فقـيـل له: هذه السدرة ينتهي إلـيها كلّ أحد
خلا من أمتك علـى سنتك، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار
من لبن لـم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذّة للشاربـين، وأنهار من عسل مصفّـى، وهي
شجرة يسير الراكب فـي ظلّها سبعين عاما لا يقطعها، والورقة منها مغطية للأمة كلها،
قال: فغشيها نور الـخلاّق عزّ وجلّ، وغشيتها الـملائكة أمثال الغربـان حين يقعن
علـى الشجرة، قال: فكلـمه عند ذلك، فقال له: سل، فقال: «اتـخذتَ إبراهيـم
خـلـيلاً، وأعطيته مُلكا عظيـما، وكلـمت موسى تكلـيـما، وأعطيت داود ملكا عظيـما،
وألنت له الـحديد، وسخرت له الـجبـال، وأعطيت سلـيـمان ملكا عظيـما، وسخرت له
الـجنّ والإنس والشياطين، وسخرت له الرياح، وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده،
وعلّـمت عيسى التوراة والإنـجيـل، وجعلته يبرىء الأكمه والأبرص، ويحيـي الـموتـى
بإذن الله، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيـم، فلـم يكن للشيطان علـيهما سبـيـل».
فقال له ربه: قد اتـخذتك حبـيبـا وخـلـيلاً، وهو مكتوب فـي التوراة: حبـيب الله
وأرسلتك إلـى الناس كافّة بشيرا ونذيرا، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، ورفعت لك
ذكرك، فلا أذكر إلاّ ذكرت معي، وجعلت أمتك أمة وسطا، وجعلت أمتك هم الأوّلون
والاَخرون، وجعلت أمتك لا تـجوز لهم خطبة، حتـى يشهدوا أنك عبدي ورسولـي، وجعلت من
أمتك أقواما قلوبهم أناجيـلهم، وجعلتك أوّل النّبـيـين خَـلْقا، وآخرهم بَعْثا،
وأوّلَهم يُقْضَى له، وأعطيتك سبعا من الـمثانـي، لـم يُعطها نبـيّ قبلك، وأعطيتك
الكوثر، وأعطيتك ثمانـية أسهم الإسلام والهجرة، والـجهاد، والصدقة، والصلاة، وصوم
رمضان، والأمر بـالـمعروف، والنهي عن الـمنكر، وجعلتك فـاتـحا وخاتـما، فقال
النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «فضّلَنِـي رَبّـي بسِتّ: أعْطانِـي فَوَاتِـحَ
الكَلِـمِ وَخَوَاتِـيـمَهُ، وَجَوَامِعَ الـحَدِيثِ، وأرْسَلَنِـي إلـى النّاسِ
كافّةً بَشِيرا وَنَذِيرا، وَقَذَفَ فِـي قُلُوبِ عَدُوّي الرُعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ
شَهْرٍ، وأُحِلّتْ لـيَ الغَنائمُ ولَـمْ تَـحِلّ لأَحَدٍ قَبْلِـي، وجُعِلَتْ لـي
الأرْضُ كُلّها طَهُورا وَمَسْجِدا، قال: وَفَرَضَ عَلـيّ خَمْسِينَ صَلاةٍ» فلـما
رجع إلـى موسى، قال: بِـم أُمرت يا مـحمد، قال: «بخَمْسِينَ صَلاةً»، قال: ارجع
إلـى ربك فـاسأله التّـخفـيف، فإن أمتك أضعف الأمـم، فقد لقـيت من بنـي إسرائيـل
شدّة، قال: فرجع النبـيّ صلى الله عليه وسلم إلـى ربه فسأله التـخفـيف، فوضع عنه
عشرا، ثم رجع إلـى موسى، فقال: بكم أُمرت؟ قال: «بأرْبَعِينَ»، قال: ارجع إلـى ربك
فـاسأله التـخفـيف، فإن أمتك أضعف الأمـم، وقد لقـيتُ من بنـي إسرائيـل شدّة، قال:
فرجع إلـى ربه، فسأله التـخفـيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلـى موسى، فقال: بكم أُمرت؟
قال: «أُمِرْتُ بِثَلاثِـينَ»، فقال له موسى: ارجع إلـى ربك فـاسأله التـخفـيف،
فإن أمتك أضعف الأمـم، وقد لقـيت من بنـي إسرائيـل شدّة، قال: فرجع إلـى ربه فسأله
التـخفـيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلـى موسى فقال: بكم أمرت؟ قال: «بعشرين»، قال:
ارجع إلـى ربك فـاسأله التـخفـيف، فإن أمتك أضعف الأمـم، وقد لقـيت من بنـي
إسرائيـل شدة، قال: فرجع إلـى ربه فسأله التـخفـيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلـى
موسى، فقال: لكم أمرت؟ قال: قال: ارجع إلـى ربك فـاسأله التـخفـيف، فإن أمتك أضعف
الأمـم، وقد لقـيت من بنـي إسرائيـل شدّة، قال: فرجع علـى حياء إلـى ربه فسأله
التـخفـيف، فوضع عنه خمسا، فرجع إلـى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قال: «بخمس»، قال:
ارجع إلـى ربك فـاسأله التـخفـيف، فإن أمتك أضعف الأمـم، وقد لقـيتُ من بنـي
إسرائيـل شدّة، قال: «قَدْ رَجَعْتُ إلـى رَبّـي حتـى اسْتَـحْيَـيْت فَمَا أنا
رَاجِعٌ إلَـيْهِ»، فقـيـل له: أما إنك كما صبرت نفسك علـى خمس صلوات فإنهنّ يجزين
عنك خمسين صلاة، فإن كلّ حسنة بعشر أمثالها، قال: فرضي مـحمد صلى الله عليه وسلم
كلّ الرضا، فكان موسى أشدّهم علـيه حين مرّ به، وخيرهم له حين رجع إلـيه.



حدثنـي مـحمد بن عبـيد الله، قال: أخبرنا أبو
النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربـيع بن أنس، عن أبـي
العالـية أو غيره شكّ أبو جعفر عن أبـي هريرة فـي قوله: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى
بِعَبْدِه... إلـى قوله: إنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ قال: جاء جبرائيـل إلـى
النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر نـحو حديث علـيّ بن سهل، عن حجاج، إلا أنه قال:
جاء جبرائيـل ومعه مكائيـل، وقال فـيه: وإذا بقوم يسرحون كما تسرح الأنعام يأكلون
الضريع والزقوم، وقال فـي كل موضع قال علـيّ: «ما هؤلاء»، «من هؤلاء يا جبرئيـل»،
وقال فـي موضع «تقرض ألسنتهم» «تقص ألسنتهم»، وقال أيضا فـي موضع قال علـيّ فـيه:
«ونعم الـخـلـيفة». قال فـي ذكر الـخمر، فقال: «لا أريده قد رويت»، قال جبرئيـل:
قد أصبت الفطرة يا مـحمد، إنها ستـحرم علـى أمتك، وقال فـي سدرة الـمنتهى أيضا:
هذه السدرة الـمنتهى، إلـيها ينتهي كلّ أحد خلا علـى سبـيـلك من أمتك وقال أيضا
فـي الورقة منها: «تظلّ الـخـلق كلهم، تغشاها الـملائكة مثل الغربـان حين يقعن
علـى الشجرة، من حُبّ الله عزّ وجلّ» وسائر الـحديث مثل حديث علـيّ.



16631ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن أبـي هارون العبدي، عن أبـي سعيد الـخدري وحدثنـي
الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، قال: أخبرنا أبو هارون
العبدي، عن أبـي سعيد الـخدري، واللفظ لـحديث الـحسن بن يحيى، فـي قوله: سُبْحانَ
الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَـيْلاً مِنَ الـمَسْجِد الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ
الأقْصَى قال: حدثنا النبـيّ صلى الله عليه وسلم عن لـيـلة أُسري به فقال نبـيّ
الله: «أُتِـيتُ بِدَابّةٍ هِيَ أشْبَهُ الدّوَابّ بـالبَغْلِ، لَهُ أذُنانِ
مُضْطَرِبَتان وَهُوَ البُرَاقُ، وَهُوَ الّذِي كانَ تَرْكَبُهُ الأنْبِـياءُ
قَبْلِـي، فَرَكِبْتُهُ، فـانْطَلَقَ بِـي يَضَعُ يَدَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى
بَصَرِهِ، فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَـمِينِـي: يا مُـحَمّدُ عَلـى رِسْلِكَ
أسألْكَ، فَمَضَيْتُ وَلَـمْ أعَرّجْ عَلَـيْهِ ثُمّ سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ
شِمالـي: يا مُـحَمّدُ عَلـى رِسُلِكَ أسألْكَ، فَمَضَيْتُ وَلـمْ أعَرّجْ
عَلَـيْهِ ثُمّ اسْتَقْبَلْتُ امْرأةً فِـي الطّرِيقِ، فَرأيْتُ عَلَـيْها مِنْ
كُلّ زِينَةٍ مِنْ زِينَةِ الدّنـيْا رَافِعَةً يَدَها، تَقُولُ: يا مُـحَمّدُ
علـى رِسْلِكَ أسألْكَ، فَمَضْيتُ وَلَـمْ أعَرّجْ عَلَـيْها، ثُمّ أتَـيْتُ
بَـيْتَ الـمَقْدِسِ، أوْ قالَ الـمَسْجِدَ الأقْصَى، فَنَزَلْتُ عَنِ الدّابَةِ
فَأوْثْقْتُها بـالـحَلْقَةِ التـي كانَنِ الأنْبِـياءُ تُوثِقُ بِها، ثُمّ
دَخَـلْتُ الـمَسْجِدَ فَصَلّـيْتُ فِـيهِ، فقالَ لِـي جَبْرَئِيـل: ماذَا رأيْتَ
فِـي وَجْهِكَ، فَقُلْتُ: سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَـمِينِـي أنْ يا مُـحَمّدُ
عَلـى رِسْلِكَ أسألْكَ، فَمَضَيْتُ ولَـمْ أعَرّجْ عَلَـيْهِ، قالَ: ذَاكَ داعِيَ
الـيَهُودِ، أمَا لَوَ أنّكَ وَقَـفْتَ عَلَـيْهِ لَتهَوّدَتْ أُمّتُكَ، قال: ثُمّ
سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَسارِي أنْ يا مُـحَمّدُ عَلـى رِسْلِكَ أسألْكَ،
فَمَضَيْتُ وَلَـمْ أعَرّجْ عَلَـيْهِ، قال: ذَاكَ داعي النّصَارَى، أمَا إنّكَ
لَوْ وَقَـفْتَ عَلَـيْهِ لَتَنَصّرَتْ أُمّتُكَ، قُلْتُ: ثُمّ استْقَبَلَتَنِـي
امْرأةٌ عَلَـيْها مِنْ كُلّ زِينَةٍ مِنْ زِينَةِ الدّنـيْا رَافِعَةً يَدَها
تَقُولُ عَلـى رِسْلِكَ، أسألْكَ، فَمَضَيْتُ ولَـمْ أُعَرّجْ عَلَـيْها، قال:
تِلْكَ الدّنـيْا تَزَيّنَتْ لَكَ، أمَا إنّكَ لَوْ وَقَـفْتَ عَلَـيْها
لاخْتارَتْ أُمّتُكَ الدّنْـيا علـى الاَخِرَةِ، ثُمّ أُتِـيتُ بإناءَيْنِ
أحَدُهُما فِـيهِ لَبنٌ، والاَخَرُ فِـيهِ خَمْرٌ، فَقِـيـلَ لِـي: اشْرَبْ
أيّهُما شِئْتَ، فَأخَذْتُ اللّبَنَ فَشَرِبْتُهُ، قال: أصَبْتَ الفِطْرَةَ أوْ
قالَ: أخَذْتَ الفِطْرَةَ».



قال معمر: وأخبرنـي الزهري، عن ابن الـمسيب أنه
قـيـل له: أما إنك لو أخذت الـخمر غوت أمتك.



قال أبو هارون فـي حديث أبـي سعيد: «ثُمّ جِيءَ
بـالـمِعْرَاجِ الّذِي تَعْرُجُ فِـيهِ أرْوَاحُ بَنِـي آدَمَ فإذَا هُوَ أحْسَنُ
ما رأيْتُ ألَـمْ تَرَ إلـى الـمَيّتِ كَيْفَ يُحِدّ بَصَرَهُ إلَـيْهِ فَعُرِجَ
بِنا فِـيهِ حتـى انْتَهَيْنا إلـى بـابِ السّماءِ الدّنـيْا، فـاسْتَفْتَـحَ
جَبْرَائِيـلُ، فَقـيـلَ مَنْ هَذا؟ قال: جَبْرَئِيـلُ؟ قِـيـلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟
قال: مُـحَمّدٌ، قِـيـلَ: أوَ قَدْ أُرْسِلَ إلَـيْهِ؟ قال: نَعَمْ، فَفَتَـحُوا
وَسَلّـمُوا عَلَـيّ، وَإذَا مَلَكٌ مُوَكّلٌ يَحْرُسُ السّماءَ يُقال لَهُ
إسْماعِيـلُ، مَعَهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مِئَةُ
ألْفٍ، ثم قرأ: وَما يَعْلَـمُ جُنُودَ رَبّكَ إلاّ هُوَ وَإذَا أنا بِرَجُلٍ
كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَـلَقَهُ اللّهُ لَـمْ يَتَغَيّرْ مِنْهُ شَيْءٌ، فإذَا هُوَ
تُعْرَض عَلَـيْهِ أرْوَاحُ ذُرّيّتِهِ، فإذَا كانَتْ رُوح مُؤْمِنٍ، قالَ: رُوحٌ
طَيّبَةٌ، وَرِيحٌ طَيّبَةٌ، اجْعَلُوا كِتابَهُ فِـي عِلّـيِـينَ وَإذَا كانَ
رُوحَ كافِرٍ قالَ: رُوحٌ خَبِـيثَةٌ وَرِيحٌ خَبِـيثَةٌ، اجْعَلُوا كِتابَهُ فِـي
سِجيّـلٍ، فَقُلْتُ: يا جَبْرَائِيـلُ مَنْ هَذَا؟ قال: أبُوكَ آدَمُ، فَسَلّـمَ
عَلـيّ وَرَحّبَ بِـي وَدَعا لِـي بِخَيرٍ وَقال: مَرْحَبـا بـالنّبِـيّ
الصّالِـحِ والوَلَدِ الصّالِـحِ، ثُمّ نَظَرْتُ فإذَا أنا بقَوْمٍ لَهُمْ
مَشافِرُ كمَشافِرِ الإبلِ، وَقَدْ وُكّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذُ بِـمَشافِرِهِمْ،
ثُمّ يُجْعَلُ فـي أفْوَاهِهِمْ صَخْرا مِنْ نارٍ يَخْرُجُ مِنْ أسافِلِهِمْ،
قُلْتُ: يا جَبرْئِيـلُ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قال: هَؤُلاءِ الّذِينَ يَأْكُلُونَ
أمْوَالَ الـيَتَامَى ظُلْـما. ثُمّ نَظَرْتُ فإذَا أنا بَقَوْمٍ يُحْذَي مِنْ
جُلُودِهِمْ ويُرَدّ فِـي أفْوَاهِهِمْ، ثُمّ يُقال: كُلُوا كمَا أكَلْتُـمْ،
فإذَا أكْرَهُ ما خَـلَقَ اللّهُ لَهُمْ ذلكَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يا
جَبْرَائِيـلُ؟ قال: هَؤُلاءِ الهَمّازُونَ اللّـمازُونَ الذِينَ يأكُلُونَ
لُـحُومَ النّاسِ، وَيَقَعُونَ فِـي أعْرَاضِهِمْ بـالسّبّ ثُمّ نَظَرْتُ فإذَا
أنا بِقَوْمٍ عَلـى مائِدَةٍ عَلَـيْها لَـحْمٌ مَشْوِيّ كأحْسَنِ ما رأيْتُ مِنَ
اللـحْمِ، وَإذَا حَوْلَهُمْ جِيَفٌ، فَجعلُوا يَـمِيـلُونَ عَلـى الـجِيفِ
يَأكُلُونَ مِنْها وَيَدَعُونَ ذلكَ اللـحْمَ، قُلْتُ: مَنْ هَؤلاءِ يا
جَبْرَائِيَـلُ؟ قالَ: هَؤُلاءِ الزّناةُ عَمَدُوا إلـى مَا حَرّمَ اللّهُ
عَلَـيْهِمْ، وَتَرَكُوا ما أحَلّ اللّهُ لَهُمْ ثمّ نَظَرْتُ فإذَا أنا بِقَوْمٍ
لَهُمْ بُطونٌ كأنّها البُـيُوتُ وَهِيَ علـى سابِلَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، فإذَا مَرّ
بِهِمْ آلُ فِرْعَوْنَ ثارُوا، فَـيَـمِيـلُ بأحَدِهِمْ بَطْنُهُ فَـيَقَعُ،
فَـيَتَوَطئُوهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ بأرْجُلِهِمْ، وَهُمْ يُعْرَضُونَ عَلـى النارِ
غُدُوّا وَعَشِيّا قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاء يا جَبْرَائِيـلُ؟ قال: هَؤُلاءِ أكَلَةُ
الرّبـا، رَبـا فِـي بُطُونِهِمْ، فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الّذِي يَتَـخَبّطُهُ
الشّيْطانُ مِن الـمَسّ ثُمّ نَظَرْتُ، فإذَا أنا بِنِساءٍ مُعَلّقاتٍ
بِثُدُيّهِنّ، وَنِساءٌ مُنَكّساتٌ بأرْجُلِهِنّ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يا
جِبْرَئِيـلُ؟ قال: هنّ اللاتـي يَزْنِـينَ وَيَقْتُلْنَ أوْلادَهُنّ قالَ: ثُمّ
صَعَدْنا إلـى السّماءِ الثّانِـيَةِ، فإذَا أنا بِـيُوسُف وحَوْلهُ تَبَعٌ مِنْ
أُمّتِهِ، وَوَجْهُهُ كالقَمَرِ لَـيْـلَةَ البَدْرِ، فَسَلّـمَ عَلـيّ وَرَحّبَ
بِـي، ثُمّ مَضَيْنا إلـى السّماءِ الثّالِثَةِ، فإذا أنا بـابْنِـيَ الـخالَةِ
يَحيَى وَعِيَسى، يُشْبِهُ أحَدُهُما صَاحِبَهُ، ثِـيابُهما وَشَعْرُهُما، فَسَلّـما
عَلـيّ، وَرَحبّـابِـي ثُمّ مَضَيْنَا إلـى السّماءِ الرّابِعَةِ، فإذا أنا
بإدْرِيَس، فَسَلّـمَ عَلـيّ وَرَحّب وَقَدْ قالَ اللّهُ: وَرَفَعْناه مَكانا
عَلِـيّا ثُمّ مَضَيْنا إلـى السّماءِ الـخامِسَةِ، فإذَا أنا بِهارُونَ
الـمُـحَبّبِ فِـي قَوْمِهِ، حَوْلَهُ تَبَعٌ كَثِـيرٌ مِنْ أُمّتِهِ» فَوَصَفَهُ
النّبِـي صلى الله عليه وسلم: «طَوِيـلُ اللّـحْيَةِ تَكادُ لِـحْيَتُهُ تَـمَسّ
سُرّتَهُ، فَسلّـمَ علـيّ وَرَحَبَ ثُمّ مَضَيْنا إلـى السّماءِ السّادِسَةِ فإذَا
أنا بـمُوسَى بْنِ عِمْرانَ» فَوَصَفَهُ النّبِـيّ صلى الله عليه وسلم فقالَ:
«كَثِـيرُ الشّعْرِ لَوْ كانَ عَلَـيْهِ قَمِيصَانِ خَرَجَ شَعْرُهُ مِنْهُمَا
قالَ مُوسَى: تَزْعَمُ النّاسُ أنّـي أكْرَمُ الـخَـلْقِ عَلـى اللّهِ، فَهَذَا
أكْرَمُ عَلـى اللّهِ مِنّـي، وَلَوْ كانَ وَحْدَهُ لَـمْ أكُنْ أُبـالـي، وَلَكِنْ
كُلّ نَبِـيّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أُمّتِهِ ثُمّ مَضَيْنا إلـى السّماءِ
السّابِعَةِ، فإذَا أنا بإبْرَاهِيـمَ وَهُوَ جالِس مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلـى
البَـيْتِ الـمَعْمُورَ فَسَلّـمَ عَلـيّ وَقال: مَرْحبـا بـالنّبِـيّ الصّالِـحِ
وَالَوَلَدِ الصّالِـحِ، فَقِـيـلَ: هذَا مَكانُكَ وَمَكانُ أُمّتِك، ثُمّ تَلا:
إنّ أوْلَـى النّاسِ بـابْرَاهِيـمَ للّذِينَ اتّبَعُوا وَهَذا النّبِـيّ
وَالّذِينَ آمَنُوا، وَاللّهُ وَلِـيّ الـمُؤْمِنِـينَ ثُمّ دَخَـلْتُ البَـيْتَ
الـمَعْمُورَ فَصَلّـيْتُ فِـيهِ، وَإذَا هُوَ يَدْخُـلُهُ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ
ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلـى يَوْمِ القِـيامَةِ ثُمّ نَظَرْتُ فإذَا أنا
بشَجَرَةٍ إنْ كانَتْ الوَرَقَةُ مِنْها لُـمغَطّيَةٌ هَذِهِ الأُمّةَ، فإذَا فِـي
أصْلِها عَيْنٌ تَـجْرِي قَدْ تَشَعّبَتْ شُعْبَتَـيْنِ، فَقُلْتُ: ما هذَا يا
جَبْرَائِيـلُ؟ قال: أمّا هَذَا: فَهُوَ نَهْرُ الرّحْمَةِ، وأمّا هذَا: فَهُوَ
الكَوْثَرُ الذِي أعْطاكَهُ اللّهُ، فـاغْتَسَلْتُ فِـي نَهْرِ الرّحمَةِ فَغُفِرَ
لِـي ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِـي وَما تَأخّرَ، ثُمّ أَخَذْتُ عَلـى الكَوْثَرِ
حتـى دَخَـلْتُ الـجَنّة، فإذَا فِـيها ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمَعَتْ،
وَلا خَطَرَ عَلـى قَلْبِ بَشَرٍ، وَإذَا فِـيها رُمّانٌ كأنّهُ جُلُودُ الإبِلِ
الـمُقَتّبَةُ، وإذَا فِـيها طَيْرٌ كأنّها البُخْتُ» فقالَ أبُو بَكْرِ: إنّ
تِلكَ الطّيْرَ لَناعِمَةٌ، قالَ: «أكَلَتْها أنْعَمُ مِنْها يا أبـا بَكْرٍ،
وإنّـي لأَرْجُو أنْ تَأكُلَ مِنْها، ورأيْتُ فِـيها جارِيَةً، فَسألْتُها:
لَـمَنْ أنْتِ؟ فَقالَتْ: لزَيْدِ بْنِ حارِثَة» فَبَشّرَ بِها رَسُولُ اللّهِ صلى
الله عليه وسلم زَيْدا قالَ: «ثُمّ إنّ اللّهَ أمَرَنِـي بأمْرِهِ، وَفَرَض عَلـيّ
خَمْسِينَ صَلاةً، فَمَرَرْتُ عَلـى مُوسَى، فقالَ: بِـمَ أمَرَكَ رَبّكَ؟ قُلْتُ:
فَرَضَ عَلـيّ خَمْسِينَ صَلاةَ، قالَ: ارْجِعْ إلـى رَبّكَ فأسألْهُ
التّـخْفِـيفَ، فإنّ أُمّتَكَ لَنْ يَقُومُوا بِهذَا، فَرَجَعْتُ إلـى رَبّـي
فَسألْتُهُ فَوَضَعَ عَنّـي عَشْرا، ثُمّ رَجَعْتُ إلـى مُوسَى، فَلَـمْ أزَلْ
أرْجِعُ إلـى رَبّـي إذَا مَرَرْتُ بِـمُوسَى حتـى فَرَض عَلَـيّ خَمْسَ
صَلَوَاتٍ، فَقالَ مُوسَى: ارْجِعْ إلـى رَبّكَ فـاسألْهُ التّـخْفِـيفَ،
فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إلـى رَبّـي حتـى اسْتَـحْيَـيْتُ» أوْ قالَ: «قُلْت: ما
أنا بِرَاجِعٍ، فَقـيـلَ لـي: إنّ لَكَ بِهذِهِ الـخَمْسِ صَلَوَاتِ خَمْسِينَ
صَلاةً، الـحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا، وَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَـمْ
يَعْمَلْها كُتِبتْ لَهُ حَسَنَة، وَمَنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرا، وَمَنْ
هَمّ بِسيَئَةٍ فَلَـم يَعْمَلْها لَـمْ تُكْتَبْ شَيْئا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ
وَاحِدَةً».



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد
بن إسحاق، قال: ثنـي روح بن القاسم، عن أبـي هارون عمارة بن جوين العبدي، عن أبـي
سعيد الـخدري وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال: وثنـي أبو جعفر، عن أبـي
هارون، عن أبـي سعيد، قال: سمعت النبـيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «لَـمّا
فَرَغْتُ مِـمّا كانَ فِـي بَـيْتِ الـمَقْدِسِ، أُتِـيَ بـالـمِعْرَاجِ، ولَـمْ
أرَ شَيْئا قَطّ أحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الّذِي يَـمُدّ إلَـيْهِ مَيّتُكُمْ
عَيْنَـيْهِ إذا حَضَرَ، فَأصْعَدَنِـي صَاحِبـي فِـيهِ حتـى انْتَهَى إلـى بـابٍ
مِنَ الأبْوَابِ يُقالُ لَهُ بـابُ الـحَفَظَةِ، عَلَـيْهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ
إسْماعِيـلُ، تَـحْتَ يَدَيهِ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ، تَـحْت يَدَيْ كُلّ
مَلَكٍ مِنْهُمْ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين حدّث هذا الـحديث: «ما يَعْلَـمُ جُنُودَ رَبّكَ إلاّ هُوَ» ثم ذكر نـحو حديث
معمر، عن أبـي هارون إلا أنه قال فـي حديثه: قال: «ثُمّ دَخَـلَ بِـيَ الـجَنّةَ
فَرأيْتُ فِـيها جارِيَةً، فسألتُها لِـمَنْ أنْتِ؟ وَقَدْ أعْجَبَتْنِـي حينَ
رأيْتُها، فَقالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حارِثَةَ» فبشّر بها رسول الله صلى الله عليه
وسلم زيد بن حارثة، ثم انتهى حديث ابن حميد عن سلـمة إلـى ههنا.


حدثنا
الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن
الـمسيب، عن أبـي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه لـيـلة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:23 pm

أُسري به إبراهيـمَ
وموسى وعيسى فقال: «أمّا إبْرَاهِيـمُ فَلَـمْ أرَ رَجُلاً أشْبَهً بِصَاحِبِكُمْ
مِنْهُ. وأمّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمٌ طِوَالٌ جَعْدٌ أقْنَى، كأنّه مِنْ رِجالِ
شُنُوءَةَ. وأمّا عِيسَى فَرجُلٌ أحْمَرُ بـينَ القَصِيرِ والطّوِيـلِ سَبطُ
الشّعْرِ كَثِـيرُ خِيلانِ الوَجْهِ، كأنّه خَرَجَ مِنْ دِيـماَسٍ كأنّ رأسَهُ
يَقْطُرُ ماءً، وَما بِهِ ماءٌ، أشْبَهُ مِنْ رأيْتُ بِهِ عُرْوَةُ بْنُ
مَسْعُودٍ».



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد،
عن الزهري، عن سعيد بن الـمسيب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنـحوه، ولـم يقل
عن أبـي هريرة.



16632ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس، أن النبـيّ صلى الله عليه وسلم
أُتِـي بـالبراق لـيـلة أُسري به مسرجا ملـجما لـيركبه، فـاستصعب علـيه، فقال له
جبرئيـل: ما يحملك علـى هذا، فوالله ما ركبك أحد قطّ أكرم علـى الله منه قال:
فـارفض عرقا.



16633ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، فـي قوله: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَـيْلاً مِنَ
الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى الّذِي بـارَكْنا حَوْلَهُ أسري
بِنَبِـيّ الله عشاء من مكة إلـى بـيت الـمقدس، فصلـى نبـيّ الله فـيه، فأراه الله
من آياته وأمره بـما شاء لـيـلة أسري به، ثم أصبح بـمكة. ذُكر لنا أن نبـيّ الله
صلى الله عليه وسلم قال: «حُمِلْتُ عَلـى دَابّةٍ يُقالُ لَهَا البُرَاقُ، فَوْقَ
الـحِمارِ وَدُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ» فحدث
نبـيّ الله بذلك أهل مكة، فكذب به الـمشركون وأنكروه وقالوا: يا مـحمد تـخبرنا أنك
أتـيت بـيت الـمقدس، وأقبلت من لـيـلتك، ثم أصبحت عندنا بـمكة، فما كنت تـجيئنا
به، وتأتـي به قبل هذا الـيوم مع هذا فصدقه أبو بكر، فسمّي أبو بكر الصدّيق من أجل
ذلك.



16634ـ حدثنا ابن أبـي الشوارب، قال: حدثنا عبد
الواحد بن زياد، قال: حدثنا سلـيـمان الشيبـانـي، عن عبد الله بن شدّاد، قال: لـما
كان لـيـلة أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم أتـي بدابة يقال لها البراق، دون
البغل وفوق الـحمار، تضع حافرها عند منتهى ظفرها فلـما أتـى بـيت الـمقدس أُتِـيَ
بإناءين: إناء من لبن، وإناء من خمر، فشرب اللبن. قال: فقال له جبرائيـل: هديت
وهديت أمتك.



وقال آخرون مـمن قال: أسرى بـالنبـيّ صلى الله
عليه وسلم إلـى الـمسجد الأقصى بنفسه وجسمه أسرى به علـيه السلام، غير أنه لـم
يدخـل بـيت الـمقدس، ولـم يصلّ فـيه، ولـم ينزل عن البراق حتـى رجع إلـى مكة. ذكر
من قال ذلك:



16635ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى
بن سعيد القطان، قال: حدثنا سفـيان، قال: ثنـي عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبـيش، عن
حُذيفة بن الـيـمان، أنه قال فـي هذه الاَية: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ
لَـيْلاً مِنَ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى قال: لـم يصلّ
فـيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو صلـى فـيه لكتب علـيكم ألصلاة فـيه، كا
كتب علـيكم الصلاة عند الكعبة.



حدثنا أبو كريب، قال: سمعا أبـا بكر بن عياش،
ورجل يحدّث عنده بحديث حين أسري بـالنبـيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: لا تـجِيء
بـمثل عاصم ولا زرّ قال: قال حُذيفة لزرّ بن حبـيش قال: وكان زِرّ رجلاً شريفـا من
أشراف العرب، قال: قرأ حُذيفة سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ مِنَ اللّـيْـلِ
مِنَ الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأقْصَى الّذِي بـارَكْنا
حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنّهُ هُوَ السّميعُ البَصِيرُ وكذا قرأ عبد
الله، قال: وهذا كما يقولون: إنه دخـل الـمسجد فصلـى فـيه، ثم دخـل فربط دابته،
قال: قلت: والله قد دخـله، قال: من أنت فإنـي أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك، قال:
قلت: زر بن حبـيش، قال: ما عملك هذا؟ قال: قلت: من قبَل القرآن، قال: من أخذ
بـالقرآن أفلـح، قال: فقلت: سُبْحانَ الّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ لَـيْلاً مِنَ
الـمَسْجِدِ الـحَرَامِ إلـى الـمَسْجِدِ الأَقْصَى الّذِي بـارَكْنا حَوْلَهُ
قال: فنظر إلـيّ فقال: يا أصلع، هل ترى دخـله؟ قال: قلت: لا والله، قال حُذيفة:
أجل والله الذي لا إله إلا هو ما دخـله، ولو دخـله لوجبت علـيكم صلاة فـيه، لا
والله ما نزل عن البراق حتـى رأى الـجنة والنار، وما أعدّ الله فـي الاَخرة أجمع
وقال: تدري ما البراق؟ قال: دابة دون البغل وفوق الـحمار، خطوه مدّ البصر.



وقال آخرون: بل أسري بروحه، ولـم يسر بجسده.
ذكر من قال ذلك:



16636ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن
مـحمد بن إسحاق، قال: ثنـي يعقوب بن عتبة بن الـمغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبـي
سفـيان، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت رؤيا من الله
صادقة.



16637ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن
مـحمد، قال: ثنـي بعض آل أبـي بكر، أن عائشة كانت تقول: ما فقد جسد رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ولكن الله أسرى بروحه.



16638ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال
ابن إسحاق: فلـم يُنكر ذلك من قولها الـحسن أن هذه الاَية نزلت وَما جَعَلْنا
الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ ولقول الله فـي الـخبر عن
إبراهيـم، إذ قال لابنه: يا بنـيّ إنّـي أرَى فِـي الـمَنامِ أنّـي أذْبَحُكَ
فـانْظُرْ ماذَا تَرَى ثم مضى علـى ذلك، فعرفت أن الوحي يأتـي بـالأنبـياء من الله
أيقاظا ونـياما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تَنامُ عَيْسَى
وَقَلْبِـي يَقْظانُ» فـالله أعلـم أيّ ذلك كان قد جاءه ؤعاين فـيه من أمر الله ما
عاين علـى أيّ حالاته كان نائما أو يقظانا كلّ ذلك حقّ وصدق.



والصواب من القؤل فـي ذلك عندنا أن يقال: إن
الله أسرى بعبده مـحمد صلى الله عليه وسلم من الـمسجد الـحرام إلـى الـمسجد
الأقصى، كما أخبر الله عبـاده، وكما تظاهرت به الأخبـار عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، أن الله حمله علـى البراق حين أتاه به، وصلـى هنالك بـمن صلـى من
الأنبـياء والرسل، فأراه ما أراه من الاَيات ولا معنى لقول من قال: أسرى بروحه دون
جسده، لأن ذلك لو كان كذلك لـم يكن فـي ذلك ما يوجب أن يكون ذلك دلـيلاً علـى
نبوّته، ولا حجة له علـى رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقـيقة ذلك من أهل الشرك،
وكانوا يدفعون به عن صدقه فـيه، إذ لـم يكن منكرا عندهم، ولا عند أحد من ذوي
الفطرة الصحيحة من بنـي آدم أن يرى الرائي منهم فـي الـمنام ما علـى مسيرة سنة،
فكيف ما هو علـى مسيرة شهر أو أقلّ؟ وبعد، فإن الله إنـما أخبر فـي كتابه أنه أسرى
بعبده، ولـم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده، ولـيس جائزا لأحد أن يتعدّى ما قال الله
إلـى غيره. فإن ظنّ ظانّ أن ذلك جائز، إذ كانت العرب تفعل ذلك فـي كلامها، كما قال
قائلهم:



حَسِبْتُ بُغامَ رَاحِلَتِـي عَناقاوَما هِيَ
وَيْبَ غيرِكِ بـالْعَناقِ



يعنـي: حسبت بغام راحلتـي صوت عناق، فحذف الصوت
واكتفـى منه بـالعناق، فإن العرب تفعل ذلك فـيـما كان مفهوما مراد الـمتكلـم منهم
به من الكلام. فأما فـيـما لا دلالة علـيه إلا بظهوره، ولا يوصل إلـى معرفة مراد
الـمتكلّـم إلا ببـيانه، فإنها لا تـحذف ذلك ولا دلالة تدلّ علـى أن مراد الله من
قوله: أسْرَى بِعَبْدِهِ أسرى بروح عبده، بل الأدلة الواضحة، والأخبـار الـمتتابعة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به علـى دابة يُقال لها البراق ولو
كان الإسراء بروحه لـم تكن الروح مـحمولة علـى البراق، إذ كانت الدوابّ لا تـحمل
إلا الأجسام. إلا أن يقول قائل: إن معنى قولنا: أسرى بروحه: رأى فـي الـمنام أنه
أسرى بجسده علـى البراق، فـيكذب حينئذٍ بـمعنى الأخبـار التـي رُويت عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم، أن جبرئيـل حمله علـى البراق، لأن ذلك إذا كان مناما علـى قول
قائل هذا القول، ولـم تكن الروح عنده مـما تركب الدوابّ، ولـم يحمل علـى البراق
جسم النبـيّ صلى الله عليه وسلم، لـم يكن النبـيّ صلى الله عليه وسلم علـى قوله
حُمل علـى البراق لا جسمه، ولا شيء منه، وصار الأمر عنده كبعض أحلام النائمين،
وذلك دفع لظاهر التنزيـل، وما تتابعت به الأخبـار عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وجاءت به الاَثار عن الأئمة من الصحابة والتابعين.



وقوله: الّذِي بـاركْنا حَوْلَهُ يقول تعالـى
ذكره: الذي جعلنا حوله البركة لسكانه فـي معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم.
وقوله: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا يقول تعالـى ذكره: كي نرى عبدنا مـحمدا من آياتنا،
يقول: من عبرنا وأدلتنا وحججنا، وذلك هو ما قد ذكرت فـي الأخبـار التـي رويتها
آنفـا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريه فـي طريقه إلـى بـيت الـمقدس، وبعد
مصيره إلـيه من عجائب العبر والـمواعظ. كما:



16639ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ما أراه الله من الاَيات والعبر
فـي طريق بـيت الـمقدس.



وقوله: إنّهُ هُوَ السّمِيعُ البَصِيرُ يقول
تعالـى ذكره: إن الذي أسرى بعبده هو السميع لـما يقول هؤلاء الـمشركون من أهل مكة
فـي مسرى مـحمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلـى بـيت الـمقدس، ولغير ذلك من قولهم
وقول غيرهم، البصير بـما يعملون من الأعمال، لا يخفـى علـيه شيء من ذلك، ولا يعزب
عنه علـم شيء منه، بل هو مـحيط بجميعه علـما، ومـحصيه عددا، وهو لهم بـالـمرصاد،
لـيجزى جميعهم بـما هم أهله.



وكان بعض البصريـين يقول: كسرت «إن» من قوله:
إنّهُ هَوَ السّمِيعُ البَصِيرُ لأن معنى الكلام: قل يا مـحمد: سبحان الذي أسرى
بعبده، وقل: إنه هو السميع البصير.



الآية : 2


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَآتَيْنَآ مُوسَى
الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاّ تَتّخِذُواْ مِن
دُونِي وَكِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره: سبحان الذي أسرى بعبده
لـيلاً وآتـى موسى الكتاب، وردّ الكلام إلـى وآتَـيْنا وقد ابتدأ بقوله أسرى لـما
قد ذكرنا قبل فـيـما مضى من فعل العرب فـي نظائر ذلك من ابتداء الـخبر بـالـخبر عن
الغائب، ثم الرجوع إلـى الـخطاب وأشبـاهه. وعنى بـالكتاب الذي أوتـى موسى:
التوراة. وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي إسْرَائِيـلَ يقول: وجعلنا الكتاب الذي هو
التوراة بـيانا للـحقّ، ودلـيلاً لهم علـى مـحجة الصواب فـيـما افترض علـيهم،
وأمرهم به، ونهاهم عنه.



وقوله: ألاّ تَتّـخِذُوا مِنْ دُونِـي وَكِيلاً
اختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والكوفة ألاّ
تَتّـخِذُوا بـالتاء بـمعنى: وآتـينا موسى الكتاب بأن لا تتـخذوا يا بنـي إسرائيـل
مِنْ دُونِـي وَكيِلاً. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: «ألاّ يَتّـخِذُوا» بـالـياء
علـى الـخبر عن بنـي إسرائيـل، بـمعنى: وجعلناه هدى لبنـي إسرائيـل، ألا يتّـخذ
بنو إسرائيـل، من دونـي وكيلاً، وهما قراءتان صحيحتا الـمعنى، متفقتان غير
مختلفتـين، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب الصواب، غير أنـي أوثر القراءة بـالتاء،
لأنها أشهر فـي القراءة وأشدّ استفـاضة فـيهم من القراءة بـالـياء. ومعنى الكلام:
وآتـينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنـي إسرائيـل ألا تتـخذوا حفـيظا لكم سواي. وقد
بـينا معنى الوكيـل فـيـما مضى. وكان مـجاهد يقول: معناه فـي هذا الـموضع: الشريك.



16640ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: ألاّ تَتّـخِذُوا
مِنْ دُونِـي وَكِيلاً قال: شريكا.



وكأن مـجاهدا جعل إقامة من أقام شيئا سوى الله
مقامه شريكا منه له، ووكيلاً للذي أقامه مقام الله. وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل
هذه الاَية، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16641ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وآتَـيْنا مُوسَى الكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدًى لِبَنِـي
إسْرَائِيـلَ جعله الله لهم هدى، يخرجهم من الظلـمات إلـى النور، وجعله رحمة لهم.



الآية : 3


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ إِنّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: سبحان الذي أسرى بعبده
لـيلاً من الـمسجد الـحرام إلـى الـمسجد الأقصى، وآتـينا موسى الكتاب وجعلناه هدى
لبنـي إسرائيـل ذريّة من حملنا مع نوح. وعنى بـالذرية: جميع من احتـجّ علـيه جلّ
ثناؤه بهذا القرآن من أجناس الأمـم، عربهم وعجمهم من بنـي إسرائيـل وغيرهم، وذلك
أنّ كلّ من علـى الأرض من بنـي آدم، فهم من ذرية من حمله الله مع نوح فـي
السفـينة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16642ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ والناس كلهم ذرّية من أنـجى
الله فـي تلك السفـينة وذُكر لنا أنه ما نـجا فـيها يومئذٍ غير نوح وثلاثة بنـين
له، وامرأته وثلاث نسوة، وهم: سام، وحام، ويافث فأما سام: فأبو العرب وأما حام:
فأبو الـحبش وأما يافث: فأبو الروم.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة: ذَرّيّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ قال: بنوه ثلاثة
ونساؤهم، ونوح وامرأته.



16643ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال مـجاهد: بنوه ونساؤهم ونوح، ولـم تكن امرأته.



وقد بـيّنا فـي غير هذا الـموضع فـيـما مضى
بـما أغنى عن إعادته.



وقوله: إنّهُ كانَ عَبْدا شَكُورا يعنـي بقوله
تعالـى ذكره: «إنه» إن نوحا، والهاء من ذكر نوح، كان عبدا شكورا لله علـى نعمه.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي السبب الذي سماه
الله من أجله شكورا، فقال بعضهم: سماه الله بذلك لأنه كان يحمد الله علـى طعامه
إذا طعمه. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:23 pm

16644ـ حدثنا مـحمد بن
بشار، قال: حدثنا يحيى وعبد الرحمن بن مهدي، قالا: حدثنا سفـيان، عن التـيـمي، عن
أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: كان نوح إذا لبس ثوبـا أو أكل طعاما حمد الله، فسمّي
عبدا شكورا.



16645ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى وعبد
الرحمن، قالا: حدثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن عبد الله بن سنان، عن سعيد بن مسعود
بـمثله.



حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، عن أبـي
حصين، عن عبد الله بن سنان، عن سعيد بن مسعود قال: ما لبس نوح جديدا قطّ، ولا أكل
طعاما قطّ إلا حمد الله فلذلك قال الله: عَبْدا شَكُورا.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
الـمعتـمر بن سلـيـمان، قال: ثنـي سفـيان الثوري، قال: ثنـي أيوب، عن أبـي عثمان
النهدي، عن سلـمان، قال: إنـما سمى نوح عبدا شكورا أنه كان إذا لبس ثوبـا حمد
الله، وإذا أكل طعاما حمد الله.



16646ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد ذُرّيّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ من بنـي
إسرائيـل وغيرهم إنّهُ كانَ عَبْدا شَكُورا قال: إنه لـم يجدّد ثوبـا قطّ إلا حمد
الله، ولـم يبل ثوبـا قطّ إلا حمد الله، وإذا شرب شربة حمد الله، قال: الـحمد لله
الذي سقانـيها علـى شهوة ولذّة وصحة، ولـيس فـي تفسيرها، وإذا شرب شربة قال هذا،
ولكن بلغنـي ذا.



16647ـ حدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين،
قال: حدثنا أبو فضالة، عن النضر بن شفـي، عن عمران بن سلـيـم، قال: إنـما سمّى نوح
عبدا شكورا أنه كان إذا أكل الطعام قال: الـحمد لله الذي أطعمنـي، ولو شاء أجاعنـي
وإذا شرب قال: الـحمد لله الذي سقانـي، ولو شاء أظمأنـي وإذا لبس ثوبـا قال:
الـحمد لله الذي كسانـي، ولو شاء أعرانـي وإذا لبس نعلاً قال: الـحمد لله الذي
حذانـي، ولو شاء أحفـانـي وإذا قضى حاجة قال: الـحمد لله الذي أخرج عنـي أذاه، ولو
شاء حبسه. وقال آخرون فـي ذلك بـما.



16648ـ حدثنـي به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب،
قال: ثنـي عبد الـجبـار بن عمر أن ابن أبـي مريـم حدّثه، قال: إنـما سمى الله نوحا
عبدا شكورا، أنه كان إذا خرج البراز منه قال: الـحمد لله الذي سوّغنـيك طيبـا،
وأخرج عنـي أذاك، وأبقـى منفعتك. وقال آخرون فـي ذلك بـما:



16649ـ حدثنا به بشر، قال: حدثنا يزيد، قال:
حدثنا سعيد، عن قتادة، قال الله لنوح إنّهُ كانَ عَبْدا شَكُورا ذكر لنا أنه لـم
يستـجد ثوبـا قطّ إلا حمد الله، وكان يأمر إذا استـجدّ الرجل ثوبـا أن يقول:
الـحمد لله الذي كسانـي ما أتـجمّل به، وأواري به عورتـي.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة إنّهُ كانَ عَبْدا شَكُورا قال: كان إذا لبس ثوبـا قال:
الـحمد لله، وإذا أخـلقه قال: الـحمد لله.



الآية : 4
و 5



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ
عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ
أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً }.



وقد بـيّنا فـيـما مضى قبل أن معنى القضاء:
الفراغ من الشيء، ثم يستعمل فـي كلّ مفروغ منه، فتأويـل الكلام فـي هذا الـموضع:
وفرغ ربك إلـى بنـي إسرائيـل فـيـما أنزل من كتابه علـى موسى صلوات الله وسلامه
علـيه بإعلامه إياهم، وإخبـاره لهم لَتُفْسِدُنّ فِـي الأرْضِ مَرّتَـيْنِ يقول:
لتعصنّ الله يا معشر بنـي إسرائيـل ولتـخالفنّ أمره فـي بلاده مرّتـين
وَلَتَعْلُنّ عَلُوّا كَبِـيرا يقول: ولتستكبرنّ علـى الله بـاجترائكم علـيه
استكبـارا شديدا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16650ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قول الله: وَقَضَيْنا إلـى بَنِـي إسْرَائيِـلَ قال: أعلـمناهم.



16651ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَقَضَيْنا إلـى
بَنِـي إسْرَائِيـلَ يقُول: أعلـمناهم.



وقال آخرون: معنى ذلك: وقضينا علـى بنـي
إسرائيـل فـي أمّ الكتاب، وسابق علـمه. ذكر من قال ذلك:



16652ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، وَقَضَيْنا إلـى بَنِـي
إسْرَائِيـلَ قال: هو قضاء قضى علـيهم.



16653ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سيعد، عن قتادة، قوله: وَقَضَيْنا إلـى بَنِـي إسْرَائِيـلَ قضاء قضاه علـى القوم
كما تسمعون.



وقال آخرون: معنى ذلك: أخبرنا. ذكر من قال ذلك:


16654ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: وَقَضَيْنا إلـى بَنِـي
إسْرَائِيـلَ فِـي الكِتابِ قال: أخبرنا بنـي إسرائيـل.



وكلّ هذه الأقوال تعود معانـيها إلـى ما قلت
فـي معنى قوله: وَقَضَيْنا وإن كان الذي اخترنا من التأويـل فـيه أشبه بـالصواب
لإجماع القرّاء علـى قراءة قوله لَتُفْسِدُنّ بـالتاء دون الـياء، ولو كان معنى
الكلام: وقضينا علـيهم فـي الكتاب، لكانت القراءة بـالـياء أولـى منها بـالتاء،
ولكن معناه لـما كان أعلـمناهم وأخبرناهم، وقلنا لهم، كانت التاء أشبه وأولـى
للـمخاطبة. وكان فساد بنـي إسرائيـل فـي الأرض الـمرّة الأولـى ما:



16655ـ حدثنـي به هارون، قال: حدثنا عمرو بن
حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ فـي خبر ذكره عن أبـي صالـح، وعن أبـي مالك،
عن ابن عبـاس، وعن مرّة، عن عبد الله أن الله عهد إلـى بنـي إسرائيـل فـي التوراة
لَتُفْسِدُنّ فِـي الأرْضِ مَرّتَـيْنِ فكان أوّل الفسادين: قتل زكريا، فبعث الله
علـيهم ملك النبط، وكان يُدعى صحابـين فبعث الـجنود، وكان أساورته من أهل فـارس،
فهم أولو بأس شديد، فتـحصنت بنو إسرائيـل، وخرج فـيهم بختنصر يتـيـما مسكينا،
إنـما خرج يستطعم، وتلطف حتـى دخـل الـمدينة فأتـى مـجالسهم، فسمعهم يقولون: لو
يعلـم عدوّنا ما قُذف فـي قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج
بختنصرحين سمع ذلك منهم، واشتدّ القـيام علـى الـجيش، فرجعوا، وذلك قول الله:
فإذَا جاء وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عبـادا لنَا أُولـى بَأْسٍ
شَدِيدٍ، فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ وكانَ وَعْدا مَفْعولاً ثم إن بنـي إسرائيـل
تـجهّزوا، فغزوا النبط، فأصابوا منهم واستنقذوا ما فـي أيديهم، فذلك قول الله ثُمّ
رَدَدْنا لَكُمُ الكَرّةَ عَلَـيْهِمْ وأمْدَدْناكُمْ بأمْوَالٍ وَبَنِـينَ،
وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِـيرا يقول: عددا.



16656ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد: كان إفسادهم الذي يفسدون فـي الأرض مرّتـين: قتل زكريا ويحيى بن
زكريا، سلط الله علـيهم سابور ذا الأكتاف ملكا من ملوك فـارس، من قتل زكريا، وسلّط
علـيهم بختنصر من قتل يحيى.



16657ـ حدثنا عصام بن رواد بن الـجراح، قال:
حدثنا أبـي، قال: حدثنا سفـيان بن سعيد الثوري، قال: حدثنا منصور بن الـمعتـمر، عن
ربعي بن حراش، قال: سمعت حُذيفة بن الـيـمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «إنّ بَنِـي إسْرَائِيـلَ لَـمّا اعْتَدَوْا وَعَلَوْا، وَقَتَلُوا
الأنْبِـياءَ، بَعَثَ اللّهُ عَلَـيْهِمْ مَلِكَ فـارِسَ بُخْتَنَصّر، وكانَ
اللّهُ مَلّكَهُ سَبْعَ مئَةِ سَنةٍ، فَسارَ إلَـيْهِمْ حتـى دَخَـلَ بَـيْتَ
الـمَقْدِسِ فَحاصَرَهَا وَفَتَـحَها، وَقَتَلَ عَلـي دَمِ زَكَرِيّا سَبْعِينَ
ألْفـا، ثُمّ سَبِـي أهْلَها وَبَنِـي الأَنْبِـياءِ، وَسَلَبَ حُلـيّ بَـيْتِ
الـمَقْدِسِ، وَاسْتَـخْرَجَ مِنْها سَبْعِينَ ألْفـا وَمِئَةَ ألْفِ عَجَلَةٍ
مِنْ حُلِـيَ حتـى أوْرَدَهُ بـابِلَ» قال حُذيفة: فقتل: يا رسول الله لقد كان
بـيت الـمقدس عظيـما عند الله؟ قال: «أجَلْ بَناهُ سُلَـيْـمانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ
ذَهَبٍ وَدُرّ وَياقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ، وكانَ بَلاطُهُ بَلاطَةً مِنْ ذَهَبٍ
وَبَلاطَةً مِنْ فَضّةٍ، وعُمُدُهُ ذَهَبـا، أعْطاهُ اللّهُ ذلكَ، وسَخّرَ لَهُ
الشّياطينَ يَأْتُونَهُ بِهِذِهِ الأشْياءِ فِءَ طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَسارَ
بُخْتَنَصّر بهذهِ الأشيْاءِ حتـى نَزَلَ بِها بـابِلَ، فَأقامَ بَنُوا
إسْرَائيـلَ فِـي يَدَيِهِ مِئَةَ سَنَةٍ تُعَذّبُهُمُ الـمَـجُوسُ وأبْناءُ
الـمَـجُوسِ، فِـيهِمُ الأنْبِـياءُ وأبْناءُ الأنْبِـياءِ ثُمّ إنّ اللّهَ
رَحِمَهُمْ، فأوْحَى إلـى مَلِكِ مِنْ مُلُوكِ فـارِسَ يُقالُ لُهُ كُورَسُ، وكانَ
مُؤْمِنا، أنْ سِرْ بَقايَا بَنِـي إسْرَائِيـلَ حتـى تَسْتَنْقِذَهُمْ، فَسارَ
كُورَسُ بِبَنـي إسْرَائِيـل وحُلـيّ بَـيْتِ الـمَقْدِسِ حتـى رَدّهُ إلَـيْهِ،
فَأقامَ بَنُوا إسْرَائِيـلَ مُطِيعينَ لِلّهِ مِئَةَ سَنَةِ، ثُمّ إنّهُمْ عادُوا
فِـي الـمَعاصِي، فَسَلّطَ اللّهُ عَلَـيْهِمْ ابْطِيانْـحُوسَ، فَغَزَا بأْبْناءِ
مَنْ غَزَا مَعَ بُخْتَنَصّر، فَغَزَا بَنِـي إسْرَائِيـلَ حتـى أتاهُمْ بَـيْتَ
الـمَقْدِسِ، فَسَبـي أهْلَها، وأحْرَقَ بَـيْتَ الـمَقْدِسِ، وَقالَ لَهُمْ: يا
بَنِـي إسْرَائِيـلَ إنْ عُدْتُـمْ فِـي الـمَعاصِي عُدْنا عَلَـيْكُمْ
بـالسّبـاءِ، فَعادُوا فِـي الـمَعاصِي، فَسَيّرَ اللّهُ عَلَـيْهِمُ السّبـاءَ
الثّالِثَ مَلِكَ رُومِيّةَ، يُقالُ لَهُ قاقِسُ بْنُ إسْبـايُوس، فَغَزَاهُمْ
فِـي البَرّ والبَحْرِ، فَسَبـاهُمْ وَسَبَى حُلِـيّ بَـيْتِ الـمَقْدِسِ،
وأحْرَقَ بَـيْتَ الـمَقْدِسِ بـالنّـيرانِ» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«هذَا مِنْ صَنْعَةِ حُلِـيّ بَـيْتِ الـمَقْذِسِ، ويَرُدّهُ الـمَهْدِيّ إلـى
بَـيْتِ الـمَقْدِسِ، وَهُوَ ألْفُ سَفِـينَةٍ وسَبْعُ مِئَةٍ سَفِـينَةٍ، يُرْسَى
بِها عَلـى يافـا حتـى تُنْقَلَ إلـى بَـيْتِ الـمَقْذِسِ، وبِها يَجْمَعُ اللّهُ
الأوّلِـينَ والاَخِرِينَ».



16658ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال:
ثنـي ابن إسحاق، قال: كان مـما أنزل الله علـى موسى فـي خبره عن بنـي إسرائيـل،
وفـي أحداثهم ما هم فـاعلون بعده، فقال: وَقَضَيْنا إلـى بَنِـي إسْرَائِيـلَ فِـي
الكتابِ لَتُفْسِدّنّ فِـي الأرْضِ مَرّتَـيْنِ، وَلَتَعْلُنّ عُلُوّا كَبِـيرا...
إلـى قوله: وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للْكافرِينَ حَصِيرا فكانت بنو إسرائيـل، وفـيهم
الأحداث والذنوب، وكان الله فـي ذلك متـجاوزا عنهم، متعطفـا علـيهم مـحسنا إلـيهم،
فكان مـما أُنزل بهم فـي ذنوبهم ما كان قدّم إلـيهم فـي الـخبر علـى لسان موسى
مـما أنزل بهم فـي ذنوبهم. فكان أول ما أنزل بهم من تلك الوقائع، أن ملكا منهم كان
يُدعي صديقة، وكان الله إذا ملّك الـملِك علـيهم، بعث نبـيا يسدّده ويرشده، ويكون
فـيـما بـينه وبـين الله، ويحدث إلـيه فـي أمرهم، لا ينزل علـيهم الكتب، إنـما
يؤمرون بـاتبـاع التوراة والأحكام التـي فـيها، وينهونهم عن الـمعصية، ويدعونهم
إلـى ما تركوا من الطاعة فلـما ملك ذلك الـملك، بعث الله معه شعياء أمُصيا، وذلك
قبل مبعث زكريا ويحيى وعيسى وشعياء الذي بشّر بعيسى ومـحمد، فملك ذلك الـملك بنـي
إسرائيـل وبـيت الـمقدس زمانا فلـما انقضى ملكه عظمت فـيهم الأحداث، وشعياء معه،
بعث الله علـيهم سنـحاريب ملك بـابل، ومعه ستّ مئة ألف راية، فأقبل سائرا حتـى نزل
نـحو بـيت الـمقدس، والـملك مريض فـي ساقه قرحة، فجاء النبـيّ شعياء، فقال له: يا
ملك بنـي إسرائيـل إن سنـحاريق ملك بـابل، قد نزل بك هو وجنوده ستّ مئة ألف راية،
وقد هابهم الناس وفرَقوا منهم، فكبر ذلك علـى الـملك، فقال: يا نبـيّ الله هل أتاك
وحي من الله فـيـما حدث، فتـخبرنا به كيف يفعل الله بنا وبسنـحاريب وجنوده؟ فقال
له النبـيّ علـيه السلام: لـم يأتنـي وحي أحدث إلـيّ فـي شأنك. فبـيناهم علـى ذلك،
أوحى الله إلـى شعياء النبـيّ: أن ائت ملك بنـي إسرائيـل، فمره أن يوصي وصيته، ويستـخـلف
علـى ملكه من شاء من أهل بـيته. فأتـى النبـيّ شيعاء ملك بـين إسرائيـل صديقة،
فقال له: إن ربك قد أوحى إلـيّ أن آمرك أن توصي وصيتك، وتستـخـلف من شئت علـى
مُلكك من أهل بـيتك، فإنك ميت فلـما قال ذلك شعياء لصديقة، أقبل علـى القبلة،
فصلـى وسبح ودعا وبكى، فقال وهو يبكي ويتضرّع إلـى الله بقلب مخـلص وتوكل وصبر
وصدق وظنّ صادق. اللهمّ ربّ الأربـاب، وإله الاَلهة، قدّوس الـمتقدسين، يا رحمن يا
رحيـم، الـمترحم الرؤوف الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، اذكرنـي بعملـي وفعلـي وحُسن
قضائي علـى بنـي إسرائيـل وذلك كله كان منك، فأنت أعلـم به من نفسي سرّي
وعلانـيتـي لك وإن الرحمن استـجاب له، وكان عبدا صالـحا، فأوحى الله إلـى شعياء أن
يخبر صديقة الـملك أن ربه قد استـجاب له وقبل منه ورحمه، وقد رأى بكاءه، وقد أخّر
أجله خمس عشرة سنة، وأنـجاه من عدوّه سنـحاريب ملك بـابل وجنوده، فأتـى شعياء
النبـيّ إلـى ذلك الـملك فأخبره بذلك، فلـما قال له ذلك ذهب عنه الوجع، وانقطع عنه
الشرّ والـحزن، وخرّ ساجدا وقال: يا إلهي وإله آبـائي، لك سجدت وسبّحت وكرمت
وعظمت، أنت الذي تعطي الـمُلك من تشاء، وتنزعه مـمن تشاء، وتعزّ من تشاء، وتذلّ من
تشاء، عالـم الغيب والشهادة، أنت الأوّل والاَخر، والظاهر والبـاطن، وأنت ترحم
وتستـجيب دعوة الـمضطرّين، أنت الذي أحببت دعوتـي ورحمت تضرّعي فلـما رفع رأسه،
أوحى الله إلـى شعياء إن قل للـملك صديقة فـيأمر عبدا من عبـيده بـالتـينة،
فـيأتـيه بـماء التـين فـيجعله علـى قرحته فـيشفـى، ويصبح وقد برأ، ففعل ذلك
فشفـي. وقال الـملك لشعياء النبـيّ: سل ربك أن يجعل لنا علـما بـما هو صانع
بعدوّنا هذا. قال: فقال الله لشعياء النبـيّ: قل له: إنـي قد كفـيتك عدوّك،
وأنـجيتك منه، وإنهم سيصبحون موتـى كلهم إلاّ سنـحاريب وخمسة من كتابه فلـما
أصبحوا جاءهم صارخ ينبئهم، فصرخ علـى بـاب الـمدينة: يا ملك بنـي إسرائيـل، إن
الله قد كفـاك عدوّك فـاخرج، فإن سنـحاريب ومن معه قد هلكوا فلـما خرج الـملك
التـمس سنـحاريب، فلـم يُوجد فـي الـموتـى، فبعث الـملك فـي طلبه، فأدركه الطلب
فـي مغارة وخمسة من كتابه، أحدهم بختنصر، فجعلوهم فـي الـجوامع، ثم أتوا بهم ملك
بنـي إسرائيـل فلـما رآهم خرّ ساجدا من حين طلعت الشمس حتـى كانت العصر، ثم قال
لسنـحاريب: كيف ترى فعل ربنا بكم؟ ألـم يقتلكم بحوله وقوّته، ونـحن وأنتـم غافلون؟
فقال سنـحاريب له: قد أتانـي خبر ربكم، ونصره إياكم، ورحمته التـي رحمكم بها قبل
أن أخرج من بلادي، فلـم أطع مرشدا، ولـم يـلقنـي فـي الشقوة إلاّ قلة عقلـي، ولو
سمعت أو عقلت ما غزوتكم، ولكن الشقوة غلبت علـيّ وعلـى من معي، فقال ملك بنـي
إسرائيـل: الـحمد لله ربّ العزّة الذي كفـاناكم بـما شاء، إن ربنا لـم يُبقك ومن
معك لكرامة بك علـيه، ولكنه إنـما أبقاك ومن معك لـما هو شرّ لك، لتزدادوا شقوة
فـي الدنـيا، وعذابـا فـي الاَخرة، ولتـخبروا من وراءكم بـما لقـيتـم من فعل ربنا،
ولتنذر من بعدكم، ولولا ذلك ما أبقاكم، فلدمُك ودم من معك أهون علـى الله من دم
قراد لو قتلته. ثم إن ملك بنـي إسرائيـل أمر أمير حرسه، فقذف فـي رقابهم الـجوامع،
وطاف بهم سبعين يوما حول بـيت الـمقدس إيـلـيا، وكان يرزقهم فـي كلّ يوم خبزتـين
من شعير لكل رجل منهم، فقال سنـحاريب لـملك بنـي إسرائيـل: القتل خير مـما يفعل
بنا، فـافعل ما أمرت فنقل بهم الـملك إلـى سجن القتل، فأوحى الله إلـى شعياء
النبـيّ أن قل لـملك بنـي إسرائيـل يرسل سنـحاريب ومن معه لـينذروا من وراءهم،
ولـيكرمهم ويحملهم حتـى يبلغوا بلادهم فبلّغ النبـيّ شعياء الـملك ذلك، ففعل، فخرج
سنـحاريب ومن معه حتـى قدموا بـابل فلـما قدموا جمع الناس فأخبرهم كيف فعل الله
بجنوده، فقال له كهّانه وسحرته: يا ملك بـابل قد كنا نقصّ علـيك خبر ربهم وخبر
نبـيهم، ووحى الله إلـى نبـيهم، فلـم تطعنا، وهي أمّة لا يستطيعها أحد مع ربهم،
فكان أمر سنـحاريب مـما خوّفوا، ثم كفـاهم الله تذكرة وعبرة، ثم لبث سنـحاريب بعد
ذلك سبع سنـين، ثم مات.


16659ـ
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: لـما مات سنـحاريب استـخـلف
بختنصر ابن ابنه علـى ما كان علـيه جدّه يعمل بعمله، ويقضي بقضائه، فلبث سبع عشرة
سنة. ثم قبض الله ملك بنـي إسرائيـل صديقة فمرج أمر بنـي إسرائيـل وتنافسوا
الـمُلك، حتـى قتل بعضهم بعضا علـيه، ونبـيهم شعياء معهم لا يذعنون إلـيه، ولا
يقبلون منه فلـما فعلوا ذلك، قال الله فـيـما بلغنا لشعياء: قم فـي قومك أُوحِ
علـى لسانك فلـما قام النبـيّ أنطق الله لسانه بـالوحي فقال: يا سماء استـمعي، ويا
أرض أنصتـي، فإن الله يريد أن يقصّ شأن بنـي إسرائيـل الذين ربـاهم بنعمته،
واصطفـاهم لنفسه، وخصّهم بكرامته، وفضّلهم علـى عبـاده، وفضلهم بـالكرامة، وهم
كالغنـم الضائعة التـي لا راعي لها، فآوى شاردتها، وجمع ضالتها، وجبر كسيرها،
وداوى مريضها، وأسمن مهزولها، وحفظ سمينها فلـما فعل ذلك بطرت، فتناطحت كبـاشها
فقتل بعضها بعضا، حتـى لـم يبق منها عظم صحيح يخبر إلـيه آخر كسير، فويـل لهذه
الأمة الـخاطئة، وويـل لهؤلاء القوم الـخاطئين الذين لا يدرون أين جاءهم الـحين.
إن البعير ربـما يذكر وطنه فـينتابه، وإن الـحمار ربـما يذكر الاَريّ الذي شبع
علـيه فـيراجعه، وإن الثور ربـما يذكر الـمرج الذي سمن فـيه فـينتابه، وإن هؤلاء
القوم لا يدرون من حيث جاءهم الـحين، وهم أولو الألبـاب والعقول، لـيسوا ببقر ولا
حمير وإنـي ضارب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:24 pm

لهم مثلاً فلـيسمعوه:
قل لهم: كيف ترون فـي أرض كانت خواء زمانا، خربة مواتا لا عمران فـيها، وكان لها
ربّ حكيـم قويّ، فأقبل علـيها بـالعمارة، وكره أن تـخرب أرضه وهو قويّ، أو يقال
ضيع وهو حكيـم، فأحاط علـيها جدارا، وشيّد فـيها قصرا، وأنبط فـيها نهرا، وصف
فـيها غراسا من الزيتون والرمان والنـخيـل والأعناب، وألوان الثمار كلها، وولـى
ذلك واستـحفظه قـيـما ذا رأي وهمّة، حفـيظا قويا أمينا، وتأنى طلعها وانتظرها
فلـما أطلعت جاء طلعها خروبـا، قالوا: بئست الأرض هذه، نرى أن يهدم جدرانها
وقصرها، ويدفن نهرها، ويقبض قـيّـمها، ويحرق غراسها حتـى تصير كما كانت أوّل مرّة،
خربة مواتا لا عمران فـيها. قال الله لهم: فإن الـجدار ذمتـي، وإن القصر شريعتـي،
وإن النهر كتابـي، وإن القَـيّـمَ نبِـيـي، وإن الغراس هم، وإن الـخروب الذي أطلع
الغراس أعمالهم الـخبـيثة، وإنـي قد قضيت علـيهم قضاءهم علـى أنفسهم، وإنه مَثلٌ
ضربه الله لهم يتقرّبون إلـيّ بذبح البقر والغنـم، ولـيس ينالنـي اللـحم ولا آكله،
ويدّعون أن يتقرّبوا بـالتقوى والكفّ عن ذبح الأنفس التـي حرمتها، فأيديهم مخضوبة
منها، وثـيابهم متزملة بدمائها، يشيدون لـي البـيوت مساجد، ويطهرون أجوافها،
وينـجسون قلوبهم وأجسامهم ويدنسونها، ويزوّقون لـي البـيوت والـمساجد ويزينونها،
ويخرّبون عقولهم وأحلامهم ويفسدونها، فأيّ حاجة لـي إلـى تشيـيد البـيوت ولـيست
أسكنها، وأيّ حاجة إلـى تزويق الـمساجد ولست أدخـلها، إنـما أمرت برفعها لأذكر
فـيها وأسبح فـيها، ولتكون معلـما لـمن أراد أن يصلـي فـيها، يقولون: لو كان الله
يقدر علـى أن يجمع ألفتنا لـجمعها، ولو كان الله يقدر علـى أن يفقّه قلوبنا
لأفقهها، فـاعمد إلـى عودين يابسين، ثم ائت بهما ناديهما فـي أجمع ما يكونون، فقل
للعودين: إن الله يأمركما أن تكونا عودا واحدا فلـما قال لهما ذلك، اختلطا فصارا
واحدا، فقال الله: قل لهم: إنـي قدرت علـى ألفة العيدان الـيابسة وعلـى أن أولّف
بـينها، فكيف لا أقدر علـى أن أجمع ألفتهم إن شئت، أم كيف لا أقدر علـى أن أفقّه
قلوبهم، وأنا الذي صوّرتها يقولون: صمنا فلـم يرفع صيامنا، وصلّـينا فلـم تنوّر
صلاتنا، وتصدّقنا فلـم تزكّ صدقاتنا، ودعونا بـمثل حنـين الـحمام، وبكينا بـمثل
عواء الذئب، فـي كلّ ذلك لا نسمع، ولا يُستـجاب لنا قال الله: فسلهم ما الذي
يـمنعنـي أن أستـجيب لهم، ألست أسمع السامعين، وأبصر الناظرين، وأقرب الـمـجيبـين،
وأرحم الراحمين؟ ألأنّ ذات يدي قلت كيف ويداي مبسوطتان بـالـخير، أنفق كيف أشاء،
ومفـاتـيح الـخزائن عندي لا يفتـحها ولا يغلقها غيري ألا وإن رحمتـي وسعت كلّ شيء،
إنـما يتراحم الـمتراحمون بفضلها أو لأن البخـل يعترينـي أو لست أكرم الأكرمين
والفتاح بـالـخيرات، أجود من أعطى، وأكرم من سُئل لو أنّ هؤلاء القوم نظروا
لأنفسهم بـالـحكمة التـي نوّرت فـي قلوبهم فنبذوها، واشتروا بها الدنـيا، إذن
لأبصروا من حيث أتوا، وإذن لأيقنوا أن أنفسهم هي أعدى العداة لهم، فكيف أرفع
صيامهم وهم يـلبسونه بقول الزور، ويتقوّون علـيه بطعمة الـحرام؟ وكيف أنوّر
صلاتهم، وقلوبهم صاغية إلـى من يحاربنـي ويحادّنـي، وينتهك مـحارمي؟ أم كيف تزكو
عندي صدقاتهم وهم يتصدّقون بأموال غيرهم؟ وإنـما أوجر علـيها أهلها الـمغصوبـين أم
كيف أستـجيب لهم دعاءهم وإنـما هو قول بألسنتهم والفعل من ذلك بعيد؟ وإنـما
أستـجيب للداعي اللـين، وإنـما أسمع من قول الـمستضعف الـمسكين، وإن من علامة رضاي
رضا الـمساكين فلو رحموا الـمساكين، وقرّبوا الضعفـاء، وأنصفوا الـمظلوم، ونصروا
الـمغصوب، وعدلوا للغائب، وأدّوا إلـى الأرملة والـيتـيـم والـمسكين، وكلّ ذي حقّ
حقه، ثم لو كان ينبغي أن أكلـم البشر إذن لكلـمتهم، وإذن لكنت نور أبصارهم، وسمع
آذانهم، ومعقول قلوبهم، وإذن لدعمت أركانهم، فكنت قوّة أيديهم وأرجلهم، وإذن لثبّت
ألسنتهم وعقولهم. يقولون لـمّا سمعوا كلامي، وبلغتهم رسالاتـي بأنها أقاويـل
منقولة، وأحاديث متوارثة، وتآلـيف مـما تؤلف السحرة والكهنة، وزعموا أنهم لو شاءوا
أن يأتوا بحديث مثله فعلوا، وأن يطلعوا علـى الغيب بـما توحي إلـيهم الشياطين
طلعوا، وكلهم يستـخفـى بـالذي يقول ويسرّ، وهم يعلـمون أنـي أعلـم غيب السموات
والأرض، وأعلـم ما يبدون وما يكتـمون وإنـي قد قضيت يوم خـلقت السموات والأرض قضاء
أثبته علـى نفسي، وجعلت دونه أجلاً مؤجلاً، لا بدّ أنه واقع، فإن صدقوا بـما
ينتـحلون من لـم الغيب، فلـيخبروك متـى أنفذه، أو فـي أيّ زمان يكون، وإن كانوا
يقدرون علـى أن يأتوا بـما يشاءون، فلـيأتوا بـمثل القُدرة التـي بها أمضيت، فإنـي
مظهره علـى الدين كله ولو كره الـمشركون، وإن كانوا يقدرون علـى أن يقولوا ما
يشاءون فلـيؤلّفوا مثل الـحكمة التـي أدبر بها أمر ذلك القضاء إن كانوا صادقـين،
فإنـي قد قضيت يوم خـلقت السموات والأرض أن أجعل النبوّة فـي الأُجراء، وأن أحوّل
الـملك فـي الرعاء، والعزّ فـي الأذلاء، والقوّة فـي الضعفـاء، والغنى فـي
الفقراء، والثروة فـي الأقلاء، والـمدائن فـي الفلوات، والاَجام فـي الـمفـاوز،
والبردى فـي الغيطان، والعلـم فـي الـجهلة، والـحكم فـي الأميـين، فسلهم متـى هذا،
ومن القائم بهذا، وعلـى يد من أسنه، ومن أعوان هذه الأمر وأنصاره إن كانوا يعلـمون
فإنـي بـاعث لذلك نبـيا أمّيا، لـيس أعمى من عميان، ولا ضالاً من ضالّـين، ولـيس
بفظّ ولا غلـيظ، ولا صخّاب فـي الأسواق، ولا متزين بـالفُحش، ولا قوّال للـخنا،
أسدده لكل جميـل، أهب له كلّ خـلق كريـم، أجعل السكينة لبـاسه، والبرّ شعاره،
والتقوى ضميره، والـحكمة معقوله، والصدق والوفـاء طبـيعته، والعفو والعرف خـلقه
والعدل والـمعروف سيرته، والـحقّ شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملّته، وأحمد
اسمه، أهدي به بعد الضلالة، وأعلـم به بعد الـجهالة، وأرفع به بعد الـخمالة، وأشهر
به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلّة، وأغنـي به بعد العيـلة، وأجمع به بعد
الفُرقة، وأؤلّف به قلوبـا مختلفة، وأهواء مشتتة، وأمـما متفرّقة، وأجعل أمته خير
أمّة أُخرجت للناس، تأمر بـالـمعروف، وتنهى عن الـمنكر، توحيدا لـي، وإيـمانا
وإخلاصا بـي، يصلون لـي قـياما وقعودا، وركوعا وسجودا، يُقاتلون فـي سبـيـلـي
صفوفـا وزحوفـا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء رضوانـي، ألهمهم التكبـير
والتوحيد، والتسبـيح والـحمد والـمدحة، والتـمـجيد لـي فـي مساجدهم ومـجالسهم
ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم، يكبرون ويهلّلون، ويقدّسون علـى رؤوس الأسواق، ويطهرون
لـي الوجوه والأطراف، ويعقدون الثـياب فـي الأنصاف، قربـانهم دماؤهم، وأناجيـلهم
صدورهم، رهبـان بـاللـيـل، لـيوث بـالنهار، ذلك فضلـي أوتـيه من أشاء، وأنا ذو
الفضل العظيـم. فلـما فرغ نبـيهم شعياء إلـيهم من مقالته، عدوا علـيه فـيـما
بلغنـي لـيقتلوه، فهرب منهم، فلقـيته شجرة، فـانفلقت فدخـل فـيها، وأدركه الشيطان
فأخذ بهدبة من ثوبه فأراهم إياها، فوضعوا الـمنشار فـي وسطها فنشروها حتـى قطعوها،
وقطعوه فـي وسطها.



قال أبو جعفر: فعلـى القول الذي ذكرنا عن ابن
عبـاس من رواية السديّ، وقول ابن زيد، كان إفساد بنـي إسرائيـل فـي الأرض الـمرّة
الأولـى قتلهم زكريا نبـيّ الله، مع ما كان سلف منهم قبل ذلك وبعده، إلـى أن بعث
الله علـيهم من أحلّ علـى يده بهم نقمته من معاصي الله، وعتوّهم علـى ربهم. وأما
علـى قول ابن إسحاق الذي روينا عنه، فكان إفسادهم الـمرّة الأولـى ما وصف من قتلهم
شعياء بن أمصيا نبـيّ الله. وذكر ابن إسحاق أن بعض أهل العلـم أخبره أن زكريا مات
موتا ولـم يُقتل، وأن الـمقتول إنـما هو شعياء، وأن بختنصر هو الذي سُلّط علـى
بنـي إسرائيـل فـي الـمرّة الأولـى بعد قتلهم شعياء. حدثنا بذلك ابن حميد، عن
سلـمة عنه.



وأما إفسادهم فـي الأرض الـمرّة الاَخرة، فلا
اختلاف بـين أهل العلـم أنه كان قتلهم يحيى بن زكريا. وقد اختلفوا فـي الذي سلّطه
الله علـيهم منتقما به منهم عند ذلك، وأنا ذاكر اختلافهم فـي ذلك إن شاء الله.



وأما قوله: وَلَتَعْلُنّ عُلُوّا كَبِـيرا فقد
ذكرنا قول من قال: يعنـي به: استكبـارهم علـى الله بـالـجراءة علـيه، وخلافهم
أمره. وكان مـجاهد يقول فـي ذلك ما:



16660ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وَلَتَعْلُنّ عُلُوّا
كَبِـيرا قال: ولتعلنّ الناس علوّا كبـيرا.



حدثنا الـحارث، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.



وأما قوله: فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما يعنـي:
فإذا جاء وعد أولـى الـمرّتـين اللتـين يفسدون بهما فـي الأرض كما:



16661ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما قال: إذا جاء وعد أولـى تـينك
الـمرّتـين اللتـين قضينا إلـى بنـي إسرائيـل لَتُفْسِدُنّ فِـي الأرْضِ مَرّتَـيْنِ.



وقوله: بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا
أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ، وكانَ وَعْدا مَفْعُولاً يعنـي
تعالـى ذكره بقوله: بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ وجّهنا إلـيكم، وأرسلنا علـيكم عِبـادا
لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ يقول: ذوي بطش فـي الـحروب شديد. وقوله: فَجاسُوا
خِلالَ الدّيارِ، وكانَ وَعدا مَفْعُولاً يقول: فتردّدوا بـين الدور والـمساكن،
وذهبوا وجاءوا. يقال فـيه: جاس القوم بـين الديار وجاسوا بـمعنى واحد، وجست أنا
أجوس جوسا وجوسانا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، رُوي الـخبر عن ابن عبـاس:



16662ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد
الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ قال:
مشوا.



وكان بعض أهل الـمعرفة بكلام العرب من أهل
البصرة يقول: معنى جاسوا: قتلوا، ويستشهد لقوله ذلك ببـيت حسان:



وَمِنّا الّذِي لاقـى بسَيْفِ مُـحَمّدٍفَجاسَ
بِهِ الأعْدَاءَ عُرْضَ العَساكِرِ



وجائز أن يكون معناه: فجاسوا خلال الديار،
فقتلوهم ذاهبـين وجائين، فـيصحّ التأويلان جميعا. ويعنـي بقوله: وكانَ وَعْدا
مَفْعُولاً وكان جوس القوم الذين نبعث علـيهم خلال ديارهم وعدا من الله لهم
مفعولاً ذلك لا مـحالة، لأنه لا يخـلف الـميعاد.



ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذين عنى الله
بقوله: أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ فـيـما كان من فعلهم فـي الـمرّة الأولـى فـي بنـي
إسرائيـل حين بعثوا علـيهم، ومن الذين بعث علـيهم فـي الـمرّة الاَخرة، وما كان من
صنعهم بهم، فقال بعضهم: كان الذي بعث الله علـيهم فـي الـمرّة الأولـى جالوت، وهو
من أهل الـجزيرة. ذكر من قال ذلك:



16663ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنا أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: فَإذَا جاءَ وَعْدُ
أُولاهُما بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا
خِلالَ الدّيارِ، وكانَ وَعْدا مَفْعُولاً قال: بعث الله علـيهم جالوت، فجاس خلال
ديارهم، وضرب علـيهم الـخراج والذلّ، فسألوا الله أن يبعث لهم ملكا يُقاتلون فـي
سبـيـل الله، فبعث الله طالوت، فقاتلوا جالوت، فنصر الله بنـي إسرائيـل، وقُتل
جالوت بـيدي داود، ورجع الله إلـى بنـي إسرائيـل ملكهم.



16664ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عِبـادا
لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ، فجاسُوا خِلالَ الدّيارِ، وكانَ وَعْدا مَفْعُولاً
قضاء قضى الله علـى القوم كما تسمعون، فبعث علـيهم فـي الأولـى جالوت الـجزري،
فسبى وقتل، وجاسوا خلال الديار كما قال الله، ثم رجع القوم علـى دخن فـيهم.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: أما الـمرّة الأولـى فسلّط الله علـيهم جالوت،
حتـى بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود.



وقال آخرون: بل بعث علـيهم فـي الـمرّة الأولـى
سنـحاريب، وقد ذكرنا بعض قائلـي ذلك فـيـما مضى ونذكر ما حضرنا ذكره مـمن لـم
نذكره قبل.



16665ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا
ابن علـية، عن أبـي الـمعلـى، قال: سمعت سعيد بن جبـير، يقول فـي قوله: بَعَثْنا
عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ قال: بعث الله تبـارك وتعالـى
علـيهم فـي الـمرّة الأولـى سنـحاريب من أهل أثور ونـينوى فسألت سعيدا عنها، فزعم
أنها الـموصل.


16666ـ
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج عن ابن جريج، قال: ثنـي يعلـى
بن مسلـم بن سعيد بن جبـير، أنه سمعه يقول: كان رجل من بنـي إسرائيـل يقرأ، حتـى
إذا بلغ بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ بكى وفـاضت
عيناه، وطبق الـمصحف، فقال ذلك ما شاء الله من الزمان، ثم قال: أي ربّ أرنِـي هذا
الرجل الذي جعلت هلاك بنـي إسرائيـل علـى يديه، فأُري فـي الـمنام مسكينا ببـابل،
يقال له بختنصر، فـانطلق بـمال وأعبد له، وكان رجلاً موسرا، فقـيـل له أين تريد؟
قال: أريد التـجارة، حتـى نزل دارا ببـابل، فـاستكراها لـيس فـيها أحد غيره، فجعل
يدعو الـمساكين ويـلطف بهم حتـى لـم يبق أحد، فقال: هل بقـي مسكين غيركم؟ قالوا:
نعم، مسكين بفجّ آل فلان مريض يقال له بختنصر، فقال لغلـمته: انطلقوا، حتـى أتاه،
فقال: ما اسمك؟ قال: بختنصر، فقال لغلـمته: احتـملوه، فنقله إلـيه ومرّضه حتـى
برأ، فكساه وأعطاه نفقة، ثم آذن الإسرائيـلـي بـالرحيـل، فبكى بختنصر، فقال
الإسرائيـلـي: ما يبكيك؟ قال: أبكي أنك فعلت بـي ما فعلت، ولا أجد شيئا أجزيك،
قال: بلـى شيئا يسيرا، إن ملكت أطعتنـي فجعل الاَخر يتبعه ويقول: تستهزىء بـي؟ ولا
يـمنعه أن يعطيه ما سأله، إلاّ أنه يرى أنه يستهزىء به، فبكى الإسرائيـلـي وقال:
ولقد علـمت ما يـمنعك أن تعطينـي ما سألتك، إلاّ أن الله يريد أن ينفذ ما قد قضاه
وكتب فـي كتابه وضرب الدهر من ضربه فقال يوما صيحون، وهو ملك فـارس ببـابل: لو أنا
بعثنا طلـيعة إلـى الشام قالوا: وما ضرّك لو فعلت؟ قال: فمن ترون؟ قالوا: فلان،
فبعث رجلاً وأعطاه مئة ألف، وخرج بختنصر فـي مطبخه، لـم يخرج إلاّ لـيأكل فـي
مطبخه فلـما قدم الشام ورأى صاحب الطلـيعة أكثر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:25 pm

أرض الله فرسا ورجلاً
جلدا، فكسر ذلك فـي ذرعه، فلـم يسأل، قال: فجعل بختنصر يجلس مـجالس أهل الشام فـيقول:
ما يـمنعكم أن تغزوا بـابل، فلو غزوتـموها ما دون بـيت مالها شيء، قالوا: لا
نُـحسن القتال، قال: فلو أنكم غزوتـم، قالوا: إنا لا نـحسن القتال ولا نقاتل حتـى
أنفذ مـجالس أهل الشام، ثم رجعوا فأخبر الطلـيعة ملكهم بـما رأى، وجعل بختنصر يقول
لفوارس الـملك: لو دعانـي الـملك لأخبرته غير ما أخبره فلان فرُفع ذلك إلـيه،
فدعاه فأخبره الـخبر وقال: إن فلانا لـما رأى أكثر أرض الله فرسا ورجلاً جلدا، كبر
ذلك فـي روعه ولـم يسألهم عن شيء، وإنـي لـم أدع مـجلسا بـالشام إلاّ جالست أهله،
فقلت لهم كذا وكذا، وقالوا لـي كذا وكذا، الذي ذكر سعيد بن جبـير أنه قال لهم، قال
الطلـيعة لبختنصر: إنك فضحتنـي لك مئة ألف وتنزع عما قلت، قال: لو أعطيتنـي بـيت
مال بـابل ما نزعت، ضرب الدهر من ضربه فقال الـملك: لو بعثنا جريدة خيـل إلـى
الشام، فإن وجدوا مساغا ساغوا، وإلاّ انثنوا ما قدروا علـيه، قالوا: ما ضرّك لو
فعلت؟ قال: فمن ترون؟ قالوا: فلان، قال: بل الرجل الذي أخبرنـي ما أخبرنـي، فدعا
بختنصر وأرسله، وانتـخب معه أربعة آلاف من فرسانهم، فـانطلقوا فجاسوا خلال الديار،
فسبوا ما شاء الله ولـم يخربوا ولـم يقتلوا. ومات صيحون الـملك قالوا: استـخـلفوا رجلاً،
قالوا: علـى رسلكم حتـى تأتـي أصحابكم فإنهم فرسانكم، لن ينقضوا علـيكم شيئا،
أمهلوا فأمهلوا حتـى جاء بختنصر بـالسبـي وما معه، فقسمه فـي الناس، فقالوا: ما
رأينا أحدا أحق بـالـملك من هذا، فملّكوه.



16667ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال:
أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي سلـيـمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد
بن الـمسيب يقول: ظهر بختنصر علـى الشام، فخرّب بـيت الـمقدس وقتلهم، ثم أتـى
دمشق، فوجد بها دما يغلـي علـى كبـا: أي كناسة، فسألهم ما هذا الدم؟ قالوا: أدركنا
آبـاءنا علـى هذا وكلـما ظهر علـيه الكبـا ظهر، قال: فقتل علـى ذلك الدم سبعين
ألفـا من الـمسلـمين وغيرهم، فسكن.



وقال آخرون: يعنـي بذلك قوما من أهل فـارس،
قالوا: ولـم يكن فـي الـمرّة الأولـى قتال. ذكر من قال ذلك:



16668ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما
بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خلالَ الدّيارِ
قال: من جاءهم من فـارس يتـجسسون أخبـارهم، ويسمعون حديثهم، معهم بختنصر، فوعى
أحاديثهم من بـين أصحابه، ثم رجعت فـارس ولـم يكن قتال، ونُصرت علـيهم بنو
إسرائيـل، فهذا وعد الأولـى.



حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد بَعَثْنَا عَلَـيْكُمْ عِبـادا لَنا
أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ جند جاءهم من فـارس يتـجسسون أخبـارهم، ثم ذكر نـحوه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَـيْكُمْ
عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ قال: ذلك أي من جاءهم من فـارس، ثم ذكر نـحوه.






الآية : 6


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ
الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ
أَكْثَرَ نَفِيراً }.



يقول تعالـى ذكره: ثم أدلناكم يا بنـي
إسرائيـل علـى هؤلاء القوم الذين وصفهم جلّ ثناؤه أنه يبعثهم علـيهم، وكانت تلك
الإدالة والكرّة لهم علـيهم، فـيـما ذكر السديّ فـي خبره أن بنـي إسرائيـل غزوهم،
وأصابوا منهم، واستنقذوا ما فـي أيديهم منهم. وفـي قول آخرين: إطلاق الـملك الذي
غزاهم ما فـي يديه من أسراهم، وردّ ما كان أصاب من أموالهم علـيهم من غير قتال.
وفـي قول ابن عبـاس الذي رواه عطية عنه هي إدالة الله إياهم من عدوّهم جالوت حتـى
قتلوه، وقد ذكرنا كلّ ذلك بأسانـيده فـيـما مضى وأمْدَدْناكُمْ بأمْوَالٍ
وَبَنِـينَ يقول: وزدنا فـيـما أعطيناكم من الأموال والبنـين.



وقوله: وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِـيرا يقول:
وصيرناكم أكثر عدَدَ نافرٍ منهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



16669ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قولهوَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِـيرا: أي عددا، وذلك فـي زمن
داود.



16670ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال:
حدثنا أسبـاط، عن السديّ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِـيرا يقول: عددا.



16671ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: ثُمّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرّةَ عَلَـيْهِمْ لبنـي
إسرائيـل، بعد أن كانت الهزيـمة، وانصرف الاَخرون عنهم وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ
نَفِـيرا قال: جعلناكم بعد هذا أكثر عددا.



16672ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور عن معمر، عن قتادة ثُمّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرّةَ عَلَـيْهِمْ ثم
رددت الكرّة لبنـي إسرائيـل.



16673ـ حدثنـي مـحمد بن سنان القزّاز، قال:
حدثنا أبو عاصم، عن سفـيان، فـي قوله: وأمْدَدْناكُمْ بأمْوَال وبَنِـينَ قال:
أربعة آلاف.






الآية : 7


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {إِنْ أَحْسَنْتُمْ
أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ
الاَخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ
أَوّلَ مَرّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً }.



يقول تعالـى ذكره لبنـي إسرائيـل فـيـما قضى
إلـيهم فـي التوراة: إنْ أحْسَنْتُـمْ يا بنـي إسرائيـل، فأطعتـم الله وأصلـحتـم
أمركم، ولزمتـم أمره ونهيه أحْسنْتُـمْ وفعلتـم ما فعلتـم من ذلك لأَنْفُسِكُمْ
لأنّكم إنـما تنفعون بفعلتكم ما تفعلون من ذلك أنفسكم فـي الدنـيا والاَخرة. أما
فـي الدنـيا فإن الله يدفع عنكم من بغاكم سوءا، وينـمي لكم أموالكم، ويزيدكم إلـى
قوّتكم قوّة. وأما فـي الاَخرة فإن الله تعالـى يثـيبكم به جنانه وإنْ أسأْتُـمْ
يقول: وإن عصيتـم الله وركبتـم ما نهاكم عنه حينئذٍ، فإلـى أنفسكم تسيئون، لأنكم
تسخطون بذلك علـى أنفسكم ربكم، فـيسلط علـيكم فـي الدنـيا عدوّكم، ويـمكّن منكم من
بغاكم سوءا، ويخـلدكم فـي الاَخرة فـي العذاب الـمهين. وقال جلّ ثناؤه وَإنْ
أسأْتُـمْ فلها والـمعنى: فإلـيها كما قالبأنّ رَبّكَ أوْحى لَها والـمعنى: أوحى
إلـيها.



وقوله: فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ يقول:
فإذا جاء وعد الـمرّة الاَخرة من مرّتـي إفسادكم يا بنـي إسرائيـل فـي الأرض
لِـيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ يقول: لـيسوء مـجيء ذلك الوعد للـمرّة الاَخرة وجوهكم
فـيقبّحها.



وقد اختلف القرّاء فـي قراءة قوله لِـيْسُوءُوا
وُجُوهَكُمْ فقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة لِـيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
بـمعنى: لـيسوء العبـاد أولو البأس الشديد الذين يبعثهم الله علـيكم وجوهكم،
واستشهد قارئوا ذلك لصحة قراءتهم كذلك بقوله وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجِدَ وقالوا:
ذلك خبر عن الـجميع فكذلك الواجب أن يكون قوله لِـيَسُوءُوا. وقرأ ذلك عامّة قرّاء
الكوفة: «لِـيَسُوءَ وُجُوهَكُمْ» علـى التوحيد وبـالـياء. وقد يحتـمل ذلك وجهين
من التأويـل أحدهما ما قد ذكرت، والاَخر منهما: لـيسوء الله وجوهكم. فمن وجّه
تأويـل ذلك إلـى لـيسوء مـجيء الوعد وجوهَكم، جعل جواب قوله «فإذا» مـحذوفـا، وقد
استغنـي بـما ظهر عنه، وذلك الـمـحذوف «جاء»، فـيكون الكلام تأويـله: فإذا جاء وعد
الاَخرة لـيسوء وجوهكم جاء. ومن وجّهَ تأويـله إلـى: لـيسوء الله وجوهكم، كان أيضا
فـي الكلام مـحذوف، قد استغنـي هنا عنه بـما قد ظهر منه، غير أن ذلك الـمـحذوف سوى
«جاء»، فـيكون معنى الكلام حينئذٍ: فإذا جاء وعد الاَخرة بعثناهم لـيسوء الله
وجوهكم، فـيكون الـمضمر بعثناهم، وذلك جواب «إذا» حينئذٍ. وقرأ ذلك بعض أهل
العربـية من الكوفـيـين: «لِنَسُوءَ وُجُوهَكُمْ» علـى وجه الـخبر من الله تبـارك
وتعالـى اسمه عن نفسه.



وكان مـجيء وعد الـمرّة الاَخرة عند قتلهم
يحيى. ذكر الرواية بذلك، والـخبر عما جاءهم من عند الله حينئذٍ كما:


16674ـ
حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ فـي الـحديث الذي
ذكرنا إسناده قبل أن رجلاً من بنـي إسرائيـل رأى فـي النوم أن خراب بـيت الـمقدس
وهلاك بنـي إسرائيـل علـى يدي غلام يتـيـم ابن أرملة من أهل بـابل، يدعى بختنصر،
وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم، فأقبل فسأل عنه حتـى نزل علـى أمه وهو يحتطب، فلـما
جاء وعلـى رأسه حزمة من حطب ألقاها، ثم قعد فـي جانب البـيت فضمه، ثم أعطاه ثلاثة
دراهم، فقال: اشتر لنا بها طعاما وشرابـا، فـاشترى بدرهم لـحما وبدرهم خبزا وبدرهم
خمرا، فأكلوا وشربوا حتـى إذا كان الـيوم الثانـي فعل به ذلك، حتـى إذا كان الـيوم
الثالث فعل ذلك، ثم قال له: إنـي أُحبّ أن تكتب لـي أمانا إن أنت ملكت يوما من الدهر،
فقال: أتسخر بـي؟ فقال: إنـي لا أسخر بك، ولكن ما علـيك أن تتـخذ بها عندي يدا،
فكلـمته أمه، فقالت: وما علـيك إن كان ذلك وإلاّ لـم ينقصك شيئا، فكتب له أمانا،
فقال له: أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بـينـي وبـينك، فـاجعل لـي آية
تعرفنـي بها قال: نرفع صحيفتك علـى قصبة أعرفك بها، فكساه وأعطاه. ثم إن ملك بنـي
إسرائيـل كان يكرم يحيى بن زكريا، ويدنـي مـجلسه، ويستشيره فـي أمره، ولا يقطع
أمرا دونه، وأنه هوى أن يتزوّج ابنة امرأة له، فسأل يحيى عن ذلك، فنهاه عن نكاحها
وقال: لست أرضاها لك، فبلغ ذلك أمها فحقدت علـى يحيى حين نهاه أن يتزوّج ابنتها،
فعمدت أمّ الـجارية حين جلس الـملك علـى شرابه، فألبستها ثـيابـا رقاقا حمرا،
وطيّبتها وألبستها من الـحُلـيّ، وقـيـل: إنها ألبستها فوق ذلك كساء أسود،
وأرسلتها إلـى الـملك، وأمرتها أن تسقـيه، وأن تعرض له نفسها، فإن أرادها علـى
نفسها أبت علـيه حتـى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن يأتـي برأس يحيى
بن زكريا فـي طست، ففعلت، فجعلت تسقـيه وتعرض له نفسها فلـما أخذ فـيه الشراب
أرادها علـى نفسها، فقالت: لا أفعل حتـى تعطينـي ما أسألك، فقال: ما الذي
تسألـينـي؟ قالت: أسألك أن تبعث إلـى يحيى بن زكريا، فأوتَـى برأسه فـي هذا الطست،
فقال: ويحك سلـينـي غير هذا، فقالت له: ما أريد أن أسألك إلاّ هذا. قال: فلـما
ألّـحت علـيه بعث إلـيه، فأتـى برأسه، والرأس يتكلـم حتـى وضع بـين يديه وهو يقول:
لا يحلّ لك ذلك فلـما أصبح إذا دمه يغلـي، فأمر بتراب فألقـى علـيه، فرقـى الدم
فوق التراب يغلـي، فألقـى علـيه التراب أيضا، فـارتفع الدم فوقه فلـم يزل يـلقـي
علـيه التراب حتـى بلغ سور الـمدينة وهو يغلـى وبلغ صيحابـين، فثار فـي الناس،
وأراد أن يبعث علـيهم جيشا، ويؤمّر علـيهم رجلاً، فأتاه بختنصر وكلّـمه وقال: إن
الذي كنت أرسلته تلك الـمرّة ضعيف، وإنـي قد دخـلت الـمدينة وسمعت كلام أهلها،
فـابعثنـي، فبعثه، فسار بختنصر حتـى إذا بلغوا ذلك الـمكان تـحصنوا منه فـي
مدائنهم، فلـم يطقهم، فلـما اشتدّ علـيهم الـمقام وجاع أصحابه، أرادوا الرجوع،
فخرجت إلـيهم عجوز من عجائز بنـي إسرائيـل فقالت: أين أمير الـجند؟ فأتـى بها
إلـيه، فقالت له: إنه بلغنـي أنك تريد أن ترجع بجندك قبل أن تفتـح هذه الـمدينة،
قال: نعم، قد طال مقامي، وجاع أصحابـي، فلست أستطيع الـمقام فوق الذي كان منـي،
فقالت: أرأيتك إن فتـحت لك الـمدينة أتعطينـي ما سألتك، وتقتل من أمرتك بقتله،
وتكفّ إذا أمرتك أن تكفّ؟ قال: نعم، قالت: إذا أصبحت فـاقسم جندك أربعة أربـاع، ثم
أقم علـى كلّ زاوية ربعا، ثم ارفعوا بأيديكم إلـى السماء فنادوا: إنا نستفتـحك يا
ألله بدم يحيى بن زكريا، فإنها سوف تسّاقط ففعلوا، فتساقطت الـمدينة، ودخـلوا من
جوانبها، فقالت له: اقتل علـى هذا الدم حتـى يسكن، وانطلقت به إلـى دم يحيى وهو
علـى تراب كثـير، فقتل علـيه حتـى سكن سبعين ألفـا وامرأة فلـما سكن الدم قالت له:
كفّ يدك، فإن الله تبـارك وتعالـى إذا قتل نبـيّ لـم يرض، حتـى يقتل من قتله، ومن
رضي قتله، وأتاه صاحب الصحيفة بصحيفته، فكفّ عنه وعن أهل بـيته، وخرّب بـيت
الـمقدس، وأمر به أن تطرح فـيه الـجيف، وقال: من طرح فـيه جيفة فله جزيته تلك
السنة، وأعانه علـى خرابه الروم من أجل أن بنـي إسرائيـل قتلوا يحيى، فلـما خرّبه
بختنصر ذهب معه بوجوه بنـي إسرائيـل وأشرافهم، وذهب بدانـيال وعلـيا وعزاريا
وميشائيـل، هؤلاء كلهم من أولاد الأنبـياء وذهب معه برأس جالوت فلـما قدم أرض
بـابل وجد صحابـين قد مات، فملك مكانه، وكان أكرم الناس علـيه دانـيال وأصحابه،
فحسدهم الـمـجوس علـى ذلك، فوشوا بهم إلـيه وقالوا: إن دانـيال وأصحابه لا يعبدون
إلهك، ولا يأكلون من ذبـيحتك، فدعاهم فسألهم، فقالوا: أجل إن لنا ربـا نعبده،
ولسنا نأكل من ذبـيحتكم، فأمر بخدّ فخدّ لهم، فألقوا فـيه وهم ستة، وألقـى معهم
سبعا ضاريا لـيأكلهم، فقال: انطلقوا فلنأكل ولنشرب، فذهبوا فأكلوا وشربوا، ثم
راحوا فوجدوهم جلوسا والسبع مفترش ذراعيه بـينهم، ولـم يخدش منهم أحدا، ولـم ينكأه
شيئا، ووجدوا معهم رجلاً، فعدّوهم فوجدوهم سبعة، فقالوا: ما بـال هذا السابع إنـما
كانوا ستة؟ فخرج إلـيهم السابع، وكان ملَكا من الـملائكة، فلطمه لطمة فصار فـي
الوحش، فكان فـيهم سبع سنـين، لا يراه وحشيّ إلاّ أتاه حتـى ينكحه، يقتصّ منه ما
كان يصنع بـالرجال ثم إنه رجع ورد الله علـيه مُلكه، فكانوا أكرم خـلق الله علـيه.
ثم إن الـمـجوس وَشَوا به ثانـية، فألقوا أسدا فـي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:25 pm

بئر قد ضَرِي، فكانوا
يـلقون إلـيه الصخرة فـيأخذها، فألقوا إلـيه دانـيال، فقام الأسد فـي جانب، وقام
دانـيال فـي جانب لا يـمسه، فأخرجوه، وقد كان قبل ذلك خدّ لهم خدّا، فأوقد فـيه
نارا، حتـى إذا أججها قذفهم فـيها، فأطفأها الله علـيهم ولـم ينلهم منها شيء. ثم
إن بختنصر رأى بعد ذلك فـي منامه صنـما رأسه من ذهب، وعنقه من شَبَه، وصدره من
حديد، وبطنه أخلاط ذهب وفضة وقوارير، ورجلاه من فخار فبـينا هو قائم ينظر، إذ جاءت
صخرة من السماء من قِبَل القبلة، فكسرت الصنـم فجعلته هشيـما، فـاستـيقظ فزعا
وأُنسيها، فدعا السحرة والكهنة، فسألهم، فقال: أخبرونـي عما رأيت فقالوا له: لا،
بل أنت أخبرنا ما رأيت فنعبره لك. قال: لا أدري، قالوا له: فهؤلاء الفتـية الذين
تكرمهم، فـادعهم فـاسألهم، فإن هم لـم يخبروك بـما رأيت فما تصنع بهم؟ قال: أقتلهم
فأرسل إلـى دانـيال وأصحابه، فدعاهم، فقال لهم: أخبرونـي ماذا رأيت؟ فقال له
دانـيال: بل أنت أخبرنا ما رأيت فنعبره لك قال: لا أدري قد نسيتها فقال له
دانـيال: كيف نعلـم رؤيا لـم تـخبرنا بها؟ فأمر البوّاب أن يقتلهم، فقال دانـيال
للبوّاب: إن الـملك إنـما أمر بقتلنا من أجل رؤياه، فأخّرنا ثلاثة أيام، فإن نـحن
أخبرنا الـملك برؤياه وإلا فـاضرب أعناقنا فأجّلهم فدعوا الله فلـما كان الـيوم
الثالث أبصر كل رجل منهم رؤيا بختنصر علـى حدة، فأتوا البوّاب فأخبروه، فدخـل علـى
الـملك فأخبره، فقال: أدخـلهم علـيّ وكان بختنصر لا يعرف من رؤياه شيئا، إلا شيئا
يذكرونه، فقالوا له: أنت رأيت كذا وكذا، فقصوها علـيه، فقال: صدقتـم قالوا: نـحن
نعبرها لك. أما الصنـم الذي رأيت رأسه من ذهب، فإنه ملك حسن مثل الذهب، وكان قد
ملك الأرض كلها وأما العنق من الشّبَه، فهو ملك ابنك بعد، يـملك فـيكون ملكه حسنا،
ولا يكون مثل الذهب وأما صدره الذي من حديد فهو ملك أهل فـارس، يـملكون بعدك ابنك،
فـيكون ملكهم شديدا مثل الـحديد وأما بطنه الأخلاط، فإنه يذهب ملك أهل فـارس،
ويتنازع الناس الـملك فـي كلّ قرية، حتـى يكون الـملك يـملك الـيوم والـيومين،
والشهر والشهرين، ثم يُقتل، فلا يكون للناس قوام علـى ذلك، كما لـم يكن للصنـم
قوام علـى رجلـين من فخار فبـينـما هم كذلك، إذ بعث الله تعالـى نبـيا من أرض
العرب، فأظهره علـى بقـية مُلك أهل فـارس، وبقـية مُلك ابنك وملكك، فدمره وأهلكه
حتـى لا يبقـى منه شيء، كما جاءت الصخرة فهدمت الصنـم فعطف علـيهم بختنصر فأحبهم.
ثم إن الـمـجوس وشوا بدانـيال، فقالوا: إن دانـيال إذا شرب الـخمر لـم يـملك نفسه
أن يبول، وكان ذلك فـيهم عارا، فجعل لهم بختنصر طعاما، فأكلوا وشربوا، وقال
للبوّاب: انظر أوّل من يخرج علـيك يبول، فـاضربه بـالطبرزين، وإن قال: أنا بختنصر،
فقل: كذبت، بختنصر أمرنـي. فحبس الله عن دانـيال البول، وكان أوّل من قام من القوم
يريد البول بختنصر، فقام مدلاً، وكان ذلك لـيلاً، يسحب ثـيابه فلـما رآه البوّاب
شدّ علـيه، فقال: أنا بختنصر، فقال: كذبت، بختنصر أمرنـي أن أقتل أوّل من يخرج،
فضربه فقتله.



16675ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا
ابن علـية، عن أبـي الـمعلـى، قال: سمعت سعيد بن جبـير، قال: بعث الله علـيهم فـي
الـمرّة الأولـى سنـحاريب. قال: فردّ الله لهم الكرّة علـيهم، كما قال قال: ثم
عصوا ربهم وعادوا لـما نهوا عنه، فبعث علـيهم فـي الـمرّة الاَخرة بختنصر، فقتل
الـمقاتلة، وسبى الذرّية، وأخذ ما وجد من الأموال، ودخـلوا بـيت الـمقدس، كما قال
الله عزّ وجلّ: وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجدَ كمَا دَخَـلُوهُ أوّلَ مَرّةٍ
وَلـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِـيرا دخـلوه فتبّروه وخرّبوه وألقوا فـيه ما
استطاعوا من العذرة والـحيض والـجيف والقذر، فقال الله عَسَى رَبّكُمْ أنْ
يَرْحَمَكُمْ وَإنْ عُدْتُـمْ عُدْنا فرحمهم فردّ إلـيهم ملكهم وخـلص من كان فـي
أيديهم من ذرّية بنـي إسرائيـل، وقال لهم: إن عدتـم عدنا. فقال أبو الـمعلـى، ولا
أعلـم ذلك، إلاّ من هذا الـحديث، ولـم يَعِدهم الرجعة إلـى ملكهم.



16676ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فإذَا جاء وَعْدُ الاَخرَةِ لـيَسُوءُوا
وُجوهَكمْ قال: بعث الله ملك فـارس ببـابل جيشا، وأمر علـيهم بختنصر، فأتوا بنـي
إسرائيـل، فدمروهم، فكانت هذه الاَخرة ووعدها.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه.



16677ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: ثنـي يعلـى بن مسلـم، عن سعيد بن جبـير، قال: لـما
ضرب لبختنصر الـملك بجرانه، قال: ثلاثة فمن استأخر منكم بعدها فلـيـمش إلـى خشبته،
فغزا الشام، فذلك حين قتل وأخرج بـيت الـمقدس، ونزع حلـيته، فجعلها آنـية لـيشرب
فـيها الـخمور، وخوانا يأكل علـيه الـخنازير، وحمل التوراة معه، ثم ألقاها فـي
النار، وقدم فـيـما قدم به مئة وصيف منهم دانـيال وعزريا وحنانـيا ومشائيـل، فقال
لإنسان: أصلـح لـي أجسام هؤلاء لعلـي أختار منهم أربعة يخدموننـي، فقال دانـيال
لأصحابه: إنـما نصروا علـيكم بـما غيرتـم من دين آبـائكم، لا تأكلوا لـحم
الـخنزير، ولا تشربوا الـخمر، فقالوا للذي يصلـح أجسامهم: هل لك أن تطعمنا طعاما،
هو أهون علـيك فـي الـمؤونة مـما تطعم أصحابنا، فإن لـم نسمن قبلهم رأيت رأيك،
قال: ماذا؟ قال: خبز الشعير والكرّاث، ففعل فسمنوا قبل أصحابهم، فأخذهم بختنصر
يخدمونه فبـينـما هم كذلك، إذ رأى بختنصر رؤيا، فجلس فنسيها فعاد فرقد فرآها، فقام
فنسيها، ثم عاد فرقد فرآها، فخرج إلـى الـحجرة، فنسيها فلـما أصبح دعا العلـماء
والكهّان، فقال: أخبرونـي بـما رأيت البـارحة، وأوّلوا لـي رؤياي، وإلا فلـيـمش كل
رجل منكم إلـى خشبته، موعدكم ثالثة. فقالوا: هذا لو أخبرنا برؤياه وذكر كلاما لـم
أحفظه، قال: وجعل دانـيال كلـما مرّ به أحد من قرابته يقول: لو دعانـي الـملك
لأخبرته برؤياه، ولأوّلتها له، قال: فجعلوا يقولون: ما أحمق هذا الغلام
الإسرائيـلـي إلـى أن مرّ به كهل، فقال له ذلك، فرجع إلـيه فأخبره، فدعاه فقال:
ماذا رأيت؟ قال: رأيت تـمثالاً، قال: إيه، قال: ورأسه من ذهب، قال: إيه، قال:
وعنقه من فضة، قال: إيه، قال: وصدره من حديد، قال: إيه، قال: وبطنه من صُفر، قال:
إيه، قال: ورجلاه من آنُك، قال: إيه، قال: وقدماه من فخار، قال: هذا الذي رأيت؟
قال: إيه، قال: فجاءت حصاة فوقعت فـي رأسه، ثم فـي عنقه، ثم فـي صدره، ثم فـي
بطنه، ثم فـي رجلـيه، ثم فـي قدميه، قال: فأهلكته. قال: فما هذا؟ قال: أما الذهب
فإنه ملكك، وأما الفضة فملك ابنك من بعدك، ثم ملك ابن ابنك، قال: وأما الفخار فملك
النساء، فكساه جبة ترثون، وسوّره وطاف به فـي القرية، وأجاز خاتـمه فلـما رأت ذلك
فـارس، قالوا: ما الأمر إلا أمر هذا الإسرائيـلـي، فقالوا: ائتوه من نـحو الفتـية
الثلاثة، ولا تذكروا له دانـيال، فإنه لا يصدقكم علـيه، فأتوه، فقالوا: إن هؤلاء
الفتـية الثلاثة لـيسوا علـى دينك، وآية ذلك أنك إن قرّبت إلـيهم لـحم الـخنزير
والـخمر لـم يأكلوا ولـم يشربوا فأمر بحطب كثـير فوضع، ثم أرقاهم علـيه، ثم أوقد
فـيه نارا، ثم خرج من آخر اللـيـل يبول، فإذا هم يتـحدّثون، وإذا معهم رابع يروح
علـيهم يصلـي، قال: من هذا يا دانـيال؟ قال: هذا جبريـل، إنك ظلـمتهم، قال:
ظلـمتهم مُرْ بهم ينزلوا فأمر بهم فنزلوا، قال: ومسخ الله تعالـى بختنصر من
الدوابّ كلها، فجعل من كلّ صنف من الدوابّ رأسه رأس سبع من السبـاع الأسد، ومن
الطير النسر، وملك ابنه فرأى كفـا خرجت بـين لوحين، ثم كتبت سطرين، فدعا الكهان
والعلـماء فلـم يجدوا لهم فـي ذلك علـما، فقالت له أمه: إنك لو أعدت إلـى دانـيال
منزلته التـي كانت له من أبـيك أخبرك، وكان قد جفـاه، فدعاه، فقال: إنـي معيد
إلـيك منزلتك من أبـي، فأخبرنـي ما هذان السطران؟ قال: أما أن تعيد إلـيّ منزلتـي
من أبـيك، فلا حاجة لـي بها، وأما هذان السطران فإنك تقتل اللـيـلة، فأخرج من فـي
القصر أجمعين، وأمر بقـفله، فأقـفلت الأبواب علـيه، وأدخـل معه آمنَ أهل القرية
فـي نفسه معه سيف، فقال: من جاءك من خـلق الله فـاقتله، وإن قال أنا فلان وبعث
الله علـيه البطن، فجعل يـمشي حتـى كان شطر اللـيـل، فرقد ورقد صاحبه ثم نبهه
البطن، فذهب يـمشي والاَخر نائم، فرجع فـاستـيقظ به، فقال له: أنا فلان، فضربه
بـالسيف فقتله.



16678ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: إنْ أحْسَنْتُـمْ أحْسَنْتُـمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإنْ
أسأْتُـمْ فَلَها فإذا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ آخر العقوبتـين لِـيَسُوءُوا
وُجوهَكمْ وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجدَ كمَا دَخَـلُوهُ أوّل مَرّةٍ كما دخـله
عدوّهم قبل ذلك وَلـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِـيرا فبعث الله علـيهم فـي
الاَخرة بختنصر الـمـجوسي البـابلـي، أبغض خـلق الله إلـيه، فسبـا وقتل وخرّب بـيت
الـمقدس، وسامهم سوء العذاب.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ من الـمرتـين
لِـيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ قال: لـيقبحوا وجوهكم وَلـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا
تَتْبِـيرا قال: يدمّروا ما علوا تدميرا، قال: هو بختنصر، بعثه الله علـيهم فـي
الـمرّة الاَخرة.



16679ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: فلـما أفسدوا بعث
الله علـيهم فـي الـمرّة الاَخرة بختنصر، فخرّب الـمساجد وتبّرما علوا تتبـيرا.



16680ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال:
ثنـي ابن إسحاق، قال: فـيـما بلغنـي، استـخـلف الله علـى بنـي إسرائيـل بعد ذلك،
يعنـي بعد قتلهم شعياء رجلاً منهم يقال له: ناشة بن آموص، فبعث الله الـخضر نبـيا،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فـيـما قد بلغنـي يقول: «إنّـمَا سُمّيَ
الـخَضِرُ خَضِرا، لأنَهُ جَلَسَ عَلـى فَرْوَةٍ بَـيْضَاءَ، فَقامَ عَنْها وَهيَ
تَهْتَزّ خَضْرَاءَ» قال: واسم الـخضر فـيـما كان وهب بن منبه يزعم عن بنـي
إسرائيـل: أرميا بن حلفـيا، وكان من سبط هارون بن عمران.


16681ـ
حدثنـي مـحمد بن سهل بن عسكر، ومـحمد بن عبد الـملك بن زنـجويه، قالا: حدثنا
إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبه. وحدثنا
ابن حميد قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق عمن لايتهم، عن وهب بن منبه الـيـمانـي،
واللفظ لـحديث ابن حميد أنه كان يقول: قال الله تبـارك وتعالـى لإرميا حين بعثه
نبـيا إلـى بنـي إسرائيـل: يا إرميا من قبل أن أخـلقك اخترتك، ومن قبل أن أصوّرك
فـي بطن أمك قدّستك، ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهّرتك، ومن قبل أن تبلغ السعي
نبأتك، ومن قبل أن تبلغ الأشدّ اخترتك، ولأمر عظيـم اختبأتك فبعث الله إرميا إلـى
ذلك الـملك من بنـي إسرائيـل يسدّده ويرشده، ويأتـيه بـالـخبر من الله فـيـما
بـينه وبـين الله قال: ثم عظمت الأحداث فـي بنـي إسرائيـل، وركبوا الـمعاصي،
واستـحلّوا الـمـحارم، ونَسوا ما كان الله تعالـى صنع بهم، وما نـجاهم من عدوّهم
سنـحاريب وجنوده. فأوحى الله تعالـى إلـى إرمياء: أن ائت قومك من بنـي إسرائيـل،
واقصص علـيهم ما آمرك به، وذكّرهم نعمتـي علـيهم، وعرّفهم أحداثهم، فقال إرمياء:
إنـي ضعيف إن لـم تقوّنـي، وعاجز إن لـم تبلّغنـي، ومخطىء إن لـم تسدّدنـي، ومخذول
إن لـم تنصرنـي، وذلـيـل إن لـم تعزّنـي. قال: الله تبـارك وتعالـى: أوَ لـم تعلـم
أن الأمور كلها تصدر عن مشيئتـي، وأن القلوب كلها والألسنة بـيدي، أقلبها كيف شئت،
فتطيعنـي، وإنـي أنا الله الذي لا شيء مثلـي، قامت السموات والأرض وما فـيهنّ
بكلـمتـي، وأنا كلّـمت البحار، ففهمت قولـي، وأمرتها فعقلت أمري، وحدَدت علـيها
بـالبطحاء فلا تَعدّي حدّي، تأتـي بأمواج كالـجبـال، حتـى إذا بلغت حدّي ألبستها
مذلّة طاعتـي خوفـا واعترافـا لأمري إنـي معك، ولن يصل إلـيك شيء معي، وإن بعثتك
إلـى خـلق عظيـم من خـلقـي، لتبلغهم رسالاتـي، ولتستـحق بذلك مثل أجر من تبعك منهم
لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، وإن تقصّر عنها فلك مثل وزر من تركب فـي عماه لا ينقص
ذلك من أوزارهم شيئا انطلق إلـى قومك فقل: إن الله ذكر لكم صلاح آبـائكم، فحمله ذلك
علـى أن يستتـيبكم يا معشر الأبناء، وسلهم كيف وجد آبـاؤهم مغبّة طاعتـي، وكيف
وجدوا هم مغبّة معصيتـي، وهل علـموا أن أحدا قبلهم أطاعنـي فشقـي بطاعتـي، أو
عصانـي فسعد بـمعصيتـي، فإن الدّوابّ مـما تذكر أوطانها الصالـحة، فتنتابها، وإن
هؤلاء القوم قد رتعوا فـي مروج الهَلَكة. أما أحبـارهم ورهبـانهم فـاتـخذوا عبـادي
خوَلاً لـيعبدوهم دونـي وتـحكّموا فـيهم بغير كتابـي حتـى أجهلوهم أمري، وأنسوهم
ذكري، وغروهم منـي. أما أمراؤهم وقاداتهم فبطروا نعمتـي، وأمنوا مكري، ونبذوا
كتابـي، ونسوا عهدي، وغيروا سنتـي، فـادّان لهم عبـادي بـالطاعة التـي لا تنبغي
إلا لـي، فهم يطيعونهم فـي معصيتـي، ويتابعونهم علـى البدع التـي يبتعدعون فـي
دينـي جراءة علـيّ وغرّة وفِرْية علـيّ وعلـى رسلـي، فسبحان جلالـي وعلوّ مكانـي،
وعظم شأنـي، فهل ينبغي لبشر أن يُطاع فـي معصيتـي، وهل ينبغي لـي أن أخـلق عبـادا
أجعلهم أربـابـا من دونـي. وأما قرّاؤهم وفقهاؤهم فـيتعبدون فـي الـمساجد،
ويتزيّنون بعمارتها لغيري، لطلب الدنـيا بـالدين، ويتفقّهون فـيها لغير العلـم،
ويتعلّـمون فـيها لغير العمل. وأما أولاد الأنبـياء، فمكثرون مقهورون مغيّرون،
يخوضون مع الـخائضين، ويتـمنّون علـيّ مثل نُصرة آبـائهم والكرامة التـي أكرمتهم
بها، ويزعمون أن لا أحدَ أولـى بذلك منهم منـي بغير صدق ولا تفكر ولا تدبّر، ولا
يذكرون كيف كان صبر آبـائهم لـي، وكيف كان جِدّهم فـي أمري حين غير الـمغيّرهن،
وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم، فصبروا وصَدَقوا حتـى عزّ أمري، وظهر دينـي، فتأنّـيت
بهؤلاء القوم لعلهم يستـجيبون، فأطْوَلت لهم، وصفحت عنهم، لعلهم يرجعون، فأكثرت
ومددت لهم فـي العمر لعلهم يتذكرون، فأعذرت فـي كل ذلك، أمطر علـيهم السماء، وأنبت
لهم الأرض، وألبسهم العافـية وأظهرهم علـى العدوّ فلا يزدادون إلا طغيانا وبُعدا
منـي، فحتـى متـى هذا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:26 pm

أبـي يتـمرّسون أم
إياي يخادعون؟ وإنـي أحلف بعزّتـي لأقـيضنّ لهم فتنة يتـحيرُ فـيها الـحلـيـم،
ويضلّ فـيها رأي ذي الرأي، وحكمة الـحكيـم، ثم لأسلطنّ علـيهم جبـارا قاسيا
عاتـيا، ألبسه الهيبة، وأنتزع من صدره الرأفة والرحمة والبـيان، يتبعه عدد وسواد
مثل سواد اللـيـل الـمظلـم، له عساكر مثل قطع السحاب، ومراكب أمثال العجاج، كأن
خفـيق راياته طيران النسور، وأن حملة فُرسانه كوبر العقبـان. ثم أوحى الله إلـى
إرميا: إنـي مهلك بنـي إسرائيـل بـيافث، ويافث أهل بـابل، وهم من ولد يافث بن نوح.
ثم لـما سمع إرميا وحي ربه صاح وبكى وشقّ ثـيابه، ونبذَ الرماد علـى رأسه وقال:
ملعون يوم ولدت فـيه، ويوم لقـيت التوراة، ومن شرّ أيامي يوم ولدت فـيه، فما
أُبقـيت آخر الأنبـياء إلا لـما هو أشرّ علـيّ لو أراد بـي خيرا ما جعلنـي آخر
الأنبـياء من بنـي إسرائيـل، فمن أجلـي تصيبهم الشّقوة والهلاك فلـما سمع الله
تضرّع الـخضر وبكاءه، وكيف يقول، ناداه: يا إرميا أشقّ ذلك علـيك فـيـما أوحيت لك؟
قال: نعم يا ربّ أهلكْنـي قبل أن أرى فـي بنـي إسرائيـل ما لا أسرّ به فقال الله:
وعزّتـي العزيزة لا أهلك بـيت الـمقدس وبنـي إسرائيـل حتـى يكون الأمر من قِبَلك
فـي ذلك ففرح عند ذلك إرميا لـما قال له ربه، وطابت نفسه، وقال: لا، والذي بعث
موسى وأنبـياءه بـالـحقّ لا آمر ربـي بهلاك بنـي إسرائيـل أبدا ثم أتـى ملك بنـي
إسرائيـل فأخبره ما أوحى الله إلـيه فـاستبشر وفرح وقال: إن يعذّبنا ربنا فبذنوب
كثـيرة قدّمناها لأنفسنا، وإن عفـا عنا فبقدرته. ثم إنهم لبثوا بعد هذا الوحي ثلاث
سنـين لـم يزدادوا إلا معصية وتـماديا فـي الشرّ، وذلك حين اقترب هلاكهم فقلّ
الوحي حين لـم يكونوا يتذكرون الاَخرة، وأمسك عنهم حين ألهتهم الدنـيا وشأُنها،
فقال لهم ملكهم: يا بنـي إسرائيـل، انتهوا عما أنتـم علـيه قبل أن يـمسكم بأس
الله، وقبل أن يُبعث علـيكم قوم لا رحمة لهم بكم، وإن ربكم قريب التوبة، مبسوط
الـيدين بـالـخير، رحيـم بـمن تاب إلـيه. فأبَوا علـيه أن ينزِعوا عن شيء مـما هم
علـيه وإن الله قد ألقـى فـي قلب بختنصر بن نـجور زاذان بن سنـحاريب بن دارياس بن
نـمرود بن فـالـخ بن عابر بن نـمرود صاحب إبراهيـم الذي حاجّه فـي ربه، أن يسير
إلـى بـيت الـمقدس، ثم يفعل فـيه ما كان جدّه سنـحاريب أراد أن يفعل، فخرج فـي ستّ
مئة ألف راية يريد أهل بـيت الـمقدس فلـما فصل سائرا أتـى ملك بنـي إسرائيـل
الـخبر أن بختنصر قد أقبل هو وجنوده يريدكم، فأرسل الـملك إلـى إرميا، فجاءه فقال:
يا إرميا أين ما زعمت لنا أن ربك أوحى إلـيك أن لا يهلك أهل بـيت الـمقدس، حتـى
يكون منك الأمر فـي ذلك؟ فقال إرميا للـملك: إن ربـي لايخـلف الـميعاد، وأنا به
وائق. فلـما اقترب الأجل ودنا انقطاع ملكهم وعزم الله علـى هلاكهم، بعث الله
مَلَكا من عنده، فقال له: اذهب إلـى إرميا فـاسَتْفتِه، وأمَرَه بـالذي يُستفتَـى
فـيه فأقبل الـمَلك إلـى إرمياء، وكان قد تـمثّل له رجلاً من بنـي إسرائيـل، فقال
له إرميا: من أنت؟ قال: رجل من بنـي إسرائيـل أستفتـيك فـي بعض أمري فأذن له، فقال
له الـمَلَك: يا نبـيّ الله أتـيتك أستفتـيك فـي أهل رحمي، وصلت أرحامهم بـما
أمرنـي الله به، لـم آت إلـيهم إلا حسنا، ولـم آلُهم كرامة، فلا تزيدهم كرامتـي
إياهم إلا إسخاطا لـي، فأفتنـي فـيهم يا نبـيّ الله فقال له: أحسن فـيـما بـينك
وبـين الله، وصل ما أمرك الله أن تصل، وأبشر بخير وانصرف عنه. فمكث أياما، ثم أقبل
إلـيه فـي صورة ذلك الذي جاءه، فقعد بـين يديه، فقال له إرميا: من أنت؟ قال: أنا
الرجل الذي أتـيتك أستفتـيك فـي شأن أهلـي، فقال له نبـيّ الله: أَوَ ما ظهرت لك
أخلاقهم بعد، ولـم تر منهم الذي تـحبّ؟ فقال: يا نبـيّ الله، والذي بعثك بـالـحقّ
ما أعلـم كرامة يأتـيها أحد من الناس لأهل رحمه إلا قد أتـيتها إلـيهم وأفضل من
ذلك، فقال النبـيّ: ارجع إلـى أهلك فأحسن إلـيهم، أسأل الله الذي يصلـح عبـاده
الصالـحين أن يصلـح ذات بـينكم، وأن يجمعكم علـى مرضاته، ويجنبكم سخطه فقال
الـمَلك من عنده، فلبث أياما وقد نزل بختنصر وجنوده حول بـيت الـمقدس، ومعه خلائق
من قومه كأمثال الـجراد، ففزع منهم بنو إسرائيـل فزعا شديدا، وشق ذلك علـى ملك
بنـي إسرائيـل، فدعا إرميا، فقال: يا نبـيّ الله أين ما وعدك الله؟ فقال: إنـي
بربـي واثق. ثم إن الـملك أقبل إلـى إرميا وهو قاعد علـى جدار بـيت الـمقدس يضحك
ويستبشر بنصر ربه الذي وعده، فقعد بـين يديه فقال له إرميا: من أنت؟ قال: أنا الذي
كنت أتـيتك فـي شأن أهلـي مرّتـين، فقال له النبـيّ: أَوَ لَـم يأنِ لهم أن يـمتنعوا
من الذي هم فـيه مقـيـمون علـيه؟ فقال له الـملك: يا نبـيّ الله، كلّ شيء كان
يصيبنـي منهم قبل الـيوم كنت أصبر علـيه، وأعلـم أن مأربهم فـي ذلك سخطي فلـما
أتـيتهم الـيوم رأيتهم فـي عمل لا يرضي الله ولا يحبه الله عزّ وجلّ. فقال له
نبـيّ الله: علـى أيّ عمل رأيتهم؟ قال: يا نبـيّ الله رأيتهم علـى عمل عظيـم من
سخط الله، فلو كانوا علـى مثل ما كانوا علـيه قبل الـيوم لـم يشتدّ علـيهم غضبـي،
وصبرت لهم ورجوتهم، ولكن غضبت الـيوم لله ولك، فأتـيتك لأخبرك خبرهم، وإنـي أسألك
بـالله الذي بعثك بـالـحقّ إلا ما دعوت علـيهم ربك أن يهلكهم فقال إرميا: يا مالك
السموات والأرض، إن كانوا علـى حقّ وصواب فأبقهم، وإن كانوا علـى سخطك وعمل لا
ترضاه فأهلكهم. فما خرجت الكلـمة مِن فـي إرميا حتـى أرسل الله صاعقة من السماء
فـي بـيت الـمقدس، فـالتهب مكان القربـان، وخسف بسبعة أبواب من أبوابها فلـما رأى
ذلك إرميا صاح وشقّ ثـيابه، ونبذ الرماد علـى رأسه وقال: يا ملك السموات والأرض
بـيدك ملكوت كلّ شيء وأنت أرحم الراحمين أين ميعادك الذي وعدتنـي؟ فنودي إرميا:
إنهم لـم يصبهم الذي أصابهم إلا بفتـياك التـي أفتـيت بها رسولنا فـاستـيقن
النبـيّ صلى الله عليه وسلم أنها فتـياه التـي أفتـى بها ثلاث مرّات، وأنه رسول
ربه. ثم إن إرميا طار حتـى خالط الوحش، ودخـل بختنصر وجنوده بـيت الـمقدس، فوطىء
الشام، وقتل بنـي إسرائيـل حتـى أفناهم، وخرّب بـيت الـمقدس، أمر جنوده أن يـملأ
كلّ رجل منهم ترسه ترابـا ثم يقذفه فـي بـيت الـمقدس، فقذفوا فـيه التراب حتـى
ملأوه، ثم انصرف راجعا إلـى أرض بـابل، واحتـمل معه سبـايا بنـي إسرائيـل، وأمرهم
أن يجمعوا من كان فـي بـيت الـمقدس كلهم، فـاجتـمع عنده كلّ صغير وكبـير من بنـي
إسرائيـل، فـاختار منهم سبعين ألف صبـيّ فلـما خرجت غنائم جنده، وأراد أن يقسمها
فـيهم، قالت له الـملوك الذين كانوا معه: أيها الـملك لك غنائمنا كلها، واقسم
بـيننا هؤلاء الصبـيان الذين اخترتهم من بنـي إسرائيـل، ففعل، وأصاب كلّ رجل منهم
أربعة أغلـمة، وكان من أولئك الغلـمان دانـيال وحنانـيا وعزاريا وميشائيـل وسبعة
آلاف من أهل بـيت داود، وأحد عشر ألفـا من سبط يوسف بن يعقوب، وأخيه بنـيامين،
وثمانـية آلاف من سبط أشر بن يعقوب، وأربعة عشر ألفـا من سبط زبـالون بن يعقوب
ونفثالـي بن يعقوب، وأربعة آلاف من سبط يهوذا بن يعقوب، وأربعة آلاف من سبط
روبـيـل ولاوي ابنـي يعقوب. ومن بقـى من بنـي إسرائيـل، وجعلهم بختنصر ثلاث فرق،
فثلثا أَقَرّ بـالشام، وثلثا قتل، وذهب بآنـية بـيت الـمقدس حتـى أقدمها بـابل،
وذهب بـالصبـيان السبعين الألف حتـى أقدمهم بـابل، فكانت هذه الوقعة الأولـى التـي
أنزل الله ببنـي إسرائيـل بـاحداثهم وظلـمهم. فلـما ولّـي بختنصر عنهم راجعا إلـى
بـابل بـمن معه من سبـايا بنـي إسرائيـل، أقبل أرميا علـى حمار له معه عصير ثم ذكر
قصته حين أماته الله مئة عام، ثم بعثه، ثم خبر رؤيا بختنصر وأمر دانـيال، وهلاك
بختنصر، ورجوع من بقـي من بنـي إسرائيـل فـي أيدي أصحاب بختنصر بعد هلاكه إلـى
الشام، وعمارة بـيت الـمقدس، وأَمْرَ عُزيرَ وكيف ردّ الله علـيه التوراة.



16682ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة عن
ابن إسحاق، قال: ثم عمدت بنو إسرائيـل بعد ذلك يحُدِثون الأحداث، يعنـي بعد مهلك
عُزيرَ، ويعود الله علـيهم، ويبعث فـيهم الرسل، ففريقا يكذّبون، وفريقا يقتلون،
حتـى كان آخر من بعث الله فـيهم من أنبـيائهم زكريا ويحيى بن زكريا وعيسى ابن
مريـم، وكانوا من بـيت آل داود.



16683ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال:
ثنـي مـحمد بن إسحاق، عن عمر بن عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبـير أنه
قال، وهو يحدّث عن قتل يحيى بن زكريا قال: ما قُتل يحيى بن زكريا إلا بسبب امرأة
بغيّ من بغايا بنـي إسرائيـل كان فـيهم ملك، وكان يحيى بن زكريا تـحت يدي ذلك
الـملك، فهمّت ابنة ذلك الـملك بأبـيها، فقالت: لو أنـي تزوّجت بأبـي فـاجتـمع لـي
سلطانه دون النساء، فقالت له: يا أبتِ تزوّجنـي ودعته إلـى نفسها، فقال لها: يا
بنـية إن يحيى بن زكريا لا يحل لنا هذا، فقالت: من لـي بـيحيى بن زكريا؟ ضيّق
علـيّ، وحال بـينـي وبـين أن أتزوّج بأبـي، فأغلِبَ علـى مُلكه ودنـياه دون النساء
قال: فأمرت اللعابـين ومـحلت بذلك لأجل قتل يحيى بن زكريا، فقالت: ادخـلوا علـيه
فـالعبوا، حتـى إذا فرغتـم فإنه سيُحَكمكم، فقولوا: دم يحيى بن زكريا، ولا تقبلوا
غيره. وكان اسم الـملك رواد، واسم ابنته البغيّ، وكان الـملك فـيهم إذا حدّث فكذب،
أو وعد فأخـلف، خـلع فـاستُبدل به غيرهُ فلـما ألعبوه وكثر عجبه منهم، قال: سلونـي
أعطكم، فقالوا له: نسألك دم يحيى بن زكريا أعطنا إياه قال: ويحكم سلونـي غير هذا
فقالوا: لا نسألك شيئا غيره. فخاف علـى ملكه إن هو أخـلفهم أن يُسْتـحَلّ بذلك
خَـلْعه، فبعث إلـى يحيى بن زكريا وهو جالس فـي مـحرابه يصلـي، فذبحوه فـي طست ثم
حزّوا رأسه، فـاحتـمله رجل فـي يده والدم يحمل فـي الطّسْت معه. قال: فطلع برأسه
يحمله حتـى وقـف به علـى الـملك، ورأسه يقول فـي يدي الذي يحمله لا يحلّ لك ذلك
فقال رجل من بنـي إسرائيـل: أيها الـملك لو أنك وهبت لـي هذا الدم؟ فقال: وما تصنع
به؟ قال: أطهر منه الأرض، فإنه كان قد ضيقها علـينا، فقال: أعطوه هذا الدم، فأخذه
فجعله فـي قلة، ثم عمد به إلـى بـيت فـي الـمذبح، فوضع القلة فـيه، ثم أغلق علـيه،
ففـار فـي القُلّة حتـى خرج منها من تـحت البـاب من البـيت الذي هو فـيه فلـما رأى
الرجل ذلك، فَظع به، فأخرجه فجعله فـي فلاة من الأرض، فجعل يفور وعظمت فـيهم
الأحداث. ومنهم من يقول: أقرّ مكانه فـي القربـان ولـم يحوّل.


16684ـ
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال: قال ابن إسحاق: فلـما رفع الله عيسى من
بـين أظهرهم وقتلوا يحيى بن زكريا (وبعض الناس يقول: وقتلوا زكريا)، ابتعث الله
علـيهم ملكا من ملوك بـابل يقال له خردوس، فسار إلـيه بأهل بـابل حتـى دخـل علـيهم
الشام فلـما ظهر علـيهم أمر رأسا من رؤوس جنده يدعى نبور زاذان صاحب القتل، فقال
له: إنـي قد كنت حلفت بإلهي لئن أظهرنا علـى أهل بـيت الـمقدس لأقتلنهم حتـى تسيـل
دماؤهم فـي وسط عسكري، إلا أن لا أجد أحدا أقتله فأمر أن يقتلهم حتـى يبلغ ذلك
منهم نبور زاذان، فدخـل بـيت الـمقدس، فقال فـي البقعة التـي كانوا يقربون فـيها
قربـانهم، فوجد فـيها دما يغلـي، فسألهم فقال: يا بنـي إسرائيـل، ما شأن هذا الدم
الذي يغلـي، أخبرونـي خبره ولا تكتـمونـي شيئا من أمره؟ فقالوا: هذا دم قربـان كان
لنا كنا قرّبناه فلـم يُتَقبّل منا، فلذلك هو يغلـي كما تراه ولقد قرّبنا منذ ثمان
مئة سنة القربـان فتقبّل منا إلا هذا القربـان قال: ما صَدَقْتـمونـي الـخبر قالوا
له: لو كان كأوّل زماننا لقُبل منا، ولكنه قد انقطع منا الـمُلك والنبوّة والوحي،
فلذلك لـم يُتقبل منا فذبح منهم نبور زاذان علـى ذلك الدم سبع مئة وسبعين روحا من
رؤوسهم، فلـم يهدأ فأمر بسبع مئة غلام من غلـمانهم فذبحوا علـى الدم فلـم يهدأ
فأمر بسبعة آلاف من شيعهم وأزواجهم، فذبحهم علـى الدم فلـم يبرد ولـم يهدأ فلـما
رأى نبور زاذان أن الدم لا يهدأ قال لهم: ويْـلكم يا بنـي إسرائيـل، أصدقونـي
واصبروا علـى أمر ربكم فقد طال ما ملكتـم فـي الأرض تفعلون فـيها ما شئتـم قبل أن
لا أترك منكم نافخ نار، لا أنثى ولا ذكرا إلا قتلته فلـما رأوا الـجهد وشدّة القتل
صدقوه الـخبر، فقالوا له: إن هذا دم نبـيّ منا كان ينهانا عن أمور كثـيرة من سخط
الله، فلو أطعناه فـيها لكان أرشد لنا، وكان يخبرنا بأمركم، فلـم نصدّقه، فقتلناه،
فهذا دمه فقال لهم نبور زاذان: ما كان اسمه؟ قالوا: يحيى بن زكريا، فقال: الاَنَ
صَدَقْتـمونـي بـمثل هذا ينتقم ربكم منكم فلـما رأى نبور زاذان أنهم صدقوه خرّ
ساجدا وقال لـمن حوله: غلقوا الأبواب، أبواب الـمدينة، وأخرجوا من كان ههنا من جيش
خردوس. وخلافـي بنـي إسرائيـل ثم قال: يا يحيى بن زكريا، قد علـم ربـي وربك ما قد
أصاب قومك من أجلك، وما قُتل منهم من أجلك، فـاهدأ بإذن الله قبل أن لا أبقـي من
قومك أحدا فهدأ دم يحيى بن زكريا بإذن الله، ورفع نبور زاذان عنهم القتل وقال:
آمنت بـما آمنت به بنو إسرائيـل، وصدّقت وأيقنت أنه لا ربّ غيره، ولو كان معه آخر
لـم يصلـح، ولو كان له شريك لـم تستـمسك السموات والأرض، ولو كان له ولد لـم
يصلـح، فتبـارك وتقدّس، وتسبح وتكبر وتعظم، ملك الـملوك الذي له ملك السموات السبع
والأرض وما فـيهنّ، وما بـينهما، وهو علـى كل شيء قدير، فله الـحلـم والعلـم
والعزّة والـجبروت، وهو الذي بسط الأرض وألقـى فـيها رواسي لئلا تزول، فكذلك ينبغي
لربـي أن يكون ويكون مُلكه. فأوحى الله إلـى رأس من رؤوس بقـية الأنبـياء أن نبور
زاذان حَبُور صدوق والـحبور بـالعبرانـية: حديث الإيـمان. وإن نبور زاذان قال
لبنـي إسرائيـل: يا بنـي إسرائيـل، إن عدوّ الله خردوس أمرنـي أن أقتل منكم حتـى
تسيـل دماؤكم وسط عسكره، وإنـي لست أستطيع أن أعصيه. قالوا له: افعل ما أُمرت به.
فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الـخيـل والبغال والـحمير والبقر والغنـم
والإبل، فذبحها حتـى سال الدم فـي العسكر، وأمر بـالقتلـى الذين كانوا قبل ذلك،
فطُرحوا علـى ما قُتل من مواشيهم حتـى كانوا فوقهم، فلـم يظنّ خردوس إلا أن ما كان
فـي الـخندق من بنـي إسرائيـل. فلـما بلغ الدم عسكره، أرسل إلـى نبور زاذان أن
ارفع عنهم، فقد بلغتنـي دماؤهم، وقد انتقمت منهم بـما فعلوا. ثم انصرف عنهم إلـى
أرض بـابل، وقد أفنى بنـي إسرائيـل أو كاد، وهي الوقعة الاَخرة التـي أنزل الله
ببنـي إسرائيـل. يقول الله عزّ ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وَقَضَيْنا
إلـى بَنِـي إسْرَائِيـلَ فِـي الكِتابِ لتَفْسِدُنّ فِـي الأرْضِ مَرّتَـيْنِ
وَلَتَعْلُنّ عُلُوّا كَبِـيرا فإذَا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَـيْكمْ
عِبـادا لَنا أُولـي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدّيارِ وكانَ وَعْدا مَفْعُولاً
ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرّةَ عَلَـيْهِمْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:27 pm

وأمْدَدْناكُمْ
بأمْوَالٍ وَبَنِـينَ وَجَعَلْناكُمْ أكْثَرَ نَفِـيرا إنْ أحْسَنْتُـمْ
أحْسَنْتُـمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإنْ أسأْتُـمْ فَلَها فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ
لـيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجدَ كمَا دَخَـلُوهُ أوّلَ
مَرّةٍ ولِـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا تَتْبـيرا عَسَى رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ
وَإنْ عُدْتُـمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للكافرِينَ حَصِيرا وعسى من الله
حقّ، فكانت الوقعة الأولـى: بختنصرَ وجنوده، ثم ردّ الله لكم الكرّة علـيهم، وكانت
الوقعة الاَخرة خردوس وجنوده، وهي كانت أعظم الوقعتـين، فـيها كان خراب بلادهم،
وقتل رجالهم، وسبى ذراريهم ونسائهم. يقول الله تبـارك وتعالـى: وَلـيُتَبّرُوا ما
عَلَوْا تَتْبِـيرا ثم عاد الله علـيهم، فأكثر عددهم، ونشرهم فـي بلادهم، ثم
بَدّلوا وأحدثوا الأحداث، واستبدلوا بكتابهم غيره، وركبوا الـمعاصي، واستـحلوا
الـمـحارم وضيّعوا الـحدود.



16685ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن
ابن إسحاق، عن أبـي عَتّاب رجل من تغلب كان نصرانـيا عمرا من دهره، ثم أسلـم بعد،
فقرأ القرآن، وفقه فـي الدين، وكان فـيـما ذكر أنه كان نصرانـيا أربعين سنة، ثم
عُمّر فـي الإسلام أربعين سنة. قال: كان آخر أنبـياء بنـي إسرائيـل نبـيا بعثه
الله إلـيهم، فقال لهم: يا بنـي إسرائيـل إن الله يقول لكم: إنـي قد سلبت أصواتكم،
وأبغضتكم بكثرة أحداثكم فهَمّوا به لـيقتلوه، فقال الله تبـارك وتعالـى له: ائتهم
واضرب لـي ولهم مثلاً، فقل لهم: إن الله تبـارك وتعالـى يقول لكم: اقضوا بـينـي
وبـين كرمي ألـم أختر له البلاد، وطيبت له الـمَدَرة، وحظرته بـالسياج، وعرشته
السويق والشوك والسياج والعَوْسَج، وأحطته بردائي، ومنعته من العالـم وفضّلته،
فلقـينـي بـالشوك والـجذوع، وكل شجرة لا تؤكل؟ ما لهذا اخترت البلدة، ولا طيّبت
الـمَدَرة، ولا حَظَرته بـالسّياج، ولا عَرَشتْه السويق، ولا حُطْته بردائي، ولا
منعته من العالـم فضلتكم وأتـمـمت علـيكم نعمتـي، ثم استقبلتـمونـي بكلّ ما أكره
من معصيتـي وخلاف أمري لَـمَهْ إن الـحمار لـيعرف مذوده لَـمَهْ إن البقرة لتعرف
سيدها وقد حلفت بعزتـي العزيزة، وبذراعي الشديد لاَخذنّ ردائي، ولأمرجنّ الـحائط،
ولأجعلنكم تـحت أرجل العالـم. قال: فوثبوا علـى نبـيهم فقتلوه، فضرب الله علـيهم
الذلّ، ونزع منهم الـملك، فلـيسوا فـي أمة من الأمـم إلا وعلـيهم ذلّ وصغار وجزية
يؤدّونها، والـملك فـي غيرهم من الناس، فلن يزالوا كذلك أبدا، ما كانوا علـى ما هم
علـيه.



قال: قال: فهذا ما انتهى إلـينا من جماع أحاديث
بنـي إسرائيـل.



16686ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: فإذَا جاءَ وَعْدُ الاَخِرَة لِـيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ
وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجِدَ كمَا دَخَـلُوهُ أوّلَ مَرّةٍ وَلِـيُتَبّرُوا ما
عَلَوْا تَتْبِـيرا قال: كانت الاَخرة أشدّ من الأولـى بكثـير، قال: لأن الأولـى
كانت هزيـمة فقط، والاَخرة كان التدمير، وأحرق بختنصر التوراة حتـى لـم يبق منها
حرف واحد، وخرب الـمسجد.



16687ـ حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا أبو
معاوية، عن الأعمش، عن الـمنهال، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: بعث عيسى
ابن مريـم يحيى بن زكريا، فـي اثنـي عشر من الـحواريـين يعلّـمون الناس. قال: فكان
فـيـما نهاهم عنه، نكاح ابنة الأخ. قال: وكانت لـملكهم ابنة أخ تعجبه يريد أن
يتزوّجها، وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها فلـما بلغ ذلك أمها قالت لها: إذا دخـلت
علـى الـملك فسألك حاجتك، فقولـي: حاجتـي أن تذبح لـي يحيى بن زكريا فلـما دخـلت
علـيه سألها حاجتها، فقالت: حاجتـي أن تذبح يحيى بن زكريا، فقال: سلـي غير هذا
فقالت: ما أسألك إلا هذا قال: فلـما أبت علـيه دعا يحيى ودعا بطست فذبحه، فبدرت
قطرة من دمه علـى الأرض، فلـم تزل تغلـي حتـى بعث الله بختنصر علـيهم، فجاءته عجوز
من بنـي إسرائيـل، فدلّته علـى ذلك الدم. قال: فألقـى الله فـي نفسه أن يقتل علـى
ذلك الدم منهم حتـى يسكن، فقتل سبعين ألفـا منهم من سنّ واحد فسكن.



وقوله: وَلِـيَدْخُـلُوا الـمَسْجِدَ كمَا
دَخَـلُوهُ أوّلَ مَرّةٍ يقول: ولـيدخـل عدوّكم الذي أبعثه علـيكم مسجد بـيت
الـمقدس قهرا منهم لكم وغلبة، كما دخـلوه أوّل مرّة حين أفسدتـم الفساد الأوّل فـي
الأرض.



وأما قوله: وَلِـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا
تَتْبِـيرا فإنه يقول: ولـيدمّروا ما غلبوا علـيه من بلادكم تدميرا. يقال منه:
دمّرت البلد: إذا خرّبته وأهلكت أهله. وَتَبَر تَبْرا وَتَبـارا، وتَبّرْتُه
أتبّرُه تتبـيرا. ومنه قول الله تعالـى ذكره وَلا تَزِدِ الظّالِـمِينَ إلاّ
تَبَـارا يعنـي: هلاكا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال
ذلك:



16688ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: وَلِـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا
تَتْبِـيرا قال: تدميرا.



16689ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَلِـيُتَبّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِـيرا قال:
يدمروا ما علوا تدميرا.






الآية : 8


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {عَسَىَ رَبّكُمْ أَن
يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ
حَصِيراً }.



يقول تعالـى ذكره: لعلّ ربكم يا بنـي إسرائيـل
أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بـالقوم الذين يبعثهم الله علـيكم لـيسوء مبعثه علـيكم
وجوهكم، ولـيدخـلوا الـمسجد كما دخـلوه أوّل مرّة، فـيستنقذكم من أيديهم، وينتشلكم
من الذلّ الذي يحله بكم، ويرفعكم من الـخمولة التـي تصيرون إلـيها، فـيعزّكم بعد
ذلك. و«عسى» من الله: واجب. وفعل الله ذلك بهم، فكثر عددهم بعد ذلك، ورفع
خَساستهم، وجعل منهم الـملوك والأنبـياء، فقال جلّ ثناؤه لهم: وإن عدتـم يا معشر
بنـي إسرائيـل لـمعصيتـي وخلاف أمري، وقتل رسلـي، عدنا علـيكم بـالقتل والسّبـاء،
وإحلال الذلّ والصّغار بكم، فعادوا، فعاد الله علـيهم بعقابه وإحلال سخطه بهم.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16690ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن عطية،
عن عمر بن ثابت، عن أبـيه، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، فـي قوله: عَسَى
رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمكُمْ وَإنْ عُدْتُـمْ عَدْنا قال: عادوا فعاد، ثم عادوا فعاد،
ثم عادوا فعاد. قال: فسلّط الله علـيهم ثلاثة ملوك من ملوك فـارس: سندبـادان
وشهربـادان وآخر.



حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال:
ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: قال الله تبـارك وتعالـى
بعد الأولـى والاَخرة: عَسَى رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ وَإنْ عُدْتُـمْ عُدْنا
قال: فعادوا فسلّط الله علـيهم الـمؤمنـين.



16691ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قال عَسَى رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ فعاد الله علـيهم بعائدته
ورحمته وَإنْ عُدْتُـمْ عُدْنا قال: عاد القوم بشرّ ما يحضرهم، فبعث الله علـيهم
ما شاء أن يبعث من نقمته وعقوبته. ثم كان ختام ذلك أن بعث الله علـيهم هذا الـحيّ
من العرب، فهم فـي عذاب منهم إلـى يوم القـيامة قال الله عزّ وجلّ فـي آية أخرى
وَإذْ تَأذّنَ رَبّكَ لَـيَبْعَثنّ عَلَـيْهِمْ إلـى يَوْمِ القِـيامَةِ...
الاَية، فبعث الله علـيهم هذا الـحيّ من العرب.



16692ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال عَسَى رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ وَإنْ
عُدْتُـمْ عُدْنا فعادوا، فبعث الله علـيهم مـحمدا صلى الله عليه وسلم، فهم يعطون
الـجزية عن يد وهم صاغرون.



16693ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قول الله تعالـى: عَسَى رَبّكُمْ أنْ يَرْحَمَكُمْ قال بعد هذا
وَإنْ عُدْتُـمْ لـما صنعتـم لـمثل هذا من قتل يحيى وغيره من الأنبـياء عُدْنا
إلـيكم بـمثل هذا.



وقوله: وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للكافِرِينَ
حَصِيرا اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: وجعلنا جهنـم للكافرين
سجنا يسجنون فـيها. ذكر من قال ذلك:



16694ـ حدثنا مـحمد بن مَسْعدة، قال: حدثنا
جعفر بن سلـيـمان، عن أبـي عمران وجَعَلْنا جَهَنّـمَ للكافِرِين حَصِيرا قال:
سجنا.



16695ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَجَعَلْنا
جَهَنّـمَ للكافِرِينَ حَصِيرا يقول: جعل الله مأواهم فـيها.



16696ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للكافِرِينَ حَصِيرا قال:
مَـحْبِسا حَصُورا.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للْكافِرِينَ حَصِيرا يقول: سجنا.



16697ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء
جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله تعالـى: حَصِيرا قال: يحصرون
فـيها.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للْكافِرِينَ حَصِيرا قال:
يُحصرون فـيها.



16698ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ للكافِرِينَ حَصِيرا سجنا يسجنون
فـيها حصروا فـيها.



حدثنا علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد الله بن
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله وَجَعَلْنا جَهَنّـمَ
للكافِرِينَ حَصِيرا يقول: سجنا.



وقال آخرون: معناه: وجعلنا جهنـم للكافرين
فراشا ومهادا. ذكر من قال ذلك:



16699ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الـحسن: الـحصير: فِراش ومِهاد.



وذهب الـحسن بقوله هذا إلـى أن الـحصير فـي هذا
الـموضع عنـي به الـحصير الذي يُبْسط ويفترش، وذلك أن العرب تسمى البساط الصغير
حصيرا، فوجّه الـحسن معنى الكلام إلـى أن الله تعالـى جعل جهنـم للكافرين به بساطا
ومهادا، كما قال: لَهُمْ مِنْ جَهَنّـمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وهو وجه
حسن وتأويـل صحيح. وأما الاَخرون، فوجهوه إلـى أنه فعيـل من الـحصر الذي هو
الـحبس. وقد بـيّنت ذلك بشواهده فـي سورة البقرة، وقد تسمي العرب الـملك حصيرا
بـمعنى أنه مـحصور: أي مـحجوب عن الناس، كما قال لبـيد:



وَمَقامَةٍ غُلْبِ الرّقابِ كأنّهُمْجِنّ لَدَى
بـابِ الـحَصِيرِ قِـيامُ



يعنـي بـالـحصير: الـملك، ويقال للبخيـل: حصور
وحصر: لـمنعه ما لديه من الـمال عن أهل الـحاجة، وحبسه إياه عن النفقة، كما قال
الأخطل:



وَشارِبٍ مُرْبحٍ بـالكأْسِ نادَمَنِـيلا
بـالـحَصُورِ وَلا فِـيها بِسَوّارِ



ويروى: بسآر. ومنه الـحصر فـي الـمنطق لامتناع
ذلك علـيه، واحتبـاسه إذا أراده. ومنه أيضا الـحصور عن النساء لتعذّر ذلك علـيه،
وامتناعه من الـجماع، وكذلك الـحصر فـي الغائط: احتبـاسه عن الـخروج، وأصل ذلك كله
واحد وإن اختلفت ألفـاظه. فأما الـحصيران: فـالـجنبـان، كماقال الطرّماح:



قَلِـيلاً تَتَلّـى حاجَةً ثُمّ عُولِـيَتْعَلـى
كُلّ مَفْرُوشِ الـحَصِيرَيْنِ بـادِنِ



يعنـي بـالـحصيرين: الـجنبـين.


والصواب من القول فـي ذلك عندي أي يقال: معنى
ذلك: وَجَعَلْنا جَهَنَـمٍ للْكافرِينَ حَصِيرا فراشا ومهادا لا يزايـله من
الـحصير الذي بـمعنى البساط، لأن ذلك إذا كان كذلك كان جامعا معنى الـحبس
والامتهاد، مع أن الـحصير بـمعنى البساط فـي كلام العرب أشهر منه بـمعنى الـحبس، وأنها
إذا أرادت أن تصف شيئا بـمعنى حبس شيء، فإنـما تقول: هو له حاصر أو مـحصر فأما
الـحصير فغير موجود فـي كلامهم، إلا إذا وصفته بأنه مفعول به، فـيكون فـي لفظ
فعيـل، ومعناه مفعول به ألا ترى بـيت لبـيد: لدى بـاب الـحصير؟ فقل: لدى بـاب
الـحصير، لأنه أراد: لدى بـاب الـمـحصور، فصرف مفعولاً إلـى فعيـل. فأما فعيـل فـي
الـحصر بـمعنى وصفه بأنه الـحاصر. فذلك ما لا نـجده فـي كلام العرب، فلذلك قلت:
قول الـحسن أولـى بـالصواب فـي ذلك. وقد زعم بعض أهل العربـية من أهل البصرة أن
ذلك جائز، ولا أعلـم لـما قال وجها يصحّ إلا بعيدا وهو أن يقال: جاء حصير بـمعنى
حاصر، كما قـيـل: علـيـم بـمعنى عالـم، وشهيد بـمعنى شاهد، ولـم يسمع ذلك مستعملاً
فـي الـحاصر كما سمعنا فـي عالـم وشاهد.






الآية : 9
و10



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {إِنّ هَـَذَا الْقُرْآنَ
يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً *
وأَنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً }.


يقول
تعالـى ذكره: إن هذا القرآن الذي أنزلناه علـى نبـينا مـحمد صلى الله عليه وسلم
يرشد ويسدّد من اهتدى به للّتِـي هِيَ أقْوَمُ يقول: للسبـيـل التـي هي أقوم من
غيرها من السبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبـياءه وهو الإسلام. يقول جلّ ثناؤه:
فهذا القرآن يهدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:28 pm

عبـاد الله الـمهتدين
به إلـى قصد السبـيـل التـي ضلّ عنها سائر أهل الـملل الـمكذّبـين به، كما:



16700ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: إنّ هَذَا القُرآنَ يَهْدِي للّتِـي هِيَ أقْوَمُ قال:
للتـي هي أصوب: هو الصواب وهو الـحقّ قال: والـمخالف هو البـاطل. وقرأ قول الله
تعالـى: فِـيها كُتُبٌ قَـيّـمَةٌ قال: فـيها الـحقّ لـيس فـيها عوج. وقرأ ولَـمْ
نَـجْعَلْ لَهُ عِوْجا قَـيّـما يقول: قـيـما مستقـيـما.



وقوله: وَيُبَشّرُ الـمُؤْمِنِـينَ يقول: ويبشر
أيضا مع هدايته من اهتدى به للسبـيـل الأقصد الذين يؤمنون بـالله ورسوله، ويعملون
فـي دنـياهم بـما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم عنه بأن لهُمْ أجْرا من الله
علـى إيـمانهم وعملهم الصالـحات كَبِـيرا يعنـي ثوابـا عظيـما، وجزاء جزيلاً، وذلك
هو الـجنة التـي أعدّها الله تعالـى لـمن رضي عمله، كما:



16701ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج أنّ لَهُمْ أجْرا كَبِـيرا قال: الـجنة، وكلّ شيء فـي
القرآن أجر كبـير، أجر كريـم، ورزق كريـم فهو الـجنة، وأن فـي قوله: أنّ لَهُمْ
أجْرا كَبِـيرا نصب مه، كما:



16702ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج أنّ لَهُمْ أجْرا كَبِـيرا قال: الـجنة، وكلّ شيء فـي
القرآن أجر كبـير، أجر كريـم، ورزق كريـم فهو الـجنة، وأن فـي قوله: أنّ لَهُمْ
أجْرا كَبِـيرا نصب يقول: أعددنا لهم،
لقدومهم علـى ربهم يوم القـيامة عَذَابـا ألِـيـما يعنـي موجعا، وذلك عذاب جهنـم.






الآية : 11


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ
بِالشّرّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً }.



يقول تعالـى ذكره مذكرا عبـاده أياديه عندهم،
ويدعو الإنسان علـى نفسه وولده وماله بـالشرّ، فـيقول: اللهمّ أهلكه والعنه عند
ضجره وغضبه، كدعائه بـالـخير: يقول: كدعائه ربه بأن يهب له العافـية، ويرزقه
السلامة فـي نفسه وماله وولده، يقول: فلو استـجيب له فـي دعائه علـى نفسه وماله
وولده بـالشرّ كما يستـجاب له فـي الـخير هلك، ولكن الله بفضله لا يستـجيب له فـي
ذلك. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16703ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَيَدْعُ الإنْسانُ
بـالشّرّ دعاءَه بـالـخَيْرِ وكانَ الإنْسان عَجُولاً يعنـي قول الإنسان: اللهمّ
العنه واغضب علـيه، فلو يُعَجل له ذلك كما يُعجِل له الـخير، لهلك، قال: ويقال: هو
وإذَا مَسّ الإنْسَانَ الضّرّ دَعَانَا لِـجَنِبِهْ أوْ قَاعِدا أَوْ قائِما أن
يكشف ما به من ضرّ، يقول تبـارك وتعالـى: لو أنه ذكرنـي وأطاعنـي، واتبع أمري عند
الـخير، كما يدعونـي عند البلاء، كان خيرا له.



16704ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَيَدْع الإنْسَانُ بـالشّرّ دعاءَهُ بـالـخَيْرِ وكانَ
الإنْسَانُ عَجُولاً يدعو علـى ماله، فـيـلعن ماله وولده، ولو استـجاب الله له
لأهلكه.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة ويَدْعُ الإنْسانُ بـالشّرّ دُعاءَهُ بـالـخَيْرِ قال:
يدعو علـى نفسه بـما لو استـجيب له هلك، وعلـى خادمه، أو علـى ماله.



16705ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد وَيَدْعُ الإنْسانُ بـالشّرّ دُعاءَهُ
بـالـخَيْرِ وكانَ الإنْسانُ عَجولاً قال: ذلك دعاء الإنسان بـالشرّ علـى ولده
وعلـى امرأته، فـيعجل: فـيدعو علـيه، ولا يحب أن يصيبه.



واختلف فـي تأويـل قوله: وكانَ الإنْسانُ
عَجُولاً فقال مـجاهد ومن ذكرت قوله: معناه: وكان الإنسان عَجولاً، بـالدعاء علـى
ما يكره، أن يُستـجاب له فـيه.



وقال آخرون: عنى بذلك آدم أنه عجل حين نفخ فـيه
الروح قبل أن تـجري فـي جميع جسده، فرام النهوض، فوصف ولده بـالاستعجال، لـما كان
من استعجال أبـيهم آدم القـيام، قبل أن يتـمّ خـلقه. ذكر من قال ذلك:



16706ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا
مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شُعبة، عن الـحكم، عن إبراهيـم، أن سلـمان الفـارسيّ،
قال: أوّل ما خـلق الله من آدم رأسه، فجعل ينظر وهو يُخـلق، قال: وبقـيت رجلاه
فلـما كان بعد العصر قال: يا ربّ عَجّل قبل اللـيـل، فذلك قوله: وكانَ الإنْسانُ
عَجُولاً.



16707ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن
سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي رَوْق، عن الضحاك عن ابن عبـاس، قال: لـما
نفخ الله فـي آدم من روحه أتت النفخة من قبَل رأسه، فجعل لا يجرى شيء منها فـي
جسده، إلا صار لـحما ودما فلـما انتهت النفخة إلـى سرّته، نظر إلـى جسده، فأعجبه
ما رأى من جسده فذهب لـينهض فلـم يقدر، فهو قول الله تبـارك وتعالـى: وكانَ
الإنْسانُ عَجُولاً قال: ضَجِرا لا صبر له علـى سرّاء، ولا ضرّاء.






الآية : 12


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَجَعَلْنَا الْلّيْلَ
وَالنّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ الْلّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النّهَارِ
مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رّبّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السّنِينَ
وَالْحِسَابَ وَكُلّ شَيْءٍ فَصّلْنَاهُ تَفْصِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره: ومن نعمته علـيكم أيها
الناس، مخالفته بـين علامة اللـيـل وعلامة النهار، بإظلامه علامة اللـيـل، وإضاءته
علامة النهار، لتسكنوا فـي هذا، وتتصرّفوا فـي ابتغاء رزق الله الذي قدره لكم
بفضله فـي هذا، ولتعلـموا بـاختلافهما عدد السنـين وانقضاءها، وابتداء دخولها،
وحساب ساعات النهار واللـيـل وأوقاتها وكُلّ شَيْءٍ فَصّلْناه تَفْصِيلاً يقول:
وكلّ شيء بـيناه بـيانا شافـيا لكم أيها الناس لتشكروا الله علـى ما أنعم به
علـيكم من نعمه، وتـخـلصوا له العبـادة، دون الاَلهة والأوثان. وبنـحو الذي قلنا
فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16708ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن
عبد العزيز بن رُفـيع، عن أبـي الطُفـيـل، قال: قال ابن الكَوّاء لعلـيّ: يا أمير
الـمؤمنـين، ما هذه اللّطْخة التـي فـي القمر؟ فقال: ويْحَك أما تقرأ القرآن
فَمَـحَوْنا آيَةَ اللّـيْـلِ، فهذه مـحوه.



16709ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا طلق، عن
زائدة، عن عاصم، عن علـيّ بن ربـيعة، قال: سأل ابن الكوّاء علـيا فقال: ما هذا
السواد فـي القمر؟ فقال علـيّ: فَمَـحَوْنا آيَةَ اللّـيْـلِ وجَعَلْنا آيَةَ
النهارِ مُبْصِرَةً هُوَ الـمَـحْو.



16710ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن عبد الله بن عمر، قال: كنت عند علـيّ،
فسأله ابن الكَوّاء عن السواد الذي فـي القمر؟ فقال: ذاك آية اللـيـل مُـحِيت.



16711ـ حدثنا ابن أبـي الشوارب، قال: حدثنا
يزيد بن زُريع، قال: حدثنا عمران بن حُدير، عن رفـيع بن أبـي كثـير قال: قال علـيّ
بن أبـي طالب رضوان الله علـيه: سَلُوا عما شئتـم، فقام ابن الكوّاء فقال: ما
السواد الذي فـي القمر، فقال: قاتلك الله، هلا سألت عن أمر دينك وآخرتك؟ قال: ذلك
مَـحْو اللـيـل.



16712ـ حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـان
الـمصريّ، قال: حدثنا ابن عُفَـير، قال: حدثنا ابن لَهيعة، عن حُيَـيّ بن عبد
الله، عن أبـي عبد الرحمن الـحُبُلـي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رجلاً قال
لعلـيّ: ما السواد الذي فـي القمر؟ قال: إن الله يقول: وجَعَلْنا اللّـيْـلَ
والنّهار آيَتَـيْنِ فَمَـحَوْنا آيَةَ اللّـيْـلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النّهارِ
مُبْصِرَةً.



16713ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَجَعَلْنا
اللّـيْـلَ والنّهارَ آيَتَـيْنِ فَمَـحَوْنا آيَةَ اللّـيْـلِ قال: هو السواد
بـاللـيـل.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، والقمر
آية اللـيـل، والشمس آية النهار، فمـحونا آية اللـيـل: السواد الذي فـي القمر.



16714ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن أبـي
زائدة، قال: ذكر ابن جريج، عن مـجاهد، فـي قوله: وَجَعَلْنا اللـيْـلَ والنّهَارَ
آيَتَـيْنِ قال: الشمس آية النهار، والقمر آية اللـيـل فَمَـحَوْنا آيَةَ
اللّـيْـلِ قال: السواد الذي فـي القمر، وكذلك خـلقه الله.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد وَجَعَلْنا اللّـيْـل والنهارَ آيَتَـيْنِ قال:
لـيلاً ونهارا، كذلك خـلقهما الله.



16715ـ قال ابن جريج: وأخبرنا عبد الله بن
كثـير، قال: فَمَـحَوْنا آيَةَ اللّـيْـلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النّهارِ مُبْصِرَةً
قال: ظلـمة اللـيـل وسُدْفَة النهار.



16716ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَجَعَلْنا اللّـيْـلَ والنّهارَ آيَتَـيْنِ فَمَـحَوْنا
آيَةَ اللّـيْـلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النّهارِ مُبْصِرَةً: أي منـيرة، وخـلق الشمس
أنور من القمر وأعظم.



حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم
وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن
مـجاهد وَجَعَلْنا اللّـيْـلَ والنّهارَ آيَتَـيْنِ قال: لـيلاً ونهارا، كذلك
جعلهما الله.



واختلف أهل العربـية فـي معنى قوله: وَجَعَلْنا
آيَةَ النّهارِ مُبْصِرَةً فقال بعض نـحويـي الكوفة معناها: مضيئة، وكذلك قوله:
والنّهار مُبْصرا معناه: مضيئا، كأنه ذهب إلـى أنه قـيـل مبصرا، لإضاءته للناس
البصر. وقال آخرون: بل هو من أبصر النهار: إذا صار الناس يبصرون فـيه فهو مبصر،
كقولهم: رجل مـجبن: إذا كان أهله وأصحابه جبناء، ورجل مضعف: إذا كانت رواته
ضعفـاء، فكذلك النهار مبصرا: إذا كان أهله بصراء.



16717ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة لتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبّكُمْ قال: جعل لكم سبحا طويلاً.



16718ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وكُلّ شَيْءٍ فَصّلْناهُ تَفْصِيلاً: أي بـيّناه تبـيـينا.






الآية : 13


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَكُلّ إِنْسَانٍ
أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: وكلّ إنسان ألزمناه ما قضى
له أنه عامله، وهو صائر إلـيه من شقاء أو سعادة بعمله فـي عنقه لا يفـارقه. وإنـما
قوله ألْزَمْناهُ طائِرَهُ مثل لـما كانت العرب تتفـاءل به أو تتشاءم من سوانـح
الطير وبوارحها، فأعلـمهم جلّ ثناؤه أن كلّ إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره فـي
عنقه نـحسا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيرا، أو كان سعدا يورده
جنات عدن. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16719ـ حدثنـي مـحمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ
بن هشام، قال: ثنـي أبـي، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله أن نبـيّ الله صلى الله
عليه وسلم قال: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وكُلّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَه فِـي
عُنُقِهِ».



16720ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس وكُلّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ
طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ قال: الطائر: عمله، قال: والطائر فـي أشياء كثـيرة، فمنه
التشاؤم الذي يتشاءم به الناس بعضهم من بعض.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عطاء الـخراسانـي عن ابن عبـاس، قوله: وكُلّ
إنْسانٍ ألْزمْناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ قال: عمله وما قدر علـيه، فهو ملازمه
أينـما كان، فزائل معه أينـما زال. قال ابن جريج: وقال: طائره: عمله.



16721ـ قال: ابن جريج: وأخبرنـي عبد الله بن
كثـير، عن مـجاهد، قال: عمله وما كتب الله له.



حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم،
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا عن
ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: طائره: عمله.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال:
حدثنا سفـيان وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو جميعا عن منصور، عن
مـجاهد وكُلّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ قال: عمله.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور،
عن مـجاهد، مثله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:29 pm

16722ـ حدثنـي واصل بن
عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن فضيـل، عن الـحسن بن عمرو الفقـيـمي، عن الـحكم، عن
مـجاهد، فـي قوله: وكُلّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ قال: ما من
مولدو يولد إلا وفـي عنقه ورقة مكتوب فـيها شقـيّ أو سعيد. قال: وسمعته يقول:
أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب، قال: هو ما سبق.



16723ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وكُلّ إنْسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ: إي
والله بسعادته وشقائه بعمله.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة: طائره: عمله.



فإن قال قائل: وكيف قال: ألزمناه طائره فـي
عنقه إن كان الأمر علـى ما وصفت، ولـم يقل: ألزمناه فـي يديه ورجلـيه أو غير ذلك
من أعضاء الـجسد؟ قـيـل: لأن العنق هو موضع السمات، وموضع القلائد والأطوقة، وغير
ذلك مـما يزين أو يشين، فجرى كلام العرب بنسبة الأشياء اللازمة بنـي آدم وغيرهم من
ذلك إلـى أعناقهم وكثر استعمالهم ذلك حتـى أضافوا الأشياء اللازمة سائر الأبدان
إلـى الأعناق، كما أضافوا جنايات أعضاء الأبدان إلـى الـيد، فقالوا: ذلك بـما كسبت
يداه، وإن كان الذي جرّ علـيه لسانه أو فرجه، فكذلك قوله ألْزَمْناهُ طائِرَهُ
فِـي عُنُقِهِ.



واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: ونُـخْرِجُ
لَهُ يَوْمَ القِـيامَةِ كتابـا يَـلْقاهُ مَنْشُورا فقرأه بعض أهل الـمدينة ومكة،
وهو نافع وابن كثـير وعامة قرّاء العراق ونُـخْرِجُ بـالنون لَهُ يَوْمَ
القِـيامَةِ كِتابـا يَـلْقاه مَنْشُورا بفتـح الـياء من يَـلْقاه وتـخفـيف القاف
منه، بـمعنى: ونـخرج له نـحن يوم القـيامة ردّا علـى قوله ألْزَمْناهُ ونـحن نـخرج
له يوم القـيامة كتاب عمله منشورا. وكان بعض قرّاء أهل الشام يوافق هؤلاء علـى
قراءة قوله ونُـخْرِجُ ويخالفهم فـي قوله يَـلْقاهُ فـيقرؤه: «يُـلَقّاهُ» بضم
الـياء وتشديد القاف، بـمعنى: ونـخرج له نـحن يوم القـيامة كتابـا يـلقاه، ثم
يردّه إلـى ما لـم يسمّ فـاعله، فـيقول: يـلقـى الإنسان ذلك الكتاب منشورا. وذكر
عن مـجاهد ما:



16724ـ حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم،
قال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم عن حميد، عن مـجاهد أنه قرأها، «وَيَخْرَجُ لَهُ
يَوْمَ القِـيامَةِ كِتابـا» قال: يزيد: يعنـي يَخرج الطائر كتابـا، هكذا أحسبه
قرأها بفتـح الـياء، وهي قراءة الـحسن البصري وابن مـحيصن وكأن من قرأ هذه القراءة
وجّه تأويـل الكلام إلـى: ويخرج له الطائر الذي ألزمناه عنق الإنسان يوم القـيامة،
فـيصير كتابـا يقرؤه منشورا.



وقرأ ذلك بعض أهل الـمدينة: «ويُخَرجُ لَهُ»
بضم الـياء علـى مذهب ما لـم يسمّ فـاعله، وكأنه وجّه معنى الكلام إلـى ويخرج له
الطائر يوم القـيامة كتابـا، يريد: ويخرج الله ذلك الطائر قد صيره كتابـا، إلا أنه
نـحاه نـحو ما لـم يسمّ فـاعله.



وأولـى القراءات فـي ذلك بـالصواب، قراءة من
قرأه: ونُـخْرِجُ بـالنون وضمها لَهُ يَوْمَ القـيامَةِ كِتابـا يَـلقاهُ منْشُورا
بفتـح الـياء وتـخفـيف القاف، لأن الـخبر جري قبل ذلك عن الله تعالـى أنه الذي
ألزم خـلقه ما ألزم من ذلك فـالصواب أن يكون الذي يـلـيه خبرا عنه، أنه هو الذي
يخرجه لهم يوم القـيامة، أن يكون بـالنون كما كان الـخبر الذي قبله بـالنون. وأما
قوله: يَـلقاهُ فإنّ فـي إجماع الـحجة من القرّاء علـى تصويب ما اخترنا من القراءة
فـي ذلك، وشذوذ ما خالفه الـحجة الكافـية لنا علـى تقارب معنى القراءتـين: أعنـي
ضمّ الـياء وفتـحها فـي ذلك، وتشديد القاف وتـخفـيفها فـيه فإذا كان الصواب فـي
القراءة هو ما اخترنا بـالذي علـيه دللنا، فتأويـل الكلام: وكلّ إنسان منكم يا
معشر بنـي آدم، ألزمناه نـحسه وسعده، وشقاءه وسعادته، بـما سبق له فـي علـمنا أنه
صائر إلـيه، وعامل من الـخير والشرّ فـي عنقه، فلا يجاوز فـي شيء من أعماله ما
قضينا علـيه أنه عامله، وما كتبنا له أنه صائر إلـيه، ونـحن نـخرج له إذا وافـانا
كتابـا يصادفه منشورا بأعماله التـي عملها فـي الدنـيا، وبطائره الذي كتبنا له،
وألزمناه إياه فـي عنقه، قد أحصى علـيه ربه فـيه كلّ ما سلف فـي الدنـيا. وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16725ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، ونُـخرِجُ لَهُ يَوْمَ
القِـيامَةِ كِتابـا يَـلقاهُ مَنْشُورا قال: هو عمله الذي عمل أحصي علـيه، فأخرج
له يوم القـيامة ما كتب علـيه من العمل يـلقاه منشورا.



16726ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة ونُـخرِجُ لَهُ يَوْمَ القِـيامَةِ كِتابـا يَـلقاهُ مَنْشُورا: أي
عمله.



16727ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن قتادة ألزَمناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ قال: عمله
ونُـخرِجُ لَهُ قال: نـخرج ذلك العمل كِتابـا يَـلقاهُ مَنْشُورا قال معمر: وتلا
الـحسن: عَنِ الـيَـمِينِ وَعَنِ الشّمالِ قَعِيدٌ يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك،
ووكل بك ملَكان كريـمان، أحدهما عن يـمينك، والاَخر عن يسارك. فأما الذي عن يـمينك
فـيحفظ حسناتك. وأما الذي عن شمالك فـيحفظ سيئاتك، فـاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر،
حتـى إذا متّ طُويت صحيفتك، فجعلت فـي عنقك معك فـي قبرك، حتـى تـخرج يوم القـيامة
كتابـا يـلقاه منشورا اقرأ كِتابَكَ كَفَـى بِنَفْسِكَ الـيَوْمَ عَلَـيكَ
حَسِيبـا قد عدل والله علـيك من جعلك حسيب نفسك.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة: طائره: عمله، ونـخرج له بذلك العمل كتابـا يـلقاه منشورا.



وقد كان بعض أهل العربـية يتأوّل قوله وكُلّ
إنْسانٍ ألزَمناهُ طائِرَهُ فِـي عُنُقِهِ: أي حظه، من قولهم: طار سهم فلان بكذا:
إذا خرج سهمه علـى نصيب من الأنصبـاء وذلك وإن كان قولاً له وجه، فإن تأويـل أهل
التأويـل علـى ما قد بـينت، وغير جائز أن يتـجاوز فـي تأويـل القرآن ما قالوه إلـى
غيره، علـى أن ما قاله هذا القائل، إن كان عنى بقوله حظه من العمل والشقاء
والسعادة، فلـم يبعد معنى قوله من معنى قولهم.






الآية : 14


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَىَ
بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً }.



يقول تعالـى ذكره: ونُـخرِجُ لَهُ يَوْمَ
القِـيامَةِ كِتابـا يَـلقاهُ مَنْشُورا فـيقال له: اقرأْ كِتابَكَ كَفَـى
بِنَفسكَ الـيَوْمَ عَلَـيكَ حَسِيبـا فترك ذكر قوله: فنقول له، اكتفـاء بدلالة
الكلام علـيه. وعنى بقوله: اقرأْ كِتابَكَ: اقرأ كتاب عملك الذي عملته فـي
الدنـيا، الذي كان كاتبـانا يكتبـانه، ونـحصيه علـيك كَفَـى بَنَفسِكَ الـيَوْمَ
عَلَـيكَ حَسِيبـا يقول: حسبك الـيوم نفسك علـيك حاسبـا يحسب علـيك أعمالك،
فـيحصيها علـيك، لا نبتغي علـيك شاهدا غيرها، ولا نطلب علـيك مـحصيا سواها.



16728ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة اقرأ كِتابَكَ كَفَـى بِنَفسِكَ الـيَوْمَ عَلَـيكَ حَسِيبـا سيقرأ
يومئذٍ من لـم يكن قارئا فـي الدنـيا.






الآية : 15


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مّنِ اهْتَدَىَ فَإِنّمَا
يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلّ فَإِنّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىَ وَمَا كُنّا مُعَذّبِينَ حَتّىَ نَبْعَثَ رَسُولاً }.



يقول تعالـى ذكره: من استقام علـى طريق الـحقّ
فـاتبعه، وذلك دين الله الذي ابتعث به نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم علـيه
وسلـم فإنّـما يَهتَدي لِنَفسِهِ يقول: فلـيس ينفع بلزومه الاستقامة، وإيـمانه
بـالله ورسوله غير نفسه وَمَنْ ضَلّ يقول: ومن جار عن قصد السبـيـل، فأخذ علـى غير
هدى، وكفر بـالله وبـمـحمد صلى الله عليه وسلم وبـما جاء به من عند الله من
الـحقّ، فلـيس يضرّ بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه، لأنه يوجب لها بذلك غضب الله
وألـيـم عذابه.. وإنـما عنى بقوله فإنّـمَا يَضِلّ عَلَـيها فإنـما يكسب إثم ضلاله
علـيها لا علـى غيرها. وقوله: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى يعنـي تعالـى
ذكره: ولا تـحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الاَثام. وقال: وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
لأن معناها: ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى. يقال منه: وزرت كذا أزره وزرا،
والوزر: هو الإثم، يجمع أوزارا، كما قال تعالـى: وَلَكِنّا حُمّلْنا أوْزَارا مِنْ
زِينَةِ القَوْمِ وكأن معنى الكلام: ولا تأثم آثمة إثم أخرى، ولكن علـى كل نفس
إثمها دون إثم غيرها من الأنفس، كما:



16729ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرَى: والله ما يحمل الله علـى عبد
ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.



وقوله: وَما كُنّا مَعَذّبِـينَ حتـى نَبْعَثَ
رَسُولاً يقول تعالـى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إلـيهم بـالرسل،
وإقامة الـحجة علـيهم بـالاَيات التـي تقطع عذرهم. كما:



16730ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَما كُنّا مُعَذّبِـينَ حتـى نَبَعَثَ رَسُولاً: إن الله
تبـارك وتعالـى لـيس يعذب أحدا حتـى يسبق إلـيه من الله خبرا، أو يأتـيه من الله
بـيّنة، ولـيس معذّبـا أحدا إلا بذنبه.



16731ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن أبـي هريرة، قال: إذا كان يوم القـيامة، جمع
الله تبـارك وتعالـى نسم الذين ماتوا فـي الفترة والـمعتوه والأصمّ والأبكم،
والشيوخ الذين جاء الإسلام وقد خرفوا، ثم أرسل رسولاً، أن ادخـلوا النار،
فـيقولون: كيف ولـم يأتنا رسول، وايـم الله لو دخـلوها لكانت علـيهم بردا وسلاما،
ثم يرسل إلـيهم، فـيطيعه من كان يريد أن يطيعه قبل قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتـم
وَما كُنا مُعَذّبِـينَ حتـى نَبعَثَ رَسُولاً.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا
أبو سفـيان، عن معمر، عن همام، عن أبـي هريرة نـحوه.






الآية : 16


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن
نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقّ عَلَيْهَا
الْقَوْلُ فَدَمّرْنَاهَا تَدْمِيراً }.



اختلف القرّاء فـي قراءة قوله أمَرْنا
مُتْرَفِـيها فقرأت ذلك عامة قرّاء الـحجاز والعراق أمَرْنا بقصر الألف وغير مدها
وتـخفـيف الـميـم وفتـحها. وإذا قرىء ذلك كذلك، فإن الأغلب من تأويـله: أمرنا
مترفـيها بـالطاعة، ففسقوا فـيها بـمعصيتهم الله، وخلافهم أمره، كذلك تأوّله كثـير
مـمن قرأه كذلك. ذكر من قال ذلك:



16732ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس أمَرْنا مُتْرَفـيها قال: بطاعة الله،
فعصوا.



16733ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا شريك، عن سلـمة أو غيره، عن سعيد بن جبـير، قال: أمرنا بـالطاعة فعصوا.



وقد يحتـمل أيضا إذا قرىء كذلك أن يكون معناه:
جعلناهم أمراء ففسقوا فـيها، لأن العرب تقول: هو أمير غير مأمور. وقد كان بعض أهل
العلـم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: قد يتوجّه معناه إذا قرىء كذلك إلـى معنى
أكثرنا مترفـيها، ويحتـجّ لتصحيحه ذلك بـالـخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال: «خَيْرُ الـمَالِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أوْ سِكّةٌ مَأْبُورَةٌ»
ويقول: إن معنى قوله: مأمورة: كثـيرة النسل. وكان بعض أهل العلـم بكلام العرب من
الكوفـيـين ينكر ذلك من قـيـله، ولا يجيزنا أمرنا، بـمعنى أكثرنا إلا بـمدّ الألف
من أمرنا. ويقول فـي قوله «مهرة مأمورة»: إنـما قـيـل ذلك علـى الاتبـاع لـمـجيء
مأبورة بعدها، كما قـيـل: «ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غيرَ مَأْجُورَات» فهمز مأزورات
لهمز مأجورات، وهي من وزرت إتبـاعا لبعض الكلام بعضا. وقرأ ذلك أبو عثمان
«أمّرْنا» بتشديد الـميـم، بـمعنى الإمارة.



16734ـ حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم،
قال: حدثنا هشيـم عن عوف، عن أبـي عثمان النهدي أنه قرأ: «أمّرْنا» مشدّدة من
الإمارة.



وقد تأوّل هذا الكلام علـى هذا التأويـل، جماعة
من أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16735ـ حدثنا علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: «أمّرْنا مُترَفِـيها»
يقول: سلطنا أشرارها فعصوا فـيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بـالعذاب، وهو قوله:
وكذلكَ جَعَلنا فِـي كُلّ قَرْيَةٍ أكابِرَ مُـجْرِمِيها لِـيَـمْكُرُوا فِـيها.



16736ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا القاسم، قال:
سمعت الكسائي يحدّث عن أبـي جعفر الرازي، عن الربـيع بن أنس، أنه قرأها: «أمّرْنا»
وقال: سلّطنا.



16737ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن أبـي حفص، عن الربـيع، عن أبـي العالـية، قال: «أمّرْنا» مثقلة:
جعلنا علـيها مترفـيها: مستكبريها.



16738ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، وحدثنـي الـحرث قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله تبـارك وتعالـى: «أمّرْنا
مُترَفِـيها» قال: بعثنا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وذكر عن الـحسن البصري أنه قرأ ذلك: «آمَرْنا»
بـمدّ الألف من أمرنا، بـمعنى: أكثرنا فسقتها. وقد وجّه تأويـل هذا الـحرف إلـى
هذا التأويـل جماعة من أهل التأويـل، إلا أن الذين حدّثونا لـم يـميزوا لنا اختلاف
القراءات فـي ذلك، وكيف قرأ ذلك الـمتأوّلون، إلا القلـيـل منهم. ذكر من تأوّل ذلك
كذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:29 pm

16739ـ حدثنـي مـحمد بن
سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس،
قوله: «وَإذَا أرَدْنا أنْ نُهِلكَ قَرْيَةً آمَرْنا مُترَفِـيها فَفَسَقُوا
فِـيها» يقول: أكثرنا عددهم.



16740ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن
سماك، عن عكرمة قوله: «آمَرْنا مُتْرَفِـيها» قال: أكثرناهم.



16741ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا
ابن علـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، فـي قوله أمَرْنا مُتْرَفِـيها قال:
أكثرناهم.



16742ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ،
يقول: أخبرنا عبد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله أمَرْنا
مُتْرَفـيها يقول: أكثرنا مترفـيها: أي كبراءها.



16743ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: «وَإذَا أرَدْنا أنْ نُهْلكَ قَرْيَةً آمَرْنا مُتْرَفِـيها
فَفَسَقُوا فِـيها، فَحَقّ عَلَـيْها القَوْلُ» يقول: أكثرنا مترفـيها: أي
جبـابرتها، ففسقوا فـيها وعملوا بـمعصية الله فَدَمّرْناها تَدْميرا. وكان يقول:
إذا أراد الله بقوم صلاحا، بعث علـيهم مصلـحا. وإذا أراد بهم فسادا بعث علـيهم
مفسدا، وإذا أراد أن يهلكها أكثر مترفـيها.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة آمَرْنا مُتْرَفِـيها قال: أكثرناهم.



16744ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، قال: دخـل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما
علـى زينب وهو يقول: «لا إلَهَ إلاّ اللّهُ وَيْـلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرَ قَدِ
اقْتَرَبَ فُتِـحَ الـيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمأْجُوجَ مِثُلُ هَذَا» وحلق
بـين إبهامه والتـي تلـيها، قالت: يا رسول الله أنهلك وفـينا الصالـحون؟ قال:
«نَعَمْ إذَا كَثُرَ الـخَبَثُ».



16745ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد فـي قوله: وَإذَا أرَدْنا أنْ نُهْلكَ قَرْيَةٍ أمَرْنا مُتْرَفِـيها
فَفَسَقُوا فِـيها قال: ذكر بعض أهل العلـم أن أمرنا: أكثرنا. قال: والعرب تقول
للشيء الكثـير أمِرَ لكثرته. فأما إذا وصف القوم بأنهم كثروا، فإنه يقال: أمر بنو
فلان، وأمر القوم يأمرون أمرا، وذلك إذا كثروا وعظم أمرهم، كما قال لبـيد.



إنْ يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وَإنْ أَمَرُوايَوْما
يَصِيرُوا للقُلّ والنّفَدِ



والأمر الـمصدر، والاسم الإمر، كما قال الله
جلّ ثناؤه لَقَدْ جِئْتَ شَيْئا إمْرا قال: عظيـما، وحكي فـي مثل شرّ إمْر: أي
كثـير.



وأولـى القراءات فـي ذلك عندي بـالصواب قراءة
من قرأ أمَرْنا مُتْرَفِـيها بقصر الألف من أمرنا وتـخفـيف الـميـم منها، لإجماع
الـحجة من القرّاء علـى تصويبها دون غيرها. وإذا كان ذلك هو الأولـى بـالصواب
بـالقراءة، فأولـى التأويلات به تأويـل من تأوّله: أمرنا أهلها بـالطاعة فعصوا
وفسقوا فـيها، فحقّ علـيهم القول: لأن الأغلب من معنى أمرنا: الأمر، الذي هو خلاف
النهي دون غيره، وتوجيه معانـي كلام الله جلّ ثناؤه إلـى الأشهر الأعرف من
معانـيه، أولـى ما وجد إلـيه سبـيـل من غيره.



ومعنى قوله: فَفَسَقُوا فِـيهَا: فخالفوا أمر
الله فـيها، وخرجوا عن طاعته فَحَقّ عَلَـيْها القَوْلُ يقول: فوجب علـيهم
بـمعصيتهم الله وفسوقهم فـيها، وعيد لله الذي أوعد من كفر به، وخالف رسله، من
الهلاك بعد الإعذار والإنذار بـالرسل والـحجج فَدَمّرْناها تَدْميرا يقول:
فخرّبناها عند ذلك تـخريبـا، وأهلكنا من كان فـيها من أهلها إهلاكا، كما قال
الفرزدق:



وكانَ لَهُمْ كَبكْرِ ثَمُودَ لَـمّارَغا ظُهْرا
فَدَمّرَهُمْ دَمارا






الآية : 17


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ
الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىَ بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً
بَصِيراً }.



وهذا وعيد من الله تعالـى ذكره مكذّبـي رسوله
مـحمد صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش، وتهديدهم لهم بـالعقاب، وإعلام منه لهم،
أنهم إن لـم ينتهوا عما هم علـيه مقـيـمون من تكذيبهم رسوله علـيه الصلاة والسلام
أنه مـحلّ بهم سخطه، ومنزل بهم من عقابه ما أنزل بـمن قبلهم من الأمـم الذين سلكوا
فـي الكفر بـالله، وتكذيب رسله سبـيـلهم. يقول الله تعالـى ذكره: وقد أهلكنا أيها
القوم من قبلكم من بعد نوح إلـى زمانكم قرونا كثـيرة كانوا من جحود آيات الله
والكفر به، وتكذيب رسله، علـى مثل الذي أنتـم علـيه، ولستـم بأكرم علـى الله
تعالـى منهم، لأنه لا مناسبة بـين أحد وبـين الله جلّ ثناؤه، فـيعذّب قوما بـما لا
يعذّب به آخرين، أو يعفو عن ذنوب ناس فـيعاقب علـيها آخرين يقول جلّ ثناؤه:
فأنـيبوا إلـى طاعة الله ربكم، فقد بعثنا إلـيكم رسولاً ينبهكم علـى حججنا علـيكم،
ويوقظكم من غفلتكم، ولـم نكن لنعذّب قوما حتـى نبعث إلـيهم رسولاً منبها لهم علـى
حجج الله، وأنتـم علـى فسوقكم مقـيـمون، وكفـى بربك يا مـحمد بذنوب عبـاده خبـيرا
يقول: وحسبك يا مـحمد بـالله خابرا بذنوبن خـلقه عالـما، فإنه لا يخفـى علـيه شيء
من أفعال مشركي قومك هؤلاء، ولا أفعال غيرهم من خـلقه، هو بجميع ذلك عالـم خابر
بصير، يقول: يبصر ذلك كله فلا يغيب عنه منه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة فـي
الأرض ولا فـي السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. وقد اختلف فـي مبلغ مدّة القرن:



16746ـ فحدثنا مـجاهد بن موسى، قال: حدثنا
يزيد، قال: حدثنا حماد بن سلـمة، عن أبـي مـحمد بن عبد الله بن أبـي أوفـى، قال:
القرن: عشرون ومئة سنة، فبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي أوّل قرن كان،
وآخرهم يزيد بن معاوية.



وقال آخرون: بل هو مئة سنة. ذكر من قال ذلك:


16747ـ حدثنا حسان بن مـحمد بن عبد الرحمن
الـحمصي أبو الصلت الطائي، قال: حدثنا سلامة بن حواس، عن مـحمد بن القاسم، عن عبد
الله بن بسر الـمازنـي، قال: وضع النبـيّ صلى الله عليه وسلم يده علـى رأسه وقال:
«سَيَعِيشُ هذَا الغُلام قَرْنا» قلت: كم القرن؟ قال: «مِئَةُ سَنَةٍ».



16748ـ
حدثنا حسان بن مـحمد، قال: حدثنا سلامة بن حواس، عن مـحمد بن القاسم، قال: ما زلنا
نعدّ له حتـى تـمّت مئة سنة ثم مات، قال أبو الصلت: أخبرنـي سلامة أن مـحمد بن
القاسم هذا كان ختن عبد الله بن بسر. وقال آخرون فـي ذلك بـما:



16749ـ حدثنا إسماعيـل بن موسى الفزاري، قال:
أخبرنا عمر بن شاكر، عن ابن سيرين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«القَرْنُ أرْبَعُونَ سَنَةً».



وقوله: وكَفَـى بِرَبّكَ أدخـلت البـاء فـي
قوله: بِرَبّكَ وهو فـي مـحلّ رفع، لأن معنى الكلام: وكفـاك ربك، وحسبك ربك بذنوب
عبـاده خبـيرا، دلالة علـى الـمدح وكذلك تفعل العرب فـي كلّ كلام كان بـمعنى
الـمدح أو الذمّ، تدخـل فـي الاسم البـاء والاسم الـمدخـلة علـيه البـاء فـي موضع
رفع لتدلّ بدخولها علـى الـمدح أو الذمّ كقولهم: أكرم به رجلاً، وناهيك به رجلاً،
وجاد بثوبك ثوبـا، وطاب بطعامكم طعاما، وما أشبه ذلك من الكلام، ولو أسقطت البـاء
مـما دخـلت فـيه من هذه الأسماء رفعت، لأنها فـي مـحلّ رفع، كما قال الشاعر:



ويُخْبِرنُـي عَنْ غائبِ الـمَرْءِ هَدْيُه ُكَفَـى الهَدْىُ عَمّا غَيّبَ الـمَرْءُ
مُخْبرا



فأما إذا لـم يكن فـي الكلام مدح أو ذمّ فلا
يدخـلون فـي الاسم البـاء لا يجوز أن يقال: قام بأخيك، وأنت تريد: قام أخوك، إلا
أن تريد: قام رجل آخر به، وذلك معنى غير الـمعنى الأوّل.



الآية : 18


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {مّن كَانَ يُرِيدُ
الْعَاجِلَةَ عَجّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نّرِيدُ ثُمّ جَعَلْنَا
لَهُ جَهَنّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مّدْحُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: من كان طلبه الدنـيا
العاجلة ولها يعمل ويسعى، وإياها يبتغي، لا يوقن بـمعاد، ولا يرجو ثوابـا ولا
عقابـا من ربه علـى عمله عَجّلْنا لَهُ فِـيها ما نَشاءُ لِـمَنْ نُرِيدُ يقول: يعجل
الله له فـي الدنـيا ما يشاء من بسط الدنـيا علـيه، أو تقتـيرها لـمن أراد الله أن
يفعل ذلك به، أو إهلاكه بـما يشاء من عقوبـاته. ثُمّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنّـمَ
يَصْلاها يقول: ثم أصلـيناه عند مقدمه علـينا فـي الاَخرة جهنـم، مَذْمُوما علـى
قلة شكره إيانا، وسوء صنـيعه فـيـما سلف من أيادينا عنده فـي الدنـيا مَدْحُورا
يقول: مبعدا: مقصى فـي النار. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من
قال ذلك:



16750ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ العاجِلَةَ عَجّلْنا لَهُ فِـيها ما
نَشاءُ لِـمَنْ نُرِيدُ يقول: من كانت الدنـيا همّه وسَدَمَه وطلبته ونـيته، عجّل
الله له فـيها ما يشاء، ثم اضطّره إلـى جهنـم. قال: ثمّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنّـمَ
يَصْلاَهَا مَذْمُوما مَدْحُورا مذموما فـي نعمة الله مدحورا فـي نقمة الله.



16751ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي أبو طيبة شيخ من أهل الـمصيصة، أنه سمع أبـا إسحاق الفزاري يقول: عَجّلْنا
لَهُ فِـيها ما نَشاءُ لِـمَنْ نُرِيدُ قال: لـمن نريد هلكته.



16752ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد
الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله مَذْمُوما يقول: ملوما.



16753ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجّلْنا لَهُ فِـيها ما
نَشاءُ لِـمَنْ نُرِيدُ قال: العاجلة: الدنـيا.



الآية : 19


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَمَنْ أَرَادَ الاَخِرَةَ
وَسَعَىَ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مّشْكُوراً
}.



يقول تعالـى ذكره: من أراد الاَخرة وإياها
طلب، ولها عمل عملها، الذي هو طاعة الله وما يرضيه عنه. وأضاف السعي إلـى الهاء
والألف، وهي كناية عن الاَخرة، فقال: وسعى للاَخرة سعى الاَخرة، ومعناه: وعمل لها
عملها لـمعرفة السامعين بـمعنى ذلك، وأن معناه: وسعى لها سعيه لها وهو مؤمن، يقول:
هو مؤمن مصدّق بثواب الله، وعظيـم جزائه علـى سعيه لها، غير مكذّب به تكذيب من
أراد العاجلة، يقول الله جلّ ثناؤه: فَأوُلئِكَ يعنـي: فمن فعل ذلك كانَ
سَعْيُهُمْ يعنـي عملهم بطاعة الله مَشْكُورا وشكر الله إياهم علـى سعيهم ذلك حسن
جزائه لهم علـى أعمالهم الصالـحة، وتـجاوزه لهم عن سيئها برحمته. كما:



16754ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَمَنْ أرَادَ الاَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَها وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورا شكر الله لهم حسناتهم، وتـجاوز عن
سيئاتهم.



الآية : 20


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {انظُرْ كَيْفَ فَضّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَلَلاَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
}.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: انظر يا مـحمد بعين قلبك إلـى هذين الفريقـين اللذين هم أحدهما الدار
العاجلة، وإياها يطلب، ولها يعمل والاَخر الذي يريد الدار الاَخرة، ولها يسعى
موقنا بثواب الله علـى سعيه، كيف فضّلنا أحد الفريقـين علـى الاَخر، بأن بصرّنا
هذا رشده، وهديناه للسبـيـل التـي هي أقوم، ويسرناه للذي هو أهدى وأرشد، وخذلنا
هذا الاَخر، فأضللناه عن طريق الـحقّ، وأغشينا بصره عن سبـيـل الرشد وَللاَخِرَةُ
أكْبَرُ دَرَجاتٍ يقول: وفريق مريد الاَخرة أكبر فـي الدار الاَخرة درجات بعضهم
علـى بعض لتفـاوت منازلهم بأعمالهم فـي الـجنة وأكبر تفضيلاً بتفضيـل الله بعضهم
علـى بعض من هؤلاء الفريق الاَخرين فـي الدنـيا فـيـما بسطنا لهم فـيها. وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16759ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله انْظُرْ كَيْفَ فَضّلْنا بَعْضَهُمْ عَلـى بَعضٍ: أي فـي
الدنـيا وَللاَخِرَةُ أكْبَرُ دَرَجاتٍ وأكْبَرُ تَفْصِيلاً وإن للـمؤمنـين فـي
الـجنة منازل، وإن لهم فضائل بأعمالهم. وذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم
قال: «إنّ بـينَ أعْلَـى أهْلِ الـجَنّةِ وأسْفَلِهِمْ دَرَجَةً كالنّـجْمِ يُرَى
فِـي مَشارِقِ الأرْضِ ومَغَارِبها».



الآية : 21


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {انظُرْ كَيْفَ فَضّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ وَلَلاَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
}.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: انظر يا مـحمد بعين قلبك إلـى هذين الفريقـين اللذين هم أحدهما الدار
العاجلة، وإياها يطلب، ولها يعمل والاَخر الذي يريد الدار الاَخرة، ولها يسعى
موقنا بثواب الله علـى سعيه، كيف فضّلنا أحد الفريقـين علـى الاَخر، بأن بصرّنا
هذا رشده، وهديناه للسبـيـل التـي هي أقوم، ويسرناه للذي هو أهدى وأرشد، وخذلنا
هذا الاَخر، فأضللناه عن طريق الـحقّ، وأغشينا بصره عن سبـيـل الرشد وَللاَخِرَةُ
أكْبَرُ دَرَجاتٍ يقول: وفريق مريد الاَخرة أكبر فـي الدار الاَخرة درجات بعضهم
علـى بعض لتفـاوت منازلهم بأعمالهم فـي الـجنة وأكبر تفضيلاً بتفضيـل الله بعضهم
علـى بعض من هؤلاء الفريق الاَخرين فـي الدنـيا فـيـما بسطنا لهم فـيها. وبنـحو
الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:31 pm

16759ـ حدثنا بشر، قال:
حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله انْظُرْ كَيْفَ فَضّلْنا بَعْضَهُمْ
عَلـى بَعضٍ: أي فـي الدنـيا وَللاَخِرَةُ أكْبَرُ دَرَجاتٍ وأكْبَرُ تَفْصِيلاً
وإن للـمؤمنـين فـي الـجنة منازل، وإن لهم فضائل بأعمالهم. وذكر لنا أن نبـيّ الله
صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ بـينَ أعْلَـى أهْلِ الـجَنّةِ وأسْفَلِهِمْ
دَرَجَةً كالنّـجْمِ يُرَى فِـي مَشارِقِ الأرْضِ ومَغَارِبها».



الآية : 22


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {لاّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ
إِلَـَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مّخْذُولاً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: لا تـجعل يا مـحمد مع الله شريكا فـي ألوهته وعبـادته، ولكن أخـلص له
العبـادة، وأفرد له الألوهة، فإنه لا إله غيره، فإنك إن تـجعل معه إلها غيره،
وتعبد معه سواه، تقعد مذموما يقول: تصير ملوما علـى ما ضيعت من شكر الله علـى ما
أنعم به علـيك من نعمه، وتصيـيرك الشكر لغير من أولاك الـمعروف، وفـي إشراكك فـي
الـحمد من لـم يشركه فـي النعمة علـيك غيره، مخذولاً قد أسلـمك ربك لـمن بغاك
سوءا، وإذا أسلـمك ربك الذي هو ناصر أولـيائه لـم يكن لك من دونه ولـيّ ينصرك
ويدفع عنك. كما:



16760ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله لا تَـجْعَلْ مَعَ اللّهِ إلَها آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوما
مَخْذُولاً يقول: مذموما فـي نعمة الله. وهذا الكلام وإن كان خرج علـى وجه الـخطاب
النبـيّ لله صلى الله عليه وسلم، فهو معنـيّ به جميع من لزمه التكلـيف من عبـاد
الله جلّ وعزّ.



الآية : 23


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَقَضَىَ رَبّكَ أَلاّ
تَعْبُدُوَاْ إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمّا يَبْلُغَنّ
عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لّهُمَآ أُفّ وَلاَ
تَنْهَرْهُمَا وَقُل لّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }.



يعنـي بذلك تعالـى ذكره حكم ربك يا مـحمد
بأمره إياكم ألا تعبدوا إلا الله، فإنه لا ينبغي أن يعبد غيره.



وقد اختلفت ألفـاظ أهل التأويـل فـي تأويـل
قوله وَقَضَى رَبّكَ وإن كان معنى جميعهم فـي ذلك واحدا. ذكر ما قالوا فـي ذلك:



16761ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد
الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس وَقَضَى رَبّكَ ألاّ
تَعْبُدُوا إلاّ إيّاه يقول: أمر.



16762ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الـحكم بن
بشير، قال: حدثنا زكريا بن سلام، قال: جاء رجل إلـى الـحسن، فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا،
فقال: إنك عصيتَ ربك، وبـانت منك امرأتك، فقال الرجل: قضى الله ذلك علـيّ، قال
الـحسن، وكان فصيحا: ما قضى الله: أي ما أمر الله، وقرأ هذه الاَية وَقَضَى رَبّكَ
ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ فقال الناس: تكلـم الـحسن فـي القدر.



16763ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ: أي أمر ربك فـي
ألا تعبدوا إلا إياه، فهذا قضاء الله العاجل، وكان يُقال فـي بعض الـحكمة: من أرضى
والديه: أرض خالقه، ومن أسخط والديه، فقد أسخط ربه.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة وَوَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدوا إلاّ إيّاهُ قال: أمر ألا
تعبدوا إلا إياه، وفـي حرف ابن مسعود: «وَصّى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ
إيّاهُ».



16764ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيى بن
عيسى، قال: حدثنا نصير بن أبـي الأشعث، قال: ثنـي ابن حبـيب بن أبـي ثابت، عن
أبـيه، قال: أعطانـي ابن عبـاس مصحفـا، فقال: هذا علـى قراءة أبـيّ بن كعب، قال
أبو كريب: قال يحيى: رأيت الـمصحف عند نصير فـيه: «وَوَصّى رَبّكَ» يعنـي: وقضى
ربك.



16765ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ
قال: وأوصى ربك.



16766ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ قال: أمر ألا
تعبدوا إلا إياه.



16767ـ حدثنـي الـحرث، قال: حدثنا القاسم، قال:
حدثنا هشيـم، عن أبـي إسحاق الكوفـي، عن الضحاك بن مزاحم، أنه قرأها: «وَوَصّى
رَبّكَ» وقال: إنهم ألصقوا الواو بـالصاد فصارت قافـا.



وقوله: وَبـالوَالِدَيْنِ إحْسانا يقول: وأمركم
بـالوالدين إحسانا أن تـحسنوا إلـيهما وتبرّوهما. ومعنى الكلام: وأمركم أن تـحسنوا
إلـى الوالدين فلـما حذفت «أن» تعلق القضاء بـالإحسان، كما يقال فـي الكلام: آمرك
به خيرا، وأوصيك به خيرا، بـمعنى: آمرك أن تفعل به خيرا، ثم تـحذف «أن» فـيتعلق
الأمر والوصية بـالـخير، كما قال الشاعر:



عَجِبْتُ مِنْ دَهْماءَ إذْ تَشْكُوناومِنْ أبـي
دَهْماءَ إذْ يُوصِينا خَيْرا بها كأننا جافُونا



وعمل يوصينا فـي الـخير.


واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله إمّا
يَبْلُغَنّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل
الـمدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفـيـين: إمّا يَبْلُغَنّ علـى التوحيد علـى
توجيه ذلك إلـى أحدهما لأن أحدهما واحد، فوحدوا يَبْلُغَنّ لتوحيده، وجعلوا قوله
أوْ كِلاهُما معطوفـا علـى الأحد. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفـيـين: «إما
يَبْلُغانّ» علـى التثنـية وكسر النون وتشديدها، وقالوا: قد ذكر الوالدان قبل،
وقوله: «يَبْلُغانّ» خبر عنهما بعد ما قدّم أسماءهما. قالوا: والفعل إذا جاء بعد
الاسم كان الكلام أن يكون فـيه دلـيـل علـى أنه خبر عن اثنـين أو جماعة. قالوا:
والدلـيـل علـى أنه خبر عن اثنـين فـي الفعل الـمستقبل الألف والنون. قالوا: وقوله
أحَدُهُما أوْ كِلاهُما كلام مستأنف، كما قـيـل: فَعَمُوا وَصَمّوا ثم تَاب اللّهُ
عَلَـيْهِمْ، ثم عَمُوا وَصَمّوا كَثِـيرٌ منهُمْ وكقوله وأسَرّوا النّـجْوَى ثم
ابتدأ فقال الّذِينَ ظَلَـمُوا.



وأولـى القراءتـين بـالصواب عندي فـي ذلك،
قراءة من قرأه إما يَبْلُغَنّ علـى التوحيد علـى أنه خبر عن أحدهما، لأن الـخبر عن
الأمر بـالإحسان فـي الوالدين، قد تناهى عند قوله وَبـالوَالِدَيْنِ إحْسانا ثم
ابتدأ قوله إمّا يَبْلُغَنّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أوْ كِلاهُما.



وقوله: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفَ يقول: فلا تؤفف
من شيء تراه من أحدهما أو منهما مـما يتأذّى به الناس، ولكن اصبر علـى ذلك منهما،
واحتسب فـي الأجر صبرك علـيه منهما، كما صبرا علـيك فـي صغرك. وبنـحو الذي قلنا
فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16768ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا مـحمد
بن مـحبب، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، فـي قوله: فَلا تَقُلْ لَهُما
أُفّ وَلا تَنْهَرْهُما قال: إن بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويخرآن، فلا تقل
لهما أفّ تقذّرهما.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: إما يَبْلُغانّ عِندك الكبر فلا تَقُل لهما أف حين
ترى الأذى، وتـميط عنهما الـخلاء والبول، كما كانا يـميطانه عنك صغيرا، ولا
تؤذهما.



وقد اختلف أهل الـمعرفة بكلام العرب فـي معنى
«أفّ»، فقال بعضهم: معناه: كلّ ما غلظ من الكلام وقبُح. وقال آخرون: الأفّ: وسخ
الأظفـار والتف كلّ ما رفعت بـيدك من الأرض من شيء حقـير. وللعرب فـي «أُفّ» لغات
ستّ رفعها بـالتنوين وغير التنوين وخفضها كذلك ونصبها فمن خفض ذلك بـالتنوين، وهي
قراءة عامة أهل الـمدينة. شبهها بـالأصوات التـي لا معنى لها، كقولهم فـي حكاية
الصوت غاق غاق، فخفضوا القاف ونوّنوها، وكان حكمها السكون، فإنه لا شيء يعربها من
أجل مـجيئها بعد حرف ساكن وهو الألف، فكرهوا أن يجمعوا بـين ساكنـين، فحرّكوا إلـى
أقرب الـحركات من السكون، وذلك الكسر، لأن الـمـجزوم إذا حرّك، فإنـما يحرّك إلـى
الكسر. وأما الذين خفضوا بغير تنوين، وهي قراءة عامة قرّاء الكوفـيـين والبصريـين،
فإنهم قالوا: إنـما يدخـلون التنوين فـيـما جاء من الأصوات ناقصا، كالذي يأتـي
علـى حرفـين مثل: مَه وصَه وبَخ، فـيتـمـم بـالتنوين لنقصانه عن أبنـيه الأسماء.
قالوا: وأفّ تامّ لا حاجة بنا إلـى تتـمته بغيره، لأنه قد جاء علـى ثلاثة أحرف.
قالوا: وإنـما كسرنا الفـاء الثانـية لئلا نـجمع بـين ساكنـين. وأما من ضمّ ونوّن،
فإنه قال: هو اسم كسائر الأسماء التـي تُعرب ولـيس بصوت، وعدل به عن الأصوات. وأما
من ضمّ ذلك بغير تنوين، فإنه قال: لـيس هو بـاسم متـمكن فـيُعرب بإعراب الأسماء
الـمتـمكنة، وقالوا: نضمه كما نضمّ قوله لِلّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ
بَعْدُ، وكما نضمّ الاسم فـي النداء الـمفرد، فنقول: يا زيد. ومن نصبه بغير تنوين،
وهو قراءة بعض الـمكيـين وأهل الشام فإنه شبهه بقولهم: مدّ يا هذا وردّ. ومن نصب
بـالتنوين، فإنه أعمل الفعل فـيه، وجعله اسما صحيحا، فـيقول: ما قلت له: أفـا ولا
تفـا. وكان بعض نـحويـي البصرة يقول: قُرِئت: أفّ، وأفـا لغة جعلوها مثل نعتها.
وقرأ بعضهم «أُفّ»، وذلك أن بعض العرب يقول: «أفّ لك» علـى الـحكاية: أي لا تقل
لهما هذا القول. قال: والرفع قبـيح، لأنه لـم يجيء بعده بلام، والذين قالوا:
«أُفّ» فكسروا كثـير، وهو أجود. وكسر بعضهم ونوّن. وقال بعضهم: «أُفّـي»، كأنه
أضاف هذا القول إلـى نفسه، فقال: أُفّـي هذا لكما، والـمكسور من هذا منوّن وغير
منوّن علـى أنه اسم غير متـمكن، نـحو أمس وما أشبهه، والـمفتوح بغير تنوين كذلك.
وقال بعض أهل العربـية: كل هذه الـحركات الستّ تدخـل فـي «أفّ» حكاية تشبه بـالاسم
مرّة وبـالصوت أخرى. قال: وأكثر ما تُكسر الأصوات بـالتنوين إذا كانت علـى حرفـين
مثل صه ومه وبخ. وإذا كانت علـى ثلاثة أحرف شبهت بـالأدوات «أفّ» مثل: لـيت ومَدّ،
وأُفّ مثل مُدّ يُشبه بـالأدوات. وإذا قال أَفّ مثل صَهّ. وقالوا سمعت مِضّ يا هذا
ومِضّ. وحُكي عن الكسائي أنه قال: سمعت «ما علـمك أهلك إلا مِضّ ومِضّ»، وهذا كأفّ
وأفّ. ومن قال: «أُفّـا» جعله مثل سُحْقا وبُعدا.



والذي هو أولـى بـالصحة عندي فـي قراءة ذلك،
قراءة من قرأه: «فلا تَقُلْ لَهُما أُفّ» بكسر الفـاء بغير تنوين لعلّتـين
إحداهما: أنها أشهر اللغات فـيها وأفصحها عند العرب والثانـية: أن حظّ كلّ ما لـم
يكن له معرَب من الكلام السكون فلـما كان ذلك كذلك. وكانت الفـاء فـي أفّ حظها
الوقوف، ثم لـم يكن إلـى ذلك سبـيـل لاجتـماع الساكنـين فـيه، وكان حكم الساكن إذا
حُرّك أن يحرّك إلـى الكسر حرّكت إلـى الكسر، كما قـيـل: مُدّ وشُدّ ورُدّ البـاب.



وقوله: وَلا تَنْهَرْهُما يقول جلّ ثناؤه: ولا
تزجُرهما. كما:



16769ـ حدثنا مـحمد بن إسماعيـل الأحمَسي، قال:
حدثنا مـحمد بن عبـيد، قال: حدثنا واصل الرّقاشَيّ، عن عطاء ابن أبـي رَبـاح، فـي
قوله: وَلا تَقُلْ لَهُما أُفَ وَلا تَنْهَرْهُما قال: لا تنفض يدك علـى والديك.
يقال منه: نَهرَه يَنهره نَهْرا، وانتهره ينتهره انتهارا.



وأما قوله: وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيـما
فإنه يقول جلّ ثناؤه: وقل لهما قولاً جميلاً حسنا. كما:



16770ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيـما قال: أحسن ما تـجد من
القول.



16771ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا الـمتعمر بن سلـيـمان، عن عبد الله بن الـمختار، عن هشام بن عروة، عن أبـيه،
عن عمر بن الـخطاب قَوْلاً كَرِيـما قالا: لا تـمتنع من شيء يريدانه.



قال أبو جعفر: وهذا الـحديث خطأ، أعنـي حديث
هشام بن عُروة، إنـما هو عن هشام بن عروة، عن أبـيه، لـيس فـيه عمر، حدّث عن ابن
عُلـية وغيره، عن عبد الله بن الـمختار.



16772ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد،
قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيـما: أي قولاً لـيّنا
سهلاً.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.



16773ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
ثنـي حَرْملة بن عمران، عن أبـي الهَدّاج التّـجِيبـي، قال: قلت لسعيد بن الـمسيب:
كلّ ما ذكر الله عزّ وجلّ فـي القرآن من برّ الوالدين، فقد عرفته، إلاّ قوله
وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيـما ما هذا القول الكريـم؟ فقال ابن الـمسيب: قول
العبد الـمذنب للسيد الفظّ.



الآية : 24


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُل رّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيراً }.



يقول تعالـى ذكره: وكن لهما ذلـيلاً رحمة منك
بهما تطيعهما فـيـما أمراك به مـما لـم يكن لله معصية، ولا تـخـلفهما فـيـما
أحبّـا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16774ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان، عن هشام بن عروة، عن أبـيه، فـي قوله وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ
الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ قال: لا تـمتنع من شيء يُحبـانه.



حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، قال:
سمعت هشام بن عروة، عن أبـيه، فـي قوله وَاخْفِض لَهُما جنَاحَ الذّلّ مِنَ
الرّحْمَةِ قال: هو أن تلـين لهما حتـى لا تـمتنع من شيء أحبّـاه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:32 pm

حدثنـي مـحمد بن عبد
الله بن عبد الـحكم، قال: حدثنا أيوب بن سويد، قال: حدثنا الثوري، عن هشام بن
عروة، عن أبـيه، فـي قوله وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ قال: لا
تـمتنع من شيء أحبـاه.



حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن عُلَـية، عن عبد
الله بن الـمختار، عن هشام بن عروة، عن أبـيه، فـي قوله وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ
الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ قال: هو أن لا تـمتنع من شيء يريدانه.



16775ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الـمقرىء
أبو عبد الرحمن، عن حرملة بن عمران، عن أبـي الهداج، قال: قلت لسعيد بن الـمسيب:
ما قوله وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ قال: ألـم تر إلـى قول
العبد الـمذنب للسيد الفظّ الغلـيظ.



والذّلّ بضم الذال والذّلّة مصدران من
الذلـيـل، وذلك أن يتذلل، ولـيس بذلـيـل فـي الـخـلقة من قول القائل: قد ذَلَلت لك
أذلّ ذلة وذلاً، وذلك نظير القلّ والقلة، إذا أسقطت الهاء ضمت الذال من الذّلّ،
والقاف من القُلّ، وإذا أثبتت الهاء كُسِرت الذال من الذّلة، والقاف من القِلّة،
لـما قال الأعشى:



(وَمَا كُنْتُ قُلاّ
قبلَ ذلكَ أزْيَبَـا )



يريد: القلة. وأما الذّل بكسر الذال وإسقاط
الهاء فإنه مصدر من الذّلول من قولهم: دابة ذَلول: بـينة الذلّ، وذلك إذا كانت
لـينة غير صعبة. ومنه قول الله جلّ ثناؤه: هُوَ الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ
ذَلُولاً يُجمع ذلك ذُلُلاً، كما قال جلّ ثناؤه: فـاسْلُكِي سُبُلَ رَبّكَ
ذُلُلاً. وكان مـجاهد يتأوّل ذلك أنه لا يتوعّر علـيها مكان سلكته.



واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامّة
قرّاء الـحجاز والعراق والشام وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ الذّلّ بضمّ الذال علـى أنه
مصدر من الذلـيـل. وقرأ ذلك سعيد بن جبـير وعاصم الـجَحْدَرِيّ: «جنَاحَ الذّلّ»
بكسر الذال.



16776ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا بهز بن أسد،
قال: حدثنا أبو عَوانة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير أنه قرأ: «وَاخْفِضْ لَهُما
جُناحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ قال: كن لهما ذلـيلاً، ولا تكن لهما ذلولاً.



16777ـ حدثنا نصر بن علـيّ، قال: أخبرنـي عمر
بن شقـيق، قال: سمعت عاصما الـجحدري يقرأ: «وَاخْفِضْ لَهُما جنَاجَ الذّلّ مِنَ
الرّحْمَةِ» قال: كن لهما ذلـيلاً، ولا تكن لهما ذَلولاً.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عمر بن شقـيق، عن
عاصم، مثله.



قال أبو جعفر: وعلـى هذا التأويـل الذي تأوّله
عاصم كان ينبغي أن تكون قراءته بضم الذال لا بكسرها.



حدثنا نصر وابن بشار وحُدثت عن الفراء، قال:
ثنـي هشيـم، عن أبـي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبـير، أنه قرأ: «وَاخفِضْ
لَهُما جنَاحَ الذّلّ». قال الفرّاء: وأخبرنـي الـحكيـم بن ظهير، عن عاصم بن أبـي
النّـجود، أنه قرأها الذّلّ أيضا، فسألت أبـا بكر فقال: الذّلّ قرأها عاصم.



وأما قوله: وَقُلْ رَبّ ارْحمْهُما كمَا
رَبّـيَانِـي صَغِيرا فإنه يقول: ادع الله لوالديك بـالرحمة، وقل ربّ ارحمهما،
وتعطف علـيهما بـمغفرتك ورحمتك، كما تعطّفـا علـيّ فـي صغري، فرحمانـي وربـيانـي
صغيرا، حتـى استقللت بنفسي، واستغنـيت عنهما. كما:



16778ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وَاخْفِضْ لَهُما جنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُلْ رَبّ
ارْحَمْهُما كمَا رَبّـيانِـي صَغِيرا هكذا عُلّـمتـم، وبهذا أمرتـم، خذوا تعلـيـم
الله وأدبه.



ذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم خرج
ذات يوم وهو مادّ يديه رافع صوته يقول: «مَنْ أدْرَكَ وَالِدَيهِ أوْ أحَدَهُما
ثُمّ دَخَـلَ النّارَ بَعْدَ ذلكَ فَأبْعَدَهُ اللّهُ وأسْحَقَهُ». ولكن كانوا
يرون أنه من بَرّ والديه، وكان فـيه أدنى تُقـي، فإن ذلك مُبْلِغه جسيـم الـخير.
وقال جماعة من أهل العلـم: إن قول الله جلّ ثناؤه: وَقُل رَبّ ارحَمْهُما كمَا
رَبّـيانِـي صَغِيرا منسوخ بقوله: ما كانَ للنّبِـيّ والّذِينَ آمَنُوا أن
يَسْتَغْفِرُوا للْـمُشْرِكِينَ وَلَو كانُوا أُولـي قُربَى من بَعْدِ ما
تَبَـيّنَ لَهُم أنّهُم أصْحابُ الـجَحِيـمِ. ذكر من قال ذلك:



16779ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: وَقُل رَبّ ارحَمْهُما
كمَا رَبّـيانِـي صَغِيرا ثم أنزل الله عزّ وجلّ بعد هذا: ما كانَ للنّبِـيّ
وَالّذِينَ آمَنُوا أن يَسْتَغْفِرُوا للْـمُشْرِكِينَ وَلَو كانُوا أُولـي
قُربَى.



16780ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح، قال: حدثنا الـحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قال فـي سورة بنـي إسرائيـل إمّا
يَبْلُغانّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما أو كِلاهُما... إلـى قوله وَقُل رَبّ
ارْحَمْهُما كمَا رَبّـيانِـي صَغِيرا فنسختها الاَية التـي فـي براءة ما كانَ
للنّبِـيّ وَالّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا للْـمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا
أُولـي قُرْبَى... الاَية.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عبـاس وَقُلْ رَبّ ارْحَمْهُما... الاَية، قال:
نسختها الاَية التـي فـي براءة ما كانَ للنّبِـيّ وَالّذِينَ آمَنُوا أنْ
يَسْتَغْفِرُوا للْـمُشْرِكينَ... الاَية.



وقد تـحتـمل هذه الاَية أن تكون وإن كان ظاهرها
عامّا فـي كلّ الاَبـاء بغير معنى النسخ، بأن يكون تأويـلها علـى الـخصوص، فـيكون
معنى الكلام: وقل ربّ ارحمهما إذا كانا مؤمنـين، كما رَبـيانـي صغيرا، فتكون مرادا
بها الـخصوص علـى ما قلنا غير منسوخ منها شيء. وعَنَى بقول ربـيانـي: نَـمّيَانـي.



الآية : 25


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {رّبّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا
فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنّهُ كَانَ لِلأوّابِينَ غَفُوراً
}.



يقول تعالـى ذكره رَبّكُمْ أيها الناس
أعْلَـمُ منكم بِـمَا فِـي نُفُوسِكُمْ من تعظيـمكم أمر آبـائكم وأمهاتكم
وتكرمتهم، والبرّ بهم، وما فـيها من اعتقاد الاستـخفـاف بحقوقهم، والعقوق لهم،
وغير ذلك من ضمائر صدوركم، لا يخفـى علـيه شيء من ذلك، وهو مـجازيكم علـى حَسَن
ذلك وسيّئه، فـاحذروا أن تُضمروا لهم سوءا، وتعقِدوا لهم عقوقا. وقوله إنْ
تَكُونُوا صَالِـحِينَ يقول: إن أنتـم أصلـحتـم نـياتكم فـيهم، وأطعتـم الله
فـيـما أمركم به من البرّ بهم، والقـيام بحقوقهم علـيكم، بعد هفوة كانت منكم، أو
زلة فـي واجب لهم علـيكم مع القـيام بـما ألزمكم فـي غير ذلك من فرائضه، فإنه كان
للأوّابـين بعد الزّلة، والتائبـين بعد الهَفْوة غفورا لهم. وبنـحو الذي قلنا فـي
تأويـل ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16781ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس،
قال: سمعت أبـي وعمي عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن سعيد بن جبـير رَبّكُمْ أعْلَـمُ
بِـمَا فِـي نُفُوسِكُمْ قال: البـادرة تكون من الرجل إلـى أبويه لا يريد بذلك إلا
الـخير، فقال: ربّكُمْ أعْلَـمُ بِـمَا فِـي نُفُوسِكُمْ.



حدثنا أبو السائب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال:
أخبرنـي أبـي، عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن سعيد بن جبـير، بـمثله.



16782ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الـحكم بن
بشير، قال: حدثنا عمرو، عن حبـيب بن أبـي ثابت، فـي قوله فإنّهُ كانَ
للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: هو الرجل تكون منه البـادرة إلـى أبويه وفـي نـيته
وقلبه أنه لا يؤاخَذ به.



واختلف أهل التأويـل، فـي تأويـل قوله: فإنّهُ
كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا فقال بعضهم: هم الـمسبّحون. ذكر من قال ذلك:



16783ـ حدثنـي سلـيـمان بن عبد الـجبـار، قال:
حدثنا مـحمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة وحدثنـي ابن سنان القزاز، قال: حدثنا
الـحسين بن الـحسن الأشقر، قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبـير، عن
ابن عبـاس فإنّهُ كانَ للأوّابِـينَ غَفُورا قال: الـمسبحين.



16784ـ حدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن،
قال: حدثنا أبو خيثمة زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن أبـي ميسرة، عن عمرو بن
شرحبـيـل، قال: الأوّاب: الـمسبح.



وقال آخرون: هم الـمطيعون الـمـحسنون. ذكر من
قال ذلك:



16785ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله فإنّهُ كانَ للأَوّابِـينَ
غَفُورا يقول: للـمطيعين الـمـحسنـين.



16786ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله فإنّهُ كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: هم الـمطيعون، وأهل
الصلاة.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة فإنه كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: للـمطيعين
الـمصلـين.



وقال آخرون: بل هم الذين يصلون بـين الـمغرب
والعشاء. ذكر من قال ذلك:



16787ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، عن
أبـي صخر حميد بن زياد، عن ابن الـمنكدر يرفعه فإنّهُ كان للأَوّابِـينَ غَفُورا
قال: الصلاة بـين الـمغرب والعشاء.



وقال آخرون: هم الذين يصلّون الضّحَى. ذكر من
قال ذلك:



16788ـ حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: حدثنا ربـاح
أبو سلـيـمان الرقاء، قال: سمعت عونا العُقـيـلـيّ يقول فـي هذه الاَية فإنّهُ
كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: الذين يصلون صلاة الضحى.



وقال آخرون: بل هو الراجع من ذنبه، التائب منه.
ذكر من قال ذلك:



16789ـ حدثنا أحمد بن الولـيد القرشيّ، قال:
حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب أنه
قال فـي هذه الاَية فإنّهُ كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: الذي يصيب الذنب ثم
يتوب ثم يصيب الذنب ثم يتوب.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا سلـيـمان بن
داود، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب، قال: هو الذي يذنب ثم يتوب،
ثم يذنب ثم يتوب فـي هذا الاَية فإنّهُ كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا.



حدثنا مـجاهد بن موسى، قال: حدثنا يزيد، قال:
أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن الـمسيب يُسْأَل عن هذه الاَية فإنّهُ كانَ
للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: هو الذي يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب.



حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنـي
جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب، بنـحوه.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن سعيد بن الـمسيب، بنـحوه.



حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنـي
مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب فإنّهُ كانَ للأَوّابِـينَ غَفُورا
قال: هو العبد يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب.



حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
أخبرنـي اللـيث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن الـمسيب يقول: فذكر
مثله.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ ومعمر، عن يحيى بن سعيد، عن ابن الـمسيب، قال:
الأوّاب: الذي يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب.



16790ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية فإنّهُ كانَ
للأَوّابِـينَ غَفُورا قال: الراجعين إلـى الـخير.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الصمد وأبو
داود وهشام، عن شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير، بنـحوه.



16791ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، جميعا عن منصور، عن
مـجاهد، عن عبـيد بن عمير فإنّهُ كان للأوّابِـين غَفُورا قال: الذي يذكر ذنوبه
فـي الـخلاء، فـيستغفر الله منها.



16792ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن منصور، عن مـجاهد، قال: الأوّاب: الذي يذكر ذنوبه
فـي الـخلاء فـيستغفر الله منها.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن مـجاهد، عن عبـيد بن عمير، أنه قال فـي هذه
الاَية إنّهُ كان للأوّابِـينَ غَفُورا قال: الذي يذكر ذنبه ثم يتوب.



حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم،
قال: حدثنا عيسى، وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا،
عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله جلّ ثناؤه للأوّابِـين غَفُورا قال:
الأوّابون: الراجعون التائبون.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



قال ابن جريج، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن
الـمسيب: الرجل يذنب ثم يتوب ثلاثا.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور،
عن مـجاهد، عن عبـيد بن عمير، قوله فإنّه كان للأوّابِـين غَفُورا قال: الذي يتذكر
ذنوبه، فـيستغفر الله لها.



16793ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
أخبرنـي ابن شريح، عن عقبة بن مسلـم، عن عطاء بن يسار، أنه قال فـي قوله فإنّهُ
كان للأوّابِـين غَفُورا يذنب العبد ثم يتوب، فـيتوب الله علـيه ثم يذنب فـيتوب،
فـيتوب الله علـيه ثم يذنب الثالثة، فإن تاب، تاب الله علـيه توبة لا تُـمْـحَى.



وقد رُوي عن عبـيد بن عمير، غير القول الذي
ذكرنا عن مـجاهد، وهو ما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:32 pm

16794ـ حدثنا الـحسن بن
يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مـحمد بن مسلـم، عن عمرو بن دينار، عن
عبـيد بن عمير، فـي قوله فإنّهُ كان للأوّابِـين غَفُورا قال: كنا نَعُدّ الأوّاب:
الـحفـيظ، أن يقول: اللهمّ اغفر لـي ما أصبت فـي مـجلسي هذا.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب، قول من قال:
الأوّاب: هو التائب من الذنب، الراجع من معصية الله إلـى طاعته، ومـما يكرهه إلـى
ما يرضاه، لأن الأوّاب إنـما هو فعّال، من قول القائل: آب فلان من كذا إما من سفره
إلـى منزله، أو من حال إلـى حال، كما قال عبَـيد بن الأبرص:



وكُلّ ذِي غَيْبَةٍ يَئُوبُ وغائِبُ الـمَوْتِ لا يَئُوبُ


فهو يئوب أوبـا، وهو رجل آئب من سفره، وأوّاب
من ذنوبه.



الآية : 26
و27



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَىَ
حَقّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيراً * إِنّ الْمُبَذّرِينَ كَانُوَاْ إِخْوَانَ
الشّيَاطِينِ وَكَانَ الشّيْطَانُ لِرَبّهِ كَفُوراً }.



اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بقوله وآتِ
ذَا القُرْبى فقال بعضهم: عَنى به: قرابة الـميت من قِبل أبـيه وأمه، أمرا الله
جلّ ثناؤه عبـاده بصلتها. ذكر من قال ذلك:



16795ـ حدثنا عمرانُ بن موسى، قال: حدثنا عبد
الوارث بن سعيد، قال: حدثنا حبـيب الـمعلـم، قال: سأل رجل الـحسن، قال: أُعْطِي
قرابتـي زكاة مالـي، فقال: إن لهم فـي ذلك لـحقا سوى الزكاة، ثم تلا هذه الاَية
وآت ذا القُرْبى حَقّهُ.



16796ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله وآتِ ذَا القُرْبى حَقّهُ قال: صلته التـي
تريد أن تصله بها ما كنت تريد أن تفعله إلـيه.



16797ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله وآتِ ذَا القُرْبى
حَقّهُ وَالـمِسْكِينَ وَابْنَ السّبِـيـلِ قال: هو أن تصل ذا القربة والـمسكين
وتـحسُن إلـى ابن السبـيـل.



وقال آخرون: بل عنى به قرابه رسول الله صلى
الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:



16798ـ حدثنـي مـحمد بن عمارة الأسدي، قال:
حدثنا إسماعيـل بن أبـان، قال: حدثنا الصبـاح بن يحيى الـمَزنـيّ، عن السّديّ، عن
أبـي الديـلـم، قال: قال علـيّ بن الـحسين علـيهما السلام لرجل من أهل الشام:
أقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: أفما قرأت فـي بنـي إسرائيـل وآتِ ذَا القُرْبى
حَقّهُ قال: وإنكم للقْرابة التـي أمر الله جلّ ثناؤه أن يُؤتـي حقه؟ قال: نعم.



وأولـى التأويـلـين عندي بـالصواب، تأويـل من
تأوّل ذلك أنها بـمعنى وصية الله عبـاده بصلة قرابـات أنفسهم وأرحامهم من قِبَل
آبـائهم وأمهاتهم، وذلك أن الله عزّ وجلّ عَقّب ذلك عقـيب حَضّه عبـاده علـى بر
الاَبـاء والأمّهات، فـالواجب أن يكون ذلك حَضّا علـى صلة أنسابهم دون أنساب غيرهم
التـي لـم يجر لها ذكر. وإذا كان ذلك كذلك، فتأويـل الكلام: وأعط يا مـحمد ذا
قرابتك حقه من صلتك إياه، وبرّك به، والعطف علـيه. وخرج ذلك مَخْرج الـخطاب لنبـيّ
الله صلى الله عليه وسلم، والـمراد بحكمه جميع من لزمته فرائض الله، يدلّ علـى ذلك
ابتداؤه الوصية بقوله جلّ ثناؤه: وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ
وَبـالوَالِدَيْنِ إحْسانا إمّا يَبْلُغَنّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحَدُهُما فوجّه
الـخطاب بقوله وَقَضَى رَبّكَ إلـى نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال ألاّ
تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ فرجع بـالـخطاب به إلـى الـجميع، ثم صرف الـخطاب بقوله
إمّا يَبْلُغَنّ عِنْدَكَ إلـى إفراده به. والـمعنـيّ بكل ذلك جميع من لزمته فرائض
الله عزّ وجلّ، أفرد بـالـخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، أو عمّ به هو
وجميع أمته.



وقوله: والـمِسْكِينَ وهو الذلّة من أهل
الـحاجة. وقد دللنا فـيـما مضى علـى معنى الـمسكين بـما أغنى عن إعادته فـي هذا
الـموضع. وقوله وَابْنَ السّبِـيـلِ يعنـي: الـمسافر الـمنقطع به، يقول تعالـى:
وصِل قرابتك، فأعطه حقه من صلتك إياه، والـمسكين ذا الـحاجة، والـمـجتاز بك
الـمنقطع به، فأعنه، وقوّه علـى قطع سفره. وقد قـيـل: إنـما عنى بـالأمر بإتـيان
ابن السبـيـل حقه أن يضاف ثلاثة أيام.



والقول الأوّل عندي أولـى بـالصواب، لأن الله
تعالـى لـم يخصُصْ من حقوقه شيئا دون شيء فـي كتابه، ولا علـى لسان رسوله، فذلك
عامّ فـي كلّ حقّ له أن يُعطاه من ضيافة أو حمولة أو مَعُونة علـى سفره.



وقوله وَلا تُبَذّرْ تَبْذِيرا يقول: ولا تفرّق
يا مـحمد ما أعطاك الله من مال فـي معصيته تفريقا. وأصل التبذير: التفريق فـي
السّرَف ومنه قول الشاعر:



أُناسٌ أجارُونا فَكانَ جِوَارُهُمْأعاصِيرَ
مِنْ فِسْقِ العِرَاقِ الـمُبَذّرِ



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16799ـ حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـي،
قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبـي إسحاق، عن أبـي العبـيدين، قال: قال عبد الله فـي
قوله وَلا تُبَذّرْ تَبْذِيرا قال: التبذير فـي غير الـحقّ، وهو الإسراف.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال:
حدثنا سفـيان، عن سلـمة، عن مسلـم البطين، عن أبـي العبـيدين، قال: سُئل عبد الله
عن الـمبذّر فقال: الإنفـاق فـي غير حقّ.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن
جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الـحكم، قال: سمعت يحيى بن الـجزار يحدّث عن أبـي
العبُـيدين، ضرير البصر، أنه سأل عبد الله بن مسعود عن هذه الاَية ولا تُبَذّرْ
تَبْذِيرا قال: إنفـاق الـمال فـي غير حقه.



حدثنـي زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة، قال:
حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن الـحكم، عن يحيى بن الـجزار، عن أبـي العُبـيدين،
عن عبد الله، مثله.



حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، قال:
أخبرنا شعبة، عن الـحكم بن عتـيبة، عن يحيى بن الـجزار أن أبـا العبـيدين، كان
ضرير البصر، سأل ابن مسعود فقال: ما التبذير؟ فقال: إنفـاق الـمال فـي غير حقه.



حدثنا خلاد بن أسلـم، قال: أخبرنا النضر بن
شميـل، قال: أخبرنا الـمسعودي، قال: أخبرنا سلـمة بن كُهيـل، عن أبـي العُبـيدين،
وكانت به زَمانة، وكان عبد الله يعرف له ذلك، فقال: يا أبـا عبد الرحمن، ما
التبذير؟ فذكر مثله.



حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا أبو
الـحوءَب، عن عمار بن زُريق، عن أبـي إسحاق، عن حارثة بن مُضرِب، عن أبـي
العُبـيدين، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا أصحاب مـحمد صلى الله عليه وسلم
نتـحدّث أن التبذير: النفقة فـي غير حقه.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا يحيى بن كثـير
العنبري، قال: حدثنا شعبة، قال: كنت أمشي مع أبـي إسحاق فـي طريق الكوفة، فأتـى
علـى دار تُبنى بجصّ وآجر، فقال: هذا التبذير فـي قول عبد الله: إنفـاق الـمال فـي
غير حقه.



16800ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله وَلا تُبَذّرْ
تَبْذِيرا قال: الـمبذّر: الـمنفق فـي غير حقه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا
عبـاد، عن حصين، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: الـمبذّر: الـمنفق فـي غير حقه.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخراسانـي، عن ابن عبـاس، قال: لا تنفق فـي البـاطل،
فإن الـمبذّر: هو الـمسرف فـي غير حقّ.



قال ابن جريج وقال مـجاهد: لو أنفق إنسان ماله
كله فـي الـحقّ ما كان تبذيرا، ولو أنفق مدّا فـي بـاطل كان تبذيرا.



16801ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله وَلا تُبَذّرْ تَبْذِيرا قال: التبذير: النفقة فـي معصية
الله، وفـي غير الـحقّ وفـي الفساد.



16802ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد فـي قوله وآتِ ذَا القُرْبَى حَقّهُ وَالـمِسْكينَ وَابْنَ
السّبِـيـلِ قال: بدأ بـالوالدين قبل هذا، فلـما فرغ من الوالدين وحقهما، ذكر
هؤلاء وقال لا تُبَذّرْ تَبْذِيرا: لا تعطِ فـي معاصي الله.



وأما قوله إنّ الـمُبَذّرِينَ كانُوا إخْوَانَ
الشّياطِينِ فإنه يعنـي: إنّ الـمفرّقـين أموالهم فـي معاصي الله الـمنفقـيها فـي
غير طاعته أولـياء الشياطين وكذلك تقول العرب لكلّ ملازم سنة قوم وتابع أثرهم: هو
أخوهم وكانَ الشّيُطانُ لِرَبّهِ كَفُورا يقول: وكان الشيطان لنعمة ربه التـي
أنعمها علـيه جحودا لا يشكره علـيه، ولكنه يكفرها بترك طاعة الله، وركوبه معصيته،
فكذلك إخوانه من بنـي آدم الـمبذّرون أموالهم فـي معاصي الله، لا يشكرون الله علـى
نعمه علـيهم، ولكنهم يخالفون أمره ويعصُونه، ويستنون فـيـما أنعم الله علـيهم به
من الأموال التـي خوّلهموها وجل عزّ سنته من ترك الشكر علـيها، وتلقّـيها
بـالكُفران. كالذي:



16803ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله إنّ الـمُبَذّرِينَ: إن الـمنفقـين فـي معاصي الله كانُوا
إخْوَانَ الشّياطينِ وكانَ الشّيْطانُ لرَبّهِ كَفُورا.






الآية : 28


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَإِمّا تُعْرِضَنّ
عَنْهُمُ ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مّن رّبّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لّهُمْ قَوْلاً
مّيْسُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: وإن تعرض يا مـحمد عن هؤلاء
الذين أمرتك أن تؤتـيهم حقوقهم إذا وجدت إلـيها السبـيـل بوجهك عند مسألتهم إياك،
ما لا تـجد إلـيه سبـيلاً، حياء منهم ورحمة لهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ
يقول: انتظار رزق تنتظره من عند ربك، وترجو تـيسير الله إياه لك، فلا تؤيسهم، ولكن
قل لهم قولاً ميسورا. يقول: ولكن عدهم وعدا جميلاً، بأن تقول: سيرزق الله فأعطيكم،
وما أشبه ذلك من القول اللـين غير الغلـيظ، كما قال جلّ ثناؤه وأمّا السّائِلَ
فَلاَ تَنْهَرْ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16804ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد
الرحمن، عن سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم وإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ
رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ تَرْجُوها قال: انتظار الرزق فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً
مَيْسُورا قال: لـينا تَعِدُهم.



16805ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخُراسانـي، عن ابن عبـاس ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ
مِنْ رَبّكَ قال: رزق أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَـحْنُ قَسَمْنا
بَـيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ.



16806ـ حدثنا عمران بن موسى، قال: حدثنا عبد
الوارث، قال: حدثنا عمارة، عن عكرمة، فـي قوله وَإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُمُ
ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ تَرْجُوها قال: انتظار رزق من الله يأتـيك.



16807ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله وَإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ
رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ تَرْجُوها قال: إن سألوك فلـم يجدوا عندك ما تعطيهم ابتغاء
رحمة، قال: رزق تنتظره ترجوه فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا قال: عِدْهم عِدَةً
حسنة: إذا كان ذلك، إذا جاءنا ذلك فعلنا، أعطيناكم، فهو القول الـميسور.



قال ابن جريج، قال مـجاهد: إن سألوك فلـم يكن
عندك ما تعطيهم، فأعرضت عنهم ابتغاء رحمة، قال: رزق تنتظره فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً
ميْسُورا.



16808ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء،
جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله عزّ وجلّ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ
مِنْ رَبّكَ قال: انتظار رزق الله.



16809ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال:
حدثنا سفـيان، عن الأعمش، عن أبـي الضّحَى، عن عبـيدة فـي قوله ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ
مِنْ رَبّكَ تَرْجُوها قال: ابتغاء الرزق.



16810ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن
عمرو، عن عطاء، عن سعيد وإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ
تَرْجُوها قال: أي رزق تنتظره فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا أي معروفـا.



16811ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا قال: عدهم خيرا.
وقال الـحسن: قل لهم قولاً لـينا وسهلاً.



16812ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت
أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول، فـي قوله وَإمّا
تُعْرِضَنّ عَنْهُم يقول: لا نـجد شيئا تعطيهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ
يقول: انتظار الرزق من ربك، نزلت فـيـمن كان يسأل النبـيّ صلى الله عليه وسلم من
الـمساكين.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي حرمي بن
عمارة، قال: حدثنا شعبة، قال: ثنـي عمارة، عن عكرمة فـي قول الله فَقُلْ لَهُمْ
قَوْلاً مَيْسُورا قال: الرفق.



وكان ابن زيد يقول فـي ذلك ما:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:33 pm

16813ـ حدثنـي به يونس،
قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُم عن
هؤلاء الذين أوصيناك بهم ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ تَرْجوها إذا خشيت إن
أعطيتهم، أن يتقوّوا بها علـى معاصي الله عزّ وجلّ، ويستعينوا بها علـيها، فرأيت
أن تـمنعهم خيرا، فإذا سألوك فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورا قولاً جميلاً: رزقك
الله، بـارك الله فـيك.



وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن زيد مع خلافه
أقوال أهل التأويـل فـي تأويـل هذه الاَية، بعيد الـمعنى، مـما يدلّ علـيه ظاهرها،
وذلك أن الله تعالـى قال لنبـيه صلى الله عليه وسلم وَإمّا تُعْرِضَنّ عَنْهُمُ
ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبّكَ تَرْجُوها فأمره أن يقول إذا كان إعراضه عن القوم
الذين ذكرهم انتظار رحمة منه يرجوها من ربه قَوْلاً مَيْسُورا وذلك الإعراض ابتغاء
الرحمة، لن يخـلو من أحد أمرين: إما أن يكون إعراضا منه ابتغاء رحمة من الله
يرجوها لنفسه، فـيكون معنى الكلام كما قلناه، وقاله أهل التأويـل الذين ذكرنا
قولهم، وخلاف قوله أو يكون إعراضا منه ابتغاء رحمة من الله يرجوها للسائلـين الذين
أُمِر نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم بزعمه أن يـمنعهم ما سألوه خشية علـيهم من أن
ينفقوه فـي معاصي الله، فمعلوم أن سخط الله علـى من كان غير مأمون منه صَرْف ما
أُعْطي من نفقة لـيتقوّى بها علـى طاعة الله فـي معاصيه، أخوف من رجاء رحمته له،
وذلك أن رحمة الله إنـما ترجى لأهل طاعته، لا لأهل معاصيه، إلا أن يكون أراد توجيه
ذلك إلـى أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم أمر بـمنعهم ما سألوه، لـينـيبوا من
معاصي الله، ويتوبوا بـمنعه إياهم ما سألوه، فـيكون ذلك وجها يحتـمله تأويـل
الاَية، وإن كان لقول أهل التأويـل مخالفـا.






الآية : 29


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ
مَغْلُولَةً إِلَىَ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ
مَلُوماً مّحْسُوراً }.



وهذا مثلٌ ضربه الله تبـارك وتعالـى للـمـمتنع
من الإنفـاق فـي الـحقوق التـي أوجبها فـي أموال ذوي الأموال، فجعله كالـمشدودة
يده إلـى عنقه، الذي لا يقدر علـى الأخذ بها والإعطاء.



وإنـما معنى الكلام: ولا تـمسك يا مـحمد يدك
بخلاً عن النفقة فـي حقوق الله، فلا تنفق فـيها شيئا إمساك الـمغلولة يده إلـى
عنقه، الذي لا يستطيع بسطها وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول: ولا تبسطها
بـالعطية كلّ البسط، فتَبقـى لا شيء عندك، ولا تـجد إذا سئلت شيئا تعطيه سائلك
فَتَقْعُدَ مَلُوما مَـحْسُورا يقول: فتقعد يـلومك سائلوك إذا لـم تعطهم حين
سألوك، وتلومك نفسك علـى الإسراع فـي مالك وذهابه، مـحسورا يقول: مَعِيبـا، قد
انقُطِع بك، لا شيء عندك تنفقه. وأصله من قولهم للدابة التـي قد سير علـيها حتـى
انقَطَع سيرها، وكلّت ورَزحَت من السير، بأنه حَسِير. يقال منه: حَسَرْت الدابة
فأنا أحسِرُها، وأحسُرها حَسْرا، وذلك إذا أنضيته بـالسير وحَسَرته بـالـمسألة إذا
سألته فألـحفت وحَسَرَ البصرُ فهو يَحْسِر، وذلك إذا بلغ أقصى الـمنظر فكَلّ. ومنه
قوله عزّ وجلّ: يَنْقَلِبْ إلَـيْكَ البَصَرُ خاسِئا وَهُوَ حَسِيرٌ (الـملك: 4
وكذلك ذلك فـي كلّ شيء كَلّ وأزحف حتـى يَضْنَى. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال
أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16814ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا هودة،
قال: حدثنا عوف، عن الـحسن، فـي قوله وَلا تَـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلـى
عُنُقِكَ قال: لا تـجعلها مغلولة عن النفقة وَلا تَبْسُطْها: تبذّر بسرف.



16815ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يوسف بن
بهز، قال: حدثنا حوشب، قال: كان الـحسن إذا تلا هذه الاَية وَلا تَـجْعَلْ يَدَكَ
مَغْلُولَةً إلـى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوما مَـحْسُورا
يقول: لا تطفّف برزقـي عن غير رضاي، ولا تضعْه فـي سُخْطي فأسلُبَك ما فـي يديك،
فتكون حسيرا لـيس فـي يديك منه شيء.



16816ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله وَلا تَـجْعَلْ
يَدَكَ مَغْلُولَةً إلـى عُنُقُك وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ
مَلُوما مـحْسُورا يقول هذا فـي النفقة، يقول لا تَـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً
إلـى عُنُقِكَ يقول: لا تبسطها بـالـخير وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يعنـي
التبذير فَتَقْعُدَ مَلُوما يقول: يـلوم نفسه علـى ما فـات من ماله مَـحْسُورا
يعنـي: ذهب ماله كله فهو مـحسور.



حدثنـي علـي، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي
معاوية، عن علـي، عن ابن عبـاس، قوله وَلا تـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلـى
عُنُقِكَ يعنـي بذلك البخـل.



16817ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله وَلا تَـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلـى عُنُقِكَ أي لا
تـمسكها عن طاعة الله، ولا عن حقه وَلا تبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول: لا تنفقها
فـي معصية الله، ولا فـيـما يصلـح لك، ولا ينبغي لك، وهو الإسراف. قوله فَتَقْعُدَ
مَلُوما مَـحْسُورا قال: ملوما فـي عبـاد الله، مـحسورا علـى ما سلف من دهره
وفرّط.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَلا تَـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلـى عُنُقِكَ قال:
فـي النفقة، يقول: لا تـمسك عن النفقة وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ يقول: لا
تبذر تبذيرا فَتَقْعُدَ مَلُوما فـي عبـاد الله مَـحْسُورا يقول: نادما علـى ما
فرط منك.



16818ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: لا تـمسك عن النفقة فـيـما أمرتك به من الـحق وَلا
تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فـيـما نهيتك فَتَقْعُدَ مَلُوما قال: مذنبـا مَـحْسُورا
قال: منقطعا بك.



16819ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله وَلا تَـجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً إلـى عُنُقِكَ قال:
مغلولة لا تبسطها بخير ولا بعطية وَلا تَبْسُطْها كُلّ البَسْطِ فـي الـحق
والبـاطل، فـينفَذ ما معك، وما فـي يديك، فـيأتـيك من يريد أن تعطيه فـيحسر بك،
فـيـلومك حين أعطيت هؤلاء، ولـم تعطهم.






الآية : 30


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {إِنّ رَبّكَ يَبْسُطُ
الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: إن ربك يا مـحمد يبسط رزقه لـمن يشاء من عبـاده، فـيوسع علـيه، ويقدر علـى
من يشاء، يقول: ويُقَتّر علـى من يشاء منهم، فـيضيّق علـيه إنّهُ كَانَ
بِعِبَـادِهِ خَبِـيرا: يقول: إن ربك ذو خبرة بعبـاده، ومن الذي تصلـحه السعة فـي
الرزق وتفسده ومن الذي يصلـحه الإقتار والضيق ويهلكه. بصيرا: يقول: هو ذو بصر
بتدبـيرهم وسياستهم، يقول: فـانته يا مـحمد إلـى أمرنا فـيـما أمرناك ونهيناك من
بسط يدك فـيـما تبسطها فـيه، وفـيـمن تبسطها له، ومِن كفها عمن تكفها عنه، وتكفها
فـيه، فنـحن أعلـم بـمصالـح العبـاد منك، ومن جميع الـخـلق وأبصر بتدبـيرهم،
كالذي:



16820ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، ثم أخبرنا تبـارك وتعالـى كيف يصنع، فقال: إنّ رَبّكَ يَبْسُط
الرّزْقَ لِـمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ قال: يقدر: يقلّ، وكل شيء فـي القرآن يَقْدِر
كذلك ثم أخبر عبـاده أنه لا يرزَؤُه ولا يئُوده أن لو بسط علـيهم، ولكن نظرا لهم
منه، فقال: وَلَوْ بَسَطَ اللّهُ الرّزْقَ لِعِبـادِهِ لَبَغَوْا فِـي الأرْضِ
وَلكِنْ يُنَزّلُ بقَدَرٍ ما يَشاءُ إنّهُ بِعبـادِهِ خَبِـيرٌ بَصِيرٌ قال: والعرب
إذا كان الـخصب وبُسِط علـيهم أَشِروا، وقتل بعضهم بعضا، وجاء الفساد، فإذا كان
السنة شُغِلوا عن ذلك.






الآية : 31


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَلاَ تَقْتُلُوَاْ
أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيّاكُم إنّ قَتْلَهُمْ
كَانَ خِطْئاً كَبِيراً }.



يقول تعالـى ذكره: وَقَضَى رَبّكَ يا مـحمد
ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ وَبـالوَالِدَيْنِ إحْسانا، وَلا تَقْتُلُوا
أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ فموضع تقتلوا نُصب عطفـا علـى ألا تعبدوا.



ويعنـي بقوله: خَشْيَةَ إمْلاقٍ خوف إقتار
وفقر. وقد بـيّنا ذلك بشواهده فـيـما مضى، وذكرنا الرواية فـيه. وإنـما قال جلّ
ثناؤه ذلك للعرب، لأنهم كانوا يقتلون الإناث من أولادهم خوف العيـلة علـى أنفسهم
بـالإنفـاق علـيهن، كما:



16821ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله ولا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَة إمْلاقٍ: أي خشية
الفـاقة، وقد كان أهل الـجاهلـية يقتلون أولادهم خشية الفـاقة، فوعظهم الله فـي
ذلك، وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم علـى الله، فقال: نَـحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وإيّاكُمْ إنّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبـيرا.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة خَشْيَة إمْلاقٍ قال: كانوا يقتلون البنات.



16822ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مـجاهد وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ خَشْيَة
إمْلاقٍ قال: الفـاقة والفقر.



16823ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا أبو صالـح،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله خَشْيَة إمْلاقٍ يقول: الفقر.



وأما قوله: إنّ قَتْلَهُمْ كان خِطْأً كَبِـيرا
فإن القراء اختلفت فـي قراءته فقرأته عامّة قراء أهل الـمدينة والعراق إنّ
قَتْلَهُمْ كان خِطْأً كَبِـيرا بكسر الـخاء مِن الـخطإِ وسكون الطاء. وإذا قرىء
ذلك كذلك، كان له وجهان من التأويـل: أحدهما أن يكون اسما من قول القائل: خَطِئت
فأنا أَخْطَأ، بـمعنى: أذنبت وأثمت. ويُحكى عن العرب: خَطِئتَ: إذا أذنبتَ عمدا،
وأخطأت: إذا وقع منك الذنب خَطَأ علـى غير عمد منك له. والثانـي: أن يكون بـمعنى
خَطَأ بفتـح الـخاء والطاء، ثم كسرت الـخاء وسكنت الطاء، كما قـيـل: قِتْب وقَتَب
وحَذَر وحِذْر، ونَـجِس ونَـجَس. والـخِطْء بـالكسر اسم، والـخَطَأ بفتـح الـخاء
والطاء مصدر من قولهم: خَطِىء الرجل وقد يكون اسما من قولهم: أخطأ. فأما الـمصدر
منه فـالإخطاء. وقد قـيـل: خَطِىء، بـمعنى أخطأ، كما قال الشاعر:



لَهْفَ هِنْدٍ إذْ خَطِئْنَ كاههِلا


بـمعنى: أخطأن. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل
الـمدينة: «إنّ قَتْلَهُمْ كانَ خَطَأً» بفتـح الـخاء والطاء مقصورا علـى توجيهه
إلـى أنه اسم من قولهم: أخطأ فلان خطأ. وقرأه بعض قراء أهل مكة: «إنّ قَتْلهُمْ
كان خَطاءً» بفتـح الـخَاء والطاء، ومدّ الـخَطَاء بنـحو معنى من قرأه خطأ بفتـح
الـخاء والطاء، غير أنه يخالفه فـي مدّ الـحرف.



وكان عامة أهل العلـم بكلام العرب من أهل
الكوفة وبعض البصريـين منهم يرون أن الـخِطْء والـخَطَأ بـمعنى واحد، إلاّ أن
بعضهم زعم أن الـخِطْء بكسر الـخاء وسكون الطاء فـي القراءة أكثر، وأَن الـخطأ
بفتـح الـخاء والطاء فـي كلام الناس أفشى، وأنه لـم يسمع الـخِطْء بكسر الـخاء
وسكون الطاء، فـي شيء من كلامهم وأشعارهم، إلا فـي بـيت أنشده لبعض الشعراء:



الـخِطْءُ فـاحِشَةٌ والبِرّ نافِلَةٌكعَجْوَة
غُرِسَتْ فِـي الأرْضِ تُؤْتَبرُ



وقد ذكرت الفرق بـين الـخِطْء بكسر الـخاء
وسكون الطاء وفتـحهما.



وأولـى القراءات فـي ذلك عندنا بـالصواب،
القراءة التـي علـيها قراء أهل العراق، وعامة أهل الـحجاز، لإجماع الـحجة من القراء
علـيها، وشذوذ ما عداها. وإن معنى ذلك كان إثما وخطيئة، لا خَطَأ من الفعل، لأنهم
إنـما كانوا يقتلونهم عمدا لا خطأ، وعلـى عمدهم ذلك عاتبهم ربهم، وتقدم إلـيهم
بـالنهي عنه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16824ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد خِطْأً كَبِـيرا قال: أي خطيئة.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد إنّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِـيرا قال: خطيئة.
قال ابن جريج، وقال ابن عبـاس: خِطأ: أي خطيئة.






الآية : 32


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَىَ
إِنّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره: وقضى أيضا أن لا تَقْرَبُوا
أيها الناس الزّنا إنّهُ كانَ فـاحِشَةً يقول: إن الزّنا كان فـاحشة وَساءَ
سَبـيلاً يقول: وساء طريق الزنا طريقا، لأن طريق أهل معصية الله، والـمخالفـين
أمره، فأسوىءْ به طريقا يورد صاحبه نار جهنـم.






الآية : 33


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ
الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فّي الْقَتْلِ إِنّهُ كَانَ مَنْصُوراً }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:35 pm

يقول جل ثناؤه: وقضى
أيضا أن لا تَقْتُلُوا أيها الناس النّفْسَ التـي حَرّمَ اللّهُ قتلها إلاّ
بـالـحَقّ وحقها أن لا تقتل إلا بكفر بعد إسلام، أو زنا بعد إحصان، أو قود نفس،
وإن كانت كافرة لـم يتقدّم كفرها إسلام، فأن لا يكون تقدم قتلها لها عهد وأمان،
كما:



16825ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله وَلا تقْتُلُوا النّفْسَ التـي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بـالـحَقّ
وإنا والله ما نعلـم بحلّ دم امرىء مسلـم إلاّ بإحدى ثلاث، إلا رجلاً قتل متعمدا،
فعلـيه القَوَد، أو زَنى بعد إحصانه فعلـيه الرجم أو كفر بعد إسلامه فعلـيه القتل.



16826ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عيـينة،
عن الزهريّ، عن عُروة أو غيره، قال: قـيـل لأبـي بكر: أتقتل من يرى أن لا يؤدي
الزكاة، قال: لو منعونـي شيئا مـما أقروا به لرسول الله صلى الله عليه وسلم
لقاتلتهم. فقـيـل لأبـي بكر: ألـيس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ
أنْ أُقاتِلَ النّاسَ حتـى يَقُولُوا: لا إلَه إلاّ اللّهُ، فإذَا قالُوها
عَصَمُوا مِنّـي دِماءهُمْ وأمْوالُهم إلاّ بِحَقّها، وحِسابُهُمْ عَلـى اللّهِ»
فقال أبو بكر: هذا من حقها.



16827ـ حدثنـي موسى بن سهل، قال: حدثنا عمرو بن
هاشم، قال: حدثنا سلـيـمان بن حيان، عن حميد الطويـل، عن أنس بن مالك، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أنْ أُقاتِل النّاسِ حتـى يقُولُوا لا
إلَه إلاّ اللّهُ، فإذَا قالُوها عَصمُوا مِنّى دِماءهُمْ وأمْوالهُمْ إلاّ
بِحَقّها وحِسابُهمْ عَلـى اللّهِ» قـيـل: وما حقها؟ قال: «زِنا بَعْد إحْصانٍ،
وكُفْرٌ بَعْد إيـمَانٍ، وقَتْلُ نَفْسٍ فَـيُقْتَلُ بِها».



وقوله: ومَنْ قُتِل مَظْلُوما يقول: ومن قتل
بغير الـمعانـي التـي ذكرنا أنه إذا قتل بها كان قتلاً بحقّ فَقَدْ جَعَلْنا
لِولِـيّهِ سُلْطانا يقول: فقد جعلنا لولـيّ الـمقتول ظلـما سلطانا علـى قاتل
ولـيه، فإن شاء استقاد منه فقتله بولـيه، وإن شاء عفـا عنه، وإن شاء أخذ الدية.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي معنى السلطان الذي
جُعل لولـيّ الـمقتول، فقال بعضهم فـي ذلك، نـحو الذي قُلنا. ذكر من قال ذلك:



16828ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله ولا تَقْتَلُوا
النّفْسَ التـي حَرّمَ اللّهُ إلاّ بـالـحَقّ وَمَنْ قُتِل مَظْلُوما فَقَدْ
جَعَلْنا لولـيّه سُلْطانا قال: بـيّنة من الله عزّ وجلّ أنزلها يطلبها ولـيّ
الـمقتول، العَقْل، أو القَوَد، وذلك السلطان.



16829ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد
الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن جُويبر، عن الضحاك بن مزاحم، فـي قوله: فَقَدْ
جَعَلْنا لِولِـيّهِ سُلْطانا قال: إن شاء عفـا، وإن شاء أخذ الدية.



وقال آخرون: بل ذلك السلطان: هو القتل. ذكر من
قال ذلك:



16830ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَمَنْ قُتِل مَظْلُوما فَقَدْ جَعَلْنا لِولِـيّهِ
سُلْطانا وهو القَوَد الذي جعله الله تعالـى.



وأولـى التأويـلـين بـالصواب فـي ذلك تأويـل من
تأول ذلك: أن السلطان الذي ذكر الله تعالـى فـي هذا الـموضع ما قاله ابن عبـاس، من
أن لولـيّ القتـيـل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الـخبر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتـح مكة: «ألا وَمن قُتِل لَهُ
قَتِـيـلٌ فَهُو بِخَيْرِ النّظَريْنِ بـينِ أنْ يَقْتُل أوْ يأْخُذ الدّيَة» وقد
بـيّنت الـحكم فـي ذلك فـي كتابنا: كتاب الـجراح.



وقوله: فَلا يُسْرِفْ فـي القَتْلِ اختلفت
القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الكوفة: «فلا تُسْرِفْ» بـمعنى الـخطاب
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والـمراد به هو والأئمة من بعده، يقول: فلا تقتل
بـالـمقتول ظُلْـما غير قاتله، وذلك أن أهل الـجاهلـية كانوا يفعلون ذلك إذا قتل
رجل رجلاً عمد ولـيّ القتـيـل إلـى الشريف من قبـيـلة القاتل، فقتله بولـيه، وترك
القاتل، فنهى الله عزّ وجلّ عن ذلك عبـاده، وقال لرسوله علـيه الصلاة والسلام: قتل
غير القاتل بـالـمقتول معصية وسرف، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل
بـالـمقتول فلا تـمثّل به. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة: فَلا
يُسْرِفْ بـالـياء، بـمعنى فلا يسرف ولـيّ الـمقتول، فـيقتل غير قاتل ولـيه. وقد
قـيـل: عنى به: فلا يسرف القاتل الأول لأولـي الـمقتول.



والصواب من


القول فـي ذلك عندي،
أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا الـمعنى، وذلك أن خطاب الله تبـارك وتعالـى نبـيه
صلى الله عليه وسلم بأمر أو نهى فـي أحكام الدين، قضاء منه بذلك علـى جميع عبـاده،
وكذلك أمره ونهيه بعضهم، أمر منه ونهى جميعهم، إلا فـيـما دلّ فـيه علـى أنه مخصوص
به بعض دون بعض، فإذا كان ذلك كذلك بـما قد بـيّنا فـي كتابنا (كتاب البـيان، عن
أصول الأحكام) فمعلوم أن خطابه تعالـى بقوله فَلا تُسْرِفْ فـي القَتْلِ نبـيه صلى
الله عليه وسلم، وإن كان موجّها إلـيه أنه معنّى به جميع عبـاده، فكذلك نهيه ولـيّ
الـمقتول أو القاتل عن الإسراف فـي القتل، والتعدّي فـيه نهى لـجميعهم، فبأيّ ذلك
قرأ القارىء فمصيب صواب القراءة فـي ذلك.



وقد اختلف أهل التأويـل فـي تأويـلهم ذلك نـحو
اختلاف القرّاء فـي قراءتهم إياه. ذكر من تأوّل ذلك بـمعنى الـخطاب لرسول الله صلى
الله عليه وسلم:



16831ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن طلق بن حبـيب، فـي قوله: فَلا تُسْرِفْ فـي
القَتْلِ قال: لا تقتل غير قاتله، ولا تـمثّل به.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير. عن منصور،
عن طلق بن حبـيب، بنـحوه.



16832ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: فَلا تُسْرِفْ
فـي القَتْلِ قال: لا تقتل اثنـين بواحد.



16833ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت
أبـا معاذ، يقول: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: فَلا تُسْرِفْ
فـي القَتْلِ إنّهُ كان مَنْصُورا كان هذا بـمكة، ونبـيّ الله صلى الله عليه وسلم
بها، وهو أوّل شيء نزل من القرآن فـي شأن القتل، كان الـمشركون يغتالون أصحاب
النبـيّ صلى الله عليه وسلم، فقال الله تبـارك وتعالـى: من قتلكم من الـمشركين،
فلا يحملنّكم قتله إياكم عن أن تقتلوا له أبـا أو أخا أو أحدا من عشيرته، وإن
كانوا مشركين، فلا تقتلوا إلا قاتلكم وهذا قبل أن تنزل براءة، وقبل أن يؤمروا
بقتال الـمشركين، فذلك قوله: فَلا تُسْرِفْ فـي القَتْلِ يقول: لا تقتل غير قاتلك،
وهي الـيوم علـى ذلك الـموضع من الـمسلـمين، لا يحلّ لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم.
ذكر من قال: عُنِـي ولـيّ الـمقتول:



16834ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية،
قال: حدثنا أبو رجاء، عن الـحسن، فـي قوله: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما فَقَدْ
جَعَلْنا لِولِـيّهِ سُلْطانا قال: كان الرجل يُقتل فـيقول ولـيه: لا أرضى حتـى
أقتل به فلانا وفلانا من أشراف قبـيـلته.



16835ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة فَلا تُسْرِفْ فـي القَتْلِ قال: لا تقتل غير
قاتلك، ولا تـمثّل به.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة فَلا يُسْرِفْ فـي القَتْلِ قال: لا يقتل غير قاتله من قَتَل بحديدة قُتل
بحديدة ومن قَتَل بخشبة قُتِل بخشبة ومن قَتل بحجر قُتل بحجر. ذُكر لنا أن نبـيّ
الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إنّ منْ أعْتَـى النّاسِ علـى اللّهِ جَلّ
ثَناؤُهُ ثَلاَثَةً: رَجُلٌ قَتَلَ غيرَ قاتِلِهِ، أوْ قَتَلَ بدَخَنٍ فِـي
الـجاهِلِـيّةِ، أوْ قَتَلَ فِـي حَرَمِ اللّهِ».



16836ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال:
سمعته، يعنـي ابن زيد، يقول فـي قول الله جلّ ثناؤه وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما
فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِـيّهِ سُلْطانا قال: إن العرب كانت إذا قُتل منهم قتـيـل،
لـم يرضوا أن يقتلوا قاتل صاحبهم، حتـى يقتلوا أشرف من الذي قتله، فقال الله جلّ
ثناؤه فَقَدْ جَعَلَنا لِوَلِـيّهِ سُلْطانا ينصره وينتصف من حقه فلا يُسْرِفْ
فِـي القَتْلِ يقتل بريئا. ذكر من قال عُنِـي به القاتل:



16837ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثـير عن مـجاهد فَلا يُسْرِفْ فِـي
القَتْلِ قال: لا يسرف القاتل فـي القتل.



وقد ذكرنا الصواب من القراءة فـي ذلك عندنا،
وإذا كان كلا وجهي القراءة عندنا صوابـا، فكذلك جميع أوجه تأويـله التـي ذكرناها
غير خارج وجه منها من الصواب، لاحتـمال الكلام ذلك وإن فـي نهي الله جلّ ثناؤه بعض
خـلقه عن الإسراف فـي القتل، نهى منه جميعَهم عنه.



وأما قوله: إنّهُ كانَ مَنْصُورا فإن أهل
التأويـل اختلفوا فـيـمن عُنِـي بـالهاء التـي فـي قوله إنّهُ وعلـى ما هي عائدة،
فقال بعضهم: هي عائدة علـى ولـيّ الـمقتول، وهو الـمعنـيّ بها، وهو الـمنصور علـى
القاتل. ذكر من قال ذلك:



16838ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة إنّهُ كانَ مَنْصُورا قال: هو دفع الإمام إلـيه،
يعنـي إلـى الولـيّ، فإن شاء قتل، وإن شاء عفـا.



وقال آخرون: بل عُنِـي بها الـمقتول، فعلـى هذا
القول هي عائدة علـى «مَن» فـي قوله: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوما. ذكر من قال ذلك:



16839ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثـير، عن مـجاهد إنّهُ كانَ مَنْصُورا إن
الـمقتول كان منصورا.



وقال آخرون: عُنِـي بها دم الـمقتول، وقالوا:
معنى الكلام: إن دم القتـيـل كان منصورا علـى القاتل.



وأشبه ذلك بـالصواب عندي. قول من قال عُنِـي
بها الولـيّ، وعلـيه عادت، لأنه هو الـمظلوم، وولـيه الـمقتول، وهي إلـى ذكره أقرب
من ذكر الـمقتول، وهو الـمنصور أيضا، لأن الله جلّ ثناؤه قضى فـي كتابه الـمنزل،
أن سلّطه علـى قاتل ولـيه، وحكّمه فـيه، بأن جعل إلـيه قتله إن شاء، واستبقاءه
علـى الدية إن أحبّ، والعفو عنه إن رأى، وكفـى بذلك نُصرة له من الله جلّ ثناؤه،
فلذلك قلنا: هو الـمعنـيّ بـالهاء التـي فـي قوله: إنّهُ كانَ مَنْصُورا.



الآية : 34


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ
الْيَتِيمِ إِلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّىَ يَبْلُغَ أَشُدّهُ وَأَوْفُواْ
بِالْعَهْدِ إِنّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً }.



يقول تعالـى ذكره: وقضى أيضا أن لا تقربوا مال
الـيتـيـم بأكل، إسرافـا وبدارا أن يَكْبَروا، ولكن اقرَبوه بـالفَعْلَة التـي هي
أحسن، والـخَـلّة التـي هي أجمل، وذلك أن تتصرّفوا فـيه له بـالتثمير والإصلاح
والـحيطة. وكان قتادة يقول فـي ذلك ما:



16840ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الـيَتِـيـمِ إلاّ بـالّتِـي هِيَ
أحْسَنُ لـما نزلت هذه الاَية، اشتدّ ذلك علـى أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فكانوا لا يخالطونهم فـي طعام أو أكل ولا غيره، فأنزل الله تبـارك وتعالـى
وَإن تُـخالِطُوهُمْ فإخْوانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَـمُ الـمُفْسِدَ مِنَ
الـمُصْلِـحِ فكانت هذه لهم فـيها رُخْصة.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَلا تَقَرْبُوا مالَ الـيَتِـيـمِ إلاّ بـالّتِـي هِيَ
أحْسَنُ قال: كانوا لا يخالطونهم فـي مال ولا مأكل ولا مركب، حتـى نزلت وإنْ
تُـخالِطُوهُمْ فإخْوَانُكُمْ. وقال ابن زيد فـي ذلك ما:



16841ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَلاَ تَقْرَبُوا مالَ الـيتِـيـمِ إلاّ بـالّتِـي هِيَ
أحْسَنُ قال: الأكل بـالـمعروف، أن تأكل معه إذا احتـجت إلـيه، كان أُبـيّ يقول
ذلك.



وقوله: حتـى يَبْلُغَ أشُدّهُ يقول: حتـى يبلغ
وقت اشتداده فـي العقل، وتدبـير ماله، وصلاح حاله فـي دينه وأوْفُوا بـالعَهْدِ
يقول: وأوفوا بـالعقد الذي تعاقدون الناس فـي الصلـح بـين أهل الـحرب والإسلام،
وفـيـما بـينكم أيضا، والبـيوع والأشربة والإجارات، وغير ذلك من العقود إنّ
العَهْدَ كانَ مَسْئُولاً يقول: إن الله جلّ ثناؤه سائل ناقض العهد عن نقضه إياه،
يقول: فلا تنقصوا العهود الـجائزة بـينكم، وبـين من عاهدتـموه أيها الناس
فتـخفروه، وتغدروا بـمن أعطيتـموه ذلك. وإنـما عنى بذلك أن العهد كان مطلوبـا يقال
فـي الكلام: لـيسئلنّ فلان عهد فلان.



الآية : 35


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا
كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره: وَ قضى أن أوْفُوا
الكَيْـلَ للناس إذَا كِلْتُـمْ لهم حقوقهم قِبَلَكم، ولا تبخَسُوهم وَزِنُوا
بـالقِسْطاسِ الـمُسْتَقِـيـمِ يقول: وقَضَى أو زنوا أيضا إذا وزنتـم لهم
بـالـميزان الـمستقـيـم، وهو العدل الذي لا اعوجاج فـيه، ولا دَغَل، ولا خديعة.
وقد اختلف أهل التأويـل فـي معنى القسطاس، فقال بعضهم: هو القبـان. ذكر من قال
ذلك:



16842ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا صفوان
بن عيسى، قال: حدثنا الـحسن بن ذكوان، عن الـحسن: وَزِنُوا بـالقِسْطاسِ
الـمُسْتَقِـيـمِ قال: القَبّـان.



وقال آخرون: هو العدل بـالرومية. ذكر من قال
ذلك:


16843ـ
حدثنا علـيّ بن سهل، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: القِسطاس: العدل
بـالرومية. وقال آخرون: هو الـميزان صغر أو كبر وفـيه لغتان: القِسطاس بكسر القاف،
والقُسطاس بضمها، مثل القِرطاس والقُرطاس وبـالكسر يقرأ عامّة قرّاء أهل الكوفة،
وبـالضمّ يقرأ عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة، وقد قرأ به أيضا بعض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:36 pm

قرّاء الكوفـيـين،
وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، لأنهما لغتان مشهورتان، وقراءتان مستفـيضتان فـي
قرّاء الأمصار.



وقوله: ذلكَ خَيْرٌ يقول: إيفـاؤكم أيها الناس
من تكيـلون له الكيـل، ووزنكم بـالعدل لـمن توفون له خَيْرٌ لَكُمْ من بخسكم إياهم
ذلك، وظلـمكموهم فـيه. وقوله: وأحْسَنُ تأْوِيلاً يقول: وأحسن مردودا علـيكم
وأولـى إلـيه فـيه فعلكم ذلك، لأن الله تبـارك وتعالـى يرضى بذلك علـيكم، فـيُحسن
لكم علـيه الـجزاء. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16844ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وأوْفُوا الكَيْـلَ كِلْتُـمْ وَزِنُوا بـالقِسْطاسِ
الـمُسْتَقِـيـمِ ذلكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلاً أي خير ثوابـا وعاقبة.



وأخبرنا أن ابن عبـاس كان يقول: يا معشر
الـموالـي، إنكم وَلِـيتـم أمرين بهما هلك الناس قبلكم: هذا الـمِكيال، وهذا
الـمِيزان. قال: وذُكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لا
يَقْدِرُ رَجُلٌ علـى حَرَامٍ ثُمّ يَدَعُهُ، لَـيْسَ بِهِ إلاّ مَخافَةُ اللّهِ،
إلاّ أبْدَلَهُ اللّهُ فِـي عاجِلِ الدّنْـيا قَبْلَ الاَخِرَةِ ما هُوَ خَيْرٌ
لَهُ مِنْ ذلكَ».



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة وأحْسَنُ تَأْوِيلاً قال: عاقبة وثوابـا.



الآية : 36


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّ السّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولـَئِكَ كَانَ
عَنْهُ مَسْؤُولاً }.



اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: وَلا
تَقْـفُ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ فقال بعضهم: معناه: ولا تقل ما لـيس لك به
علـم. ذكر من قال ذلك:



16845ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو
صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: وَلا تَقْـفُ ما لَـيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْـمٌ يقول: لا تقل.



16846ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وَلا تَقْـفُ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ إنّ السّمْعَ والبَصَرَ
والفُؤَادَ كُلّ أُولَئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولاً لا تقل رأيت ولـم تر، وسمعت
ولـم تسمع، فإن الله تبـارك وتعالـى سائلك عن ذلك كله.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَلا تَقْـفُ ما لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ قال: لا تقل
رأيت ولـم تر، وسمعت ولـم تسمع، وعلـمت ولـم تعلـم.



16847ـ حُدثت عن مـحمد بن ربـيعة، عن إسماعيـل
الأزرق، عن أبـي عمر البزار، عن ابن الـحنفـية قال: شهادة الزور.



وقال آخرون: بل معناه: ولا ترم. ذكر من قال
ذلك:



16848ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله وَلا تَقْـفُ ما
لَـيْسَ لَكَ بِهِ عِلْـمٌ يقول: لا ترم أحدا بـما لـيس لك به علـم.



16849ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وَلا تَقْـفُ ولا ترمِ.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وهذان التأويلان متقاربـا الـمعنى، لأن القول
بـما لا يعلـمه القائل يدخـل فـيه شهادة الزور، ورمى الناس بـالبـاطل، وادّعاء
سماع ما لـم يسمعه، ورؤية ما لـم يره. وأصل القـفو: العضه والبهت. ومنه قول
النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «نَـحْنُ بَنُو النّضْرِ بْنِ كِنانَة لا نَقْـفُو
أمّنا وَلا نَنْتَفِـي مِنُ أبِـينا»، وكان بعض البصريـين ينشد فـي ذلك بـيتا:



وَمِثْلُ الدّمَى شُمّ العَرَانِـينِ ساكِنٌبِهِنّ
الـحَياءُ لا يُشِعْنَ التّقافِـيا



يعنـي بـالتقافـي: التقاذف. ويزعم أن معنى قوله
لا تَقْـفُ لا تتبع ما لا تعلـم، ولا يعنـيك. وكان بعض أهل العربـية من أهل
الكوفة، يزعم أن أصله القـيافة، وهي اتبـاع الأثر وإذ كان كما ذكروا وجب أن تكون
القراءة: «وَلا تَقُـفْ» بضم القاف وسكون الفـاء، مثل: ولا تقل. قال: والعرب تقول:
قـفوت أثره، وقُـفت أثره، فتقدّم أحيانا الواو علـى الفـاء وتؤخرها أحيانا بعدها،
كما قـيـل: قاع الـجمل الناقة: إذا ركبها وقَعَا وعاثَ وعَثَى وأنشد سماعا من
العرب.



ولَوْ أنّـي رَمَيْتُكَ مِنْ قَرِيبٍلَعاقَكَ
مِنْ دُعاءٍ الذّئْبِ عاقِ



يعنـي عائق، ونظائر هذا كثـيرة فـي كلام العرب.


وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
معنى ذلك: لا تقل للناس وفـيهم ما لا علـم لك به، فترميهم بـالبـاطل، وتشهد علـيهم
بغير الـحقّ، فذلك هو القـفو.



وإنـما قلنا ذلك أولـى الأقوال فـيه بـالصواب،
لأن ذلك هو الغالب من استعمال العرب القـفو فـيه.



وأما قوله إنّ السّمْعَ والبَصَرَ والفُؤَادَ
كُلّ أُولَئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْئُولاً فإن معناه: إن الله سائل هذه الأعضاء عما
قال صاحبها، من أنه سمع أو أبصر أو علـم، تشهد علـيه جوارحه عند ذلك بـالـحقّ،
وقال «أولئك»، ولـم يقل «تلك»، كما قال الشاعر:



ذُمّ الـمَنازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ
اللّوَىوالعَيْشَ بَعْدِ أُولَئِكَ الأيّامِ



وإنـما قـيـل: أولئك، لأن أولئك وهؤلاء للـجمع
القلـيـل الذي يقع للتذكير والتأنـيث، وهذه وتلك للـجمع الكثـير فـالتذكير
للقلـيـل من بـاب أَنْ كان التذكير فـي الأسماء قبل التأنـيث. لك التذكير للـجمع
الأوّل، والتأنـيث للـجمع الثانـي، وهو الـجمع الكثـير، لأن العرب تـجعل الـجمع
علـى مثال الأسماء.



الآية : 37
و38



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأرْضِ
مَرَحاً إِنّكَ لَن تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلّ ذَلِكَ كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبّكَ
مَكْرُوهاً }.



يقول تعالـى ذكره: ولا تـمش فـي الأرض مختالاً
مستكبرا إنّكَ لَنْ تَـخْرِقَ الأرْضَ يقول: إنك لن تقطع الأرض بـاختـيالك، كما
قال رُؤْبة:



وقاتِـمِ الأعماقِ
خاوِي الـمُخْتَرَق



يعنـي بـالـمخترق: الـمقطع وَلَنْ تَبلُغَ
الـجِبـالَ طُولاً بفخرك وكبرك، وإنـما هذا نهي من الله عبـاده عن الكبر والفخر
والـخُيَلاء، وتقدم منه إلـيهم فـيه معرّفهم بذلك أنهم لا ينالون بكبرهم وفخارهم شيئا
يقصر عنه غيرهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16850ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله وَلا تَـمْشِ فِـي الأرْضِ مَرَحا إنّكَ لَنْ تَـخْرِقَ
الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الـجِبـالِ طُولاً يعنـي بكبرك ومرحك.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة وَلا تَـمْشِ فِـي الأرْضِ مَرَحا قال: لا تـمش فـي الأرض
فخرا وكبرا، فإن ذلك لا يبلغ بك الـجبـال، ولا تـخرق الأرض بكبرك وفخرك.



16851ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج وَلا تَـمْشِ فِـي الأرْضِ قال: لا تفخر.



وقـيـل: لا تـمش مرَحا، ولـم يقل مرِحا، لأنه
لـم يرد بـالكلام: لا تكن مرِحا، فـيجعله من نعت الـماشي، وإنـما أريد لا تـمرح
فـي الأرض مرَحا، ففسر الـمعنى الـمراد من قوله: ولا تـمش، كما قال الراجز:



يُعْجِبُهُ السّخُونُ والعَصِيدُوالتّـمْرُ
حَبّـا ما لَهُ مَزيدُ



فقال: حبـا، لأن فـي قوله: يعجبه، معنى يحبّ،
فأخرج قوله: حبـا، من معناه دون لفظه.



وقوله: كُلّ ذلكَ كانَ سَيّئُهُ عنْدَ رَبّكَ
مَكْرُوها فإن القرّاء اختلفت فـيه، فقرأه بعض قرّاء الـمدينة وعامة قرّاء الكوفة
كُلّ ذلكَ كانَ سَيّئُهُ عنْدَ رَبّكَ مَكْرُوها علـى الإضافة بـمعنى: كلّ هذا
الذي ذكرنا من هذه الأمور التـي عددنا من مبتدإ قولنا وَقَضَى رَبّكَ ألاّ
تَعْبُدُوا إلاّ إياهُ... إلـى قولنا وَلا تَـمْشِ فِـي الأرْضِ مَرَحا كانَ
سَيّئُهُ يقول: سيىء ما عددنا علـيك عند ربك مكروها. وقال قارئو هذه القراءة:
إنـما قـيـل كُلّ ذلكَ كانَ سَيّئُهُ بـالإضافة، لأن فـيـما عددنا من قوله وَقَضَى
رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ أمورا، هي أمر بـالـجميـل، كقوله
وَبـالوَالدَيْنِ إحْسانا، وقوله وآتِ ذَا القُرْبَى حَقّهُ وما أشبه ذلك، قالوا:
فلـيس كلّ ما فـيه نهيا عن سيئة، بل فـيه نهى عن سيئة، وأمر بحسنات، فلذلك قرأنا
سَيّئُهُ. وقرأ عامة قرّاء أهل الـمدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة: «كُلّ ذلكَ
كانَ سَيّئَةً» وقالوا: إنـما عنى بذلك: كلّ ما عددنا من قولنا وَلا تَقْتُلُوا
أوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ ولـم يدخـل فـيه ما قبل ذلك. قالوا: وكلّ ما عددنا
من ذلك الـموضع إلـى هذا الـموضع سيئة لا حسنة فـيه، فـالصواب قراءته بـالتنوين.
ومن قرأ هذه القراءة، فإنه ينبغي أن يكون من نـيته أن يكون الـمكروه مقدما علـى
السيئة، وأن يكون معنى الكلام عنده: كلّ ذلك كان مكروها سيئة لأنه إن جعل قوله:
مكروها نعدّ السيئة من نعت السيئة، لزمه أن تكون القراءة: كلّ ذلك كان سيئة عند
ربك مكروهة، وذلك خلاف ما فـي مصاحف الـمسلـمين.



وأولـى القراءتـين عندي فـي ذلك بـالصواب قراءة
من قرأ كُلّ ذلكَ كانَ سيّئُهُ علـى إضافة السيىء إلـى الهاء، بـمعنى: كلّ ذلك
الذي عددنا من وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ... كانَ سَيّئُهُ لأن
فـي ذلك أمورا منهيا عنها، وأمورا مأمورا بها، وابتداء الوصية والعهد من ذلك
الـموضع دون قوله وَلا تَقْتُلُوا أوْلادَكُمْ إنـما هو عطف علـى ما تقدّم من قوله
وَقَضَى رَبّكَ ألاّ تَعْبُدُوا إلاّ إيّاهُ فإذا كان ذلك كذلك، فقرأته بإضافة
السيىء إلـى الهاء أولـى وأحقّ من قراءته سيئةً بـالتنوين، بـمعنى السيئة الواحدة.






فتأويـل الكلام إذن: كلّ هذا الذي ذكرنا لك من
الأمور التـي عددناها علـيك كان سيئه مكروها عند ربك يا مـحمد، يكرهه وينهى عنه
ولا يرضاه، فـاتق مواقعته والعمل به.



الآية : 39


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {ذَلِكَ مِمّآ أَوْحَىَ
إِلَيْكَ رَبّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَـَهاً آخَرَ
فَتُلْقَىَ فِي جَهَنّمَ مَلُوماً مّدْحُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: هذا الذي بـيّنا لك يا
مـحمد من الأخلاق الـجميـلة التـي أمرناك بجميـلها، ونهيناك عن قبـيحها مِـمّا
أوْحَى إلَـيْكَ رَبّكَ مِنَ الـحِكْمَةِ يقول: من الـحكمة التـي أوحيناها إلـيك
فـي كتابنا هذا، كما:



16852ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله ذلكَ مِـمّا أوْحَى إلَـيْكَ رَبّكَ مِنَ الـحِكْمَةِ قال:
القرآن.



وقد بـيّنا معنى الـحكمة فـيـما مضى من كتابنا
هذا، بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



وَلا تَـجْعَلْ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ
فَتُلْقَـى فِـي جَهَنّـمَ مَلُوما مَدْحُورا يقول: ولا تـجعل مع الله شريكا فـي
عبـادتك، فتُلقـى فـي جهنـم ملوما تلومك نفسك وعارفوك من الناس مَدْحُورا يقول:
مُبْعَدا مقصيا فـي النار، ولكن أخـلص العبـادة لله الواحد القهّار، فتنـجوَ من
عذابه. وبنـحو الذي قلنا فـي قوله مَلُوما مَدْحُورا قال أهل التأويـل. ذكر من قال
ذلك:



16853ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد
الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: مَلُوما
مَدْحُورا يقول: مطرودا.



16854ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة مَلُوما مَدْحُورا قال: ملوما فـي عبـادة الله،
مدحورا فـي النار.



الآية : 40


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبّكُم
بِالْبَنِينَ وَاتّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثاً إِنّكُمْ لَتَقُولُونَ
قَوْلاً عَظِيماً }.



يقول تعالـى ذكره للذين قالوا من مشركي العرب:
الـملائكة بنات الله أفأصْفـاكُمْ أيها الناس رَبّكُمْ بـالبَنـينَ يقول: أفخصكم
ربكم بـالذكور من الأولاد واتّـخَذَ مِنَ الـمَلائِكَةِ إناثا وأنتـم لا ترضونهن
لأنفسكم، بل تئدونهن، وتقتلونهن، فجعلتـم لله ما لا ترضونه لأنفسكم إنّكُمْ
لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيـما يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين الذين قالوا من
الفرية علـى الله ما ذكرنا: إنكم أيها الناس لتقولون بقـيـلكم: الـملائكة بنات
الله، قولاً عظيـما، وتفترون علـى الله فرية منكم. وكان قتادة يقول فـي ذلك ما:



16855ـ حدثنا مـحمد، قال: حدثنا مـحمد بن ثور،
عن معمر، عن قتادة واتّـخَذَ مِنَ الـمَلائِكَةِ إناثا قال: قالت الـيهود:
الـملائكة بنات الله.



الآية : 41


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَلَقَدْ صَرّفْنَا فِي
هَـَذَا الْقُرْآنِ لِيَذّكّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ نُفُوراً }.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:37 pm

يقول تعالـى ذكره:
وَلَقَدْ صَرّفْتا لهؤلاء الـمشركين الـمفترين علـى الله فِـي هَذَا القُرآنِ
العِبَر والاَيات والـحجج، وضربنا لهم فـيه الأمثال، وحذّرناهم فـيه وأنذرناهم
لِـيَذّكّرُوا يقول: لـيتذكروا تلك الـحجج علـيهم، فـيعقلوا خطأ ما هم علـيه مقـيـمون،
ويعتبروا بـالعبر، فـيتعظوا بها، وينـيبوا من جهالتهم، فما يعتبرون بها، ولا
يتذكرون بـما يرد علـيهم من الاَيات والنّذر، وما يزيدهم تذكيرنا إياهم إلاّ
نُفُورا يقول: إلا ذهابـا عن الـحقّ، وبُعدا منه وهربـا. والنفور فـي هذا الـموضع
مصدر من قولهم: نفر فلان من هذا الأمر ينفِر منه نَفْرا ونفورا.






الآية : 42


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ لّوْ كَانَ مَعَهُ
آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إِلَىَ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد لهؤلاء الـمشركين الذين جعلوا مع الله إلها آخر: لو كان الأمر
كما تقولون: من أن معه آلهة، ولـيس ذلك كما تقولون، إذن لابتغت تلك الاَلهة
القُربة من الله ذي العرش العظيـم، والتـمست الزّلْفة إلـيه، والـمرتبة منه. كما:



16856ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كمَا يَقُولُونَ إذًا
لابْتَغَوْا إلـى ذِي العَرْشِ سَبِـيلاً يقول: لو كان معه آلهة إذن لعرفوا فضله
ومرتبته ومنزلته علـيهم، فـابتغوا ما يقرّبهم إلـيه.



حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد
بن ثور، عن معمر، عن قتادة إذًا لابْتَغَوْا إلـى ذِي العَرْشِ سَبِـيلاً قال:
لابتغَوا القُرب إلـيه، مع أنه لـيس كما يقولون.






الآية : 43
و44



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ
عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً *
تُسَبّحُ لَهُ السّمَاوَاتُ السّبْعُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنّ وَإِن مّن
شَيْءٍ إِلاّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـَكِن لاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنّهُ
كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }.



وهذا تنزيه من الله تعالـى ذكره نفسه عما وصفه
به الـمشركون، الـجاعلون معه آلهة غيره، الـمضيفون إلـيه البنات، فقال: تنزيها لله
وعلوّا له عما تقولون أيها القوم، من الفرية والكذب، فإن ما تضيفون إلـيه من هذه
الأمور لـيس من صفته، ولا ينبغي أن يكون له صفة. كما:



16857ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة سُبْحانَهُ وَتَعالـى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّا كَبِـيرا يسبح نفسه
إذ قـيـل علـيه البهتان. وقال تعالـى: عَمّا يَقُولُونَ عُلُوّا ولـم يقل:
تعالـيا، كما قال: وَتَبَتّلْ إلَـيْهِ تَبْتِـيلاً كما قال الشاعر:



أنْتَ الفِدَاءُ لكَعْبَةٍ
هَدّمْتَهاونَقَرْتَها بـيَدَيْكَ كُلّ مَنَقّرِ



مُنِعَ الـحَمامُ مَقِـيـلَهُ مِنْ
سَقْـفِهاومِنَ الـحَطِيـمِ فَطارَ كُلّ مُطَيّرِ



وقوله: تُسَبّحُ لَهُ السّمَواتُ السّبْعُ
والأرْضُ وَمَنْ فِـيهِنّ يقول: تنزّه الله أيها الـمشركون عما وصفتـموه به إعظاما
له وإجلالاً، السموات السبع والأرض، ومن فـيهنّ من الـمؤمنـين به من الـملائكة
والإنس والـجنّ، وأنتـم مع إنعامه علـيكم، وجميـل أياديه عندكم، تفترون علـيه بـما
تَفْتَرون.



وقوله: وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ يُسَبّحُ
بِحَمْدِهِ يقول جلّ ثناؤه: وما من شيء من خـلقه إلا يسبح بحمده، كما:



16858ـ حدثنـي به نصر بن عبد الرحمن
الأَوْدِيّ، قال: حدثنا مـحمد بن يعلَـى، عن موسى بن عبـيدة، عن زيد بن أسلـم، عن
جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أُخْبِرُكُمْ
بِشَيْءٍ أمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ؟ إنّ نُوحا قالَ لاِبْنِهِ يا بُنَـيّ آمُرُكَ
أنْ تَقُولَ سُبْحانَ اللّهِ وبِحَمْدِهِ فإنّها صَلاةُ الـخَـلْقِ، وَتَسْبِـيحُ
الـخَـلْقِ، وبِها تُرْزَقُ الـخَـلْقُ، قالَ اللّهُ وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ
يُسَبّحُ بِحَمْدِهِ».



16859ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح، قال: حدثنا عيسى بن عبـيد، قال: سمعت عكرمة يقول: لا يَعِيبنّ أحدكم دابته
ولا ثوبه، فإن كلّ شيء يسبح بحمده.



16860ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح، قال: حدثنا الـحسين، عن يزيد، عن عكرمة وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ يُسَبّحُ
بِحَمْدِهِ قال: الشجرة تسبح، والأُسْطوانة تسبح.



16861ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن
واضح وزيد بن حبـاب، قالا: حدثنا جرير أبو الـخطاب، قال: كنا مع يزيد الرقاشي ومعه
الـحسن فـي طعام، فقدّموا الـخوان، فقال يزيد الرقاشي: يا أبـا سعيد يسبح هذا
الـخوان: فقال: كان يسبح مرّة.



16862ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال:
أخبرنا جويبر، عن الضحاك، ويونس، عن الـحسن أنهما قالا فـي قوله: وَإنْ مِنْ
شَيْءٍ إلاّ يُسَبّح بِحَمْدِهِ قالا: كلّ شيء فـيه الروح.



16863ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد
الكبـير بن عبد الـمـجيد، قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم، قال: الطعام
يسبح.



16864ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر عن قتادة وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ يُسَبّحُ بِحَمْدِهِ قال:
كلّ شيء فـيه الروح يسبح، من شجر أو شيء فـيه الروح.



16865ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن أبـيَ، عن عبد الله بن عمرو، أن الرجل إذا قال: لا
إله إلا الله، فهي كلـمة الإخلاص التـي لا يقبل الله من أحد عملاً حتـى يقولها،
فإذا قال الـحمد لله، فهي كلـمة الشكر التـي لـم يشكر الله عبد قطّ حتـى يقولها:
فإذا قال الله أكبر، فهي تـملأ ما بـين السماء والأرض، فإذا قال سبحان الله، فهي
صلاة الـخلائق التـي لـم يَدْعُ اللّهَ أحد من خـلقه إلا نوّره بـالصلاة
والتسبـيح، فإذا قال لا حول ولا قوّة إلا بـالله، قال: أسلـم عبدي واستسلـم.



وقوله: ولَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِـيحَهُمْ
يقول تعالـى ذكره: ولكن لا تفقهون تسبـيح ما عدا تسبـيح من كان يسبح بـمثل ألسنتكم
إنّهُ كانَ حَلِـيـما يقول: إن الله كان حلـيـما لا يعجل علـى خـلقه، الذين
يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء الـمشركين الذين يدعون معه
الاَلهة والأنداد بـالعقوبة غَفُورا يقول: ساترا علـيهم ذنوبهم، إذا هم تابوا منها
بـالعفو منه لهم، كما:



16866ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة إنّهُ كانَ حَلِـيـما عن خـلقه، فلا يعجل كعجلة بعضهم علـى بعض
غَفُورا لهم إذا تابوا.



الآية : 45


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِذَا قَرَأْتَ
الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ
حِجَاباً مّسْتُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: وإذا قرأت يا مـحمد القرآن
علـى هؤلاء الـمشركين الذين لا يصدّقون بـالبعث، ولا يقرّون بـالثواب والعقاب،
جعلنا بـينك وبـينهم حجابـا، يحجب قلوبهم عن أن يفهموا ما تقرؤه علـيهم، فـينتفعوا
به، عقوبة منا لهم علـى كفرهم. والـحجاب ههنا: هو الساتر، كما:



16867ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلْنا بَـيْنَكَ وبـينَ الّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بـالاَخرة حِجابـا مَسْتُورا الـحجاب الـمستور أكنة علـى قلوبهم أن
يفقهوه وأن ينتفعوا به، أطاعوا الشيطان فـاستـحوذ علـيهم.



حدثنا مـحمد، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن
معمر، عن قتادة حِجابـا مَسْتُورا قال: هي الأكنة.



16868ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلْنا بَـيْنَكَ وبـينَ
الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـالاَخِرَةِ حِجابـا مَسْتُورا قال: قال أُبـيّ: لا
يفقهونه، وقرأ قُلُوبُهُمْ فِـي أكِنّةٍ وفِـي آذَانِهِمْ وَقْرٌ لا يخـلص ذلك
إلـيهم.



وكان بعض نـحويـيّ أهل البصرة يقول: معنى قوله
حِجابـا مَسْتُورا حِجابـا ساترا، ولكنه أخرج وهو فـاعل فـي لفظ الـمفعول، كما
يقال: إنك مشئوم علـينا وميـمون، وإنـما هو شائم ويامن، لأنه من شأمهم ويـمنهم.
قال: والـحجاب ههنا: هو الساتر. وقال: مستورا. وكان غيره من أهل العربـية يقول:
معنى ذلك: حجابـا مستورا عن العبـاد فلا يرونه.



وهذا القول الثانـي أظهر بـمعنى الكلام أن يكون
الـمستور هو الـحجاب، فـيكون معناه: أن لله سترا عن أبصار الناس فلا تدركه
أبصارهم، وإن كان للقول الأوّل وجه مفهوم.






الآية : 46


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَجَعَلْنَا عَلَىَ
قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ
رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: وجعلنا علـى قلوب هؤلاء
الذين لا يؤمنون بـالاَخرة عند قراءتك علـيهم القرآن أكنة وهي جمع كِنان، وذلك ما
يتغشّاها من خِذلان الله إياهم عن فهم ما يُتلـى علـيهم وفِـي آذانِهمْ وَقْرا
يقول: وجعلنا فـي آذانهم وقرا عن سماعه، وصمـما. والوَقر بـالفتـح فـي الأذن:
الثقل. والوِقر بـالكسر: الـحِمْل. وقوله: وَإذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فـي القُرْآنِ
وَحْدَهُ يقول: وإذا قلت: لا إله إلا الله فـي القرآن وأنت تتلوه وَلّوْا علـى
أدْبـارِهِمْ نُفُورا يقول: انفضوا، فذهبوا عنك نفورا من قولك استكبـارا له
واستعظاما من أن يوحّد الله تعالـى. وبـما قلنا فـي ذلك، قال بعض أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16869ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَإذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ وَلّوْا وإن
الـمسلـمين لـما قالوا: لا إله إلا الله، أنكر ذلك الـمشركون وكبرت علـيهم، فصافها
إبلـيس وجنوده، فأبى الله إلا أن يـمضيها وينصرها ويفلـجها ويظهرها علـى من
ناوأها، إنها كلـمة من خاصم بها فلـج، ومن قاتل بها نُصِر، إنـما يعرفها أهل هذه
الـجزيرة من الـمسلـمين، التـي يقطعها الراكب فـي لـيال قلائل ويسير الدهر فـي
فِئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرّون بها.



16870ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: وَإذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ وَلّوْا
علـى أدْبـارِهِمْ نُفُورا قال: بغضا لـما تكلـم به لئلا يسمعوه، كما كان قوم نوح
يجعلون أصابعهم فـي آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفـار والتوبة،
ويستغشُون ثـيابهم، قال: يـلتفون بثـيابهم، ويجعلون أصابعهم فـي آذانهم لئلا
يسمعوا ولا يُنظر إلـيهم.



وقال آخرون: إنـما عُنِـي بقوله وَلّوْا علـى
أدْبـارِهِمْ نُفُورا الشياطين، وإنها تهرب من قراءة القرآن، وذكر الله. ذكر من
قال ذلك:



16871ـ حدثنـي الـحسين بن مـحمد الذارع، قال:
حدثنا روح بن الـمسيب أبو رجاء الكلبـي، قال: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبـي
الـجوزاء، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَإذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِـي القُرآنِ وَحْدَهُ
وَلّوْا عَلـى أدْبـارِهِمْ نُفُورا هم الشياطين.



والقول الذي قلنا فـي ذلك أشبه بـما دلّ علـيه
ظاهر التنزيـل، وذلك أن الله تعالـى أتبع ذلك قوله وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ
جَعَلْنا بَـيْنَكَ وبـينَ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بـالاَخِرِةِ حِجابـا مَسْتُورا
فأن يكون ذلك خبرا عنهم أولـى إذ كان بخبرهم متصلاً من أن يكون خبرا عمن لـم يجز
له ذكر. وأما النفور، فإنها جمع نافر، كما القعود جمع قاعد، والـجلوس جمع جالس وجائز
أن يكون مصدرا أخرج من غير لفظه، إذ كان قوله وَلّوْا بـمعنى: نفروا، فـيكون معنى
الكلام: نفروا نفورا، كما قال امرؤ القـيس:



رُضْتُ فَذَلّتْ
صَعْبَةٌ أيّ إذْلالِ



إذا كان رُضْت بـمعنى: أذللت، فأخرج الإذلال من
معناه، لا من لفظه.






الآية : 47


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {نّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا
يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىَ إِذْ
يَقُولُ الظّالِمُونَ إِن تَتّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مّسْحُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: نـحن أعلـم يا مـحمد بـما
يستـمع به هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالاَخرة من مشركي قومك، إذ يستـمعون إلـيك وأنت
تقرأ كتاب الله وَإذْ هُمْ نَـجْوَى. وكان بعض أهل العربـية من أهل البصرة يقول:
النـجوى: فعلهم، فجعلهم هم النـجوى، كما يقول: هم قوم رضا، وإنـما رضا: فعلهم.
وقوله إذْ يَقُولُ الظّالِـمُونَ إنْ تَتّبِعُونَ إلاّ رَجُلاً مَسْحُورا يقول:
حين يقول الـمشركون بـالله ما تتبعون إلا رجلاً مسحورا. وعنى فـيـما ذُكِر
بـالنـجوى: الذين تشاوروا فـي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي دار النّدوة.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16872ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد إذْ يَسْتَـمِعُونَ إلَـيْكَ قال: هي مثل
قـيـل الولـيد بن الـمُغيرة ومن معه فـي دار الندوة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:38 pm

حدثنا القاسم، قال:
حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، نـحوه.



16873ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة. قوله: إذْ يَسْتَـمِعُونَ إلَـيْكَ وَإذْ هُمْ نَـجْوَى إذْ
يَقُولُ الظّالِـمُونَ... الاَية، ونـجواهم أن زعموا أنه مـجنون. وأنه ساحر،
وقالوا: أساطِيرُ الأوّلِـينَ.



وكان بعض أهل العربـية من أهل البصرة يذهب
بقوله إنْ تَتّبِعُونَ إلاّ رَجُلاً مَسْحُورا إلـى معنى: ما تتبعون إلا رجلاً له
سَحْر: أي له رثة، والعرب تسمي الرئة سَحْرا، والـمسحّر من قولهم للرجل إذا جبن:
قد انتفخ سَحْره، وكذلك يقال لكل ما أكَلَ أو شرب من آدميّ وغيره: مَسحور
ومُسَحّر، كما قال لبـيد:



فإنْ تَسأَلَـينا فِـيـم نَـحْنُ
فإنّناعَصَافِـيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ الـمُسَحّر



وقال آخرون:


(ونُسْحَرُ بـالطعام
وبـالشراب )



أي نغذّي بهما. فكأن معناه عنده كان: إن تتبعون
إلا رجلاً له رئة، يأكل الطعام، ويشرب الشراب، لا مَلَكا لا حاجة به إلـى الطعام
والشراب، والذي قال من ذلك غير بعيد من الصواب.






الآية : 48


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ
لَكَ الأمْثَالَ فَضَلّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره: انظر يا مـحمد بعين قلبك
فـاعتبر كيف مثّلوا لك الأمثال، وشبهوا لك الأشبـاه، بقولهم: هو مسحور، وهو شاعر،
وهو مـجنون فَضَلّوا يقول: فجاروا عن قصد السبـيـل بقـيـلهم ما قالوا فَلا
يَسْتَطِيعُونَ سَبِـيلاً يقول: فلا يهتدون لطريق الـحقّ لضلالهم عنه وبُعدهم منه،
وأن الله قد خذلهم عن إصابته، فهم لا يقدرون علـى الـمَخْرَج مـما هم فـيه من
كفرهم بتوفقّهم إلـى الإيـمان به، كما:



16874ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا
الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فَلا يَسْتَطِيعُونَ
سَبِـيلاً قال: مخرجا، الولـيد بن الـمغيرة وأصحابه أيضا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثالَ فَضَلّوا
فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِـيلاً مخرجا الولـيد بن الـمغيرة وأصحابه.



الآية : 49


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَقَالُوَاْ أَإِذَا كُنّا
عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }.



يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل هؤلاء الذين
لا يؤمنون بـالاَخرة من مشركي قريش، وقالوا بعنتهم: أئِذَا كُنّا عِظاما لـم
نتـحطم ولـم نتكسّر بعد مـماتنا وبلانا وَرُفـاتا يعنـي ترابـا فـي قبورنا، كما:



16875ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، يقول الله: رُفـاتا قال: ترابـا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16876ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الله،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَقالُوا أئذَا كُنّا عِظاما
وَرُفـاتا يقول: غُبـارا، ولا واحد للرّفـات، وهو بـمنزلة الدّقاق والـحُطَام،
يقال منه: رُفِتَ يُرْفَت رَفْتا فهو مرفوت: إذا صُيّر كالـحُطام والرّضاض.



وقوله: أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ خَـلْقا جَدِيدا
قالوا، إنكارا منهم للبعث بعد الـموت: إنا لـمبعوثون بعد مصيرنا فـي القبور عظاما
غير منـحطمة، ورفـاتا منـحطمة، وقد بَلِـينا فصرنا فـيها ترابـا، خـلقا مُنْشَأ
كما كنا قبل الـمـمات جديدا، نعاد كما بدئنا؟ فأجابهم جلّ جلاله يعرّفهم قُدرته
علـى بعثه إياهم بعد مـماتهم، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بِلاهُم خـلقا جديدا،
علـى أيّ حال كانوا من الأحوال، عظاما أو رُفـاتا، أو حجارة أو حديدا، أو غير ذلك
مـما يعظُم عندهم أن يحدث مثله خَـلقْا أمثالَهم أحياء، قل يا مـحمد: كونوا حجارة
أو حديدا، أو خـلقا مـما يكبر فـي صدوركم.






الآية : 50
و 51



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً
أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مّمّا
يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الّذِي فَطَرَكُمْ
أَوّلَ مَرّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىَ هُوَ
قُلْ عَسَىَ أَن يَكُونَ قَرِيباً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد للـمكذّبـين بـالبعث بعد الـمـمات من قومك القائلـين أئِذَا
كُنّا عِظاما وَرُفـاتا أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ خَـلْقا جَدِيدا: كونوا إن عجبتـم
من إنشاء الله إياكم، وإعادته أجسامكم، خـلقا جديدا بعد بِلاكم فـي التراب،
ومصيركم رُفـاتا، وأنكرتـم ذلك من قُدرته حجارة أو حديدا، أو خـلقا مـما يكبر فـي
صدوركم إن قدرتـم علـى ذلك، فإنـي أحيـيكم وأبعثكم خـلقا جديدا بعد مصيركم كذلك
كما بدأتكم أوّل مرّة.



واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنىّ بقوله أوْ
خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ فقال بعضهم: عُنِـي به الـموت، وأريد
به: أو كونوا الـموت، فإنكم إن كنتـموه أمتّكم ثم بعثتكم بعد ذلك يوم البعث. ذكر
من قال ذلك:



16877ـ حدثنا زكريا بن يحيى بن أبـي زائدة،
قال: حدثنا ابن إدريس، عن أبـيه، عن عطية، عن ابن عمر أوْ خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ
فِـي صُدُورِكُمْ قال: الـموت، قال: لو كنتـم موتـى لأحيـيتكم.



16878ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله أوْ خَـلْقا مِـمّا
يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ يعنـي الـموت. يقول: إن كنتـم الـموت أحيـيتكم.



16879ـ حدثنـي مـحمد بن عبـيد الـمـحاربـي،
قال: حدثنا أبو مالك الـجنبـي، قال: حدثنا ابن أبـي خالد، عن أبـي صالـح فـي قوله
أوْ خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ قال: الـموت.



16880ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا
سلـيـمان أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، فـي قوله: أوْ
خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ قال: الـموت.



16881ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال سعيد بن جبـير، فـي قوله: أوْ خَـلْقا مِـمّا
يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ كونوا الـموت إن استطعتـم، فإن الـموت سيـموت قال:
ولـيس شيء أكبر فـي نفس ابن آدم من الـموت.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: بلغنـي، عن سعيد بن جبـير، قال: هو الـموت.



16882ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول:
«يجاء بـالـموت يوم القـيامة كأنه كبش أملـح حتـى يُجعل بـين الـجنة والنار،
فـينادى مناد يُسمِع أهلَ الـجنة وأهل النار، فـيقول: هذا الـموت قد جئنا به ونـحن
مهلكوه، فأيقنوا يا أهل الـجنة وأهل النار أن الـموت قد هلك».



16883ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ،
قال: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: أوْ خَـلْقا
مِـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ يعنـي الـموت، يقول: لو كنتـم الـموت لأمتكم.



وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن الله
يجيء بـالـموت يوم القـيامة، وقد صار أهل الـجنة وأهل النار إلـى منازلهم، كأنه
كبش أملـح، فـيقـف بـين الـجنة والنار، فـينادي أهل الـجنة وأهل النار هذا الـموت،
ونـحن ذابحوه، فأيقنوا بـالـخـلود.



وقال آخرون: عنى بذلك السماء والأرض والـجبـال.
ذكر من قال ذلك:



16884ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة أوْ خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ
قال: السماء والأرض والـجبـال.



وقال آخرون: بل أريد بذلك: كونوا ما شئتـم. ذكر
من قال ذلك:



16885ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى، وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن
ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد كُونُوا حِجارَةً أوْ حَدِيدا أوْ خَـلْقا مِـمّا
يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ قال: ما شئتـم فكونوا، فسيعيدكم الله كما كنتـم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16886ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أوْ حَدِيدا أوْ خَـلْقا مِـمّا يَكْبُرُ
فِـي صُدُورِكُمْ قال: من خـلق الله، فإن الله يـميتكم ثم يبعثكم يوم القـيامة
خـلقا جديدا.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن
الله تعالـى ذكره قال: أوْ خَـلْقا مـمّا يَكْبُرُ فِـي صُدُورِكُمْ، وجائز أن
يكون عنى به الـموت، لأنه عظيـم فـي صدور بنـي آدم وجائز أن يكون أراد به السماء
والأرض وجائز أن يكون أراد به غير ذلك، ولا بـيان فـي ذلك أبـين مـما بـين جلّ
ثناؤه، وهو كلّ ما كبر فـي صدور بنـي آدم من خـلقه، لأنه لـم يخصص منه شيئا دون
شيء.



وأما قوله: فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا فإنه
يقول: فسيقول لك يا مـحمد هؤلاء الذين لا يؤمنون بـالاَخرة مَنْ يُعِيدُنا خـلقا
جديدا، إن كنا حجارة أو حديدا أو خـلقا مـما يكبر فـي صدورنا، فقل لهم: يعيدكم
الّذِي فَطَرَكُمْ أوّلَ مَرّةٍ يقول: يعيدكم كما كنتـم قبل أن تصيروا حجارة أو
حديدا إنسا أحياء، الذي خـلقكم إنسا من غير شيء أوّل مرّة، كما:



16887ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة قُلِ الّذِي فَطَرَكُمْ أوّلَ مَرّةٍ أي خـلقكم فَسَيُنْغَضُونَ
إلَـيْكَ رُءُوسَهُمْ يقول: فإنك إذا قلت لهم ذلك، فسيهزّون إلـيك رءوسهم برفع
وخفض وكذلك النّغْض فـي كلام العرب، إنـما هو حركة بـارتفـاع ثم انـخفـاض، أو
انـخفـاض ثم ارتفـاع، ولذلك سمي الظلـيـم نَغْضا، لأنه إذا عجل الـمشي ارتفع
وانـخفض، وحرّك رأسه، كما قال الشاعر:



أسكّ نَغْضا لا
يَنِـي مُسْتَهْدِجا



ويقال: نَغَضَت سنه: إذا تـحرّكت وارتفعت من
أصلها ومنه قول الراجز:



نَغَضَتْ مِنْ هَرِمٍ
أسْنانُها



وقول الاَخر:


ـمّا رأتْنِـي
أنْغَضَتْ لـيَ الرأسا



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16888ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: فَسَيُنْغِضُونَ إلَـيْكَ رُءُوسَهُمْ أي يحرّكون رءوسهم
تكذيبـا واستهزاء.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة فَسَيُنْغِضُونَ إلَـيْكَ رُءُوُسَهُمْ قال: يحرّكون
رءوسهم.



16889ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله فَسَيُنْغِضُونَ
إلَـيْكَ رُءُوسَهُمْ يقول: سيحركونها إلـيك استهزاء.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخراسانـيّ، عن ابن عبـاس فسَيُنْغِضُونَ إلَـيْكَ
رُءُوسَهُمْ قال: يحرّكون رءوسهم يستهزءون ويقولون متـى هو.



حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله، قال: ثنـي
معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: فسَيُنْغِضُونَ إلَـيْكَ رُءُوسَهُمْ يقول:
يهزؤون.



وقوله: وَيَقُولُونَ مَتـى هُوَ يقول جلّ
ثناؤه: ويقولون متـى البعث، وفـي أيّ حال ووقت يعيدنا خـلقا جديدا، كما كنا أوّل
مرّة؟ قال الله عزّ وجلّ لنبـيه: قل لهم يا مـحمد إذ قالوا لك: متـى هو، متـى هذا
البعث الذي تعدنا؟: عسى أن يكون قريبـا وإنـما معناه: هو قريب، لأن عسى من الله
واجب، ولذلك قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ أنا والسّاعَةُ
كَهاتَـيْن، وأشار بـالسّبـابة والوُسطَى»، لأن الله تعالـى كان قد أعلـمه أنه قريب
مـجيب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:39 pm

الآية : 52
و 53



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ
فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنّونَ إِن لّبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً * وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الّتِي هِيَ
أَحْسَنُ إِنّ الشّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنّ الشّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مّبِيناً }.



يقول تعالـى ذكره: قل عسى أن يكون بعثكم أيها
الـمشركون قريبـا، ذلك يوم يدعوكم ربكم بـالـخروج من قبوركم إلـى موقـف القـيامة،
فتستـجيبون بحمده.



اختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله:
فتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ فقال بعضهم: فتستـجيبون بأمره. ذكر من قال ذلك:



16890ـ حدثنـي علـيّ، قال: ثنـي عبد الله، قال:
ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَـجِيبُونَ
بِحَمْدِهِ يقول: بأمره.



16891ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج فَتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ قال: بأمره.



وقال آخرون: معنى ذلك: فتستـجيبون بـمعرفته
وطاعته. ذكر من قال ذلك:



16892ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ: أي
بـمعرفته وطاعته.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال:
معناه: فتستـجيبون لله من قبوركم بقدرته، ودعائه إياكم. ولله الـحمد فـي كلّ حال،
كما يقول القائل: فعلت ذلك الفعل بحمد الله، يعنـي: لله الـحمد عن كلّ ما فعلته،
وكما قال الشاعر:



فإنّـي بِحَمْد الله لا ثَوْبَ فـاجِرٍلَبِسْتُ
وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنّعُ



بـمعنى: فإنـي والـحمد لله لا ثوب فـاجر لبست.


وقوله: وَتَظُنّونَ إنْ لَبثْتُـمْ إلاّ
قَلِـيلاً يقول: وتـحسِبون عند موافـاتكم القـيامة من هول ما تعاينون فـيها ما
لبثتـم فـي الأرض إلا قلـيلاً، كما قال جلّ ثناؤه قالَ كَمْ لَبِثْتُـمْ فِـي
الأرْض عَدَدَ سِنِـينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْما أوْ بَعْضَ يَوْمٍ فـاسألِ
العادّينَ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16893ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وَتَظُنّونَ إنْ لَبِثْتُـمْ إلاّ قَلِـيلاً: أي فـي الدنـيا،
تـحاقرت الدنـيا فـي أنفسهم وقلّت، حين عاينوا يوم القـيامة.



وقوله: وَقُلْ لِعِبـادِي يَقُولُوا التـي هِيَ
أحْسَنُ يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد لعبـادي
يقل بعضهم لبعض التـي هي أحسن من الـمـحاورة والـمخاطبة. كما:



16894ـ حدثنا خلاد بن أسلـم، قال: حدثنا النضر،
قال: أخبرنا الـمبـارك، عن الـحسن فـي هذه الاَية وَقُلْ لِعِبـادِي يَقُولُوا
التـي هِيَ أحْسَنُ قال: التـي هي أحسن، لا يقول له مثل قوله يقول له: يرحمك الله
يغفر الله لك.



وقوله: إنّ الشّيْطانَ يَنْزَغُ بَـيْنَهُمْ
يقول: إن الشيطان يسوء مـحاورة بعضهم بعضا ينزغ بـينهم، يقول: يفسد بـينهم، يهيج
بـينهم الشرّ إنّ الشّيْطانَ كانَ للإنْسانِ عَدُوّا مُبِـينا يقول: إن الشيطان
كان لاَدم وذرّيته عدوّا، قد أبـان لهم عداوته بـما أظهر لاَدم من الـحسد، وغروره إياه
حتـى أخرجه من الـجنة.



الآية : 54


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {رّبّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ
إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ
عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الـمشركين من قريش
الذين قالوا أئِذَا كُنّا عِظاما وَرُفـاتا أئِنّا لَـمَبْعُوثُونَ خَـلْقا
جَدِيدا: رَبّكُمْ أيها القوم أعْلَـمُ بِكُمْ إنْ يَشأْ يَرْحَمُكُمْ فـيتوب
علـيكم برحمته، حتـى تنـيبوا عما أنتـم علـيه من الكفر به وبـالـيوم الاَخر وَإنْ
يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ بأن يخذلكم عن الإيـمان، فتـموتوا علـى شرككم، فـيعذّبكم يوم
القـيامة بكفركم به. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16895ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن عبد الـملك بن جريج قوله: رَبّكُمْ أعْلَـمُ بِكُمْ إنْ يَشَأْ
يَرْحَمْكُمْ قال: فتؤمنوا أوْ إنْ يَشأْ يُعَذّبْكُمْ فتـموتوا علـى الشرك كما
أنتـم.



وقوله: وَما أرْسَلْناكَ عَلَـيْهِمْ وَكِيلاً
يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك يا مـحمد علـى من أرسلناك
إلـيه لتدعوه إلـى طاعتنا ربـا ولا رقـيبـا، إنـما أرسلناك إلـيهم لتبلغهم رسالاتنا،
وبأيدينا صرفهم وتدبـيرهم، فإن شئنا رحمناهم، وإن شئنا عذّبناهم.






الآية : 55


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَرَبّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ
فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَقَدْ فَضّلْنَا بَعْضَ النّبِيّينَ عَلَىَ بَعْضٍ
وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه صلى الله عليه وسلم:
وربك يا مـحمد أعلـم بـمن فـي السموات والأرض وما يصلـحهم فإنه هو خالقهم ورازقهم
ومدبرهم، وهو أعلـم بـمن هو أهل للتوبة والرحمة، ومن هو أهل للعذاب، أهدى للـحقّ
من سبق له منـي الرحمة والسعادة، وأُضلّ من سبق له منـي الشقاء والـخذلان، يقول:
فلا يكبرنّ ذلك علـيك، فإن ذلك من فعلـي بهم لتفضيـلـي بعض النبـيـين علـى بعض،
بإرسال بعضهم إلـى بعض الـخـلق، وبعضهم إلـى الـجميع، ورفعي بعضهم علـى بعض درجات.
كما:



16896ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَرَبّكَ أعْلَـمُ بِـمَنْ فـي السّمَوَاتِ والأرْضِ
وَلَقَدْ فَضّلْنا بَعْضَ النّبِـيّـينَ عَلـى بَعْضٍ اتـخذ الله إبراهيـم
خـلـيلاً، وكلّـم موسى تكلـيـما، وجعل الله عيسى كمثل آدم خـلقه من تراب، ثم قال
له كن فـيكون، وهو عبد الله ورسوله، من كلـمة الله وروحه، وآتـى سلـيـمان مُلكا لا
ينبغي لأحد من بعده، وآتـى داود زبورا، كنا نـحدّث دعاء عُلّـمه داود، تـحميد
وتـمـجيد، لـيس فـيه حلال ولا حرام، ولا فرائض ولا حدود، وغفر لـمـحمد ما تقدّم من
ذنبه وما تأخّر.



16897ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج وَلَقَدْ فَضّلْنا بَعْض النّبِـيّـينَ عَلـى بَعْضٍ قال:
كلـم الله موسى، وأرسل مـحمدا إلـى الناس كافّة.






الآية : 56


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {قُلِ ادْعُواْ الّذِينَ
زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضّرّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً
}.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: قل يا مـحمد لـمشركي قومك الذين يعبدون من دون الله من خـلقه: ادعو أيها
القوم الذين زعمتـم أنهم أربـاب وآلهة من دونه عند ضرّ ينزل بكم، فـانظروا هل
يقدرون علـى دفع ذلك عنكم، أو تـحويـله عنكم إلـى غيركم، فتدعوهم آلهة، فإنهم لا
يقدرون علـى ذلك، ولا يـملكونه، وإنـما يـملكه ويقدر علـيه خالقكم وخالقهم.
وقـيـل: إن الذين أمر النبـيّ صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذا القول، كانوا
يعبدون الـملائكة وعُزيرا والـمسيح، وبعضهم كانوا يعبدون نفرا من الـجنّ. ذكر من قال
ذلك:



16898ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: قُلِ ادْعُوا
الّذِين زَعَمْتُـمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَـمْلِكُونَ كَشْفَ الضّرّ عَنْكُمْ وَلا
تَـحْوِيلاً قال: كان أهل الشرك يقولون: نعبد الـملائكة وعُزَيرا، وهم الذين
يدعون، يعنـي الـملائكة والـمسيح وعُزيرا.






الآية : 57


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {أُولَـَئِكَ الّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىَ رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيّهُمْ أَقْرَبُ
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ
مَحْذُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين يدعوهم هؤلاء
الـمشركون أربـابـا يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ يقول: يبتغي
الـمدعوّون أربـابـا إلـى ربهم القُربة والزّلفة، لأنهم أهل إيـمان به، والـمشركون
بـالله يعبدونهم من دون الله أيّهُمْ أقْرَبُ أيهم بصالـح عمله واجتهاده فـي
عبـادته أقرب عنده زلفة وَيَرْجُونَ بأفعالهم تلك رَحْمَتَهُ وَيخافُونَ بخلافهم
أمره عَذَابَهُ إنّ عَذَابَ رَبّكَ يا مـحمد كانَ مَـحْذورا متقـي. وبنـحو الذي
قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل، غير أنهم اختلفوا فـي الـمدعويّن، فقال بعضهم: هم
نفر من الـجنّ. ذكر من قال ذلك:



16899ـ حدثنـي أبو السائب، قال: حدثنا أبو
معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيـم، عن عبد الله، فـي قوله: أُولَئِكَ الّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ قال: كان ناس من الإنس يعبدون
قوما من الـجنّ، فأسلـم الـجن وبقـي الإنس علـى كفرهم، فأنزل الله تعالـى
أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ يعنـي
الـجنّ.



حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا أبو النعمان
الـحكم بن عبد الله العجلـي، قال: حدثنا شعبة، عن سلـيـمان، عن إبراهيـم، عن أبـي
معمر، قال: قال عبد الله فـي هذه الاَية أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ
إلـى رَبّهِمُ الوَسيـلَةَ أيّهُمْ أقْرَبُ قال: قَبـيـل من الـجنّ كانوا يعبدون
فأسلـموا.



حدثنـي عبد الوارث بن عبد الصمد، قال: ثنـي
أبـي، قال: ثنـي الـحسين، عن قتادة، عن معبد بن عبد الله الزّمّانـي، عن عبد الله
بن عتبة بن مسعود، عن ابن مسعود، فـي قوله: أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ
يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ قال: نزلت فـي نفر من العرب كانوا يعبدون
نفرا من الـجنّ، فأسلـم الـجنـيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون
بإسلامهم، فأنزلت الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهُمُ الوَسيـلَةَ
أيّهُمْ أقْرَبُ.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث عمه عبد الله بن مسعود، قال:
نزلت هذه الاَية فـي نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الـجنّ، فأسلـم الـجنـيون
والنفر من العرب لا يشعرون بذلك.



16900ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ
الوَسِيـلَةَ قوم عبدوا الـجنّ، فأسلـم أولئك الـجنّ، فقال الله تعالـى ذكره:
أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ.



حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان، عن الأعمش، عن إبراهيـم، عن أبـي معمر، عن عبد الله أُولَئِكَ
الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ قال: كان نفر من الإنس
يعبدون نفرا من الـجنّ، فأسلـم النفر من الـجنّ، واستـمسك الإنس بعبـادتهم، فقال
أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن الأعمش، عن إبراهيـم عن أبـي معمر، قال: قال
عبد الله: كان ناس يعبدون نفرا من الـجنّ، فأسلـم أولئك الـجنـيون، وثبتت الإنس
علـى عبـادتهم، فقال الله تبـارك وتعالـى: أوَلِئكَ الّذِينَ يَدْعُونَ
يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ.



16901ـ حدثنا الـحسن، قال: حدثنا عبد الرزاق،
قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ
إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ أيّهُمْ أقْرَبُ قال كان أناس من أهل الـجاهلـية
يعبدون نفرا من الـجنّ فلـما بعث النبـيّ صلى الله عليه وسلم أسلـموا جميعا،
فكانوا يبتغون أيهم أقرب.



وقال آخرون: بل هم الـملائكة.


16902ـ حدثنـي الـحسين بن علـيّ الصدائي، قال:
حدثنا يحيى بن السكن، قال: أخبرنا أبو العوّام، قال: أخبرنا قتادة، عن عبد الله بن
معبد الزّمّانـي، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان قبـائل من العرب يعبدون صنفـا من
الـملائكة يقال لهم الـجنّ، ويقولون: هم بنات الله، فأنزل الله عزّ وجلّ أُولَئِكَ
الّذِينَ يَدْعُونَ معشر العرب يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ.



16903ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ
قال: الذين يدعون الـملائكة تبتغي إلـى ربها الوسيـلة أيّهُمْ أقْرَبُ وَيَرْجُون
رَحْمَتَهُ حتـى بلغ إنّ عَذَابَ رَبّكَ كانَ مَـحْذُورا قال: وهؤلاء الذين عبدوا
الـملائكة من الـمشركين.



وقال آخرون: بل هم عزير وعيسى، وأمه. ذكر من
قال ذلك:



16904ـ حدثنـي يحيى بن جعفر، قال: أخبرنا يحيى
بن السكن، قال: أخبرنا شعبة، عن إسماعيـل السديّ، عن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس،
فـي قوله: أُولَئِكَ الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ
قال: عيسى وأمه وعُزير.



حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا أبو
النعمان الـحكم بن عبد الله العجلـي، قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيـل السدي، عن أبـي
صالـح، عن ابن عبـاس، قال: عيسى ابن مريـم وأمه وعُزير فـي هذه الاَية أولَئِكَ
الّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ.



16905ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا
عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ قال: عيسى
ابن مريـم وعُزير والـملائكة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:40 pm

حدثنا القاسم، قال:
حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16906ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن
مغيرة، عن إبراهيـم، قال: كان ابن عبـاس يقول فـي قوله: أُولَئِكَ الّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلـى رَبّهِمُ الوَسِيـلَةَ قال: هو عُزير والـمسيح والشمس
والقمر.



وأولـى الأقوال بتأويـل هذه الاَية قول عبد
الله بن مسعود الذي رويناه، عن أبـي معمر عنه، وذلك أن الله تعالـى ذكره أخبر عن
الذين يدعوهم الـمشركون آلهة أنهم يبتغون إلـى ربهم الوسيـلة فـي عهد النبـيّ صلى
الله عليه وسلم ومعلوم أن عُزيرا لـم يكن موجودا علـى عهد نبـينا علـيه الصلاة
والسلام، فـيبتغي إلـى ربه الوسيـلة وأن عيسى قد كان رُفع، وإنـما يبتغي إلـى ربه
الوسيـلة من كان موجودا حيا يعمل بطاعة الله، ويتقرّب إلـيه بـالصالـح من الأعمال.
فأما من كان لا سبـيـل له إلـى العمل، فبـم يبتغي إلـى ربه الوسيـلة. فإذ كان لا
معنى لهذا القول، فلا قول فـي ذلك إلا قول من قال ما اخترنا فـيه من التأويـل، أو
قول من قال: هم الـملائكة، وهما قولان يحتـملهما ظاهر التنزيـل. وأما الوسيـلة،
فقد بـيّنا أنها القربة والزلفة. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر
من قال ذلك:



16907ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس: الوسيـلة: القربة.



16908ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: الوسيـلة، قال: القربة والزلفـى.






الآية : 58


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاّ
نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَاباً
شَدِيداً كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً }.



يقول تعالـى ذكره: وما من قرية من القرى إلا
نـحن مهلكوا أهلها بـالفناء، فمبـيدوهم استئصالاً قبل يوم القـيامة، أو معذّبوها،
إما ببلاء من قتل بـالسيف، أو غير ذلك من صنوف العذاب عذابـا شديدا. كما:



16909ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن قال: حدثنا ورقاء، عن
ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله عزّ وجلّ: وَإنَ مِنْ قَرْيَةٍ إلاّ
نَـحْن مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ القِـيامَة فمبـيدوها أوْ معذّبُوها بـالقتل
والبلاء، قال: كل قرية فـي الأرض سيصيبها بعض هذا.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، بنـحوه، إلا أنه قال: سيصيبها هذا أو بعضه.



16910ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَإنْ مِنْ قَرْيَةٍ إلاّ نَـحْن مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ
القِـيامَةِ أوْ مُعَذّبوها قضاء من الله كما تسمعون لـيس منه بدّ، إما أن يهلكها
بـموت وإما أن يهلكها بعذاب مستأصل إذا تركوا أمره، وكذّبوا رسله.



حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وَإنْ مِنْ قَرْيَةٍ إلاّ
نَـحْنُ مُهْلِكُوها قال: مبـيدوها.



16911ـ حدثنا القاسم، قال: ثنـي الـحسين، قال:
حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله، قال: إذا ظهر الزنا
والربـا فـي أهل قرية أذن الله فـي هلاكها.



وقوله: كانَ ذلكَ فِـي الكِتابِ مَسْطُورا
يعنـي فـي الكتاب الذي كتب فـيه كلّ ما هو كائن، وذلك اللوح الـمـحفوظ. كما:



16912ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله: كانَ ذلكَ فِـي الكِتابِ مَسْطُورا قال: فـي أمّ الكتاب،
وقرأ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللّهِ سَبَق ويعنـي بقوله مَسْطُورا مكتوبـا مبـينا ومنه
قول العجاج:



واعْلَـمْ بأنّ ذَا الـجَلالِ قَدْ قَدَرْفـي
الكُتُبِ الأُولـى التـي كان سَطَرْأمْرَكَ هَذَا فـاحْتَفِظْ فِـيهِ النّهَرْ






الآية : 59


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى:



{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نّرْسِلَ بِالاَيَاتِ
إِلاّ أَن كَذّبَ بِهَا الأوّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً
فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالاَيَاتِ إِلاّ تَخْوِيفاً }.



يقول تعالـى ذكره: وما منعنا يا مـحمد أن نرسل
بـالاَيات التـي سألها قومك، إلا أن كان من قبلهم من الأمـم الـمكذّبة، سألوا ذلك
مثل سؤالهم فلـما أتاهم ما سألوا منه كذّبوا رسلهم، فلـم يصدّقوا مع مـجيء
الاَيات، فعوجلوا فلـم نرسل إلـى قومك بـالاَيات، لأنّا لو أرسلنا بها إلـيها،
فكذّبوا بها، سلكنا فـي تعجيـل العذاب لهم مسلك الأمـم قبلها. وبـالذي قلنا فـي
ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16913ـ حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: حدثنا
جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن أياس، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: سأل أهل
مكة النبـيّ صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفـا ذهبـا، وأن ينـحي عنهم
الـجبـال، فـيزرعوا، فقـيـل له: إن شئت أن نستأنـي بهم لعلنا نـجتنـي منهم، وإن
شئت أن نؤتـيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: «بل تستأنـي
بهم»، فأنزل الله: وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالاَياتِ إلاّ أنْ كَذّبَ بِها
الأوّلُونَ وآتَـيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً.



16914ـ حدثنـي إسحاق بن وهب، قال: حدثنا أبو
عامر، قال: حدثنا مسعود بن عبـاد، عن مالك بن دينار، عن الـحسن فـي قول الله
تعالـى وَما مَنَعَنَا أنْ نُرْسِلَ بـالاَياتِ إلاّ أنْ كَذّبَ بِها الأوّلُونَ
قال: رحمة لكم أيتها الأمة، إنا لو أرسلنا بـالاَيات فكذّبتـم بها، أصابكم ما أصاب
من قبلكم.



16915ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حماد بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بن جبـير، قال: قال الـمشركون لـمـحمد صلى
الله عليه وسلم: يا مـحمد إنك تزعم أنه كان قبلك أنبـياء، فمنهم من سخرت له الريح،
ومنهم من كان يحيـي الـموتـى، فإن سرّك أن نؤمن بك ونصدّقك، فـادع ربك أن يكون لنا
الصفـا ذهبـا، فأوحى الله إلـيه: إنـي قد سمعت الذي قالوا، فإن شئت أن نفعل الذي قالوا،
فإن لـم يؤمنوا نزل العذاب، فإنه لـيس بعد نزول الاَية مناظرة، وإن شئت أن تستأنـي
قومك استأنـيت بها، قال: «يا ربّ أستأنـي».



16916ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالاَياتِ إلاّ أنْ كَذّبَ
بِها الأوّلُونَ قال: قال أهل مكة لنبـيّ الله صلى الله عليه وسلم: إن كان ما تقول
حقا، ويسرّك أن نؤمن، فحوّل لنا الصفـا ذهبـا، فأتاه جبرئيـل علـيه السلام، فقال:
إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان ثم لـم يؤمنوا لـم يناظروا، وإن شئت
استأنـيت بقومك، قال: «بَلِ أسْتَأْنِـي بقَومْي» فأنزل الله: وآتَـيْنا ثَمُودَ
النّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَـمُوا بِها وأنزل الله عزّ وجلّ ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ
مِنْ قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أفَهُمْ يُؤْمِنُونَ.



16917ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج، أنهم سألوا أن يحوّل الصفـا ذهبـا، قال الله: وَما
مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بـالاَياتِ إلاّ أنْ كَذّبَ بِها الأوّلُونَ قال ابن جريج:
لـم يأت قرية بآية فـيكذّبوا بها إلا عذّبوا، فلو جعلت لهم الصفـا ذهبـا ثم لـم
يؤمنوا عذّبوا. و«أن» الأولـى التـي مع مَنَعَنا، فـي موضع نصب بوقوع منعنا
علـيها، وأن الثانـية رفع، لأن معنى الكلام: وما منعنا إرسال الاَيات إلا تكذيب
الأوّلـين من الأمـم، فـالفعل لأن الثانـية.



يقول تعالـى ذكره: وقد سأل الاَيات يا مـحمد
من قِبَل قومك ثمود، فآتـيناها ما سألت، وجعلنا تلك الاَية ناقة مبصرة. جعل الإبصار
للناقة، كما تقول للشجة: موضحة، وهذه حجة مبـينة. وإنـما عنى بـالـمبصرة: الـمضيئة
البـينة التـي من يراها كانوا أهل بصر بها، أنها لله حجة، كما قـيـل: والنهارَ
مُبْصِرا كما:



16918ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة وآتَـيْنا ثَمُودَ النّاقَةَ مُبْصِرَةً: أي بـيّنة.



16919ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله عزّ ذكره النّاقَةَ مُبْصِرَةً
قال: آية.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



وقوله: فَظَلَـمُوا بِها يقول عزّ وجلّ: فكان
بها ظلـمهم، وذلك أنهم قتلوها وعقروها، فكان ظلـمهم بعقرها وقتلها. وقد قـيـل:
معنى ذلك: فكفروا بها، ولا وجه لذلك إلا أن يقول قائله أراد: فكفروا بـالله
بقتلها، فـيكون ذلك وجها.



وأما قوله: وَما نُرْسِلُ بـالاَياتِ إلاّ
تَـخْوِيفـا فإنه يقول: وما نرسل بـالعبر والذكر إلا تـخويفـا للعبـاد، كما:



16920ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: وَما نُرْسِلُ بـالاَياتِ إلاّ تَـخْوِيفـا وإن الله يخوّف
الناس بـما شاء من آية لعلهم يعتبرون، أو يذكّرون، أو يرجعون، ذُكر لنا أن الكوفة
رجفت علـى عهد ابن مسعود، فقال: يأيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه.



16921ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا نوح بن قـيس، عن أبـي رجاء، عن الـحسن وَما نُرْسلُ بـالاَياتِ إلاّ
تَـخْوِيفـا قال: الـموت الذريع.






الآية : 60


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنّ
رَبّكَ أَحَاطَ بِالنّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرّؤيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ
فِتْنَةً لّلنّاسِ وَالشّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوّفُهُمْ
فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْيَاناً كَبِيراً }.



وهذا حضّ من الله تعالـى ذكره نبـيه مـحمدا
صلى الله عليه وسلم، علـى تبلـيغ رسالته، وإعلام منه أنه قد تقدّم منه إلـيه القول
بأنه سيـمنعه من كلّ من بغاه سوءا وهلاكا، يقول جلّ ثناؤه: واذكر يا مـحمد إذ قلنا
لك إن ربك أحاط بـالناس قدرة، فهم فـي قبضته لا يقدرون علـى الـخروج من مشيئته،
ونـحن مانعوك منهم، فلا تتهيّب منهم أحدا، وامض لـما أمرناك به من تبلـيغ رسالتنا.
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:



16922ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا عبد
الصمد، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي رجاء، قال: سمعت الـحسن يقول: أحاط بـالناس، عصمك
من الناس.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح،
قال: حدثنا أبو بكر الهُذلـي، عن الـحسن وَإذْ قُلْنا لَكَ إنّ رَبّكَ أحاطَ
بـالنّاسِ قال: يقول: أحطت لك بـالعرب أن لا يقتلوك، فعرف أنه لا يُقتل.



16923ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد أحاطَ بـالنّاسِ قال: فهم فـي قبضته.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16924ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبـير قوله أحاطَ بـالنّاسِ
قال: منعك من الناس. قال معمر، قال قتادة، مثله.



16925ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن
ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله وَإذْ قُلْنا لَكَ إنّ رَبّك أحاطَ بـالنّاسِ قال:
منعك من الناس.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة وَإذْ قُلْنا لَكَ إنّ رَبّكَ أحاطَ بـالنّاسِ أي منعك من الناس حتـى
تبلّغ رسالة ربك.



وقوله: وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ
إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ اختلف أهل التأويـل فـي ذلك، فقال بعضهم: هو رؤيا عين، وهي
ما رأى النبـيّ صلى الله عليه وسلم لـما أُسري به من مكة إلـى بـيت الـمقدس. ذكر
من قال ذلك:



16926ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مالك بن
إسماعيـل، قال: حدثنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عبـاس فـي قوله وَما
جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: هي رؤيا عين أريها
رسول الله صلى الله عليه وسلم لـيـلة أُسري به، ولـيست برؤيا منام.



حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سفـيان بن عيـينة،
عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، سُئِل عن قوله وَما جَعَلْنا الرّؤْيا
التـي أرَيْناكَ إلاّ فتْنَةً للنّاسِ قال: هي رؤيا عين رآها النبـيّ صلى الله
عليه وسلم لـيـلة أُسري به.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:44 pm

حدثنا الـحسن بن يحيى،
قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن
عبـاس، بنـحوه.



16927ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، قال:
حدثنا عمرو، عن فرات القزاز، عن سعيد بن جبـير وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي
أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: كان ذلك لـيـلة أُسري به إلـى بـيت الـمقدس،
فرأى ما رأى فكذّبه الـمشركون حين أخبرهم.



16928ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، عن
أبـي رجاء، عن الـحسن، قوله وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً
للنّاسِ قال: أسري به عشاء إلـى بـيت الـمقدس، فصلـى فـيه، وأراه الله ما أراه من
الاَيات، ثم أصبح بـمكة، فأخبرهم أنه أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، فقالوا له: يا
مـحمد ما شأنك، أمسيت فـيه، ثم أصبحت فـينا تـخبرنا أنك أتـيت بـيت الـمقدس،
فعجبوا من ذلك حتـى ارتدّ بعضهم عن الإسلام.



16929ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا هوذة،
قال: حدثنا عوف، عن الـحسن، فـي قوله وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أريْناكَ إلاّ
فِتْنَةً للنّاسِ قال: قال كفـار أهل مكة: ألـيس من كذب ابن أبـي كبشة أنه يزعم
أنه سار مسيرة شهرين فـي لـيـلة.



16930ـ حدثنـي أبو حصين، قال: حدثنا عبثر، قال:
حدثنا حصين، عن أبـي مالك فـي هذه الاَية وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ
إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: مسيره إلـى بـيت الـمقدس.



16931ـ حدثنـي أبو السائب ويعقوب، قالا: حدثنا
ابن إدريس، عن الـحسن بن عبد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق فـي قوله وَما
جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: حين أُسري به.



16932ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد،
قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ
إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: لـيـلة أُسري به.



16933ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ
فتْنَةً للنّاس قال: الرؤيا التـي أريناك فـي بـيت الـمقدس حين أُسري به، فكانت
تلك فتنة الكافر.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ يقول:
الله أراه من الاَيات والعبر فـي مسيره إلـى بـيت الـمقدس.



ذُكر لنا أن ناسا ارتدّوا بعد إسلامهم حين
حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بـمسيره، أنكروا ذلك وكذّبوا له، وعجبوا منه،
وقالوا: تـحدّثنا أنك سرت مسيرة شهرين فـي لـيـلة واحدة.



حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال:
ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله وَما جَعَلْنا الرّؤْيا
التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: هو ما أُري فـي بـيت الـمقدس لـيـلة
أُسري به.



16934ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، عن ابن جريج وَما جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ قال: أراه الله من
الاَيات فـي طريق بـيت الـمقدس حين أُسري به، نزلت فريضة الصلاة لـيـلة أُسري به
قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنـين من العشر التـي مكثها بـمكة، ثم رجع من لـيـلته،
فقالت قريش: تعشى فـينا وأصبح فـينا، ثم زعم أنه جاء الشام فـي لـيـلة ثم رجع،
وايـم الله إن الـحدأة لتـجيئها شهرين: شهرا مقبلة، وشهرا مُدبرة.



16935ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله وَما جَعَلْنا الرّؤْيا الّتـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً
للنّاسِ قال: هذا حين أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، افتتن فـيها ناس، فقالوا: يذهب
إلـى بـيت الـمقدس ويرجع فـي لـيـلة وقال: «لَـمّا أتانـي جَبْرائيـلُ عَلَـيْهِ
السّلامُ بـالبُرَاقِ لِـيَحْمِلَنـي عَلَـيْها صَرّتْ بأذُنَـيْها، وَانْقَبَض بَعْضُها
إلـى بَعْضٍ، فَنَظَرَ إلَـيْها جَبْرائيـلُ، فقالَ: وَالّذِي بَعَثَنِـي
بـالـحَقّ منْ عِنْدِهِ ما رَكِبَكَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ خَيْرٌ مِنْهُ»،
قالَ: «فَصرّتْ بأُذُنَـيْها وَارْفَضّتْ عَرَقا حتـى سالَ ما تَـحْتَها، وكانَ
مُنْتَهَى خَطْوها عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفها» فلـما أتاهم بذلك، قالوا: ما كان
مـحمد لـينتهي حتـى يأتـي بكذبة تـخرج من أقطارها، فأتوا أبـا بكر رضي الله عنه،
فقالوا: هذا صاحبك يقول كذا وكذا، فقال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، فقال: إن كان قد
قال ذلك فقد صدق، فقالوا: تصدّقه إن قال ذهب إلـى بـيت الـمقدس ورجع فـي لـيـلة؟
فقال أبو بكر: إي، نزع الله عقولكم، أصدّقه بخبر السماء، والسماء أبعد من بـيت
الـمقدس، ولا أصدّقه بخبر بـيت الـمقدس؟ قالوا للنبـيّ صلى الله عليه وسلم: إنا قد
جئنا بـيت الـمقدس فصفه لنا، فلـما قالوا ذلك، رفعه الله تبـارك وتعالـى ومثله
بـين عينـيه، فجعل يقول: «هو كذا، وفـيه كذا»، فقال بعضهم: وأبـيكم إن أخطأ منه
حرفـا، فقالوا: هذا رجل ساحر.



16936ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت
أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله وَما
جَعَلْنا الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ يعنـي لـيـلة أُسري به
إلـى بـيت الـمقدس، ثم رجع من لـيـلته، فكانت فتنة لهم.



16937ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله الرّؤحيا التـي أرَيْناكَ قال: حين
أُسري بـمـحمد صلى الله عليه وسلم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، بنـحوه.



وقال آخرون: هي رؤياه التـي رأى أنه يدخـل مكة.
ذكر من قال ذلك:



16938ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: وَما جَعَلْنا
الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ قال: يقال: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أُري أنه دخـل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذٍ بـالـمدينة، فعجّل رسول الله
صلى الله عليه وسلم السير إلـى مكة قبل الأجل، فردّه الـمشركون، فقالت أناس: قد
ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان حدثنا أنه سيدخـلها، فكانت رجعته
فتنتهم.



وقال آخرون مـمن قال: هي رؤيا منام: إنـما كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى فـي منامه قوما يعلون منبره. ذكر من قال ذلك:



16939ـ حُدثت عن مـحمد بن الـحسن بن زبـالة،
قال: حدثنا عبد الـمهيـمن بن عبـاس بن سهل بن سعد، قال: ثنـي أبـي، عن جدّي، قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنـي فلان ينزون علـى منبره نزو القردة، فساءه
ذلك، فما استـجمع ضاحكا حتـى مات. قال: وأنزل الله عزّ وجلّ فـي ذلك وَما جَعَلْنا
الرّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ»... الاَية.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب، قول من قال:
عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الاَيات والعبر فـي طريقه
إلـى بـيت الـمقدس، وبـيت الـمقدس لـيـلة أُسري به، وقد ذكرنا بعض ذلك فـي أوّل
هذه السورة.



وإنـما قُلنا ذلك أولـى بـالصواب، لإجماع
الـحجة من أهل التأويـل علـى أن هذه الاَية إنـما نزلت فـي ذلك، وإياه عنى الله
عزّ وجلّ بها، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويـل الكلام: وما جعلنا رؤياك التـي أريناك
لـيـلة أسرينا بك من مكة إلـى بـيت الـمقدس، إلاّ فتنة للناس: يقول: إلا بَلاء
للناس الذين ارتدّوا عن الإسلام، لـمّا أُخبروا بـالرؤيا التـي رآها علـيه الصلاة
والسلام، وللـمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله
عليه وسلم تـماديا فـي غيهم، وكفرا إلـى كفرهم، كما:



16940ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله: إلاّ فِتْنَةً للنّاسِ.



وأما قوله: والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي
القُرآنِ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـيها، فقال بعضهم: هي شجرة الزّقّوم. ذكر من
قال ذلك:



16941ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مالك بن
إسماعيـل، قال: حدثنا أبو عبـيدة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عبـاس والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: شجرة الزّقوم.



16942ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: هي شجرة الزقوم. قال أبو جهل: أيخوّفنـي ابن
أبـي كبشة بشجرة الزّقوم، ثم دعا بتـمر وزُبد، فجعل يقول: زقمنـي، فأنزل الله
تعالـى طَلْعُها كأنّهُ رُءُوسُ الشّياطِين وأنزل ونُـخَوّفُهُمْ فَمَا
يَزِيدُهُمْ إلاّ طُغْيانا كَبِـيرا.



16943ـ حدثنـي أبو السائب ويعقوب، قالا: حدثنا
ابن إدريس، عن الـحسن بن عبـيد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: شجرة الزّقوم.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال:
حدثنا سفـيان، عن الـحسن بن عبـيد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق، مثله.



16944ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن عُلَـية،
عن أبـي رجاء، عن الـحسن، فـي قوله والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ فإن
قريشا كانوا يأكلون التـمر والزبد، ويقولون: تزقموا هذا الزقوم. قال أبو رجاء:
فحدثنـي عبد القدّوس، عن الـحسن، قال: فوصفها الله لهم فـي الصافـات.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا هوذة، قال: حدثنا
عوف، عن الـحسن، قال: قال أبو جهل وكفـار أهل مكة: ألـيس من كذب ابن أبـي كبَشة
أنه يوعدكم بنار تـحترق فـيها الـحجارة، ويزعم أنه ينبت فـيها شجرة؟ والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: هي شجرة الزّقوم.



16945ـ حدثنـي عن عبد الله بن أحمد بن يونس،
قال: حدثنا عبثر، قال: حدثنا حصين، عن أبـي مالك فـي هذه الاَية والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: شجرة الزقوم.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال:
حدثنا هشيـم، عن حصين، عن أبـي مالك، قال فـي قوله والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ
فِـي القُرآنِ قال: هي شجرة الزقوم.



16946ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا عبد الله بن الـمبـارك، عن رجل يقال له بدر، عن عكرمة، قال: شجرة
الزقوم.



16947ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا إسرائيـل، عن فرات القزّار، قال: سُئل سعيد بن جبـير عن الشجرة
الـملعونة، قال: شجرة الزقوم.



حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال:
حدثنا هشيـم، عن عبد الـملك العَزْرميّ، عن سعيد بن جبـير وَالشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ قال: شجرة الزقوم.



16948ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن،
قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم، بـمثله.



16949ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنـي الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ
قال: الزقوم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن أبـي
الـمَـحجل، عن أبـي معشر، عن إبراهيـم، أنه كان يحلف ما يستثنـي، أن الشجرة
الـملعونة: شجرة الزقوم.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن فُرات القزاز، قال: سألت سعيد بن جبـير، عن
الشجرة الـملعونة فـي القرآن، قال: شجرة الزّقوم.



حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد
الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة عن ابن عبـاس، قال: هي الزقوم.



16950ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، قوله والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ ونُـخَوّفُهُمْ
فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاّ طُغْيانا كَبِـيرا وهي شجرة الزقوم، خوّف الله بها عبـاده،
فـافتتنوا بذلك، حتـى قال قائلهم أبو جهل بن هشام: زعم صاحبكم هذا أن فـي النار
شجرة، والنار تأكل الشجر، وإنا والله ما نعلـم الزقوم إلاّ التـمر والزبد،
فتزقموا، فأنزل الله تبـارك وتعالـى حين عجبوا أن يكون فـي النار شجرة: إِنّها
شَجَرَةٌ تـخْرُجُ فـي أصْلِ الـجَحِيـمِ طَلْعُها كأنّهُ رُءُوسُ الشّياطِينِ،
إنـي خـلقتها من النار، وعذّبت بها من شئت من عبـادي.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن
ثور، عن معمر، عن قتادة والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: الزقوم
وذلك أن الـمشركين قالوا: يخبرنا هذا أن فـي النار شجرة، والنار تأكل الشجر حتـى
لا تدع منه شيئا، وذلك فتنة.



16951ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت
أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله والشّجَرَةَ
الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ قال: شجرة الزقوم.



16952ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ الزقوم التـي
سألوا الله أن يـملأ بـيوتهم منها. وقال: هي الصّرَفـان بـالزبد تتزقمه، والصرفـان:
صنف من التـمر. قال: وقال أبو جهل: هي الصرفـان بـالزبد، وافتتنوا بها.



وقال آخرون: هي الكَشُوث. ذكر من قال ذلك:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاسراء E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاسراء   تفسير سورة الاسراء Empty24/7/2011, 10:51 pm

16953ـ حدثنا أبو كريب،
قال: حدثنا مـحمد بن إسماعيـل بن أبـي فديك، عن ابن أبـي ذئب، عن مولـى بنـي هاشم
حدثه، أن عبد الله بن الـحارث بن نوفل، أرسله إلـى ابن عبـاس، يسأله عن الشجرة
الـملعونة فـي القرآن؟ قال: هي هذه الشجرة التـي تلوي علـى الشجرة، وتـجعل فـي
الـماء، يعنـي الكشوثـي.



وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب عندنا قول من
قال: عنى بها شجرة الزقوم، لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى ذلك. ونصبت الشجرة
الـملعونة عطفـا بها علـى الرؤيا. فتأويـل الكلام إذن: وما جعلنا الرؤيا التـي
أريناك، والشجرة الـملعونة فـي القرآن إلاّ فتنة للناس، فكانت فتنتهم فـي الرؤيا
ما ذكرت من ارتداد من ارتدّ، وتـمادِي أهل الشرك فـي شركهم، حين أخبرهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم بـما أراه الله فـي مسيره إلـى بـيت الـمقدس لـيـلة أُسريَ به.
وكانت فتنتهم فـي الشجرة الـملعونة ما ذكرنا من قول أبـي جهل والـمشركين معه:
يخبرنا مـحمد أن فـي النار شجرة نابتة، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فـيها؟



وقوله: ونُـخَوّفُهُمْ فَمَا يَزيدُهُمْ إلاّ
طُغْيانا كَبِـيرا يقول: ونـخوّف هؤلاء الـمشركين بـما نتوعدهم من العقوبـات
والنكال، فما يزيدهم تـخويفنا إلاّ طغيانا كبـيرا، يقول: إلاّ تـماديا وغيا كبـيرا
فـي كفرهم وذلك أنهم لـما خُوّفوا بـالنار التـي طعامهم فـيها الزقوم دعوا
بـالتـمر والزبد، وقالوا: تزقموا من هذا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل
التأويـل. ذكر من قال ذلك وقد تقدّم ذكر بعض من قال ذلك، ونذكر بعض من بقـي:



16954ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
ثنـي حجاج، قال قال ابن جريج وَالشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ قال: طلعها كأنه رءوس
الشياطين، والشياطين ملعونون. قال والشّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ لـما
ذكرها زادهم افتتانا وطغيانا، قال الله تبـارك وتعالـى، ونـخوّفُهُم فَمَا
يَزِيدُهُمْ إلاّ طُغْيانا كَبِـيرا.



الآية : 61
و 62



القول فـي تأويـل
قوله تعالـى: {وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لاَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ
لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قَالَ
أَرَأَيْتَكَ هَـَذَا الّذِي كَرّمْتَ عَلَيّ لَئِنْ أَخّرْتَنِ إِلَىَ يَوْمِ
الْقِيَامَةِ لأحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إَلاّ قَلِيلاً }.



يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه
وسلم: واذكر يا مـحمد تـمادي هؤلاء الـمشركين فـي غيهم وارتدادهم عتوّا علـى ربهم
بتـخويفه إياهم تـحقـيقهم قول عدّوهم وعدوّ والدهم، حين أمره ربه بـالسجود له
فعصاه وأبى السجود له، حسدا واستكبـارا لَئِنْ أخّرْتَنِ إلـى يَوْمِ القِـيامَةِ
لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَه إلاّ قَلِـيلاً وكيف صدّقوا ظنه فـيهم، وخالفوا أمر ربهم
وطاعته، واتبعوا أمر عدوّهم وعدوّ والدهم.



ويعنـي بقوله وَإذْ قُلْنا للْـمَلائِكَةِ:
واذكر إذ قلنا للـملائكة اسْجُدُوا لاَدَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إبْلِـيسَ فإنه استكبر
وقال أأسْجُدَ لِـمَنْ خَـلَقْتَ طِينا يقول: لـمن خـلقته من طين فلـما حذفت «مِن»
تعلّق به قوله خَـلَقْتَ فنصب، يفتـخر علـيه الـجاهل بأنه خُـلِق من نار، وخـلق
آدم من طين. كما:



16955ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب، عن
جعفر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال: بعث ربّ العزّة تبـارك وتعالـى
إبلـيس، فأخذ من أديـم الأرض، من عذبها وملـحها، فخـلق منه آدم، فكل شيء خُـلق من
عذبها فهو صائر إلـى السعادة وإن كان ابن كافرين، وكلّ شيء خَـلقه من مِلـحها فهو
صائر إلـى الشقاوة وإن كان ابن نبـيـين ومن ثم قال إبلـيس أأسْجُدُ لِـمَنْ خَـلَقْتَ
طِينا: أي هذه الطينة أنا جئت بها، ومن ثم سُمّي آدم. لأنه خُـلق من أديـم الأرض.



وقوله: أرَأيْتَكَ هَذَا الّذِي كَرّمْتَ
عَلـيّ يقول تعالـى ذكره: أرأيت هذا الذي كرّمته علـيّ، فأمرتنـي بـالسجود له،
ويعنـي بذلك آدم لئِنْ أخرتّنِ أقسم عدوّ الله، فقال لربه: لئن أخرت إهلاكي إلـى
يوم القـيامة لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قَلِـيلاً يقول: لأستولـينّ علـيهم،
ولأستأصلنهم، ولأستـميـلنهم. يقال منه: احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علـم أو
غير ذلك، ومنه قول الشاعر:



نَشْكُو إلَـيْكَ سَنَةً قَدْ أجْحَفَتْجَهْدا
إلـى جَهْدٍ بنا فأضْعَفَتْواحْتَنَكَتْ أمْوَالَنا وجَلّفَتْ



وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك:



16956ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو
عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء،
جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تبـارك وتعالـى لأَحْتَنِكَنّ
ذُرّيّتَهُ إلاّ قَلِـيلاً قال: لأحتوينهم.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16957ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ. عن ابن عبـاس، قوله لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ
قَلِـيلاً يقول: لأستولـينّ.



16958ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قلـيلاً قال: لأضلنهم. وهذه
الألفـاظ وإن اختلفت فإنها متقاربـات الـمعنى، لأن الاستـيلاء والاحتواء بـمعنى
واحد، وإذا استولـى علـيهم فقد أضلهم.



الآية : 63


القول فـي تأويـل
قوله تعالـى {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ
وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً }.



يقول تعالـى ذكره بقوله وَاسْتَفزِزْ واستـخفف
واستـجهل، من قولهم: استفزّ فلانا كذا وكذا فهو يستفزّه مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم
بِصَوتِكَ. اختلف أهل التأويـل فـي الصوت الذي عناه جلّ ثناؤه بقوله وَاسْتَفْزِز
مَ.نِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوتِك فقال بعضهم: عنى به: صوت الغناء واللعب. ذكر
من قال ذلك:



16961ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس،
عن لـيث، عن مـجاهد، فـي قوله وَاسْتَفْزِز مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ
قال: بـاللهو والغناء.



حدثنـي أبو السائب، قال: حدثنا ابن إدريس،
قال: سمعت لـيثا يذكر، عن مـجاهد، فـي قوله: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ
مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال: اللعب واللهو.



وقال آخرون: عنى به واسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بدعائك إياه إلـى طاعتك ومعصية الله. ذكر من قال ذلك:



16962ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ
مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال: صوته كلّ داع دعا إلـى معصية الله.



16963ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ
بِصَوْتِكَ قال: بدعائك.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة أن يقال: إن
الله تبـارك وتعالـى قال لإبلـيس: واستفزز من ذرّية آدم من استطعت أن تستفزّه
بصوتك، ولـم يخصص من ذلك صوتا دون صوت، فكل صوت كان دعاء إلـيه وإلـى عمله وطاعته،
وخلافـا للدعاء إلـى طاعة الله، فهو داخـل فـي معنى صوته الذي قال الله تبـارك
وتعالـى اسمه له وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ.



وقوله: وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ بِخَيْـلِكَ
ورَجِلكَ يقول: وأجمع علـيهم من ركبـان جندك ومشاتهم من يجلب علـيها بـالدعاء إلـى
طاعتك، والصرف عن طاعتـي. يقال منه: أجلب فلان علـى فلان إجلابـا: إذا صاح علـيه.
والـجَلَبة: الصوت، وربـما قـيـل: ما هذا الـجَلَب، كما يقال: الغَلَبة والغَلَب،
والشّفَقَة والشّفَق. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل، ذكر من قال
ذلك:



16964ـ حدثنـي سلـم بن جنادة، قال: حدثنا ابن
إدريس، قال: سمعت لـيثا يذكر عن مـجاهد، فـي قوله وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ
بِخَيْـلِكَ ورَجِلِكَ قال: كلّ راكب وماش فـي معاصي الله تعالـى.



16965ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ بِخَيْـلِكَ وَرَجِلِكَ
قال: إن له خيلاً ورجلاً من الـجنّ والإنس، وهم الذين يطيعونه.



حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد،
عن قتادة وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ بِخَيْـلِكَ ورَجِلِكَ قال الرجال: الـمشاة.



16966ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ بِخَيْـلِكَ
وَرَجِلِكَ قال: خيـله: كل راكب فـي معصية الله ورجله: كل راجل فـي معصية الله.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور،
عن مـجاهد، فـي قوله وأجْلِبْ عَلَـيْهِمْ بِخَيْـلِكَ وَرَجِلِكَ قال: ما كان من
راكب يقاتل فـي معصية الله فهو من خيـل إبلـيس، وما كان من راجل فـي معصية الله
فهو من رجال إبلـيس. والرجْل: جمع راجل، كما التـجْر: جمع تاجر، والصّحْب: جمع
صاحب.



وأما قوله: وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ
والأوْلادِ، فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي الـمشاركة التـي عنـيت بقوله
وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ والأوْلادِ فقال بعضهم: هو أمره إياهم بإنفـاق
أموالهم فـي غير طاعة الله واكتسابهموها من غير حلها. ذكر من قال ذلك:



16967ـ حدثنـي أبو السائب، قال: حدثنا ابن
إدريس، قال: سمعت لـيثا يذكر عن مـجاهد وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ التـي
أصابوها من غير حلها.



حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم،
قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن
ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ قال: ما أكل من مال بغير
طاعة الله.



حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي
حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.



16968ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا عيسى بن يونس، عن طلـحة بن عمرو، عن عطاء بن أبـي رَبـاح، قال: الشرك فـي
أموال الربـا.



16969ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا
سعيد، عن قتادة، عن الـحسن، فـي قوله وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ والأوْلادِ
قال: قد والله شاركهم فـي أموالهم، وأعطاهم الله أموالاً فأنفقوها فـي طاعة
الشيطان فـي غير حقّ الله تبـارك اسمه، وهو قول قتادة.



حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد، عن
معمر، قال: قال الـحسن وَشارِكْهُمْ فـي الأمْوَالِ مرهم أن يكسبوها من خبـيث،
وينفقوها فـي حرام.



16970ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا عبد الله،
قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ
والأوْلادِ قال: كلّ مال فـي معصية الله.



16971ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:
قال ابن زيد، فـي قوله وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ والأوْلادِ قال: مشاركته
إياهم فـي الأموال والأولاد، ما زَيّن لهم فـيها من معاصي الله حتـى ركبوها.



حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور،
عن مـجاهد وَشارِكْهُمْ فـي الأمْوَالِ كلّ ما أنفقوا فـي غير حقه.



وقال آخرون: بل عُنِـي بذلك كلّ ما كان من
تـحريـم الـمشركين ما كانوا يحرّمون من الأنعام كالبحائر والسوائب ونـحو ذلك. ذكر
من قال ذلك:



16972ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي،
قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، فـي قوله: وَشارِكْهُمْ
فِـي الأمْوَالِ والأوْلادِ قال: الأموال: ما كانوا يحرّمون من أنعامهم.



16973ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال:
حدثنا عيسى، عن عمران بن سلـيـمان. عن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، قال: مشاركته فـي
الأموال أن جعلوا البحيرة والسائبة والوصيـلة لغير الله.



16974ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا
مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ فإنه قد فعل ذلك
أما فـي الأموال، فأمرهم أن يجعلوا بحيرة وسائبة ووصيـلة وحاما.



قال أبو جعفر: الصواب: حاميا.


وقال آخرون: بل عُنِـي به ما كان الـمشركون
يذبحونه لاَلهتهم. ذكر من قال ذلك:



16975ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ،
قال: حدثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول: وَشارِكْهُمْ فِـي الأمْوَالِ
والأوْلادِ يعنـي ما كانوا يذبحون لاَلهتهم.



وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال:
عُنِـي بذلك كلّ مال عصى الله فـيه بإنفـاق فـي حرام أو اكتساب من حرام، أو ذبح
للاَلهة، أو تسيـيب، أو بحر للشيطان، وغير ذلك مـما كان معصيا به أو فـيه، وذلك أن
الله قال وَشارِكْهُمْ فـي الأمْوَالِ فكلّ ما أطيع الشيطان فـيه من مال وعصى الله
فـيه، فقد شارك فـاعل ذلك فـيه إبلـيس، فلا وجه لـخصوص بعض ذلك دون بعض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
 
تفسير سورة الاسراء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة طه
» تفسير سورة نوح
» تفسير سورة ص
» تفسير سورة هود
» تفسير سورة يس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: