شباب ستار
تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 749093772
شباب ستار
تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 749093772
شباب ستار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شباب ستار

شباب ستار| اغاني | العاب | مسلسلات | مهرجنات| لوبات| برامج دجي | فلاتر| بروجكتات|افلام عربي-افلام اجنبي-افلام هندي-اغاني عربي-اغاني-اجنبي-برامج كاملة-العاب-نغمات-سيمزات-خلفيات-شات-رسائل-مطبخ حواء-gemes-movies-photo-flash-اكوادcss-اكوادthml-تقنيات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
أهلا بك من جديد يا زائر آخر زيارة لك كانت في 1/1/1970
آخر عضو مسجل Mo فمرحبا به


هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

للتسجيل اضغط هـنـا


 

 تفسير سورة الاعراف

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 5:35 pm

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :



سورة الأعراف


سورة
الأعراف مكية



وآياتها
ست وَمائتان



القول في تفسير
السورة التي يذكر فيها الأعراف



بسم الله الرحمن
الرحيم



الآية : 1


القول في تأويل قوله
تعالى: {الَمَصَ }.



قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قول
الله تعالى: المص فقال بعضهم: معناه: أنا الله أفضل. ذكر من قال ذلك:



11199ـ حدثنا سفيان, قال: حدثنا أبي, عن شريك,
عن عطاء بن السائب, عن أبي الضحى, عن ابن عباس: المص: أنا الله أفضل.



11200ـ حدثني الحرث, قال: حدثنا القاسم بن
سلام, قال: حدثنا عمار بن محمد, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, في قوله:
المص: أنا الله أفضل.



وقال آخرون: هو هجاء حروف اسم الله تعالى الذي
هو المصوّر. ذكر من قال ذلك:



11201ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد
بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: المص قال: هي هجاء المصوّر.



وقال آخرون: هي اسم من أسماء الله أقسم ربنا
به. ذكر من قال ذلك:



11202ـ حدثني المثنى, قال: حدثنا عبد الله بن
صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قوله: المص قسم أقسمه
الله, وهو من أسماء الله.



وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن. ذكر من
قال ذلك:



11203ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: حدثنا
محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: المص قال: اسم من أسماء القرآن.



حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق,
قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, مثله.



وقال آخرون: هي حروف هجاء مقطعة.


وقال آخرون: هي من حساب الجمّل.


وقال آخرون: هي حروف تحوي معاني كثيرة دلّ بها
الله خلقه على مراده من ذلك.



وقال آخرون: هي حروف اسم الله الأعظم.


وقد ذكرنا كل ذلك بالرواية فيه, وتعليل كلّ
فريق قال فيه قولاً. وأما الصواب من القول عندنا في ذلك بشواهده وأدلته فيما مضى
بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.



الآية : 2


القول في تأويل قوله
تعالى: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ
يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىَ لِلْمُؤْمِنِينَ }.



قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره هذا القرآن يا
محمد في كتاب أنزله الله إليك. ورفع «الكتاب» بتأويل: هذا كتاب.



القول في تأويل قوله تعالى: فَلا يَكُنْ فِي
صَدْرِكَ حَرَجٌ منه. يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم: فلا يضق صدرك يا محمد من الإنذار به من أرسلتك لإنذاره
به, وإبلاغه من أمرتك بابلاغه إياه, ولا تشكّ في أنه من عندي, واصبر بالمضي لأمر
الله واتباع طاعته فيما كلفك وحَمّلك من عبء أثقال النبوة, كما صبر أولو العزم من
الرسل, فإن الله معك. والحرج: هو الضيق في كلام العرب, وقد بينا معنى ذلك بشواهده
وأدلته في قوله: ضَيّقا حَرَجا بما أغنى عن إعادته. وقال أهل التأويل في ذلك, ما:



11204ـ حدثني به محمد بن سعد, قال: ثني أبي,
قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: فَلا يَكُنْ فِي
صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قال: لا تكن في شك منه.



11205ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو
عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: فَلا يَكُنِ فِي
صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ قال: شكّ.



حدثني المثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال:
حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.



11206ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا محمد
بن ثور, قال: حدثنا معمر, عن قتادة: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ: شكّ
منه.



حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال:
حدثنا سعيد, عن قتادة مثله.



11207ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد
بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السّديّ: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ
قال: أما الحرج: فشكّ.



حدثنا الحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال:
حدثنا أبو سعد المدني, قال: سمعت مجاهدا, في قوله: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ
حَرَجٌ مِنْهُ قال: شكّ من القرآن.



قال أبو جعفر: وهذا الذي ذكرته من التأويل عن
أهل التأويل هو معنى ما قلنا في الحرج لأن الشك فيه لا يكون إلا من ضيق الصدر به
وقلة الإتساع لتوجيهه وجْهته التي هي وجهته الصحيحة. وإنما اخترنا العبارة عنه
بمعنى الضيق, لأن ذلك هو الغالب عليه من معناه في كلام العرب, كما قد بيناه قبل.



القول في تأويل قوله تعالى: لِتُنْذِرَ بِهِ
وَذِكْرَى للْمُؤمِنِينَ.



يعني بذلك تعالى ذكره: هذا كتاب أنزلناه إليك
يا محمد لتنذر به من أمرتك بإنذاره, وذِكْرى للمُؤْمِنِينَ وهو من المؤخّر الذي
معناه التقديم, ومعناه: كتاب أنزل ليك لتنذر به, وذكرى للمؤمنين, فلا يكن في صدرك
حرج منه. وإذا كان معناه كان موضع قوله: وَذِكْرَى نصبا بمعنى: أنزلنا إليك هذا
الكتاب لتنذر به, وتذكّر به المؤمنين. ولو قيل: معنى ذلك: هذا كتاب أنزل إليك فلا
يكن في صدرك حرج منه أن تنذر به وتذكّر به المؤمنين, كان قولاً غير مدفوعة صحته.
وإذا وجه معنى الكلام إلى هذا الوجه كان في قوله: وَذِكْرَى من الإعراب وجهان:
أحدهما النصب بالردّ على موضع لتنذر به, والاَخر الرفع عطفا على الكتاب, كأنه قيل:
المص كتاب أنزل إليك وذكرى للمؤمنين.



الآية : 3


القول في تأويل قوله
تعالى: {اتّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ
إِلَيْكُمْ مّن رّبّكُمْ وَلاَ تَتّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مّا
تَذَكّرُونَ }.



يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:
قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين يعبدون الأوثان والأصنام: اتبعوا أيها
الناس ما جاءكم من عند ربكم بالبينات والهدى, واعملوا بما أمركم به ربكم, ولاَ
تَتّبِعُوا شيئا مِنْ دُونهِ يعني: شيئا غير ما أَنزل إليكم ربكم, يقول: لا تتبعوا
أمر أوليائكم الذين يأمرونكم بالشرك بالله وعبادة الأوثان, فإنهم يضلونكم ولا
يهدونكم.



فإن قال قائل: وكيف قلت: معنى الكلام قل
اتبعوا, وليس في الكلام موجودا ذكر القول؟ قيل: إنه وإن لم يكن مذكورا صريحا, فإن
في الكلام دلالة عليه, وذلك قوله: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ
لِتُنْذِرَ بِهِ, ففي قوله: «لِتُنْذِرَ بِهِ» الأمر بالإنذار, وفي الأمر بالإنذار
الأمر بالقول لأن الإنذار قول. فكان معنى الكلام: أنذر القوم وقل لهم: اتبعوا ما
أُنزل إليكم, كان غير مدفوع. وقد كان بعض أهل العربية يقول قوله: اتّبِعُوا خطاب
النبيّ صلى الله عليه وسلم, ومعناه: كتاب أُنزل إليك, فلا يكن في صدرك حرج منه,
اتبع ما أنزل إليك من ربك. ويرى أن ذلك نظير قول الله: يا أيّها النّبِيّ إذَا
طَلّقْتُمُ النّساءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ إذ ابتدأ خطاب النبيّ صلى الله
عليه وسلم, ثم جعل الفعل للجميع, إذ كان أمْرُ الله نبيه بأمر أمرا منه لجميع
أمته, كما يقال للرجل يفرد بالخطاب والمراد به هو وجماعة أتباعه أو عشيرته
وقبيلته: أما تتقون الله؟ أما تستحيون من الله؟ ونحو ذلك من الكلام. وذلك وإن كان
وجها غير مدفوع, فالقول الذي اخترناه أولى بمعنى الكلام لدلالة الظاهر الذي وصفنا
عليه.



وقوله: قَليلاً ما تَذَكّرُونَ يقول: قليلاً ما
تتعظون وتعتبرون, فتراجعون الحق.



الآية : 4


القول في تأويل قوله
تعالى: {وَكَم مّن قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ }.



يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه
وسلم: حذّر هؤلاء العابدين غيري والعادلين بي الاَلهة والأوثان سخطي, لأَحلّ بهم
عقوبتي فأهلكهم كما أهلكتُ من سلك سبيلهم من الأمم قبلهم, فكثيرا ما أهلكت قبلهم
من أهل قرًى عصوني وكذّبوا رسلي وعبدوا غيري. فجاءَها بأْسُنا بَياتا يقول:
فجاءتهم عقوبتنا ونقمتنا ليلاً قبل أن يصبحوا, أوجاءتهم قائلين, يعني نهارا في وقت
القائلة. وقيل: «وكم» لأن المراد بالكلام ما وصفت من الخبر عن كثرة ما قد أصاب
الأمم السالفة من المثلاث بتكذيبهم رسله وخلافهم عليه, وكذلك تفعل العرب إذا
أرادوا الخبر عن كثرة العدد, كما قال الفرزدق:



كَمْ عَمّةٍ لَكَ يا جَرِيرُ وخالَةٍفَدْعاءَ
قدْ حَلَبَتْ عَليّ عِشارِي



فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره إنما أخبر
أنه أهلك قرى, فما في خبره عن إهلاكه القرى من الدليل على إهلاكه أهلها؟ قيل: إن
القرى لا تسمى قرى ولا القرية قرية إلا وفيها مساكن لأهلها وسكان منهم, ففي
إهلاكها من فيها من أهلها. وقد كان بعض أهل العربية يرى أن الكلام خرج مخرج الخبر
عن القرية, والمراد به أهلها. والذي قلنا في ذلك أولى بالحقّ لموافقته ظاهر
التنزيل المتلوّ.



فإن قال قائل: وكيف قيل: وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ
أهْلَكْناها فَجاءَها بأْسُنا بَيَاتا أوْ هُمْ قائِلُونَ وهل هلكت قرية إلا بمجيء
بأس الله وحلول نقمته وسخطه بها؟ فكيف قيل «أهلكناها فجاءها» وإن كان مجيء بأس
الله إياها بعد هلاكها؟ فما وجه مجيء ذلك قوما قد هلكوا وبادوا ولا يشعرون بما
ينزل بهم ولا بمساكنهم؟ قيل: إن لذلك من التأويل وجهين كلاهما صحيح واضح منهجه:
أحدهما أن يكون معناه: وكم من قرية أهلكناها بخذلاننا إياها عن اتباع ما أنزلنا
إليها من البينات والهدى واختيارها اتباع أمر أوليائها, المُغويها عن طاعة ربها,
فجاءها بأسنا إذ فعلت ذلك بياتا, أو هم قائلون. فيكون إهلاك الله إياها: خذلانه لها
عن طاعته, ويكون مجيء بأس الله إياهم جزاء لمعصيتهم ربهم بخذلانه إياهم. والاَخر
منهما: أن يكون الإهلاك هو البأس بعينه. فيكون في ذكر الإهلاك الدلالة على ذكر
مجيء البأس, وفي ذكر مجيء البأس الدلالة على ذكر الإهلاك. وإذا كان ذلك كذلك, كان
سواء عند العرب بُدىء بالإهلاك ثم عطف عليه بالبأس, أو بديء بالبأس ثم عطف عليه
بالإهلاك, وذلك كقولهم: زرتني فأكرمتني إذّ كانت الزيارة هي الكرامة, فسواء عندهم
قدّم الزيارة وأخّر الكرامة, أو قدّم الكرامة وأخّر الزيارة فقال: أكرمتني فزرتني.
وكان بعض أهل العربية يزعم أن في الكلام محذوفا, لولا ذلك لم يكن الكلام صحيحا,
وأن معنى ذلك: وكم من قرية أهلكناها, فكان مجيء بأسنا إياها قبل إهلاكنا. وهذا قول
لا دلالة على صحته من ظاهر التنزيل ولا من خبر يجب التسليم له, وإذا خلا القول من
دلالة على صحته من بعض الوجوه التي يجب التسليم لها كان بيّنا فساده.



وقال آخر منهم أيضا: معنى الفاء في هذا الموضع
معنى الواو, وقال: تأويل الكلام: وكم من قرية أهلكناها وجاءها بأسنا بياتا. وهذا
قول لا معنى له, إذ كان للفاء عند العرب من الحكم ما ليس للواو في الكلام, فصرفها
إلى الأغلب من معناها عندهم ما وجد إلى ذلك سبيل أولى من صرفها إلى غيره.



فإن قال: كيف قيل: فجاءَها بأْسُنا بَياتا أوْ
هُمْ قائِلُون, وقد علمت أن الأغلب من شأن «أو» في الكلام اجتلاب الشكّ, وغير جائز
أن يكون في خبر الله شك؟ قيل: إن تأويل ذلك خلاف ما إليه ذهبتَ, وإنما معنى
الكلام: وكم من قرية أهلكناها فجاء بعضها بأسنا بياتا, وبعضها وهم قائلون. ولو جعل
مكان «أو» في هذا الموضع الواو لكان الكلام كالمحال, ولصار الأغلب من معنى الكلام:
إن القرية التي أهلكها الله جاءها بأسه بياتا, وفي وقت القائلة وذلك خبر عن البأس
أنه أهلك من قد هلك وأفنى من قد فني, وذلك من الكلام خُلْف ولكن الصحيح من الكلام
هو ما جاء به التزيل, إذ لم يفصل القرى التي جاءها البأس بياتا من القرى التي
جاءها ذلك قائلة, ولو فصلت لم يخبر عنها إلا بالواو. وقيل: «فجاءها بأسُنا» خبرا
عن القرية أن البأس أتاها, وأجرى الكلام على ما ابتدىء به في أوّل الاَية ولو قيل:
فجاءهم بأسنا بياتا لكان صحيحا فصيحا ردّا للكلام إلى معناه, إذ كان البأس إنما
قصد به سكان القرية دون بنيانها, وإن كان قد نال بنيانها ومساكنها من البأس
بالخراب نحوٌ من الذي نال سكانها. وقد رجع في قوله: أوْ هُمْ قائِلُونَ إلى خصوص
الخبر عن سكانها دون مساكنها لما وصفنا من أن المقصود بالبأس كان السكان وإن كان
في هلاكهم هلاك مساكنهم وخرابها. ولو قيل: «أو هي قائلة» كان صحيحا إذ كان
السامعون قد فهموا المراد من الكلام.



فإن قال قائل: أو ليس قوله: أوْ هُمْ قائِلُونَ
خبرا عن الوقت الذي أتاهم فيه بأس الله من النهار؟ قيل: بلى. فإن قال: أو ليس
المواقيت في مثل هذا تكون في كلام العرب بالواو الدالّ على الوقت؟ قيل: إن ذلك وإن
كان كذلك, فإنهم قد يحذفون من مثل هذا الموضع استثقالاً للجمع بين حرفي عطف, إذ
كان «أو» عندهم من حروف العطف, وكذلك الواو, فيقولون: لقيتني مملقا أو أنا مسافر,
بمعنى: أو وأنا مسافر, فيحذفون الواو وهم مريدوها في الكلام لما وصفت.



الآية : 5


القول في تأويل قوله
تعالى: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ
جَآءَهُمْ بَأْسُنَآ إِلاّ أَن قَالُوَاْ إِنّا كُنّا ظَالِمِينَ }.



يقول تعالى ذكره: فلم يكن دعوى أهل القرية
التي أهلكناها إذ جاءهم بأسنا وسطوتنا بياتا أو هم قائلون, إلا اعترافهم على
أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين وبربهم آثمين ولأمره ونهيه مخالفين. وعنى
بقوله جلّ ثناؤه: دَعْواهُمْ في هذا الموضع دعاءهم. وللدعوى في كلام العرب وجهان:
أحدهما الدعاء والاَخر الادّعاء للحقّ. ومن الدعوى التي معناها الدعاء قول الله
تبارك وتعالى: فَمَا زَالَتْ تِلكَ دَعْوَاهُمْ ومنه قول الشاعر:



وَإنْ مَذِلَتْ رِجْلِي دَعَوْتُكِ
أَشْتَفيبدَعْوَاكِ مِنْ مَذْلٍ بِها فَيَهُونُ



وقد بيّنا فيما مضى قبل أن البأس والبأساء:
الشدّة, بشواهد ذلك الدالة على صحته, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وفي هذه
الاَية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم من قوله: «ما هَلَكَ قَوْمٌ حتى يُعْذِرُوا مِنْ أنْفُسِهِمْ». وقد تأوّل ذلك
كذلك بعضهم.



11208ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن
أبي سنان, عن عبد الملك بن ميسرة الزرّاد, قال: قال عبد الله بن مسعود, قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «ما هَلَكَ قَوْمٌ حتى يُعْذِرُوا مِنْ أنْفُسِهِمْ»
قال: قلت لعبد الملك: كيف يكون ذلك؟ قال: فقرأ هذه الاَية: فَمَا كانَ دَعْوَاهُمْ
إذْ جاءَهُمْ بأسُنا... الاَية



فإن قال قائل: وكيف قيل: فَمَا كانَ
دَعْوَاهُمْ إذْ جاءَهُمْ بأْسُنا إلاّ أنْ قالُوا إنّا كُنّا ظالِمِينَ وكيف
أمكنتهم الدعوى بذلك وقد جاءهم بأس الله بالهلاك, أقالوا ذلك قبل الهلاك؟ فإن
كانوا قالوه قبل الهلاك, فإنهم قالوا قبل مجيء البأس, والله يخبر عنهم أنهم قالوه
حين جاءهم لا قبل ذلك, أو قالوه بعد ما جاءهم فتلك حالة قد هلكوا فيها, فكيف يجوز
وصفهم بقيل ذلك إذا عاينوا بأس الله وحقيقة ما كانت الرسل تعدهم من سطوة الله؟
قيل: ليس كل الأمم كان هلاكها في لحظة ليس بين أوّله وآخره مهل,
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com

كاتب الموضوعرسالة
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 8:59 pm

وقال: قالوا: ما نتق برجله لا يركض,
والنتق: نتق الدابة صاحبها حين تعدو به وتتعبه حتـى يربو, فذلك النتق والنتوق,
ونتقتنـي الدابة, ونتقت الـمرأة تنتق نتوقا: كثر ولدها. وقال بعض الكوفـيـين:
نتقنا الـجبل: علقنا الـجبل فوقهم فرفعناه ننتقه نتقا, وامرأة منتاق: كثـيرة
الولد, قال: وسمعت أخذ الـجراب ونَتَقَ ما فـيه: إذا نثر ما فـيه.



الآية : 172


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن
ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ
قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ
هَـَذَا غَافِلِينَ }..




يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا مـحمد ربك إذ
استـخرج ولد آدم من أصلاب آبـائهم, فقرّرهم بتوحيده, وأشهد بعضهم علـى بعض شهادتهم
بذلك, وإقرارهم به. كما:




11988ـ حدثنـي أحمد بن مـحمد الطوسي, قال: حدثنا الـحسين بن مـحمد, قال:
حدثنا جرير بن حازم, عن كلثوم بن جبـير, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, عن
النبـيّ صلى الله عليه وسلم, قال: «أخَذَ اللّهُ الـمِيثاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ
بِنَعْمانَ» يعنـي عرفة «فَأخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلّ ذُرّيّةٍ ذَرأها,
فَنَثرَهُمْ بَـينَ يَدَيْهِ كالذّرّ, ثُمّ كَلّـمَهُمْ فَتَلا فَقالَ: ألَسْتُ
بِرَبّكُمْ؟ قالُوا بَلـى شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا... الاَية إلـى ما فَعَلَ
الـمبْطِلونَ».




11989ـ حدثنا عمران بن موسى, قال: حدثنا عبد الوارث, قال: حدثنا كلثوم بن
جبر, قال: سألت سعيد بن جبـير عن قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ
ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: سألت عنها ابن عبـاس, فقال: مسح ربك ظهر آدم,
فخرجت كلّ نسمة هو خالقها إلـى يوم القـيامة بنعمان هذا, وأشار بـيده, فأخذ
مواثـيقهم, وأشهدهم علـى أنفسهم ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى.




حدثنا ابن وكيع ويعقوب قالا: حدثنا ابن علـية, قال: حدثنا كلثوم بن جبر, عن
سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ
قالُوا بَلـى شَهِدْنا قال: مسح ربك ظهر آدم, فخرجت كلّ نسمة هو خالقها إلـى يوم القـيامة
بنعمان هذا الذي وراء عرفة, وأخذ ميثاقهم ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى
شَهِدْنا اللفظ لـحديث يعقوب.




11990ـ وحدثنـي يعقوب قال: حدثنا ابن علـية, قال ربـيعة بن كلثوم, عن أبـيه
فـي هذا الـحديث: قالُوا بَلـى شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِـيامَةِ إنّا
كُنّا عَنْ هَذَا غافِلِـينَ.




حدثنا عمرو, قال: حدثنا عمران بن عيـينة, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن
سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: أوّل ما أهبط الله آدم, أهبطه بدجنـي, أرض
بـالهند, فمسح الله ظهره, فأخرج منه كلّ نسمة هو بـارئها إلـى أن تقوم الساعة, ثم
أخذ علـيهم الـميثاق: وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا
بَلـى شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِـيامَةِ إنّا كُنّا عَنْ هَذَا
غافِلِـينَ.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمران بن عيـينة, عن عطاء, عن سعيد بن جبـير,
عن ابن عبـاس, قال: أُهبِط آدم حين أهبط, فمسح الله ظهره, فأخرج منه كلّ نسمة هو
خالقها إلـى يوم القـيامة, ثم قال ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى, ثم تلا: وَإذْ
أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ فجفّ القلـم من
يومئذ بـما هو كائن إلـى يوم القـيامة.




11991ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن حبـيب بن
أبـي ثابت, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: لـما خـلق الله آدم, أخذ ذرّيته من ظهره مثل
الذرّ, فقبض قبضتـين, فقال لأصحاب الـيـمين ادخـلوا الـجنة بسلام, وقال للاَخرين:
ادخـلوا النار ولا أبـالـي.




11992ـ حدثنا ابن وكيع,قال: حدثنا أبـي, عن الأعمش, عن حبـيب, عن ابن
عبـاس, قال: مسح الله ظهر آدم, فأخرج كلّ طيب فـي يـمينه, وأخرج كلّ خبـيث فـي
الأخرى.




حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن علـية, عن شريك, عن عطاء, عن سعيد بن
جبـير, عن ابن عبـاس قال: مسح الله ظهر آدم, فـاستـخرج منه كلّ نسمة هو خالقها
إلـى يوم القـيامة.




حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, قال: حدثنا عمرو بن أبـي قـيس, عن عطاء,
عن سعيد, عن ابن عبـاس: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرّيّاتِهِمْ قال: لـما خـلق الله آدم مسح ظهره بدجنـي, وأخرج من ظهره كل نسمة هو
خالقها إلـى يوم القـيامة, فقال: ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى قال: فـيرون
يومئذ جفّ القلـم بـما هو كائن إلـى يوم القـيامة.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن الـمسعودي, عن علـيّ بن بذيـمة, عن
سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: لـما خـلق الله آدم علـيه السلام أخذ ميثاقه,
فمسح ظهره, فأخذ ذرّيته كهيئة الذرّ, فكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم, وأشهدهم علـى
أنفسهم ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى.




قال: حدثنا يزيد بن هارون, عن الـمسعودي, عن علـيّ بن بذيـمة, عن سعيد بن
جبـير, عن ابن عبـاس: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرّيّاتِهِمْ قال: لـما خـلق الله آدم, أخذ ميثاقه أنه ربه, وكتب أجله ومصائبه,
واستـخرج ذرّيته كالذرّ, وأخذ ميثاقهم, وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن ربـيعة بن كلثوم بن جبر, عن أبـيه
سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, فـي قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ وأشْهَدَهُمْ عَلـى أنْفُسهِمْ قال: مسح الله ظهر
آدم علـيه السلام وهو ببطن نعمان, واد إلـى جنب عرفة, وأخرج ذرّيته من ظهره كهيئة
الذرّ, ثم أشهدهم علـى أنفسهم ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى شَهِدْنا.




11993ـ قال: حدثنا أبـي, عن أبـي هلال, عن أبـي حمزة الضّبَعي, عن ابن
عبـاس, قال: أخرج الله ذرّية آدم علـيه السلام من ظهره كهيئة الذرّ, وهو فـي آذيّ
من الـماء.




11994ـ حدثنـي علـيّ بن سهل, قال: حدثنا ضمرة بن ربـيعة, قال: حدثنا أبو
مسعود, عن جويبر, قال: مات ابن للضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام, قال: فقال: يا جابر
إذا أنت وضعت ابنـي فـي لـحده, فأبرز وجهه, وحلّ عنه عقْده, فإن ابنـي مُـجْلَس
ومسؤول ففعلت به الذي أمرنـي, فلـما فرغت, قلت: يرحمك الله, عمّ يُسئل ابنك؟ قال:
يُسأل عن الـميثاق الذي أقرّ به فـي صلب آدم علـيه السلام. قلت: يا أبـا القاسم,
وما هذا الـميثاق الذي أقرّ به فـي صلب آدم؟ قال: ثنـي ابن عبـاس أن الله مسح صلب
آدم, فـاستـخرج منه كلّ نسمة هو خالقها إلـى يوم القـيامة, وأخذ منهم الـميثاق أن
يعبدوه, ولا يشركوا به شيئا, فلن تقوم الساعة حتـى يولد من أعطَى الـميثاق يومئذ,
فمن أدرك منهم الـميثاق الاَخر فوفـى به نفعه الـميثاق الأوّل, ومن أدرك الـميثاق الاَخر
فلـم يف به لـم ينفعه الـميثاق الأوّل, ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الـميثاق الاَخر
مات علـى الـميثاق الأوّل علـى الفطرة.




11995ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنـي
السريّ بن يحيى, أن الـحسن بن أبـي الـحسن, حدثهم عن الأسود بن سريع من بنـي سعد,
قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع غزوات, قال: فتناول القوم الذرية
بعد ما قتلوا الـمقاتلة, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فـاشتدّ علـيه,
ثم قال: «ما بـالُ أقْوَامٍ يَتَناوَلُونَ الذّرّيّة؟» فقال رجل: يا رسول الله, ألـيسوا
أبناء الـمشركين؟ فقال: «إنّ خِيارَكُمْ أوْلادُ الـمُشْركِينَ, ألاّ إنّها
لَـيْسَتْ نَسَمَةٌ تُولَدُ إلاّ وُلِدَتْ علـى الفِطْرَة, فَمَا تَزَالُ
عَلَـيْها حتـى يَبِـينَ عَنْها لِسانُها, فأبَوَاها يُهَوّدَانِها أوْ
يُنَصّرَانِها». قال الـحسن: والله لقد قال الله ذلك فـي كتابه, قال: وَإذْ أخَذَ
رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ.




11996ـ حدثنا عبد الرحمن بن الولـيد, قال: حدثنا أحمد بن أبـي طيبة, عن
سفـيان, عن سعيد, عن الأجلـح, عن الضحاك, وعن منصور, عن مـجاهد, عن عبد الله بن
عمرو, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي
آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: «أخِذُوا مِنْ ظَهْره كمَا يُؤْخَذُ
بـالـمِشْطِ مِنَ الرأس, فَقالَ لَهُمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ؟ قالُوا بَلـى, قالَتِ
الـمَلائِكَةُ: شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِـيامَةِ إنّا كُنّا عَنْ هَذَا
غافِلِـينَ».




11997ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, قال: حدثنا سفـيان, عن
منصور, عن مـجاهد, عن عبد الله بن عمرو, فـي قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي
آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: أخذهم كما يأخذ الـمشط من الرأس.




حدثنا ابن وكيع وابن حميد, قالا: حدثنا جرير, عن منصور, عن مـجاهد, عن عبد
الله بن عمرو: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرّيّاتِهِمْ قال: أخذهم كما يأخذ الـمشط عن الرأس. قال ابن حميد: كما يؤخذ
بـالـمشط.



11998ـ حدثنا إبراهيـم بن سعيد الـجوهري, قال:
حدثنا روح بن عبـادة, وسعد بن عبد الـحميد بن جعفر بن مالك بن أنس, عن زيد بن أبـي
أنـيسة, عن عبد الـحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الـخطاب, عن مسلـم بن يسار
الـجهنـي: أن عمر بن الـخطاب سئل عن هذه الاَية: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي
آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ
اللّهَ خَـلَقَ آدَمَ ثُمّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِـيَـمينِهِ فـاسْتَـخْرَجَ مِنْهُ
ذُرّيّةً, فَقالَ: خَـلَقْتُ هَؤُلاءِ للْـجَنّة, وَبِعَمَل أهْل الـجَنّةِ يَعْمَلُونَ.
ثُمّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فـاسْتَـخْرَجَ مِنْهُ ذُرّيّةً, فَقالَ: خَـلَقْتُ هَؤُلاءِ
للنّارِ, وَبِعَمَلِ أهْلِ النّارِ يَعْمَلُونَ». فقال رجل: يا رسول الله ففـيـم
العمل؟ قال: «إنّ اللّهَ إذَا خَـلَقَ العَبْدَ للْـجَنّةَ اسْتَعْمَلَهُ بَعَملِ
أهْلِ الـجَنّةِ حتـى يَـمُوتَ علـى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ أهْلِ الـجَنّة
فَـيُدْخِـلَهُ الـجَنّةَ وإذَا خَـلَقَ العَبْدَ للنّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ
أهْلِ النّارِ حتـى يَـمُوتَ علـى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ أهْلِ النّارِ
فَـيُدْخِـلَهُ النّار».




حدثنا إبراهيـم, قال: حدثنا مـحمد بن الـمصفـي, عن بقـية عن عمرو بن جعثم
القرشي, قال: ثنـي زيد بن أبـي أنـيسة, عن عبد الـحميد بن عبد الرحمن, عن مسلـم بن
يسار, عن نعيـم بن ربـيعة, عن عمر, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, بنـحوه.




11999ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن عمارة, عن أبـي
مـحمد رجل من الـمدينة, قال: سألت عمر بن الـخطاب عن قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ
مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: سألت النبـيّ صلى الله
عليه وسلم عنه كما سألتنـي, فقال: «خَـلَقَ اللّهُ آدَمَ بِـيَدِهِ, وَنَفَخَ
فِـيهِ مِنْ رُوحِهِ, ثُمّ أجْلَسَهُ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ بِـيَدِهِ الـيُـمْنَى,
فَأخْرَجَ ذَرْأً, فقال: ذَرْءٌ ذَرأْتُهُمْ للْـجَنّةِ, ثُمّ مَسَحَ ظَهْرَهُ
بِـيَدِهِ الأُخْرَى, وكِلْتا يَدَيْهِ يَـمِينٌ, فَقالَ: ذَرْءٌ ذَرَأتُهُمْ
للنّارِ, يَعْمَلُونَ فِـيـما شِئْتَ مِنْ عَمَلٍ, ثُمّ أخْتِـمُ لَهُمْ بِأسْوإ
أعْمالِهِمْ فَأُدْخِـلُهُمْ النّارِ».




حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن
علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ
ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: إن الله خـلق آدم, ثم أخرج ذرّيته من صلبه مثل
الذرّ, فقال لهم: من ربكم؟ قالوا: الله ربنا, ثم أعادهم فـي صلبه, حتـى يولد كلّ
من أخذ ميثاقه لا يزاد فـيهم ولا ينقص منهم إلـى أن تقوم الساعة.




12000ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ
ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ... إلـى قوله: قالُوا بَلـى شَهِدْنا قال ابن عبـاس: إن
الله لـمّا خـلق آدم مسح ظهره, وأخرج ذرّيته كلهم كهيئة الذرّ, فأنطقهم فتكلـموا,
وأشهدهم علـى أنفسهم, وجعل مع بعضهم النور, وإنه قال لاَدم: هؤلاء ذرّيتك آخذ
علـيهم الـميثاق, أنا ربهم, لئلا يشركوا بـي شيئا, وعلـيّ رزقهم. قال آدم: فمن هذا
الذي معه النور؟ قال: هو داود. قال: يا ربّ كم كتبت له من الأجل؟ قال: ستـين سنة.
قال: كم كتبت لـي؟ قال: ألف سنة, وقد كتبت لكلّ إنسان منهم كم يعمّر وكم يـلبث.
قال: يا ربّ زده قال: هذا الكتاب موضوع فأعطه إن شئت من عمرك. قال: نعم. وقد جفّ
القلـم عن أجل سائر بنـي آدم, فكتب له من أجَل آدم أربعين سنة, فصار أجله مائة
سنة. فلـما عمر تسع مئة سنة وستـين جاءه ملك الـموت فلـما رآه آدم, قال: ما لك؟
قال له: قد استوفـيت أجلك. قال له آدم: إنـما عمرت تسع مائة وستـين سنة, وبقـي
أربعون سنة. قال: فلـما قال ذلك للـمَلك, قال الـملك: قد أخبرنـي بها ربـي. قال:
فـارجع إلـى ربك فـاسأله فرجع الـملك إلـى ربه, فقال: ما لك؟ قال: يا ربّ رجعت
إلـيك لـما كنت أعلـم من تكرمتك إياه. قال الله: ارجع فأخبره أنه قد أعطى ابنه
داود أربعين سنة




12001ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن
الزبـير بن موسى, عن سعيد بن جبـير, عن ابن عبـاس, قال: إن الله تبـارك وتعالـى
ضرب منكبه الأيـمن, فخرجت كلّ نفس مخـلوقة للـجنة بـيضاء نقـية, فقال: هؤلاء أهل
الـجنة. ثم ضرب منكبه الأيسر, فخرجت كلّ نفس مخـلوقة للنار سوداء, فقال: هؤلاء أهل
النار. ثم أخذ عهودهم علـى الإيـمان والـمعرفة له ولأمره, والتصديق به وبأمره بنـي
آدم كلهم, فأشهدهم علـى أنفسهم, فآمنوا وصدّقوا وعرفوا وأقرّوا. وبلغنـي أنه
أخرجهم علـى كفه أمثال الـخردل. قال ابن جريج عن مـجاهد, قال: إن الله لـما أخرجهم
قال: يا عبـاد الله أجيبوا الله والإجابة: الطاعة فقالوا: أطعنا, اللهمّ أطعنا,
اللهمّ أطعنا, اللهمّ لبـيك قال: فأعطاها إبراهيـم علـيه السلام فـي الـمناسك:
لبـيك اللهمّ لبـيك. قال: ضرب متن آدم حين خـلقه. قال: وقال ابن عبـاس: خـلق آدم,
ثم أخرج ذرّيته من ظهره مثل الذرّ, فكلـمهم, ثم أعادهم فـي صلبه, فلـيس أحد إلا
وقد تكلـم فقال: ربـي الله. فقال: وكلّ خـلق خـلق فهو كائن إلـى يوم القـيامة وهي
الفطرة التـي فطر الناس علـيها. قال ابن جريج, قال سعيد بن جبـير: أخذ الـميثاق
علـيهم بنعَمان ونَعمان من وراء عرفة أن يقولوا يوم القـيامة إنّا كُنّا عَنْ
هَذَا غافِلِـينَ عن الـميثاق الذي أخذ علـيهم.




12002ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن أبـي جعفر,
عن الربـيع, عن أبـي العالـية, عن أبـيّ بن كعب, قال: جمعهم يومئذ جميعا ما هو
كائن إلـى يوم القـيامة, ثم استنطقهم, وأخذ علـيهم الـميثاق وأشْهَدَهُمْ علـى
أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا يَوْمَ
القِـيامَةِ إنّا كُنّا عَنْ هَذَا غافِلِـينَ أوْ تَقُولُوا إنّـمَا أشْرَكَ
آبـاؤُنا مِنْ قَبْلُ وكُنّا ذُرّيّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أفَتُهْلِكُنا بِـمَا
فَعَلَ الـمُبْطِلُونَ؟ قال: فإنـي أشهد علـيكم السموات السبع والأرضين السبع,
وأشهد علـيكم أبـاكم آدم أن تقولوا يوم القـيامة لـم نعلـم بهذا, اعلـموا أنه لا
إله غيري, ولا ربّ غيري, ولا تشركوا بـي شيئا, وسأرسل إلـيكم رسلاً يذكرونكم عهدي
وميثاقـي, وسأنزل علـيكم كتبـي قالوا: شهدنا أنك ربنا وإلهنا, لا ربّ لنا غيرك,
ولا إله لنا غيرك. فأقرّوا له يومئذ بـالطاعة, ورفع علـيهم أبـاهم آدم, فنظر
إلـيهم, فرأى منهم الغنـيّ والفقـير, وحسن الصورة, ودون ذلك, فقال: ربّ لولا ساويت
بـينهم قال: فإنـي أحبّ أن أشكر. قال: وفـيهم الأنبـياء علـيهم السلام يومئذ مثل
السرج. وخصّ الأنبـياء بـميثاق آخر, قال الله: وَإذْ أخَذْنا مِنَ النّبِـيّـينَ
مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإبْرَاهِيـمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ
مَرْيَـمَ وأخَذْنا مِنْهُمْ ميثاقا غَلـيظا وهو الذي يقول تعالـى ذكره: فأقِمْ
وَجْهَكَ للدّينِ حَنِـيفـا فطْرَةَ اللّهِ التـي فَطَرَ النّاسَ عَلَـيْها لا
تَبْدِيـلَ لِـخَـلْقِ اللّهِ وفـي ذلك قال: هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النّذُرِ الأولـىَ
يقول: أخذنا ميثاقه مع النذر الأولـى, ومن ذلك قوله: وَما وَجَدْنا لأَكْثَرهِمْ
مِنْ عَهْدٍ وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفـاسِقِـينَ. ثُمّ بَعَثْنا مِنْ
بَعْدِهِ رُسُلاً إلـى قَوْمِهِمْ فَجاءُوهُمْ بـالبَـيّنات فَمَا كانُوا
لِـيُؤْمِنُوا بـمَا كَذّبُوا مِنْ قَبْلُ قال: كان فـي علـمه يوم أقرّوا به من
يصدّق ومن يكذّب.




12003ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن
أبـي بشر, عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ
قال: أخرجهم من ظهر آدم, وجعل لاَدم عمرَ ألف سنة, قال: فعُرِضوا علـى آدم, فرأى
رجلاً من ذرّيته له نور فأعجبه, فسأل عنه, فقال: هو داود, قد جعل عمره ستـين سنة,
فجعل له من عمره أربعين سنة فلـما احتضر آدم, جعل يخاصمهم فـي الأربعين سنة,
فقـيـل له: إنك أعطيتها داود, قال: فجعل يخاصمهم.




حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد, فـي قوله: وَإذْ
أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: أخرج ذرّيته
من ظهره كهيئة الذرّ, فعرضهم علـى آدم بأسمائهم وأسماء آبـائهم وآجالهم, قال: فعرض
علـيه روح داود فـي نور ساطع, فقال: من هذا؟ قال: هذا من ذرّيتك نبـيّ خـلـيفة,
قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة, قال: زيدوه من عمري أربعين سنة قال: والأقلام رطبة
تـجري. فأثبت لداود الأربعون, وكان عمر آدم علـيه السلام ألف سنة فلـما استكملها
إلا الأربعين سنة, بعث إلـيه ملك الـموت, فقال: يا آدم أمرت أن أقبضك, قال: ألـم
يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: فرجع ملك الـموت إلـى ربه, فقال: إن آدم يدّعي من
عمره أربعين سنة, قال: أخبر آدم أنه جعلها لابنه داود والأقلام رطبة فأثبتت لداود.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو داود, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بنـحوه.




12004ـ قال: حدثنا ابن فضيـل وابن نـمير, عن عبد الـملك, عن عطاء: وَإذْ
أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: أخرجهم من
ظهر آدم حتـى أخذ علـيهم الـميثاق, ثم ردّهم فـي صلبه.




12005ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن نـمير, عن نضر بن عربـي: وَإذْ
أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: أخرجهم من
ظهر آدم حتـى أخذ علـيهم الـميثاق, ثم ردّهم فـي صلبه.




12006ـ قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, عن أبـي بسطام, عن الضحاك, قال: حيث ذرأ
الله خـلقه لاَدم, قال: خـلقهم وأشهدهم علـى أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلـى.




حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد, قال:
سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرّيّاتِهِمْ قال: قال ابن عبـاس: خـلق الله آدم, ثم أخرج ذرّيته من ظهره,
فكلـمهم الله وأنطقهم, فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلـى, ثم أعادهم فـي صلبه, فلـيس
أحد من الـخـلق إلا قد تكلـم فقال ربـي الله, وإن القـيامة لن تقوم حتـى يولد من
كان يومئذ أشهد علـى نفسه.




12007ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمر بن طلـحة, عن أسبـاط, عن السديّ:
وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ
وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى وذلك حين يقول تعالـى
ذكره: وَلَهُ أسْلَـمَ مَنْ فِـي السّمَوَات والأرْض طَوْعا وَكَرْها وذلك حين
يقول: فللّهِ الـحُجّةُ البـالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ يعنـي: يوم
أخذ منهم الـميثاق, ثم عرضهم علـى آدم علـيه السلام.




12008ـ قال: حدثنا عمر, عن أسبـاط, عن السديّ, قال: أخرج الله آدم من الـجنة,
ولـم يهبط من السماء, ثم مسح صفحة ظهره الـيـمنى, فأخرج منه ذرّية بـيضاء مثل
اللؤلؤ كهيئة الذرّ, فقال لهم: ادخـلوا الـجنة برحمتـي ومسح صفحة ظهره الـيسرى,
فأخرج منه ذرّية سوداء كهيئة الذرّ, فقال: ادخـلوا النار ولا أبـالـي فذلك حين
يقول: «وأصْحابُ الـيَـمِين وأصْحابُ الشّمال» ثم أخذ منهم الـميثاق, فقال:
ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى, فأطاعه طائفة طائعين, وطائفة كارهين علـى وجه
التقـيّة.




12009ـ حدثنـي موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرُ, قال: حدثنا أسبـاط, عن
السديّ بنـحوه, وزاد فـيه بعد قوله: وطائفة علـى وجه التقـية, فقال هو والـملائكة:
شهدْنَا أن يقولوا يوم القـيامة إنا كنا عن هذا غافلـين أو يقولوا إنـما أشرك
آبـاؤنا من قبل وكنا ذرّية من بعدهم. فلذلك لـيس فـي الأرض أحد من ولد آدم إلا وهو
يعرف أن ربه الله, ولا مشرك إلا وهو يقول لابنه: إنّا وَجَدْنا آبـاءَنا علـى
أُمّةٍ والأمّة: الدين وإنّا علـى آثارهِمْ مُقْتَدُونَ, وذلك حين يقول الله:
وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ
وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى وذلك حين يقول:
وَلَهُ أسْلَـمَ مَنْ فِـي السّمَوَات والأرْض طَوْعا وكَرْها وذلك حين يقول:
فللّه الـحُجّةُ البـالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَدَاكُمْ أجمَعِينَ يعنـي يوم أخذ
منهم الـميثاق.




12010ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
الكلبـي: مِنْ ظُهُورهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: مسح الله علـى صلب آدم, فأخرج من
صلبه من ذرّيته ما يكون إلـى يوم القـيامة, وأخذ ميثاقهم أنه ربهم, فأعطوه ذلك,
ولا يُسأل أحد كافر ولا غيره: من ربك؟ إلا قال: الله. وقال الـحسن مثل ذلك أيضا.




12011ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا حفص بن غياث, عن جعفر, عن أبـيه, عن علـيّ
بن حسين أنه كان يعزل, ويتأوّل هذه الاَية: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ.




12012ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا موسى بن
عبـيدة, عن مـحمد بن كعب القرظي فـي قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِـي آدَمَ
مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّاتِهِمْ قال: أقرّت الأرواح قبل أن تـخـلق أجسادها.




12013ـ حدثنا أحمد بن الفرج الـحمصي, قال: حدثنا بقـية بن الولـيد, قال:
ثنـي الزبـيدي, عن راشد بن سعد, عن عبد الرحمن بن قتادة النضري, عن أبـيه, عن هشام
بن حكيـم: أن رجلاً أتـى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله,
أتُبدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ اللّهَ
أخَذَ ذُرّيّةَ آدَمَ مِنْ ظُهُورهِمْ, ثُمّ أشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسهِمْ, ثُمّ
أفـاضَ بهِمْ فِـي كَفّـيْه ثُمّ قالَ: هَؤُلاء فِـي الـجَنّة وَهَؤُلاء فِـي
النّار, فأهْلُ الـجَنّةِ مُيَسّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ الـجنّةِ, وأهْلُ النّارِ
مُيَسّرُونَ لعَمَلِ أهْلِ النّارِ».




حدثنـي مـحمد بن عوف الطائي, قال: حدثنا حيوة ويزيد, قالا: حدثنا بقـية, عن
الزبـيديّ, عن راشد بن سعد, عن عبد الرحمن بن قتادة النضري, عن أبـيه, عن هشام بن
حكيـم, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم مثله.




حدثنـي أحمد بن شبويه, قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيـم, قال: حدثنا عمرو بن
الـحرث, قال: حدثنا عبد الله بن مسلـم, عن الزبـيدي, قال: حدثنا راشد بن سعد أن
عبد الرحمن بن قتادة, حدثه أن أبـاه حدثه أن هشام بن حكيـم حدثه أنه قال: أتـى
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل... فذكر مثله.




حدثنا مـحمد بن عوف, قال: ثنـي أبو صالـح, قال: حدثنا معاوية, عن راشد بن
سعد, عن عبد الرحمن بن قتادة, عن هشام بن حكيـم, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم,
بنـحوه.




واختلف فـي قوله: شَهِدْنا أنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِـيامَةِ إنّا كُنّا
عَنْ هَذَا غافِلِـينَ فقال السديّ: هو خبر من الله عن نفسه وملائكته أنه جلّ
ثناؤه قال هو وملائكته إذ أقرّ بنو آدم بربوبـيته حين قال لهم: ألست بربكم؟ قالوا:
بلـى.




فتأويـل الكلام علـى هذا التأويـل: وإذ أخذ ربك من بنـي آدم من ظهورهم
ذرّياتهم, وأشهدهم علـى أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلـى. فقال الله وملائكته:
شهدنا علـيكم بـاقراركم بأن الله ربكم كيلا تقولوا يوم القـيامة إنا كنا عن هذا
غافلـين. وقد ذكرت الرواية عنه بذلك فـيـما مضى والـخبر الاَخر الذي رُوي عن عبد
الله بن عمرو عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم بـمثل ذلك.




وقال آخرون: ذلك خبر من الله عن قـيـل بعض بنـي آدم لبعض, حين أشهد الله
بعضهم علـى بعض. وقالوا: معنى قوله: وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ وأشهد بعضهم
علـى بعض بإقرارهم بذلك, وقد ذكرت الرواية بذلك أيضا عمن قاله قبل.




قال أبو جعفر: وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب, ما رُوي عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم إن كان صحيحا, ولا أعلـمه صحيحا لأن الثقات الذين يعتـمد علـى
حفظهم وإتقانهم حدّثوا بهذا الـحديث عن الثوري, فوقـفوه علـى عبد الله بن عمرو
ولـم يرفعوه, ولـم يذكروا فـي الـحديث هذا الـحرف الذي ذكره أحمد بن أبـي طيبة
عنه. وإن لـم يكن ذلك عنه صحيحا, فـالظاهر يدلّ علـى أنه خبر من الله عن قـيـل
بنـي آدم بعضهم لبعض, لأنه جلّ ثناؤه قال: وأشْهَدَهُمْ علـى أنْفُسِهِمْ ألَسْتُ
بِرَبّكُمْ قالُوا بَلـى شَهِدْنا فكأنه قـيـل: فقال الذين شهدوا علـى الـمقرّين
حين أقرّوا, فقالوا: بلـى شهدنا علـيكم بـما أقررتـم به علـى أنفسكم كيلا تقولوا
يوم القـيامة إنا كنا عن هذا غافلـين.



الآية : 173


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَوْ تَقُولُوَاْ إِنّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا
مِن قَبْلُ وَكُنّا ذُرّيّةً مّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ
الْمُبْطِلُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: شهدنا علـيكم أيها الـمقرّون بأن الله ربكم, كيلا تقولوا
يوم القـيامة: إنا كنا عن هذا غافلـين, إنا كنا لا نعلـم ذلك وكنا فـي غفلة منه,
أو تقولوا: إنّـمَا أشْرَكَ آبـاؤُنا مِنْ قَبْلُ وكُنّا ذُرّيّةً مِنْ بَعْدِهِمْ
اتبعنا منهاجهم أفَتُهْلِكُنا بإشراك من أشرك من آبـائنا, واتبـاعنا منهاجهم علـى
جهل منا بـالـحقّ؟




ويعنـي بقوله بـمَا فَعَلَ الـمُبْطِلُونَ: بـما فعل الذين أبطلوا فـي
دعواهم إلها غير الله.




واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأه بعض الـمكيـين والبصريـين: «أن
يقولوا» بـالـياء, بـمعنى: شهدنا لئلا يقولوا علـى وجه الـخبر عن الغيب. وقرأ ذلك
عامّة قرّاء أهل الـمدينة والكوفة: أن تَقُولوا بـالتاء علـى وجه الـخطاب من
الشهود للـمشهود علـيهم.



والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان صحيحتا
الـمعنى متفقتا التأويـل وإن اختلفت ألفـاظهما, لأن العرب تفعل ذلك فـي الـحكاية,
كما قال الله: لَتُبَـيّنُنّهُ للنّاس و«لـيبـيننه», وقد بـينا نظائر ذلك فـيـما
مضى بـما أغنى عن إعادته.



الآية : 174


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَكَذَلِكَ نُفَصّلُ الاَيَاتِ وَلَعَلّهُمْ
يَرْجِعُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: وكما فصلنا يا مـحمد لقومك آيات هذه السورة, وبـيّنا
فـيها ما فعلنا بـالأمـم السالفة قبل قومك, وأحللنا بهم من الـمثلات بكفرهم
وإشراكهم فـي عبـادتـي غيري, كذلك نفصل الاَيات غيرها ونبـينها لقومك, لـينزجروا
ويرتدعوا, فـينـيبوا إلـى طاعتـي ويتوبوا من شركهم وكفرهم, فـيرجعوا إلـى الإيـمان
والإقرار بتوحيدي وإفراد الطاعة لـي وترك عبـادة ما سواي.



الآية : 175


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ
آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ
الْغَاوِينَ }..




يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: واتل يا مـحمد علـى
قومك نبأ الذي آتـيناه آياتنا, يعنـي خبره وقصته. وكانت آيات الله للذي آتاه الله
إياها فـيـما يقال اسم الله الأعظم, وقـيـل النبوّة.




واختلف أهل التأويـل فـيه, فقال بعضهم: هو رجل من بنـي إسرائيـل. ذكر من
قال ذلك:




12014ـ حدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر بن الـمفضل, قال: حدثنا شعبة,
عن منصور, عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله فـي هذه الاَية: وَاتْلُ
عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو بلعم.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن
عبد الله, مثله.




قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن منصور, عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله,
قال: هو بلعم بن أَبر.




حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن
ابن مسعود, فـي قوله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا قال:
رجل من بنـي إسرائيـل يقال له: بلعم بن أبر.




حدثنا مـحمد بن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر وابن مهدي وابن أبـي
عديّ, قالوا: حدثنا شعبة, عن منصور, عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله, أنه
قال فـي هذه الاَية, فذكر مثله, ولـم يقل ابن أبر.




حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن أبـي الضحى, عن
مسروق, عن ابن مسعود: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا
فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: رجل من بنـي إسرائيـل يقال له: بلعم بن أبر.




12015ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عمران بن عيـينة, عن حصين, عن عمران بن
الـحرث, عن ابن عبـاس, قال: هو بلعم بن بـاعرا.




حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا سفـيان, عن الأعمش, عن
أبـي الضحى, عن مسروق, عن ابن مسعود, فـي قوله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي
آتَـيْناهُ آياتِنا... إلـى: فَكانَ مِنَ الغاوينَ هو بلعم بن أبر.




حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن
الأعمش, عن منصور عن أبـي الضحى, عن مسروق, عن ابن مسعود, مثله, إلاّ أنه قال ابن
أبُر, بضم البـاء.




12016ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَـيْناهُ
آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو رجل من مدينة الـجبـارين يقال له بلعم.




12017ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبـي
نـجيح, عن مـجاهد: فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: بَلعام بن بـاعرا, من بنـي إسرائيـل.




حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, قال: سمعت
مـجاهدا يقول, فذكر مثله.




حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال:
أخبرنـي عبد الله بن كثـير, أنه سمع مـجاهدا يقول, فذكر مثله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 9:00 pm

12018ـ حدثنا ابن
الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن وابن أبـي عديّ, عن شعبة, عن حصين, عن عكرمة, قال
فـي الذي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو بلعام.




12019ـ وحدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا غندر, عن شعبة, عن حصين, عن عكرمة,
قال: هو بلعم.




قال: حدثنا عمران بن عيـينة, عن حصين, عن عكرمة, قال: هو بلعم.




حدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر, قال: حدثنا شعبة, عن حصين, قال: سمعت
عكرمة يقول: هو بَلعام.




حدثنا قال: حدثنا عبد العزيزي, قال: حدثنا إسرائيـل, عن حصين, عن مـجاهد,
قال: هو بلعم.




حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا إسرائيـل, عن مغيرة, عن
مـجاهد, عن ابن عبـاس قال: هو بلعم. (وقالت ثقـيف: هو أمية بن أبـي الصلت).




وقال آخرون: كان بلعم هذا من أهل الـيـمن. ذكر من قال ذلك.




12020ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ
آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو رجل يدعى بلعم من أهل الـيـمن.




وقال آخرون: كان من الكنعانـيـين. ذكر من قال ذلك.




12021ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ
آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو رجل من مدينة الـجبـارين يقال له بلعم.




وقال آخرون: هو أمية بن أبـي الصلت. ذكر من قال ذلك.




12022ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: حدثنا سعيد
بن السائب, عن غضيف بن أبـي سفـيان, عن يعقوب ونافع بن عاصم, عن عبد الله بن عمرو,
قال فـي هذه الاَية: الّذي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو أمية
بن أبـي الصلت.




حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا ابن أبـي عديّ, قال: أنبأنا شعبة, عن يعلـى
بن عطاء, عن نافع بن عاصم, قال: قال عبد الله بن عمرو: هو صاحبكم أمية بن أبـي
الصلت.




حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن ووهب بن جرير, قالا: حدثنا شعبة,
عن يعلـى بن عطاء, عن نافع بن عاصم, عن عبد الله بن عمرو بـمثله.




حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, قال: حدثنا سفـيان, عن
حبـيب بن أبـي ثابت, عن رجل, عن عبد الله بن عمرو: ولَكِنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأرْض
وَاتّبَعَ هَوَاهُ قال: هو أمية بن أبـي الصلت.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا غندر, عن شعبة, عن يعلـى بن عطاء, قال: سمعت
نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود, قال: سمعت عبد الله بن عمرو, قال فـي هذه الاَية:
الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو صاحبكم, يعنـي أمية بن
أبـي الصلت.




قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان عن حبـيب, عن رجل عن عبد الله بن عمرو, قال: هو
أمية بن أبـي الصلت.




قال: حدثنا يزيد, عن شريك, عن عبد الـملك, عن فضالة, أو ابن فضالة, عن عبد
الله بن عمرو, قال: هو أمية.




12023ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن عبد الـملك بن عمير,
قال: تذاكروا فـي جامع دمشق هذه الاَية: فـانْسَلَـخَ مِنْها فقال بعضهم: نزلت فـي
بلعم بن بـاعوراء, وقال بعضهم: نزلت فـي الراهب. فخرج علـيهم عبد الله بن عمرو بن
العاص, فقالوا: فـيـمن نزلت هذه؟ قال: نزلت فـي أمية بن أبـي الصلت الثقـفـي.




12024ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
الكلبـي: الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: هو أمية بن أبـي
الصلت, وقال قتادة: يشكّ فـيه, يقول بعضهم: بلعم, ويقول بعضهم: أمية بن أبـي
الصلت.




واختلف أهل التأويـل فـي الاَيات التـي كان أوتـيها التـي قال جلّ ثناؤه:
آتَـيْناهُ آياتِنا فقال بعضهم: كانت اسم الله الأعظم. ذكر من قال ذلك.




12025ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال:
إن الله لـما انقضت الأربعون سنة, يعنـي التـي قال الله فـيها: إنّها مُـحَرّمَةٌ
عَلَـيْهِمْ أرْبَعِينَ سَنَةً بعث يُوشَعَ بن نون نبـيا, فدعا بنـي إسرائيـل
فأخبرهم أنه نبـيّ وأن الله قد أمره أن يقاتل الـجبـارين, فبـايعوه وصدّقوه.
وانطلق رجل من بنـي إسرائيـل يقال له بلعم, وكان عالـما يعلـم الاسم الأعظم
الـمكتوم, فكفر وأتـى الـجبـارين, فقال: لا ترهبوا بنـي إسرائيـل, فـانـي إذا
خرجتـم تقاتلونهم أدعو علـيهم دعوة فـيهلكون وكان عندهم فـيـما شاء من الدنـيا,
غير أنه كان لا يستطيع أن يأتـي النساء يعظمهن, فكان ينكح أتانا له, وهو الذي يقول
الله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها:
أي تنصل فـانسلـخ منها, إلـى قوله: وَلَكِنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأرْضِ.




12026ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبَأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا
قال: هو رجل يقال له: بلعم, وكان يعلـم اسم الله الأعظم.




12027ـ حدثنـي يونس قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: كان
لا يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه.




وقال آخرون: بل الاَيات التـي كان أوتـيها كتاب من كتب الله. ذكر من قال
ذلك.




12028ـ حدثنا القاسم قال: حدثنا الـحسين قال: حدثنا أبو تُـمَيـلة, عن أبـي
حمزة, عن جابر, عن مـجاهد وعكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كان فـي بنـي إسرائيـل
بَلعام بن بـاعر أوتـي كتابـا.




وقال آخرون: بل كان أوتـي النبوّة. ذكر من قال ذلك.




12029ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, عن
غيره, قال: الـحارث قال: عبد العزيز يعنـي عن غير نفسه عن مـجاهد, قال: هو نبـيّ
فـي بنـي إسرائيـل, يعنـي بَلعم, أوتـي النبوّة, فرشاه قومه علـى أن يسكت, ففعل
وتركهم علـى ما هم علـيه.




12030ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان, عن
أبـيه, أنه سئل عن الاَية: وَاتْلُ عَلَـيهِمْ نَبأَ الّذي آتَـيْناهُ آياتنا
فـانْسَلَـخَ مِنْها فحدّث عن سيّار أنه كان رجلاً يقال له بَلْعَام, وكان قد
أوتـي النبوّة, وكان مـجاب الدعوة.




قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله تعالـى ذكره أمر
نبـيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو علـى قومه خبر رجل كان الله آتاه حججه وأدلته,
وهي الاَيات.




وقد دللنا علـى أن معنى الاَيات الأدلة والأعلام فـيـما مضى بـما أغنى عن
إعادته, وجائز أن يكون الذي كان الله آتاه ذلك بلعم, وجائز أن يكون أمية, وكذلك
الاَيات إن كانت بـمعنى الـحجة التـي هي بعض كتب الله التـي أنزلها علـى بعض
أنبـيائه, فتعلـمها الذي ذكره الله فـي هذه الاَية, وعناه بها فجائز أن يكون الذي
كان أوتـيها بلعم, وجائز أن يكون أمية, لأن أمية كان فـيـما يقال قد قرأ من كتب
أهل الكتاب, وإن كانت بـمعنى كتاب أنزله الله علـى من أمر نبـيّ الله علـيه الصلاة
والسلام أن يتلو علـى قومه نبأه أو بـمعنى اسم الله الأعظم أو بـمعنى النبوّة,
فغير جائز أن يكون معنـيا به أمية لأن أمية لا تـختلف الأمة فـي أنه لـم يكن أوتـي
شيئا من ذلك. ولا خبر بأيّ ذلك الـمراد وأيّ الرجلـين الـمعنـيّ يوجب الـحجة ولا
فـي العقل دلالة علـى أن ذلك الـمعنـيّ به من أيّ. فـالصواب أن يقال فـيه ما قال
الله, ويقرّ بظاهر التنزيـل علـى ما جاء به الوحي من الله.




وأما قوله: فـانْسَلَـخَ مِنْها فإنه يعنـي: خرج من الاَيات التـي كان الله
آتاها إياه, فتبرأ منها.




وبنـحو ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.




12031ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قال: لـما نزل موسى علـيه السلام يعنـي بـالـجبـارين ومن
معه آتاه يعنـي بلعم بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل حديد, ومعه جنود كثـيرة,
وإنه إن يظهر علـينا يهلكنا. فـادع الله أن يردّ عنا موسى ومن معه قال: إنـي إن
دعوت الله أن يردّ موسى ومن معه ذهبت دنـياي وآخرتـي. فلـم يزالوا به حتـى دعا
علـيهم, فسلـخه الله مـما كان علـيه, فذلك قوله: فـانْسَلَـخَ مِنْها فَأتْبَعَهُ
الشّيْطانُ فَكانَ مِنَ الغاوِينَ.




12032ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قال: كان الله آتاه آياته فتركها.




12033ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن
جريج: قال ابن عبـاس: فـانْسَلَـخَ مِنْها قال: نزع منه العلـم.




وقوله: فَأتْبَعَهُ الشّيْطانُ يقول: فصيره لنفسه تابعا ينتهي إلـى أمره
فـي معصية الله, ويخالف أمر ربه فـي معصية الشيطان وطاعة الرحمن. وقوله: فَكانَ
مِنَ الغاوينَ يقول: فكان من الهالكين لضلاله وخلافه أمرَ ربه وطاعة الشيطان.



الآية : 176


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَـَكِنّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذّلِكَ مَثَلُ
الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلّهُمْ
يَتَفَكّرُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: ولو شئنا لرفعنا هذا الذي آتـيناه آياتنا بآياتنا التـي
آتـيناه, ولَكِنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأَرْضِ يقول: سكن إلـى الـحياة الدنـيا فـي
الأرض ومال إلـيها, وآثر لذتها وشهواتها علـى الاَخرة, واتبع هواه, ورفض طاعة الله
وخالف أمره.




وكانت قصة هذا الذي وصف الله خبره فـي هذه الاَية, علـى اختلاف من أهل
العلـم فـي خبره وأمره, ما:




12034ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا الـمعتـمر, عن أبـيه, أنه
سئل عن الاَية: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ
مِنْها فحدّث عن سيار أنه كان رجلاً يقال له بَلْعام, وكان قد أوتـي النبوّة, وكان
مـجاب الدعوة. قال: وإن موسى أقبل فـي بنـي إسرائيـل يريد الأرض التـي فـيها بلعام
أو قال الشام قال: فرعب الناس منه رعبـا شديدا, قال: فأتوا بَلْعاما, فقالوا ادع
الله علـى هذا الرجل وجيشه قال: حتـى أؤامر ربـي أو حتـى أؤامر قال: فآمر فـي
الدعاء علـيهم, فقـيـل له: لا تدع علـيهم فإنهم عبـادي وفـيهم نبـيهم قال: فقال
لقومه: إنـي آمرت ربـي فـي الدعاء علـيهم, وإنـي قد نُهيت. قال: فأهدوا إلـيه هدية
فَقبِلها. ثم راجعوه فقالوا: ادع علـيهم فقال: حتـى أؤامر ربـي. فآمر فلـم يأمره
بشيء. قال: فقال: قد وامرت فلـم يأمرنـي بشيء, فقالوا: لو كره ربك أن تدعو علـيهم
لنهاك كما نهاك فـي الـمرّة الأولـى. قال: فأخذ يدعو علـيهم, فإذا دعا علـيهم جرى
علـى لسانه الدعاء علـى قومه وإذا أراد أن يدعو أن يُفْتَـح لقومه, دعا أن
يُفْتَـح لـموسى علـيه السلام وجيشه أو نـحوا من ذلك إن شاء الله. قال: فقالوا ما
نراك تدعو إلاّ علـينا. قال: ما يجري علـى لسانـي إلاّ هكذا, ولو دعوتُ علـيه ما
استـجيب لـي, ولكن سأدلكم علـى أمر عسى أن يكون فـيه هلاكهم إن الله يبغض الزنا,
وإنهم إن وقعوا بـالزنا هلكوا, ورجوت أن يهلكهم الله, فأخرِجوا النساء لتستقبلهم
وإنهم قوم مسافرون, فعسى أن يزنوا فـيهلكوا. قال: ففعلوا وأخرجوا النساء تستقبلهم.
قال: وكان للـملك ابنة, فذكر من عظمها ما الله أعلـم به, قال: فقال أبوها أو
بَلْعام: لا تـمكنـي نفسك إلاّ من موسى قال: ووقعوا فـي الزنا. قال: وأتاها رأس
سبط من أسبـاط بنـي إسرائيـل, فأرادها علـى نفسه, قال: فقالت: ما أنا بـمـمكنة
نفسي إلاّ من موسى, قال: فقال: إن من منزلتـي كذا وكذا, وإن من حالـى كذا وكذا.
قال: فأرسلت إلـى أبـيها تستأمره, قال: فقال لها: مَكّنِـيهِ قال: ويأتـيهما رجل
من بنـي هارون ومعه الرمـح فـيطعنهما, قال: وأيّده الله بقوّة فـانتظمهما جميعا,
ورفعهما علـى رمـحه. قال: فرآهما الناس, أو كما حدّث. قال: وسلط الله علـيهم
الطاعون, قال: فمات منهم سبعون ألفـا. قال: فقال أبو الـمعتـمر: فحدثنـي سيار أن
بلعاما ركب حمارة له, حتـى إذا أتـى الـمُعْلَوْلـي أو قال: طريقا من الـمعلولـي
جعل يضربها ولا تتقدّم. قال: وقامت علـيه, فقالت: علام تضربنـي؟ أما ترى هذا الذي
بـين يديك؟ قال: فإذا الشيطان بـين يديه, قال: فنزل فسجد له. قال الله: وَاتْلُ
عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها فَأتْبَعَهُ
الشّيْطانُ فَكانَ مِنَ الغاوِينَ... إلـى قوله: لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ. قال:
فحدثنـي بهذا سيّار, ولا أدري لعله قد دخـل فـيه شيء من حديث غيره.




12035ـ حدثنا ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا الـمعتـمر, عن أبـيه, قال:
فبلغنـي حديث رجل من أهل الكتاب يحدّث أن موسى سأل الله أن يطبعه وأن يجعله من أهل
النار. قال: ففعل الله. قال: أنبئت أن موسى قتله بعد.




12036ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن مـحمد بن إسحاق, عن سالـم
أبـي النضر, أنه حدث: أن موسى لـما نزل فـي أرض بنـي كنعان من أرض الشام أتـى قومُ
بَلْعم إلـى بَلْعم, فقالوا له: يا بلعم إن هذا موسى بن عمران فـي بنـي إسرائيـل,
قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويُحِلها بنـي إسرائيـل ويسكنها, وإنا قومك,
ولـيس لنا منزل, وأنت رجل مـجاب الدعوة, فـاخرج وادع الله علـيهم فقال: ويـلكم
نبـيّ الله معه الـملائكة والـمؤمنون, كيف أذهب أدعو علـيهم وأنا أعلـم من الله ما
أعلـم؟ قالوا: ما لنا من منزل. فلـم يزالوا به يرفعونه ويتضرّعون إلـيه حتـى فتنوه
فـافتتن. فركب حمارة له متوجها إلـى الـجبل الذي يطلعه علـى عسكر بنـي إسرائيـل,
وهو جبل حسان فلـما سار علـيها غير كثـير ربضت به, فنزل عنها, فضربها, حتـى إذا
أذلقها قامت فركبها فلـم تَسر به كثـيرا حتـى ربضت به. ففعل بها مثل ذلك, فقامت
فركبها فلـم تسر به كثـيرا حتـى ربضت به. فضربها حتـى إذا أذلقها أذن الله لها,
فكلـمته حجة علـيه, فقالت: ويحك يا بلعم أين تذهب؟ أما ترى الـملائكة تردنـي عن
وجهي هذا؟ أتذهب إلـى نبـيّ الله والـمؤمنـين تدعو علـيهم فلـم ينزع عنها فضربها
فخـلـى الله سبـيـلها حين فعل بها ذلك. قال: فـانطلقت به حتـى إذا أشرفت علـى رأس
جبل حسان علـى عسكر موسى وبنـي إسرائيـل جعل يدعو علـيهم ولا يدعو علـيهم بشرّ
إلاّ صرف به لسانه إلـى قومه, ولا يدعو لقومه بخير إلاّ صرف لسانه إلـى بنـي
إسرائيـل. قال: فقال له قومه: أتدري يا بلعم ما تصنع؟ إنـما تدعو لهم وتدعو علـينا
قال: فهذا ما لا أملك, هذا شيء قد غلب الله علـيه. قال: واندلع لسانه فوقع علـى
صدره, فقال لهم: قد ذهبت منـي الاَن الدنـيا والاَخرة, فلـم يبق إلاّ الـمكر
والـحيـلة, فسأمكر لكم وأحتال, حمّلوا النساء وأعطوهنّ السّلَع, ثم أرسلوهنّ إلـى
العسكر يبعنها فـيه, ومروهنّ فلا تـمنع امرأة نفسها من رجل أرادها, فإنهم إن زنـي
منهم واحد كُفـيتـموهم ففعلوا فلـما دخـل النساء العسكر مرّت امرأة من
الكنعانـيـين اسمها كستـى ابنة صور رأس أمته برجل من عظماء بنـي إسرائيـل, وهو
زمري بن شلوم رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم, فقام إلـيها فأخذ
بـيدها حين أعجبه جمالها, ثم أقبل بها حتـى وقـف بها علـى موسى علـيه السلام فقال:
إنـي أظنك ستقول هذه حرام علـيك؟ فقال: أجَلْ هي حرام علـيك لا تقرَبْها قال:
فوالله لا أطيعك فـي هذا, فدخـل بها قبته فوقع علـيها. وأرسل الله الطاعون فـي
بنـي إسرائيـل, وكان فنـحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى, وكان رجلاً قد
أُعْطِي بسطة فـي الـخـلق وقوّة فـي البطش, وكان غائبـا حين صنع زمري بن شلوم ما
صنع. فجاء والطاعون يجوس فـي بنـي إسرائيـل, فأخبر الـخبر, فأخذ حربته, وكانت من
حديد كلها, ثم دخـل علـيه القبة وهما متضاجعان, فـانتظمهما بحربته, ثم خرج بهما
رافعهما إلـى السماء, والـحربة قد أخذها بذراعه, واعتـمد بـمرفقه علـى خاصرته,
وأسند الـحربة إلـى لَـحيـيه, وكان بكر العيزار, وجعل يقول: اللهمّ هكذا نفعل بـمن
يعصيك ورُفع الطاعون, فحُسب من هلك من بنـي إسرائيـل فـي الطاعون, فـيـما بـين أن
أصاب زمري الـمرأة إلـى أن قتله فنـحاص, فوُجدوا قد هلك منهم سبعون ألفـا,
والـمقلل يقول: عشرون ألفـا فـي ساعة من النهار. فمن هنالك يعطى بنو إسرائيـل ولد
فنـحاص بن العيزار بن هارون من كلّ ذبـيحة ذبحوها الفشة والذراع واللّـحْي,
لاعتـماده بـالـحربة علـى خاصرته وأخذه إياها بذراعه وإسناده إياها إلـى لـحيـيه,
والبكر من كلّ أموالهم وأنفسهم, لأنه كان بكر العيزار. ففـي بلعم بن بـاعورا أنزل
الله علـى مـحمد صلى الله عليه وسلم: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ
آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها يعنـي بلعم, فأتْبَعَهُ الشّيْطانُ فَكانَ مِنَ
الغاوِينَ... إلـى قوله: لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ.




12037ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قال:
انطلق رجل من بنـي إسرائيـل يقال له بَلْعم, فأتـى الـجبـارين فقال: لا ترهبوا من
بنـي إسرائيـل, فإنـي إذا خرجتـم تقاتلونهم أدعو علـيهم فخرج يوشع يقاتل الـجبـارين
فـي الناس. وخرج بلعم مع الـجبـارين علـى أتانه وهو يريد أن يـلعن بنـي إسرائيـل,
فكلـما أراد أن يدعو علـى بنـي إسرائيـل دعا علـى الـجبـارين, فقال الـجبـارون:
إنك إنـما تدعو علـينا فـيقول: إنـما أردت بنـي إسرائيـل. فلـما بلغ بـاب الـمدينة
أخذ ملك بذنب الأتان, فأمسكها فجعل يحرّكها فلا تتـحرّك, فلـما أكثر ضربها تكلـمت
فقالت: أنت تنكحنـي بـاللـيـل وتركبنـي بـالنهار؟ ويـلـي منك ولو أنـي أطقت الـخرج
لـخرجت, ولكن هذا الـملك يحبسنـي. وفـي بَلْعم يقول الله: وَاتْلُ عَلَـيْهِمْ
نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا... الاَية.




12038ـ حدثنـي الـحارث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: ثنـي رجل سمع عكرمة,
يقول: قالت امرأة منهم: أرونـي موسى, فأنا أفتنه قال: فتطيبتْ, فمرّت علـى رجل
يشبه موسى, فواقعها, فأتـى ابن هارون فأُخبر, فأخذ سيفـا, فطعن به فـي إحلـيـله
حتـى أخرجه من قبلها, ثم رفعهما حتـى رآهما الناس, فعلـم أنه لـيس موسى, ففُضّل آل
هارون فـي القربـان علـى آل موسى بـالكَتِف والعَضُد والفخذ, قال: فهو الذي
آتـيناه آياتنا فـانسلـخ منها, يعنـي بلعم.




واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها فقال
بعضهم: معناه: لرفعناه بعلـمه بها. ذكر من قال ذلك.




12039ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج,
قال: قال ابن عبـاس: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها لرفعه الله تعالـى بعلـمه.




وقال آخرون: معناه لرفعنا عنه الـحال التـي صار إلـيها من الكفر بـالله
بآياتنا. ذكر من قال ذلك.




12040ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبـي
نُـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها: لرفعنا عنه
بها.




حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن
مـجاهد: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها: لرفعناه عنه.




قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي تأويـل ذلك بـالصواب أن يقال: إن الله
عمّ الـخبر بقوله: وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها أنه لو شاء رفعه بآياته التـي
آتاه إياها. والرفع يعمّ معانـي كثـيرة, منها الرفع فـي الـمنزلة عنده, ومنها
الرفع فـي شرف الدنـيا ومكارمها. ومنها الرفع فـي الذكر الـجميـل والثناء الرفـيع.
وجائز أن يكون الله عنى كلّ ذلك أنه لو شاء لرفعه, فأعطاه كلّ ذلك بتوفـيقه للعمل
بآياته التـي كان آتاها إياه.




وإذ كان ذلك جائزا, فـالصواب من القول فـيه أن لا يُخَصّ منه شيء, إذ كان
لا دلالة علـى خصوصه من خبر ولا عقل.




وأما قوله: بِها فإن ابن زيد قال فـي ذلك كالذي قلنا.




12041ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بها بتلك الاَيات.




وأما قوله: وَلَكِنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأرْض فإن أهل التأويـل قالوا فـيه
نـحو قولنا فـيه. ذكر من قال ذلك.




12042ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسرائيـل, عن أبـي الهيثم, عن
سعيد بن جبـير: وَلَكنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأرْضِ يعنـي: ركن إلـى الأرض.




قال: ثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن سالـم, عن سعيد بن جبـير: وَلَكِنّهُ
أخْـلَدَ إلـى الأرْض قال: نزع إلـى الأرض.




12043ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: أخـلد: سكن.




12044ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا أبو تُـمَيـلة, عن
أبـي حمزة, عن جابر, عن مـجاهد وعكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كان فـي بنـي إسرائيـل
بلعام بن بـاعر أوتـي كتابـا, فأخـلد إلـى شهوات الأرض ولذتها وأموالها, لـم ينتفع
بـما جاء به الكتاب.




12045ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ:
وَلَكِنّهُ أخْـلَدَ إلـى الأرْض وَاتّبَع هَوَاهُ أما أخـلد إلـى الأرض: فـاتبع
الدنـيا, وركن إلـيها.




وأصل الإخلاد فـي كلام العرب: الإبطاء والإقامة, يقال منه: أخـلد فلان
بـالـمكان إذا أقام به وأخـلد نفسه إلـى الـمكان إذا أتاه من مكان آخر, ومنه قول
زهير:



لَـمن الدّيارُ غَشِيتُها بـالغَرْقَدكالوَحْي
فـي حَجَر الـمَسِيـل الـمُخْـلِدِ




يعنـي الـمقـيـم, ومنه قول مالك بن نُوَيْرة:



بأبْناءِ حَيَ مِنْ قَبـائِلِ مالِكٍوَعمْرِو بن
يَرْبُوعٍ أقامُوا فأخْـلَدوا




وكان بعض البصريـين يقول: معنى قوله: أخـلد: لزم وتقاعس وأبطأ, والـمخـلد
أيضا: هو الذي يبطىء شيبه من الرجال, وهو من الدوابّ الذي تبقـى ثناياه حتـى تـخرج
ربـاعيتاه.




وأما قوله وَاتّبَعَ هَوَاهُ فإن ابن زيد قال فـي تأويـله ما:




12046ـ حدثنـي به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَاتّبَعَ هَوَاهُ قال: كان هواه مع القوم.




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تـحْمِلْ
عَلَـيْهِ يَـلْهَثْ أوْ تَترُكْهُ يَـلْهَثْ.




يقول تعالـى ذكره: فمثل هذا الذي آتـيناه آياتنا فـانسلـخ منها, مثل الكلب
الذي يـلهث, طردته أو تركته.




ثم اختلف أهل التأويـل فـي السبب الذي من أجله جعل الله مثله كمثل الكلب
فقال بعضهم: مثّله به فـي اللهث لتركه العمل بكتاب الله وآياته التـي آتاها إياه
وإعراضه عن مواعظ الله التـي فـيها إعراض من لـم يؤته الله شيئا من ذلك, فقال جلّ
ثناؤه فـيه: إذا كان سواء أمره وعظ بآيات الله التـي آتاها إياه, أو لـم يوعظ فـي
أنه لا يتعظ بها, ولا يترك الكفر به, فمثله مثل الكلب الذي سواء أمره فـي لهثه,
طرد أو لـم يطرد, إذ كان لا يترك اللهث بحال. ذكر من قال ذلك.




12047ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ يَـلْهَثْ
قال: تطرده, هو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به.




حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن جريج, قال
مـجاهد: فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ يَـلْهَثْ قال:
تطرده بدابتك ورجلك يـلهث, قال: مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل بـما فـيه.




قال ابن جريج: الكلب منقطع الفؤاد, لا فؤاد له, إن حملت علـيه يـلهث, أو
تتركه يـلهث. قال: مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له, إنـما فؤاده منقطع.




12048ـ حدثنـي ابن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن توبة, عن معمر, عن بعضهم:
فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ يَـلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ
يَـلْهَثْ فذلك هو الكافر, هو ضالّ إن وعظته وإن لـم تعظه.




12049ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال ثنـي معاوية, عن
علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ
الـحكمة لـم يحملها, وإن ترك لـم يهتد لـخير, كالكلب إن كان رابضا لهث وإن طُرد
لهث.




حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن
أبـيه, عن ابن عبـاس قال: آتاه الله آياته فتركها, فجعل الله مثله كمثل الكلب, إن
تـحمل علـيه يـلهث, أو تتركه يـلهث.




12050ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قِتادة: وَاتْلُ
عَلَـيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَـيْناهُ آياتِنا فـانْسَلَـخَ مِنْها فأتْبَعَهُ الشّيْطانُ...
الاَية, هذا مثل ضربه الله لـمن عرض علـيه الهدى, فأبى أن يقبله وتركه. قال: وكان
الـحسن يقول: هو الـمنافق. وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلَكِنّهُ أخْـلَدَ
إلـى الأرْض وَاتّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كمَثَل الكَلْب إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ
يَـلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَـلْهَثْ قال: هذا مثل الكافر ميت الفؤاد.




وقال آخرون: إنـما مثّله جلّ ثناؤه بـالكلب لأنه كان يـلهث كما يـلهث
الكلب. ذكر من قال ذلك.




12051ـ حدثنا موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ:
فَمَثَلُهُ كمَثَلِ الكَلْبِ إنْ تَـحْمِلْ عَلَـيْهِ يَـلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ
يَـلْهَثْ وكان بلعم يـلهث كما يـلهث الكلب. وأما تـحمل علـيه: فتشدّ علـيه.




قال: أبو جعفر: وأولـى التأويـلـين فـي ذلك بـالصواب تأويـل من قال: إنـما
هو مثل لتركه العمل بآيات الله التـي آتاها إياه, وأن معناه: سواء وعظ أو لـم يوعظ
فـي أنه لا يترك ما هو علـيه من خلافه أمر ربه, كما سواء حمل علـى الكلب وطرد أو
ترك فلـم يطرد فـي أنه لا يدع اللهث فـي كلتا حالتـيه.




وإنـما قلنا ذلك أولـى القولـين بـالصواب لدلالة قوله تعالـى ذلك: مَثَلُ
القَوم الّذينَ كَذّبُوا بآياتِنا فجعل ذلك مثل الـمكذّبـين بآياته. وقد علـمنا أن
اللهاث لـيس فـي خـلقة كلّ مكذّب كتب علـيه ترك الإنابة من تكذيب بآيات الله, وأن
ذلك إنـما هو مثل ضربه الله لهم, فكان معلوما بذلك أنه للذي وصف الله صفته فـي هذه
الاَية, كما هو لسائر الـمكذّبـين بآيات الله مَثَل.




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: ذلكَ مَثَلُ القَوْم الّذينَ كَذّبُوا
بآياتِنا فـاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ.




يقول تعالـى ذكره: هذا الـمثل الذي ضربته لهذا الذي آتـيناه آياتنا
فـانسلـخ منها, مثل القوم الذين كذّبوا بحججنا وأعلامنا وأدلتنا, فسلكوا فـي ذلك
سبـيـل هذا الـمنسلـخ من آياتنا الذي آتـيناها إياه فـي تركه العمل بـما آتـيناه
من ذلك.




وأما قوله: فـاقْصُصِ القَصَصَ فإنه يقول لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم:
فـاقصص يا مـحمد هذا القصص الذي قصصته علـيك من نبإ الذي آتـيناه آياتنا, وأخبـار
الأمـم التـي أخبرتك أخبـارهم فـي هذه السورة وقصصت علـيك نبأهم ونبأ أشبـاههم,
وما حلّ بهم من عقوبتنا ونزل بهم, حين كذّبوا رسلنا من نقمتنا علـى قومك من قريش
ومَنْ قِبَلَك من يهود بنـي إسرائيـل, لـيتفكروا فـي ذلك فـيعتبروا وينـيبوا إلـى
طاعتنا, لئلا يحل بهم مثل الذي حلّ بـمن قبلهم من النقم والـمثلات, ويتدبره
الـيهود من بنـي إسرائيـل فـيعلـموا حقـيقة أمرك وصحة نبوّتك, إذ كان نبأ الذي
آتـيناه آياتنا من خفـيّ علومهم ومكنون أخبـارهم لا يعلـمه إلاّ أحبـارهم ومن قرأ
الكتب ودرسها منهم, وفـي علـمك بذلك وأنت أمي لا تكتب ولا تقرأ ولا تدرس الكتب
ولـم تـجالس أهل العلـم الـحجةُ البـينة لك علـيهم بأنك لله رسول, وأنك لـم تعلـم
ما علـمت من ذلك, وحالك الـحال التـي أنت بها إلاّ بوحي من السماء.




وبنـحو ذلك كان أبو النضر يقول.




12052ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن مـحمد, عن سالـم أبـي النضر:
فـاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ يعنـي: بنـي إسرائيـل, إذ قد جئتهم
بخبر ما كان فـيهم مـما يخفون علـيك, لعلهم يتفكرون, فـيعرفون أنه لـم يأت بهذا
الـخبر عما مضى فـيهم إلاّ نبـيّ يأتـيه خبر السماء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 9:01 pm

الآية : 177


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {سَآءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الّذِينَ
كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: ساء مثلاً القوم الذين كذّبوا بحجج الله وأدلته فجحدوها,
وأنفسهم كانوا ينقصون حظوظها, ويبخسونها منافعها بتكذيبهم بها لا غيرها. وقـيـل: ساء
مثلاً من الشرّ, بـمعنى: بئس مثلاً. وأقـيـم القوم مقام الـمثل, وحذف الـمثل, إذ
كان الكلام مفهوما معناه, كما قال جلّ ثناؤه: وَلَكِنّ البِرّ مَنْ آمَنَ بـالله
فإن معناه: ولكن البرّ برّ من آمن بـالله. وقد بـيّنا نظائر ذلك فـي مواضع غير هذا
بـما أغنى عن إعادته.



الآية : 178


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي
وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: الهداية والإضلال بـيد الله والـمهتدى وهو السالك سبـيـل
الـحقّ الراكب قصد الـمـحجة فـي دينه من هداه الله لذلك, فوفقه لإصابته. والضالّ
من خذله الله فلـم يوفقه لطاعته, ومن فعل الله ذلك به فهو الـخاسر: يعنـي الهالك.
وقد بـيّنا معنى الـخسارة والهداية والضلالة فـي غير موضع من كتابنا هذا بـما أغنى
عن إعادته فـي هذا الـموضع.



الآية : 179


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنّمَ كَثِيراً
مّنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ
لاّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـَئِكَ
كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ أُوْلَـَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: ولقد خـلقنا لـجهنـم كثـيرا من الـجنّ والإنس, يقال منه:
ذرأ الله خـلقه يذرؤهم ذَرْءا.




وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.




12053ـ حدثنـي علـيّ بن الـحسين الأزديّ, قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن
مبـارك بن فضالة, عن الـحسن, فـي قوله: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ كَثِـيرا
مِنَ الـجِنّ والإنْسِ قال: مـما خـلقنا.




حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن أبـي زائدة, عن مبـارك, عن الـحسن, فـي
قوله: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ قال: خـلقنا.




12054ـ قال: ثنا زكريا, عن عَتّاب بن بشير, عن علـيّ بن بِذَيـمة, عن سعيد
بن جبـير, قال: أولاد الزنا مـما ذرأ الله لـجهنـم.




12055ـ قال: ثنا زكريا بن عديّ وعثمان الأحول, عن مروان بن معاوية, عن
الـحسن بن عمرو, عن معاوية ابن إسحاق, عن جلـيس له بـالطائف, عن عبد الله بن عمرو,
عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم, قال: «إنّ اللّهَ لَـمّا ذَرَأَ لـجَهَنّـمَ ما
ذَرَأ, كانَ وَلَدُ الزّنا مِـمّنْ ذَرَأ لـجَهَنّـمَ».




12056ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ يقول: خـلقنا.




12057ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, قال:
سمعت مـجاهدا يقول فـي قوله: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ قال: لقد خـلقنا
لـجهنـم كثـيرا من الـجنّ والإنس.




12058ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ,
عن ابن عبـاس: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ خـلقنا.




وقال جلّ ثناؤه: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لـجَهَنّـمَ كَثِـيرا مِنَ الـجِنّ
والإنْس لنفـاذ علـمه فـيهم بأنهم يصيرون إلـيها بكفرهم بربهم.




وأما قوله: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بها فإن معناه: لهؤلاء الذين
ذرأهم الله لـجهنـم من خـلقه قلوب لا يتفكرون بها فـي آيات الله, ولا يتدبرون بها
أدلته علـى وحدانـيته, ولا يعتبرون بها حججه لرسله, فـيعلـموا توحيد ربهم, ويعرفوا
حقـيقة نبوّة أنبـيائهم. فوصفهم ربنا جلّ ثناؤه بأنهم لا يفقهون بها لإعراضهم عن
الـحقّ وتركهم تدبر صحة الرشد وبطول الكفر. وكذلك قوله: ولَهُمْ أعيُنٌ لا
يُبْصِرُونَ بها معناه: ولهم أعين لا ينظرون بها إلـى آيات الله وأدلته,
فـيتأملوها ويتفكروا فـيها, فـيعلـموا بها صحة ما تدعوهم إلـيه رسلهم, وفساد ما هم
علـيه مقـيـمون من الشرك بـالله وتكذيب رسله فوصفهم الله بتركهم إعمالها فـي الـحق
بأنهم لا يبصرون بها. وكذلك قوله: ولَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بها آيات كتاب
الله فـيعتبروها ويتفكروا فـيها, ولكنهم يعرضون عنها, ويقولون: لا تَسْمَعُوا لهذا
القُرْآنِ والْغوا فِـيهِ لَعَلّكُمْ تَغْلِبُونَ. وذلك نظير وصف الله إياهم فـي
موضع آخر بقوله: صُمّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقلُونَ والعرب تقول ذلك للتارك
استعمال بعض جوارحه فـيـما يصلـح له, ومنه قول مسكين الدارمي:



أعْمَى إذَا ما جارَتـي خَرَجَتحتـى يُوَاريَ
جارَتـي السّتْرُ



وأصَمّ عَمّا كانَ بَـيْنَهُماسَمْعي وَما
بـالسّمْع مِنْ وَقْرِ




فوصف نفسه لتركه النظر والاستـماع بـالعمى والصمـم. ومنه قول الاَخر:



وَعَوْرَاءِ اللّئامِ صَمَـمْتُ عَنْهاوإنّـي
لَوْ أشاءُ بِها سَمِيعُ



وبَـادِرَةٍ وَزَعْتُ النّفْسَ عَنْهاوَلَوْ
بِـينَتْ مِنَ العَصَبِ الضّلوعُ




وذلك كثـير فـي كلام العرب وأشعارها.




وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.




12059ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, قال:
سمعت مـجاهدا يقول فـي قوله: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها قال: لا يفقهون
بها شيئا من أمر الاَخرة. ولَهُمْ أعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها الهدى. ولَهُمْ
آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها الـحَقّ ثم جعلهم كالأنعام, ثم جعلهم شرّا من الأنعام,
فقال: بَلْ هُمْ أضَلّ ثم أخبر أنهم هم الغافلون.




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: أولَئِكَ كالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلّ
أولئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ.




يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: أُولَئِكَ كالأنْعامِ هؤلاء الذين ذرأهم لـجهنـم هم
كالأنعام, وهي البهائم التـي لا تفقه ما يقال لها ولا تفهم ما أبصرته مـما يصلـح
وما لا يصلـح ولا تعقل بقلوبها الـخير من الشرّ فتـميز بـينهما, فشبههم الله بها,
إذ كانوا لا يتذكرون ما يرون بأبصارهم من حججه, ولا يتفكرون فـيـما يسمعون من آي
كتابه. ثم قال: بَلْ هُمْ أضَلّ يقول: هؤلاء الكفرة الذين ذرأهم لـجهنـم أشدّ
ذهابـا عن الـحقّ وألزم لطريق البـاطل من البهائم, لأن البهائم لا اختـيار لها ولا
تـميـيز فتـختار وتـميّز, وإنـما هي مسخرة ومع ذلك تهرب من الـمضارّ وتطلب لأنفسها
من الغذاء الأصلـح. والذين وصف الله صفتهم فـي هذه الاَية, مع ما أُعطوا من
الأفهام والعقول الـمـميزة بـين الـمصالـح والـمضارّ, تترك ما فـيه صلاح دنـياها
وآخرتها وتطلب ما فـيه مضارّها, فـالبهائم منها أسد وهي منها أضلّ, كما وصفها به
ربنا جلّ ثناؤه.




وقوله: أُولَئِكَ هُمُ الغافِلُونَ يقول تعالـى ذكره: هؤلاء الذين وصفت
صفتهم, القوم الذين غفلوا, يعنـي سهوا عن آياتـي وحججي, وتركوا تدبرها والاعتبـار
بها والاستدلال علـى ما دلت علـيه من توحيد ربها, لا البهائم التـي قد عرّفها ربها
ما سخرها له.



الآية : 180


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَللّهِ الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ فَادْعُوهُ
بِهَا وَذَرُواْ الّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيَ أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ }..




يقول تعالـى ذكره ولِلّهِ الأسْماءُ الـحُسْنَى, وهي كما قال ابن عبـاس.




12060ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس:
ولِلّهِ الأسْماءُ الـحُسْنَى فـادْعُوهُ بِها ومن أسمائه: العزيز الـجبـار, وكلّ
أسماء الله حسن.




12061ـ حدثنـي يعقوب, قال: حدثنا ابن علـية, عن هشام بن حسان, عن ابن
سيرين, عن أبـي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: «إنّ لِلّهِ تِسْعَةً
وَتِسْعِينَ اسْما, مِئَةً إلاّ وَاحِدا, مَنْ أحْصَاها كُلّها دَخَـلَ
الـجَنّةَ».




وأما قوله: وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ فإنه يعنـي به
الـمشركين. وكان إلـحادهم فـي أسماء الله أنهم عدلوا بها عما هي علـيه, فسموا بها
آلهتهم وأوثانهم, وزادوا فـيها ونقصوا منها, فسموا بعضها اللات اشتقاقا منهم لها
من اسم الله الذي هو الله, وسموا بعضها العزّى اشتقاقا لها من اسم الله الذي هو
العزيز.




وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.




12062ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ
قال: إلـحاد الـملـحدين أن دعوا اللات فـي أسماء الله.




12063ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن
مـجاهد: وَذَرُوا الّذينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ قال: اشتقوا العُزّى من
العزيز, واشتقوا اللات من الله.




واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله يُـلْـحِدُونَ فقال بعضهم: يكذّبون.
ذكر من قال ذلك.




12064ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ,
عن ابن عبـاس, قوله: وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ قال:
الإلـحاد: التكذيب.




وقال آخرون: معنى ذلك: يشركون. ذكر من قال ذلك.




12065ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا أبو ثور, عن معمر, عن
قتادة: يُـلْـحِدُونَ قال: يشركون.




وأصل الإلـحاد فـي كلام العرب: العدول عن القصد, والـجور عنه, والإعراض, ثم
يستعمل فـي كلّ معوجّ غير مستقـيـم, ولذلك قـيـل للـحد القبر لـحد, لأنه فـي ناحية
منه ولـيس فـي وسطه, يقال منه: ألـحد فلان يُـلْـحِد إلـحادا, ولَـحد يَـلْـحَدُ
لَـحْدا ولُـحُودا. وقد ذكر عن الكسائي أنه كان يفرّق بـين الإلـحاد واللـحد,
فـيقول فـي الإلـحاد: إنه العدول عن القصد, وفـي اللـحد إنه الركون إلـى الشيء,
وكان يقرأ جميع ما فـي القرآن «يُـلـحدون» بضمّ الـياء وكسر الـحاء, إلاّ التـي
فـي النـحل, فإنه كان يقرؤها: «يَـلـحَدون» بفتـح الـياء والـحاء, ويزعم أنه
بـمعنى الركون. وأما سائر أهل الـمعرفة بكلام العرب فـيرون أن معناهما واحد,
وأنهما لغتان جاءتا فـي حرف واحد بـمعنى واحد.




واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك, فقرأته عامّة قرّاء أهل الـمدينة وبعض
البصريـين والكوفـيـين: يُـلْـحِدون بضمّ الـياء وكسر الـحاء من ألـحد يُـلـحِد
فـي جميع القرآن. وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة: «يَـلْـحَدون» بفتـح الـياء
والـحاء من لـحد يـلـحد.




والصواب من القول فـي ذلك أنهما لغتان بـمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارىء
فمصيب الصواب فـي ذلك. غير أنـي أختار القراءة بضمّ الـياء علـى لغة من قال:
«ألـحد», لأنها أشهر اللغتـين وأفصحهما. وكان ابن زيد يقول فـي قوله: وَذرُوا
الّذِينَ يُـلْـحِدُونَ فِـي أسْمائِهِ إنه منسوخ.




12066ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَذَرُوا الّذِينَ يُـلْـحِدونَ فِـي أسْمائِهِ قال: هؤلاء أهل الكفر, وقد نسخ,
نسخه القتال.




ولا معنى لـما قال ابن زيد فـي ذلك من أنه منسوخ, لأن قوله: وَذَرُوا
الّذِينَ يُـلْـحِدونَ فِـي أسْمائِهِ لـيس بأمر من الله لنبـيه صلى الله عليه
وسلم بترك الـمشركين أن يقولوا ذلك حتـى يأذن له فـي قتالهم, وإنـما هو تهديد من
الله للـملـحدين فـي أسمائه ووعيد منه لهم, كما قال فـي موضع آخر: ذَرْهُمْ
يَأْكُلُوا وَيَتَـمَتّعُوا وَيُـلْهِهِمُ الأمَلُ... الاَية, وكقوله:
لِـيَكْفُرُوا بِـمَا آتَـيْناهُمْ وَلِـيَتَـمَتّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَـمُونَ وهو
كلام خرج مخرج الأمر بـمعنى الوعيد والتهديد, ومعناه: إن تُـمهل الذين يُـلـحدون
يا مـحمد فـي أسماء الله إلـى أجل هم بـالغوه, فسوف يجزون إذا جاءهم أجل الله الذي
أجّله إلـيهم جزاء أعمالهم التـي كانوا يعملونها قبل ذلك من الكفر بـالله
والإلـحاد فـي أسمائه وتكذيب رسوله.



الآية : 181


القول
فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمِمّنْ
خَلَقْنَآ أُمّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: ومن الـخـلق الذين خـلقنا أمة, يعنـي جماعة يهدون, يقول:
يهتدون بـالـحقّ وبِهِ يَعْدِلُونَ يقول: وبـالـحقّ يقضون وينصفون الناس, كما قال
ابن جريج.




12067ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج,
قوله: أُمّةٌ يَهْدُونَ بـالـحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ قال ابن جريج: ذكر لنا أن
نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم, قال: «هذِهِ أُمّتـي» قالَ: «بـالـحَقّ
يَأْخُذُونَ وَيُعْطُونَ وَيَقْضُونَ».







12068ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن
قتادة: وَمِـمّنْ خَـلَقْنا أُمّةٌ يَهْدُونَ بـالـحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.




12069ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله:
وَمِـمّنْ خَـلَقْنا أُمّةٌ يَهْدُونَ بـالـحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ بلغنا أن
نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قرأها: «هَذهِ لَكُمْ, وَقَدْ أُعْطِيَ
القَوْمُ بـينَ أيْدِيكُمْ مِثْلَها, وَمِنْ قَوْم مُوسَى أُمّةٌ يَهْدُونَ
بـالـحَقّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ».



الآية : 182


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَالّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: والذين كذّبوا بأدلتنا وأعلامنا, فجحدوها ولـم يتذكروا
بها, سنـمهله بغرّته ونزين له سوء عمله, حتـى يحسب أنه هو فـيـما علـيه من تكذيبه
بآيات الله إلـى نفسه مـحسن, وحتـى يبلغ الغاية التـي كتب له من الـمهل, ثم يأخذه
بأعماله السيئة, فـيجازيه بها من العقوبة ما قد أعدّ له. وذلك استدراج الله إياه.
وأصل الاستدراج اغترار الـمستدرج بلطف من حيث يرى الـمستدرج أن الـمستدرج إلـيه
مـحسن حتـى يورّطه مكروها. وقد بـيّنا وجه فعل الله ذلك بأهل الكفر به فـيـما مضى
بـما أغنى عن إعادته فـي هذا الـموضع.



الآية : 183


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنّ كَيْدِي مَتِينٌ }..



يقول تعالـى ذكره: وأؤخر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا مُلاءة بـالكسر والضمّ
والفتـح من الدهر, وهي الـحين, ومنه قـيـل: انتظرتك ملّـيا, لـيبلغوا بـمعصيتهم
ربهم الـمقدار الذي قد كتبه لهم من العقاب والعذاب ثم يقبضهم إلـيه. إنّ كَيْدِي
والكيد: هو الـمكر. وقوله مَتِـينٌ يعنـي: قويّ شديد, ومنه قول الشاعر:



عَدَلْنَ عُدُولَ النّاسِ وَاقْبح
يُبْتَلـىأفـاسٌ مِنَ الهُرّابِ شَدّ مـمَاتِنُ




يعنـي: سيرا شديدا بـاقـيا لا ينقطع.



الآية : 184


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَتَفَكّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ
مّن جِنّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ }..




يقول تعالـى ذكره: أو لـم يتفكر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا فـيتدبّروا
بعقولهم, ويعلـموا أن رسولنا الذي أرسلناه إلـيهم, لا جِنّة به ولا خبْل, وأن الذي
دعاهم إلـيه هو الدين الصحيح القويـم والـحقّ الـمبـين. ولذا نزلت هذه الاَية
فـيـما قبل, كما:




12070ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة,
قال: ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان علـى الصفـا, فدعا قريشا, فجعل
يفخّذهم فخذا فخذا: يا بنـي فلان يا بنـي فلان فحذّرهم بأس الله, ووقائع الله,
فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لـمـجنون بـات يصوّت إلـى الصبـاح, أو حتـى أصبح.
فأنزل الله تبـارك وتعالـى: أوَ لَـمْ يَتَفَكّرُوا ما بِصَاحِبهِمْ مِنْ جِنّةٍ
إنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ مُبِـينٌ.




ويعنـي بقوله: إنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ مُبِـينٌ: ما هو إلاّ نذير منذركم
عقاب الله علـى كفركم به إن لـم تنـيبوا إلـى الإيـمان به, ويعنـي بقوله: مُبِـينٌ
قد أبـان لكم أيها الناس إنذاره ما أنذركم به من بأس الله علـى كفركم به.



الآية : 185


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ
السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىَ أَن يَكُونَ
قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: أو لـم ينظر هؤلاء الـمكذّبون بآيات الله فـي مُلك الله
وسلطانه فـي السموات وفـي الأرض وفـيـما خـلق جلّ ثناؤه من شيء فـيهما, فـيتدبروا
ذلك ويعتبروا به ويعلـموا أن ذلك مـمن لا نظير له ولا شبـيه, ومن فعل من لا ينبغي
أن تكون العبـادة والدين الـخالص إلاّ له, فـيؤمنوا به ويصدّقوا رسوله وينـيبوا
إلـى طاعته ويخـلعوا الأنداد والأوثان ويحذروا أن تكون آجالهم قد اقتربت فـيهلكوا علـى
كفرهم ويصيروا إلـى عذاب الله وألـيـم عقابه.




وقوله: فَبِأيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ يقول: فبأيّ تـجويف وتـحذير
وترهيب بعد تـحذير مـحمد صلى الله عليه وسلم وترهيبه الذي أتاهم به من عند الله
فـي آي كتابه يصدّقون, إن لـم يصدّقوا بهذا الكتاب الذي جاءهم به مـحمد صلى الله
عليه وسلم من عند الله تعالـى.



الآية : 186


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ
وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: إن إعراض هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا, التاركي النظر فـي
حجج الله والفكر فـيها, لإضلال الله إياهم, ولو هداهم الله لاعتبروا وتدبّروا
فأبصروا رشدهم ولكن الله أضلهم فلا يبصرون رشَدا ولا يهتدون سبـيلاً, ومن أضله عن
الرشاد فلا هادي له. ولكن الله يدعهم فـي تـماديهم فـي كفرهم وتـمرّدهم فـي شركهم
يتردّدون, لـيستوجبوا الغاية التـي كتبها الله لهم من عقوبته وألـيـم نكاله.



الآية : 187


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ
مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ
هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً
يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ
وَلَـَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }..




اختلف أهل التأويـل فـي الذين عنُوا بقوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ
فقال بعضهم: عنـي بذلك قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قُريش, وكانوا سألوا
عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك.




12071ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قتادة, قال: قالت قريش لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: إن بـيننا وبـينك قرابة, فأسرّ
إلـينا متـى الساعة فقال الله: يَسْئَلُونَكَ كأنّك حَفِـيّ عَنْها.




وقال آخرون: بل عنـي به قوم من الـيهود. ذكر من قال ذلك.




12072ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا يونس بن بكير, قال: حدثنا مـحمد بن
إسحاق, قال: ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت, قال: ثنـي سعيد بن جبـير
أو عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: قال حمل بن أبـي قُشير وسمْول بن زيد لرسول الله صلى
الله عليه وسلم: يا مـحمد أخبرنا متـى الساعة إن كنت نبـيّا كما تقول, فإنا نعلـم
متـى هي فأنزل الله تعالـى: يَسْئَلَونَك عَنِ السّاعَةِ أيّان مُرْساها قَلْ إنّـما
عِلْـمُها عِنْدَ ربّـي... إلـى قوله: ولَكِنّ أكْثَر النّاسِ لا يَعْلَـمُون.




12073ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن إسماعيـل بن أبـي خالد, عن
طارق بن شهاب, قال: كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم لا يزال يذكر من شأن الساعة
حتـى نزلت: يَسْئَلُونَك عَنِ السّاعَةِ أيّان مُرْساها.




قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن قوما سألوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن الساعة, فأنزل الله هذه الاَية, وجائز أن يكون كانوا من
قريش, وجائز أن يكونوا كانوا من الـيهود ولا خبر بذلك عندنا يجوّز قطع القول علـى
أيّ ذلك كان.




فتأويـل الاَية إذن: يسئلك القوم الذين يسئلونك عن الساعة أيّان مرساها,
يقول: متـى قـيامها. ومعنى «أيّان»: «متـى» فـي كلام العرب, ومنه قول الراجز:



أيّان تَقْضِي حاجَتِـي أيّانَاأمَا تَرى
لِنُـجْحِها إبّـانَا




ومعنى قوله: مُرْساها: قـيامها, من قول القائل: أرساها الله فهي مرساة,
وأرساها القوم: إذا حبسوها, ورست هي ترسو رُسُوّا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
ذكر من قال ذلك.




12074ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: يَسْئَلُونَك عَنِ السّاعَةِ أيّان مُرْساها: يقول متـى
قـيامها.




12075ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة
قوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّان مُرْساها: متـى قـيامها.




وقال آخرون: معنى ذلك: منتهاها. وذلك قريب الـمعنى من معنى من قال: معناه: قـيامها,
لأن انتهاءها: بلوغها وقتها. وقد بـيّنا أن أصل ذلك الـحبس والوقوف. ذكر من قال
ذلك.




12076ـ حدثنا الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية, عن
علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: يَسْئَلُونَك عَنِ السّاعَةِ أيّان مُرْساها يعنـي:
منتهاها.




وأما قوله: قُلْ إنّـما عِلْـمُها عِنْد ربّـي لا يُجَلّـيها لِوقْتِها
إلاّ هُو فإنه أمر من الله نبـيه مـحمدا صلى الله عليه وسلم بأن يجيب سائلـيه عن
الساعة بأنه لا يعلـم وقت قـيامها إلاّ الله الذي يعلـم الغيب, وأنه لا يظهرها
لوقتها ولا يعلـمها غيره جلّ ذكره. كما:




12077ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة:
قُلْ إنّـمَا عِلْـمُها عِنْد ربّـي لا يُجَلّـيها لِوقْتِها إلاّ هُوَ يقول:
علـمها عند الله, هو يجلـيها لوقتها, لا يعلـم ذلك إلاّ الله.




12078ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: لا يُجَلّـيها: يأتـي بها.




حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, قال: قال
مـجاهد: لا يُجَلّـيها لا يأتـي بها إلاّ هُو.




12079ـ حدثنـي مـحمدبن الـحسين قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: لا يُجَلّـيها لِوَقْتِهَا إلاّ هُو يقول: لا يرسلها لوقتها
إلاّ هو.




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: ثَقُلَتْ فـي السّمَواتِ والأرْضِ لا
تأْتِـيكُمْ إلاّ بَغْتَةً.




اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: ثقلت الساعة
علـى أهل السموات والأرض أن يعرفوا وقتها ومـجيئها لـخفـائها عنهم واستئثار الله
بعلـمها. ذكر من قال ذلك.




12080ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ, قوله: ثَقُلَتْ فـي السّمَواتِ والأرْضِ يقول: خفـيت فـي
السموات والأرض, فلـم يعلـم قـيامها متـى تقوم مَلك مقرّب ولا نبـيّ مرسل.




12081ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, وحدثنا
الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزّاق جميعا, عن معمر, عن بعض أهل التأويـل:
ثَقُلَتْ فـي السّمَواتِ والأرْضِ قال: ثقل علـمها علـى أهل السموات وأهل الأرض
أنهم لا يعلـمون.




وقال آخرون: معنى ذلك: أنها كبرت عند مـجيئها علـى أهل السموات والأرض. ذكر
من قال ذلك.




12082ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, وحدثنا
الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق جميعا, عن معمر, قال: قال الـحسن, فـي
قوله: ثَقُلَتْ فـي السّمَوَاتِ والأرْضِ يعنـي: إذا جاءت ثَقُلت علـى أهل السماء
وأهل الأرض. يقول: كبُرت علـيهم.




12083ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج:
ثَقُلَتْ فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ قال: إذا جاءت انشقّت السماء, وانتثرت
النـجوم, وكُوّرَت الشمس, وسُيرت الـجبـال, وكان ما قال الله فذلك ثقلها.




12084ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ, قال: قال بعض الناس فـي «ثقلت»: عظمت.




وقال آخرون: معنى قوله: فـي السّمَوَاتِ والأرْضِ: علـى السموات والأرض.
ذكر من قال ذلك.




12085ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: ثَقُلَتْ
فِـي السّمَوَاتِ والأرْضِ: أي علـى السموات والأرض.




قال أبو جعفر: وأولـى ذلك عندي بـالصواب, قول من قال: معنى ذلك: ثقلت
الساعة فـي السموات والأرض علـى أهلها أن يعرفوا وقتها وقـيامها لأن الله أخفـى
ذلك عن خـلقه, فلـم يطلع علـيه منهم أحدا. وذلك أن الله أخبر بذلك بعد قوله: قُلْ
إنّـمَا عِلْـمُها عِنْدَ رَبّـي لا يُجَلِـيها لِوَقْتِها إلاّ هُوَ وأخبر بعده
أنها لا تأتـي إلاّ بغتة, فـالذي هو أولـى أن يكون ما بـين ذلك أيضا خبرا عن خفـاء
علـمها عن الـخـلق, إذ كان ما قبله وما بعده كذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 9:02 pm

وأما قوله: لا
تَأْتِـيكُمْ إلاّ بَغْتَةً فإنه يقول: لا تـجيء الساعة إلاّ فجأة, لا تشعرون
بـمـجيئها. كما:




12086ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: لا تَأتِـيكُمْ إلاّ بَغْتَةً يقول: يبغتهم قـيامها, تأتـيهم
علـى غفلة.




12087ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: لا
تَأْتِـيكُمْ إلاّ بَغْتَةً قضى الله أنها لا تأتـيكم إلاّ بغتة. قال: وذكر لنا أن
نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إنّ السّاعَةَ تَهِيجُ بـالنّاسِ
والرّجُلُ يُصْلِـحُ حَوْضهُ والرّجُلُ يُسْقِـي ماشِيَتَهُ والرّجُلُ يُقِـيـمُ
سِلْعَتَهُ فـي السّوقِ وَالرّجُلُ يَخْفِضُ مِيزَانَهُ وَيَرْفَعُهُ».




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قُلْ
إنّـمَا عِلْـمُها عِنْدَ اللّهِ وَلكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَـمُونَ.




يقول تعالـى ذكره: يسألك هؤلاء القوم عن الساعة, كأنك حفـيّ عنها. فقال
بعضهم: يسألونك عنها كأنك حفـيّ بهم. وقالوا: معنى قوله: «عنها» التقديـم وإن كان
مؤخرا. ذكر من قال ذلك.




12088ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها يقول:
كأن بـينك وبـينهم مودّة, كأنك صديق لهم. قال ابن عبـاس: لـما سأل الناس مـحمدا
صلى الله عليه وسلم عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن مـحمدا حفـي بهم,
فأوحى الله إلـيه: إنـما علـمها عنده, استأثر بعلـمها, فلـم يُطْلِع علـيها ملَكا
ولا رسولاً.




12089ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر,
قال: قال قتادة: قالت قريش لـمـحمد صلى الله عليه وسلم: إن بـيننا وبـينك قرابة,
فأسرّ إلـينا متـى الساعة فقال الله: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها.




حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: يَسْئَلُونَكَ
كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها: أي حفـيّ بهم. قال: قالت قريش: يا مـحمد أسرّ إلـينا علـم
الساعة لـما بـيننا وبـينك من القرابة لقرابتنا منك.




12090ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو خالد الأحمر وهانىء بن سعيد, عن
حجاج, عن خَصِيف, عن مـجاهد وعكرمة: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قال:
حفـيّ بهم حين يسألونك.




12091ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا إسرائيـل, عن
سماك, عن عكرمة, عن ابن عبـاس: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قال: قربت
منهم, وتـحفّـى علـيهم. قال: وقال أبو مالك: كأنك حفـيّ بهم, قال: قريب منهم,
وتـحفّـى علـيهم. قال: وقال أبو مالك: كأنك حفـيّ بهم فتـحدثهم.




12092ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها كأنك صديق لهم.




وقال آخرون: بل معنى ذلك: كأنك قد استـحفـيت الـمسألة عنها فغلـمتها. ذكر
من قال ذلك.




12093ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: كأنّك حَفِـيّ عَنْها استـحفـيت عنها السؤال حتـى
علـمتها.




حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, عن مـجاهد فـي
قوله: كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قال: استـحفـيت عنها السؤال حتـى علـمت وقتها.




12094ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن جويبر, عن الضحاك:
يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قال: كأنك عالـم بها.




قال: حدثنا حامد بن نوح, عن أبـي روق, عن الضحاك: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ
حَفِـيّ عَنْها قال: كأنك تعلـمها.




حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: ثنـي عبـيد بن
سلـيـمان, عن الضحاك, قوله: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها يقول: يسألونك عن
الساعة, كأنك عندك علـما منها. قُلْ إنّـمَا عِلْـمُها عِنْدَ رَبـي.




12095ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
بعضهم: كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها: كأنك عالـم بها.




12096ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها قال: كأنك عالـم بها. وقال: أخفـى علـمها علـى خـلقه. وقرأ:
إنّ اللّهَ عِنْدَه عِلْـم السّاعَةِ, حتـى ختـم السورة.




12097ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس, قوله: يَسْئَلُونَكَ كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها
يقول: كأنك يعجبك سؤالهم إياك. قُلْ إنّـمَا عِلْـمُها عِنْدَ اللّهَ.




وقوله: كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها يقول: لطيف بها.




فوجه هؤلاء تأويـل قوله: كأنّكَ حَفِـيّ عَنْها إلـى حفـيّ بها, وقالوا:
تقول العرب: تـحفـيت له فـي الـمسئلة, وتـحفـيت عنه. قالوا: ولذلك قـيـل: أتـينا
فلانا نسأل به, بـمعنى نسأل عنه.



قال أبو جعفر: وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب
قول من قال: معناه: كأنك حفـيّ بـالـمسئلة عنها فتعلـمها.




فإن قال قائل: وكيف قـيـل: حَفِـيّ عَنْها ولـم يقل حفـيّ بها, إن كان ذلك
تأويـل الكلام؟ قـيـل: إن ذلك قـيـل كذلك, لأن الـحفـاوة إنـما تكون فـي الـمسئلة,
وهي البشاشة للـمسؤول عند الـمسئلة, والإكثار من السؤال عنه, والسؤال يوصل ب «عن»
مرّة وبـالبـاء مرّة, فـيقال: سألت عنه, وسألت به فلـما وضع قوله «حفـي» موضع
السؤال, وصل بأغلب الـحرفـين اللذين يوصل بهما السؤال, وهو «عن», كما قال الشاعر:



سُؤَالَ حَفِـيَ عَنْ أخِيهِ كأنّهيُذَكّرُهُ
وَسْنانُ أوْ مُتَوَاسِنُ




وأما قوله: قُلْ إنّـمَا عِلْـمُها عِنْدَ اللّهِ فإن معناه: قل يا مـحمد
لسائلـيك عن وقت الساعة وحين مـجيئها: لا علـم لـي بذلك, ولا يعلـم به إلاّ الله
الذي يعلـم غيب السموات والأرض. وَلكِنّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَـمونَ يقول:
ولكن أكثر الناس لا يعلـمون أن ذلك لا يعلـمه إلاّ الله, بل يحسبون أن علـم ذلك
يوجد عند بعض خـلقه.



الآية : 188


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ
ضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ
مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }..




يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد لسائلـيك
عن الساعة أيّان مرساها: لا أمْلِك لِنَفْسِي نَفْعا وَة ضَرّا يقول: لا أقدر علـى
اجتلاب نفع إلـى نفسي, ولا دفع ضرّ يحلّ بها عنها إلاّ ما شاء الله أن أملكه من
ذلك بأن يقوّينـي علـيه ويعيننـي. وَلَوْ كُنْتُ أعْلَـمُ الغَيْبَ يقول: لو كنت
أعلـم ما هو كائن مـما لـم يكن بعد لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الـخَيْرِ يقول: لأعددت
الكثـير من الـخير.




ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـخير الذي عناه الله بقوله:
لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الـخَيْرِ فقال بعضهم: معنى ذلك: لاستكثرت من العمل الصالـح.
ذكر من قال ذلك.




12098ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن
جريج: قوله: قُلْ لا أمْلِك لِنَفْسِي نَفْعا وَلا ضَرّا قال: الهدى والضلالة.
لَوْ كُنْتُ أعْلَـمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الـخَيْرِ قال: أعلـم الغيب
متـى أموت لاستكثرت من العمل الصالـح.




12099ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي
نـجيح, عن مـجاهد, مثله.




12100ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَلَوْ كُنْتُ أعْلَـمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الـخَيْرِ وَما مَسّنِـيَ
السّوءُ: قال: لاجتنبت ما يكون من الشرّ واتقـيته.




وقال آخرون: معنى ذلك: ولو كنت أعلـم الغيب لأعددت للسنّة الـمـجدبة من
الـمخصبة, ولعرفت الغلاء من الرخص, واستعددت له فـي الرخص.




وقوله: وَما مَسّنِـيَ السّوءُ يقول: وما مسنـي الضرّ. إنْ أنا إلاّ
نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ يقول: ما أنا إلاّ رسول الله أرسلنـي إلـيكم, أنذر عقابه من
عصاه منكم وخالف أمره, وأبشر بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعة منكم. قولوه:
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يقول: يصدّقون بأنـي لله رسول, ويقرّون بحقـية ما جئتهم به
من عنده.



الآية : 189


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {هُوَ الّذِي خَلَقَكُمْ مّن نّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماّ تَغَشّاهَا
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرّتْ بِهِ فَلَمّآ أَثْقَلَتْ دّعَوَا اللّهَ
رَبّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لّنَكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ }..




يقول تعالـى ذكره: هُوَ الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ. يعنـي
بـالنفس الواحدة: آدم كما:




12101ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن رجل, عن مـجاهد:
خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ قال: آدم علـيه السلام.




12102ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: هُوَ
الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ من آدم.




ويعنـي بقوله: وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها: وجعل من النفس الواحدة, وهو آدم,
زوجها حوّاء كما:




12103ـ حدثنـي بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وَجَعَلَ
مِنْها زَوْجَها: حوّاء, فجُعلت من ضِلَع من أضلاعه لـيسكن إلـيها.




ويعنـي بقوله: لِـيَسْكُنَ إلَـيْها: لـيأوى إلـيها لقضاء الـحاجة ولذّته.
ويعنـي بقوله: فَلَـمّا تَغَشّاها فلـما تدثرها لقضاء حاجته منها فقضى حاجته منها,
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا وفـي الكلام مـحذوف ترك ذكره استغناء بـما ظهر عما
حذف, وذلك قوله: فَلَـمّا تَغَشّاها حَمَلَتْ وإنـما الكلام: فلـما تغشاها فقضى
حاجته منها حملت. وقوله: حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا يعنـي بخفة الـحمل: الـماء
الذي حملته حوّاء فـي رحمها من آدم أنه كان حملاً خفـيفـا, وكذلك هو حمل الـمرأة
ماء الرجل خفـيف علـيها. وأما قوله: فَمَرّتْ بِهِ فإنه يعنـي: استـمرّت بـالـماء:
قامت به وقعدت, وأتـمت الـحمل. كما:




12104ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو أسامة, عن أبـي عمير, عن أيوب, قال:
سألت الـحسن عن قوله: حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا فَمَرّتْ بِهِ قال: لو كنت امرأً
عربـيّا لعرفت ما هي, إنـما هي: فـاستـمرّت به.




12105ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: فَلَـمّا
تَغَشّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا فَمَرّتْ بِهِ استبـان حملها.




12106ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَمَرتْ بِهِ قال: استـمرّ حملها.




12107ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ, قوله:
حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا قال: هي النطفة. وقوله فَمَرتْ بِهِ يقول: استـمرّت
به.




وقال آخرون: معنى ذلك: فشكّت فـيه. ذكر من قال ذلك.




12108ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس, فـي قوله: فَمَرّتْ بِهِ قال: فشكت أحملت أم لا.




ويعنـي بقوله: فَلَـمّا أثْقَلَتْ فلـما صار ما فـي بطنها من الـحمل الذي
كان خفـيفـا ثقـيلاً ودنت ولادتها, يقال منه: أثقلت فلانة إذا صارت ذات ثقل بحملها
كما يقال: أتـمر فلان: إذا صار ذا تـمر. كما:




12109ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ:
فَلَـمّا أثْقَلَتْ: كبر الولد فـي بطنها.




قال أبو جعفر: دَعَوَا اللّهَ رَبّهُما, يقول: نادى آدم وحوّاء ربهما
وقالا: يا ربنا لئن آتـيتنا صالـحا لنكوننّ من الشاكرين.




واختلف أهل التأويـل فـي معنى الصلاح الذي أقسم آدم وحوّاء علـيهما السلام
أنه إن آتاهما صالـحا فـي حمل حوّاء لنكوننّ من الشاكرين. فقال بعضهم: ذلك هو أن
يكون الـحمل غلاما. ذكر من قال ذلك.




12110ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر,
قال: قال الـحسن, فـي قوله: لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا قال: غلاما.




وقال آخرون: بل هو أن يكون الـمولود بشرا سويّا مثلهما, ولا يكون بهيـمة.
ذكر من قال ذلك.




12111ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن زيد بن جبـير
الـحسمي, عن أبـي البَخْتري, فـي قوله: لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا لَنَكُونَنّ
مِن الشّاكِرِينَ قال: أشفقا أن يكون شيئا دون الإنسان.




قال: حدثنا يحيى بن يـمان, عن سفـيان, عن زيد بن جبـير, عن أبـي البَخْتري,
قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا.




12112ـ قال: حدثنا مـحمد بن عبـيد, عن إسماعيـل, عن أبـي صالـح, قال: لـما
حملت امرأة آدم فأثقلت, كان يشفقان أن يكون بهيـمة, فَدَعَوَا رَبّهُما لَئنْ
آتَـيْتَنا صَالِـحا... الاَية.




12113ـ قال: حدثنا جابر بن نوح, عن أبـي روق, عن الضحاك, عن ابن عبـاس,
قال: أشفقا أن يكون بهيـمة.




12114ـ حدثنـي القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج,
قال: قال سعيد بن جبـير: لـما هبط آدم وحوّاء, أُلقـيت الشهوة فـي نفسه فأصابها,
فلـيس إلاّ أن أصابها حملت, فلـيس إلاّ أن حملت تـحرّك فـي بطنها ولدها, قالت: ما
هذا؟ فجاءها إبلـيس, فقال: أترين فـي الأرض إلاّ ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة؟
هو بعض ذلك. قالت: والله ما منى شيء إلاّ وهو يضيق عن ذلك. قال: فأطيعينـي وسميه
عبد الـحرث تلدي شِبْهكما مثلكما قال: فذكرت ذلك لاَدم علـيه السلام, فقال: هو
صاحبنا الذي قد أخرجنا من الـجنة. فمات, ثم حملت بآخر, فجاءها فقال: أطيعينـي
وسميه عبد الـحرث وكان اسمه فـي الـملائكة الـحارث وإلاّ ولدتِ ناقة أو بقرة أو
ضائنة أو ماعزة, أو قتلتُه, فإنـي أنا قتلت الأول قال: فذكرت ذلك لاَدم, فكأنه لـم
يكرهه, فسمّته عبد الـحرث, فذلك قوله: لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا يقول: شبهنا
مثلنا, فلـما آتَاهُمَا صَالِـحا قال: شِبْههما مثلهما.




12115ـ حدثنـي موسى, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن السديّ:
فَلَـمّا أثْقَلَتْ كبر الولد فـي بطنها جاءها إبلـيس, فخوّفها وقال لها: ما يدريك
ما فـي بطنك, لعله كلب أو خنزير أو حمار؟ وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك
قـيقتلك, أو من قُبلك, أو ينشقّ بطنك فـيقتلك؟ فذلك حين دَعَوَا اللّهَ رَبّهُما
لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا يقول: مثلنا, لَنَكُونَنّ مِنَ الشّاكِرِينَ.




قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن آدم
وحوّاء أنهما دعوا الله ربهما بحمل حَوّاء, وأقسما لئن أعطاهما فـي بطن حوّاء
صالـحا لـيكونان لله من الشاكرين. والصلاح قد يشمل معانـي كثـيرة: منها الصلاح فـي
استواء الـخـلق. ومنها الصلاح فـي الدين, والصلاح فـي العقل والتدبـير. وإذ كان
ذلك كذلك, ولا خبر عن الرسول يوجب الـحجة بأن ذلك علـى بعض معانـي الصلاح دون بعض,
ولا فـيه من العقل دلـيـل وجب أن يَعُمّ كما عمه الله, فـيقال إنهما قالا لئن
آتـيتنا صالـحا بجميع معانـي الصلاح.




وأما معنى قوله: لَنَكُونَنّ مِنَ الشاكِرِينَ فإنه لنكوننّ مـمن يشكرك
علـى ما وهبت له من الولد صالـحا.



الآية : 190


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {فَلَمّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ
شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: فلـما رزقهما الله ولدا صالـحا كما سألا جعلا له شركاء
فـيـما آتاهما ورزقهما.




ثم اختلف أهل التأويـل فـي الشركاء التـي جعلاها فـيـما أوتـيا من
الـمولود, فقال بعضهم: جعلا له شركاء فـي الاسم. ذكر من قال ذلك.




12116ـ حدثنا مـحمد بن بشار, قال: حدثنا عبد الصمد, قال حدثنا عمر بن
إبراهيـم, عن قتادة, عن الـحسن, عن سمرة بن جندب, عن النبـيّ صلى الله عليه وسلم,
قال: «كانَتْ حَوّاءُ لا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ, فَنَذَرَتْ لَئِنْ عاشَ لَهَا
وَلَدٌ لَتُسَمّيَنه عَبْدَ الـحَرْثِ, فعاشَ لَهَا وَلَدٌ, فَسَمّتْهُ عَبْدَ
الـحَرْثِ, وإنّـمَا كانَ ذلكَ مِنْ وَحْيِ الشّيْطانِ».




12117ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا معتـمر, عن أبـيه, قال:
حدثنا أبو العلاء, عن سَمُرة بن جندب: أنه حدث أن آدم علـيه السلام سمى ابنه عبد
الـحرث.




قال: حدثنا الـمعتـمر, عن أبـيه, قال: حدثنا ابن عُلَـية, عن سلـيـمان
التـيـمي, عن أبـي العلاء بن الشّخيّر, عن سمرة بن جندب, قال: سمى آدم ابنه: عبد
الـحرث.




12118ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن ابن إسحاق, عن داود بن
الـحصين, عن عكرمة, عن ابن عبـاس, قال: كانت حوّاء تلد لاَدم, فتعبّدهم لله,
وتسميه عبد الله وعُبـيد الله ونـحو ذلك, فـيصيبهم الـموت, فأتاها إبلـيسُ وآدمَ,
فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش فولدت له رجلاً, فسماه عبد الـحرث,
ففـيه أنزل الله تبـارك وتعالـى: هُوَ الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ... إلـى قوله: جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا... إلـى آخر
الاَية.




12119ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله فـي آدم: هُوَ الذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ... إلـى قوله: فَمَرّتْ بِهِ فشكّت أحبلت أم لا؟ فَلَـمّا أثْقَلَتْ
دَعَوَا اللّهَ رَبّهُما لَئِنْ آتَـيْتَنا صَالِـحا... الاَية, فأتاهما الشيطان
فقال: هل تدريان ما يولد لكما أم هل تدريان ما يكون أبهيـمة تكون أم لا؟ وزين لهما
البـاطل إنه غويّ مبـين. وقد كانت قبل ذلك ولد ولدين فماتا, فقال لهما الشيطان:
إنكما إن لـم تسمياه بـي لـم يخرج سويّا ومات كما مات الأوّلان فسميا ولديهما عبد
الـحرث فذلك قوله: فَلَـمّا آتاهُمَا صَالِـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما
آتاهُمَا... الاَية.




12120ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج,
قال: قال ابن عبـاس: لـما وُلد له أوّل ولد, أتاه إبلـيس فقال: إنـي سأنصح لك فـي
شأن ولدك هذا تسميه عبد الـحرث فقال آدم: أعوذ بـالله من طاعتك قال ابن عبـاس:
وكان اسمه فـي السماء الـحارث. قال آدم: أعوذ بـالله من طاعتك إنـي أطعتك فـي أكل
الشجرة, فأخرجتنـي من الـجنة, فلن أطيعك. فمات ولده, ثم وُلد له بعد ذلك ولد آخر,
فقال: أطعنـي وإلاّ مات كما مات الأوّل فعصاه, فمات, فقال: لا أزال أقتلهم حتـى
تسميه عبد الـحرث. فلـم يزل به حتـى سماه عبد الـحرث, فذلك قوله: جَعَلا لَهُ
شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا: أشركه فـي طاعته فـي غير عبـادة, ولـم يُشرك بـالله,
ولكن أطاعه.




12121ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا سلـمة, عن هارون, قال: أخبرنا الزبـير
بن الـخريت, عن عكرمة, قال: ما أشرك آدمُ ولا حوّاء, وكان لا يعيش لهما ولد,
فأتاهما الشيطان فقال: إن سرّكما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الـحرث فهو قوله:
جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا.




12122ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قتادة: فَلَـمّا تَغَشّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِـيفـا قال: كان آدم علـيه السلام
لا يولد له ولد إلاّ مات, فجاءه الشيطان, فقال: إن سرّك أن يعيش ولدك هذا, فسميه
عبد الـحرث ففعل, قال: فأشركا فـي الاسم ولـم يُشركا فـي العبـادة.




حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: فَلَـمّا آتاهُمَا
صَالـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا ذُكر لنا أنه كان لا يعيش لهما
ولد, فأتاهما الشيطان, فقال لهما: سمياه عبد الـحرث وكان من وحي الشيطان وأمره,
وكان شركا فـي طاعته, ولـم يكن شركا فـي عبـادته.




12123ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن
ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد: فَلَـمّا آتاهُمَا صَالِـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ
فِـيـما آتاهُمَا فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ قال: كان لا يعيش لاَدم
وامرأته ولد, فقال لهما الشيطان: إذا ولد لكما ولد, فسمياه عبد الـحرث ففعلا
وأطاعاه, فذلك قول الله: فَلَـمّا آتاهُمَا صَالِـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ...
الاَية.




12124ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا ابن فضيـل, عن سالـم بن أبـي حفصة, عن
سعيد بن جبـير, قوله: أثْقَلَتْ دَعَوَا اللّهَ رَبّهُما... إلـى قوله تعالـى:
فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ قال: لـما حملت حوّاء فـي أوّل ولد ولدته حين
أثقلت, أتاها إبلـيس قبل أن تلد, فقال: يا حوّاء ما هذا الذي بطنك؟ فقالت: ما
أدري. فقال: من أين يخرج؟ من أنفك, أو من عينك, أو من أذنك؟ قالت: لا أدري. قال:
أرأيت إن خرج سلـيـما أتطيعينـي أنت فـيـما آمرك به؟ قالت: نعم. قال: سميه عبد
الـحرث وقد كان يسمى إبلـيس الـحرث, فقالت: نعم. ثم قالت بعد ذلك لاَدم: أتانـي آت
فـي النوم فقال لـي كذا وكذا, فقال: إن ذلك الشيطان فـاحذريه, فإنه عدوّنا الذي
أخرجنا من الـجنة ثم أتاها إبلـيس, فأعاد علـيها, فقالت: نعم. فلـما وضعته أخرجه
الله سلـيـما, فسمته عبد الـحرث, فهو قوله: جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا
فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ.




12125ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير وابن فضيـل, عن عبد الـملك, عن
سعيد بن جبـير, قال: قـيـل له: أشرك آدم؟ قال: أعوذ بـالله أن أزعم أن آدم أشرك
ولكن حوّاء لـما أثقلت, أتاها إبلـيس فقال لها: من أين يخرج هذا, من أنفك أو من
عينك أو من فـيك؟ فقنطها, ثم قال: أرأيت إن خرج سويّا زاد ابن فضيـل لـم يضرّك
ولـم يقتلك أتطيعينـي؟ قالت: نعم. قال: فسميه عبد الـحرث ففعلت. زاد جرير: فإنـما
كان شركه فـي الاسم.




12126ـ حدثنـي موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسبـاط, عن
السديّ, قال: فولدت غلاما, يعنـي حوّاء, فأتاهما إبلـيس فقال: سموه عبدي وإلاّ
قتلته قال له آدم علـيه السلام: قد أطعتك وأخرجتنـي من الـجنة, فأبى أن يطيعه,
فسماه عبد الرحمن, فسلط الله علـيه إبلـيس فقتله. فحملت بآخر فلـما ولدته قال لها:
سميه عبدي وإلاّ قتلته قال له آدم: قد أطعتك فأخرجتنـي من الـجنة. فأبى, فسماه
صالـحا فقتله. فلـما أن كان الثالث, قال لهما: فإذا غُلبتـم فسموه عبد الـحرث وكان
اسمَ إبلـيس وإنـما سمي إبلـيس حين أُبلس. ففعلوا, فذلك حين يقول الله: جَعَلا
لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا يعنـي فـي التسمية.




وقال آخرون: بل الـمعنـيّ بذلك رجل وامرأة من أهل الكفر من بنـي آدم جعلا
لله شركاء من الاَلهة والأوثان حين رزقهما فـارزقهما من الولد. وقالوا: معنى
الكلام: هو الذي خـلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها لـيسكن إلـيها, فلـما
تغشاها: أي هذا الرجل الكافر, حملت حملاً خفـيفـا, فلـما أثقلت دعوتـما الله
ربكما. قالوا: وهذا مـما ابتدىء به الكلام علـى وجه الـخطاب, ثم ردّ إلـى الـخبر
عن الغائب, كما قـيـل: هُوَ الّذِي يُسَيّرُكُمْ فِـي البَرّ والبَحْرِ حتـى إذَا
كُنْتُـمْ فِـي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيّبَةٍ. وقد بـيّنا نظائر
ذلك بشواهده فـيـما مضى قبل. ذكر من قال ذلك.




12127ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا سهل بن يوسف, عن عمرو, عن الـحسن:
جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا قال: كان هذا فـي بعض أهل الـملل, ولـم يكن
بآدم.




12128ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر,
قال: قال الـحسن: عنـي بهذا ذرية آدم, من أشرك منهم بعده. يعنـي بقوله: فَلَـمّا
آتاهُمَا صَالِـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا.




12129ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة,
قال: كان الـحسن يقول: هم الـيهود والنصارى, رزقهم الله أولادا فهوّدوا ونصروا.




قال أبو جعفر: وأولـى القولـين بـالصواب قول من قال: عنـي بقوله: فَلَـمّا
آتاهُمَا صَالِـحا جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فـي الاسم لا فـي العبـادة, وأن الـمعنـيّ
بذلك آدم وحوّاء لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى ذلك.




فإن قال قائل: فما أنت قائل إذ كان الأمر علـى ما وصفت فـي تأويـل هذه
الاَية, وأن الـمعنـيّ بها آدم وحوّاء فـي قوله: فَتَعالـى اللّهُ عَمّا
يُشْرِكُونَ؟ أهو استنكاف من الله أن يكون له فـي الأسماء شريك أو فـي العبـادة؟
فإن قلت فـي الأسماء دلّ علـى فساده قوله: أيُشْرِكُونَ ما لا يَخْـلُقُ شَيْئا
وَهُمْ يُخْـلَقُونَ وإن قلت فـي العبـادة, قـيـل لك: أفكان آدم أشرك فـي عبـادة
الله غيره؟ قـيـل له: إن القول فـي تأويـل قوله: فَتَعالـى اللّهُ عَمّا
يُشْرِكُونَ لـيس بـالذي ظننت, وإنـما القول فـيه: فتعالـى الله عما يشرك به مشركو
العرب من عبدة الأوثان. فأما الـخبر عن آدم وحوّاء فقد انقضى عند قوله: جَعَلا
لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا ثم استؤنف قوله: فَتَعالـى اللّهُ عَمّا
يُشْرِكُونَ. كما:




12130ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ, قوله: فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ يقول: هذه فصل من
آية آدم خاصة فـي آلهة العرب.




واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: شُرَكاءَ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل
الـمدينة وبعض الـمكيـين والكوفـيـين: «جَعَلا لَهُ شِرْكا» بكسر الشين, بـمعنى
الشركة. وقرأه بعض الـمكيـين وعامة قرّاء الكوفـيـين وبعض البصريـين: جَعَلا لَهُ
شُرَكاءَ بضمّ الشين, بـمعنى جمع شريك.




وهذه القراءة أولـى القراءتـين بـالصواب, لأن القراءة لو صحت بكسر الشين
لوجب أن يكون الكلام: فلـما آتاهما صالـحا جعلا لغيره فـيه شركا لأن آدم وحوّاء
لـم يَدينا بأن ولدهما من عطية إبلـيس ثم يجعلا لله فـيه شركا لتسميتهما إياه بعبد
الله, وإنـما كانا يدينان لا شكّ بأن ولدهما من رزق الله وعطيته, ثم سمياه عبد
الـحرث, فجعلا لإبلـيس فـيه شركا بـالاسم, فلو كانت قراءة من قرأ: «شِرْكا» صحيحة
وجب ما قلنا أن يكون الكلام: جعلا لغيره فـيه شركا, وفـي نزول وحي الله بقوله:
جَعَلا لَهُ ما يوضح عن أن الصحيح من القراءة: شُرَكاءَ بضم الشين علـى ما بـينت
قبل.




فإن قال قائل: فإن آدم وحوّاء إنـما سميا ابنهما عبد الـحرث, والـحرث واحد,
وقوله: شُرَكاءَ جماعة, فكيف وصفهما جلّ ثناؤه بأنهما جعلا له شركاء, وإنـما أشركا
واحدا؟ قـيـل: قد دللنا فـيـما مضى علـى أن العرب تـخرج الـخبر عن الواحد مخرج
الـخبر عن الـجماعة إذا لـم تقصد واحدا بعينه ولـم تسمه, كقوله: الّذِينَ قالَ
لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ وإنـما كان القائل ذلك واحدا,
فأخرج الـخبر مخرج الـخبر عن الـجماعة, إذ لـم يقصد قصده, وذلك مستفـيض فـي كلام العرب
وأشعارها.




وأما قوله: فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ فتنزيه من الله تبـارك
وتعالـى نفسه, وتعظيـم لها عما يقول فـيه الـمبطلون ويدعون معه من الاَلهة
والأوثان. كما:




12131ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج:
فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ قال: هو الإنكاف, أنكف نفسه جلّ وعزّ, يقول:
عظم نفسه, وأنكفته الـملائكة وما سبح له.




12132ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن
عيـينة, قال: سمعت صدقة يحدّث عن السديّ, قال: هذا من الـموصول والـمفصول قوله: جَعَلا
لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا فـي شأن آدم وحوّاء, ثم قال الله تبـارك وتعالـى:
فَتَعالـى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ قال: عما يشرك الـمشركون, ولـم يعنهما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 9:03 pm

الآية : 191


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً
وَهُمْ يُخْلَقُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: أيشركون فـي عبـادة الله, فـيعبدون معه ما لا يخـلق شيئا
والله يخـلقها وينشئها, وإنـما العبـادة الـخالصة للـخالق لا للـمخـلوق؟




وكان ابن زيد يقول فـي ذلك بـما:
12133ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, قال: وُلد
لاَدم وحوّاء ولد, فسمّياه عبد الله, فأتاهما إبلـيس فقال: ما سميتـما يا آدم ويا
حوّاء ابنكما؟ قال: وكان وُلد لهما قبل ذلك ولد, فسمياه عبد الله, فمات فقالا:
سميناه عبد الله. فقال إبلـيس: أتظنان أن الله تارك عبده عندكما؟ لا والله لـيذهبن
به كما ذهب بـالاَخر ولكن أدلكما علـى اسم يبقـى لكما ما بقـيتـما؟ فسمياه عبد شمس
قال: فذلك قول الله تبـارك وتعالـى: أيُشْرِكُونَ ما لا يَخْـلُقُ شَيْئا وَهُمْ
يُخْـلَقُونَ الشمس تـخـلق شيئا حتـى يكون لها عبد؟ إنـما هي مخـلوقة. وقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَدَعَهُما مَرّتَـيْنِ: خَدَعَهُما فِـي
الـجَنّةِ, وَخَدَعَهُما فِـي الأرْضِ».




وقـيـل: وَهُمْ يُخْـلَقُونَ, فأخرج مكنـيهم مخرج مكنّى بنـي آدم, وقد قال:
أيُشْرِكُونَ ما فأخرج ذكرهم ب «ما» لا ب «من» مخرج الـخبر عن غير بنـي آدم, لأن
الذي كانوا يعبدونه إنـما كان حجرا أو خشبـا أو نـجاسا, أو بعض الأشياء التـي يخبر
عنها ب «ما» لا ب «من», فقـيـل لذلك «ما», ثم قـيـل: «وهم», فأخرجت كنايتهم مخرج
كناية بنـي آدم, لأن الـخبر عنها بتعظيـم الـمشركين إياها نظير الـخبر عن تعظيـم
الناس بعضهم بعضا.



الآية : 192


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ
أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: أيشرك هؤلاء الـمشركون فـي عبـادة الله ما لا يخـلق شيئا
من خـلق الله, ولا يستطيع أن ينصرهم إن أراد الله بهم سوءا أو أحلّ بهم عقوبة, ولا
هو قادر إن أراد به سوءا نصر نفسه ولا دفع ضرّ عنها, وإنـما العابد يعبد ما يعبده
لاجتلاب نفع منه أو لدفع ضرّ منه عن نفسه, وآلهتهم التـي يعبدونها ويشركونها فـي
عبـادة الله لا تنفعهم ولا تضرّهم, بل لا تـجتلب إلـى نفسها نفعا ولا تدفع عنها
ضرّا, فهي من نفع غير أنفسها أو دفع الضرّ عنها أبعد. يعجّب تبـارك وتعالـى خـلقه
من عظيـم خطإ هؤلاء الذين يشركون فـي عبـادتهم الله غيره.



الآية : 193


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىَ لاَ
يَتّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ }..




يقول تعالـى ذكره فـي وصفه وعيبه ما يشرك هؤلاء الـمشركون فـي عبـادتهم
ربهم إياه: ومن صفته أنكم أيها الناس إن تدعوهم إلـى الطريق الـمستقـيـم, والأمر
الصحيح السديد لا يَتّبِعُوكُمْ لأنها لـيست تعقل شيئا, فتترك من الطرق ما كان عن
القصد منعدلاً جائرا, وتركب ما كان مستقـيـما سديدا. وإنـما أراد الله جلّ ثناؤه
بوصف آلهتهم بذلك من صفتها تنبـيههم علـى عظيـم خطئهم, وقُبح اختـيارهم, يقول جلّ
ثناؤه: فكيف يهديكم إلـى الرشاد من إن دعي إلـى الرشاد وعرفه لـم يعرفه, ولـم يفهم
رشادا من ضلال, وكان سواءً دعاء داعيه إلـى الرشاد وسكوته, لأنه لا يفهم دعاءه,
ولا يسمع صوته, ولا يعقل ما يقال له؟ يقول: فكيف يُعبد من كانت هذه صفته, أم كيف
يشكل عظيـم جهل من اتـخذ ما هذه صفته إلها؟ وإنـما الربّ الـمعبود هو النافع من
يعبده, الضارّ من يعصيه, الناصر ولـيه, الـخاذل عدوّه, الهادي إلـى الرشاد من
أطاعه, السامع دعاء من دعاه. وقـيـل: سَوَاءٌ عَلَـيْكُمْ أدَعَوْتُـموهُمْ أمْ
أنْتُـمْ صَامِتُونَ فعطف بقوله: «صامتون», وهو اسم علـى قوله: «أدعوتـموهم», وهو
فعل ماض, ولـم يقل: أم صَمَتّـم, كما قال الشاعر:



سَوَاءٌ عَلَـيْكَ القَـفْرُ أمْ بِتّ لَـيْـلَةًبأهْلِ
القِبـابِ مِنْ نُـمَيْرِ بْنِ عامِرِ




وقد ينشد: «أم أنت بـائت».



الآية : 194


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ
عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ }..



يقول جلّ ثناؤه لهؤلاء الـمشركين من عبدة
الأوثان موبخهم علـى عبـادتهم ما لا يضرّهم ولا ينفعهم من الأصنام: إن الذين تدعون
أيها الـمشركون آلهة من دون الله, وتعبدونها شركا منكم وكفرا بـالله, عِبَـادٌ
أمْثَالُكُمْ يقول: هم أملاك لربكم, كما أنتـم له مـمالـيك. فإن كنتـم صادقـين
أنها تضرّ وتنفع وأنها تستوجب منكم العبـادة لنفعها إياكم, فلـيستـجيبوا لدعائكم
إذا دعوتـموهم, فإن لـم يستـجيبوا لكم لأنها لا تسمع دعاءكم, فأيقنوا بأنها لا
تنفع ولا تضرّ لأن الضرّ والنفع إنـما يكونان مـمن إذا سئل سمع مسألة سائل وأعطى
وأفضل ومن إذا شُكِيَ إلـيه من شيء سمع فضرّ من استـحقّ العقوبة ونفع من لا يستوجب
الضرّ.



الآية : 195


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ
لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ
لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمّ كِيدُونِ فَلاَ
تُنظِرُونِ }..




يقول تعالـى ذكره لهؤلاء الذين عبدوا الأصنام من دونه معرّفهم جهل ما هم
علـيه مقـيـمون: ألأصنامكم هذه أيها القوم أرْجُلٌ يَـمْشُونَ بِها فـيسعون معكم
ولكم فـي حوائجكم ويتصرّفون بها فـي منافعكم, أمْ لَهُمْ أيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها
فـيدفعون عنكم وينصرونكم بها عند قصد من يقصدكم بشرّ ومكروه, أمْ لَهُمْ أعْيُنٌ
يُبْصِرُونَ بِها فـيعرّفوكم ما عاينوا وأبصروا مـما تغيبون عنه فلا ترونه, أمْ
لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِها فـيخبروكم بـما سمعوا دونكم مـما لـم تسمعوه؟ يقول
جلّ ثناؤه: فإن كانت آلهتكم التـي تعبدونها لـيس فـيها شيء من هذه الاَلات التـي
ذكرتها, والـمعظّم من الأشياء إنـما يعظّم لـما يرجى منه من الـمنافع التـي توصل
إلـيه بعض هذه الـمعانـي عندكم, فما وجه عبـادتكم أصنامكم التـي تعبدونها, وهي
خالـية من كلّ هذه الأشياء التـي بها يوصل إلـى اجتلاب النفع ودفع الضرّ؟




وقوله: قُلْ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمّ كِيدُونِ أنتـم وهن, فَلا
تُنْظِرُونِ يقول: فلا تؤخرون بـالكيد والـمكر, ولكن عجلوا بذلك. يُعلـمه جلّ
ثناؤه بذلك أنهم لـم يضرّوه, وأنه قد عصمه منهم, ويعرّف الكفرة به عجز أوثانهم عن
نصرة من بغى أولـياءهم بسوء.



الآية : 196


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ وَلِيّـيَ اللّهُ الّذِي نَزّلَ
الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلّى الصّالِحِينَ }..




يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد للـمشركين
من عبدة الأوثان: إنّ ولـي نصيري ومعينـي وظهيري علـيكم الله الذي نزّل الكتاب
علـيّ بـالـحقّ, وهو الذي يتولـى من صلـح عمله بطاعته من خـلقه.



الآية : 197


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَالّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ }..




وهذا أيضا أمر من الله جلّ ثناؤه لنبـيه أن يقوله للـمشركين بقوله تعالـى:
قل لهم, إن الله نصيري وظهيري, والذين تدعون أنتـم أيها الـمشركون من دون الله من
الاَلهة, لا يستطيعون نصركم, ولا هم مع عجزهم عن نصرتكم يقدرون علـى نصرة أنفسهم,
فأيّ هذين أولـى بـالعبـادة وأحقّ بـالألوهة, أمن ينصر ولـيه ويـمنع نفسه مـمن
أراده, أم من لا يستطيع نصر ولـيه ويعجز عن منع نفسه مـمن أراده وبغاه بـمكروه؟



الآية : 198


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىَ لاَ
يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }..




يقول جلّ ثناؤه لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل للـمشركين: وإن تدعوا
أيها الـمشركون آلهتكم إلـى الهدى, وهو الاستقامة إلـى السداد, لا يَسْمَعُوا
يقول: لا يسمعوا دعاءكم. وتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَـيْكَ وهُمْ لا يُبْصِرُونَ
وهذا خطاب من الله لنبـيه صلى الله عليه وسلم, يقول: وترى يا مـحمد آلهتهم ينظرون
إلـيك وهم لا يبصرون. ولذلك وحد, ولو كان أمر النبـيّ صلى الله عليه وسلم بخطاب
الـمشركين لقال: وترونهم ينظرون إلـيكم.




وقد رُوي عن السديّ فـي ذلك ما:




12134ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: وَإنْ تَدْعُوهُمْ إلـى الهُدَى لا يَسْمَعوا وَتَرَاهمْ
يَنْظرُونَ إلَـيكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ قال: هؤلاء الـمشركين.




وقد يحتـمل قول السديّ هذا أن يكون أراد بقوله: هؤلاء الـمشركون قول الله:
وَإنْ تَدْعُوهُمْ إلـى الهدَى لا يَسْمَعوا.




وقد كان مـجاهد يقول فـي ذلك ما:




12135ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو حذيفة, قال: حدثنا شبل, عن ابن أبـي
نـجيح عن مـجاهد: وَتَرَاهُمْ يَنْظرُونَ إلَـيْكَ وَهمْ لا يُبْصِرُونَ ما تدعوهم
إلـى الهدى.




وكأن مـجاهدا وجه معنى الكلام إلـى أن معناه: وترى الـمشركين ينظرون إلـيك
وهم لا يبصرون. فهو وجه, ولكن الكلام فـي سياق الـخبر عن الاَلهة فهو بوصفها أشبه.




قال أبو جعفر: فإن قال قائل: فما معنى قوله: وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ
إلَـيْكَ وَهمْ لا يُبْصِرُونَ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلـى شيء ولا يراه؟
قـيـل: إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئا أو حاذاه هو ينظر إلـى كذا, ويقال: منزل
فلان ينظر إلـى منزلـي إذا قابله. وحُكي عنها: إذا أتـيت موضع كذا وكذا, فنظر
إلـيك الـجبل, فخذ يـمينا أو شمالاً. وحدثت عن أبـي عُبـيد, قال: قال الكسائي:
الـحائط ينظر إلـيك إذا كان قريبـا منك حيث تراه, ومنه قول الشاعر:



إذَا نَظَرَتْ بِلادَ بَنِـي تَـمِيـمبِعَيْنٍ
أوْ بِلادَ بَنِـي صُبـاحِ




يريد: تقابل نبتُها وعشبُها وتـحاذَى.




فمعنى الكلام: وترى يا مـحمد آلهة هؤلاء الـمشركين من عبدة الأوثان
يقابلونك ويحاذونك, وهم لا يبصرونك, لأنه لا أبصار لهم. وقـيـل: «وتراهم», ولـم
يقل: «وتراها», لأنها صور مصوّرة علـى صور بنـي آدم.



الآية : 199


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ الْجَاهِلِينَ }..




اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: تأويـله: خذ العفوَ من
أخلاق الناس, وهو الفضل وما لا يجهدهم. ذكر من قال ذلك.




12136ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن مـحمد بن عبد
الرحمن, عن القاسم, عن مـجاهد, فـي قوله: خذِ العَفْوَ قال: من أخلاق الناس
وأعمالهم بغير تـحسس.




حدثنا يعقوب وابن وكيع, قالا: حدثنا ابن علـية, عن لـيث, عن مـجاهد فـي
قوله: خذِ العَفْوَ قال: عفو أخلاق الناس, وعفو أمورهم.




12137ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثنـي ابن أبـي الزناد, عن
هشام بن عُرْوة, عن أبـيه فـي قوله: خذِ العَفْوَ... الاَية. قال عروة: أمر الله
رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.




12138ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
هشام بن عروة, عن أبـيه, عن ابن الزّبـير, قال: ما أنزل الله هذه الاَية إلاّ فـي
أخلاق الناس: خذِ العَفْوَ وأُمرْ بـالعرْفِ الاَية.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا مـحمد بن بكر, عن ابن جريج, قال: بلغنـي عن
مـجاهد: خُذِ العَفْوَ من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تـحسس.




قال: حدثنا أبو معاوية, عن هشام بن عروة, عن وهب بن كيسان, عن ابن الزبـير:
خُذِ العَفْوَ قال: من أخلاق الناس, والله لاَخذنه منهم ما صحبتهم.




قال: حدثنا عبدة بن سلـيـمان, عن هشام بن عروة, عن أبـيه, عن ابن الزبـير,
قال: إنـما أنزل الله خُذِ العَفْوَ من أخلاق الناس.




حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي
نـجيح, عن مـجاهد: خُذِ العَفْوَ قال: من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تـجسس أو
تـحسس, شكّ أبو عاصم.




وقال آخرون: بل معنى ذلك: خُذِ العَفْوَ من أموال الناس, وهو الفضل. قالوا:
وأمر بذلك قبل نزول الزكاة, فلـما نزلت الزكاة نسخ. ذكر من قال ذلك.




12139ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله خُذِ العَفْوَ يعنـي: خذ ما عفـا لك من أموالهم, وما
أتوك به من شيء فخذه. فكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيـلها وما
انتهت الصدقات إلـيه.




12140ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: خُذِ العَفْوَ أما العفو: فـالفضل من الـمال, نسختها الزكاة.




12141ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ يقول: حدثنا عبـيد
بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك, يقول فـي قوله: خُذِ العَفْوَ يقول: خذ ما عفـا من
أموالهم, وهذا قبل أن تنزل الصدقة الـمفروضة.




وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله نبـيه صلى الله عليه وسلم بـالعفو عن
الـمشركين وترك الغلظة علـيهم قبل أن يُفرض قتالهم علـيه. ذكر من قال ذلك.




12142ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
خُذِ العَفْوَ قال: أمره فأعرض عنهم عشر سنـين بـمكة. قال: ثم أمره بـالغلظة
علـيهم وأن يقعد لهم كلّ مرصد وأن يحصرهم, ثم قال: فإنْ تابُوا وأقامُوا الصّلاةَ
الاَية كلها, وقرأ: يا أيّها النّبِـيّ جاهِدِ الكُفّـارَ وَالـمُنافَقِـينَ
وَاغْلُظْ عَلَـيْهِمْ. قال: وأمر الـمؤمنـين بـالغلظة علـيهم, فقال: يا أيّهَا
الّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الّذِينَ يَـلُونَكُمْ مِنَ الكُفّـارِ وَلْـيَجِدُوا
فِـيكُمْ غِلْظَةً بعدما كان أمرهم بـالعفو, وقرأ قول الله: قُلْ للّذِينَ آمَنُوا
يَغْفِرُوا للّذِينَ لا يَرْجُونَ أيّامَ اللّهِ ثم لـم يقبل منهم بعد ذلك إلاّ
الإسلام أو القتل, فنسخت هذه الاَية العفو.




قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال بـالصواب قول من قال: معناه: خذ العفو من
أخلاق الناس, واترك الغلظة علـيهم, وقال: أُمر بذلك نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم
فـي الـمشركين.




وإنـما قلنا ذلك أولـى بـالصواب, لأن الله جلّ ثناؤه اتبع ذلك تعلـيـمه
نبـيه صلى الله عليه وسلم مـحاجته الـمشركين فـي الكلام, وذلك قوله: قُلِ ادْعُوا
شُرَكاءَكُمْ ثُمّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونَ, وعقبه بقوله: وإخْوَانُهُمْ
يَـمُدونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمّ لا يُقْصِرُونَ وإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ
قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها فما بـين ذلك بأن يكون من تأديبه نبـيه صلى الله
عليه وسلم فـي عشرتهم به أشبه وأولـى من الاعتراض بأمره بأخذ الصدقة من
الـمسلـمين.



فإن قال قائل: أفمنسوخ ذلك؟ قـيـل: لا دلالة
عندنا علـى أنه منسوخ, إذ كان جائزا أن يكون, وإن كان الله أنزله علـى نبـيه علـيه
الصلاة والسلام فـي تعريفه عشرةَ من لـم يؤمر بقتاله من الـمشركين مرادا به تأديب
نبـيّ الله والـمسلـمين جميعا فـي عشرة الناس وأمرهم بأخذ عفو أخلاقهم, فـيكون وإن
كان من أجلهم نزل تعلـيـما من الله خـلقه صفة عشرة بعضهم بعضا, لـم يجب استعمال
الغلظة والشدّة فـي بعضهم, فإذا وجب استعمال ذلك فـيهم استعمل الواجب, فـيكون
قوله: خُذِ العَفْوَ أمرا بأخذه ما لـم يجب غير العفو, فإذا وجب غيره أخذ الواجب
وغير الواجب إذا أمكن ذلك فلا يحكم علـى الاَية بأنها منسوخة لـما قد بـينا ذلك
فـي نظائره فـي غير موضع من كتبنا.




وأما قوله: وأمُرْ بـالعُرْفِ فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله, فقال
بعضهم بـما:




12143ـ حدثنـي الـحسن بن الزبرقان النـخعي, قال: ثنـي حسين الـجعفـي, عن
سفـيان بن عيـينة, عن رجل قد سماه, قال: لـما نزلت هذه الاَية: خُذِ العَفْوَ
وأْمُرْ بـالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ الـجاهِلِـينَ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «يا جِبْرِيـلُ ما هَذَا»؟ قال: ما أدري حتـى أسأل العالِـم. قال: ثم قال
جبريـل: يا مـحمد إن الله يأمرك أن تصل من قطعك, وتعطي من حرمك, وتعفو عمن ظلـمك.




12144ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا سفـيان, عن أبـيّ, قال: لـما أنزل الله
علـى نبـيه صلى الله عليه وسلم: خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بـالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ
الـجاهِلِـينَ قال النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «ما هَذَا يا جِبْرِيـلُ»؟ قال: إن
الله يأمرك أن تعفو عمن ظلـمك, وتعطي من حرمك, وتصلَ من قطعك.




وقال آخرون بـما:




12145ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
هشام بن عروة, عن أبـيه: وأْمُرْ بـالعُرْفِ يقول: بـالـمعروف.




12146ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: وأْمُرْ بـالعُرْفِ قال: أما العرف: فـالـمعروف.




12147ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: وأْمُرْ
بـالعُرْفِ أي بـالـمعروف.




قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن الله أمر نبـيه صلى
الله عليه وسلم أن يأمر الناس بـالعُرْف, وهو الـمعروف فـي كلام العرب, مصدر فـي
معنى الـمعروف, يقال أولـيته عُرْفـا وعارفـا وعارفةً كل ذلك بـمعنى الـمعروف.
فإذا كان معنى العرف ذلك, فمن الـمعروف صلة رحم من قُطِع, وإعطاء من حُرِم, والعفو
عمن ظَلَـم. وكلّ ما أمر الله به من الأعمال أو ندب إلـيه فهو من العرف. ولـم يخصص
الله من ذلك معنى دون معنى فـالـحقّ فـيه أن يقال: قد أمر الله نبـيه صلى الله
عليه وسلم أن يأمر عبـاده بـالـمعروف كله لا ببعض معانـيه دون بعض.




وأما قوله: وأعْرِضْ عَنِ الـجاهِلِـينَ فإنه أمر من الله تعالـى نبـيه صلى
الله عليه وسلم أن يعرض عمن جهل. وذلك وإن كان أمرا من الله لنبـيه, فإنه تأديب
منه عزّ ذكره لـخـلقه بـاحتـمال من ظلـمهم أو اعتدى علـيهم, لا بـالإعراض عمن جهل
الواجب علـيه من حقّ الله ولا بـالصفح عمن كفر بـالله وجهل وحدانـيته, وهو
للـمسلـمين حَرْبٌ.




وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.




12148ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: خُذِ
العَفْوَ وأْمُرْ بـالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ الـجاهِلِـينَ قال: أخلاقٌ أمر الله
بها نبـيه صلى الله عليه وسلم, ودله علـيها.



الآية : 200


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِماّ يَنَزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ
نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }..




يعنـي جلّ ثناؤه بقوله: وَإمّا يَنْزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطانِ نَزْغٌ وإما
يغضبنك من الشيطان غضب يصدّك عن الإعراض عن الـجاهلـين ويحملك علـى مـجازاتهم.
فـاسْتَعِذْ بـاللّهِ يقول: فـاستـجر بـالله من نزغه. إنّهُ سَمِيعٌ عَلِـيـمٌ
يقول: إن الله الذي تستعيذ به من نزع الشيطان سميع لـجهل الـجاهل علـيك ولاستعاذتك
به من نزغه ولغير ذلك من كلام خـلقه, لا يخفـى علـيه منه شيء, علـيـم بـما يذهب
عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خـلقه. كما:




12149ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بـالعُرْفِ وأعْرِضْ عَنِ الـجاهِلِـينَ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: فَكَيْفَ بـالغَضَبِ يا رَبّ»؟ قال: وَإمّا يَنْزَغَنّكَ مِنَ
الشّيْطانِ نَزْغٌ فـاسْتَعِذْ بـاللّهِ إنّهُ سَمِيعٌ عَلِـيـمٌ.




12150ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة,
قوله: وَإمّا يَنْزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطانِ نَزْغٌ فـاسْتَعِذْ بـاللّهِ إنّهُ
سَمِيعٌ عَلِـيـمٌ قال: علـم الله أن هذا العدوّ منـيع ومَريد.




وأصل النزغ: الفساد, يقول: نزغ الشيطان بـين القوم إذا أفسد بـينهم وحمل
بعضَهم علـى بعض, ويقال منه: نزغ ينزغ, ونغَز ينغُز.



الآية : 201


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ الّذِينَ اتّقَواْ إِذَا مَسّهُمْ
طَائِفٌ مّنَ الشّيْطَانِ تَذَكّرُواْ فَإِذَا هُم مّبْصِرُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: إنّ الّذِينَ اتّقَوْا الله من خـلقه, فخافوا عقابه
بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه إذَا مَسّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ تَذَكّرُوا
يقول: إذا ألـمّ بهم طيف من الشيطان من غضب أو غيره مـما يصدّ عن واجب حقّ الله
علـيهم, تذكّروا عقاب الله وثوابه ووعده ووعيده, وأبصروا الـحقّ فعملوا به,
وانتهوا إلـى طاعة الله فـيـما فرض علـيهم وتركوا فـيه طاعة الشيطان.




واختلفت القرّاء فـي قراءة قوله: «طَيْفٌ» فقرأته عامة قرّاء أهل الـمدينة
والكوفة: طائِفٌ علـى مثال فـاعل, وقرأه بعض الـمكيـين والبصريـين والكوفـيـين:
«طَيْفٌ مِنَ الشّيْطانِ».




واختلف أهل العلـم بكلام العرب فـي فرق ما بـين الطائف والطيف. قال بعض
البصريـين: الطائف والطيف سواء, وهو ما كان كالـخيال والشيء يـلـمّ بك. قال: ويجوز
أن يكون الطيف مخففـا عن طيّف مثل ميّت ومَيْت. وقال بعض الكوفـيـين: الطائف: ما
طاف بك من وسوسة الشيطان, وأما الطيف: فإنـما هو من اللـمـم والـمـمس. وقال آخر
منهم: الطيف: اللـمـم, والطائف: كلّ شيء طاف بـالإنسان. وذُكر عن أبـي عمرو بن
العلاء أنه كان يقول: الطيف: الوسوسة.




قال أبو جعفر: وأولـى القراءتـين فـي ذلك عندي بـالصواب قراءة من قرأ:
طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ لأن أهل التأويـل تأوّلوا ذلك بـمعنى الغضب والزلة تكون من
الـمطيف به. وإذا كان ذلك معناه كان معلوما إذ كان الطيف إنـما هو مصدر من قول
القائل: طاف يطيف, أن ذلك خبر من الله عما يـمسّ الذين اتقوا من الشيطان, وإنـما
يـمسهم ما طاف بهم من أسبـابه, وذلك كالغضب والوسوسة. وإنـما يطوف الشيطان بـابن
آدم لـيستزله عن طاعة ربه أو لـيوسوس له, والوسوسة والاستزلال هو الطائف من الشيطان,
وأما الطيف فإنـما هو الـخيال, وهو مصدر من طاف يطيف, ويقول: لـم أسمع فـي ذلك طاف
يَطيف, ويتأوّله بأنه بـمعنى الـميت وهو من الواو. وحكى البصريون وبعض الكوفـيـين
سماعا من العرب: طاف يطيف, وطفت أطيف, وأنشدوا فـي ذلك:



أنّى ألَـمّ بِكَ الـخَيالُ يَطِيفُومَطافُه
لَكَ ذِكْرَةٌ وَشُعُوفُ




وأما أهل التأويـل, فإنهم اختلفوا فـي تأويـله, فقال بعضهم: ذلك الطائف هو
الغضب. ذكر من قال ذلك.




12151ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع,
قالا: حدثنا ابن يـمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد: إذَا مَسّهُمْ طائِفٌ قال:
الطيف: الغضب.




12152ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن عنبسة, عن مـحمد بن عبد
الرحمن, عن القاسم بن أبـي بزّة, عن مـجاهد, فـي قوله: «إذَا مَسهُمْ طَيْفٌ مِنَ
الشّيْطانِ» قال: هو الغضب.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا عبد الله بن رجاء, عن ابن جريج, عن عبد الله بن
كثـير, عن مـجاهد, قال: الغضب.




حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي
نـجيح, عن مـجاهد, فـي قوله: إذَا مسّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشّيْطانِ تَذَكّرُوا قال:
هو الغضب.




حدثنـي مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبـي
نـجيح, عن مـجاهد, فـي قول الله: طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ قال: الغضب.




وقال آخرون: هو اللّـمة والزلة من الشيطان. ذكر من قال ذلك.




12153ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ بن أبـي طلـحة, عن ابن عبـاس, قوله: إنّ الّذِينَ اتّقَوْا إذَا مَسهُمْ
طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ تَذَكّرُوا الطائف: اللـمة من الشيطان. فإذَا هُمْ
مُبْصِرُونَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
el-shab7-tauson
المدير العام

المدير العام
el-shab7-tauson


. : تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 E861fe10
عدد المشاركات : 3017
تاريخ التسجيل : 21/02/2011
الموقع : shbab-star.yoo7.com
العمر : 29

تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الاعراف   تفسير سورة الاعراف - صفحة 2 Empty9/1/2012, 9:04 pm

12154ـ حدثنـي مـحمد بن
سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس,
قوله: إنّ الّذِينَ اتّقَوْا إذَا مَسّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ يقول: نزغ من
الشيطان. تَذَكّرُوا.




12155ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: إنّ الّذِينَ اتّقَوْا إذَا مَسّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشّيْطانِ
تَذَكّرُوا يقول: إذا زلوا تابوا..




قال أبو جعفر: وهذان التأويلان متقاربـا الـمعنى, لأن الغضب من استزلال
الشيطان. واللـمة من الـخطيئة أيضا منه, وكان ذلك من طائف الشيطان. وإذ كان ذلك
كذلك, فلا وجه لـخصوص معنى منه دون معنى, بل الصواب أن يعُمّ كما عمه جلّ ثناؤه,
فـيقال: إن الذين اتقوا إذا عرض لهم عارض من أسبـاب الشيطان ما كان ذلك العارض,
تذكروا أمر الله وانتهوا إلـى أمره.




وأما قوله: فإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ فإنه يعنـي: فإذا هم مبصرون هدى الله
وبـيانه وطاعته فـيه, فمنتهون عما دعاهم إلـيه طائف الشيطان. كما:




12156ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس: فإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ يقول: إذا هم منتهون عن
الـمعصية, آخذون بأمر الله, عاصون للشيطان.



الآية : 202


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدّونَهُمْ فِي الْغَيّ
ثُمّ لاَ يُقْصِرُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: وإخوان الشياطين
تـمدّهم الشياطين فـي الغيّ. يعنـي بقوله: يـمُدّونَهُمْ يزيدونهم. ثُمّ لا
يُقْصِرُونَ عما قصر عنه الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان. وإنـما هذا خبر من
الله عن فريقـي الإيـمان والكفر, بأن فريق الإيـمان وأهل تقوى الله إذا استزلهم
الشيطان تذكروا عظمة الله وعقابه, فكفتهم رهبته عن معاصيه وردتهم إلـى التوبة
والإنابة إلـى الله مـما كان منهم من زلة, وأن فريق الكافرين يزيدهم الشيطان غيّا
إلـى غيهم إذا ركبوا معصية من معاصي الله, ولا يحجزُهم تقوى الله ولا خوف الـمعاد
إلـيه عن التـمادي فـيها والزيادة منها, فهو أبدا فـي زيادة من ركوب الإثم,
والشيطان يزيده أبدا, لا يُقصر الإنسيّ عن شيء من ركوب الفواحش ولا الشيطان من
مدّه منه. كما:




12157ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عبد الله بن صالـح, قال: ثنـي معاوية,
عن علـيّ, عن ابن عبـاس: وإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمّ لا
يُقْصِرُونَ قال: لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات, ولا الشياطين تـمسك
عنهم.




حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي أبـي, عن
أبـيه, عن ابن عبـاس, قوله: وإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُم لا
يُقْصِرُونَ يقول: هم الـجنّ يوحون إلـى أولـيائهم من الإنس, ثم لا يقصرون, يقول:
لا يسأمون.




12158ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: وإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ إخوان الشياطين من
الـمشركين, يـمدّهم الشيطان فـي الغيّ. ثُمّ لا يُقْصِرُونَ.




12159ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن
جريج, قال عبد الله بن كثـير: وإخوانهم من الـجنّ, يـمدّون إخوانهم من الإنس, ثم
لا يقصرون, ثم يقول لا يقصر الإنسانُ. قال: والـمدّ الزيادة, يعنـي: أهل الشرك,
يقول: لا يقصر أهل الشرك, كما يقصر الذين اتقوا لأنهم لا يحجزهم الإيـمان. قال ابن
جريج, قال مـجاهد وإخْوَانُهُمْ من الشياطين يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمّ لا
يُقْصِرُونَ استـجهالاً يـمدّون أهل الشرك. قال ابن جريج: وَلَقَدْ ذَرَأْنا
لِـجَهَنّـمَ كَثِـيرا مِنَ الـجِنّ وَالإنْسِ قال: فهؤلاء الإنس. يقول الله:
وَإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ.




12160ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: ثنـي مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قتادة: وإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمّ لا يُقْصِرُونَ قال: إخوان
الشياطين يـمدّهم الشياطين فـي الغيّ ثم لا يقصرون.




12161ـ حدثنا مـحمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن
أبـي نـجيح, عن مـجاهد: وإخْوَانُهُمْ من الشياطين. يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ
استـجهالاً.




وكان بعضهم يتأوّل قوله: ثُمّ لا يُقْصِرُونَ بـمعنى: ولا الشياطين
يُقْصِرون فـي مدّهم إخوانهم من الغيّ. ذكر من قال ذلك.




12162ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة,
قوله: وإخْوَانُهُمْ يَـمُدّونَهُمْ فِـي الغَيّ ثُمّ لا يُقْصِرُونَ عنهم, ولا
يرحمونهم.




قال أبو جعفر: وقد بـيّنا أولـى التأويـلـين عندنا بـالصواب, وإنـما اخترنا
ما اخترنا من القول فـي ذلك علـى ما بـيّناه لأن الله وصف فـي الاَية قبلها أهل
الإيـمان به وارتداعهم عن معصيته وما يكرهه إلـى مـحبته عند تذكرهم عظمته, ثم أتبع
ذلك الـخبر عن إخوان الشياطين وركوبهم معاصيه, وكان الأولـى وصفهم بتـماديهم
فـيها, إذ كان عقـيب الـخبر عن تقصير الـمؤمنـين عنها.




وأما قوله: يَـمُدّونَهُمْ فإن القرّاء اختلفت فـي قراءته, فقرأه بعض
الـمدنـيـين: «يُـمِدّونَهُمْ» بضم الـياء من أمددت. وقرأته عامة قرّاء الكوفـيـين
والبصريـين: يَـمُدّونَهُمْ بفتـح الـياء من مددت.




قال أبو جعفر: والصواب من القراءة فـي ذلك عندنا: يَـمُدّونَهُمْ بفتـح
الـياء, لأن الذي يـمدّ الشياطينُ إخوانهم من الـمشركين إنـما هو زيادة من جنس
الـمـمدود, وإذا كان الذي مدّ من جنس الـمـمدود كان كلام العرب مددت لا أمددت.




وأما قوله: يُقْصِرُونَ فإن القرّاء علـى لغة من قال: أَقْصرت أُقصِر,
وللعرب فـيه لغتان: قَصَرْت عن الشيء, وأقْصَرْت عنه.



الآية : 203


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُواْ
لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنّمَآ أَتّبِعُ مَا يِوحَىَ إِلَيّ مِن رّبّي
هَـَذَا بَصَآئِرُ مِن رّبّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: وإذا لـم تأت يا مـحمد هؤلاء الـمشركين بآية من الله
قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: قالوا هلا اخترتها واصطفـيتها, من قول الله
تعالـى: وَلَكِنّ اللّهَ يَجْتَبـي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ يعنـي: يختار
ويصطفـي. وقد بـيّنا ذلك فـي مواضعه بشواهده.




ثم اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك, فقال بعضهم: معناه: هلا افتعلتها من
قِبَل نفسك واختلقتها بـمعنى: هلا اجتبـيتها اختلافـا كما تقول العرب: لقد اختار
فلان هذا الأمر وتـخيره اختلافـا. ذكر من قال ذلك.




12163ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله:
وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها أي لولا أتـيتنا بها
من قبل نفسك هذا قول كفـار قريش.




12164ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج, عن
عبد الله بن كثـير, عن مـجاهد, قوله: وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا
لَوْلا اجْتَبَـيْتَها قالوا: لولا اقتضبتها قالوا: تـخرجها من نفسك.




12165ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد فـي قوله:
وَإذَا لَـمْ تَأْتِهِمْ بآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها قالوا: لولا
تقوّلتها, جئت بها من عندك.




12166ـ حدثنـي الـمثنى, قال: ثنـي عبد الله, قال: ثنـي معاوية, عن علـيّ,
عن ابن عبـاس, قوله: لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: لولا تلقّـيتها. وقال مرّة أخرى:
لولا أحدثتها فأنشأتها.




12167ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا
أسبـاط, عن السديّ: قالُوا لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: لولا أحدثتها.




حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن
قتادة, قوله: لَوْلا اجْتَبَـيْتَها قال: لولا جئت بها من نفسك.




وقال آخرون: معنى ذلك: هلا أخذتها من ربك وتقبلتها منه ذكر من قال ذلك.




12168ـ حدثنـي مـحمد بن سعد, قال: ثنـي أبـي, قال: ثنـي عمي, قال: ثنـي
أبـي, عن أبـيه, عن ابن عبـاس قوله: لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: لولا تقبلتها من
الله.




12169ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قتادة: لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: لولا تلقـيتها من ربك.




12170ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج, قال: سمعت أبـا معاذ, قال: حدثنا عبـيد
بن سلـيـمان, قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: لَوْلا اجْتَبَـيْتَها يقول: لولا
أخذتها أنت فجئت بها من السماء.




قال أبو جعفر: وأولـى التأويـلـين بـالصواب فـي ذلك, تأويـل من قال
تأويـله: هلا أحدثتها من نفسك لدلالة قول الله: قُلْ إنّـمَا أتّبِعُ ما يُوحَى
إلـيّ مِنْ رَبّـي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبّكُمْ يبـين ذلك أن الله إنـما أمر
نبـيه صلى الله عليه وسلم بأن يجيبهم بـالـخبر عن نفسه أنه إنـما يتبع ما ينزل
علـيه ربه ويوحيه إلـيه, لا أنه يحدث من قِبَل نفسه قولاً وينشئه فـيدعو الناس
إلـيه.




وحُكي عن الفراء أنه كان يقول: اجتبـيت الكلام واختلقته وارتـجلته: إذا
افتعلته من قِبَل نفسك.




12171ـ حدثنـي بذلك الـحرث, قال: حدثنا القاسم عنه.




قال: أبو عبـيد, وكان أبو زيد يقول: إنـما تقول العرب ذلك للكلام يبديه
الرجل لـم يكن أعدّه قبل ذلك فـي نفسه. قال أبو عبـيد: واخترعه مثل ذلك.




القول فـي تأويـل قوله تعالـى: قُلْ إنّـمَا أتّبِعُ ما يُوحَى إلـيّ مِنْ
رَبّـي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبّكُم وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يِؤْمِنُونَ.




يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا مـحمد للقائلـين
لك إذا لـم تأتهم بآية هلاّ أحدثتها من قِبَل نفسك: إن ذلك لـيس لـي ولا يجوز لـي
فعله لأن الله إنـما أمرنـي بـاتبـاع ما يوحى إلـيّ من عنده, فإنـما أتبع ما يوحى
إلـيّ من ربـي لأنـي عبده وإلـى أمره أنتهي وإياه أطيع. هَذَا بَصَائِرُ مِنْ
رَبّكُمْ يقول: هذا القرآن والوحي الذي أتلوه علـيكم بصائر من ربكم, يقول: حجج
علـيكم, وبـيان لكم من ربكم, واحدتها: بصيرة, كما قال جلّ ثناؤه: هَذَا بَصَائِرُ
للنّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. وإنـما ذكر هذا ووحّد فـي قوله:
هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبّكُمْ لـما وصفت من أنه مراد به القرآن والوحي. وقوله:
وَهُدًى يقول: وبـيان يهدي الـمؤمنـين إلـى الطريق الـمستقـيـم, ورحمة رحم الله به
عبـاده الـمؤمنـين, فأنقذهم به من الضلالة والهلكة. لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يقول: هو
بصائر من الله وهدى ورحمة لـمن آمن, يقول: لـمن صدق بـالقرآن أنه تنزيـل الله
ووحيه, وعمل بـما فـيه دون من كذب به وجحده وكفربه, بل هو علـى الذين لا يؤمنون به
غمّ وخزي.



الآية : 204


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ
لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ }..




يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به الـمصدّقـين بكتابه الذين القرآن لهم هدى
ورحمة: إذَا قُرِىءَ علـيكم أيها الـمؤمنون, القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ يقول:
أصغوا له سمعكم لتتفهّموا آياته وتعتبروا بـمواعظه وأنصتوا إلـيه لتعقلوه
وتتدبروه, ولا تلغوا فـيه فلا تعقلوه. لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ يقول: لـيرحمكم ربكم
بـاتعاظكم بـمواعظه, واعتبـاركم بعبره, واستعمالكم ما بـينه لكم ربكم من فرائضه
فـي آية.




ثم اختلف أهل التأويـل فـي الـحال التـي أمر الله بـالاستـماع لقارىء
القرآن إذا قرأ والإنصات له, فقال بعضهم: ذلك حال كون الـمصلـي فـي الصلاة خـلف
إمام يأتـمّ به, وهو يسمع قراءة الإمام علـيه أن يسمع لقراءته. وقالوا: فـي ذلك
أنزلت هذه الاَية. ذكر من قال ذلك.




12172ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, عن عاصم, عن الـمسيب
بن رافع, قال: كان عبد الله يقول: كنا يسلـم بعضنا علـى بعض فـي الصلاة, سلام علـى
فلان, وسلام علـى فلان, قال: فجاء القرآن: وَإذَا قرِىءَ القرآنُ فـاسْتَـمِعُوا
لَهُ وأنْصِتُوا.




12173ـ قال: حدثنا حفص بن غياث, عن إبراهيـم الهجَريّ عن أبـي عياض, عن
أبـي هريرة, قال: كانوا يتكلـمون فـي الصلاة, فلـما نزلت هذه الاَية: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ والاَية الأخرى, أُمروا بـالإنصات.




12174ـ حدثنـي أبو السائب, قال: حدثنا حفص, عن أشعث, عن الزهري, قال: نزلت
هذه الاَية فـي فتـى من الأنصار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلـما قرأ شيئا
قرأه, فنزلت: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا.




12175ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن داود بن أبـي هند, عن
بشير بن جابر, قال: صلـى ابن مسعود, فسمع ناسا يقرءون مع الإمام, فلـما انصرف,
قال: أما آن لكم أن تفقهوا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا كما أمركم الله.




12176ـ حدثنا حميد بن مسعدة, قال: حدثنا بشر بن الـمفضل, قال: حدثنا
الـجريري, عن طلـحة بن عبـيد الله بن كريز, قال: رأيت عبـيد بن عمير وعطاء بن أبـي
ربـاح يتـحدثان والقاصّ يقصّ, فقلت: ألا تستـمعان إلـى الذكر وتستوجبـان الـموعود؟
قال: فنظرا إلـيّ ثم أقبلا علـى حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إلـيّ, ثم أقبلا علـى
حديثهما, قال: فأعدت الثالثة, قال: فنظرا إلـيّ فقالا: إنـما ذلك فـي الصلاة:
وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا.




12177ـ حدثنـي العبـاس بن الولـيد, قال: أخبرنـي أبـي, قال: سمعت الأوزاعي,
قال: حدثنا عبد الله بن عامر قال: ثنـي زيد بن أسلـم, عن أبـيه, عن أبـي هريرة, عن
هذه الاَية: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: نزلت
فـي رفع الأصوات وهم خـلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي الصلاة.




12178ـ حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا عبد الرحمن, قال: حدثنا سفـيان, عن أبـي
هاشم إسماعيـل بن كثـير, عن مـجاهد فـي قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة.




12179ـ حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, عن رجل, عن
قتادة, عن سعيد بن الـمسيب: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ
وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة.




حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: حدثنا لـيث, عن مـجاهد: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة.




حدثنا ابن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: سمعت
حميدا الأعرج, قال: سمعت مـجاهدا يقول فـي هذه الاَية: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة.




قال: ثنـي عبد الصمد, قال: حدثنا شعبة, قال: حدثنا حميد, عن مـجاهد بـمثله.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا جرير وابن إدريس, عن لـيث, عن مـجاهد: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة الـمكتوبة.




12180ـ قال: حدثنا الـمـحاربـي, عن لـيث, عن مـجاهد, وعن حجاج, عن القاسم
بن أبـي بزة, عن مـجاهد, وعن ابن أبـي لـيـلـى, عن الـحكم, عن سعيد بن جبـير:
وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة
الـمكتوبة.




قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن أبـي هاشم, عن مـجاهد: فـي الصلاة
الـمكتوبة.




قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن لـيث, عن مـجاهد, مثله.




12181ـ قال: حدثنا الـمـحاربـي وأبو خالد, عن جويبر, عن الضحاك قال: فـي
الصلاة الـمكتوبة.




12182ـ قال: حدثنا جرير وابن فضيـل, عن مغيرة, عن إبراهيـم, قال: فـي
الصلاة الـمكتوبة.




12183ـ حدثنا بشر بن معاذ, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة,
قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: كانوا
يتكلـمون فـي صلاتهم بحوائجهم أوّل ما فرضت علـيهم, فأنزل الله ما تسمعون: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا.




12184ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى, قال: حدثنا مـحمد بن ثور, عن معمر, عن
قتادة: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: كان الرجل
يأتـي وهم فـي الصلاة فـيسألهم: كم صلـيتـم؟ كم بقـي؟ فأنزل الله: وَإذَا قُرِىءَ
القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا. وقال غيره: كانوا يرفعون أصواتهم فـي
الصلاة حين يسمعون ذكر الـجنة والنار, فأنزل الله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ.




12185ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو خالد والـمـحاربـي, عن أشعث, عن
الزهريّ, قال: كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ, فنزلت: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا.




قال: حدثنا أبو خالد الأحمر, عن الهَجَريّ عن أبـي عياض, عن أبـي هريرة,
قال: كانوا يتكلـمون فـي الصلاة, فلـما نزلت: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: هذا فـي الصلاة.




12186ـ قال: حدثنا أبـي, عن حريث, عن عامر, قال: فـي الصلاة الـمكتوبة.




حدثنـي مـحمد بن الـحسين, قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل, قال: حدثنا أسبـاط,
عن السديّ: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: إذا قرىء
فـي الصلاة.




12187ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا أبو صالـح, قال: حدثنا معاوية, عن
علـيّ, عن ابن عبـاس, قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ يعنـي:
فـي الصلاة الـمفروضة.




حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوريّ, عن
أبـي هاشم, عن مـجاهد قال: هذا فـي الصلاة فـي قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ.




12188ـ قال: أخبرنا الثوريّ, عن لـيث, عن مـجاهد: أنه كره إذا مرّ الإمام
بآية خوف أو بآية رحمة أن يقول أحد مـمن خـلفه شيئا, قال: السكوت.




12189ـ قال: أخبرنا الثوري, عن لـيث, عن مـجاهد: قال: لا بأس إذا قرأ الرجل
فـي غير الصلاة أن يتكلـم.




12190ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ
قال: هذا إذا قام الإمام للصلاة فـاستـمعوا له وأنصتوا.




12191ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن
يونس, عن الزهريّ, قال: لا يقرأ من وراء الإمام فـيـما يجهر به من القراءة,
تكفـيهم قراءة الإمام وإن لـم يسمعهم صوته, ولكنهم يقرءون فـيـما لـم يجهر به سرّا
فـي نفسهم, ولا يصلـح لأحد خـلفه أن يقرأ معه فـيـما يجهر به سرّا ولا علانـية,
قال الله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا لَعَلّكُمْ
تُرْحمُونَ.




12192ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن
ابن لهيعة, عن ابن هبـيرة, عن ابن عبـاس أنه كان يقول فـي هذه: وَاذْكُرْ رَبّكَ
فِـي نَفْسِكَ تَضَرّعا وَخِيفَةً هذا فـي الـمكتوبة. وأما ما كان من قصص أو قراءة
بعد ذلك, فإنـما هي نافلة. إن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم قرأ فـي صلاة مكتوبة,
وقرأ وراءه أصحابه, فخـلطوا علـيه, قال: فنزل القرآن: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ
فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ فهذا فـي الـمكتوبة.




وقال آخرون: بل عُنـي بهذه الاَية الأمر بـالإنصات للإمام فـي الـخطبة إذا
قرىء القرآن فـي خطبة. ذكر من قال ذلك.




12193ـ حدثنا تـميـم بن الـمنتصر, قال: حدثنا إسحاق الأزرق, عن شريك, عن
سعيد بن مسروق, عن مـجاهد, فـي قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ
وأنْصِتُوا قال: الإنصات للإمام يوم الـجمعة.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبو خالد وابن أبـي عتبة, عن العّوام, عن
مـجاهد, قال: فـي خطبة يوم الـجمعة.




وقال آخرون: عُنـي بذلك: الإنصات فـي الصلاة وفـي الـخطبة. ذكر من قال ذلك.




12194ـ حدثنـي ابن الـمثنى, قال: حدثنا مـحمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, عن
منصور, قال: سمعت إبراهيـم بن أبـي حمزة, يحدث أنه سمع مـجاهدا يقول فـي هذه
الاَية: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: فـي الصلاة,
والـخطبة يوم الـجمعة.




12195ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا هارون, عن عنبسة, عن جابر, عن عطاء,
قال: وجب الصموت فـي اثنتـين: عند الرجل يقرأ القرآن وهو يصلـي, وعند الإمام وهو
يخطب.




حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن سفـيان, عن جابر, عن مـجاهد: وَإذَا
قُرِىءَ القُرآنُ وجب الإنصات, قال: وجب فـي اثنتـين: فـي الصلاة والإمام يقرأ,
والـجمعة والإمام يخطب.




12196ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال هشيـم, أخبرنا من سمع الـحسن
يقول: فـي الصلاة الـمكتوبة, وعند الذكر.




حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا الثوري, عن
جابر, عن مـجاهد, قال: وجب الإنصات فـي اثنتـين: فـي الصلاة, ويوم الـجمعة.




12197ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا سويد, قال: أخبرنا ابن الـمبـارك, عن
بقـية بن الولـيد, قال: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن جبـير يقول فـي
قوله: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا قال: الإنصات: يوم
الأضحى, ويوم الفطر, ويوم الـجمعة, وفـيـما يجهر به الإمام من الصلاة.




12198ـ حدثنـي الـمثنى, قال: حدثنا عمرو بن حماد, قال: أخبرنا هشيـم, عن
الربـيع بن صبـيح, عن الـحسن, قال: فـي الصلاة, وعند الذكر.




12199ـ حدثنا ابن البرقـي, قال: حدثنا ابن أبـي مريـم, قال: حدثنا يحيى بن
أيوب, قال: ثنـي ابن جريج, عن عطاء بن أبـي ربـاح, قال: أوجب الإنصات يوم الـجمعة,
قول الله تعالـى: وَإذَا قُرِىءَ القُرآنُ فـاسْتَـمِعُوا لَهُ وأنْصِتُوا
لَعَلّكُمْ تُرْحَمُونَ وفـي الصلاة مثل ذلك.




قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال: أمروا
بـاستـماع القرآن فـي الصلاة إذا قرأ الإمام وكان من خـلفه مـمن يأتـمّ به يسمعه,
وفـي الـخطبة.




وإنـما قلنا ذلك أولـى بـالصواب, لصحة الـخبر عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم, أنه قال: «إذَا قَرأ الإمامُ فأنْصِتوا», وإجماع الـجميع علـى أن من سمع
خطبة الإمام مـمن علـيه الـجمعة, الاستـماع والإنصات لها, مع تتابع الأخبـار
بـالأمر بذلك, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنه لا وقت يجب علـى أحد استـماع
القرآن والإنصات لسامعه من قارئه إلاّ فـي هاتـين الـحالتـين علـى اختلاف فـي
إحداهما, وهي حالة أن يكون خـلف إمام مؤتـمّ به. وقد صحّ الـخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم بـما ذكرنا من قوله: «إذَا قَرأ الإمامُ فأنْصِتُوا» فـالإنصات
خـلفه لقراءته واجب علـى من كان به مؤتـما سامعا قراءته بعموم ظاهر القرآن والـخبر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.



الآية : 205


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاذْكُر رّبّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرّعاً
وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ وَلاَ تَكُنْ
مّنَ الْغَافِلِينَ }..




يقول تعالـى ذكره: واذكر أيها الـمستـمع الـمنصت للقرآن إذا قرىء فـي صلاة
أو خطبة, رَبّكَ فِـي نَفْسِكَ يقول: اتعظ بـما فـي آي القرآن, واعتبر به, وتذكّر
معادك إلـيه عند سماعكه. تَضَرّعا يقول: افعل ذلك تـخشعا لله وتواضعا له.
وَخِيفَةً يقول: وخوفـا من الله أن يعاقبك علـى تقصير يكون منك فـي الاتعاظ به
والاعتبـار, وغفلة عما بـين الله فـيه من حدوده. ودُونَ الـجَهْرِ مِنَ القَوْلِ
يقول: ودعاء بـاللسان لله فـي خفـاء لا جهار, يقول: لـيكن ذكر الله عند استـماعك
القرآن فـي دعاء إن دعوت غير جهار, ولكن فـي خفـاء من القول. كما:




12200ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله: وَاذْكرْ
رَبّكَ فِـي نَفْسِكَ تَضَرّعا وَخِيفَةً وَدُونَ الـجَهْرِ مِنَ القَوْلِ لا يجهر
بذلك.




12201ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا أبو سعد, قال:
سمعت مـجاهدا يقول فـي قوله: وَاذْكرْ رَبّكَ فِـي نَفْسِكَ تَضَرّعا وَخِيفَةً
وَدُونَ الـجَهْرِ مِنَ القَوْلِ... الاَية, قال: أمروا أن يذكروه فـي الصدور
تضرّعا وخيفة.




12202ـ حدثنا الـحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن
التـيـمي, عن أبـيه, عن حيان بن عمير, عن عبـيد بن عمير, فـي قوله: وَاذْكُرْ
رَبّكَ فِـي نَفْسِكَ قال: «يقول الله إذا ذكرنـي عبدي فـي نفسه, ذكرته فـي نفسي,
وإذا ذكرنـي عبدي وحده ذكرته وحدي, وإذا ذكرنـي فـي ملإ ذكرته فـي أحسن منهم
وأكرم».




12203ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, عن ابن جريج,
قوله: واذْكرْ ربّك فـي نَفْسِك تَضَرّعا وخِيفَةً قال: يؤمر بـالتضرّع فـي الدعاء
والاستكانة, ويكره رفع الصوت والنداء والصياح بـالدعاء.




وأما قوله: بـالغدُوّ والاَصالِ فإنه يعنـي بـالبكر والعشيات. وأما الاَصال
فجمع.




واختلف أهل العربـية فـيها فقال بعضهم: هي جمع أصيـل, كما الأيـمان جمع
يـمين, والأسرار جمع سرير. وقال آخرون منهم: هي جمع أصل, والأصل جمع أصيـل. وقال
آخرون منهم: هي جمع أصل وأصيـل. قال: وإن شئت جعلت الأصل جمعا للأصيـل, وإن شئت
جعلته واحدا. قال: والعرب تقول: قد دنا الأصل فـيجعلونه واحدا.




وهذا القول أولـى بـالصواب فـي ذلك, وهو أنه جائز أن يكون جمع أصيـل وأصل,
لأنهما قد يجمعان علـى أفعال. وأما الاَصال فهي فـيـما يقال فـي كلام العرب ما
بـين العصر إلـى الـمغرب.




وأما قوله: ولا تَكُنْ مِن الغافِلِـين فإنه يقول: ولا تكن من اللاهين إذا
قرىء القرآن عن عظاته وعبره, وما فـيه من عجائبه, ولكن تدبر ذلك وتفهّمه, وأشعره
قلبك بذكر الله وخضوع له وخوف من قدرة الله علـيك, إن أنت غفلت عن ذلك.




12204ـ حدثنـي يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فـي قوله:
بـالغدُوّ والاَصالِ قال: بـالبكر والعشيّ. ولا تَكنْ مِن الغافِلِـين.




12205ـ حدثنـي الـحرث, قال: حدثنا عبد العزيز, قال: حدثنا معرّف بن واصل
السعديّ, قال: سمعت أبـا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس: آصَلْنا بَعْدُ؟




12206ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الـحسين, قال: ثنـي حجاج, قال: قال ابن
جريج, قال مـجاهد, قوله: بـالغدُوّ والاَصالِ قال: الغدوّ: آخر الفجر صلاة الصبح,
والاَصال: آخر العشيّ صلاة العصر. قال: وكل ذلك لها وقت أوّل الفجر وآخره, وذلك
مثل قوله فـي سورة آل عمران: واذْكُرْ ربّك كَثِـيرا وَسبّحْ بـالعَشِيّ
والإبْكارِ. وقـيـل: العشيّ: ميـل الشمس إلـى أن تغيب, والإبكار: أول الفجر.




12207ـ حدثنا ابن وكيع, قال: حدثنا أبـي, عن مـحمد بن شريك, عن ابن أبـي
ملـيكة, عن ابن عبـاس, سئل عن صلاة الفجر, فقال: إنها لفـي كتاب الله, ولا يقوم
علـيها, ثم قرأ: فـي بُـيُوتٍ أذِنَ اللّهُ أن تُرْفَعَ... الاَية.




12208ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سويد, قال: حدثنا سعيد, عن
قتادة, قوله: وَاذْكُرْ رَبّكَ فِـي نَفْسِكَ تَضَرّعا وَخِيفَةً... إلـى قوله:
بـالغُدُوّ والاَصَالِ أمر الله بذكره, ونهى عن الغفلة. أما بـالغدوّ: فصلاة
الصبح, والاَصال: بـالعشيّ.



الآية : 206


القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِنّ الّذِينَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ }..




يقول تعالـى ذكره: لا تستكبر أيها الـمستـمع الـمنصت للقرآن عن عبـادة ربك,
واذكره إذا قرىء القرآن تضرّعا وخيفة ودون الـجهر من القول, فإن الذين عند ربك من
ملائكته لا يستكبرون عن التواضع له والتـخشع, وذلك هو العبـادة. ويُسَبّحُونَهُ
يقول: ويعظمون ربهم بتواضعهم له وعبـادتهم. وَلهُ يَسْجُدُونَ يقول: ولله يصلون,
وهو سجودهم, فصلوا أنتـم أيضا له, وعظموه بـالعبـادة كما يفعله مَن عنده من
ملائكته.



نهاية تفسير الإمام الطبرى لسورة الأعراف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shbab-star.yoo7.com
 
تفسير سورة الاعراف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب ستار :: عالــــــــ الدين الاسلامي ـــــــم :: القرأن الكريم-
انتقل الى: